الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ وَبَقِيَّةِ أَعْمَالِ الْحَجِّ إلَى آخِرِهَا]
1008 -
(1) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا إلَى عَرَفَةَ» . لَمْ أَرَهُ هَكَذَا لَكِنَّهُ الْوَاقِعُ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ.
(* * *) حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ لَا يَقْدَمُ مَكَّةَ إلَّا بَاتَ بِذِي طُوًى حَتَّى يُصْبِحَ - الْحَدِيثَ - تَقَدَّمَ.
(* * *) حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْخُلُ مَكَّةَ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا، وَيَخْرُجُ مِنْ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَلَهُ أَلْفَاظٌ، وَفِي الْبَابِ عِنْدَهُمَا عَنْ عَائِشَةَ
(* * *) حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا رَأَى الْبَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً، وَزِدْ مِنْ شَرَفِهِ وَعِظَمِهِ مِمَّنْ حَجَّهُ أَوْ اعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظِيمًا وَمَهَابَةً وَبِرًّا» . الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الشَّامِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ بِهِ مُرْسَلًا، وَسِيَاقُهُ أَتَمُّ، وَأَبُو سَعِيدٍ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَصْلُوبِ كَذَّابٌ. وَرَوَاهُ الْأَزْرَقِيُّ فِي تَارِيخِ مَكَّةَ مِنْ حَدِيثِ مَكْحُولٍ أَيْضًا وَفِيهِ:«مَهَابَةً وَبِرًّا» فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي
الْوَسِيطِ، وَتَعَقَّبَهُ الرَّافِعِيُّ: بِأَنَّ الْبِرَّ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ الْبَيْتِ، وَأَجَابَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ مَعْنَاهُ أَكْثِرْ بِرَّ زَائِرِيهِ، وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي السُّنَنِ لَهُ، مِنْ طَرِيقِ بُرْدِ بْنِ سِنَانٍ سَمِعْتُ ابْنَ قِسَامَةَ يَقُولُ: إذَا رَأَيْت الْبَيْتَ فَقُلْ: اللَّهُمَّ زِدْهُ - فَذَكَرَ سَوَاءً - وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُرْسَلِ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ مَرْفُوعًا، وَفِي إسْنَادِهِ عَاصِمُ الْكُوزِيُّ وَهُوَ كَذَّابٌ، وَأَصْلُ هَذَا الْبَابِ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَهُ - مِثْلَ مَا أَوْرَدَهُ الرَّافِعِيُّ إلَّا أَنَّهُ قَالَ:«وَكَرِّمْهُ» . بَدَلَ: «وَعَظِّمْهُ» . وَهُوَ مُعْضِلٌ فِيمَا بَيْنَ ابْنِ جُرَيْجٍ وَالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ أَنْ أَوْرَدَهُ: لَيْسَ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ شَيْءٌ فَلَا أَكْرَهُهُ، وَلَا أَسْتَحِبُّهُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى الْحَدِيثِ لِانْقِطَاعِهِ
قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُضِيفَ إلَيْهِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْك السَّلَامُ، فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ يَرْوِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ. قُلْت: رَوَاهُ ابْنُ الْمُغَلِّسِ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ كَانَ إذَا نَظَرَ إلَى الْبَيْتِ قَالَ: " اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْك السَّلَامُ، فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ "، كَذَا قَالَ هُشَيْمٌ، وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي السُّنَنِ لَهُ، عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، فَلَمْ يَذْكُرْ عُمَرَ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ طَرِيفٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ يَعْقُوبَ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ، سَمِعْت مِنْ عُمَرَ يَقُولُ كَلِمَةً مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ سَمِعَهَا غَيْرِي، سَمِعْته يَقُولُ: إذَا رَأَى الْبَيْتَ - فَذَكَرَهُ - وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ.
(* * *) قَوْلُهُ: وَيُؤْثَرُ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إنَّا كُنَّا نَحِلُّ عُقْدَةً وَنَشُدُّ أُخْرَى. . . إلَى آخِرِهِ الشَّافِعِيُّ عَنْ بَعْضِ مَنْ مَضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَذَكَرَهُ.
حَدِيثُ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَقَدْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ سَبْعُونَ نَبِيًّا، كُلُّهُمْ خَلَعُوا نِعَالَهُمْ مِنْ ذِي طُوًى تَعْظِيمًا لِلْحَرَمِ» الطَّبَرَانِيُّ وَالْعُقَيْلِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ أَبَانَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَفَعَهُ:«لَقَدْ مَرَّ بِالصَّخْرَةِ مِنْ الرَّوْحَاءِ سَبْعُونَ نَبِيًّا حُفَاةً عَلَيْهِمْ الْعَبَاءُ، يَؤُمُّونَ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ فِيهِمْ مُوسَى» ، قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: أَبَانُ لَمْ يَصِحَّ حَدِيثُهُ، وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«كَانَتْ الْأَنْبِيَاءُ يَدْخُلُونَ الْحَرَمَ مُشَاةً حُفَاةً، وَيَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ وَيَقْضُونَ الْمَنَاسِكَ حُفَاةً مُشَاةً» ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعُسْفَانَ، فَقَالَ:«لَقَدْ مَرَّ بِهَذِهِ الْقَرْيَةِ سَبْعُونَ نَبِيًّا، ثِيَابُهُمْ الْعَبَاءُ، وَنِعَالُهُمْ الْخُوصُ» ، فَقَالَ أَبِي: هَذَا مَوْضُوعٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِوَادِي عُسْفَانَ قَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ؛ لَقَدْ مَرَّ هُودُ وَصَالِحٌ عَلَى بَكَرَاتٍ حُمْرٍ خُطُمُهَا اللِّيفُ، وَأُزُرُهُمْ الْعَبَاءُ وَأَرْدِيَتُهُمْ النِّمَارُ، يُلَبُّونَ نَحْوَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ» . فِي إسْنَادِهِ زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَأَوْرَدَهُ الْفَاكِهِيُّ فِي أَوَائِلِ أَخْبَارِ مَكَّةَ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ.
1010 -
(3) - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مَكَّةَ إلَّا مُحْرِمًا»
الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِهِ نَحْوَهُ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ مَرْفُوعًا مِنْ وَجْهَيْنِ ضَعِيفَيْنِ، وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ طَلْحَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ، إلَّا الْحَطَّابِينَ وَالْعَمَّالِينَ وَأَصْحَابَ مَنَافِعِهَا ". وَفِيهِ طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو وَفِيهِ ضَعْفٌ.
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءَ، أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عَبَّاسٍ يَرُدُّ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ.
1011 -
(4) - حَدِيثُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الْمَسْجِدَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ» . الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَدَخَلْنَا مَعَهُ مِنْ بَابِ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ النَّاسُ بَابَ بَنِي شَيْبَةَ، وَخَرَجْنَا مَعَهُ إلَى الْمَدِينَةِ مِنْ بَابِ الْحَزْوَرَةِ، وَهُوَ مِنْ بَابِ الْحَنَّاطِينَ» ، وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ:
رَوَيْنَاهُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ:«يَدْخُلُ الْمُحْرِمُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ، وَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ مِنْ بَابِ مَخْزُومٍ إلَى الصَّفَا» .
1012 -
(5) - حَدِيثُ. «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَجَّ فَأَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ أَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ.
1013 -
(6) - حَدِيثُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ غَيْرَ مُحْرِمٍ» . مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ» ، وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِلَفْظٍ غَيْرِ هَذَا وَسَيَأْتِي فِي الْخَصَائِصِ.
(* * *) حَدِيثُ: «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ مِثْلُ الصَّلَاةِ» . - الْحَدِيثَ - تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ.
1014 -
(7) - حَدِيثُ: «لَوْلَا حَدَثَانُ قَوْمِك بِالشِّرْكِ لَهَدَمْت الْبَيْتَ، وَلَبَنَيْته عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ، فَأَلْصَقْته بِالْأَرْضِ، وَجَعَلْت لَهُ بَابَيْنِ: شَرْقِيًّا، وَغَرْبِيًّا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَلَهُ عِنْدَهُمَا أَلْفَاظٌ كَثِيرَةٌ مُتَنَوِّعَةٌ، مِنْهَا.
لِمُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَتْنِي خَالَتِي عَائِشَةُ قَالَتْ:«قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: يَا عَائِشَةَ لَوْلَا أَنَّ قَوْمَك حَدِيثُو عَهْدٍ بِشِرْكٍ؛ لَهَدَمْت الْكَعْبَةَ فَأَلْزَقْتُهَا بِالْأَرْضِ، وَجَعَلْت لَهَا بَابَيْنِ: بَابًا شَرْقِيًّا، وَبَابًا غَرْبِيًّا، وَزِدْت فِيهَا سِتَّةَ أَذْرُعٍ مِنْ الْحَجَرِ، فَإِنَّ قُرَيْشًا اقْتَصَرَتْهَا حِينَ بَنَتْ الْكَعْبَةَ» .
قَوْلُهُ: لَمَّا اسْتَوْلَى الْحَجَّاجُ هَدَمَهُ وَأَعَادَهُ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا الْيَوْمَ، انْتَهَى، وَهَذَا يُوهِمُ أَنَّهُ هَدَمَ الْجَمِيعَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هَدَمَ الشِّقَّ الَّذِي يَلِي الْحَجَرَ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ الْأَزْرَقِيُّ، وَالْفَاكِهِيُّ، وَسِيَاقُ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ يَقْتَضِيهِ، وَفِي آخِرِهِ: فَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ إلَى الْحَجَّاجِ: أَمَّا مَا زَادَ فِي طُولِهِ فَأَقِرَّهُ، وَأَمَّا مَا زَادَ فِيهِ مِنْ الْحَجَرِ فَرُدَّهُ إلَى بِنَائِهِ، وَسُدَّ الْبَابَ الَّذِي فَتَحَهُ، فَنَقَضَهُ وَأَعَادَهُ إلَى بِنَائِهِ.
قَوْلُهُ: «وَيَجْعَلُ الْبَيْتَ عَلَى يَسَارِ الطَّائِفِ وَيُحَاذِي الْحَجَرَ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ، كَذَلِكَ طَافَ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» . مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ: «لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَتَى الْحَجَرَ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ مَشَى عَلَى يَمِينِهِ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا» . وَلَهُ عَنْ جَابِرٍ أَيْضًا: «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَقُولُ: لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» . بِلَفْظِ الْأَمْرِ قُلْت: وَأَمَّا الْمُحَاذَاةُ فَلَمْ أَرَهَا صَرِيحَةً.
1015 -
(8) - حَدِيثُ عَائِشَةَ: نَذَرْتُ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فِي الْبَيْتِ،
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «صَلِّي فِي الْحَجَرِ، فَإِنَّ سِتَّةَ أَذْرُعٍ مِنْهُ فِي الْبَيْتِ» . لَمْ أَرَهُ بِلَفْظِ النَّذْرِ، وَفِي السُّنَنِ الثَّلَاثَةِ عَنْهَا قَالَتْ:«كُنْت أُحِبُّ أَنْ أَدْخُلَ الْبَيْتَ فَأُصَلِّيَ فِيهِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِي فَأَدْخَلَنِي فِي الْحَجَرِ، فَقَالَ لِي: صَلِّي فِيهِ إنْ أَرَدْتِ دُخُولَ الْبَيْتِ، فَإِنَّمَا هُوَ قِطْعَةٌ مِنْهُ» - الْحَدِيثَ - وَتَقَدَّمَتْ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَفِيهَا:«وَزِدْتُ فِيهَا سِتَّةَ أَذْرُعٍ» قَوْلُهُ: وَلَوْ اتَّسَعَتْ خُطَّةُ الْمَسْجِدِ اتَّسَعَ الْمَطَافُ، وَقَدْ جَعَلَتْهُ الْعَبَّاسِيَّةُ أَوْسَعَ مِمَّا كَانَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، انْتَهَى.
وَقَدْ نَسَبَ الرَّافِعِيُّ فِي هَذَا إلَى الْقُصُورِ، فَإِنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَسَّعَاهُ كَمَا رَوَاهُ الْأَزْرَقِيُّ، وَالْفَاكِهِيُّ مِنْ طُرُقٍ، ثُمَّ زَادَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ زَادَهُ الْوَلِيدُ، وَكُلُّ هَؤُلَاءِ قَبْلَ الْعَبَّاسِيِّينَ، لَكِنْ عِنْدَ التَّأَمُّلِ لَا يُرَدُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى عِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ.
1016 -
(9) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم طَافَ سَبْعًا، وَقَالَ: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» . أَمَّا الطَّوَافُ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَالْبَاقِي تَقَدَّمَ قَرِيبًا.
1017 -
(10) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ
1018 -
(11) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا صَلَّى بَعْدَ الطَّوَافِ رَكْعَتَيْنِ تَلَا قَوْله تَعَالَى {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ} [البقرة: 125] » . مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ، وَكَذَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ، وَالْبَيْهَقِيِّ. (* * *) حَدِيثُ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ: «إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» . تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الصِّيَامِ.
1019 -
(12) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ: فِي الْأُولَى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] وَفِي الثَّانِيَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] » مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ عَلَى شَكٍّ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ، وَوَصَلَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ.
1020 -
(13) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم طَافَ رَاكِبًا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم طَافَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى بَعِيرٍ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ» ، وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ عَنْ جَابِرٍ
وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ، وَأَبِي الطُّفَيْلِ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ فِي عِلَلِ الْخَلَّالِ، وَرَوَيْنَاهُ فِي جُزْءِ الْحَوْرَانِيِّ وَفَوَائِدِ تَمَّامٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
1021 -
(14) - قَوْلُهُ: كَانَ أَكْثَرُ طَوَافِهِ مَاشِيًا، وَإِنَّمَا رَكِبَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِيَرَاهُ النَّاسُ وَيَسْتَفْتُونَهُ أَمَّا قَوْلُهُ: كَانَ أَكْثَرُ طَوَافِهِ مَاشِيًا فَلِمَا ثَبَتَ فِي مُسْلِمٍ «أَنَّهُ مَشَى عَلَى يَمِينِهِ وَرَمَلَ ثَلَاثًا» وَأَمَّا بَاقِيهِ: فَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ.
وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا طَافَ رَاكِبًا لِشَكْوَى عَرَضَتْ لَهُ» ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ الشَّافِعِيُّ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ:«طَافَ عَلَى رَاحِلَتِهِ كَرَاهِيَةَ أَنْ يُصْرَفَ عَنْهُ النَّاسُ» .
1022 -
(15) - حَدِيثُ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَدَأَ
بِالْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ. وَفَاضَتْ عَيْنَاهُ مِنْ الْبُكَاءِ» الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ:«دَخَلْنَا مَكَّةَ عِنْدَ ارْتِفَاعِ الضُّحَى فَأَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَابَ الْمَسْجِدِ فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَبَدَأَ بِالْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ وَفَاضَتْ عَيْنَاهُ بِالْبُكَاءِ» - الْحَدِيثُ - وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.
1023 -
(16) - حَدِيثُ عُمَرَ: أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ يَطُوفُ بِالرُّكْنِ: «إنَّمَا أَنْتَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُك مَا. قَبَّلْتُك، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَبَّلَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ، دُونَ قَوْلِهِ فِي آخِرِهِ:" ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَبَّلَهُ "، وَلَهُ عِنْدَهُمَا طُرُقٌ وَالزِّيَادَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ: ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَبَّلَهُ رَوَاهَا الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُطَوَّلًا، وَفِيهِ قِصَّةٌ لِعَلِيٍّ، وَفِي إسْنَادِهِ أَبُو هَارُونَ الْعَبْدِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا.
1024 -
(17) - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّهُ كَانَ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ ". الشَّافِعِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مَوْقُوفًا هَكَذَا، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَهُ - مَرْفُوعًا، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ السُّكْن،
وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ ابْنُ السَّكَنِ: رَجُلٌ مِنْ بَنِي حُمَيْدٍ مِنْ قُرَيْشٍ حُمَيْدِيٌّ، وَقَالَ الْبَزَّارُ: مَخْزُومِيٌّ وَقَالَ الْحَاكِمُ: هُوَ ابْنُ الْحَكَمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: رَأَيْت مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ قَبَّلَ الْحَجَرَ وَسَجَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْت خَالَك ابْنَ عَبَّاسٍ يُقَبِّلُهُ وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ، «وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَأَيْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يُقَبِّلُهُ وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ هَذَا» هُوَ لَفْظُ الْحَاكِمِ وَوَهَمَ فِي قَوْلِهِ: إنَّ جَعْفَرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ ابْنُ الْحَكَمِ، فَقَدْ نَصَّ الْعُقَيْلِيُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُهُ، وَقَالَ فِي هَذَا: فِي حَدِيثِهِ وَهْمٌ وَاضْطِرَابٌ.
1025 -
(18) - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ، وَالْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فِي كُلِّ طَوْفَةٍ، وَلَا يَسْتَلِمُ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحَجَرَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِأَلْفَاظٍ لَيْسَ فِيهَا فِي كُلِّ طَوْفَةٍ، وَهِيَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ بِلَفْظِ:«كَانَ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ وَالْحَجَرَ فِي كُلِّ طَوْفَةٍ» . وَلِلْحَاكِمِ بِلَفْظِ: «كَانَ إذَا طَافَ بِالْبَيْتِ مَسَحَ، أَوْ قَالَ: اسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَالرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ فِي كُلِّ طَوَافٍ» . قَوْلُهُ: قَالَ الْأَئِمَّةُ: لَعَلَّ الْفَرْقَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْيَمَانِيِّينَ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ، دُونَ الشَّامِيِّينَ انْتَهَى. وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ.
1026 -
(19) - حَدِيثُ أَبِي الطُّفَيْلِ: «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -
يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عَلَى بَعِيرٍ، وَيَسْتَلِمُ بِمِحْجَنٍ وَيُقَبِّلُ الْمِحْجَنَ» . مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد، وَهَذَا لَفْظُهُ:«رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ بِمِحْجَنِهِ ثُمَّ يُقَبِّلُهُ» .
(تَنْبِيهٌ) :
الْمِحْجَنُ عَصًى مَحْنِيَّةُ الرَّأْسِ.
(* * *) حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ: " بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ إيمَانًا بِك وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك، وَوَفَاءً بِعَهْدِك، وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّك ". لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا، وَقَدْ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَقَدْ بَيَّضَ لَهُ الْمُنْذِرِيُّ، وَالنَّوَوِيُّ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ نَاجِيَةٍ بِسَنَدٍ لَهُ ضَعِيفٌ، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ: أُخْبِرْتُ «أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نَقُولُ: إذَا اسْتَلَمْنَا؟ قَالَ: قُولُوا: بِسْمِ اللَّهِ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ إيمَانًا بِاَللَّهِ، وَتَصْدِيقًا بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ» ، قُلْت: وَهُوَ فِي الْأُمِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَالدُّعَاءِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ إذَا اسْتَلَمَ الْحَجَرَ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ، وَرَوَى الْعُقَيْلِيُّ مِنْ حَدِيثِهِ أَيْضًا: أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَلِمَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إيمَانًا بِك، وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك، وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّك، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ يَسْتَلِمُهُ، وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ فِي الْمَغَازِي مَرْفُوعًا.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالدُّعَاءِ عَنْ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ إذَا مَرَّ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ
فَرَأَى عَلَيْهِ زِحَامًا، اسْتَقْبَلَهُ، وَكَبَّرَ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إيمَانًا بِك، وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك، وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّك.
1027 -
(20) - قَوْلُهُ: وَيَقُولُ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} [البقرة: 201] الْآيَةُ، هَذَا هُوَ الَّذِي رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ، كَذَلِكَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ:«سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ بَيْنَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} [البقرة: 201] الْآيَةُ» . وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.
قَوْلُهُ: وَيَقُول إذَا انْتَهَى إلَى الرُّكْنِ الْعِرَاقِيِّ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الشَّكِّ، وَالشِّرْكِ، وَالنِّفَاقِ، وَالشِّقَاقِ، وَسُوءِ الْأَخْلَاقِ» ، هَكَذَا ذَكَرَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ مُسْتَنَدًا، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا لَكِنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَا عِنْدَ الرُّكْنِ، وَلَا بِالطَّوَافِ.
1028 -
(21) - قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الطَّوَافِ، بَلْ هِيَ أَفْضَلُ مِنْ الدُّعَاءِ الَّذِي لَمْ يُؤْثَرْ، وَالدُّعَاءُ الْمَسْنُونُ أَفْضَلُ مِنْهَا تَأَسِّيًا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ الدُّعَاءِ الْمَسْنُونِ قَدْ وَرَدَتْ فِيهِ أَحَادِيثُ: مِنْهَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ الْمُتَقَدِّمِ، وَمِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ: اللَّهُمَّ قَنِّعْنِي بِمَا رَزَقْتَنِي وَبَارِكْ لِي فِيهِ، وَاخْلُفْ عَلَيَّ كُلَّ غَائِبَةٍ لِي بِخَيْرٍ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ، وَلِابْنِ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
«مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، فَلَمْ يَتَكَلَّمْ إلَّا بِسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ مُحِيَتْ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ» ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَلَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا:«إنَّ اللَّهَ وَكَّلَ بِالْحَجَرِ سَبْعِينَ مَلَكًا، فَمَنْ قَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك الْعَفْوَ، وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201] ؛ قَالُوا: آمِينَ»
1029 -
(22) - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ لِعُمْرَةِ الزِّيَارَةِ، قَالَتْ قُرَيْشٌ: إنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ قَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ، فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالرَّمَلِ وَالِاضْطِبَاعِ لِيُرِيَ الْمُشْرِكِينَ قُوَّتَهُمْ، فَفَعَلُوا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ، وَلَفْظُهُمَا:«قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ مَكَّةَ وَقَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ قَوْمٌ قَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ: وَلَقُوا مِنْهَا شِدَّةً، فَجَلَسُوا بِمَا يَلِي الْحَجَرَ، وَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ، وَيَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، لِيَرَى الْمُشْرِكُونَ جَلَدَهُمْ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْحُمَّى قَدْ وَهَنَتْهُمْ، هَؤُلَاءِ أَجْلَدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا» وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد: إنَّ هَؤُلَاءِ أَجَلْدُ مِنَّا، وَلَهُ:«كَانُوا إذَا تَغَيَّبُوا مِنْ قُرَيْشٍ مَشَوْا، ثُمَّ يَطْلُعُونَ عَلَيْهِمْ يَرْمُلُونَ، تَقُولُ قُرَيْشٌ: كَأَنَّهُمْ الْغِزْلَانُ» وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ: «فَأَطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَى مَا قَالُوا:
فَأَمَرَهُمْ بِذَلِكَ» . وَأَمَّا الِاضْطِبَاعُ: فَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ اعْتَمَرُوا مِنْ الْجِعْرَانَةِ، فَرَمَلُوا بِالْبَيْتِ وَجَعَلُوا أَرِدْيَتَهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، ثُمَّ قَذَفُوهَا عَلَى عَوَاتِقِهِمْ الْيُسْرَى» . وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: وَاضْطَبَعُوا.
(تَنْبِيهٌ) :
لَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ عَلَى الِاضْطِبَاعِ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ
1030 -
(23) - حَدِيثُ عُمَرَ: «فِيمَ الرَّمَلُ الْآنَ وَقَدْ نَفَى اللَّهُ الشِّرْكَ وَأَهْلَهُ وَأَعَزَّ الْإِسْلَامَ؟ أَلَا إنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ أَدَعَ شَيْئًا كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» . ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَزَّارُ، وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، وَأَصْلُهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ بِلَفْظِ:«مَا لَنَا وَلِلرَّمَلِ، إنَّمَا كُنَّا رَاءَيْنَا الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ أَهْلَكَهُمْ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: شَيْءٌ صَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَا نُحِبُّ أَنْ نَتْرُكَهُ» . وَعَزَاهُ الْبَيْهَقِيّ إلَيْهِ، وَمُرَادُهُ أَصْلُهُ.
1031 -
(24) - حَدِيثُ جَابِرٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَتَى الْحَجَرَ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ مَشَى عَلَى يَمِينِهِ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا» . مُسْلِمٌ بِهَذَا.
1032 -
(25) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَمَلَ مِنْ الْحَجَرِ إلَى الْحَجَرِ ثَلَاثًا، وَمَشَى أَرْبَعًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ، وَأَمَّا
الْبُخَارِيُّ فَرَوَى مَعْنَاهُ فِي حَدِيثٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِاللَّفْظِ أَيْضًا، وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الطُّفَيْلِ مِثْلُهُ
1033 -
(26) - حَدِيثُ: «أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانُوا يَتَّئِدُونَ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ قَدْ شَرَطَ عَلَيْهِمْ عَامَ الصَّدِّ أَنْ يَتَخَلَّوْا عَنْ بَطْحَاءِ مَكَّةَ إذَا عَادُوا لِقَضَاءِ الْعُمْرَةِ، فَلَمَّا عَادُوا وَفَارَقُوا قُعَيْقِعَانَ وَهُوَ جَبَلٌ فِي مُقَابَلَةِ الْحَجَرِ وَالْمِيزَابِ، فَكَانُوا يُظْهِرُونَ الْقُوَّةَ وَالْجَلَادَةَ بِحَيْثُ تَقَعُ أَبْصَارُهُمْ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا صَارُوا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ كَانَ الْبَيْتُ حَائِلًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَبْصَارِ الْكُفَّارِ» . لَمْ أَجِدْهُ بِهَذَا السِّيَاقِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلِلْبُخَارِيِّ تَعْلِيقًا، وَوَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ حَدِيثِهِ «لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعَامِهِ الَّذِي اسْتَأْمَنَ، قَالَ: اُرْمُلُوا لِيَرَى الْمُشْرِكُونَ قُوَّتَكُمْ، وَالْمُشْرِكُونَ مِنْ قِبَلِ قُعَيْقِعَانَ» .
(تَنْبِيهٌ) :
قَوْلُهُ: يَتَّئِدُونَ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ الْمُثَقَّلَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ التُّؤَدَةِ، وَيُقَالُ: يُبَازُونَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالزَّايِ يُقَالُ تَبَازَى فِي مِشْيَتِهِ إذَا حَرَّكَ عَجِيزَتَهُ.
قَوْلُهُ: اشْتَهَرَ السَّعْيُ مِنْ غَيْرِ رُقِيٍّ عَلَى الصَّفَا: عَنْ عُثْمَانَ وَغَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ، الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى عُثْمَانَ يَقُومُ فِي حَوْضٍ فِي أَسْفَلِ الصَّفَا وَلَا يَصْعَدُ عَلَيْهِ. قُلْتُ: وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: أَنَّهُ سَعَى رَاكِبًا، وَلَا يُمْكِنُ الرُّقِيُّ مَعَ الرُّكُوبِ عَلَى الصَّفَا بَلْ فِي سُفْلِهَا
حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَرْمُلْ فِي طَوَافِهِ بَعْدَ مَا أَفَاضَ» . أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَرْمُلْ فِي السَّبْعِ الَّذِي أَفَاضَ فِيهِ» .
1035 -
(28) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَمَلَ فِي طَوَافِ عُمْرَةٍ كُلِّهَا وَفِي بَعْضِ أَنْوَاعِ الطَّوَافِ فِي الْحَجِّ» . أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي عُمَرِهِ كُلِّهَا وَفِي حَجِّهِ، وَأَبُو بَكْرَ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَالْخُلَفَاءُ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَفِي بَعْضِ أَنْوَاعِ الطَّوَافِ فِي الْحَجِّ، فَيُرِيدُ بِهِ طَوَافَ الْقُدُومِ دُونَ غَيْرِهِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ:«رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا طَافَ فِي الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ أَوَّلَ مَا قَدِمَ، فَإِنَّهُ يَسْعَى ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ بِالْبَيْتِ، وَيَمْشِي أَرْبَعًا» . وَقَدْ مَضَى حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ لَمْ يَرْمُلْ فِي الْإِفَاضَةِ.
(* * *) حَدِيثُ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو فِي رَمَلِهِ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا، وَذَنْبًا مَغْفُورًا، وَسَعْيًا مَشْكُورًا» لَمْ أَجِدْهُ، وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيّ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ.
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي السُّنَنِ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا يُحِبُّونَ لِلرَّجُلِ إذَا رَمَى الْجِمَارَ أَنْ يَقُولَ: " اللَّهُمَّ
اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا، وَذَنْبًا مَغْفُورًا "، وَأَسْنَدَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ ضَعِيفَيْنِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، مِنْ قَوْلِهِمَا عِنْدَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ.
1036 -
(26) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم بَدَأَ بِالصَّفَا: وَقَالَ: ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَزْمٍ، وَلَهُ طُرُقٌ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ: أَبْدَأُ، بِصِيغَةِ الْخَبَرِ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمَالِكٌ، وَابْنُ الْجَارُودِ وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا بِلَفْظِ: نَبْدَأُ، بِالنُّونِ، قَالَ أَبُو الْفَتْحِ الْقُشَيْرِيُّ: مَخْرَجُ الْحَدِيثِ عِنْدَهُمْ وَاحِدٌ، وَقَدْ اجْتَمَعَ مَالِكٌ، وَسُفْيَانُ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَلَى رِوَايَةِ: نَبْدَأُ بِالنُّونِ الَّتِي لِلْجَمْعِ، قُلْت: وَهُمْ أَحْفَظُ مِنْ الْبَاقِينَ
حَدِيثُ: «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ» . تَقَدَّمَ فِي الْأَحْدَاثِ.
1037 -
(30) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم بَدَأَ بِالصَّفَا، وَخَتَمَ بِالْمَرْوَةِ» ، مُسْلِمٌ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ
. (* * *) قَوْلُهُ: «إنَّهُ صلى الله عليه وسلم، فَمَنْ بَعْدَهُ لَمْ يَسْعَوْا إلَّا بَعْدَ الطَّوَافِ» . لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا فِي حَدِيثٍ مَخْصُوصٍ، وَإِنَّمَا أُخِذَ بِالِاسْتِقْرَاءِ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَفِي الْمُعْجَمِ الصَّغِيرِ لِلطَّبَرَانِيِّ عَنْ جَابِرٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ قَوْلُهُ: فِي آخِرِ الْفَصْلِ الْمَعْقُودِ لِلسَّعْيِ: وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ وَظَائِفِ السَّعْيِ، أَيْ مِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ مِمَّا يَقُولُهُ عَلَى الصَّفَا، وَفِي الرُّقِيِّ عَلَى الصَّفَا حَتَّى يَرَى الْبَيْتَ، وَالْمَشْيِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالْعَدْوِ فِي بَعْضِهِ، وَالدُّعَاءِ فِي السَّعْيِ كُلُّ ذَلِكَ مَشْهُورٌ فِي الْأَخْبَارِ، انْتَهَى، فَأَمَّا مَا يَقُولُهُ عَلَى الصَّفَا مِنْ التَّهْلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ، فَهُوَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِنَحْوِهِ، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ رَقَى عَلَى الصَّفَا حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ، وَفِيهِ أَيْضًا الْمَشْيُ بَيْنَ الصَّفَا الْمَرْوَةِ، وَالْعَدْوُ فِي بَعْضِهِ، وَأَمَّا الدُّعَاءُ فِي السَّعْيِ يَقُولُ:«اللَّهُمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ، إنَّك أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ» فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الدُّعَاءِ وَفِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -
كَانَ إذَا سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، وَأَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ» . وَفِي إسْنَادِهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ مَوْقُوفًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ:«أَنَّهُ لَمَّا هَبَطَ إلَى الْوَادِي سَعَى» ، فَقَالَ - فَذَكَرَهُ - وَقَالَ: هَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ فِي ذَلِكَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، يُشِيرُ إلَى تَضْعِيفِ الْمَرْفُوعِ، وَذَكَرَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي الْإِحْكَامِ مِنْ حَدِيثِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي نَوْفَلٍ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ: رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، إنَّك أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ» . قَالَ الْمُحِبُّ: رَوَاهُ الْمَلَّا فِي سِيرَتِهِ وَيُرَاجَعُ إسْنَادُهُ، وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي سَعْيِهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ: وَاهْدِ السَّبِيلَ الْأَقْوَمَ» . رَوَاهُ الْمَلَّا فِي سِيرَتِهِ أَيْضًا.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، مِثْلُ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَةِ: صَحَّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِي سَعْيِهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، وَاعْفُ عَمَّا تَعْلَمُ، وَأَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} [البقرة: 201] » الْآيَةُ وَفِيهِ نَظَرٌ كَثِيرٌ.
قَوْلُهُ: يُؤْثَرُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ: اللَّهُمَّ اعْصِمْنِي بِدِينِي وَطَوَاعِيَتِك. . . إلَى آخِرِهِ، الْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي كِتَابِ الدُّعَاءِ، وَالْمَنَاسِكِ لَهُ مِنْ حَدِيثِهِ مَوْقُوفًا، قَالَ الضِّيَاءُ: إسْنَادُهُ جَيِّدٌ
1038 -
(31) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ أَمِيرًا عَلَى الْحَجِّ فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِمَعْنَاهُ، وَلَفْظُهُمَا عَنْهُ:«أَنَّ أَبَا بَكْرً بَعَثَهُ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي أَمَّرَهُ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي رَهْطٍ يُؤَذِّنُونَ فِي النَّاسِ يَوْمَ النَّحْرِ: أَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ.»
حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ، وَأَخْبَرَهُمْ بِمَنَاسِكِهِمْ» . الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا كَانَ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ خَطَبَ النَّاسَ فَأَخْبَرَهُمْ بِمَنَاسِكِهِمْ» .
1040 -
(33) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَكَثَ بِمِنًى حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ، ثُمَّ رَكِبَ وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعْرٍ أَنْ تُضْرَبَ لَهُ بِنَمِرَةٍ فَنَزَلَ بِهَا» . مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ.
قَوْلُهُ: رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَاحَ إلَى الْمَوْقِفِ فَخَطَبَ النَّاسَ الْخُطْبَةَ الْأُولَى، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ، ثُمَّ أَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ، فَفَرَغَ مِنْ الْخُطْبَةِ وَبِلَالٌ مِنْ الْأَذَانِ، ثُمَّ أَقَامَ بِلَالٌ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ» . الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ إبْرَاهِيمُ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ - يَعْنِي الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ - مَا دَلَّ عَلَى «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم، خَطَبَ، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ» لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ أَخْذِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ، قُلْت: وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّ الْخُطْبَةَ كَانَتْ بِبَطْنِ الْوَادِي، وَحَدِيثُ مُسْلِمٍ أَصَحُّ، وَيَتَرَجَّحُ بِأَمْرٍ مَعْقُولٍ وَهُوَ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ قَدْ أُمِرَ بِالْإِنْصَاتِ لِلْخُطْبَةِ، فَكَيْفَ يُؤَذِّنُ وَلَا يَبْقَى لِلْخُطْبَةِ مَعَهُ
فَائِدَةٌ؟ قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: وَذَكَرَ الْمَلَّا فِي سِيرَتِهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ أَذَّنَ بِلَالٌ وَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا فَرَغَ بِلَالٌ مِنْ الْآذَانِ تَكَلَّمَ بِكَلِمَاتٍ، ثُمَّ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ وَأَقَامَ بِلَالٌ الصَّلَاةَ» .
. قَوْلُهُ: وَلْيَقُلْ الْإِمَامُ إذَا سَلَّمَ أَتِمُّوا يَا أَهْلَ مَكَّةَ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، «عَنْ عِمْرَانَ قَالَ: غَزَوْت مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُصَلِّ إلَّا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعْنَا إلَى الْمَدِينَةِ، وَحَجَجْت مَعَهُ فَلَمْ يُصَلِّ إلَّا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ، وَشَهِدْتُ مَعَهُ الْفَتْحَ فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لَا يُصَلِّي إلَّا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَقُولُ لِأَهْلِ الْبَلَدِ: أَتِمُّوا فَإِنَّا قَوْمٌ سَفَرٌ.» لَفْظُ الشَّافِعِيِّ، وَزَادَ الطَّبَرَانِيُّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ:«إلَّا الْمَغْرِبَ» ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ. " يَا أَهْلَ مَكَّةَ إنَّا قَوْمٌ سَفَرٌ ". ثُمَّ صَلَّى عُمَرُ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، قَالَ مَالِكٌ، وَلَمْ يَبْلُغنِي أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ شَيْئًا، انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) :
عُرِفَ بِهَذَا أَنَّ ذِكْرَ الرَّافِعِيِّ لَهُ فِي مَقَالِ الْإِمَامِ بِعَرَفَةَ لَيْسَ بِثَابِتٍ، وَكَذَا نَقَلَ غَيْرُهُ أَنَّهُ يَقُولُهُ الْإِمَامُ بِمِنًى، وَيُمْكِنُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِعُمُومِ لَفْظِ رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيِّ وَمِنْ طَرِيقِهِ. الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فَفِيهِ: «ثُمَّ حَجَجْت مَعَهُ، وَاعْتَمَرْت فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ أَتِمُّوا الصَّلَاةَ فَإِنَّا قَوْمٌ
سَفَرٌ»
ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ عَنْ عُمَرَ، ثُمَّ عَنْ عُثْمَانَ قَالَ: ثُمَّ أَتَمَّ عُثْمَانُ.
قَوْلُهُ: يُسَنُّ فِي الْحَجِّ أَرْبَعُ خُطَبٍ فَذَكَرَهَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ فِي صِفَةِ حَجَّةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَفِيهَا: فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ، قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَدَّثَهُمْ عَنْ مَنَاسِكِهِمْ، حَتَّى إذَا فَرَغَ قَامَ عَلِيٌّ فَقَرَأَ عَلَى النَّاسِ " بَرَاءَةٌ " حَتَّى خَتَمَهَا - الْحَدِيثُ - وَفِيهِ: أَنَّهُ صَنَعَ ذَلِكَ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَيَوْمَ النَّحْرِ، وَيَوْمَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ يَوْمَ النَّحْرِ» . وَلِأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ «رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي بَكْرٍ قَالَا: رَأَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ» ، وَلِأَبِي دَاوُد «عَنْ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ عَرَفَةَ» ، وَفِي الْبَابِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ
حَدِيثُ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ لِلْحَجَّاجِ: «إنْ كُنْت تُرِيدُ تُصِيبُ السُّنَّةَ، فَاقْصُرْ الْخُطْبَةَ، وَعَجِّلْ الْوُقُوفَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: صَدَقَ» الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِهِ وَفِيهِ قِصَّةٌ.
1042 -
(35) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَجَعَلَ بَاطِنَ نَاقَتِهِ لِلصَّخَرَاتِ» . مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ
1043 -
(36) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ بِعَرَفَةَ رَاكِبًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ الْفَضْلِ، وَهُوَ لِمُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ
1044 -
(37) - حَدِيثُ: «أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَأَفْضَلُ مَا قُلْت أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكُ لَهُ» . مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ بِفَتْحِ الْكَافِ مُرْسَلًا، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ، مَوْصُولًا ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَضَعَّفَهُ، وَكَذَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى مَوْصُولَةٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ بِلَفْظِ:«خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ» . - الْحَدِيثُ - وَفِي إسْنَادِهِ حَمَّادُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَرَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ:«أَفْضَلُ دُعَائِي وَدُعَاءِ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» . - الْحَدِيثَ - وَفِي إسْنَادِهِ فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمَنَاسِكِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ نَحْوَ هَذَا، وَفِي إسْنَادِهِ قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ. قَوْلُهُ: وَأُضِيفَ إلَيْهِ: «لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا، اللَّهُمَّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي» فَأَمَّا قَوْلُهُ: لَهُ الْمُلْكُ إلَى قَدِيرٌ. فَهُوَ بَقِيَّةُ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَمَنْ بَعْدَهُ، وَأَمَّا الْبَاقِي فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بِهَذَا وَأَتَمِّ مِنْهُ، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَتَفَرَّدَ بِهِ عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَلَمْ يُدْرِكْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدَةَ أَخُو مُوسَى عَلِيًّا
1045 -
(38) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسِيرُ حِينَ دَفَعَ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ.
(تَنْبِيهٌ) :
وَقَعَ فِي الرَّافِعِيِّ فُرْجَةً بَدَلَ فَجْوَةً، وَهُوَ تَحْرِيفٌ
1046 -
(39) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَجَمَعَهَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ
وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي أَيُّوبَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَلِمُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ
1047 -
(40) - قَوْلُهُ: وَيَسْلُكُ النَّاسُ مِنْ طَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ وَهُوَ الطَّرِيقُ الضَّيِّقُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالصَّحَابَةِ، وَأَمَّا الْمَرْفُوعُ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِمَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ قَالَ:«دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى إذَا كَانَ بِالشِّعْبِ نَزَلَ فَبَالَ وَتَوَضَّأَ» . وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمْ: «رَدِفْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عَرَفَاتٍ، فَلَمَّا بَلَغَ الشِّعْبَ الْأَيْسَرَ الَّذِي دُونَ الْمُزْدَلِفَةِ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَبَالَ» . . . الْحَدِيثُ وَأَمَّا الْمَوْقُوفُ عَنْ الصَّحَابَةِ فَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا عَنْ مُعَيَّنٍ، إلَّا أَنَّهُ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَهُ صلى الله عليه وسلم. .
حَدِيثُ: «الْحَجُّ عَرَفَةَ، فَمَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ» . أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمُرَ قَالَ:«شَهِدْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَاتٍ، وَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الْحَجُّ؟ فَقَالَ: الْحَجُّ عَرَفَةَ، مَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ» . لَفْظُ أَحْمَدَ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد:«مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ» . وَأَلْفَاظُ الْبَاقِينَ نَحْوُهُ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ:«الْحَجُّ عَرَفَةَ، الْحَجُّ عَرَفَةَ» .
1049 -
(42) - حَدِيثُ: «عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» . مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ: «وَقَفْت هَاهُنَا، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» .
1050 -
(43) - حَدِيثُ: «عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَارْتَفِعُوا عَنْ وَادِي عَرَفَةَ» . ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِلَفْظِ: «بَطْنِ عَرَفَةَ» ، وَفِي إسْنَادِهِ الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ، كَذَّبَهُ أَحْمَدُ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ بَلَاغًا بِهَذَا اللَّفْظِ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْبَزَّارُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ بِلَفْظِ:«كُلُّ عَرَفَاتٍ مَوْقِفٌ وَارْفَعُوا عَنْ مُحَسِّرٍ» . - الْحَدِيثُ - وَفِي إسْنَادِهِ انْقِطَاعٌ؛ فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، وَلَمْ يَلْقَهُ. قَالَهُ الْبَزَّارُ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ مُرْسَلًا، وَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ قَوْلِهِ، عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ:«ارْفَعُوا عَنْ بَطْنِ عَرَفَةَ، وَارْفَعُوا عَنْ بَطْنِ مُحَسِّرٍ» . وَرَوَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ يُقَالُ: ارْتَفَعُوا عَنْ مُحَسِّرٍ، وَارْتَفَعُوا عَنْ عُرَنَةَ. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا، وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا، وَرَوَاهُ ابْنُ قَانِعٍ فِي مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ مِنْ حَدِيثِ حَبِيبِ بْنِ خُمَاشَةَ، وَفِي إسْنَادِهِ
الْوَاقِدِيُّ، وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ فِي مُوَطَّئِهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ مُرْسَلًا نَحْوَ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَيَزِيدُ، وَإِسْحَاقُ مَتْرُوكَانِ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ.
1051 -
(44) - حَدِيثُ: عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ الطَّائِيِّ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ صَلَّى مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ - يَعْنِي الصُّبْحَ يَوْمَ النَّحْرِ - وَأَتَى عَرَفَاتٍ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ» . أَحْمَدُ، وَأَصْحَابُ السُّنَنِ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِهِ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَأَقْرَبُهَا لِلسِّيَاقِ الَّذِي هُنَا لَفْظُ أَبِي دَاوُد قَالَ:«أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَوْقِفِ يَعْنِي بِجَمْعٍ - قُلْت: جِئْت يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ جَبَلَيْ طَيٍّ، فَأَكَلَتْ مَطِيَّتِي وَأَتْعَبْت نَفْسِي، وَاَللَّهِ مَا تَرَكْت مِنْ جَبَلٍ إلَّا وَقَفْت عَلَيْهِ، فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَدْرَكَ مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ، وَأَتَى عَرَفَاتٍ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ» وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ: «وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ جَمْعًا فَلَا حَجَّ لَهُ» ، وَصَحَّحَ هَذَا الْحَدِيثَ: الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ عَلَى شَرْطِهِمَا.
(تَنْبِيهٌ) :
التَّفَثُ إذْهَابُ الشُّعْثِ، قَالَهُ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ.
حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ بَعْدَ الزَّوَالِ» . مُسْلِمٌ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ.
(* * *) حَدِيثُ: رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ» . هَذَا لَمْ أَجِدْهُ مَرْفُوعًا وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي بَابِ الْمَوَاقِيتِ.
1053 -
(46) - حَدِيثُ: «يَوْمُ عَرَفَةَ الْيَوْمُ الَّذِي يَعْرِفُ النَّاسُ فِيهِ» . أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ تَابِعِيٌّ، قَالَ ابْنُ شَاهِينَ عَنْ ابْنِ أَبِي دَاوُد اُخْتُلِفَ فِيهِ، وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، وَالِدِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِهَذَا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْهُ، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْت لِعَطَاءٍ: رَجُلٌ حَجَّ أَوَّلَ مَا حَجَّ فَأَخْطَأَ النَّاسَ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ» . قَالَ: وَرَوَاهُ قَالَ: «وَعَرَفَةُ يَوْمَ تَعْرِفُونَ» . وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَاسْتَغْرَبَهُ وَصَحَّحَهُ، وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا، صَوَّبَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقْفَهُ فِي الْعِلَلِ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ:«الْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَالْأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ» . وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْهُ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْهُ، وَرَوَاهُ مُجَاهِدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ:«عَرَفَةُ يَوْمَ يَعْرِفُ الْإِمَامُ» . تَفَرَّدَ بِهِ مُجَاهِدُ قَالَهُ الْبَيْهَقِيّ، قَالَ: وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ
عَنْ عَائِشَةَ مُرْسَلٌ، كَذَا قَالَ، وَقَدْ نَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ الْبُخَارِيِّ: أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهَا، وَإِذَا ثَبَتَ سَمَاعُهُ مِنْهَا أَمْكَنَ سَمَاعُهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنَّهُ مَاتَ بَعْدَهَا.
قَوْلُهُ: رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: حَجُّكُمْ يَوْمَ تَحُجُّونَ» لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا، وَبِمَعْنَاهُ الْحَدِيثُ الَّذِي قَبْلَهُ.
. قَوْلُهُ: رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمُزْدَلِفَةَ فَلَا حَجَّ لَهُ» . لَمْ أَجِدْهُ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: لَيْسَ بِثَابِتٍ وَلَا مَعْرُوفٌ، وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: لَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَخَذَهُ الرَّافِعِيُّ: وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي يَعْلَى: «وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ جَمْعًا فَلَا حَجَّ لَهُ» . وَبِهِ يُحْتَجُّ لِابْنِ خُزَيْمَةَ، وَابْنِ بِنْتِ الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِمَا: إنَّ الْمَبِيتَ بِمُزْدَلِفَةَ رُكْنٌ، وَالنَّسَائِيُّ:«مَنْ أَدْرَكَ جَمْعًا مَعَ الْإِمَامِ وَالنَّاسِ حَتَّى يُفِيضُوا فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ، وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَ الْإِمَامِ وَالنَّاسِ فَلَمْ يُدْرِكْ» . وَهِيَ مِنْ رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ، وَقَدْ صَنَّفَ أَبُو جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيِّ جُزْءًا فِي إنْكَارِهَا وَذَكَرَ أَنَّ مُطَرِّفًا كَانَ يَهِمُ فِي الْمُتُونِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(* * *) حَدِيثُ: «الْحَجُّ عَرَفَةَ فَمَنْ أَدْرَكَهَا فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ» . تَقَدَّمَ قَرِيبًا
1054 -
(47) - حَدِيثُ: «أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ أَفَاضَتْ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ بِإِذْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِالدَّمِ، وَلَا النَّفَرَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: «اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ جَمْعٍ، وَكَانَتْ ثَقِيلَةً ثَبْطَةً فَأَذِنَ لَهَا» ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَلَمْ يَأْمُرْهَا إلَى آخِرِهِ فَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا، إلَّا أَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِدَلِيلِ الْعَدَمِ.
1055 -
(48) - حَدِيثُ: «أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَفَاضَتْ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ
مُزْدَلِفَةَ بِإِذْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَأْمُرْهَا وَلَا مَنْ مَعَهَا بِالدَّمِ» . أَبُو دَاوُد، وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ «أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأُمِّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ فَرَمَتْ الْجَمْرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ مَضَتْ فَأَفَاضَتْ، وَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ، الْيَوْمَ الَّذِي يَكُونُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي عِنْدَهَا» . وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ: أَنَا دَاوُد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، والدراوردي، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، مِثْلَهُ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهَا أَنْ تُوَافِيَهُ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِمَكَّةَ يَوْمَ النَّحْرِ» قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَهُوَ فِي آخِرِ حَدِيثِ الشَّافِعِيِّ الْمُرْسَلِ وَقَدْ أَنْكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الصُّبْحَ يَوْمئِذٍ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَكَيْفَ يَأْمُرُهَا أَنْ تُوَافِيَ مَعَهُ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِمَكَّةَ؟ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ قَوْلُهُ: وَكَانَ يَوْمَهَا، فِيهَا مَعْنَيَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُرِيدَ يَوْمَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَحَبَّ أَنْ يُوَافِيَ التَّحَلُّلَ وَهِيَ قَدْ فَرَغَتْ.
ثَانِيهِمَا: أَنَّهُ أَرَادَ وَكَانَ يَوْمَ حَيْضِهَا فَأَحَبَّ أَنْ تُوَافِيَ التَّحَلُّلَ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ، قَالَ: فَيَقْرَأُ عَلَى الْأَوَّلِ بِالْمُثَنَّاةِ تَحْتَ، وَعَلَى الثَّانِي بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقَ، قُلْت: وَهُوَ تَكَلُّفٌ ظَاهِرٌ، وَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِيَوْمِهَا الْيَوْمَ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ عِنْدَهَا صلى الله عليه وسلم وَقَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد الَّتِي سَبَقَتْ وَهِيَ سَالِمَةٌ مِنْ الزِّيَادَةِ الَّتِي اسْتَنْكَرَهَا أَحْمَدُ، وَسَيَأْتِي قَرِيبًا قَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ إنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْدَهَا لَيْلَةَ النَّحْرِ لَيْلَتَهَا الَّتِي يَأْتِيهَا فِيهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(تَنْبِيهٌ) :
وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَلَمْ يَأْمُرْهَا وَلَا مَنْ مَعَهَا بِالدَّمِ، فَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا بَلْ هُوَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ
. (* * *) حَدِيثُ عُمَرَ: مَنْ أَدْرَكَهُ الْمَسَاءُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَلْيَقُمْ إلَى الْغَدِ حَتَّى يَنْفِرَ مَعَ النَّاسِ. مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ بِمِنًى، فَلَا يَنْفِرَنَّ حَتَّى يَرْمِيَ الْجِمَارَ مِنْ الْغَدِ مِنْ أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ فَذَكَرَهُ، قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، وَلَا يَصِحُّ رَفْعُهُ.
1056 -
(49) - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: «كُنْت فِيمَنْ قَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ إلَى مِنًى.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَنْهُ، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ وَمِنْ طَرِيقِهِ الْبَيْهَقِيّ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ:«أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ ضَعَفَةِ أَهْلِهِ فَصَلَّيْنَا الصُّبْحَ بِمِنًى، وَرَمَيْنَا الْجَمْرَةَ»
1057 -
(50) - حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى مِنًى فَأَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ بِمِنًى وَنَحَرَ، ثُمَّ قَالَ لِلْحَلَّاقِ خُذْ وَأَشَارَ إلَى جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ الْأَيْسَرِ ثُمَّ جَعَلَ يُعْطِيهِ النَّاسَ» ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ "
(تَنْبِيهٌ) :
الْحَالِقُ: مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَضْلَةَ. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِهِ، وَقِيلَ: خِرَاشُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ رَبِيعَةَ الْكَلْبِيُّ مَنْسُوبٌ إلَى كَلْبِ بْنِ حَنِيفَةَ، ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ.
قَوْلُهُ: «فَإِذَا انْتَهَوْا إلَى وَادِي مُحَسِّرٍ فَالْمُسْتَحَبُّ لِلرَّاكِبِينَ أَنْ يُحَرِّكُوا دَوَابَّهُمْ، وَلِلْمَاشِينَ أَنْ يُسْرِعُوا قَدْرَ رَمْيَةٍ بِحَجَرٍ» رَوَى ذَلِكَ عَنْ جَابِرٍ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُسْلِمٌ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ:«أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ فَحَرَّكَ قَلِيلًا ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى» . قَوْلُهُ: وَقِيلَ: «إنَّ النَّصَارَى كَانَتْ تَقِفُ ثَمَّ فَأَمَرَ بِمُخَالَفَتِهِمْ» . انْتَهَى.
احْتَجَّ لَهُ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ وَهُوَ يُوضِعُ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ: إلَيْك نَعْدُو قَلِقًا وَضِينُهَا، مُخَالِفًا دِينَ النَّصَارَى دِينُهَا. أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ.
قَوْلُهُ: «وَلَا يَنْزِلُ الرَّاكِبُونَ حَتَّى يَرْمُونَ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» هُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ عِنْدَ مُسْلِمٍ.
وَرَوَى الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ. وَهُوَ يَقُولُ: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ، لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ» . وَسَيَأْتِي حَدِيثُ أُمِّ الْحُصَيْنِ فِي أَوَّلِ بَابِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ.
وَفِي الْبَابِ فِي رَمْيِهِ صلى الله عليه وسلم رَاكِبًا، عَنْ قُدَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَامِرِيِّ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ
وَالْحَاكِمُ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَفِيهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ.
قَوْلُهُ: وَالسُّنَّةُ أَنْ يُكَبِّرَ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، هُوَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ عِنْدَ مُسْلِمٍ.
1058 -
(51) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ أَوَّلِ حَصَاةٍ رَمَاهَا» لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا ". لَكِنْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ: «فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَكَبَّرَ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ» . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَتَكْبِيرُهُ مَعَ أَوَّلِ كُلِّ حَصَاةٍ دَلِيلٌ عَلَى قَطْعِ التَّلْبِيَةِ بِأَوَّلِ حَصَاةٍ، انْتَهَى. وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ كَانَ رِدْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عَرَفَةَ إلَى مُزْدَلِفَةَ، ثُمَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ إلَى مِنًى، وَكِلَاهُمَا قَالَ: لَمْ يَزَلْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «حَتَّى بَلَغَ الْجَمْرَةَ» . لَكِنْ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ «فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى، فَلَمَّا رَمَى قَطَعَ التَّلْبِيَةَ»
. قَوْلُهُ: نُقِلَ «أَنَّهُ مَنْ تُقُبِّلَ حَجُّهُ رُفِعَ حَجَرُهُ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ مَرْدُودٌ» ، الْحَاكِمُ
وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ الْجِمَارُ الَّتِي يُرْمَى بِهَا كُلَّ عَامٍ؟ قَالَ: أَمَا إنَّهُ مَا تُقُبِّلَ مِنْهَا رُفِعَ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَرَأَيْتهَا أَمْثَالَ الْجِبَالِ» . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْقُوفًا، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ، وَلَا يَصِحُّ مَرْفُوعًا، وَهُوَ مَشْهُورٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ: مَا تُقُبِّلَ مِنْهَا رُفِعَ، وَمَا لَمْ يُقْبَلْ تُرِكَ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَسُدَّ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ. وَأَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ.
1059 -
(52) - حَدِيثُ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ» . أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا:«إذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ الطِّيبُ وَالثِّيَابُ، وَكُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ» . لَفْظُ أَحْمَدَ، وَلِأَبِي دَاوُد:«إذَا رَمَى أَحَدُكُمْ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ» . وَفِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ: «إذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ وَذَبَحْتُمْ، فَقَدْ حَلَّ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ» وَمَدَارُهُ عَلَى الْحَجَّاجِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَمُدَلِّسٌ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إنَّهُ مِنْ تَخْلِيطَاتِهِ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ هَذَا فِي حَدِيثٍ لِأُمِّ سَلَمَةَ مَعَ حُكْمٍ آخَرَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الْفُقَهَاءِ قَالَ بِهِ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ
طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّهِ زَيْنَبَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ:«كَانَتْ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَدُورُ إلَيَّ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَسَاءَ لَيْلَةِ النَّحْرِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدِي فَدَخَلَ عَلَيَّ وَهْبُ بْنُ زَمْعَةَ وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ مُتَقَمِّصَيْنِ، فَقَالَ لَهُمَا: أَفَضْتُمَا؟ قَالَا: لَا، قَالَ: فَانْزِعَا قَمِيصَكُمَا فَنَزَعَاهُ، فَقَالَ وَهْبُ: وَلِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: هَذَا يَوْمٌ رُخِّصَ فِيهِ لَكُمْ إذَا رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ، وَنَحَرْتُمْ الْهَدْيَ إنْ كَانَ لَكُمْ؛ فَقَدْ حَلَلْتُمْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَرَمْتُمْ مِنْهُ إلَّا النِّسَاءَ، حَتَّى تَطُوفُوا بِالْبَيْتِ، فَإِذَا أَمْسَيْتُمْ وَلَمْ تُفِيضُوا صِرْتُمْ حُرُمًا كَمَا كُنْتُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ حَتَّى تُفِيضُوا بِالْبَيْتِ» . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الْفُقَهَاءِ قَالَ بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّهُ مَذْهَبُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَأَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ، «عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: إذَا رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ، فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، وَالطِّيبُ؟ فَقَالَ: أَمَّا أَنَا فَقَدْ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُضَمِّخُ رَأْسَهُ بِالطِّيبِ» .
وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إذَا رَمَى وَحَلَقَ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ. قَالَ سَالِمٌ: وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ، أَنَا طَيَّبْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَوَى الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قَالَ: «مِنْ سُنَّةِ الْحَجِّ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ: الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ الْآخِرَةَ وَالصُّبْحَ بِمِنًى، ثُمَّ يَغْدُو إلَى عَرَفَةَ فَيَقِيلُ حَيْثُ قُضِيَ لَهُ، حَتَّى إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ خَطَبَ النَّاسَ، ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ، ثُمَّ يُفِيضَ فَيُصَلِّي بِالْمُزْدَلِفَةِ، أَوْ حَيْثُ قَضَى اللَّهُ لَهُ، ثُمَّ يَقِفُ بِجَمْعٍ، حَتَّى إذَا اُسْتُنْفِرَ دَفَعَ قَبْلَ طُلُوعِ
الشَّمْسِ، فَإِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ الْكُبْرَى حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ حَرُمَ عَلَيْهِ إلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ حَتَّى يَزُورَ الْبَيْتَ» .
1060 -
(53) - حَدِيثُ: «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ وَإِنَّمَا يُقَصِّرُونَ» . أَبُو دَاوُد، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَقَوَّاهُ أَبُو حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ، وَالْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ، وَأَعَلَّهُ بِابْنِ الْقَطَّانِ، وَرَدَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْمَوَّاقِ فَأَصَابَ.
1061 -
(54) - حَدِيثُ جَابِرٍ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَحْلِقُوا وَيُقَصِّرُوا.» هَذَا اللَّفْظُ لَمْ أَرَهُ، لَكِنْ فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرٍ:«أَحِلُّوا مِنْ إحْرَامِكُمْ بِطَوَافٍ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَقَصِّرُوا» .
قَوْلُهُ: وَإِذَا حَلَقَ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ، وَأَنْ يَكُونَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَأَنْ يُكَبِّرَ بَعْدَ الْفَرَاغِ، وَأَنْ يَدْفِنَ شَعْرَهُ، انْتَهَى.
أَمَّا الْبُدَاءَةُ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَرَمَاهَا، ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ بِمِنًى وَنَحَرَ، ثُمَّ قَالَ لِلْحَلَّاقِ: خُذْ وَأَشَارَ إلَى جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَسَمَ شَعْرَهُ بَيْنَ مَنْ يَلِيهِ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْحَلَّاقِ فَحَلَقَ الْأَيْسَرَ» - الْحَدِيثُ - وَأَمَّا اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ فَلَمْ أَرَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ صَرِيحًا، وَقَدْ اسْتَأْنَسَ لَهُ بَعْضُهُمْ بِعُمُومِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا:«خَيْرُ الْمَجَالِسِ مَا اُسْتُقْبِلَتْ بِهِ الْقِبْلَةُ» . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَأَمَّا التَّكْبِيرُ بَعْدَ الْفَرَاغِ، فَلَمْ أَرَهُ أَيْضًا، وَأَمَّا دَفْنُ الشَّعْرِ فَقَدْ سَبَقَ فِي الْجَنَائِزِ، وَلَعَلَّ الرَّافِعِيَّ أَخَذَهُ مِنْ قِصَّةِ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ الْحَجَّامِ فَفِيهَا: أَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَتَوَجَّهَ قِبَلَ الْقِبْلَةِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُكَبِّرَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفِنَ، وَهِيَ مَشْهُورَةٌ أَخْرَجَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي مُثِيرِ الْعَزْمِ السَّاكِنِ، بِإِسْنَادِهِ إلَى وَكِيعٍ عَنْهُ
قَوْله: وَالْأَفْضَلُ حَلْقُ جَمِيعِ الرَّأْسِ تَأَسِّيًا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، يُؤْخَذُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ.
1062 -
(55) - حَدِيثُ: «رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ» . - الْحَدِيثُ - مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أُمِّ " حُصَيْنٍ "، وَلِأَحْمَدَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ.
1063 -
(56) - حَدِيثُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَوَّلَ مَا قَدِمَ مِنًى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ ثُمَّ ذَبَحَ ثُمَّ حَلَقَ، ثُمَّ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ» . هُوَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ سِوَى ذِكْرِ الْحَلْقِ، فَهُوَ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ عَنْ أَنَسٍ.
1064 -
(57) - حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: «وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًى لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي حَلَقْت قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ» - الْحَدِيثُ - مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ
نَحْوُهُ.
(* * *) حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أُمَّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ فَرَمَتْ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَفَاضَتْ» تَقَدَّمَ. (* * *) حَدِيثُ: «إذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ الطِّيبُ، وَاللِّبَاسُ، وَكُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ» . تَقَدَّمَ.
(* * *) حَدِيثُ عَائِشَةَ: «طَيَّبْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَلِحَلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
(* * *) حَدِيثُ: «مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ» . تَقَدَّمَ فِي الْمَوَاقِيتِ وَأَنَّهُ مَوْقُوفٌ.
1065 -
(58) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم بَاتَ بِمِنًى لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ، وَقَالَ: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» . أَمَّا مَبِيتُهُ بِمِنًى فَمَشْهُورٌ، وَقَدْ بَيَّنَهُ حَدِيثُ أَبِي دَاوُد، وَابْنِ حِبَّانَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ آخِرِ يَوْمِ النَّحْرِ حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى مِنًى، فَمَكَثَ بِهَا لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَرْمِي الْجَمْرَةَ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ» - الْحَدِيثُ - وَأَمَّا قَوْلُهُ: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» . فَتَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ.
1066 -
(59) - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ الْعَبَّاسَ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى لِأَجْلِ سِقَايَتِهِ، فَأَذِنَ لَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
حَدِيثُ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِلرِّعَاءِ أَنْ يَتْرُكُوا الْمَبِيتَ بِمِنًى، وَيَرْمُوا يَوْمَ النَّحْرِ. جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، ثُمَّ يَرْمُوا يَوْمَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ» . مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ، وَأَحْمَدُ، وَأَصْحَابُ السُّنَنِ، وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ بِهِ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، ثُمَّ قَالَ: رَوَاهُ مَالِكٌ فَقَالَ: عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ، وَحَدِيثُ مَالِكٍ أَصَحُّ، وَقَالَ الْحَاكِمُ: مَنْ قَالَ عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَدِيٍّ فَقَدْ نَسَبَهُ إلَى جَدِّهِ، انْتَهَى. وَلَفْظُ مَالِكٍ: أَرْخَصَ لِرِعَاءِ الْإِبِلِ فِي الْبَيْتُوتَةِ عَنْ مِنًى، يَرْمُونَ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ يَرْمُونَ الْغَدَ وَمِنْ بَعْدِ الْغَدِ لِيَوْمَيْنِ، ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفْرِ. وَلِأَبِي دَاوُد، وَالنَّسَائِيِّ فِي رِوَايَةٍ:«رَخَّصَ لِلرِّعَاءِ أَنْ يَرْمُوا يَوْمًا وَيَدَعُوا يَوْمًا» .
(تَنْبِيهٌ) :
أَبُو الْبَدَّاحِ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي التَّابِعِينَ، وَقَالَ: يُقَالُ: إنَّ لَهُ صُحْبَةً وَفِي الْقَلْبِ مِنْهُ شَيْءٌ لِكَثْرَةِ الِاخْتِلَافِ فِي إسْنَادِهِ، وَصَحَّحَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي
الِاسْتِذْكَارِ أَنَّ لَهُ صُحْبَةً، وَفِي كِتَابِ أَبِي مُوسَى الْمَدِينِيِّ: أَنَّهُ زَوْجُ جَمِيلَةَ بِنْتِ يَسَارٍ أُخْتِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ الَّتِي عَضَلهَا وَفِي الْبَابِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِلرِّعَاءِ أَنْ يَرْمُوا بِاللَّيْلِ وَأَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءُوا مِنْ النَّهَارِ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ الْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ.
1068 -
(61) - حَدِيثُ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَمَى الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى، ثُمَّ لَمْ يَرْمِ فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ حَتَّى زَالَتْ الشَّمْسُ» . مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْهُ مُعَنْعَنًا، وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ، وَرَوَاهُ أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: سَمِعْت جَابِرًا، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ نَحْوَهُ، وَوَهَمَ فِي اسْتِدْرَاكِهِ.
1069 -
(62) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَمَى بِالْأَحْجَارِ، وَقَالَ: بِمِثْلِ هَذَا فَارْمُوا.» لَمْ أَرَهُ هَكَذَا، لَكِنْ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - وَفِيهِ فَقَالَ:«عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ الَّذِي يُرْمَى بِهِ الْجَمْرَةُ» . وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ
وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ «قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ: هَاتِ اُلْقُطْ لِي، فَلَقَطْت لَهُ حَصَيَاتٍ مِثْلَ حَصَى الْخَذْفِ، فَلَمَّا وَضَعْتهنَّ فِي يَدِهِ قَالَ: بِأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ فَارْمُوا، وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالْغُلُوِّ فِي الدِّينِ» . وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ أَيْضًا، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ عَوْفٍ، مِنْهُمْ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيِّ فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ، عَنْ أَخِيهِ الْفَضْلِ إلَّا جَعْفَرَ بْنَ سُلَيْمَانَ وَلَا رَوَاهُ عَنْهُ إلَّا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. قُلْت: وَرِوَايَتُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ هِيَ الصَّوَابُ، فَإِنَّ الْفَضْلَ هُوَ الَّذِي كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَئِذٍ، وَسَيَأْتِي صَرِيحًا عَنْهُ فِي حَدِيثِ أُمِّ سُلَيْمَانَ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ:«رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْمِي الْجَمْرَةَ بِمِثْلِ حَصَى الْحَذْفِ» .
وَرَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ حَرْمَلَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: «حَجَجْت حَجَّةَ الْوَدَاعِ فَأَرْدَفَنِي عَمِّي سِنَانُ بْنُ سَنَةَ، فَلَمَّا وَقَفْنَا بِعَرَفَاتٍ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاضِعًا إحْدَى إصْبَعَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى، فَقُلْت لِعَمِّي: مَاذَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: يَقُولُ: ارْمُوا الْجَمْرَةَ بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ» . وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ وَقَالَ: لَا نَعْلَمُ لِحَرْمَلَةَ غَيْرَهُ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ، عَنْ أُمِّهِ
(* * *) قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَدْرَكَ الْمَسَاءَ إلَى آخِرِهِ تَقَدَّمَ
قَوْلُهُ: وَجُمْلَةُ مَا يُرْمَى بِهِ فِي الْحَجِّ سَبْعُونَ حَصَاةً، يَرْمِي إلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يَوْمَ النَّحْرِ، وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إلَى الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ إلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ سَبْعٌ، تَوَاتَرَ النَّقْلُ بِذَلِكَ قَوْلًا وَفِعْلًا، انْتَهَى كَلَامُهُ، وَهُوَ كَمَا قَالَ: وَفِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرَهَا مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي.
1070 -
(63) - حَدِيثٌ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَمَى الْحَصَيَاتِ فِي سَبْعِ رَمْيَاتٍ، وَقَالَ: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» . أَمَّا الْأَوَّلُ فَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ» . وَأَمَّا قَوْلُهُ: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» . فَتَقَدَّمَ وَقَدْ كَرَّرَهُ الْمُؤَلِّفُ.
1071 -
(64) - حَدِيثٌ: «أَنَّهُ وَقَفَ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ، وَقَالَ: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» ، أَمَّا الْوُقُوفُ بَيْنَهَا: فَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الدُّنْيَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَقْدَمُ فَيُسْهِلُ فَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ طَوِيلًا وَيَدْعُو بِرَفْعِ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الْوُسْطَى، ثُمَّ يَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فَيُسْهِلُ فَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، ثُمَّ يَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَقُومُ طَوِيلًا ثُمَّ يَرْمِي الْجَمْرَةَ ذَاتَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا ثُمَّ يَنْصَرِفُ، وَيَقُولُ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ» وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ،
وَالْحَاكِمُ وَوَهِمَ فِي اسْتِدْرَاكِهِ.
وَرَوَى أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ:«أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ يَوْمَ النَّحْرِ حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى مِنًى، فَمَكَثَ بِهَا لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَرْمِي الْجَمْرَةَ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ، كُلُّ جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَيَقِفُ عِنْدَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَيَتَضَرَّعُ، وَيَرْمِي الثَّالِثَةَ وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا» .
وَأَمَّا قَوْلُهُ: خُذُوا عَنِّي. فَتَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: وَالسُّنَّةُ أَنْ يَرْفَعَ الْيَدَ عِنْدَ الرَّمْيِ فَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَرْمِيَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَفِي يَوْمِ النَّحْرِ مُسْتَدْبِرَهَا، كَذَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ، انْتَهَى. أَمَّا رَفْعُ الْيَدِ فَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَمَّا رَمْيُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَسَلَفَ مِنْ حَدِيثِهِ أَيْضًا.
وَأَمَّا رَمْيُ يَوْمِ النَّحْرِ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ فَلَيْسَ كَمَا قَالَ، وَالْحَدِيثُ الْوَارِدُ فِيهِ مَوْضُوعٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْكُوزِيِّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«رَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَمَى الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ، وَظَهْرُهُ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ» وَعَاصِمٌ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ مِمَّنْ يَضَعُ الْحَدِيثَ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْبَيْتَ يَكُونُ عَلَى يَسَارِ الرَّامِي كَمَا هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ:«أَنَّهُ أَنْهَى إلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى فَجَعَلَ الْبَيْتَ عَلَى يَسَارِهِ، وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ، وَرَمَى بِسَبْعٍ، وَقَالَ: هَكَذَا رَمَى الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ» . قَوْلُهُ: وَالسُّنَّةُ إذَا رَمَى الْجَمْرَةَ الْأُولَى أَنْ يَتَقَدَّمَ قَلِيلًا قَدْرَ مَا لَا يَبْلُغُهُ حَصَيَاتُ الرَّامِينَ، وَيَقِفَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَيَدْعُوَ وَيَذْكُرَ اللَّهَ بِقَدْرِ قِرَاءَةِ الْبَقَرَةِ، وَإِذَا رَمَى الثَّانِيَةَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَا يَقِفُ إذَا رَمَى الثَّالِثَةَ، يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ
الْبُخَارِيِّ.
1072 -
(65) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ، وَالْعِشَاءَ، بِالْبَطْحَاءِ. ثُمَّ هَجَعَ بِهَا هَجْعَةً، ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ» . الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِلَفْظِ: ثُمَّ رَقَدَ رَقْدَةً بِالْمُحَصَّبِ. وَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِمَعْنَاهُ، وَفِيهِ:«ثُمَّ رَكِبَ إلَى الْبَيْتِ فَطَافَ بِهِ» . .
1073 -
(66) - حَدِيثُ عَائِشَةَ: «نَزَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمُحَصَّبَ، وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ فَمَنْ شَاءَ نَزَلَهُ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَتْرُكْهُ» . لَمْ أَرَهُ هَكَذَا، وَلِمُسْلِمٍ عَنْهَا:«نُزُولُ الْأَبْطَحِ لَيْسَ بِسُنَّةٍ» . وَلِلْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُ ذَلِكَ - يَعْنِي نُزُولَ الْأَبْطَحِ - وَتَقُولُ: «إنَّمَا نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ» . وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
(* * *) حَدِيثُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا فَرَغَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ طَافَ لِلْوَدَاعِ» . هُوَ مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ.
قَوْلُهُ: طَوَافُ الْوَدَاعِ ثَابِتٌ عَنْهُ قَوْلًا، وَفِعْلًا، أَمَّا الْفِعْلُ: فَظَاهِرٌ أَيْ مِنْ
الْأَحَادِيثِ، وَأَمَّا الْقَوْلُ: فَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ
1074 -
(67) - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: «لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ، إلَّا أَنَّهُ رَخَّصَ لِلْحَائِضِ» . مُسْلِمٌ دُونَ الِاسْتِثْنَاءِ، وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ بِلَفْظِ «أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ، إلَّا أَنَّهُ خَفَّفَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ» . وَلِلْبُخَارِيِّ «رَخَّصَ لِلْحَائِضِ أَنْ تَنْفِرَ إذْ أَفَاضَتْ» .
1075 -
(68) - حَدِيثُ: «لَا يَنْصَرِفَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ» . مُسْلِمٌ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد «حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ» .
1076 -
(69) - حَدِيثُ: «أَنَّ صَفِيَّةَ حَاضَتْ، فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَنْصَرِفَ بِلَا وَدَاعٍ» لَمْ أَرَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مَعْنَاهُ بِلَفْظِ:«حَاضَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ بَعْدَمَا أَفَاضَتْ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَذَكَرْت حَيْضَهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: حَابِسَتُنَا هِيَ؟ قَالَتْ: فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّهَا قَدْ كَانَتْ أَفَاضَتْ وَطَافَتْ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ حَاضَتْ، فَقَالَ: فَلْتَنْفِرْ» وَلَهُ طُرُقٌ عِنْدَهُمَا وَأَلْفَاظٌ.
1077 -
(70) - حَدِيثُ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ
زَارَنِي بَعْدَ مَوْتِي فَكَأَنَّمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي، وَمَنْ زَارَ قَبْرِي فَلَهُ الْجَنَّةُ» . هَذَانِ حَدِيثَانِ مُخْتَلِفَا الْإِسْنَادِ. أَمَّا الْأَوَّلُ: فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ هَارُونَ أَبِي قَزَعَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ حَاطِبٍ، عَنْ حَاطِبٍ قَالَ: قَالَ: فَذَكَرَهُ، وَفِي إسْنَادِهِ الرَّجُلُ الْمَجْهُولُ، وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ حَفْصِ بْنِ أَبِي دَاوُد، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ «وَفَاتِي» بَدَلَ «مَوْتِي» ، وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ وَابْنُ عَدِيٍّ فِي كَامِلِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ بِنْتِ اللَّيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ يُونُسَ امْرَأَةِ اللَّيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَهَذَانِ الطَّرِيقَانِ ضَعِيفَانِ، أَمَّا حَفْصٌ: فَهُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ؛ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، وَإِنْ كَانَ أَحْمَدُ قَالَ فِيهِ: صَالِحٌ، وَأَمَّا رِوَايَةُ الطَّبَرَانِيِّ: فَفِيهَا مَنْ لَا يُعْرَفُ، وَرَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِي إسْنَادِهِ فَضَالَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَازِنِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَأَمَّا الثَّانِي فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ هِلَالٍ الْعَبْدِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ:«مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي» . وَمُوسَى؛ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُولٌ، أَيْ الْعَدَالَةِ، وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِهِ وَقَالَ: إنْ صَحَّ الْخَبَرُ فَإِنَّ فِي الْقَلْبِ مِنْ إسْنَادِهِ، ثُمَّ رَجَّحَ أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ الْمُكَبَّرُ الضَّعِيفُ، لَا الْمُصَغَّرُ الثِّقَةُ، وَصَرَّحَ بِأَنَّ الثِّقَةَ لَا يَرْوِي هَذَا الْخَبَرَ الْمُنْكَرَ، وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لَا يَصِحُّ حَدِيثُ مُوسَى وَلَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، وَلَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ، وَفِي قَوْلِهِ:" لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ " نَظَرٌ؛ فَقَدْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَسْلَمَةَ بْنِ سَالِمِ الْجُهَنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ:«مَنْ جَاءَنِي زَائِرًا لَا تُعْمِلُهُ حَاجَةٌ إلَّا زِيَارَتِي كَانَ حَقًّا عَلَيَّ أَنْ أَكُونَ لَهُ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . وَجَزَمَ الضِّيَاءُ فِي الْأَحْكَامِ وَقَبْلَهُ الْبَيْهَقِيُّ: بِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ الْمَذْكُورَ فِي
هَذَا الْإِسْنَادِ هُوَ الْمُكَبَّرُ، وَرَوَاهُ الْخَطِيبُ فِي الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ فِي تَرْجَمَةِ النُّعْمَانِ بْنِ شِبْلٍ، وَقَالَ: إنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ:«مَنْ حَجَّ وَلَمْ يَزُرْنِي فَقَدْ جَفَانِي» . وَذَكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي تَرْجَمَةِ النُّعْمَانِ، وَالنُّعْمَانُ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: الطَّعْنُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى ابْنِهِ لَا عَلَى النُّعْمَانِ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْغِفَارِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيِّ عَنْ سَوَّارِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إسْنَادُهُ مَجْهُولٌ، وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الْقُبُورِ قَالَ: نَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْجُرْجَانِيُّ، نَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْمُثَنَّى سُلَيْمَانُ بْنُ يَزِيدَ الْكَعْبِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مَرْفُوعًا:«مَنْ زَارَنِي بِالْمَدِينَةِ مُحْتَسِبًا كُنْت لَهُ شَفِيعًا وَشَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، وَسُلَيْمَانُ ضَعَّفَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيّ.
(فَائِدَةٌ) . طُرُقُ هَذَا الْحَدِيثِ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ لَكِنْ صَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ فِي إيرَادِهِ إيَّاهُ فِي أَثْنَاءِ السُّنَنِ الصِّحَاحِ لَهُ، وَعَبْدُ الْحَقِّ فِي الْأَحْكَامِ فِي سُكُوتِهِ عَنْهُ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ بِاعْتِبَارِ مَجْمُوعِ الطُّرُقِ، وَأَصَحُّ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَخْرٍ حُمَيْدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا:«مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عليه السلام» . وَبِهَذَا الْحَدِيثِ صَدَّرَ الْبَيْهَقِيُّ الْبَابَ.
قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ الشُّرْبُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ - يَعْنِي لِلْأَثَرِ فِيهِ - وَقَعَ فِي آخِرِ حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ عِنْدَ مُسْلِمٍ: «ثُمَّ شَرِبَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ بَعْدِ فَرَاغِهِ» .
وَرَوَى أَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمِّلِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ:«مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، ثُمَّ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ إبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَلَا يَصِحُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ، قُلْت: إنَّمَا سَمِعَهُ إبْرَاهِيمُ مِنْ ابْنِ الْمُؤَمِّلِ، وَرَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُؤَمِّلِ، وَقَالَ: لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِهِ وَبِعَنْعَنَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ، لَكِنَّ الثَّانِيَةَ مَرْدُودَةٌ، فَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ التَّصْرِيحُ بِالسَّمَاعِ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ، وَالْخَطِيبُ فِي تَارِيخِ بَغْدَادَ مِنْ حَدِيثِ سُوَيْد بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ أَبِي الْمَوَالِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ.
كَذَا أَخْرَجَهُ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ، غَرِيبٌ تَفَرَّدَ بِهِ سُوَيْدٌ، قُلْت: وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمٌ قَدْ أَخْرَجَ لَهُ فِي الْمُتَابَعَاتِ، وَأَيْضًا فَكَانَ أَخَذَ بِهِ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَى وَيَفْسُدَ حَدِيثُهُ، وَكَذَلِكَ أَمَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ابْنَهُ بِالْأَخْذِ عَنْهُ كَانَ قَبْلَ عَمَاهُ، وَلَمَّا أَنْ عَمِيَ صَارَ يُلَقَّنُ فَيَتَلَقَّنُ، حَتَّى قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَوْ كَانَ لِي فَرَسٌ وَرُمْحٌ، لَغَزَوْت سُوَيْدًا، مِنْ شِدَّةِ مَا كَانَ يُذْكَرُ لَهُ عَنْهُ مِنْ الْمَنَاكِيرِ، قُلْت: وَقَدْ خَلَطَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ، وَأَخْطَأَ فِيهِ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَإِنَّمَا رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ ابْنِ الْمُؤَمِّلِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ
كَذَلِكَ رَوَيْنَاهُ فِي فَوَائِدِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُقْرِي مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحَةٍ، فَجَعَلَهُ سُوَيْدٌ عَنْ أَبِي الْمَوَالِي عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَاغْتَرَّ الْحَافِظُ شَرَفُ الدِّينِ الدِّمْيَاطِيُّ بِظَاهِرِ هَذَا الْإِسْنَادِ، فَحَكَمَ بِأَنَّهُ عَلَى رَسْم الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ ابْنَ أَبِي الْمَوَالِي انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، وَسُوَيْدًا انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ، وَغَفَلَ عَنْ أَنَّ مُسْلِمًا إنَّمَا أَخْرَجَ لِسُوَيْدٍ مَا تُوبِعَ عَلَيْهِ، وَلَا مَا انْفَرَدَ بِهِ، فَضْلًا عَمَّا خُولِفَ فِيهِ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ أَخْرَجَهَا الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ فِي تَرْجَمَةِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ الرَّازِيِّ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ جَابِرٍ.
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ الْجَارُودِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ، فَإِنْ شَرِبَتْهُ تَسْتَشْفِي بِهِ شَفَاك اللَّهُ» . الْحَدِيثُ - قُلْت: وَالْجَارُودِيُّ صَدُوقٌ إلَّا أَنَّ رِوَايَتَهُ شَاذَّةٌ، فَقَدْ رَوَاهُ حُفَّاظُ أَصْحَابِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَالْحُمَيْدِيُّ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ وَغَيْرُهُمَا، عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ: وَمِمَّا يُقَوِّي رِوَايَةَ ابْنِ عُيَيْنَةَ مَا أَخْرَجَهُ الدِّينَوَرِيُّ فِي الْمُجَالَسَةِ مِنْ طَرِيقِ الْحُمَيْدِيِّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، الْحَدِيثُ الَّذِي حَدَّثْتنَا عَنْ مَاءِ زَمْزَمَ صَحِيحٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنِّي شَرِبْته الْآنَ لِتُحَدِّثَنِي مِائَةَ حَدِيثٍ، فَقَالَ: اجْلِسْ، فَحَدَّثَهُ مِائَةَ حَدِيثٍ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَفَعَهُ قَالَ: «زَمْزَمُ مُبَارَكَةٌ إنَّمَا طَعَامُ طُعْمٍ وَشِفَاءُ سُقْمٍ» .
وَأَصْلُهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ دُونَ قَوْلِهِ: «وَشِفَاءُ سَقَمٍ» ، وَفِي الدَّارَقُطْنِيِّ وَالْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، «جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ جِئْت؟ قَالَ: شَرِبْت مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَشَرِبْت مِنْهَا كَمَا يَنْبَغِي؟ قَالَ: وَكَيْفَ ذَاكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: إذَا شَرِبْت مِنْهَا فَاسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ
وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ، وَتَنَفَّسْ ثَلَاثًا، وَتَضَلَّعْ مِنْهَا فَإِذَا فَرَغْت فَاحْمَدْ اللَّهَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: آيَةٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ لَا يَتَضَلَّعُونَ مِنْ زَمْزَمَ» .
قَوْلُهُ: اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ لِلْحَاجِّ إذَا طَافَ أَنْ يَقِفَ عِنْدَ الْمُلْتَزَمِ بَيْنَ الرُّكْنِ، وَالْمَقَامِ، وَيَقُولَ فَذَكَرَ الدُّعَاءَ وَلَمْ يُسْنِدْهُ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْوُقُوفِ عِنْدَ الْمُلْتَزَمِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ الْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ شُعَيْبٍ قَالَ:«طُفْت مَعَ عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا جِئْنَا دُبُرَ الْكَعْبَةِ قُلْت: أَلَا نَتَعَوَّذُ؟ قَالَ: تَعَوَّذْ بِاَللَّهِ مِنْ النَّارِ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى اسْتَلَمَ الْحَجَرَ، وَأَقَامَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ، فَوَضَعَ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ هَكَذَا وَبَسَطَهُمَا بَسْطًا، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ» ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِلَفْظِ:«رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُلْزِقُ وَجْهَهُ وَصَدْرَهُ بِالْمُلْتَزَمِ» ، وَقَالَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ: طَافَ جَدِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَعَ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.
وَفِي شُعَبِ الْإِيمَانِ لِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس مَرْفُوعًا:«مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ مُلْتَزَمٌ» . وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مَقْلُوبًا بِإِسْنَادٍ أَصَحَّ مِنْهُ.