المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[كِتَابُ الْجُمُعَةِ] 621 - (1) - حَدِيثُ «مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ تَهَاوُنًا - التلخيص الحبير - ط قرطبة - جـ ٢

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌[كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌[كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ]

- ‌[بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ]

- ‌[كِتَابُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[كِتَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[كِتَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[كِتَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[كِتَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[بَابُ تَارِكِ الصَّلَاةِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ] [

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّعَمِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ الْخُلَطَاءِ]

- ‌[الزَّكَاة فِي أَمْوَال الْأَيْتَام]

- ‌[بَابُ أَدَاءِ الزَّكَاةِ وَتَعْجِيلِهَا]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْمُعَشَّرَاتِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَامِ]

- ‌[حَدِيثُ احْتَجَمَ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ صَائِمٌ مُحْرِمٌ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ]

- ‌[بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ]

- ‌[كِتَابُ الِاعْتِكَافِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْمَوَاقِيتِ]

- ‌[بَابُ وُجُوهِ الْإِحْرَامِ وَآدَابِهِ وَسُنَنِهِ]

- ‌[بَابُ سُنَنِ الْإِحْرَامِ]

- ‌[بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ وَبَقِيَّةِ أَعْمَالِ الْحَجِّ إلَى آخِرِهَا]

- ‌[بَابُ حَجِّ الصَّبِيِّ]

- ‌[بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ]

- ‌[بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ]

- ‌[بَابُ الْهَدْيِ]

الفصل: ‌ ‌[كِتَابُ الْجُمُعَةِ] 621 - (1) - حَدِيثُ «مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ تَهَاوُنًا

[كِتَابُ الْجُمُعَةِ]

621 -

(1) - حَدِيثُ «مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ» . أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، وَأَصْحَابُ السُّنَنِ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَفْظُ ابْنِ حِبَّانَ:«مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَهُوَ مُنَافِقٌ» . وَأَبُو الْجَعْدِ؛ قَالَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ الْبُخَارِيِّ: لَا أَعْرِفُ اسْمَهُ، وَكَذَا قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَذَكَرَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكُنَى مِنْ مُعْجَمِهِ، وَقِيلَ اسْمُهُ: أَذْرُعُ، وَقِيلَ: جُنَادَةُ، وَقِيلَ: عَمْرٌو، وَبِهِ جَزَمَ أَبُو أَحْمَدَ، وَنَقَلَهُ عَنْ خَلِيفَةَ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَا أَعْرِفُ لَهُ إلَّا هَذَا، وَذَكَرَ لَهُ الْبَزَّارُ حَدِيثًا آخَرَ، وَقَالَ: لَا نَعْلَمُ لَهُ إلَّا هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ، وَأَوْرَدَهُ بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ أَيْضًا.

وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ بِلَفْظِ: «مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، طُبِعَ عَلَى قَلْبِهِ» . رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْن مَاجَهْ

ص: 108

وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: إنَّهُ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْجَعْدِ، وَاخْتُلِفَ فِي حَدِيثِ أَبِي الْجَعْدِ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ، فَقِيلَ عَنْهُ هَكَذَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقِيلَ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُوَ وَهْمٌ قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ، وَهُوَ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ حَسَّانُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةُ.

وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ؛ إلَّا أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى أَسِيد بْنِ أَبِي أَسِيدٍ رَاوِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، فَقِيلَ: عَنْهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، وَقِيلَ: عَنْهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَابِرٍ، وَالدَّارَقُطْنِيّ طَرِيقُ جَابِرٍ، وَعَكَسَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَبْسِ بْنِ جَبْرٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ، وَفِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى، وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَلِيٍّ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ لَهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثًا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ، وَجَعَلَ قَلْبَهُ قَلْبَ مُنَافِقٍ» . وَأَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى أَيْضًا وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ مَالِكٌ: لَا أَدْرِي عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَمْ لَا؛ قَالَ: «مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَ مِرَارٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا عِلَّةٍ، طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ» .

وَاسْتَشْهَدَ لَهُ الْحَاكِمُ بِمَا رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: «أَلَا هَلْ عَسَى أَنْ يَتَّخِذَ أَحَدُكُمْ الصَّبَّةَ مِنْ الْغَنَمِ عَلَى رَأْسِ مِيلٍ أَوْ مِيلَيْنِ، فَيَرْتَفِعُ، حَتَّى تَجِيءَ الْجُمُعَةُ فَلَا يَشْهَدُهَا، ثُمَّ يُطْبَعُ عَلَى قَلْبِهِ» . وَفِي إسْنَادِهِ

ص: 109

مَعْدِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَفِيهِ مَقَالٌ، وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ حَارِثَةَ بْنَ النُّعْمَانِ نَحْوُهُ، وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ أَيْضًا.

وَرَوَى أَبُو يَعْلَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَ جُمَعٍ مُتَوَالِيَاتٍ، فَقَدْ نَبَذَ الْإِسْلَامَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ» . رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا، «إنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ الْجُمُعَةَ فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فَمَنْ تَرَكَهَا اسْتِخْفَافًا بِهَا وَتَهَاوُنًا، أَلَا فَلَا جَمَعَ اللَّهُ شَمْلَهُ، أَلَا وَلَا بَارَكَ اللَّهُ لَهُ، أَلَا وَلَا صَلَاةَ لَهُ» . أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَفِيهِ عَبْدٌ الْبَلَوِيُّ وَهُوَ وَاهِي الْحَدِيثِ، وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: إنَّ الطَّرِيقَيْنِ كِلَاهُمَا غَيْرُ ثَابِتٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا الْحَدِيثُ وَاهِي الْإِسْنَادِ.

622 -

(2) - حَدِيثُ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ» . الْبُخَارِيُّ بِلَفْظِ: «حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ» . وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْهُ: «كُنَّا نَجْمَعُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ نَرْجِعُ فَنُقِيلُ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «كُنَّا نَجْمَعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا

ص: 110

زَالَتْ الشَّمْسُ، ثُمَّ نَرْجِعُ نَتَتَبَّعُ الْفَيْءَ» .

حَدِيثُ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» . تَقَدَّمَ فِي الْأَذَانِ وَغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: لَمْ تَقُمْ الْجُمُعَةُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا فِي عَهْدِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ إلَّا فِي مَوْضِعِ الْإِقَامَةِ، وَلَمْ يُقِيمُوا الْجُمُعَةَ إلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ يَجْمَعُوا إلَّا فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ، مَعَ أَنَّهُمْ أَقَامُوا الْعِيدَ فِي الصَّحْرَاءِ وَالْبَلَدِ لِلضَّعَفَةِ، وَقَبَائِلُ الْعَرَبِ كَانُوا مُقِيمِينَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ، وَمَا كَانُوا يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ، وَلَا أَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهَا.

ذُكِرَ هَذَا مُفَرَّقًا، وَكُلُّ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْمَنْفِيَّةِ مَأْخَذُهَا بِالِاسْتِقْرَاءِ، فَلَمْ يَكُنْ بِالْمَدِينَةِ مَكَانٌ يُجْمَعُ فِيهِ إلَّا مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ، وَبِهَذَا صَرَّحَ الشَّافِعِيُّ كَمَا سَيَأْتِي، مَعَ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي بَعْضٍ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ، وَفِي بَعْضٍ مَا يُوَافِقُهُ أَحَادِيثُ ضَعِيفَةٌ يَحْتَجُّ بِهَا الْخُصُومُ، وَلَيْسَتْ بِأَضْعَفَ مِنْ أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ احْتَجَّ بِهَا أَصْحَابُنَا، مِنْهَا حَدِيثُ عَلِيٍّ:«لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ إلَّا فِي مِصْرٍ» . ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ، وَحَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ فِي تَجْمِيعِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ بِهِمْ فِي نَقِيعِ الْخَضِمَاتِ سَيَأْتِي، وَحَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ قُبَاءَ، عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ مِنْ الصَّحَابَةِ قَالَ:«أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَشْهَدَ الْجُمُعَةَ مِنْ قُبَاءَ» . فِيهِ هَذَا الْمَجْهُولُ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ آوَاهُ اللَّيْلُ إلَى أَهْلِهِ» . ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قِلَابَةَ مُرْسَلٌ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي تَقَدَّمَتْ أَوَّلَ الْبَابِ فِيهَا مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ أَيْضًا.

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ مَغَازِي بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ عُقْبَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَكِبَ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فِي هِجْرَتِهِ إلَى الْمَدِينَةِ، مَرَّ عَلَى بَنِي سَالِمٍ

ص: 111

وَهِيَ قَرْيَةٌ بَيْنَ قُبَاءَ وَالْمَدِينَةِ، فَأَدْرَكَتْهُ الْجُمُعَةُ فَصَلَّى فِيهِمْ الْجُمُعَةَ، وَكَانَتْ أَوَّلَ جُمُعَةٍ صَلَّاهَا حِينَ قَدِمَ» .

وَوَصَلَهُ ابْنُ سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ الْوَاقِدِيِّ بِأَسَانِيدَ لَهُ، وَفِيهِ:«أَنَّهُمْ كَانُوا حِينَئِذٍ مِائَةَ رَجُلٍ» . وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ فِي سَفَرٍ وَخَطَبَ عَلَى قَوْسٍ» . وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ مُتَبَدِّيًا بِالسُّوَيْدَاءِ فِي إمَارَتِهِ عَلَى الْحِجَازِ فَحَضَرَتْ الْجُمُعَةُ فَهَيَّئُوا لَهُ مَجْلِسًا مِنْ الْبَطْحَاءِ، ثُمَّ أُذِّنَ بِالصَّلَاةِ، فَخَرَجَ فَخَطَبَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَجَهَرَ، وَقَالَ: إنَّ الْإِمَامَ يَجْمَعُ حَيْثُ كَانَ.

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إلَى عَلِيِّ بْنِ عُدَيٍّ: اُنْظُرْ كُلَّ قَرْيَةٍ أَهْلِ قَرَارٍ، وَلَيْسُوا بِأَهْلِ عَمُودٍ يَتَنَقَّلُونَ، فَأَمِّرْ عَلَيْهِمْ أَمِيرًا، ثُمَّ مُرْهُ فَلْيَجْمَعْ بِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْأَوْسَطِ: رَوَيْنَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَرَى أَهْلَ الْمِيَاهِ مِنْ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ يَجْمَعُونَ، فَلَا يَعِيبُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ سَاقَهُ مَوْصُولًا. وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إلَيْهِمْ أَنْ جَمِّعُوا حَيْثُ مَا كُنْتُمْ.

قَوْلُهُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا يُجْمَعُ فِي مِصْرٍ وَإِنْ عَظُمَ، وَلَا فِي مَسَاجِدَ، إلَّا فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَالْخُلَفَاءَ بَعْدَهُ لَمْ يَفْعَلُوا إلَّا كَذَلِكَ، انْتَهَى. وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:" لَا جُمُعَةَ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ الْأَكْبَرِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الْإِمَامُ ".

وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ «عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ أَنَّهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ تِسْعَةُ مَسَاجِدَ مَعَ مَسْجِدِهِ صلى الله عليه وسلم، يَسْمَعُ أَهْلُهَا تَأْذِينَ بِلَالٍ، فَيُصَلُّونَ فِي مَسَاجِدِهِمْ» ، زَادَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى فِي رِوَايَتِهِ:«وَلَمْ يَكُونُوا يُصَلُّونَ فِي شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْمَسَاجِدِ إلَّا فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» . أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ، وَيَشْهَدُ لَهُ صَلَاةُ أَهْلِ الْعَوَالِي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْجُمُعَةَ كَمَا فِي الصَّحِيحِ، وَصَلَاةُ أَهْلِ قُبَاءَ مَعَهُ، كَمَا رَوَاهُ ابْن مَاجَهْ

ص: 112

وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ قُبَاءَ، عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ:«أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَشْهَدَ الْجُمُعَةَ مِنْ قُبَاءَ» .

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ: أَنَّ أَهْلَ ذِي الْحُلَيْفَةِ كَانُوا يَجْمَعُونَ بِالْمَدِينَةِ. قَالَ: وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَذِنَ لِأَحَدٍ فِي إقَامَةِ الْجُمُعَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ مَسَاجِدِ الْمَدِينَةِ، وَلَا فِي الْقُرَى الَّتِي بِقُرْبِهَا.

(تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ الرَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ: إنَّ الشَّافِعِيَّ دَخَلَ بَغْدَادَ وَهِيَ تُقَامُ بِهَا جُمُعَتَانِ. مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْجَامِعَ الْآخَرَ لَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ دَاخِلَ سُورِهَا، فَقَدْ قَالَ الْأَثْرَمُ لِأَحْمَدَ: أَجْمِعْ جُمُعَتَيْنِ فِي مِصْرٍ؟ قَالَ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا فَعَلَهُ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَمْ يَخْتَلِفْ النَّاسُ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَمْ تَكُنْ تُصَلَّى فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفِي عَهْدِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، إلَّا فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَفِي تَعْطِيلِ النَّاسِ مَسَاجِدَهُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَاجْتِمَاعِهِمْ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ أَبْيَنُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْجُمُعَةَ خِلَافُ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَأَنَّهَا لَا تُصَلَّى إلَّا فِي مَكَان وَاحِدٍ. وَذَكَرَ الْخَطِيبُ فِي تَارِيخِ بَغْدَادَ: أَنَّ أَوَّلَ جُمُعَةٍ أُحْدِثَتْ فِي الْإِسْلَامِ فِي بَلَدٍ مَعَ قِيَامِ الْجُمُعَةِ الْقَدِيمَةِ، فِي أَيَّامِ الْمُعْتَضَدِ فِي دَارِ الْخِلَافَةِ، مِنْ غَيْرِ بِنَاءِ مَسْجِدٍ لِإِقَامَةِ الْجُمُعَةِ؛ وَسَبَبُ ذَلِكَ خَشْيَةُ الْخُلَفَاءِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ الْعَامِّ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ، ثُمَّ بُنِيَ فِي أَيَّامِ الْمُكْتَفَى مَسْجِدٌ فَجَمَعُوا فِيهِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي مُقَدَّمَةِ تَارِيخِ دِمَشْقَ: أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إلَى أَبِي مُوسَى وَإِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَإِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنْ يَتَّخِذَ مَسْجِدًا جَامِعًا وَمَسْجِدًا لِلْقَبَائِلِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ انْضَمُّوا إلَى الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، فَشَهِدُوا الْجُمُعَةَ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِتَعْدَادِ الْجُمُعَةِ غَيْرَ عَطَاءٍ.

623 -

(3) - حَدِيثُ جَابِرٍ: «مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ فَمَا فَوْقَهَا جُمُعَةٌ» . الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ

ص: 113

مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْهُ بِلَفْظِ:«فِي كُلِّ ثَلَاثَةٍ إمَامٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ جُمُعَةٌ وَأَضْحَى وَفِطْرٌ» . وَعَبْدُ الْعَزِيزِ؛ قَالَ أَحْمَدُ: اضْرِبْ عَلَى حَدِيثِهِ فَإِنَّهَا كَذِبٌ أَوْ مَوْضُوعَةٌ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ، لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ.

624 -

(4) - حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ: «إذَا بَلَغَ أَرْبَعِينَ رَجُلًا فَعَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ» . أَوْرَدَهُ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ وَلَا أَصْلَ لَهُ.

625 -

(5) حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ: «لَا جُمُعَةَ إلَّا بِأَرْبَعِينَ» . لَا أَصْلَ لَهُ، بَلْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِهِ:«عَلَى خَمْسِينَ جُمُعَةٍ، لَيْسَ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ» . زَادَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ: «وَلَا تَجِبُ عَلَى مَنْ دُونِ ذَلِكَ» . وَفِي إسْنَادِهِ جَعْفَرُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَهَيَّاجُ بْنُ بِسْطَامٍ، وَهُوَ أَيْضًا، وَفِي طَرِيقِ الْبَيْهَقِيّ: النَّقَّاشُ الْمُفَسِّرُ، وَهُوَ وَاهٍ أَيْضًا.

626 -

(6) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بِالْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَجْمَعْ بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ» . لَمْ أَرَهُ هَكَذَا، وَفِي الْبَيْهَقِيّ مِنْ رِوَايَةِ «ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: جَمَعَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا» . وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: «نَحْوَ أَرْبَعِينَ: فَقَالَ: إنَّكُمْ مَنْصُورُونَ» . . . الْحَدِيثُ. وَلَيْسَ هَذَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْجُمُعَةِ، وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا حَدِيثَ «عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ:

ص: 114

أَنَّ أَبَاهُ كَانَ إذَا سَمِعَ النِّدَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تَرَحَّمَ لِأَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ: فَقُلْت لَهُ: يَا أَبَتَاهُ رَأَيْت اسْتِغْفَارَك لِأَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ كُلَّمَا سَمِعْت الْآذَانَ لِلْجُمُعَةِ مَا هُوَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ بِنَا فِي نَقِيعٍ يُقَالُ لَهُ: نَقِيعُ الْخَضِمَاتِ مِنْ حَرَّةِ بَنِي بَيَاضَةَ، قُلْت: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ رَجُلًا» ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، لَكِنَّهُ لَا يَدُلُّ لِحَدِيثٍ لِلْبَابِ. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ:«أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ الْمَدِينَةَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ بِهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُمْ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا» ، وَفِي إسْنَادِهِ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَيَجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ بِأَنَّ أَسْعَدَ كَانَ آمِرًا، وَكَانَ مُصْعَبُ إمَامًا، وَرَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ:«جَمَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْجُمُعَةُ، قَالَتْ الْأَنْصَارُ: لِلْيَهُودِ يَوْمٌ يَجْمَعُونَ فِيهِ كُلَّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ، وَلِلنَّصَارَى مِثْلُ ذَلِكَ، فَهَلُمَّ فَلْنَجْعَلْ يَوْمًا نَجْتَمِعُ فِيهِ، فَنَذْكُرُ اللَّهَ وَنَشْكُرُهُ، فَجَعَلُوهُ يَوْمَ الْعَرُوبَةِ، وَاجْتَمَعُوا إلَى أَسْعَدِ بْنِ زُرَارَةَ، فَصَلَّى بِهِمْ يَوْمئِذٍ رَكْعَتَيْنِ، وَذَكَّرَهُمْ، فَسَمَّوْا الْجُمُعَةَ حِينَ اجْتَمَعُوا إلَيْهِ، فَذَبَحَ لَهُمْ شَاةً فَتَغَدَّوْا وَتَعَشَّوْا مِنْهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ بَعْدَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] » الْآيَةَ. وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، «عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَذِنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْجُمُعَةَ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ، وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَجْمَعَ بِمَكَّةَ. فَكَتَبَ إلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ: أَمَّا بَعْدُ؛ فَانْظُرْ الْيَوْمَ الَّذِي تَجْهَرُ فِيهِ الْيَهُودُ بِالزَّبُورِ، فَاجْمَعُوا نِسَاءَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ فَإِذَا مَالَ النَّهَارُ عَنْ شَطْرِهِ عِنْدَ الزَّوَالِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَتَقَرَّبُوا إلَى اللَّهِ بِرَكْعَتَيْنِ. قَالَ: فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ، حَتَّى قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، فَجَمَعَ عِنْدَ الزَّوَالِ مِنْ الظُّهْرِ، وَأَظْهَرَ ذَلِكَ» .

(تَنْبِيهٌ) : حَرَّةُ بَنَى بَيَاضَةَ قَرْيَةٌ عَلَى مِيلٍ مِنْ الْمَدِينَةِ، وَبَيَاضَةُ: بَطْنُ " الْأَبْصَارِ " وَنَقِيعٌ بِالنُّونِ، وَخَضِمَاتٌ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ.

ص: 115

وَقَدْ وَرَدَتْ عِدَّةُ أَحَادِيثَ تَدُلُّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ: مِنْهَا حَدِيثُ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ الدَّوْسِيَّةِ مَرْفُوعًا: «الْجُمُعَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ قَرْيَةٍ فِيهَا إمَامٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا إلَّا أَرْبَعَةً» وَفِي رِوَايَةٍ: «وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا إلَى ثَلَاثَةٍ، رَابِعُهُمْ إمَامُهُمْ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ وَضُعَفَاءُ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْخُطْبَةِ. هَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ:«نَزَلَتْ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ وَهُمْ خَلْفُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» . وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الْأَسْلَمِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

627 -

(7) - حَدِيثُ: «أَنَّ الصَّحَابَةَ انْفَضُّوا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إلَّا اثْنَا عَشْرَ رَجُلًا. وَفِيهِمْ نَزَلَتْ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة: 11] » الْآيَةَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَلَهُ أَلْفَاظٌ، وَفِي صَحِيحِ أَبِي عَوَانَةَ أَنَّ جَابِرًا قَالَ: كُنْت فِيمَنْ بَقِيَ. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِلَفْظِ: «فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَرْبَعُونَ رَجُلًا» . وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ؛ تَفَرَّدَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، وَخَالَفَ أَصْحَابُ حُصَيْنٍ فِيهِ.

وَرَوَى الْعُقَيْلِيُّ فِي تَرْجَمَةِ أَسَدِ بْنِ عَمْرٍو الْبَجَلِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ

ص: 116

أَيْضًا، وَزَادَ فِيهِ:«وَكَانَ الْبَاقِينَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدٌ، وَسَعِيدٌ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، أَوْ عَمَّارٌ» الشَّكُّ مِنْ أَسَدِ بْنِ عَمْرٍو «وَبِلَالٌ، وَابْنُ مَسْعُودٍ» ، وَهَؤُلَاءِ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا. وَأَشَارَ الْعُقَيْلِيُّ إلَى أَنَّ هَذَا التَّعْدِيدَ مُدْرَجٌ فِي الْخَبَرِ.

قَالَ: وَرَوَاهُ هُشَيْمٌ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ الشَّيْخِ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو، فَلَمْ يَذْكُرَا ذَلِكَ، قَالَ: وَهَؤُلَاءِ قَوْمٌ يَصِلُونَ بِالْحَدِيثِ مَا لَيْسَ مِنْهُ، فَتَفْسُدُ الرِّوَايَةُ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ اعْتِبَارَ الْأَرْبَعِينَ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ الْمُعْتَبَرَ لِلِابْتِدَاءِ مُعْتَبَرٌ فِي الدَّوَامِ، وَأُجِيبَ بِالْمَنْعِ، وَبِاحْتِمَالِ أَنَّهُمْ عَادُوا أَوْ غَيْرُهُمْ، فَحَضَرُوا أَرْكَانَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةَ وَصَرَّحَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ:«أَنَّهُمْ انْفَضُّوا وَهُوَ يَخْطُبُ» . وَرَجَّحَهَا الْبَيْهَقِيُّ عَلَى رِوَايَةِ مَنْ رَوَى «وَهُوَ يُصَلِّي» ، وَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا: بِأَنَّ مَنْ قَالَ: وَهُوَ يُصَلِّي أَيْ يَخْطُبُ مَجَازًا، وَقِيلَ: كَانَتْ الْخُطْبَةُ إذْ ذَاكَ بَعْدَ الصَّلَاةِ.

حَدِيثُ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَلْيَصِلْ إلَيْهَا أُخْرَى» . تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ بَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ. حَدِيثُ: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ فَقَدْ أَدْرَكَهَا، وَمَنْ أَدْرَكَ دُونَ الرَّكْعَةِ صَلَّاهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا» . تَقَدَّمَ فِيهِ، وَهُوَ فِي الدَّارَقُطْنِيِّ وَابْنِ عَدِيٍّ.

قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا أَقَامَ الْجُمُعَةَ وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ، مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ عَنْهُ بِسَنَدِهِ إلَى أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْن أَزْهَرَ قَالَ:

ص: 117

شَهِدْت الْعِيدَ مَعَ عَلِيٍّ، وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ، وَكَأَنَّ الرَّافِعِيَّ أَخَذَهُ بِالْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَقَامَ الْعِيدَ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقِيمَ الْجُمُعَةَ، فَقَدْ ذَكَرَ سَيْفٌ فِي الْفُتُوحِ: أَنَّ مُدَّةَ الْحِصَارِ كَانَتْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، لَكِنْ قَالَ: كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ تَارَةً طَلْحَةُ، وَتَارَةً عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُدَيْسٍ، وَتَارَةً غَيْرُهُمَا.

حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَحْرَمَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ، فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ» . الْحَدِيثُ تَقَدَّمَ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ.

حَدِيثُ: «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَجَلَسَ إلَى جَنْبِهِ» . الْحَدِيثُ تَقَدَّمَ فِيهِ.

628 -

(8) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُصَلِّ الْجُمُعَةَ إلَّا بِخُطْبَتَيْنِ» . لَمْ أَرَهُ هَكَذَا، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ:«أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَقْعُدُ بَيْنَهُمَا» . وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ: «كَانَ يَخْطُبُ الْخُطْبَتَيْنِ قَائِمًا» . وَفِي أَفْرَادِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ «كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خُطْبَتَانِ» . . . الْحَدِيثَ. وَفِي الطَّبَرَانِيِّ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْطُبُ لِلْجُمُعَةِ خُطْبَتَيْنِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا» . فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَفْظُ حَدِيثٍ وَرَدَ؛ بَلْ هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الِاسْتِقْرَاءِ بِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ إلَّا هَكَذَا.

حَدِيثُ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» . تَقَدَّمَ.

قَوْلُ عُمَرَ يَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ.

ص: 118

حَدِيثُ: «أَنَّهُ خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ» . مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ أَوَّلُهُ: «كَانَتْ خُطْبَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ» .

الْحَدِيثَ.

630 -

(10) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ كَانَ يُوَاظِبُ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى فِي خُطْبَتِهِ» . لَمْ أَرَ هَذَا، وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ «عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ: أُنْذِرُكُمْ النَّارَ أُنْذِرُكُمْ النَّارَ» . . . ". الْحَدِيثَ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ:«سَمِعَ أَهْلُ السُّوقِ صَوْتَهُ» .

631 -

(11) - وَعَنْ عَلِيٍّ أَوْ عَنْ الزُّبَيْرِ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُنَا، فَيُذَكِّرُنَا بِأَيَّامِ اللَّهِ، حَتَّى نَعْرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَكَأَنَّهُ نَذِيرُ قَوْمٍ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

632 -

(12) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ آيَاتٍ، وَيَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى» . مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ بِلَفْظِ: «كَانَتْ لَهُ خُطْبَتَانِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا، يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيُذَكِّرُ النَّاسَ» .

633 -

(13) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ قَرَأَ فِي الْخُطْبَةِ سُورَةَ ق» مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ «أُمِّ هِشَامِ بِنْتِ حَارِثَةَ أُخْتَ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لِأُمِّهَا قَالَتْ: مَا حَفِظْت {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [ق: 1] إلَّا مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ، وَهُوَ يَقْرَأُ بِهَا عَلَى الْمِنْبَرِ كُلَّ جُمُعَةٍ» .

ص: 119

وَفِي الْبَابِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ فِي الْجُمُعَةِ تَبَارَكَ وَهُوَ قَائِمٌ، يُذَكِّرُنَا بِأَيَّامِ اللَّهِ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَفِي رِوَايَةٍ لِسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ وَلِلشَّافِعِيِّ، عَنْ عُمَرَ:«أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْخُطْبَةِ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير: 1] وَيَقْطَعُ عِنْدَ قَوْلِهِ: {مَا أَحْضَرَتْ} [التكوير: 14] » . وَفِي إسْنَادِهِ انْقِطَاعٌ.

634 -

(14) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الزَّوَالِ» . لَمْ أَرَهُ هَكَذَا، وَفِي الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ صَلَّى الْجُمُعَةَ» . وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَأَمَّا الْخُطْبَةُ فَلَمْ أَرَهُ، لَكِنْ فِي النَّسَائِيّ أَنَّ خُرُوجَ الْإِمَامِ بَعْدَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ، وَهُوَ أَوَّلُ الزَّوَالِ، وَيُسْتَنْبَطُ مِنْ حَدِيثِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ فِي الْبُخَارِيِّ: أَنَّ الْخُطْبَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ أَنَّ التَّأْذِينَ كَانَ حِينَ يَجْلِسُ الْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَإِذَا نَزَلَ أَقَامَ.

قَوْلُهُ: إنَّ تَقْدِيمَ الْخُطْبَتَيْنِ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْجُمُعَةِ ثَابِتٌ مِنْ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم، بِخِلَافِ الْعِيدَيْنِ. أَمَّا فِي الْجُمُعَةِ فَمُتَوَاتِرٌ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ إجْمَاعٌ، وَأَمَّا فِي الْعِيدَيْنِ فَثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يُصَلُّونَ الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ» .

635 -

(15) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ كَانَ لَا يَخْطُبُ إلَّا قَائِمًا» . وَكَذَا مَنْ بَعْدَهُ، مُسْلِمٌ.

ص: 120

وَأَبُو دَاوُد. وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ قَائِمًا» ، فَمَنْ قَالَ: إنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ جَالِسًا فَقَدْ كَذَبَ. وَلَهُمَا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا» . وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، أَنَّهُمْ كَانُوا يَخْطُبُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خُطْبَتَيْنِ قِيَامًا، يَفْصِلُونَ بَيْنَهُمَا بِالْجُلُوسِ، حَتَّى جَلَسَ مُعَاوِيَةُ فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى، فَخَطَبَ جَالِسًا، وَخَطَبَ فِي الثَّانِيَةِ قَائِمًا» . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا قَعَدَ لِضَعْفٍ أَوْ كِبَرٍ.

636 -

(16) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ كَانَ يَجْلِسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ، وَمِنْ بَعْدِهِ» ثَبَتَ عَنْهُ ذَلِكَ ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، وَلَهُمَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ، وَهُوَ لِلشَّافِعِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا تَقَدَّمَ جَمِيعُ ذَلِكَ، وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ السَّائِبِ، وَلِأَحْمَدَ، وَأَبِي يَعْلَى، وَالْبَزَّارِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَائِمًا، ثُمَّ يَقْعُدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ» . لَفْظُ أَحْمَدَ،

ص: 121

وَلِلْبَزَّارِ: «كَانَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خُطْبَتَيْنِ، يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجِلْسَةٍ» .

قَوْلُهُ: وَاظَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا، هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ، وَاسْتَشْكَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ إيجَابَ الْجُلُوسِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ، وَقَالَ: إنْ اُسْتُفِيدَ مِنْ فِعْلِهِ، فَالْفِعْلُ بِمُجَرَّدِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، وَلَوْ اقْتَضَاهُ لَوَجَبَ الْجُلُوسُ الْأَوَّلُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ الْأُولَى، وَلَوْ وَجَبَ لَمْ يَدُلَّ عَلَى إيصَالِ الْجُمُعَةِ بِتَرْكِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

637 -

(17) - حَدِيثُ: «إذَا قُلْت لِصَاحِبِك: أَنْصِتْ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَدْ لَغَوْت» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَفْظُ. «وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» . لِلنَّسَائِيِّ.

638 -

(18) - حَدِيثُ: «أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ الْجُمُعَةَ، فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَأَوْمَأَ النَّاسُ إلَيْهِ بِالسُّكُوتِ، فَلَمْ يَقْبَلْ، وَأَعَادَ الْكَلَامَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الثَّالِثَةِ: مَاذَا أَعْدَدْت لَهَا؟ قَالَ: حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، قَالَ: إنَّك مَعَ مَنْ أَحْبَبْت» . ابْنُ خُزَيْمَةَ وَأَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْن أَبِي نَمِرٍ، عَنْ أَنَسٍ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِهِ: «بَيْنَمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ فِي يَوْمِ

ص: 122

الْخُطْبَةِ، فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَ الْمَالُ» . فَذَكَرَ حَدِيثَ الِاسْتِسْقَاءِ.

639 -

(19) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَلَّمَ قَتَلَةَ ابْنِ أَبِي الْحَقِيقِ، وَسَأَلَهُمْ عَنْ كَيْفِيَّةِ قَتْلِهِ فِي الْخُطْبَةِ» . الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ «أَنَّ الرَّهْطَ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى ابْنِ أَبِي الْحَقِيقِ بِخَيْبَرَ لِيَقْتُلُوهُ، فَقَتَلُوهُ. فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ رَآهُمْ: أَفْلَحَتْ الْوُجُوهُ، فَقَالُوا: أَفْلَحَ وَجْهُك يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَقَتَلْتُمُوهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَدَعَا بِالسَّيْفِ الَّذِي قُتِلَ بِهِ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ فَسَلَّهُ، فَقَالَ: أَجَلْ هَذَا طَعَامُهُ فِي ذُبَابِ سَيْفِهِ» الْحَدِيثَ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: مُرْسَلٌ جَيِّدٌ: وَرُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ نَحْوُهُ، ثُمَّ رَوَاهُ.

مِنْ طَرِيقِ «ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى ابْنِ أَبِي الْحَقِيقِ» . . . نَحْوُهُ.

(تَنْبِيهٌ) : أَوْرَدَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ بِلَفْظٍ عَجِيبٍ، قَالَ:«سَأَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ابْنَ أَبِي الْحَقِيقِ عَنْ كَيْفِيَّةِ الْقَتْلِ بَعْدَ قُفُولِهِ مِنْ الْجِهَادِ» ، وَهُوَ غَلَطٌ فَاحِشٌ، وَأَعْجَبُ مِنْهُ أَنَّ الْإِمَامَ قَالَ: صَحَّ ذَلِكَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَقَطَ مِنْ النُّسْخَةِ لَفْظُ " قَتَلَةَ " قَبْلَ ابْنِ أَبِي الْحَقِيقِ.

وَفِي الْبَابِ مَا رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ «أَبِي رِفَاعَةَ الْعَدَوِيِّ قَالَ: انْتَهَيْت إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَخْطُبُ، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَجُلٌ غَرِيبٌ جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ؛ قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيَّ وَتَرَكَ خُطْبَتَهُ، وَجَعَلَ يُعَلِّمُنِي، ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ فَأَتَمَّ آخِرَهَا» . وَرَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ.

ص: 123

وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، فَجَاءَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثِرَانِ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَطَعَ كَلَامَهُ وَحَمَلَهُمَا» الْحَدِيثَ.

640 -

(20) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَلَّمَ سُلَيْكًا الْغَطَفَانِيَّ فِي الْخُطْبَةِ» . مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ: «جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، فَجَلَسَ، فَقَالَ لَهُ: يَا سُلَيْكُ قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» . الْحَدِيثَ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِدُونِ تَسْمِيَةِ سُلَيْكٍ. وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ لِابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ.

(فَائِدَةٌ) : وَقَعَ ذَلِكَ لِلنُّعْمَانِ بْنُ قَوْقَلٍ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، أَوْرَدَهُ فِي تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى الْحُلْوَانِيِّ. وَلِأَبِي ذَرٍّ أَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ، «عَنْ أَبِي ذَرٍّ: أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَخْطُبُ، فَقَعَدَ، فَقَالَ لَهُ: هَلْ رَكَعْت؟ . فَقَالَ: لَا، قَالَ: قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ» . حَدِيثُ: «إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ.

قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «خُرُوجُ الْإِمَامِ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ» .

ص: 124

أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْهُ، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، وَمِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ. قَوْلُهُ: وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ مَرْوَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ " جَوْسٍ " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا؛ وَقَالَ: إنَّهُ خَطَأٌ.

641 -

(21) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اتَّخَذَ مِنْبَرًا وَكَانَ يَخْطُبُ عَلَيْهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ مُطَوَّلًا، وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرٍ:«كَانَ جِذْعٌ يَقُومُ إلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا وُضِعَ لَهُ الْمِنْبَرُ حَنَّ الْجِذْعُ» - الْحَدِيثَ - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ رَوَاهُ أَيْضًا، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.

(فَائِدَةٌ) : اسْمُ صَانِعِ الْمِنْبَرِ: تَمِيمٌ الدَّارِيُّ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَقِيلَ: يَا قَوْمِ الرُّومِيُّ مَوْلَى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، وَقِيلَ: إبْرَاهِيمُ، وَقِيلَ: صَبَاحُ مَوْلَى الْعَبَّاسِ، وَقِيلَ: مِينَاءُ غُلَامُ الْعَبَّاسِ، وَقِيلَ: مَيْمُونٌ حَكَاهُ، قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، وَقِيلَ: قَبِيصَةُ الْمَخْزُومِيِّ، حَكَى هَذِهِ الْأَقْوَالَ ابْنُ بَشْكُوَال، وَهُوَ فِي كِتَابِ ابْنِ زُبَالَةَ غَيْرَ مُسَمًّى، وَرَوَى

ص: 125

الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ حَدِيثِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: فَذَهَبَ أَبِي فَقَطَعَ عِيدَانَ الْمِنْبَرِ مِنْ الْغَابَةِ، فَلَا أَدْرِي عَمِلَهَا أَوْ لَا. وَرُوِيَ فِيهِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ سَهْلٍ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِخَالٍ لَهُ مِنْ الْأَنْصَارِ: اُخْرُجْ إلَى الْغَابَةِ وَائْتِنِي مِنْ خَشَبِهَا، فَاعْمَلْ لِي مِنْبَرًا أُكَلِّمُ النَّاسَ عَلَيْهِ. فَعَمِلَ لَهُ مِنْبَرًا لَهُ عَتَبَتَانِ، وَجَلَسَ عَلَيْهِمَا» .

قُلْت: وَفِي طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ أَنَّ صَانِعَ الْمِنْبَرِ كِلَابٌ مَوْلَى الْعَبَّاسِ.

642 -

(22) - حَدِيثُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا دَنَا مِنْ مِنْبَرِهِ سَلَّمَ عَلَى مَنْ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ صَعِدَ، فَإِذَا اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ سَلَّمَ، ثُمَّ قَعَدَ» . ابْنُ عُدَيٍّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، أَوْرَدَهُ فِي تَرْجَمَةِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ وَضَعَّفَهُ، وَكَذَا ضَعَّفَهُ بِهِ ابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ الْأَثْرَمُ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مُجَالَدٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ؛ قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، اسْتَقْبَلَ النَّاسَ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ» الْحَدِيثَ - وَهُوَ مُرْسَلٌ.

قَوْلُهُ: كَانَ مِنْبَرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى يَمِينِ الْقِبْلَةِ. لَمْ أَجِدْهُ حَدِيثًا، وَلَكِنَّهُ كَمَا قَالَ، فَالْمُسْتَنِدُ فِيهِ إلَى الْمُشَاهَدَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي الْبُخَارِيِّ، فِي قِصَّةِ عَمَلِ الْمَرْأَةِ الْمِنْبَرَ، قَالَ:«فَاحْتَمَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَهُ حَيْثُ تَرَوْنَ» .

643 -

(23) - حَدِيثُ: رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا اسْتَوَى عَلَى الدَّرَجَةِ الَّتِي تَلِي الْمُسْتَرَاحَ، قَامَ قَائِمًا، ثُمَّ سَلَّمَ» . تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ.

وَفِي الْبَابِ عَنْ عَطَاءٍ مُرْسَلًا، وَعَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. . . أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: بَلَغَنَا عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ

ص: 126

أَنَّهُ قَالَ: «خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خُطْبَتَيْنِ، وَجَلَسَ جِلْسَتَيْنِ» ، وَحَكَى الَّذِي حَدَّثَنِي قَالَ:«اسْتَوَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الدَّرَجَةِ الَّتِي تَلِي الْمُسْتَرَاحَ قَائِمًا، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَى الْمُسْتَرَاحِ، حَتَّى فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ مِنْ الْأَذَانِ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ، ثُمَّ جَلَسَ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ الثَّانِيَةَ» . . . وَأَتْبَعَ هَذَا الْكَلَامَ الْحَدِيثَ، فَلَا أَدْرِي أَهُوَ عَنْ سَلَمَةَ، أَوْ شَيْءٌ فَسَّرَهُ هُوَ فِي الْحَدِيثِ، وَلِابْنِ مَاجَهْ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ سَلَّمَ» . إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.

644 -

(24) - حَدِيثُ: «كَانَ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ وَيَجْلِسُ جِلْسَتَيْنِ» . الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا خَرَجَ يَوْمَ الْخُطْبَةِ فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، أَذَّنَ بِلَالٌ» . وَفِي إسْنَادِهِ مُصْعَبُ بْنُ سَلَّامٍ ضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُد، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ.

وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ فِي تَرْجَمَةِ سَعِيدِ بْنِ حَاطِبٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْرُجُ فَيَجْلِسُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ، فَإِذَا فَرَغَ قَامَ يَخْطُبُ» . وَفِي الْبَابِ عَنْ السَّائِبِ كَمَا سَيَأْتِي.

645 -

(25) - حَدِيثُ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ: «كَانَ النِّدَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوَّلَهُ إذَا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ، عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ وَكَثُرَ النَّاسُ، زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى الزَّوْرَاءِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَفِي مُسْنَدِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: «كَانَ النِّدَاءُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إذَا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ، فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، حَتَّى خِلَافَةِ عُثْمَانَ، فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ زَادَ

ص: 127

النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى الزَّوْرَاءِ» .

وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ عُثْمَانُ هُوَ الَّذِي أَحْدَثَ الْأَذَانَ، وَاَلَّذِي فَعَلَهُ عُثْمَانُ إنَّمَا هُوَ تَذْكِيرٌ، وَاَلَّذِي أَمَرَ بِهِ إنَّمَا هُوَ مُعَاوِيَةُ، وَكَذَا رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْن جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى: أَوَّلُ مَنْ زَادَ الْأَذَانَ بِالْمَدِينَةِ عُثْمَانُ، قَالَ: فَقَالَ عَطَاءٌ: كَلًّا إنَّمَا كَانَ يَدْعُو النَّاسَ دُعَاءً، وَلَا يُؤَذِّنُ غَيْرَ أَذَانٍ وَاحِدٍ. قَوْلُهُ:«وَلَمْ يَكُنْ لَهُ صلى الله عليه وسلم يَوْمُ الْجُمُعَةِ إلَّا مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ» . هُوَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي حَدِيثِ السَّائِبِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَلِلْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا خَرَجَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَذَّنَ بِلَالٌ» . وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا.

646 -

(26) - حَدِيثُ: «قِصَرُ الْخُطْبَةِ وَطُولُ الصَّلَاةِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ» . مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارٍ بِلَفْظِ: «إنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ، وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ، مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ، فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ وَأَقْصِرُوا الْخُطْبَةَ، فَإِنَّ مِنْ الْبَيَانِ سِحْرًا» . وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِإِقْصَارِ الْخُطَبِ» .

(تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ: مَئِنَّةٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَكْسُورَةٌ ثُمَّ نُونٌ مُشَدَّدَةٌ أَيْ عَلَامَةٌ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ الْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الْمِيمَ فِيهَا زَائِدَةٌ خِلَافًا لِأَبِي عُبَيْدٍ فَإِنَّهُ جَعَلَ مِيمَهَا أَصْلِيَّةً وَرَدَّهُ الْخَطَّابِيُّ وَقَالَ إنَّمَا فَعِيلَةٌ مِنْ الْمَأْنِ بِوَزْنِ الشَّأْنِ، وَرَوَى الْبَزَّارُ، وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى «عَنْ عَمَّارٍ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُنَا بِإِقْصَارِ الْخُطَبِ» .

647 -

(27) - حَدِيثُ: «كَانَتْ صَلَاتُهُ صلى الله عليه وسلم قَصْدًا،

ص: 128

وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا» . مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ.

(تَنْبِيهٌ) : الْقَصْدُ الْوَسَطُ أَيْ لَا قَصِيرَةَ وَلَا طَوِيلَةَ.

648 -

(28) - حَدِيثُ: «كَانَ صلى الله عليه وسلم إذَا خَطَبَ اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ، وَاسْتَقْبَلُوهُ وَكَانَ لَا يَلْتَفِتُ» . هَذَا مَجْمُوعٌ مِنْ أَحَادِيثَ: أَمَّا اسْتِقْبَالُهُ النَّاسَ بِوَجْهِهِ، فَتَقَدَّمَ، وَأَمَّا اسْتِقْبَالُهُمْ لَهُ فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنُ عَطِيَّةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ، وَضَعَّفَهُ بِهِ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَابْنُ عَدِيٍّ، وَغَيْرُهُمَا، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ، وَقَالَ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا، كَذَا قَالَ، وَوَالِدُ عَدِيٍّ لَا صُحْبَةَ لَهُ، إلَّا أَنْ يُرَادَ بِأَبِيهِ جَدُّهُ أَبُو أَبِيهِ، فَلَهُ صُحْبَةٌ عَلَى رَأْيِ بَعْضِ الْحُفَّاظِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ:«وَكَانَ لَا يَلْتَفِتُ» . فَلَمْ أَرَهُ فِي حَدِيثٍ إلَّا إنْ كَانَ يُؤْخَذُ مِنْ مُطْلَقِ الِاسْتِقْبَالِ.

649 -

(29) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَمِدُ عَلَى قَوْسٍ فِي خُطْبَتِهِ» . أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ الْحَكَمِ بْنِ حَزْنٍ الْكُلَفِيِّ فِي حَدِيثٍ أَوَّلُهُ: «وَفَدْتُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَابِعَ سَبْعَةٍ، أَوْ تَاسِعَ تِسْعَةٍ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ زُرْنَاك فَادْعُ لَنَا بِخَيْرٍ، فَأَمَرَ لَنَا بِشَيْءٍ مِنْ التَّمْرِ» - الْحَدِيثَ - وَفِيهِ: «شَهِدْنَا الْجُمُعَةَ مَعَهُ، فَقَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصًى أَوْ قَوْسٍ، فَحَمِدَ اللَّهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ كَلِمَاتٍ خَفِيفَاتٍ» . وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ غَيْرُهُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، فِيهِ شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ، وَالْأَكْثَرُ وَثَّقُوهُ، وَقَدْ صَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِلَفْظِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم -

ص: 129

أُعْطِيَ يَوْمَ الْعِيدِ قَوْسًا فَخَطَبَ عَلَيْهِ» . وَطَوَّلَهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ.

وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ، رَوَاهُمَا أَبُو الشَّيْخِ ابْنُ حَيَّانَ فِي كِتَابِ أَخْلَاقِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ.

650 -

(30) - حَدِيثٌ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَمِدُ عَلَى عَنَزَتِهِ اعْتِمَادًا» . الشَّافِعِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءٍ مُرْسَلًا، وَلَيْثٌ ضَعِيفٌ.

651 -

(31) - حَدِيثُ: «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ، إلَّا أَرْبَعَةً، عَبْدٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَرِيضٌ» . أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ طَارِقٍ هَذَا، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَصَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ.

وَفِي الْبَابِ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَابْنِ عُمَرَ وَمَوْلَى لِآلِ الزُّبَيْرِ، رَوَاهَا الْبَيْهَقِيّ، وَخَرَّجَ حَدِيثَ تَمِيمٍ الْعُقَيْلِيِّ فِي تَرْجَمَةِ ضِرَارِ بْنِ عَمْرٍو، وَالْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الشَّامِيِّ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، فِيهِ أَرْبَعَةُ أَنْفُسٍ ضُعَفَاءُ عَلَى الْوَلَاءِ، قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ.

وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَلَفْظُهُ: «لَيْسَ عَلَى مُسَافِرٍ جُمُعَةٌ» .

ص: 130

وَفِيهِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «خَمْسَةٌ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ: الْمَرْأَةُ، وَالْمُسَافِرُ، وَالْعَبْدُ، وَالصَّبِيُّ، وَأَهْلُ الْبَادِيَةِ» .

652 -

(32) - حَدِيثُ جَابِرٍ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ، إلَّا امْرَأَةً أَوْ مُسَافِرًا أَوْ عَبْدًا أَوْ مَرِيضًا» . الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَهُمَا ضَعِيفَانِ، وَأَخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ «أُمِّ عَطِيَّةَ: نُهِينَا عَنْ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَلَا جُمُعَةَ عَلَيْنَا» . كَذَا أَخْرَجَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ: إسْقَاطُ الْخُطْبَةِ عَنْ النِّسَاءِ.

حَدِيثُ: «إذَا ابْتَلَّتْ النِّعَالُ، فَالصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ» تَقَدَّمَ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ.

قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ تَطَيَّبَ لِلْجُمُعَةِ، يَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ.

قَوْلُهُ: «إنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَجْمَعْ يَوْمَ عَرَفَةَ» ، أَمَّا كَوْنُ ذَلِكَ الْيَوْمِ كَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ لَمْ يَجْمَعْ فِيهِ فَأَخَذُوهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ فِي صِفَةِ الْحَجِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ، فَفِيهِ:«ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ» .

653 -

(33) - حَدِيثُ: «الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ» . أَبُو دَاوُد

ص: 131

مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَاخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ.

654 -

(34) - حَدِيثٌ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فِي سَرِيَّةٍ، فَوَافَقَ ذَلِكَ يَوْمَ الْخُطْبَةِ، فَغَدَا أَصْحَابُهُ وَتَخَلَّفَ هُوَ لِيُصَلِّيَ وَيَلْحَقَهُمْ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا خَلَّفَك؟ . قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ مَعَك وَأَلْحَقَهُمْ، فَقَالَ: لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَدْرَكْتَ فَضْلَ غَدْوَتِهِمْ» . أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ مِقْسَمٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِيهِ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَأَعَلَّهُ التِّرْمِذِيُّ بِالِانْقِطَاعِ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: انْفَرَدَ بِهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

(فَائِدَةٌ) : فِي الْأَفْرَادِ لِلدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «مَنْ سَافَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ دَعَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا يُصْحَبَ فِي سَفَرِهِ» . وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَفِي مُقَابِلِهِ مَا رَوَاهُ

ص: 132

أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ «عَنْ الزُّهْرِيِّ: أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ضَحْوَةً، فَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَافَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» .

وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا عَلَيْهِ هَيْئَةُ السَّفَرِ فَسَمِعَهُ يَقُولُ: لَوْلَا أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ جُمُعَةٍ لَخَرَجْتُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اُخْرُجْ فَإِنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَحْبِسُ عَنْ سَفَرٍ. وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ سَافَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَمْ يَنْتَظِرْ الصَّلَاةَ.

قَوْلُهُ: إذَا صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ فَفِي صِحَّةِ ظُهْرِهِ قَوْلَانِ. الْقَدِيمُ الصِّحَّةُ، وَالْجَدِيدُ لَا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ الْجُمُعَةُ لِلْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِيهَا، انْتَهَى.

فَمِنْ الْأَخْبَارِ الْمَذْكُورَةِ حَدِيثُ «عُمَرَ: صَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ: تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ. عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم» . رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عُمَرَ، وَقَالَ: لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عُمَرَ، وَكَانَ شُعْبَةُ يُنْكِرُ سَمَاعَهُ مِنْهُ. وَسُئِلَ ابْنُ مَعِينٍ عَنْ رِوَايَةٍ جَاءَ فِيهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْهُ سَمِعْت عُمَرَ؟ . فَقَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِوَاسِطَةٍ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، وَصَحَّحَهَا ابْنُ السَّكَنِ.

655 -

(35) - حَدِيثُ: «إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَاللَّفْظُ لَهُ، وَلَهُ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ، وَعَدَّ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مَنْدَهْ مَنْ رَوَاهُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فَبَلَغُوا ثَلَاثَمِائَةٍ، وَعَدَّ مَنْ رَوَاهُ غَيْرُ ابْنِ عُمَرَ فَبَلَغُوا أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ صَحَابِيًّا، وَقَدْ جَمَعْتُ طُرُقَهُ عَنْ نَافِعٍ فَبَلَغُوا مِائَةً وَعِشْرِينَ نَفْسًا.

ص: 133

حَدِيثُ: «مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَنْ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ» . أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا. وَقَالَ فِي الْإِمَامِ: مَنْ يَحْمِلُ رِوَايَةَ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ عَلَى الِاتِّصَالِ يُصَحِّحُ هَذَا الْحَدِيثَ.

قُلْت: هُوَ مَذْهَبُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمْ. وَقِيلَ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ إلَّا حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْبَزَّارِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا أَصْلًا، وَإِنَّمَا يُحَدِّثُ مِنْ كِتَابِهِ. وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَوَهِمَ فِي ذَلِكَ، أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِهِ. وَرَوَاهُ عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ.

وَوَهِمَ فِيهِ، قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ، قَالَ: وَالصَّوَابُ رِوَايَةُ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ وَغَيْرُهُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، وَرَوَاهُ أَبُو حَرَّةَ عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، وَوَهِمَ فِي اسْمِ صَحَابِيِّهِ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ، وَرَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ جَابِرٍ، وَمِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِيهِ عَلَى الْحَسَنِ وَعَلَى قَتَادَةَ لَا يَضُرُّ، لِضَعْفِ مَنْ وَهِمَ فِيهِ، وَالصَّوَابُ كَمَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْعُقَيْلِيُّ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ أَنَسٍ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِهِ فِي

ص: 134

الْأَوْسَطِ بِإِسْنَادٍ أَمْثَلَ مِنْ ابْنِ مَاجَهْ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِإِسْنَادٍ فِيهِ انْقِطَاعٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَرَوَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَالْبَزَّارُ فِي مُسْنَدَيْهِمَا، وَكَذَلِكَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُصَنَّفِهِ مِنْ حَدِيثِهِ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى فِي التَّمْهِيدِ، فِيهَا الرَّبِيعُ بْنُ بَدْرٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

(تَنْبِيهٌ) : حَكَى الْأَزْهَرِيُّ أَنَّ قَوْلَهُ: «فَبِهَا وَنِعْمَتْ» . مَعْنَاهُ فَبِالسُّنَّةِ أَخَذَ وَنِعْمَتْ السُّنَّةُ، قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ، وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ أَيْضًا، وَقَالَ:" إنَّهَا " ظَهَرَتْ تَاءُ التَّأْنِيثِ لِإِضْمَارِ السُّنَّةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: وَنِعْمَتْ الْخَصْلَةُ. وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ الشَّارِكِيُّ: وَنِعْمَتْ الرُّخْصَةُ، قَالَ: لِأَنَّ السُّنَّةَ الْغُسْلُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ فَبِالْفَرِيضَةِ أَخَذَ، وَنِعْمَتْ الْفَرِيضَةُ.

(تَنْبِيهٌ) : مِنْ أَقْوَى مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى عَدَمِ " فَرِيضَةِ " الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَقِبَ أَحَادِيثِ الْأَمْرِ بِالْغُسْلِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا:«مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَ الْجُمُعَةِ إلَى الْجُمُعَةِ، وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» .

حَدِيثُ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ مَسَّهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» . تَقَدَّمَ فِي الْغُسْلِ وَأَنَّهُ ضَعِيفٌ.

657 -

(37) - أَنَّهُ قَالَ: «لَا غُسْلَ عَلَيْكُمْ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ» . الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَصَحَّحَ الْبَيْهَقِيّ

ص: 135

وَقْفَهُ، وَقَالَ: لَا يَصِحُّ رَفْعُهُ.

658 -

(38) - قَوْلُهُ: إنَّهُ أَسْلَمَ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالِاغْتِسَالِ، وَأَمَرَ بِهِ قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ، وَثُمَامَةَ بْنَ أَثَالٍ لَمَّا أَسْلَمَا، ثُمَّ أَعَادَ الْأَمْرَ لِقَيْسٍ وَثُمَامَةَ بِالْغُسْلِ.

أَمَّا حَدِيثُ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ: فَرَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِهِ: «أَنَّهُ أَسْلَمَ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَغْتَسِلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» . وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ، وَوَقَعَ عِنْدَهُ عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ، وَعِنْدَ غَيْرِهِ: عَنْ خَلِيفَةَ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ: الصَّوَابُ هَذَا، وَمَنْ قَالَ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ؛ فَقَدْ أَخْطَأَ. وَأَمَّا حَدِيثُ ثُمَامَةَ بْنِ أَثَالٍ: فَرَوَى الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ ثُمَامَةَ بْنَ أَثَالٍ أَسْلَمَ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَغْتَسِلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» .

وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ مُطَوَّلًا، وَفِيهِ:«فَأَمَرَهُ أَنْ يَغْتَسِلَ فَاغْتَسَلَ» . وَلِلْبَزَّارِ فَقَالَ: «اذْهَبُوا بِهِ إلَى حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ، فَمُرُوهُ أَنْ يَغْتَسِلَ»

ص: 136

وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ لَكِنْ عِنْدَهُمَا أَنَّهُ اغْتَسَلَ، وَلَيْسَ فِيهِمَا أَمْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ.

(تَنْبِيهٌ) : وَقَعَ الْأَمْرُ بِالْغُسْلِ لِغَيْرِ الِاثْنَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لِجَمَاعَةٍ، فَمِنْهُمْ: وَاثِلَةُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَمِنْهُمْ: قَتَادَةُ الرَّهَاوِيُّ؛ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا، وَمِنْهُمْ: عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِ نَيْسَابُورَ، وَأَسَانِيدُهَا ضَعِيفَةٌ.

قَوْلُهُ: وَذَكَرَ فِي التَّهْذِيبِ أَنَّ فِي غُسْلِ الْحِجَامَةِ أَثَرًا. كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ أَرْبَعٍ: مِنْ الْجَنَابَةِ، وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَمِنْ الْحِجَامَةِ، وَمِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ» . وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ، وَتَقَدَّمَ فِي الْغُسْلِ.

659 -

(39) - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً» . الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لَفْظُهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ، وَفِي لَفْظٍ لِلنَّسَائِيِّ قَالَ فِي الْخَامِسَةِ:«كَاَلَّذِي يُهْدِي عُصْفُورًا» . وَفِي السَّادِسَةِ: «وَبَيْضَةً» وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ: «كَالْمُهْدِي بَطَّةً، ثُمَّ

ص: 137

كَالْمُهْدِي دَجَاجَةٍ، ثُمَّ كَالْمُهْدِي بَيْضَةٍ» . قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ شَاذَّتَانِ، وَإِنْ كَانَ إسْنَادُهُمَا صَحِيحًا، انْتَهَى. وَرَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ نَحْوَ الرِّوَايَةِ الْأُولَى مِنْهُمَا.

660 -

(40) - حَدِيثُ: «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاسْتَنَّ، وَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إنْ كَانَ عِنْدَهُ، وَلَبِسَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ ثُمَّ جَاءَ إلَى الْمَسْجِدِ، وَلَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ. . .» . الْحَدِيثَ. أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ بِهَذَا اللَّفْظِ وَمَدَارُهُ عَلَى ابْنِ إِسْحَاقَ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمِ بِالتَّحْدِيثِ، وَفِي آخِرِهِ عِنْدَهُمْ:«وَكَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ جُمُعَتِهِ الَّتِي قَبْلَهَا» . وَيَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: «وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» . وَيَقُولُ: «إنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا» . وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مُخْتَصَرًا، قَالَ أَحْمَدُ: وَأَدْرَجَ «وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» . وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عِنْدَ أَبِي دَاوُد، وَعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ.

661 -

(41) - قَوْلُهُ: أَخَذَ الظُّفْرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. رَوَى الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ

ص: 138

فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ بْنِ قُدَامَةَ الْجُمَحِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَقُصُّ شَارِبَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الصَّلَاةِ» . قَالَ الْبَزَّارُ: لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ بِالْمَشْهُورِ، وَإِذَا انْفَرَدَ لَمْ يَكُنْ بِحُجَّةٍ. وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي كَامِلِ ابْنِ عَدِيٍّ.

662 -

(42) - حَدِيثٌ: «الْبَسُوا الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا خَيْرُ ثِيَابِكُمْ» . الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ إلَّا النَّسَائِيَّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ بِمَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِي لَفْظٍ لِلْحَاكِمِ:«خَيْرُ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضُ، فَالْبِسُوهَا أَحْيَاءَكُمْ: وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» . صَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَرَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ غَيْرَ أَبِي دَاوُد وَالْحَاكِمُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ، وَاخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ.

ص: 139

وَفِي الْبَابِ عَنْ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ فِي الطَّبَرَانِيِّ، وَعَنْ أَنَسٍ فِي عِلَلِ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ وَمُسْنَدِ الْبَزَّارِ.

وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ " يَرْفَعُهُ: «إنَّ أَحْسَنَ مَا زُرْتُمْ اللَّهَ بِهِ فِي قُبُورِكُمْ وَمَسَاجِدِكُمْ الْبَيَاضُ» . وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي كَامِلِ ابْنِ عَدِيٍّ.

قَوْلُهُ: نَقَلَ الْعِرَاقِيُّونَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يَلْبَسْ مَا صُبِغَ بَعْدَ النَّسْجِ» . لَمْ أَرَهُ هَكَذَا؛ لَكِنْ فِي هَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَنَسٍ: «كَانَ أَعْجَبُ الثِّيَابِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحِبَرَةَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْحِبَرَةُ بِوَزْنِ عِنَبَةٍ وَإِنَّمَا تُصْبَغُ بَعْدَ النَّسْجِ.

وَرَوَى أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ «عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: رَأَى عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو إنَّ هَذِهِ ثِيَابُ الْكُفَّارِ فَلَا تَلْبَسْهَا» وَعِنْدَ أَبِي دَاوُد: «أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ زَيْنَبَ وَهُمْ يَصْبُغُونَ لَهَا ثِيَابَهَا بِالْمَغْرَةِ، فَلَمَّا رَأَى الْمَغْرَةَ، رَجَعَ، فَعَلِمَتْ زَيْنَبُ كَرَاهَتَهُ فَغَسَلَتْ ثِيَابَهَا، وَوَارَتْ كُلَّ حُمْرَةٍ، ثُمَّ إنَّهُ رَجَعَ فَاطَّلَعَ، فَلَمْ لَمْ يَرَ شَيْئًا دَخَلَ» . وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.

663 -

(43) - حَدِيثُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَعَمَّمُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» لَمْ أَرَهُ هَكَذَا، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ:«أَنَّهُ عليه السلام خَطَبَ النَّاسَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ» .

ص: 140

قَوْلُهُ: وَيَزِيدُ الْإِمَامُ فِي حُسْنِ الْهَيْئَةِ وَيَتَعَمَّمُ وَيَرْتَدِي؛ كَذَلِكَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ، انْتَهَى. لَمْ أَرَهُ هَكَذَا، وَفِي الْبَيْهَقِيّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ:«أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَهُ بُرْدٌ أَحْمَرُ يَلْبَسُهُ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ» .

وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ نَحْوَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَحْمَرَ، وَلِمُسْلِمٍ وَالْأَرْبَعَةِ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ» . زَادَ فِي رِوَايَةٍ: «وَأَرْخَى طَرَفَهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ» . وَلِأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا: «أَنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى أَصْحَابِ الْعَمَائِمِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» . وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَفِي أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ «هِلَالِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِيهِ: رَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى يَخْطُبُ عَلَى بَغْلَةٍ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ أَحْمَرُ، وَعَلِيٌّ أَمَامَهُ يُعَبِّرُ عَنْهُ» .

وَفِي الطَّبَرَانِيِّ الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ: «كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَوْبَانِ يَلْبَسُهُمَا فِي جُمُعَتِهِ، فَإِذَا انْصَرَفَ طَوَيْنَاهُمَا إلَى مِثْلِهِ» . قَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ الْوَاقِدِيُّ.

وَرَوَى ابْنُ السَّكَنِ مِنْ طَرِيقِ مَهْدِي بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا:«مَا عَلَى أَحَدِكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ ثَوْبَانِ سِوَى ثَوْبِ مِهْنَتِهِ: لِجُمُعَتِهِ أَوْ لِعِيدِهِ» . وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ مِنْ طَرِيقِهِ،

ص: 141

وَلِأَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ نَحْوُهُ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ.

قَوْلُهُ: رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَا رَكِبَ فِي عِيدٍ وَلَا جِنَازَةٍ» . رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: بَلَغَنَا عَنْ الزُّهْرِيِّ فَذَكَرَهُ.

وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ وَسَعْدٍ الْقُرَظِيِّ وَابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ إلَى الْعِيدِ مَاشِيًا، وَيَرْجِعُ مَاشِيًا» . وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ عَنْ «عَلِيٍّ قَالَ: مِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْعِيدِ مَاشِيًا» . وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، وَلِلْبَزَّارِ عَنْ سَعْدٍ نَحْوُهُ.

(فَصْلٌ) وَأَمَّا الْجِنَازَةُ؛ فَرَوَى الْأَرْبَعَةُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي أَمَامَ الْجِنَازَةِ» . وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ.

وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: «أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِفَرَسٍ مَعْرُورٍ فَرَكِبَهُ حِينَ انْصَرَفَ مِنْ جِنَازَةِ أَبِي الدَّحْدَاحِ» .

ص: 142

وَالتِّرْمِذِيُّ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَبِعَ جِنَازَةَ ابْنِ الدَّحْدَاحِ مَاشِيًا، وَرَجَعَ عَلَى فَرَسٍ» .

وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ ثَوْبَانَ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِدَابَّةٍ وَهُوَ مَعَ الْجِنَازَةِ، فَأَبَى أَنْ يَرْكَبَهَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ أُتِيَ بِدَابَّةٍ فَرَكِبَهَا، فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ: إنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانَتْ تَمْشِي» . وَزَادَ الْبَزَّارُ: «أَنَّهُ أَجَابَ بِذَلِكَ صَاحِبَ الدَّابَّةِ الَّتِي لَمْ يَرْكَبْهَا لَمَّا عَاتَبَهُ فِي ذَلِكَ» . وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا: الصَّحِيحُ وَقْفُهُ عَلَى ثَوْبَانَ.

حَدِيثٌ: «إذَا أَتَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَأْتُوهَا تَمْشُونَ، وَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ» . الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ مَضَى فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ.

664 -

(44) - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ سُورَةَ الْجُمُعَةِ، وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ الْمُنَافِقِينَ» . مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

قَوْلُهُ: وَرُوِيَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ عَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ. هُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَعِنْدَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُهُ.

665 -

(45) - حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] ، وَ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: 1] » . الْحَدِيثَ، مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ بِهَذَا، وَلِأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ

ص: 143

وَابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بِسَبِّحْ، وَ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: 1] » .

قَوْلُهُ: وَفِي مَنْدُوبَاتِ الْجُمُعَةِ أَنْ يَحْتَرِزَ عَنْ تَخَطِّي رِقَابِ النَّاسِ إذَا حَضَرَ الْمَسْجِدَ، فَقَدْ وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ، لَفْظُ الْخَبَرِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد صلى الله عليه وسلم وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَزَّارُ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ قَالَ:«جَاءَ رَجُلٌ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، فَقَالَ لَهُ: اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْت» . وَضَعَّفَهُ ابْنُ حَزْمٍ بِمَا لَا يَقْدَحُ.

وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو فِي حَدِيثٍ فِيهِ: «وَمَنْ لَغَا وَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ كَانَتْ لَهُ ظُهْرًا» . وَهُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد، وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد

ص: 144

وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَفِيهِ عَنْ الْأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الْأَرْقَمِ مَرْفُوعًا: «الَّذِي يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ بَعْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ، كَالْجَارِّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ» .

قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقِيمَ أَحَدًا مِنْ مَجْلِسِهِ لِيَجْلِسَ فِيهِ، كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا:«لَا يُقِيمُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ يُخَالِفُهُ إلَى مَقْعَدِهِ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: أَفْسِحُوا» .

قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِكْثَارُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، قُلْت: دَلِيلُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ

ص: 145

مَرْفُوعًا: «إنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ» . وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعِنْدَ الْبَيْهَقِيّ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ.

قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ سُورَةِ الْكَهْفِ انْتَهَى.

دَلِيلُهُ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، أَضَاءَ لَهُ مِنْ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ» . وَرَوَاهُ الدَّارِمِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مَوْقُوفًا، قَالَ النَّسَائِيُّ بَعْدَ أَنْ رَوَاهُ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا: وَقْفُهُ أَصَحُّ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي تَفْسِيرِ ابْنِ مَرْدُوَيْهِ.

قَوْلُهُ: وَمِنْ مَنْدُوبَاتِهَا أَلَّا يَصِلَ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ بِنَافِلَةٍ بَعْدَهَا، لَا الرَّاتِبَةَ وَلَا غَيْرَهَا، وَيَفْصِلُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرَّاتِبَةِ بِالرُّجُوعِ إلَى مَنْزِلِهِ، أَوْ بِالتَّحْوِيلِ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، أَوْ بِكَلَامٍ وَنَحْوِهِ، ذَكَرَهُ فِي التَّتِمَّةِ، وَثَبَتَ فِي الْخَبَرِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

هَذَا لَمْ أَرَهُ فِي الْأَحَادِيثِ هَكَذَا. وَلَكِنْ رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ «السَّائِبِ ابْنِ أُخْتِ نَمِرٍ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ مُعَاوِيَةَ فِي الْمَقْصُورَةِ، فَلَمَّا سَلَّمَ الْإِمَامُ قُمْتُ فِي مَقَامِي فَصَلَّيْتُ: فَلَمَّا دَخَلَ أَرْسَلَ إلَيَّ، فَقَالَ: لَا تَعُدْ لِمَا فَعَلْتَ، إذَا صَلَّيْتَ الْجُمُعَةَ فَلَا تَصِلْهَا بِصَلَاةٍ، حَتَّى تُكَلِّمَ أَوْ تَخْرُجَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُنَا بِذَلِكَ - أَلَّا نُوصِلَ صَلَاةً بِصَلَاةٍ، حَتَّى نَتَكَلَّمَ أَوْ نَخْرُجَ» -.

ص: 146

وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد مَوْقُوفًا، وَعَنْ عِصْمَةَ مَرْفُوعًا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ.

حَدِيثُ عُمَرَ: " إذَا زُحِمَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَلْيَسْجُدْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ ". الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيِّ بِسَنَدِهِ إلَى عُمَرَ بِلَفْظِ: " فَإِذَا اشْتَدَّ الزِّحَامُ فَلْيَسْجُدْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ ". وَمِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عُمَرَ: " إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَلْيَسْجُدْ عَلَى ثَوْبِهِ، وَإِذَا اشْتَدَّ الزِّحَامُ فَلْيَسْجُدْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ ".

وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ:«صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَ النَّجْمَ فَسَجَدَ فِيهَا، فَأَطَالَ السُّجُودَ، وَكَثُرَ النَّاسُ، فَصَلَّى بَعْضُهُمْ عَلَى ظَهْرِ بَعْضٍ» .

666 -

(46) - حَدِيثُ عُمَرَ وَغَيْرِهِ: أَنَّهُمْ قَالُوا: إنَّمَا قَصُرَتْ الصَّلَاةُ لِأَجْلِ الْخُطْبَةِ. ابْنُ حَزْمٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِسَنَدٍ مُرْسَلٍ عَنْ عُمَرَ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمِنْ قَوْلِ مَكْحُولٍ نَحْوُهُ.

667 -

(47) - حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ: «خُرُوجُ الْإِمَامِ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، وَكَلَامُهُ يَقْطَعُ الْكَلَامَ» . مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا فِي حَدِيثٍ، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهُوَ خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ.

وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا فِيهِ.

ص: 147

قَوْلُهُ: وَيُكْثِرُ مِنْ الدُّعَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَجَاءَ أَنْ يُصَادِفَ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ، وَهَذَا مُقْتَضَاهُ عَدَمُ تَعْيِينِهَا، وَهُوَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا:«فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ» . وَفِي تَعْيِينِهَا عَشَرَةُ أَقْوَالٍ، وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى:«هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ إلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ» . وَفِي النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: «الْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ» . وَمِثْلُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الْبَيْهَقِيّ:«كَانَ عليه السلام يَعْلَمُ هَذِهِ السَّاعَةَ بِعَيْنِهَا ثُمَّ أُنْسِيَهَا كَمَا نَسِيَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ» ، وَقَدْ رَوَى ذَلِكَ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، «عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: سَأَلْنَا عَنْهَا النَّبِيَّ، فَقَالَ: إنِّي كُنْتُ عَلِمْتُهَا ثُمَّ أُنْسِيتُهَا كَمَا أُنْسِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ» . وَقَالَ الْأَثْرَمُ: لَا تَخْلُوا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْضُهَا أَصَحَّ مِنْ بَعْضٍ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ هَذِهِ السَّاعَةُ تَنْتَقِلُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ، كَمَا تَنْتَقِلُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي لَيَالِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ، قُلْتُ: بَلَغْتهَا فِي فَتْحِ الْبَارِي إلَى بِضْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ قَوْلًا، وَنَحْوُهَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ.

حَدِيثُ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ تَطَيَّبَ لِلْجُمُعَةِ، فَأُخْبِرَ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ مَنْزُولٌ بِهِ، وَكَانَ قَرِيبًا لَهُ، فَأَتَاهُ وَتَرَكَ الْجُمُعَةَ. الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ. . . فَذَكَرَ نَحْوَهُ دُونَ قَوْلِهِ: وَكَانَ قَرِيبًا لَهُ. وَهُوَ كَلَامٌ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّهُ مِنْ قِبَلِ

ص: 148

الْمُصَنِّفِ، لَيْسَ هُوَ فِي سِيَاقِ الْخَبَرِ. وَوَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ دُعِيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ يَسْتَجْمِرُ الْجُمُعَةَ إلَى سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ يَمُوتُ، فَأَتَاهُ وَتَرَكَ الْجُمُعَةَ.

(فَائِدَةٌ) :

لَمْ يَذْكُرْ الرَّافِعِيُّ فِي سُنَّةِ الْجُمُعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا حَدِيثًا، وَأَصَحُّ مَا فِيهِ مَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ دَاوُد بْنِ رَشِيدٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرِ قَالَ:«جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ فَقَالَ لَهُ: أَصْلَيْتَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» . قَالَ الْمَجْدُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي الْمُنْتَقَى: قَوْلُهُ: «قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمَا سُنَّةُ الْجُمُعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، لَا تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ. وَتَعَقَّبَهُ الْمَزِيُّ: بِأَنَّ الصَّوَابَ: أَصَلَّيْت رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسَ؟ فَصَحَّفَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ. وَفِي ابْنِ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَرْكَعُ قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِشَيْءٍ» وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا.

وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَلِيٍّ فِي الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ، وَصَحَّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ فِعْلِهِ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَفِي الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ» . رَوَاهُ فِي تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرٍو.

ص: 149