الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
51 -
إذْ قَالَ: إبْرَاهيمُ لَيْسَ خَليلَهُ
…
كَلَّا وَلَا مُوسى الكَليمَ الدَّانِي
52 -
شكَرَ الضَّحِيَّةَ كُلُّ صَاحِبِ سُنَّةٍ
…
للهِ دَرُّكَ مِنْ أَخِي قُرْبَانِ
* * *
فصلٌ
53 -
وَالعَبْدُ عنْدهُمُ فَلَيسَ بفَاعِلٍ
…
بَلْ فِعْلُه كَتَحرُّكِ الرَّجْفَانِ
54 -
وهُبُوبِ رِيحٍ أو تَحرُّكِ نائِمٍ
…
وتَحَرُّكِ الأَشجارِ للمَيَلانِ
= يشير إلى قصة قتل خالد القسري رحمه الله للجعد بن درهم وفيها أن خالد القسري خطب الناس يوم عيد الأضحى بالكوفة فقال: أيها الناس ضَحُّوا تقبل الله ضحاياكم، فإني مُضَحٍّ بالجعد بن درهم، إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلًا، ولم يكلّم موسى تكليمًا، تعالى الله عما يقول الجعد بن درهم علوًا كبيرًا، ثم نزل فذبحه في أصل المنبر.
القصة رواها البخاري في خلق أفعال العباد ص 8، ورواها أيضًا في التاريخ الكبير 1/ 64، والبيهقي في السنن 10/ 205 - 206، والدارمي في الرد على الجهمية ص 113. وذكر الألباني بعدما ساق طريقين لهذه القصة أنّ الإسنادين يشذ أحدهما الآخر ويقويه. ولعله لذلك جزم العلماء بهذه القصة. مختصر العلو للذهبي ت الألباني ص 133 - 134. وانظر: مجموع الفتاوى 12/ 350، الصواعق المرسلة لابن القيم 3/ 1071.
51 -
الداني: القريب.
52 -
عندهم: أي: عند الجهمية.
الرَّجْفان: يعني المرتعش، من رجَفت يدُه ترجُف: ارتعشت من مرض أو كبر (المصباح المنير) وهذا كما قال في موضع آخر: "مثل ارتعاش الشيخ ذي الرجَفان"(2654) ويحتمل أن يضبط هنا أيضًا بفتح الجيم.
54 -
هذا مجمل قول الجهمية في أفعال العباد فإنهم يقولون إن العبد مجبور على أفعاله ليس له فيها اختيار، وإن أفعاله تصدر منه على سبيل الاضطرار، وقالوا: إن الأفعال هى في الحقيقة أفعال الله وليست للعبد وإنما تنسب إليه=
55 -
وَاللهُ يُصْليهِ عَلى مَا لَيْس مِنْ
…
أفْعَالِهِ حَرَّ الحَمِيمِ الآنِي
56 -
لكِنْ يُعاقِبُهُ عَلى أَفْعَالِهِ
…
فِيهِ تَعالَى اللهُ ذو الإحسَانِ
57 -
وَالظُلْمُ عِندَهُمُ المُحَالُ لِذاتِهِ
…
أنَّى يُنزهُ عَنهُ ذو السُّلطانِ
58 -
وَيكونُ مَدْحًا ذَلِكَ التَّنْزِيهُ مَا
…
هَذا بِمَعْقولٍ لدى الأذْهَانِ
* * *
= مجازًا، كما يقال: سقط الجدار وجرى الماء. وضرب المؤلف أمثلة لذلك بتحرّك الرجفان وهبوب الريح وحركة النائم وتمايل الأشجار، ومن المعلوم أن كل هذه أفعال اضطرارية. التبصير في الدين ص 97. مجموع الفتاوى 8/ 444، الغنية للجيلاني 1/ 94، شفاء العليل ص 287، الفرق بين الفرق ص 221، الملل والنحل للشهرستاني 1/ 73، مقالات الإسلاميين 1/ 338.
55 -
"الحميم الآني": من أنى الماءُ: سخن وبلغ في الحرارة، وأنى الحميم أي: انتهى حره ومنه قوله تعالى: {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} [الرحمن: 44]. اللسان 14/ 48.
56 -
وهذا من قول الجهمية أيضًا: أن الله يعاقب العبد على ما ليس من فعله من المعاصي والذنوب وأن الله يعاقبه على فعله فيه، وقالوا: إن هذا ليس ظلمًا لأنه تصرف في محض ملكه وسلطانه، لأن الظلم منه ممتنع لذاته فكل ممكن يدخل تحت القدرة ليس فعله ظلمًا، وقالوا: الظلم التصرف في ملك الغير أو الخروج من طاعة من تجب طاعته، وكل من هذين ممتنع في حق الله تعالى، وقد أوضح الناظم قولهم بقوله: والظلم عندهم المحال لذاته. مجموع الفتاوى 8/ 508، طريق الهجرتين لابن القيم ص 92، مختصر الصواعق المرسلة 1/ 221 - 222.
58 -
التنزيه: سبق الكلام على معناه في التعليق على المقدمة.
- طه: "بمقبول".
- ب، د، ط: لذي الأذهان.
- هذا ردّ من الناظم رحمه الله على قول الجهمية، فإذا كان الظلم محالًا على الله تعالى فكيف يمدح نفسه بأنه لا يظلم كما في قوله تعالى: (وَلَا=
فصلٌ
59 -
وَكَذاكَ قَالُوا مَا لهُ مِنْ حِكْمَةٍ
…
هِي غَايةٌ لِلأَمْرِ والإِتْقَانِ
60 -
مَا ثَمَّ غَيْرُ مشِيئةٍ قَدْ رجَّحَتْ
…
مِثْلًا عَلى مِثْلٍ بِلا رُجْحَانِ
= يَظلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: 49] وقوله: {وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [ق: 29] إذ كيف يمدح نفسه بترك شيء محال عليه أصلًا وليس له اختيار في فعله أو تركه، وكيف ينزه عن شيء لا يعقل؟ قال شيخ الإسلام رحمه الله بعدما حكى قول الجهمية المتقدم:"وقال كثير من أهل السنة والحديث والنظار: بل الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، ومن ذلك أن يبخس المحسن شيئًا من حسناته أو يحمل عليه من سيئات غيره وهذا من الظلم الذي نزه الله نفسه عنه كقوله تعالى .. " ثم ذكر الأدلة على نفي الظلم عن الله، ثم قال: ومثل هذه النصوص كثيرة ومعلوم أن الله تعالى لم ينف بها الممتنع الذي لا يقبل الوجود كالجمع بين الضدين فإن هذا لم يتوهم أحد وجوده وليس في مجرد نفيه ما يحصل به مقصود الخطاب، فإن المراد بيان عدل الله وأنه لا يظلم أحدًا كما قال تعالى:{وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: 49] ثم قال: ومثل هذه النصوص كثيرة وهي تبين أن الظلم الذي نزه الله نفسه عنه ليس هو ما تقوله القدرية ولا ما تقوله الجبرية ومن وافقهم. اهـ. مجموع الفتاوى 8/ 557 - 509.
وقال ابن القيم رحمه الله: "والجبرية عندهم لا حقيقة للظلم الذي نزّه الرب نفسه عنه البتة بل هو المحال لذاته، وكل ممكن عندهم فليس بظلم حتى إنه لو عذَّب رسله وأنبياءه وأولياءه أبد الآبدين وأبطل جميع حسناتهم وحملهم أوزار غيرهم وعاقبهم عليها .. لكان ذلك عدلًا محضًا فإنّ الظلم من الأمور الممتنعة لذاتها في حقه وهو غير مقدور له". ثم قال: "وأصحاب هذا القول إنما نزّهوا الله عن المستحيل لذاته الذي لا يتصور وجوده ومعلوم أن هذا التنزيه يشترك فيه كل أحد ولا يمدح به أحد أصلًا". مختصر الصواعق 1/ 222 - 223. وانظر البيت 1594.
60 -
أنكرت الجهمية أن لله تعالى حكمة وقالوا إنه يفعل بلا حكمة، قال شيخ الإسلام بعدما حكى بعض مذهب القدرية: "وكذلك من قابلهم فنفى حكمة=
61 -
هَذا وَما تِلْكَ المَشِيئَةُ وصفَهُ
…
بَلْ ذَاتُهُ أو فِعْلُهُ قَولَانِ
62 -
وَكَلَامُهُ مُذْ كانَ غَيْرًا كَانَ مَخْـ
…
ـلُوقًا لَهُ منْ جُمْلَةِ الأكْوَانِ
63 -
قَالُوا وإقْرارُ العِبَادِ بأَنَّه
…
خلَّاقُهم هُوَ مُنْتَهَى الإيْمَانِ
= الرب الثابتة في خلقه وأمره وما كتب على نفسه من الرحمة وما حرمه على نفسه من الظلم". ثم قال: فإن هذه الأقاويل أصلها مأخوذ من الجهم بن صفوان إمام غلاة المجبرة وكان ينكر رحمة الرب ويخرج إلى الجذمى فيقول: أرحم الراحمين يفعل مثل هذا؟! يريد بذلك أنه ما ثم إلا إرادة رجح بها أحد المتماثلين بلا مرجح لا لحكمة ولا رحمة". مجموع الفتاوى 11/ 777. وقد ردّ الناظم على هذه الشبهة في شفاء العليل ص 417.
61 -
الجهم لا يثبت المشيئة وصفًا لله تعالى قائمًا به، بل يجعلها تارة نفس الذات وتارة يفسرها بالفعل، وليس لله تعالى عند الجهم فعل يقوم به وإنما مراده بالفعل المفعول، فهما قولان للجهم في المشيئة: الأول: تفسيرها بالذات، الثاني: تفسيرها بالفعل.
وسيأتي تفصيل قول الجهم في أفعال الله تعالى. انظر البيت 169 وما بعده.
62 -
قالت الجهمية: لما كان الكلام غير الذات كان مخلوقًا، وسيأتي إن شاء الله بيان قولهم مفصلًا. انظر البيت 837 وما بعده.
63 -
هذا قول الجهم في الإيمان، قال البغدادي:"وزعم -أي الجهم- أن الإيمان هو المعرفة بالله فقط والكفر هو الجهل به فقط". الفرق بين الفرق ص 221. وقال الشهرستاني في معرض كلامه عن معتقدات الجهم: "ومنها قوله: من أتى بالمعرفة ثم جحد بلسانه لم يكفر بجحده لأن العلم والمعرفة لا يزولان بالجحد فهو مؤمن، قال: والإيمان لا يتبعض، أي: لا ينقسم إلى عقد وقول وعمل، قال: ولا يتفاضل أهله فيه فإيمان الأنبياء وإيمان الأمة على نمط واحد، إذ المعارف لا تتفاضل". الملل والنحل 1/ 74. وقال ابن حزم: "فإن جهمًا والأشعري يقولان: إن الإيمان عقد بالقلب فقط، وإن أظهر الكفر والتثليث بلسانه، وعبد الصليب في ديار الإسلام بلا تقية". الفصل في الملل والأهواء والنحل 2/ 266، وقال الجيلاني عن الجهم:"وكان يقول: الإيمان هو المعرفة بالله ورسوله وجميع ما جاء من عنده فقط"=
64 -
وَالنَّاسُ فِي الإيمَانِ شَيْءٌ وَاحِدٌ
…
كَالمُشطِ عنْدَ تَمَاثُلِ الأسْنانِ
65 -
فَاسْألْ أبَا جَهْلٍ وَشيعَتَهُ وَمَنْ
…
وَالَاهُمُ مِنْ عَابِدي الأوْثانِ
66 -
وسَلِ اليَهودَ وكُلَّ أَقْلَفَ مُشْرِكٍ
…
عَبَدَ المَسِيحَ مُقَبِّلَ الصُّلْبَانِ
67 -
واسْأَلْ ثَمُودَ وَعادَ بَلْ سَلْ قَبْلَهُمْ
…
أعْدَاءَ نُوحٍ أُمّةَ الطُّوفَانِ
68 -
واسْألْ أَبَا الجِنِّ اللعِينَ أَتَعْرِفُ الـ
…
ـخلَّاقَ أَمْ أَصْبَحْتَ ذَا نُكْرانِ
= اهـ. الغنية ص 1/ 90. والذي يظهر لمن يطالع سيرة الجهم وواقع عصره أنه ركب هذا القول من كلام المتفلسفة من الزنادقة الذين لا يعدو الإيمان عندهم مجرد الإقرار النظري بوجود الله، ومن كلام المرجئة الفقهاء الذين أصروا على نفي دخول الأعمال في الإيمان.
انظر ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي للدكتور سفر بن عبد الرحمن الحوالي ص 273 - 279 رسالة دكتوراه مطبوعة على الآلة الكاتبة مقدمة لقسم العقيدة بجامعة أم القرى.
65 -
كان أبو جهل وقومه يعبدون الأصنام ولكنهم يعترفون بالله ويقرّون به، والدليل قوله تعالى عنهم في بيان حجتهم في عبادة الأصنام:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] فمع إقرارهم بالله لم ينفعهم هذا الإقرار بسبب شركهم في عبادته.
66 -
أقلف: غير مختون، ويعني الناظم بهذا الوصف: النصارى فإنهم لا يختتنون كما روى البخاري أنّ هرقل (ملك النصارى في عهد النبوة) قال لبطارقته: إني رأيت الليلة حين نظرت في النجوم ملك الختان قد ظهر فمن يختتن من هذه الأمة؟ قالوا: ليس يختتن إلا اليهود .. الحديث رواه البخاري 1/ 33/ ح 6 فتح- كتاب بدء الوحي، فهذا يدل على أن النصارى لا يختتنون. انظر فتح الباري 1/ 42، والمغني لابن قدامة 1/ 100.
- اليهود والنصارى على مذهب الجهم مؤمنون لأنهم يقرون بالله ويعرفونه كما قال تعالى عنهم: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: 18].
68 -
إبليس على مذهب الجهم من المؤمنين لأنه عارف لله مُقِرٌّ بهِ كما قال تعالى حاكيًا عنه: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} [الحجر: 39].