الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
144 -
وتخلَّتِ الأمُّ الوَلودُ وأخرَجَتْ
…
أثْقَالَها أُنْثَى ومِنْ ذُكْرَانِ
145 -
واللهُ ينشِئُ خَلْقَهُ فِي نَشْأةٍ
…
أخْرَى كَمَا قَدْ قَالَ في الفُرقانِ
146 -
هَذَا الَّذِي جَاءَ الكتابُ وَسنةُ الـ
…
ـهَادِي بهِ فاحْرِصْ عَلَى الإيمَانِ
147 -
مَا قَالَ إنَّ اللهَ يُعْدِمُ خَلْقَهُ
…
طُرًّا كَقَولِ الجَاهلِ الحيرانِ
* * *
فصلٌ
148 -
وَقَضَى بِأنَّ اللهَ لَيْسَ بفَاعِلٍ
…
فعْلًا يَقومُ بِهِ بِلا برهَانِ
144 - يشير إلى قوله تعالى: {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4)} [الانشقاق: 4]{وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2)} [الزلزلة: 2] أي: أخرجت الأرض ما في بطنها من الموتى أحياء وألقتهم على ظهرها. تفسير الطبري 12/ 266، ابن كثير 3/ 539.
145 -
ط: " القرآن ". وهو هنا يشير إلى قوله تعالى: {ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ} [العنكبوت: 20]، وقوله:{ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ} [النجم: 47].
147 -
طرّا: جميعًا.
- الجاهل الحيران هو الجهم بن صفوان ومن وافقه، قال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله عند كلامه على هذا البيت: أي لم يقل الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم إنه يعدمهم العدم المحض ويأتي بغيرهم ولا إنّ المثاب غير من عمل الطاعات في الدنيا، ولا إنّ المعذب غير من تمرد على المعاصي .. بل قال تعالى:{مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55)} [طه: 55] فالذين خلقهم من الأرض هم الذين أعادهم فيها وهم الذين يخرجون منها ليسوا غيرهم كما يقوله الزنادقة قبحهم الله. معارج القبول 2/ 223، وقد تقدم حكاية مذهب الجهم في المعاد والرد عليه. راجع البيت 88 وما بعده.
148 -
قوله: "بلا برهان" متعلق بقضى، يعني: حكم من غير حجة له عليه ولا دليل، وقد تقدّم كلام الناظم رحمه الله عن مذهب الجهمية في أفعال العباد إجمالًا، وقد عرض هنا مذهبهم تفصيلًا، فذكر أن الجهم ينفي الصفات فلا =
149 -
بَلْ فِعْلُه المفعُولُ خارجَ ذاتِهِ
…
كَالْوَصْفِ غيرِ الذَّاتِ في الحُسْبانِ
150 -
وَالجَبرُ مَذْهَبُهُ الَّذِي قَرَّتْ بهِ
…
عَيْنُ العُصَاةِ وشيعةِ الشَّيطانِ
151 -
كانُوا على وَجَلٍ من العِصْيانِ إذْ
…
هوَ فِعلهُم والذَّنْبُ للإِنسَانِ
= وصف عنده قائم بذات الله، لذا فهو يزعم أن الله ليس فاعلًا بفعل هو وصف له قائم به، بل فعله هو مفعوله الخارج عن ذاته، ونفى جهم أن يقوم بالله فعل لأنه ليس محلًا للأفعال ولا للصفات، وأفعاله مخلوقة من جملة المخلوقات، وقال بأن أفعال العباد هي عين أفعال الله ولا تنسب إلى العبد إلا على سبيل المجاز، لأن العبد مجبر عليها والله هو فاعلها في الحقيقة. انظر: شفاء العليل ص 109، شرح النونية لهراس 1/ 44.
150 -
يزعم الجهم أن العبد مجبور على أفعاله وهو مقهور عليها ولا تأثير له في وجودها البتة، بل الأفعال والحركات التي تصدر منه هي بمثابة الرعدة والرعشة لا اختيار له في إحداثها ولا في دفعها. انظر: شفاء العليل 109، الإرشاد للجويني 195، معارج القبول لحافظ الحكمي 2/ 354.
151 -
لما قال الجهم بأن العبد مجبور على أفعاله قرت بمذهبه أعين العصاة وأولياء الشيطان الذين كانوا على خوف من عاقبة المعاصي والذنوب، لعلمهم بأنها أفعالهم الصادرة عنهم بقدرتهم وإرادتهم، حتى أراحهم جهم وشيعته من عودهم باللائمة على أنفسهم كلّما أحدثوا ذنبًا. فأخذوا بعد مقالة الجهم يحمّلونها ربهم جلّ شأنه، ويتبرؤون منها، ويقولون إنها من أفعاله لا أفعالنا ولا حيلة لنا في دفعها إذ لا قدرة لنا ولا اختيار. شفاء العليل ص 109، شرح النونية لهراس 1/ 44 - 45.
قال ابن القيم رحمه الله لما حكى مذهبهم: "حتى إن من هؤلاء من يعتذر عن إبليس ويتوجع له ويقيم عذره بجهده، وينسب ربه تعالى إلى ظلمه بلسان الحال والمقال، ويقول: ما ذنبه، وقد صان وجهه عن السجود لغير خالقه؟ وقد وافق حكمه ومشيئته فيه وإرادته منه، ثم كيف يمكنه السجود وهو الذي منعه منه وحال بينه وبينه؟ وهل كان في ترك السجود لغير الله إلا محسنًا؟ ولكن!
إذا كان المحبُّ قليلَ حظٍّ
…
فما حسناتُه إلا ذنوبُ
152 -
واللَّومُ لا يعْدُوه إذ هو فَاعلٌ
…
بإرادةٍ وَبِقُدْرةِ الحيَوَانِ
153 -
فأراحَهُمْ جهمٌ وشِيعَتُه مِنَ اللَّـ
…
ـومِ العَنيفِ ومَا قَضَوْا بأمَانِ
154 -
لكنَّهمْ حَمَلوا ذُنُوبَهُمُ عَلَى
…
رَبِّ العِبَادِ بِعزَّةٍ وأمَانِ
155 -
وتبرَّؤُوا مِنْها وقالُوا إنَّهَا
…
أفْعَالُهُ مَا حيلَةُ الإنْسَانِ
156 -
مَا كَلَّفَ الجبَّارُ نفسًا وُسْعَها
…
أنَّى وَقَدْ جُبِلَتْ عَلَى العِصْيَانِ
= وهؤلاء أعداء الله حقًا، وأولياء إبليس وأحباؤه وإخوانه، وإذا ناح منهم نائح على إبليس رأيت من البكاء والحنين أمرًا عجبًا .. " اهـ. مدارج السالكين 1/ 408.
152 -
أي: اللوم على الذنب لا يعدو العاصي لأنه فعله لإرادته وقدرته.
153 -
كذا في الأصل وف، د، ظ. وفي غيرها:"جبرت" وجَبَله وأجبلَه على الشيء: جبره عليه. القاموس ص 1259. (ص).
- يزعم الجهم أن الله تعالى قد كلف عباده ما لا يطيقون إذ نزع منهم القدرة والاختيار وجبرهم على الطاعات والمعاصي ثم أمرهم بفعل الطاعات وترك المعاصي وهذا لا قدرة للعبد ولا اختيار له فيه. سئل شيخ الإسلام رحمه الله عن العبد هل يقدر أن يفعل الطاعة إذا أراد أم لا؟ وإذا أراد أن يترك المعصية يكون قادرًا على تركها أم لا؟ فأجاب: "الحمد لله، نعم، إذا أراد العبد الطاعة التي أوجبها الله عليه إرادة جازمة كان قادرًا عليها وكذلك إذا أراد المعصية التي حرمت عليه إرادة جازمة كان قادرًا على ذلك، وهذا مما اتفق عليه المسلمون وسائر أهل الملل حتى أئمة الجبرية، بل هذا معلوم بالاضطرار من دين الإسلام، وإنما ينازع في ذلك بعض غلاة الجبرية". مجموع الفتاوى 8/ 437، وقال في موضع آخر:"واتفقوا (يعني السلف رحمهم الله على أن العبادات لا تجب إلا على مستطيع، وأن المستطيع يكون مستطيعًا مع معصيته وعدم فعله كمن استطاع ما أمر به من الصلاة والزكاة والصيام والحج ولم يفعله فإنه مستطيع باتفاق سلف الأمة وأئمتها وهو مستحق للعقاب على ترك المأمور الذي استطاعه ولم يفعله، لا على ترك ما لم يستطعه". مجموع الفتاوى 8/ 479 - 480.
157 -
وَكَذا عَلَى الطَّاعاتِ أيضًا قَدْ غَدتْ
…
مَجبُورةً فَلَهَا إذًا جَبْرَانِ
158 -
وَالعَبْدُ في التَّحْقيقِ شِبْهُ نَعَامَةٍ
…
قَدْ كُلِّفتْ بالحَمْلِ وَالطيَرا
159 -
إذْ كَانَ صُورَتُها تَدُلُّ عَلَيْهِمَا
…
هَذَا وَلَيْسَ لَهَا بِذَاكَ يَدَانِ
160 فلِذَاكَ قَال بأنَّ طَاعَاتِ الوَرَى
…
وَكَذَاكَ مَا فَعَلُوهُ منْ عِصْيا
161 -
هِيَ عَينُ فِعْلِ الربِّ لَا أفْعَالُهُمْ
…
فَيصِحُّ عَنْهُمْ عِنْدَ ذَا نَفْيا
162 -
نَفْيٌ لِقُدْرتِهِمْ عَلَيْهَا أوَّلًا
…
وَصدورِهَا مِنْهُمْ بِنَفْيٍ ثَانِ
163 -
فَيقالُ مَا صَامُوا ولَا صَلَّوْا وَلَا
…
زَكَّوْا ولَا ذَبَحُوا مِنَ القُرْبَانِ
164 -
وَكَذَاكَ مَا شرِبُوا ومَا قَتَلُوا وَلا
…
سَرَقُوا وَلَا فِيهِمْ غَوِيٌّ زَانِ
165 -
وَكذاكَ لم يأتُوا اخْتِيارًا مِنْهُمُ
…
بالكُفْرِ والإسْلامِ والإيْمَانِ
157 - يعني أنّ الجهم لما قال إن العبد لا قدرة له على الفعل ولا اختيار له فيه، أوقع على العبد جبرَين: الأول: الجبر على الطاعة. الثاني: الجبر على المعصية. انظر: المراجع السابقة.
161 -
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في معرض ذكر رده على القائلين بالجبر: "وقد علم بصريح المعقول أن الله تعالى إذا خلق صفة في محل كانت صفة لذلك المحل .. وإذا خلق فعلًا لعبد كان العبد هو الفاعل فإذا خلق كذبًا وظلمًا وكفرًا كان العبد هو الكاذب الظالم الكافر، وإن خلق له صلاة وصومًا وحجًا كان العبد هو المصلي الصائم الحاج، والله تعالى لا يوصف بشيء من مخلوقاته بل صفاته قائمة بذاته، وهذا مطرد على أصول السلف وجمهور المسلمين من أهل السنة وغيرهم". اهـ. مجموع الفتاوى 8/ 126، وانظر: شفاء العليل 109.
162 -
هذا أصل قول الجهم في الجبر حيث ينفي عن العبد شيئين: الأول: نفي قدرته على الفعل لأنه مجبور عليه أصلًا. الثاني: نفي لفعل العبد لأن الفعل في الحقيقة هو فعل الله وإنما ينسب إلى العبد على سبيل المجاز. انظر: شفاء العليل ص 112.
164 -
ط: "وما سرقوا".
166 -
إلَّا عَلَى وجْهِ المَجازِ لأنَّهَا
…
قَامَتْ بِهِمْ كالطَّعْمِ والألْوَانِ
167 -
جُبِرُوا عَلَى ما شَاءَهُ خَلَّاقُهمْ
…
مَا ثَمَّ ذُو عَوْنٍ وَغَيْرُ مُعَانِ
168 -
الكلُّ مَجْبُورٌ وَغَيْرُ ميَسَّرٍ
…
كَالْمَيتِ أُدْرجَ داخلَ الأكْفَانِ
169 -
وَكَذَاكَ أفْعَالُ المهَيْمنِ لَمْ تَقُمْ
…
أيْضًا بِهِ خَوْفًا مِنَ الحَدَثَانِ
166 - المجاز: ما جاز وتعدى عن محله الموضوع له إلى غيره لمناسبة بينهما، إما من حيث الصورة أو من حيث المعنى اللازم المشهور أو من حيث القرب والمجاورة. التعريفات 256.
- يزعم الجهم أنه لا فعل لأحد في الحقيقة إلا الله وحده وأنه هو الفاعل وأن الناس تنسب إليهم أفعالهم على المجاز، كما يقال: تحركت الشجرة ودار الفلك وزالت الشمس وإنما فعل ذلك بالشجرة والفلك والشمس الله سبحانه إلا أنه خلق للإنسان قوة كان بها الفعل وخلق له إرادة للفعل واختيارًا له منفردًا بذلك كما خلق له طولًا كان به طويلًا ولونًا كان به متلونًا وهو ليس له في شيء من ذلك اختيار الفعل أو الترك. انظر: شرح الطحاوية 2/ 638، مقالات الإسلاميين 1/ 338، شفاء العليل ص 109.
167 -
أي العباد كلهم مجبورون فليس فيهم من يعينه الله ومن لا يعينه، بل الكل سواء في الجبر والقهر ونفي الاختيار.
168 -
يشير الناظم بقوله: "غير ميسر" إلى أنهم خالفوا ما جاء في حديث علي رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحد إلا وقد علم مقعده من الجنة ومقعده من النار"، قالوا: يا رسول الله: أفلا ندع العمل ونتكل على الكتاب؟ فقال: "لا، اعملوا فكل ميسَّر لما خلق له". رواه البخاري 8/ 494
-فتح- كتاب القدر باب {وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} .
169 -
الجهمية ينفون الصفات الفعلية عن الله تعالى كالكلام والاستواء والنزول، وشبهتهم في ذلك أن هذه من الحوادث والحوادث لا تقوم إلا بحادث. قال شيخ الإسلام رحمه الله في معرض كلامه عن شبهة نفاة الصفات الاختيارية الفعلية: "فإن قالت النفاة: إنما نفينا الصفات لأنّ دليلنا على=
170 -
فَإذَا جَمعْتَ مَقَالَتَيْهِ أنْتَجَا
…
كَذِبًا وزُورًا واضِحَ البُهْتَانِ
171 -
إذ لَيْسَتِ الأَفْعَالُ فِعْلَ إلهنَا
…
وَالرَّبُّ لَيْسَ بِفَاعِلِ العِصْيَانِ
172 -
فَإذَا انْتَفَتْ صفَةُ الإلهِ وَفِعْلُه
…
وَكَلَامُهُ وفعَائِلُ الإنْسَانِ
173 -
فهُنَاكَ لَا خَلْقٌ وَلَا أمْرٌ وَلَا
…
وَحْيٌ وَلَا تَكْلِيفُ عَبْدٍ فَانِ
174 -
وَقَضَى عَلَى أسْمَائِه بحُدوثِهَا
…
وبِخَلْقِهَا مِنْ جُمْلَةِ الأَكْوَانِ
= حدوث العالم وإثبات الصانع دلّ على نفيها. فإن الصانع أثبتناه بحدوث العالم، وحدوث العالم إنما أثبتناه بحدوث الأجسام، والأجسام إنما أثبتنا حدوثها بحدوث الصفات التي هي الأعراض. أو قالوا: إنما أثبتنا حدوثها بحدوث الأفعال التي هي الحركات، وأن القابل لها لا يخلو منها، وما لا يخلو من الحوادث فهو حادث. أو أن ما قبل المجيء والإتيان والنزول كان موصوفًا بالحركة، وما اتصف بالحركة لم يخل منها أو من السكون الذي هو ضدها، وما لا يخلو من الحوادث فهو حادث. فإذا ثبت حدوث الأجسام قلنا إن المحدَث لا بد له من محدِث فأثبتنا الصانع بهذا. فلو وصفناه بالصفات أو بالأفعال القائمة به لجاز أن تقوم الأفعال والصفات بالقديم، وحينئذ فلا يكون دليلًا على حدوث الأجسام فيبطل دليل إثبات الصفات
…
". مجموع الفتاوى 6/ 49 - 50، وسيأتي دليلهم مفصلًا في البيت 1008 وما بعده.
170 -
يعني بالمقالتين: المقالة الأولى: أن العبد مجبور مقهور لا فعل له في الحقيقة. المقالة الأخرى: أن الفعل ليس فعلًا للرب ولا قائمًا به.
فإذا جمعت هاتين المقالتين تبين كذبهما وزورهما، إذ يلزم من ذلك إما عدم الفعل والخلق أو فعل وخلق بلا فاعل ولا خالق.
173 -
المعنى: أنه إذا نفى صفات الرب وفعله وكلامه ونفى مع ذلك فعل العبد أنتج ذلك أن لا خلق ولا أمر ولا وحي ولا تكليف، سيأتي تفصيل هذا موسعًا في كلام الناظم رحمه الله، انظر البيت رقم 694 وما بعده.
174 -
قال شيخ الإسلام: "الجهمية يقولون: أسماء الله مخلوقة، والاسم غير=
175 -
فَانظُرْ إلَى تعطِيلهِ الأوْصَافَ وَالْـ
…
أفْعَالَ وَالأَسْمَاءَ للرحمنِ
176 -
مَاذَا الذِي في ضِمْنِ ذا التَّعطِيل مِنْ
…
نَفْيٍ ومنْ جَحدٍ ومنْ كُفْرَانِ
177 -
لَكنَّه أبْدَى المَقَالَة هَكَذَا
…
فِي قَالَبِ التَّنْزِيهِ لِلرحمنِ
178 -
وآتَى إلَى الكفرِ العَظِيمِ فصَاغَهُ
…
عِجْلًا ليفتِنَ أُمّةَ الثِّيرَانِ
179 -
وَكسَاهُ أنْوَاعَ الجواهِرِ والحُلي
…
منْ لُؤلؤ صَافٍ ومنْ عِقْيانِ
180 -
فرآهُ ثِيرانُ الوَرَى فأصابَهُمْ
…
كَمُصَابِ إخْوَتِهِمْ قَديمَ زَمَانِ
= المسمى، وأسماء الله غيره، وما كان غيره فهو مخلوق .. ويقولون إنه سمّى نفسه بهذه الأسماء بمعنى أنه خلقها في غيره". اهـ. مجموع الفتاوى 6/ 186.
177 -
القالب: بفتح اللام وكسرها، الشيء الذي تفرغ فيه الجواهر ليكون مثالًا لما يصاغ منها لتشكيلها. اللسان 1/ 689.
- تقدم أن مذهب الجهم إنكار الصفات والأسماء زعمًا منه أن في هذا تنزيهًا لئه تعالى عن التشبيه والتجسيم والحدوث، وهذا دأب أهل البدع دائمًا يظهرون باطلهم في صورة حسنة سليمة ليتبعهم عليها عوام الناس، كما سموا نفي الصفات تنزيهًا والتحريف تأويلًا.
178 -
أمة الثيران: أي: أهل الجهل والضلال.
179 -
العقيان: الذهب الخالص، وقيل: هو ما ينبت نباتا وليس مما يحصّل من
الحجارة. اللسان 15/ 81.
180 -
يعني أن الجهلة من الناس لما رأوا حسن الكلام والتزيين من الجهم وشيعته لمذهبهم الباطل اتبعوهم عليه وافتتنوا به كافتتان اليهود بالعجل الذي صاغه لهم السامري، لما غاب عنهم موسى عليه السلام وذهب لموعد ربه تعالى. وقد حكى الله تعالى ذلك عنهم فقال:{وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ (148)} [الأعراف: 148]، ثم قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (152)} [الأعراف: 152]، تفسير ابن كثير 1/ 247، تفسير الطبري=
181 -
عِجْلَانِ قَدْ فَتَنَا العِبَادَ: بصوْتِهِ
…
إحْدَاهُمَا وبحَرفِهِ ذَا الثَّاني
182 -
والنَّاسُ أكثرُهُم فأهْلُ ظَوَاهِرٍ
…
تَبْدُو لَهمْ ليْسُوا بأهْلِ مَعَانِ
183 -
فهُمُ القُشورُ وبالقُشورِ قِوَامُهُم
…
وَاللُّبُّ حظُّ خُلَاصَةِ الإنْسَانِ
184 -
وَلِذَا تقسَّمَتِ الطوَائِفُ قَولَهُ
…
وتوارَثُوهُ إِرْثَ ذِي السُّهْمَانِ
185 -
لَمْ يَنْجُ مِنْ أقوَالِه طُرًّا سِوَى
…
أَهلِ الحَدِيثِ وشِيْعةِ القرآنِ
= مجلد 6/ ج 9 /ص 62، وسيأتي تفصيل الناظم لخبرهم مع العجل. انظر حاشية البيت رقم 302.
181 -
استعمل الناظم رحمه الله كلمة "إحدى" هنا للمذكر، وهو العجل. وقد تكرر ذلك في المنظومة. انظر مثلًا الأبيات الآتية: 262، 280، 866، 1148، 1225، 2990. (ص).
- يعني بالعجلين: العجل الحسّي الذي صاغه السامري ففتن اليهود بصوت خواره كما قال تعالى: {فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88)} [طه: 88].
والعجل الثاني: عجل معنوي وهو تعطيل الأسماء والصفات وتحريفها بدعوى تنزيه الرحمن صاغه الجهم. فلما رآه جهال الناس افتتنوا بحَرْفه أي تحريفه وتمويهه.
183 -
لبّ كلِّ شيء ولبابه: خالصه وخياره، ولب الجوز واللوز ونحوهما: ما في جوفه.
184 -
من تأمل في معتقدات الفرق التي تنتسب إلى الإسلام وجد أن مذهب الجهم في التعطيل والجبر أصل تفرع عنه كثير من فرق الضلال كالمعتزلة والفلاسفة ومتأخري الأشعرية والقرامطة الباطنية وملاحدة الصوفية القائلين بالحلول والوحدة، شرح النونية لهراس 1/ 23.
-يعني: اقتسمت فرقُ الضلال فيما بينها قول الجهم في الأسماء والصفات والجبر والإيمان والجنة والنار وغيرها، ولم يبق من أقواله قول إلا وقد قلدته فيه فرقة من الفرق، فورثوا أقواله منه ولم يتركوا منها شيئًا كما يورث مال الميت. والسُّهمان: جمع سَهْم أي النصيب.
185 -
طرًا: جميعها.
186 -
فتبرَّؤوا منهَا براءةَ حَيْدَرٍ
…
وَبَرَاءةَ المَوْلُودِ منْ عِمْرانِ
187 -
مِنْ كُلِّ شِيعِيٍّ خَبِيثٍ وَصْفُهُ
…
وَصْفُ اليهُودِ مُحَلِّلي الْحِيتَانِ
* * *
186 - حيدر هو لقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد غلا فيه فريق من الناس، وتشيعوا له، وقدموه على أبي بكر وعمر رضي الله عنه، وتنقصوهما، وسبّوهما، ورفضوا إمامتهما، واشتد غلو بعضهم فادعى فيه الإلهية. وقد تبرأ رضي الله عنه من هؤلاء جميعًا، وأمر بإحراق الذين ادعوا فيه الإلهية. فإنه خرج ذات يوم فسجدوا له فقال لهم: ما هذا؟ فقالوا: أنت هو، قال: من أنا؟ قالوا: أنت الله الذي لا إله إلا هو، فقال: ويحكم هذا كفر ارجعوا عنه وإلاّ ضربت أعناقكم، فصنعوا به في اليوم الثاني والثالث كذلك، فأخرهم ثلاثة أيام. فلما لم يرجعوا أمر بأخاديد من نار فخدت عند باب كندة، وقذفهم في تلك النار. وروي عنه أنه قال:
لما رأيتُ الأمر أمرًا منكرا
…
أجّجتُ ناري ودعوتُ قَنْبَرا
منهاج السنة النبوية لابن تيمية 1/ 306.
عمران: في جميع النسخ: "عثمان"، إلاّ نسخة ب التي كتب فيها فوق عثمان:"نسخة" ثم أثبت في الحاشية: "عمران"، وفوقه. "نسخ صح" وكذا "عمران" في طع، والظاهر أنه هو الصواب، والمقصود موسى بن عمران عليه السلام، ولكن اتفاق النسخ ولا سيما الأصل وف على "عثمان" أمر غريب! (ص).
والمعنى أن أهل الحق تبرؤوا من الجهم وأقواله أشد البراءة، كما تبرأ علي رضي الله عنه من الشيعة الذين غلوا فيه، وكما تبرأ موسى عليه السلام من اليهود الذين عبدوا العجل، وقد تقدم حكاية خبر عبادة اليهود للعجل في حاشية البيت رقم 180.
187 -
الشيعة في اللغة: جماعة الرجل وحزبه وأنصاره وهم الذين يجتمعون على رأي واحد. وهي إذا أُطلقت أريد بها فرقة الشيعة، وهم الذين شايعوا عليًا رضي الله عنه وقالوا بإمامته وخلافته نصًّا ووصيةً، واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاده، وإن خرجت فبظلم يكون من غيره أو تقية من عنده.=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقالوا: إن الإمامة قضية أصولية لا تناط باختيار العامة، ولا يجوز للرسل أن يكلوها إلى العامة. ويقولون بعصمة الأنبياء والأئمة وجوبًا عن الكبائر والصغائر بالتولي والتبري قولًا وفعلًا وعقدًا إلا في حالة التقية. الملل والنحل 1/ 144، مقالات الإسلاميين 1/ 65، أصول مذهب الشيعة للقفاري 1/ 40، دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين للدكتور أحمد محمد جلي ص 151.
- الشيعة اسم جنس يشمل جميع فرق الشيعة، لكن الناظم رحمه الله وصفهم بأن لهم وصف اليهود، وهذا ينصرف إلى غلاتهم وهم الرافضة. وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أوجهًا كثيرة للشبه بين الرافضة واليهود، ومن ذلك: قالت اليهود: لا يصلح الملك إلا في آل داود، وقالت الرافضة: لا تصلح الإمامة إلا في ولد علي.
وقالت اليهود: لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المسيح الدجال وينزل سيف من السماء. وقالت الرافضة: لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المهدي وينادي مناد من السماء.
واليهود يؤخرون الصلاة إلى اشتباك النجوم. وكذلك الرافضة يؤخرون المغرب إلى اشتباك النجوم.
واليهود تزول عن القبلة شيئًا، وكذلك الرافضة.
واليهود تسدل أثوابها في الصلاة، وكذلك الرافضة.
واليهود لا يرون المسح على الخفين، وكذلك الرافضة.
واليهود تبغض جبريل ويقولون: هو عدونا من الملائكة. وكذلك الرافضة يقولون: غلط جبريل بالوحي على محمد صلى الله عليه وسلم.
وفضلت اليهود والنصارى على الرافضة بخصلتين: سئلت اليهود: من خير أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب موسى، وسئلت النصارى: من خير أهل ملتكم؟ قالوا: حواريو عيسى، وسئلت الرافضة: من شر أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. منهاج السنة 125 - 27، وانظر بذل المجهود في إثبات مشابهة الرافضة لليهود - لعبد الله الجميلي.=