الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وطئها، وأما إن أقر بوطئها لم يجز بيعها وإن كانت وخشاً، إذ لا خلاف أن البراءة لا تنفع من حمل يلزمه.
ومنه بيع المضامين والملاقح، وحل الحبلة، وفي الموطأ، المضامين: ما في بطون إناث الإبل، والملاقيح: ما في بطون الفحول. وعكس ابن حبيب، وفيه حبل الحبلة: بيع الجزور إلى أن ينتج نتاج الناقة. وروى ابن حبيب: بيع نتاج نتاج الناقة ....
النهي في الموطأ، وكلامه ظاهر التصور.
ومنه
بيع الملامسة:
وهو أن يلمس الثوب فيجب البيع من غير تبيين. ومنه
بيع المنابذة:
وهو أن يتنابذا ثوبين فيجب البيع ....
في الصحيح: أنه- عليه السلام نهى [456/أ] عن بيعتين في بيعة، وعن بيع الملامسة، وبيع المنابذة. قال في البخاري، الملامسة: لمس الثوب لا ينظر إليه ولا يقبله. والمنابذة: طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى الرجل قبل أن يقلبه وينظر إليه.
وفي مسلم، الملامسة: لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو بالنهار ولا يقلبه إلا بذلك. والمنابذة: أن ينبذ بالرجل إلى الرجل ثوبه وينبذ الآخر إليه ثوبه، ويكون ذلك بيعهما من غير نظر ولا تراض به.
ومنه
بيع الحصاة:
وهو أن تسقط حصاة من يده فيجب البيع، وقيل: أن تسقط على ثوب فيتعين، واستشكلهما المازري
…
سبق اللخمي المازري إلى هذا الإشكال، ووجهه ظاهر، لأنه إذا جعل سقوط الحصاة أو رميها دليلاً على البيع، فإذا حصل بذلك فلا غرر لأنه رضى.
وكلام المازري الذي أشار إليه المصنف هو في المعلم، لأنه قال فيه: قيل في هذا الحديث تأويلات منها: أن يكون المراد أنه يبيع من أرضه قدر ما انتهت إليه رمية الحصاة، ولا شك أن هذا مجهول لاختلاف الرمي. وقيل معناه: أيُّ ثوب وقعت عليه حصاتي فهو مبيع، هذا أيضاً مجهول كالأول. وقيل معناه: ارمِ بالحصاة فما خرج فلك بعدده دنانير أو دراهم، وهذا أيضاً مجهول. وهذه تأويلات تتقارب، وكلها يصح معه المنع. وقيل تأويل رابع، وخامس، فقيل معناه: أنه إذا أعجبه الثوب ترك عليه حصاة، وهذا إذا كان بمعنى الخيارة، وجعل رمي الحصاة علماً على الاختيار لم يجب أن يمتنع إلا أن تكون عادتهم في الجاهلية أن يضيفوا إلى ذلك أموراً تفسد البيع، ويكون ذلك عندهم معروفاً ببيع الحصاة، مثل أن يكون متى ترك الحصاة ولو بعد عام وجب له البيع فإنه فاسد.
وقيل: إن كان الرجل يسوم الثوب وبيده حصاة، فيقول: إذا سقطت من يدي فيجب البيع، وهو أيضاً كالذي قبله. انتهى.
ومنه بيعتان في بيعة ومحمله عند مالك: على سلعة بثمنين مختلفين، أو سلعتين مختلفتين بثمن واحد على اللزوم لهما أو لأحدهما وإلا جاز ....
روى الترمذي من حديث أبي هريرة وصححه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة. ومحمله عند مالك على صورتين، الأولى: أن يبيع الرجل سلعته بثمنين مختلفين، وسواء اختلفا في الجنس، أو القدر، أو الصفة على وجه يتردد نظر العاقل فيه، كما لو قال: بعشرة نقداً، أو بعشرين إلى أجل. ولو عكس جاز، لأن كل عاقل لا يختار إلا الأقل في المقدار والأبعد في الأجل. وكلام المصنف لا يؤخذ منه هذا، وكأن المصنف أسقطه لنذوره.
والصورة الثانية: أن يبيع منه سلعتين مختلفتين بثمن احد. ونقل ابن عبد السلام عن ابن حبيب الجواز في الصورة الأولى. أعني: إذا كان الثمن عيناً من صفة واحدة واختلف الأجل.
وقوله: (على اللزوم) أي: وشرط منع النوعين معاً أن يكون المبيع لازماً للمتبايعين أو لأحدهما، وإن لمن يكن على اللزوم لهما أو لأحدهما جاز.
ووجه الفساد مع اللزوم: الغرر، إذ لا يدري البائع بما باع ولا المشتري بما اشترى، ولأنه يلزم منه فسخ الدين في الدين، وقد يختار الأقل ثم يفسخه في الأكثر، وإن كان بذهب وفضة لزم منه أيضاً الصرف المستأجر. وأجمل المصنف في اختلاف السلعتين. وذكر بعضهم في المسألة أربعة أقوال، أولهما للمدونة: أن ذلك ممتنع فيما عدا الجودة والرداءة من صنفيه، أو صفة، أو رقوم. وأما إن اختلفا بالجودة والرداءة فقط فيجوز، وإن اختلفت القيمة وليس من بيعتين في بيعة.
ثانيها لابن المواز: إن اختلفا في الصنفية أو الصفة اختلافاً متبايناً يبيح سلم أحدهما في الآخر فلا يجوز. وإن اختلفا في الصفة ولم يتباينا يجوز سلم أحدهما في الآخر جاز.
وثالثها لأشهب وعبد الملك: يجوز وإن اختلفا بالصنفية أو الصفة اختلافاً يبيح سلم أحدهما في الآخر.
ورابعها لابن حبيب: لا يجوز إلا أن يكون صنفاً واحداً أو صفة واحدة وقيمتها واحدة، ولو اختلفا بالجودة والرداءة وبالقيمة لم يجز.
ابن عبد السلام: وهو الأقرب، لأن الإلزام مع اختلاف القيمة موجب للجهالة، وأشد منه إذا اختلفت صفاتها. ولو قيل: لا يجوز وإن تساوت قيمتها لكان له وجه.
وقوله: (وإلا جاز) أي: وإن لم يختلف الثمنان ولا المثمونان أو اختلفا وكان المتبايعان معاً بالخيار جاز.
فلو قال: خذ بأيهما شئت. فروايتان، بناء على أنه التزام أو لا
يعني: لو قال البائع للمشتري: خذ هذا الثوب أو هذه الشاة بدينار، ولم يزد على ذلك. فعن مالك- رحمه الله روايتان سببهما ما ذكره المصنف. والبطلان رواية لابن القاسم، وابن وهب. ابن المواز: وهي أصح، والصحة رواية لأشهب.
ولو اشترى على اللزوم ثوبا يختاره من ثوبين أو أكثر جاز، وكذلك العبيد، والبقر، والغنم، والشجر غير المثمر ما لم يكن طعاماً ....
قوله: (يختاره من ثوبين) ظاهره: ولو كانا مختلفي الثمن، وهو مذهب المدونة كما تقدم. وهذه المسألة مقيدة بما إذا كان الخيار للمشتري، وأما إن كان للبائع لم يجز كما بينه في النكاح من المدونة فيمن نكح امرأة على أحد عبديه.
وذكره المصنف في باب الصداق، فقال: ويجوز على عبد تختاره لا يختاره هو كالبيع. وقوله: (ما لم يكن) يعني: المشترى طعاماً، وسيأتي.
وإن اختلفت الأجناس لم يجز كحرير وصوف، أو بقر وغنم
هذا ظاهر، وهو حقيقة بيعتين في بيعة.
ولو اشترى نخلة مثمرة، أو ثمرة نخلة من نخلات لم يجز
لما ذكر أولاً قوله: (ما لم يكن طعاما) تكلم على ذلك، يعني: ولو فرضنا المسألة السابقة في طعام لم يجز، سواء كان مع عرض، وهو قوله:(نخلة مثمرة) أو لا عرض معه، [459/ب] وهو قوله:(ثمرة نخلة) وسواء كان الطعام متفقاً كما مثل به، أو مختلفاً كثمرة وقمح. صرح بذلك في المدونة، وعلل بعلتين: التفاضل في بيع الطعام من صنف واحد، وبيعه قبل قبضه إن كان على الكيل، لاحتمال أن يدع واحدة بعد اختيارها ويأخذ أخرى.
واختلف إذا تساوى الطعام هل يجوز ذلك فيه أم لا؟ فقال فضل: يجوز. وفي كتاب أبي الفرح والواضحة: المنع في ذلك.
ابن حبيب: ويدخله بيع الطعام قبل استيفائه. وضعفوا هذا التعليل، وقالوا: بل يدخله طعام بطعام على خيار وليس يدخله بيعه قبل قبضه، لأنه لو أسلم في محمولة جاز أن يأخذ سمراء مثل الكيل بعد الأجل وهو بلد.
واختار اللخمي في ذلك الجواز، ويحال المشتري في ذلك على دينه، ويؤمر إذا اختار شيئاً ألا ينتقل عنه.
وروى ابن حبيب عن مالك فيمن قال: أبيع منك من هذه الصبرة عشرة آصع وإن شئت من هذه الصرة التي هي من جنسها بدينار وعقدا على ذلك، لم يجز. ابن الكاتب، ومعنى ذلك: إذا تأخر الاختيار عن وقت العقد.
وقال ابن محرز: إذا اشترى عشرة أقفزة يختارها من صبرتين من جنس واحد، توقف فيها الشيخ أبو الحسن، وأجازها من لقينا من الشيوخ.
فضل: وظاهر المدونة الجواز وفيه مغمز، لأن الطعام بالطعام لا يجوز فيه خيار ساعة.
ابن عبد السلام: لا أدري من أين أخذها من المدونة، وفي أواخر كتاب الخيار من المدونة خلافه فانظره.
بخلاف البائع يستثنى أربع نخلات أو خمساً من حائطه إن كانت يسيرة يختارها، فإن مالكا أجازه بعد أن وقف أربعين ليلة، وكرهه ابن القاسم ....
أي: البائع يخالف المشتري في المسألة المتقدمة إذا كان الخيار له، فأجازه مالك إذا كان ما استثنى يسيراً. ولم يكتف المصنف بالأربع عن التقييد باليسير، لأن الحائط قد تكون نخلاته كلها يسيرة.
ومراده بـ (اليسير) قدر الثلث فأدنى، كما تقدم. ونسب لابن القاسم الكراهة، الذي في الرواية، وقال ابن القاسم:: لا يعجبني ذلك، فإن وقع أمضيته لقول مالك فيه. قال: وما رأيت من أعجبه ولا أحب لأحد أن يدخل فيه. وقد أضاف الباجي إليه المنع. ونقل عنه ابن محرز أنه قال: لا خير فيه.
ابن عبد السلام: والمنع أقرب إلى لفظه.
أبو الحسن: ولو كان مراده الكراهة على بابها، لمضى على قوله ولم يحتج إلى التعليل بمراعاة قول مالك، وعلى هذا فنسبة الكراهة إليه ليست بجيدة. واختلف في الجواب عن توقف الإمام، فقال عبد الخالق: لأن البائع يعلم من حائطه جيده من رديئته، فلا يتوهم فيه أن يختار هذه ثم ينتقل، بخلاف المشتري. وقيل: لأن مالكاً يرى أن المستثنى عنده مبقى غير مشترى، ولو قال: إنه مبيع لمنع.
ومنه بيع عسيب الفحل، وحمل على استئجار الفحل على عقوق الأنثى، ولا يمكن تسليمه، فأما على أكوام أزمان فيجوز ....
روى البخاري عن ابن عمر قال: نهى رسول صلى الله عليه وسلم عن عسيب الفحل. ويقال: عسب وعسيب بالياء ودونها. عياض في المشارق: وعسب الفحل المنهي عنه هو كراء ضرابه، العسيب هو نفسه الضراب، قاله أبو عبيدة.
وقال غيره: لا يكون العسيب إلا الضراب، والمراد: الكراء عليه، لكنه حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه. وقيل: العسيب ماؤه. وفي الجوهري: العسيب الكراء الذي يؤخذ على ضراب الفحل. ونهى عن عسب الفحل، تقول: عسب فحله يعسبه، أي: أكراه. وعسب الفحل أيضاً، ويقال: ماؤه.