الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحمل أهل المذهب ذلك على الإجارة المجهولة، وهو أن يستأجره حتى تحمل الأنثي، وهذا هو مراده بعقوق الأنثى، وهذا القدر مجهول، لأنه قد لا تحمل فيغبن صاحب الأنثى، أما إذا كانت الإجارة مضبوطة بأكوام أو زمان فهي جائزة.
عياض: والأكوام جمع كَوم بفتح الكاف، وهو الضراب والنزو. ويقال: كامها يكومها إذا فعل بها ذلك.
فلو سيما أكواماً فعقت في الأولى انفسخت
أي: انفسخت الإجارة في بقية المرات، وسيأتي نظائرها في باب الإجارة إن شاء الله.
وصواب قوله: (عقت): أعقت. الجوهري: وأعقت الفرس، أي: حملت فهي عقوق، ولا يقال: معق إلا في لغة رديئة، والجمع: عقق كرسول ورسل.
ومنه
بيع وشرط
، وحمل على شرط يناقض مقصود العقد، مثل ألا يبيع ولا يهب غير تنجيز العتق للسنة ....
ذكر عبد الحق في أحكامه عن عبد الوارث بن سعيد، قال: حدثنا أبو حنيفة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط. وحمله أهل المذهب على الشرط الذي لا يتم معه المقصود من البيع. ومثل ما يناقضه بأن لا يبيع ولا يهب، ثم استثنى من ذلك تنجيز العتق، فإنه وإن كان يناقض مقتضى العقد فهو جائز. وأشار بالسنة إلى حديث بريرة، واحترز بالتنجيز من تدبيره أو عتقه إلى أجل أو نحو ذلك، فإنه فاسد.
فرعان مرتبان:
الأول: إذا أجزنا البيع بشرط العتق فهل يجبر عليه وهو قول أشهب، وابن كنانة، أو لا وهو قول ابن القاسم، ثم اختلف [457/أ] الأشياخ في محل الخلاف، فقيل: إن
المشترط عليه إن عقد الشراء على أنه بالخيار في إبقائه لم يجبر، وإن قصد أنه حر بنفس التزام الشراء ألزم ذلك، كذلك إن التزم ذلك، ويجبر عليه إن امتنع وإلا أعتقه عليه الحاكم، وإنما الخلاف فيما إذا وقع الشراء على الإطلاق، وإليه ذهب اللخمي. وقيل: الخلاف فيما إذا اشترط العتق على جهة الإيجاب.
الثاني: إذا قلنا بفساد البيع لأجل اشتراط التدبير ونحوه، وقلنا بفسخه، فلو أسقط البائع شرطه، فقال ابن القاسم: يمضي. وقال أشهب: لا يمضي.
أو يعود بخلل في الثمن، كشرط السلف من أحدهما
هذا قسيم قوله: (على شرط يناقض مقتضى العقد) أي: المنهي عنه قسمان، قسم: يناقض مقتضى العقد. وقسم: يعود بجهالة في الثمن، لأنه لما وقع البيع على السلف صار من جملة الثمن والانتفاع به مجهول. والذي علل به الكثير من علمائنا المنع بأنه يؤول إلى سلف جر منفعة. وعلى هذا فيدعي أن الحكم معلل بعلتين، وما علل به المصنف هو في ابن شاس، وعلل به صاحب الاستذكار.
فلو أسقط، فقولان
أي: لو أسقط مشترط السلف شرطه، فالمشهر صحة البيع إذا تبين أنه لا مقابل له. والشاذ لابن عبد الحكم: لا يصح، لأنهما دخلا على الفساد ابتداء. ورواه المدنين عن مالك. وعلى المشهور من تخيير المتسلف في إسقاط شرطه ويصح البيع، فهل يشترط في التخيير ألا يكون قبض السلف وغاب عليه؟ وأما إن غاب عليه فلا يخير ويرد السلعة وينقض البيع، إذ ثم الربا بينهما للذي اشترط ذلك، ذهب إلى ذلك سحنون وابن حبيب، قالا: وإن فاتت بيدي المشتري ففيها القيمة ما بلغت. وذكر أصبغ عن ابن القاسم أن الغيبة على السلف لا تمنع تخيير المشتري، فيرده إن كانت السلعة قائمة، وإن فاتت فعلى
المشتري الأكثر من الثمن أو القيمة. واختلف على ما تحمل عليه المدونة من القولين، والأكثرون حملها على قول ابن القاسم. وصرح ابن عبد السلام بمشهوريته. وذكر ابن راشد قول سحنون ثالثاً.
وظاهر إطلاقهم وإطلاق المصنف أنه لا فرق بين أن يكون الإسقاط قبل فوات السلعة أو بعد فواتها، لكن ذكر المازري أن ظاهر المذهب أنه لا يؤثر إسقاطه بعد فواتها في يد مشتريها، لأن القيمة حينئذ قد وجبت عليه فلا يؤثر الإسقاط بعده.
وذكر المازري أن بعض الأشياخ خرج قولاً بالصحة مع إسقاط الشرط ولو مع الفوات، واعترضه. وتركته خوف الإطالة.
ومفهوم قوله: (أسقط) أنه إن لم يسقط لم يختلف في فساده، وهو كذلك. فإن كانت السلعة قائمة ردت، وإن فاتت فثلاثة أقوال: روى يحيي عن ابن القاسم أن عليه القيمة ما بلغت، كان السلف من البائع أو من المبتاع، ويرد السلف.
الثاني مذهب المدونة- نص عليه في كتاب الآجال-: إن كان السلف من البائع فله الأقل من الثمن أو القيمة يوم القبض ويرد السلف وإن كان الثمن مائة والسلف خمسين وكان السلف من المشتري فعليه الأكثر، فإن كانت القيمة أكثر من مائة وخمسين أخذها البائع وإن كانت أقل من مائة وخمسين لم ينقص المشتري من ذلك، لأنه رضي بمائة ثمناً ومعها خمسون يدفعها سلفاً، فإذا قبضنا من المائة وأسقطنا عنه الخمسين فقد أحسنا إليه، وإن كان السلف من البائع فله الأقل منهما، فإن كانت القيمة خمسين أو ستين أخذها، وإن كانت أكثر من مائة لم يزد عليها.
الثالث الأصبغ: قال كذلك إلا لأنه رأى أن القيمة إذا زادت على المائة التي هي الثمن والخمسين السلف لا يقضى للبائع بأكثر منها، لأنه يقال له: أنت رضيت بالمائة تملكها
وتتبعه بالخمسين، فإذا ملكناك السلف فقد أحسنا إليك. لكن اختلف هل هو وفاق لما في الكتاب أو خلاف، والظاهر هو الأول.
عياض: وظاهر الكتاب خلاف أصبغ. وأورد على المشهور لو باع سلعة وخمراً بثمن فإن البيع لا يصح ولو أسقط الخمر. وفرق القاضي إسماعيل بأن مشترط السلف يخير في أخذه وتركه، وإنما تكون كالسلف لو قال: أبيعك على أني إن شئت أن تزيد في زق خمر زدتني وإن شئت تركته، فلو تركه جاز البيع.
ورده صاحب الاستذكار بأن مشترط الخمر لو شاء تركه كمشترط السلف سواء فلا فرق. وأجاب ابن زرقون: بأن مشترط السلف إذا تركه لم يجبر على أخذه، بخلاف مشترط الخمر، لأنه مشترى له، ومن اشترى شيئاً أجبر على قبضه.
وفرق أيضاً: بأن البيع والسلف أصلان لو انفرد كل واحد منهما لجاز، والخمر لو انفردت وحدها لم يجز، وبأن الفساد في مسألة راجع إلى ماهية المبيع، لفساد المعقود عليه، بخلاف البيع والسلف، فإن الفساد خارج عن الماهية.
فلو باعه المدين سلعة على ألا يقاصه، ففي منعه قولان لابن القاسم وأشهب، بناء على أنه شرط للتأخير أو لا ....
يعني: لو كان لرجل دين حال على آخر فباع المدين سلعة لرب الدين بثمن من جنس الدين وشرط في عقده البيع ألا يقاصه، فقال ابن القاسم: يمنع [457/ب] لأن العرف في مثله يقتضي أن ذلك قرينة في تأخيره، ومن أخر ما عجل عد مسلفاً.
قال شيخنا: ولو علل أيضاً بأنه يسامحه فيكون هدية مديان لكان له وجه.
وروى أشهب أنه ليس في التزام عدم المقاصة ما يقتضي تأخيره، ولو شرط التأخير فسد اتفاقاً.