الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُسند خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر الصديق
2809 -
[ح] الزُّهْرِيِّ، قَالَ أخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ، مِنْ أهْلِ الفِقْهِ، أنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رحمه الله يُحدِّثُ، أنَّ رِجَالًا مِنْ أصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَزِنُوا عَلَيْهِ، حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يُوَسْوِسُ، قَالَ عُثْمَانُ: وَكُنْتُ مِنْهُمْ، فَبَيْنَا أنا جَالِسٌ فِي ظِلِّ أُطُمٍ مِنَ الآطَامِ مَرَّ عَليَّ عُمَرُ، رضي الله عنه، فَسَلَّمَ عَليَّ، فَلَمْ أشْعُرْ أنَّهُ مَرَّ وَلا سَلَّمَ، فَانْطَلَقَ عُمَرُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى أبِي بَكْرٍ، رضي الله عنه، فَقَالَ لَهُ: مَا يُعْجِبُكَ أنِّي مَرَرْتُ عَلَى عُثْمَانَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَليَّ السَّلامَ؟ وَأقْبَلَ هُوَ وَأبُو بَكْرٍ فِي وِلايَةِ أبِي بَكْرٍ، رضي الله عنه، حَتَّى سَلَّمَا عَليَّ جَمِيعًا.
ثُمَّ قَالَ أبُو بَكْرٍ: جَاءَنِي أخُوكَ عُمَرُ، فَذَكَرَ أنَّهُ مَرَّ عَلَيْكَ، فَسَلَّمَ فَلَمْ تَرُدَّ عليه السلام، فَما الَّذِي حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: قُلتُ: مَا فَعَلتُ، فَقَالَ عُمَرُ: بَلَى وَالله لَقَدْ فَعَلتَ، وَلَكِنَّهَا عُبِّيتُكُمْ يَا بَنِي أُمَيَّةَ، قَالَ: قُلتُ: وَالله مَا شَعَرْتُ أنَّكَ مَرَرْتَ بِي، وَلا سَلَّمْتَ، قَالَ أبُو بَكْرٍ: صَدَقَ عُثْمَانُ، وَقَدْ شَغَلَكَ عَنْ ذَلِكَ أمْرٌ؟ فَقُلتُ: أجَل، قَالَ: مَا هُوَ؟
فَقَالَ عُثْمَانُ: رضي الله عنه: تَوَفَّى الله عز وجل نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أنْ نَسْألَهُ عَنْ نَجَاةِ هَذَا الأمْرِ، قَالَ أبُو بَكْرٍ: قَدْ سَألتُهُ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلتُ لَهُ: بِأبِي
أنْتَ وَأُمِّي، أنْتَ أحَقُّ بِهَا، قَالَ أبُو بَكْرٍ: قُلتُ: يَا رَسُولَ الله مَا نَجَاةُ هَذَا الأمْرِ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَبِلَ مِنِّي الكَلِمَةَ الَّتِي عَرَضْتُ عَلَى عَمِّي، فَردَّهَا عَليَّ، فَهِيَ لَهُ نَجَاةٌ» .
أخرجه أحمد (20)، وأبو يعلى (10).
2810 -
[ح] يَزِيد بْن أبِي حَبِيبٍ، عَنْ أبِي الخَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، أنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: عَلِّمْنِي دُعَاءً أدْعُو بِهِ فِي صَلاتِي، قَالَ:«قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلمًا كَثِيرًا، وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ» .
أخرجه ابن أبي شيبة (29966)، وأحمد (8)، وعبد بن حميد (5)، والبخاري (834)، ومسلم (6968)، وابن ماجة (3835)، والترمذي (3531)، والنسائي (1226)، وأبو يعلى (29).
2811 -
[ح](عَبْدِ الله بْنِ المُثَنَّى الأنْصَارِيّ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ) قَالَ أخَذْتُ هَذَا الكِتَابَ مِنْ ثُمامَةَ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ أنسٍ، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أنَّ أبا بَكْرٍ كَتَبَ لَهُمْ: إِنَّ هَذِهِ فَرَائِضُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى المُسْلِمِينَ، الَّتِي أمَرَ الله عز وجل بِهَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ المُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَليُعْطِهَا، وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَ ذَلِكَ فَلا يُعْطِهِ: «فِيمَا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الإِبِلِ فَفِي كُلِّ خَمْسِ ذَوْدٍ شَاةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا ابْنَةُ مَخاضٍ إِلَى خَمْسٍ وَثَلاثِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنِ ابْنَةُ مَخاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتَّةً وَثَلاثِينَ فَفِيهَا ابْنَةُ لَبُونٍ إِلَى خَمْسٍ وَأرْبَعِينَ.
فَإِذَا بَلَغَتْ سِتَّةً وَأرْبَعِينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الفَحْلِ إِلَى سِتِّينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَسِتِّينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتَّةً وَسَبْعِينَ فَفِيهَا بِنتَا لَبُونٍ إِلَى تِسْعِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ فَفِيهَا حِقَتانِ طَرُوقَتا الفَحْلِ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِنْ زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلِّ أرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، فَإِذَا تَبايَنَ أسْنَانُ الإِبِلِ فِي فَرَائِضِ الصَّدَقَاتِ، فَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الجَذَعَةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ جَذَعَةٌ وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ.
وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنِ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ، أوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا. وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ إِلَّا جَذَعَةٌ فَإِنَّها تُقْبَلُ مِنْهُ، وَيُعْطِيهِ المُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أوْ شَاتَيْنِ، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ، وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنِ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ، أوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا. وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ ابْنَةِ لَبُونٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ إِلَّا حِقَّةٌ فَإِنَّها تُقْبَلُ مِنْهُ، وَيُعْطِيهِ المُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أوْ شَاتَيْنِ، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ ابْنَةِ لَبُونٍ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ ابْنَةُ لَبُونٍ، وَعِنْدَهُ ابْنَةُ مَخَاضٍ، فَإِنَّها تُقْبَلُ مِنْهُ، وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنِ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ، أوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا.
وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ مَخَاضٍ وَلَيْسَ عِنْدَهُ إِلَّا ابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إِلَّا أرْبَعٌ مِنَ الإِبِلِ، فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا أنْ يَشَاءَ رَبُّهَا. وَفِي صَدَقَةِ الغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أرْبَعِينَ، فَفِيهَا شَاةٌ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإ ذِا زَادَتْ فَفِيهَا شَاتَانِ إِلَى مِائَتيْنِ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ، فَفِيهَا ثَلاثُ شِيَاهٍ إِلَى ثَلاثِ مِائَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ، فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ.
وَلا تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَلا ذَاتُ عَوَارٍ وَلا تَيْسٌ إِلَّا أنْ يَشَاءَ المُتصَدِّقُ، وَلا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلا يُفرَّقُ بَيْنَ مُجتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُما يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُما بِالسَّوِيَّةِ، وَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ نَاقِصَةً مِنْ أرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةً، فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا أنْ يَشَاءَ رَبُّهَا. وَفِي الرِّقَةِ رُبْعُ العُشْرِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنِ المَالُ إِلَّا تِسْعِينَ وَمِائَةَ دِرْهَمٍ فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا أنْ يَشَاءَ رَبُّها».
أخرجه أحمد (72)، والبخاري (1448)، وابن ماجة (1800)، وأبو داود (1567)، والنسائي (2239)، وأبو يعلى (127).
- أخرجه أبو يَعلى (126) قال: حدَّثنا أبو الربيع الزهراني، قال: حدَّثنا حمَّاد، قال: حدَّثنا أيوب، قال: رأينا عند ثمامة بن عبد الله بن أنس كتابًا كتبه أبو بكر الصديق لأنس بن مالك، حين بعثه على صدقة البحرين، عليه خاتم النبي صلى الله عليه وسلم، فيه مثل هذا القول.
2812 -
[ح] الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: تَأيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ أوْ حُذَيْفَةَ شَكَّ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَكَانَ مِنْ أصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، فَتُوُفِّيَ بِالمَدِينَةِ، قَالَ فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ، فَقُلتُ: إِنْ شِئْتَ أنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ، قَالَ: سَأنْظُرُ فِي ذَلِكَ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ، فَلَقِيَنِي فَقَالَ: مَا أُرِيدُ أنْ أتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا.
قَالَ عُمَرُ: فَلَقِيتُ أبا بَكْرٍ فَقُلتُ: إِنْ شِئْتَ أنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ ابْنَةَ عُمَرَ، فَلَمْ يَرْجِعْ إِليَّ شَيْئًا، فَكُنْتُ أوْجَدَ عَلَيْهِ مِنِّي عَلَى عُثْمَانَ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ، فَخَطَبَهَا إِليَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَأنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ، فَلَقِيَنِي أبُو بَكْرٍ فَقَالَ: لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَليَّ حِينَ عَرَضْتَ عَليَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أرْجِعْ إِلَيْكَ شَيْئًا؟ قَالَ: قُلتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّهُ لَمْ
يَمْنَعْنِي أنْ أرْجِعَ إِلَيْكَ شَيْئًا حِينَ عَرَضْتَهَا عَليَّ إِلَّا أنِّي «سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُهَا، وَلَمْ أكُنْ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَلَوْ تَرَكَهَا نَكَحْتُها» .
أخرجه أحمد (74)، والبخاري (4005)، والنسائي (5343)، وأبو يعلى (6).
2813 -
[ح] ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، أنَّهَا أخْبَرَتْهُ، أنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أرْسَلَتْ إِلَى أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ تَسْألُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، مِمَّا أفَاءَ اللهُ عَلَيْهِ بِالمَدِينَةِ، وَفَدَكٍ، وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمْسِ خَيْبَرَ، فَقَالَ أبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّما يَأكُلُ آلُ مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا المَالِ» وَإِنِّي وَالله لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ حَالهَا الَّتِي كَانَتْ، عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَلَأعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَأبَى أبُو بَكْرٍ أنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ شَيْئًا، فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ.
قَالَ: فَهَجَرَتْهُ، فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم سِتَّة أشْهُرٍ، فَلمَّا تُوُفِّيَتْ دَفَنَها زَوْجُهَا عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ لَيْلًا، وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أبا بَكْرٍ، وَصَلَّى عَلَيْهَا عَلِيٌّ، وَكَانَ لِعَليٍّ مِنَ النَّاسِ وِجْهَةٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ، فَلمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ، فَالتَمَسَ مُصَالحَةَ أبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ بَايَعَ تِلكَ الأشْهُرَ، فَأرْسَلَ إِلَى أبِي بَكْرٍ أنِ ائْتِنَا وَلَا يَأتِنَا مَعَكَ أحَدٌ، كَرَاهِيَةَ مَحْضَرِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ.
فَقَالَ عُمَرُ لِأبِي بَكْرٍ: وَالله، لَا تَدْخُل عَلَيْهِمْ وَحْدَكَ، فَقَالَ أبُو بَكْرٍ: وَمَا عَسَاهُمْ أنْ يَفْعَلُوا بِي؟ إِنِّي وَالله لَآتِيَنَّهُمْ، فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ أبُو بَكْرٍ، فَتشَهَّدَ عَلِيُّ بْنُ
أبِي طَالِبٍ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا يَا أبا بَكْرٍ فَضِيلَتكَ، وَمَا أعْطَاكَ اللهُ، وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ خَيْرًا سَاقَهُ اللهُ إِلَيْكَ، وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِالأمْرِ، وَكُنَّا نَحْنُ نَرَى لَنَا حَقًّا لِقَرَابَتِنَا مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَزَل يُكَلِّمُ أبا بَكْرٍ حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أبِي بَكْرٍ.
فَلمَّا تَكَلَّمَ أبُو بَكْرٍ، قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَرَابَةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أحَبُّ إِليَّ أنْ أصِلَ مِنْ قَرَابَتِي، وَأمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْني وَبَيْنَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأمْوَالِ، فَإِنِّي لَمْ آلُ فِيهَا عَنِ الحقِّ، وَلَمْ أتْرُكْ أمْرًا رَأيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلَّا صَنَعْتُهُ، فَقَالَ عَليٌّ لِأبِي بَكْرٍ: مَوْعِدُكَ العَشِيَّةُ لِلبَيْعَةِ، فَلمَّا صَلَّى أبُو بَكْرٍ صَلَاةَ الظُّهْرِ، رَقِيَ عَلَى المِنْبَرِ، فَتشَهَّدَ وَذَكَرَ شَأنَ عَلِيٍّ وَتَخلُّفَهُ عَنِ البَيْعَةِ، وَعُذْرَهُ بِالَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَتَشَهَّدَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ، فَعَظَّمَ حَقَّ أبِي بَكْرٍ، وَأنَّهُ لَمْ يَحْمِلهُ عَلَى الَّذِي صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أبِي بَكْرٍ، وَلَا إِنْكَارًا لِلَّذِي فَضَّلَهُ اللهُ بِهِ، وَلَكِنَّا كُنَّا نَرى لَنا فِي الأمْرِ نَصِيبًا، فَاسْتُبِدَّ عَلَيْنَا بِهِ، فَوَجَدْنَا فِي أنْفُسِنَا، فَسُرَّ بِذَلِكَ المُسْلِمُونَ، وَقَالُوا: أصَبْتَ، فَكَانَ المُسْلِمُونَ إِلَى عَلِيٍّ قَرِيبًا حِينَ رَاجَعَ الأمْرَ المَعْرُوفَ.
أخرجه عبد الرزاق (9774)، وأحمد (9)، والبخاري (3092)، ومسلم (4601)، وأبو داود (2968)، والنسائي (4427)، وأبو يعلى (43).
2814 -
[ح] الأعْمَشِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ، عَنْ عُمَيْرٍ، مَوْلَى العَبَّاسِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لمَّا قُبِضَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَاسْتُخْلِفَ أبُو بَكْرٍ خَاصَمَ العَبَّاسُ عَلِيًّا فِي أشْيَاءَ تَرَكَهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أبُو بَكْرٍ شَيْءٌ تَرَكَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُحرِّكْهُ فَلا أُحَرِّكُهُ، فَلمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ اخْتَصَمَا إِلَيْهِ، فَقَالَ: شَيْءٌ لَمْ يُحرِّكْهُ
أبُو بَكْرٍ فَلَسْتُ أُحَرِّكُهُ، قَالَ: فَلمَّا اسْتُخْلِفَ عُثْمانُ اخْتَصَمَا إِلَيْهِ قَالَ: فَأسْكَتَ عُثْمَانُ وَنَكَسَ رَأسَهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَخَشِيتُ أنْ يَأخُذَهُ، فَضَرَبْتُ بِيَدِي بَيْنَ كَتِفَيِ العَبَّاسِ، فَقُلتُ: يَا أبَتِ أقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِلَّا سَلَّمْتَهُ لِعَليٍّ، قَالَ فَسَلَّمَهُ لَهُ».
أخرجه أحمد (77)، والبزار (14)، وأبو يَعلى (26).
2815 -
[ح] الأعْمَش، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أبِي البَخْتَرِيِّ، عَنْ أبِي بَرْزَةَ قَالَ: مَرَرْتُ عَلَى أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَهُوَ يَتَغَيَّظُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أصْحَابِهِ، فَقُلتُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ الله مَنْ هَذَا الَّذِي تَغَيَّظُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: وَلِمَ تَسْألُ عَنْهُ؟ قُلتُ: أضْرِبُ عُنُقهُ، قَالَ: فَوَالله لَأذْهَبَ غَضَبَهُ مَا قُلتَ، ثُمَّ قَالَ:«مَا كَانَتْ لِأحَدٍ بَعْدَ مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم» .
أخرجه الحميدي (6)، والنسائي (3522).
- تابعه: شعبة، عن توبة العنبري، قال: سمعت أبا سوار القاضي، عن أبي برزة الأسلمي. أخرجه أحمد 54)، وأبو يعلى (82)، وتابعهم: يزيد بن زُريع، قال: حدَّثنا يونس بن عبيد، عن حميد بن هلال، عن عبد الله بن مطرف بن الشخير، عن أبي برزة الأسلمي. أخرجه أحمد (61)، وأبو داود (4363)، والنسائي (3526)، وأبو يعلى (79)، وقال النَّسَائي: هذا الحديث أحسن الأحاديث وأجودها، والله تعالى أعلم. (7/ 110)
2816 -
[ح] ابْن عُيَيْنَة، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةِ، قَالَ: قَالَ أبُو بَكْرٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَامَ الأوَّلِ وَالعَهْدُ قَرِيبٌ، يَقُولُ:«سَلُوا الله العَافِيَةَ وَاليَقِينَ» .
أخرجه ابن أبي شيبة (29793)، وأبو يَعلى (135).
- يحيى بن جعدة، عن أبي بكر الصديق، مرسل. تابعه: إسماعيل بن إبراهيم، عن يونس، عن الحسن، عن أبي بكرأخرجه أحمد (38) الحسن، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، مرسل «المراسيل» لابن أبي حاتم (91).
2817 -
[ح] إِسْمَاعِيل بْن أبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أبِي حَازِمٍ، أنَّ أبا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَامَ فَحَمِدَ الله وَأثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا أيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الآيَةَ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105] وَإِنَّا سَمِعْنَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «النَّاسُ إِذَا رَأوُا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ يُوشِكُ أنْ يَعُمَّهُمُ الله بِعِقَابٍ» .
أخرجه الحميدي (3)، وابن أبي شيبة (38738)، وأحمد (1)، وعبد بن حميد (1)، وابن ماجة (4005)، وأبو داود (4338)، والترمذي (2168)، والنسائي (11092)، وأبو يعلى (128).
- قال أبو زُرعَة: وأحسب إسماعيل بن أبي خالد كان يرفعه مرة، ويوقفه مرة «علل الحديث» (1788).
- وقال أبو عيسى التِّرمِذي: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
- وقال الدارقُطني: وجميع رواة هذا الحديث ثقات، ويشبه أن يكون قيس بن أبي حازم كان ينشط في الرواية مرة فيسنده، ومرة يجبن عنه فيقفه على أبي بكر «العلل» . (47)
2818 -
[ح] الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أخْبَرَنِي ابْنُ السَّبَّاقِ، أنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ الأنْصَارِيَّ رضي الله عنه وَكَانَ مِمَّنْ يَكْتُبُ الوَحْيَ - قَالَ: أرْسَلَ إِليَّ أبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أهْلِ اليَمامَةِ وَعِنْدَهُ عُمَرُ، فَقَالَ أبُو بَكْرٍ: إِنَّ عُمَرَ أتَانِي، فَقَالَ: إِنَّ القَتْلَ قَدْ اسْتَحَرَّ يَوْمَ اليَمامَةِ بِالنَّاسِ، وَإِنِّي أخْشَى أنْ يَسْتَحِرَّ القَتْلُ بِالقُرَّاءِ فِي المَوَاطِنِ، فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ القُرْآنِ إِلَّا أنْ تَجْمَعُوهُ، وَإِنِّي لَأرَى أنْ تَجْمَعَ القُرْآنَ.
قَالَ أبُو بَكْرٍ: قُلتُ لِعُمَرَ: «كَيْفَ أفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ » فَقَالَ عُمَرُ: هُوَ وَالله خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَل عُمَرُ يُرَاجِعُنِي فِيهِ حَتَّى شَرَحَ الله لِذَلِكَ صَدْرِي، وَرَأيْتُ الَّذِي رَأى عُمَرُ، قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: وَعُمَرُ عِنْدَهُ جَالِسٌ لا يَتكَلَّمُ، فَقَالَ
أبُو بَكْرٍ: إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ، وَلا نَتَّهِمُكَ، «كُنْتَ تَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم» فَتتبَّعِ القُرْآنَ فَاجْمَعْهُ، فَوَالله لَوْ كَلَّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الجِبَالِ مَا كَانَ أثْقَلَ عَليَّ، مِمَّا أمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ القُرْآنِ.
قُلتُ: «كَيْفَ تَفْعَلانِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؟ » فَقَالَ أبُو بَكْرٍ: هُوَ وَالله خَيْرٌ، فَلَمْ أزَل أُرَاجِعُهُ حَتَّى شَرَحَ الله صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ الله لَهُ صَدْرَ أبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقُمْتُ فَتتبَّعْتُ القُرْآنَ أجْمَعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ وَالأكْتَافِ، وَالعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ، حَتَّى وَجَدْتُ مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيتَيْنِ مَعَ خُزَيْمَةَ الأنْصَارِيِّ لَمْ أجِدْهُما مَعَ أحَدٍ غَيْرِهِ، {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} [التوبة: 128] إِلَى آخِرِهِمَا، وَكَانَتِ الصُّحُفُ الَّتِي جُمِعَ فِيهَا القُرْآنُ عِنْدَ أبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ الله، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَتَّى تَوَفَّاهُ الله، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ.
أخرجه الطيالسي (609)، وابن أبي شيبة (26397)، وأحمد (57)، والبخاري (4679)، والترمذي (3103)، والنسائي (7941)، وأبو يعلى (63).
2819 -
[ح](إِسْرَائِيل بْن يُونُسَ، وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ) عَنْ أبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: اشْتَرَى أبُو بَكْرٍ مِنْ عَازِبٍ رَحْلًا بِثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، فَقَالَ أبُو بَكْرٍ لِعَازِبٍ: مُرِ البَرَاءَ فَليَحْمِلهُ إِلَى رَحْلي، فَقَالَ لَهُ عَازِبٌ: لَا، حَتَّى تُحدِّثَنَا كَيْفَ صَنَعْتَ أنْتَ وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حَيْثُ خَرَجْتُما وَالمُشْرِكُونَ يَطْلُبُونكُما، قَالَ: رَحَلنَا مِنْ مَكَّةَ فَأحْيَيْنَا لَيْلَتنَا وَيَوْمَنَا حَتَّى أظْهَرْنَا، وَقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ فَرَمَيْتُ
بِبَصَرِي هَل أرَى مِنْ ظِلٍّ نَأوِي إِلَيْهِ، فَإِذَا أنا بِصَخْرَةٍ فَانْتهَيْنَا إِلَيْهَا، فَإِذَا بَقِيَّةُ ظِلٍّ لَها فَنظَرْتُ بِقُبَّةِ ظِلٍّ فَسَوَّيْتُهُ ثُمَّ فَرَشْتُ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِيهِ فَرْوَةً.
ثُمَّ قُلتُ: اضْطَجِعْ يَا رَسُولَ الله، فَاضْطَجَعَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ أنْقُضُ مَا حَوْلِي هَل أرَى مِنَ الطَّلَبِ أحَدًا، فَإِذَا أنا بِرَاعِي غَنَمٍ يَسُوقُ غَنَمَهُ إِلَى الصَّخْرَةِ، يُرِيدُ مِنْهَا الَّذِي أُرِيدُ، فَسَألتُهُ فَقُلتُ: لِمَنْ أنْتَ يَا غُلَامُ؟ فَقَالَ: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، قَالَ: فَسَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ، فَقُلتُ: هَل فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلتُ: هَل أنْتَ حَالِبٌ لِي؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأمَرْتُهُ، فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ فَأمَرْتُهُ أنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا مِنَ الغُبَارِ، ثُمَّ أمَرْتُهُ أنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ، فَقَالَ هَكَذَا، فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيْهِ بِالأُخْرَى، فَحَلَبَ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَمَعِي لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إِدَاوَةٌ عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَردَ أسْفَلُهُ.
فَأتَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَوَافَقْتُهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ، فَقُلتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ الله، فَشَرِبَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى رَضِيتُ، ثُمَّ قُلتُ: أنَّى الرَّحِيلُ يَا رَسُولَ الله، فَارْتَحلنَا وَالقَوْمُ يَطْلُبُونَنَا، فَلَمْ يُدْرِكْنَا أحَدٌ مِنْهُمْ غَيْرَ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جَعْشَمٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، فَقُلتُ: هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لحَقَنَا يَا رَسُولَ الله، فَقَالَ:«لَا تَحْزَنْ إِنَّ الله مَعَنَا» .
حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَّا، فَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ قَدْرُ رُمْحٍ أوْ رُمْحَيْنِ أوْ ثَلَاثَةٍ، قَالَ: قُلتُ: يَا رَسُولَ الله، هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لحَقَنَا، وَبَكَيْتُ، فَقَالَ، مَا يُبْكِيكَ؟ فَقُلتُ: أمَا وَالله مَا عَلَى نَفْسِي أبْكي، وَلَكِنِّي أبْكي عَلَيْكَ، قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ» .
قَالَ: فَسَاخَتْ بِهِ فَرَسُهُ فِي الأرْضِ إِلَى بَطْنِهَا، فَوَثَبَ عَنْهَا ثُمَّ قَالَ: يَا مُحمَّدُ، قَدْ عَلِمْتُ أنَّ هَذَا عَمَلُكَ، فَادْعُ الله أنْ يُنْجِيَني مِمَّا أنا فِيهِ، فَوَالله لَأُعْمِيَنَّ عَلَى مَنْ وَرَائِي مِنَ الطَّلَبِ، وَهَذِهِ كِنَانَتِي فَخُذْ سَهْمًا مِنْهُما فَإِنَّكَ سَتَمُرُّ عَلَى إبلي وَغَنَمِي بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَخُذْ مِنْهَا حَاجَتَكَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:«لَا حَاجَةَ لَنا فِي إبلِكَ» .
وَانْصَرَفَ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَدَعَا لَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَانْطَلَقَ رَاجِعًا إِلَى أصْحَابِهِ، وَمَضَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَأنا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا المَدِينَةَ لَيْلًا، فَتنَازَعَهُ القَوْمُ أيُّهُمْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:«إِنِّي أنْزِلُ اللَّيْلَةَ عَلَى بَني النَّجَّارِ أخْوَالِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، أُكْرِمُهُمْ بِذَلِكَ» .
فَخَرَجَ النَّاسُ حَتَّى دَخَلَ المَدِينَةَ، وَفِي الطَّرِيقِ وَعَلَى البُيُوتِ الغِلمَانُ وَالخَدَمُ جَاءَ مُحمَّدٌ، جَاءَ رَسُولُ الله، فَلمَّا أصْبَحَ انْطَلَقَ فَنزَلَ حَيْثُ أمَرَهُ الله.
وَكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قَدْ صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أوْ سَبْعَةَ عَشَرَ m l . شَهْرًا، وَكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ أنْ يُوَجَّهَ نَحْوَ الكَعْبَةِ، فَأنْزَلَ الله {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144].
قَالَ: فَوُجِّهَ نَحْوَ الكَعْبَةِ، وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ:{مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 142].
قَالَ: وَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام رَجُلٌ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَمَا صَلَّى، فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الأنْصَارِ وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلَاةِ العَصْرِ نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ فَقَالَ: هُوَ يَشْهَدُ أنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأنَّهُ قَدْ وُجِّهَ نَحْوَ الكَعْبَةِ، قَالَ: فَانْحَرَفَ القَوْمُ حَتَّى وُجِّهُوا نَحْوَ الكَعْبَةِ.
قَالَ البَرَاءُ: وَكَانَ نَزَلَ عَلَيْنَا مِنَ المُهاجِرِينَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ أخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ ابْنِ قُصَيٍّ، فَقُلنَا لَهُ: مَا فَعَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: هُوَ وَمَكَانُهُ وَأصْحَابُهُ عَلَى أثَرِي، ثُمَّ أتَانَا بَعْدُ عَمْرٌو ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ أخُو بَنِي فِهْرٍ الأعْمَى، فَقُلنَا لَهُ: مَا فَعَلَ مِنْ وَرَائِكَ رَسُولُ الله وَأصْحَابُهُ؟
فَقَالَ: هُمْ عَلَى أثَرِي، ثُمَّ أتانا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ مِنْ بَعْدِهِمْ فِي عِشْرِينَ رَاكِبًا، ثُمَّ أتَانَا بَعْدَهُمْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَأبُو بَكْرٍ مَعَهُ. فَلَمْ يَقْدَمْ عَلَيْنَا حَتَّى قَرَأتُ سُوَرًا مِنْ سُوَرِ المُفَصَّلِ، ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى نَتَلَقَّى العِيرَ فَوَجَدْنَاهُمْ قَدْ حُذِّرُوا.
أخرجه ابن أبي شيبة (37765)، وأحمد (3)، والبخاري (2439)، ومسلم (7625)، وأبو يعلى (116).
2820 -
[ح] هَمَّام، قَالَ: ثنا ثَابِتٌ، عَنْ أنَسٍ، أنَّ أبا بَكْرٍ، حَدَّثَهُ قَالَ: قُلتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَنَحْنُ فِي الغَارِ: لَوْ أنَّ أحَدَهُمْ يَنْظُرُ إِلَى قَدَمَيْهِ لَأبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ، فَقَالَ:«يَا أبا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ الله ثَالِثُهُما» .
أخرجه ابن أبي شيبة (32592)، وأحمد (11)، وعبد بن حميد (2)، والبخاري (3653)، ومسلم (6244)، والترمذي (3096)، وأبو يعلى (66).
- قال أبو عيسى التِّرمِذي: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ، إنما يروى من حديث همام تفرد به، وقد روى هذا الحديث حبان بن هلال، وغير واحد، عن همام، نحو هذا.
2821 -
[ح] عُمَر بْن سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ أبِي مُلَيْكَةَ، أخْبَرَنِي عُقْبَةُ بْنُ الحَارِثِ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه مِنْ صَلاةِ العَصْرِ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِلَيَالٍ، وَعَليٌّ عليه السلام يَمْشِي إِلَى جَنْبِهِ، فَمَرَّ بِحَسَنِ بْنِ عَليٍّ يَلعَبُ مَعَ غِلمَانٍ، فَاحْتَمَلَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ وَهُوَ يَقُولُ:«وَا بِأبِي شَبَهُ النَّبِيِّ لَيْسَ شَبِيهًا بِعَليِّ» قَالَ: وَعَلِيٌّ يَضْحَكُ.
أخرجه أحمد (40)، والبخاري (3542)، والنسائي (8105)، وأبو يعلى (38).
2822 -
[ح] سُلَيمانَ بْنِ المُغِيرَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أنَسٍ، قَالَ: «لَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ أبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ أوْ عُمَرُ لِأبِي بَكْرٍ
(1)
: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أيْمَنَ نَزُورُهَا، فَانْطَلَقَا إِلَيْهَا فَجَعَلَتْ تَبْكِي، فَقَالَا لَها: يَا أُمَّ أيْمَنَ، إِنَّ مَا عِنْدَ الله خَيْرٌ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: قَدْ عَلِمْتُ أنَّ مَا عِنْدَ الله خَيْرٌ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَلَكِنِّي أبْكِي عَلَى خَبَرِ السَّمَاءِ انْقَطَعَ عَنَّا، فَهَيَّجَتْهُما عَلَى البُكَاءِ؛ فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ مَعَهَا».
أخرجه ابن أبي شيبة (38182)، ومسلم (6400)، وابن ماجة (1635)، وأبو يعلى (69).
* * *
(1)
ورواية مسلم وابن ماجة وأبو يعلى ليس فيها: أوْ عُمَرُ لِأبِي بَكْرٍ.