المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل: بيان فساد قولهم في تفسير آية سورة البقرة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين] - الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية - جـ ٢

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ: إِنْ لَمْ يُقِرُّوا بِرِسَالَتِهِ إِلَى الْعَرَبِ]

- ‌[فَصْلٌ: الرَّدُّ عَلَى النَّصَارَى فِي زَعْمِهِمْ أَنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم لَمْ يُبَشَّرْ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ: إِبْطَالُ اسْتِدْلَالِ النَّصَارَى عَلَى صِحَّةِ دِينِهِمْ بِمَا جَاءَ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ السَّابِقِينَ] [

- ‌طُرُقُ إِثْبَاتِ نُبُوَّةِ الْأَنْبِيَاءِ السَّابِقِينَ هِيَ إِثْبَاتٌ لِنُبُوَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[إِبْطَالُ دَعْوَى النَّصَارَى إِلَهِيَّةِ الْمَسِيحِ عليه السلام]

- ‌[فَصْلٌ: الْمُسْلِمُونَ لَمْ يُصَدِّقُوا نُبُوَّةَ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ إِلَّا مَعَ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ: رَدُّ دَعْوَى النَّصَارَى خُصُوصِيَّةَ الْإِسْلَامِ لِكَوْنِ كِتَابِهِ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ: دَفْعُ مَا يُوهِمُ الْخُصُوصِيَّةَ لِكَوْنِ الْقُرْآنِ عَرَبِيًّا]

- ‌[فَصْلٌ: رَدُّ زَعْمِ النَّصَارَى عِصْمَةَ الْحَوَارِيِّينَ الْمُتَرْجِمِينَ لِلْإِنْجِيلِ]

- ‌[فَصْلٌ: الرَّدُّ عَلَى زَعْمِهِمْ الِاسْتِغْنَاءَ بِرُسُلِ اللَّهِ إِلَيْهِمْ عَنْ رِسَالَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ: رَدُّ زَعْمِهِمْ بِأَنَّ عَدْلَ اللَّهِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يُطَالَبُوا بِاتِّبَاعِ إِنْسَانٍ لَمْ يَأْتِ إِلَيْهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ: رَدُّ عَقِيدَةِ النَّصَارَى فِي الصَّلْبِ وَالْفِدَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ: الرَّدُّ عَلَى النَّصَارَى فِي دَعْوَاهُمْ أَنَّ مَنْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا. . . تَقْتَضِي الْعَرَبَ وَحْدَهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ: تَوَسُّطُ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَ تَقْصِيرِ الْيَهُودِ وَغُلُوِّ النَّصَارَى]

- ‌[فَصْلٌ: الْفَرْقُ بَيْنَ مَا يُضَافُ إِلَى اللَّهِ مِنْ صِفَاتِهِ وَمَا يُضَافُ إِلَيْهِ مِنْ مَمْلُوكَاتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ: إِبْطَالُ دَعْوَاهُمُ اتِّحَادَ كَلِمَةِ اللَّهِ بِجَسَدِ الْمَسِيحِ]

- ‌[فَصْلٌ: رَدُّ دَعْوَاهُمُ الْفَضْلَ لَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ]

- ‌[فَصْلٌ: بَيَانُ مَعْنَى الرُّوحِ الْقُدُسِ وَدَفْعُ اعْتِقَادِ النَّصَارَى أُلُوهِيَّتَهُ]

- ‌[فَصْلٌ: الرَّدُّ عَلَى النَّصَارَى فِي احْتِجَاجِهِمْ بِآيَةِ سُورَةِ الْحَدِيدِ عَلَى مَدْحِ الرَّهْبَانِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ: الرَّدُّ عَلَى النَّصَارَى فِي احْتِجَاجِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ مَدَحَهُمْ فِي قَوْلِهِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ: رَدُّ دَعْوَاهُمْ تَعْظِيمَ الْإِسْلَامِ لِمَعَابِدِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ: رَفْضُ دَعْوَاهُمْ وُجُوبَ التَّمَسُّكِ بِدِينِهِمْ بَعْدَ بَعْثَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ: رَدُّ دَعْوَى النَّصَارَى أَنَّ الْإِسْلَامَ عَظَّمَ الْحَوَارِيِّينَ]

- ‌[فَصْلٌ: بَيَانُ فَسَادِ قَوْلِهِمْ فِي تَفْسِيرِ آيَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ]

- ‌[فَصْلٌ: الرَّدُّ عَلَى قَوْلِهِمْ أَنَّ الْقُرْآنَ يَشْهَدُ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَنْصَارُ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ: الرَّدُّ عَلَيْهِمْ فِي زَعْمِهِمْ أَنَّ الْإِسْلَامَ عَظَّمَ إِنْجِيلَهُمُ الَّذِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ: قِيَامُ الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ الرُّسُلِ]

- ‌[فَصْلٌ: أَسْبَابُ ضَلَالِ النَّصَارَى وَمَنْ عَلَى شَاكِلَتِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ: الْخَوَارِقُ الَّتِي يُضِلُّ بِهَا الشَّيَاطِينُ أَبْنَاءَ آدَمَ]

- ‌[فَصْلٌ: مَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الرُّسُلِ فِي قَوْلِهِ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ: إِثْبَاتُ أَنَّ عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ مَا يُثْبِتُ صِدْقَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ: رَفْضُ دَعْوَاهُمْ أَنَّ الْقُرْآنَ صَدَّقَ كُتُبَهُمُ الَّتِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ: رَدُّ دَعْوَاهُمْ تَنَاقُضُ خَبَرِ الْأَنْبِيَاءِ السَّابِقِينَ مَعَ مَا أَخْبَرَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ: وُقُوعُ التَّبْدِيلِ فِي أَلْفَاظِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَانْقِطَاعِ سَنَدِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ: الرَّدُّ عَلَى النَّصَارَى فِي دَعْوَاهُمْ بِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَقُولُونَ أَنَّ التَّحْرِيفَ وَقَعَ بَعْدَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ]

- ‌[فَصْلٌ: دَعْوَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَى الْحُكْمِ بِمَا فِي كُتُبِهِمْ مِنَ الْأَلْفَاظِ الصَّحِيحَةِ]

الفصل: ‌[فصل: بيان فساد قولهم في تفسير آية سورة البقرة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين]

[فَصْلٌ: بَيَانُ فَسَادِ قَوْلِهِمْ فِي تَفْسِيرِ آيَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ]

وَقَدْ تَبَيَّنَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فَسَادُ قَوْلِهِمْ: فِي تَفْسِيرِ آيَةِ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: وَقَالَ: فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ {فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة: 213] قَالُوا: فَأَعْنِي بِقَوْلِهِ: أَنْبِيَاءَهُ الْمُبَشِّرِينَ وَرُسُلَهُ يَنْحُو بِذَلِكَ عَنِ الْحَوَارِيِّينَ الَّذِينَ دَارُوا فِي سَبْعَةِ أَقَالِيمِ الْعَالَمِ وَبَشَّرُوا بِالْكِتَابِ الَّذِي هُوَ الْإِنْجِيلُ الطَّاهِرُ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَعْنِي عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَدَاوُدَ وَمُحَمَّدٍ لَكَانَ قَالَ: وَمَعَهُمُ الْكُتُبُ ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَاءَ بِكِتَابٍ دُونَ غَيْرِهِ وَلَمْ يَقُلْ إِلَّا الْكِتَابَ الْوَاحِدَ ; لِأَنَّهُ مَا أُتِيَ جَمَاعَةٌ مُبَشِّرِينَ بِكِتَابٍ وَاحِدٍ غَيْرَ الْحَوَارِيِّينَ الَّذِينَ أُتُوا بِالْإِنْجِيلِ الطَّاهِرِ.

فَيُقَالُ: لَهُمْ: قَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ مَا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ هَذَا التَّفْسِيرِ.

وَأَيْضًا، فَإِنَّهُ قَالَ - تَعَالَى -:{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} [البقرة: 213] أَيْ فَاخْتَلَفُوا. {فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [البقرة: 213] .

وَالْحَوَارِيُّونَ لَيْسُوا مِنَ النَّبِيِّينَ وَإِنْ كَانَ الْمَسِيحُ أَرْسَلَهُمْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إِرْسَالِهِ لَهُمْ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ كَمَنْ أَرْسَلَهُمْ مُوسَى وَمُحَمَّدٌ وَغَيْرُهُمَا وَلِهَذَا تُسَمِّيهِمْ عَامَّةُ النَّصَارَى رُسُلًا وَلَا يُسَمُّونَهُمْ أَنْبِيَاءً.

ص: 256

وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ: وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ.

وَالْحَوَارِيُّونَ لَمْ يَنْزِلْ مَعَهُمُ الْكِتَابُ إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ مَعَ الْمَسِيحِ، وَلَكِنَّ الْأَنْبِيَاءَ أُنْزِلَ مَعَهُمْ جِنْسُ الْكِتَابِ، فَإِنَّ الْكِتَابَ اسْمُ جِنْسٍ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْكُتُبُ الْمُنَزَّلَةُ كُلُّهَا ; كَمَا فِي قَوْلِهِ:{وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} [البقرة: 177] وَفِي قَوْلِهِ: {كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} [البقرة: 285] وَفِي الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى (وَكِتَابِهِ وَرُسُلِهِ) وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَنْ مَرْيَمَ: {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ} [التحريم: 12] وَفِي الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى (وَكِتَابِهِ) وَأَيْضًا قَالَ - تَعَالَى -: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [البقرة: 213] .

ص: 257

وَقَالَ - تَعَالَى -: فِي سُورَةِ يُونُسَ {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا} [يونس: 19] وَهَذَا يَدُلُّ أَنَّهُ لَمَّا اخْتَلَفَتْ بَنُو آدَمَ بَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ، وَاخْتِلَافُهُمْ كَانَ قَبْلَ الْمَسِيحِ بَلْ قَبْلَ مُوسَى بَلْ قَبْلَ الْخَلِيلِ بَلْ قَبْلَ نُوحٍ ; كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ عَشَرَةُ قُرُونٍ كُلُّهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ، ثُمَّ حَدَثَ فِيهِمُ الشِّرْكُ وَالِاخْتِلَافُ عَلَى وَجْهَيْنِ تَارَةً يَخْتَلِفُونَ فَيُؤْمِنُ بَعْضُهُمْ وَيَكْفُرُ بَعْضُهُمْ ; كَمَا قَالَ - تَعَالَى -:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ} [البقرة: 253] وَقَالَ - تَعَالَى -: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] يَعْنِي أَهْلَ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ وَقَدْ يَكُونُ الْمُخْتَلِفُونَ كُلُّهُمْ عَلَى بَاطِلٍ كَقَوْلِهِ:

ص: 258

{وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} [البقرة: 176] وَقَوْلِهِ: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود: 118] وَأَيْضًا: فَالْإِنْجِيلُ لَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ بَلْ عَامَّتُهُ مَوَاعِظُ وَوَصَايَا وَأَخْبَارُ الْمَسِيحِ بِخِلَافِ التَّوْرَاةِ وَالْقُرْآنِ، فَإِنَّ فِيهِمَا مِنَ الْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مَا لَيْسَ فِي الْإِنْجِيلِ.

وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ} [البقرة: 213] .

وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ اللَّهَ هَدَى الَّذِينَ آمَنُوا بَعْدَ اخْتِلَافِ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بَغْيًا بَيْنَهُمْ لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ وَهَذَا ذَمٌّ لِمَنْ أُوتُوا الْكِتَابَ فَاخْتَلَفُوا.

وَالنَّصَارَى دَاخِلُونَ فِي هَذَا الذَّمِّ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ الْإِنْجِيلَ لَكَانُوا هُمُ الْمَذْمُومِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلِ الْيَهُودُ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْمُخْتَلِفِينَ مَذْمُومُونَ أَيْضًا، وَإِنَّمَا الْمَمْدُوحُ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ لِمَا اخْتَلَفَ أُولَئِكَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ.

ص: 259

وَهَذَا يَتَنَاوَلُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم قَطْعًا وَقَدْ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَنْ آمَنَ مِنَ الْأُمَمِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَالَّذِينَ كَانُوا عَلَى دِينِ مُوسَى وَالْمَسِيحِ وَإِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ ; كَمَا قَالَ - تَعَالَى -: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 62] وَأَمَّا أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ اللَّهَ هَدَاهُمْ لِمَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْأُمَمَ قَبْلَهُمْ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَهَذَا بَيِّنٌ، فَإِنَّهُمْ عَلَى الْحَقِّ وَالْعَدْلِ الْوَسَطِ بَيْنَ طَرَفَيِ الْبَاطِلِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي اتِّبَاعِهِمُ الْحَقَّ الَّذِي اخْتَلَفَتْ فِيهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فِي التَّوْحِيدِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْأَخْبَارِ وَالتَّشْرِيعِ وَالنَّسْخِ وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالتَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

أَمَّا التَّوْحِيدُ فَإِنَّ الْيَهُودَ شَبَّهُوا الْخَالِقَ بِالْمَخْلُوقِ فَوَصَفُوا الرَّبَّ سُبْحَانَهُ بِصِفَاتِ النَّقْصِ الَّذِي يَخْتَصُّ بِهَا الْمَخْلُوقُ فَقَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَبَخِيلٌ وَأَنَّهُ يَتْعَبُ وَغَيْرُ ذَلِكَ.

وَالنَّصَارَى وَصَفُوا الْمَخْلُوقَ بِصِفَاتِ الْخَالِقِ صِفَاتِ الْكَمَالِ الَّذِي يَخْتَصُّ بِهَا الْخَالِقُ فَقَالُوا: عَنِ الْمَسِيحِ أَنَّهُ خَالِقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْقَدِيمُ الْأَزَلِيُّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَ:

ص: 260

{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: 31] الْآيَةَ.

وَالْمُسْلِمُونَ هَدَاهُمُ اللَّهُ لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ فَلَمْ يُشَبِّهُوا الْخَالِقَ بِالْمَخْلُوقِ وَلَا الْمَخْلُوقَ بِالْخَالِقِ بَلْ أَثْبَتُوا لِلَّهِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ وَنَزَّهُوهُ عَنِ النَّقَائِصِ وَأَقَرُّوا بِأَنَّهُ أَحَدٌ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَلَيْسَ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ فِي شَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ فَنَزَّهُوهُ عَنِ النَّقَائِصِ خِلَافًا لِلْيَهُودِ وَعَنْ مُمَاثَلَةِ الْمَخْلُوقِ لَهُ خِلَافًا لِلنَّصَارَى.

وَأَمَّا الْأَنْبِيَاءُ عليهم السلام فَإِنَّ الْيَهُودَ قَتَلُوا بَعْضًا وَكَذَّبُوا بَعْضًا ; كَمَا قَالَ - تَعَالَى -: {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} [البقرة: 87] .

وَالنَّصَارَى أَشْرَكُوا بِهِمْ وَبِمَنْ هُوَ دُونَهُمْ فَعَبَدُوا الْمَسِيحَ بَلِ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَجَعَلُوا الْحَوَارِيِّينَ رُسُلًا لِلَّهِ وَزَعَمُوا أَنَّ الْإِنْسَانَ يَصِيرُ بِطَاعَتِهِ بِمَنْزِلَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَصَوَّرُوا تَمَاثِيلَ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَصَارُوا يَدْعُونَهُمْ وَيَسْتَشْفِعُونَ بِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ وَإِذَا مَاتَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تَمَاثِيلَهُمْ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذُكِرَ لَهُ كَنِيسَةٌ

ص: 261

بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ وَذُكِرَ مِنْ حُسْنِهَا وَتَصَاوِيرَ فِيهَا فَقَالَ: أُولَئِكَ إِذَا مَاتَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ التَّصَاوِيرَ أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .

وَأَمَّا الْمُسْلِمُونَ فَهَدَاهُمُ اللَّهُ لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ فَآمَنُوا بِأَنْبِيَاءِ اللَّهِ كُلِّهِمْ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَمْ يَغْلُوا فِيهِمْ غُلُوَّ النَّصَارَى وَلَا قَصَّرُوا فِي حَقِّهِمْ تَقْصِيرَ الْيَهُودِ وَكَذَلِكَ قَتَلَ الْيَهُودُ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ وَالنَّصَارَى يُطِيعُونَ مَنْ يَأْمُرُ بِالشِّرْكِ وَإِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وَيُطِيعُونَ مَنْ يُحَرِّمُ الْحَلَالَ وَيُحَلِّلُ الْحَرَامَ وَالْمُسْلِمُونَ يُطِيعُونَ مَنْ يَأْمُرُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَلَا يُطِيعُونَ مَنْ يَأْمُرُ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ. وَالنَّصَارَى فِيهِمُ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالْيَهُودُ فِيهِمْ الِاسْتِكْبَارُ عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ ; كَمَا قَالَ - تَعَالَى -: فِي النَّصَارَى {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 31] وَقَالَ: فِي الْيَهُودِ {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} [البقرة: 87] وَالْإِسْلَامُ هُوَ أَنْ يَسْتَسْلِمَ الْعَبْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ فَيَعْبُدُهُ وَحْدَهُ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ فَمَنِ اسْتَسْلَمَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ كَانَ مُشْرِكًا، وَاللَّهُ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ. وَمَنْ

ص: 262

لَمْ يَسْتَسْلِمْ لَهُ بَلِ اسْتَكْبَرَ عَنْ عِبَادَتِهِ كَانَ مِمَّنْ قِيلَ فِيهِ {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60] فَلِهَذَا كَانَ جَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ وَأُمَمِهِمْ مُسْلِمِينَ لِلَّهِ يَعْبُدُونَهُ وَحْدَهُ بِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ وَإِنْ تَنَوَّعَتْ شَرَائِعُهُمْ فَالْمَسِيحُ لَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا لَمَّا كَانَ مُتَّبِعًا لِشَرْعِ التَّوْرَاةِ وَلَمَّا نَسَخَ اللَّهُ لَهُ نُسْخَةً مِنْهَا.

وَمُحَمَّدٌ لَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا لِمَا كَانَ يُصَلِّي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ لَمَّا صَلَّى إِلَى الْكَعْبَةِ وَلَمَّا بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى الْخَلْقِ كَانُوا كُلُّهُمْ مَأْمُورِينَ بِطَاعَتِهِ وَكَانَتْ عِبَادَةُ اللَّهِ طَاعَتَهُ، فَمَنْ لَمْ يُطِعْهُ لَمْ يَكُنْ عَابِدًا لِلَّهِ فَلَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا.

وَأَمَّا التَّشْرِيعُ فَإِنَّ الْيَهُودَ زَعَمُوا أَنَّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ يَمْتَنِعُ مِنْهُ أَنْ يَنْسَخَهُ.

وَالنَّصَارَى زَعَمُوا أَنَّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ يَسُوغُ لِأَكَابِرِهِمْ أَنْ يَنْسَخُوهُ فَهَدَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ فَقَالُوا إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَهُ أَنْ يَنْسَخَ مَا شَرَعَهُ خِلَافًا لِلْيَهُودِ وَلَيْسَ لِلْمَخْلُوقِ أَنْ يُغَيِّرَ شَيْئًا مِنْ شَرْعِ الْخَالِقِ خِلَافًا لِلنَّصَارَى.

وَأَمَّا الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ وَالطَّهَارَةُ وَالنَّجَاسَةُ فَإِنَّ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الطَّيِّبَاتُ وَشُدِّدَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْرِ النَّجَاسَاتِ، حَتَّى مُنِعُوا مِنْ

ص: 263

مُؤَاكَلَةِ الْحَائِضِ وَالْجُلُوسِ مَعَهَا فِي بَيْتٍ وَمِنْ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْهِمْ شَحْمُ الثَّرْبِ وَالْكُلْيَتَيْنِ وَكُلُّ ذِي ظُفُرٍ وَغَيْرُ ذَلِكَ.

وَالْمَسِيحُ عليه السلام أَحَلَّ لَهُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْهِمْ فَقَابَلَهُمُ النَّصَارَى فَقَالُوا: لَيْسَ شَيْءٌ مُحَرَّمٌ لَا الْخِنْزِيرُ وَلَا غَيْرُهُ بَلْ وَلَا شَيْءَ نَجِسٌ، لَا الْبَوْلُ وَلَا غَيْرُهُ وَزَعَمُوا أَنَّ بَعْضَ أَكَابِرِهِمْ رَأَى مُلَاءَةً صُوِّرَ لَهُ فِيهَا صُوَرُ الْحَيَوَانِ وَقِيلَ لَهُ كُلْ مَا طَابَتْ نَفْسُكَ وَدَعْ مَا تَكْرَهُ وَأَنَّهُ أُبِيحَ لَهُمْ جَمِيعُ الْحَيَوَانِ وَنَسَخُوا شَرْعَ التَّوْرَاةِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ، فَالْحَلَالُ عِنْدَهُمْ مَا اشْتَهَتْهُ أَنْفُسُهُمْ وَالْحَرَامُ عِنْدَهُمْ مَا كَرِهَتْهُ أَنْفُسُهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ فَأَحَلَّ لَهُمُ اللَّهُ الطَّيِّبَاتِ وَحَرَّمَ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَأَزَالَ عَنْهُمُ الْآصَارَ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ خِلَافًا لِلْيَهُودِ وَأَمَرَهُمْ بِالطَّهَارَةِ طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ خِلَافًا لِلنَّصَارَى. وَالْمَسِيحُ عليه السلام جَعَلَتْهُ الْيَهُودُ وَلَدَ زِنًا كَذَّابًا سَاحِرًا، وَجَعَلَتْهُ النَّصَارَى هُوَ اللَّهُ خَالِقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ

ص: 264

فَشَهِدُوا أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ مَخْلُوقٌ خِلَافًا لِلنَّصَارَى وَأَنَّهُ رَسُولٌ وَجِيهٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ خِلَافًا لِلْيَهُودِ وَأَمَّا التَّصْدِيقُ وَالتَّكْذِيبُ، فَإِنَّ الْيَهُودَ مِنْ شَأْنِهِمُ التَّكْذِيبُ بِالْحَقِّ وَالنَّصَارَى مِنْ شَأْنِهِمُ التَّصْدِيقُ بِالْبَاطِلِ، فَإِنَّ الْيَهُودَ كَذَّبُوا مَنْ كَذَّبُوهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَقَدْ جَاءُوا بِالْحَقِّ ; كَمَا قَالَ - تَعَالَى -:{أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} [البقرة: 87] وَالنَّصَارَى يُصَدِّقُونَ بِمُحَالَاتِ الْعُقُولِ وَالشَّرَائِعِ ; كَمَا صَدَّقُوا بِالتَّثْلِيثِ وَالِاتِّحَادِ وَنَحْوِهِمَا مِنَ الْمُمْتَنِعَاتِ.

ص: 265