الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4-
الاستدلال بالأدلة في غير مواضعها:
وهذا يختلف عن السابق، لأنه استخدام للدليل في غير موضعه، والأمثلة توضح ذلك:
(أ) فكم سمعنا من الناس من إذا طلب منه الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. قال: مالي وللناس، فلم أكلف بهم، والله يقول:{عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} (المائدة: من الآية 105) .
وقد روى الإمام أحمد أن أبا بكر الصديق قام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} (المائدة: من الآية 105) . وإنكم تضعونها في غير موضعها، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«إن الناس إذا رأوا المنكر ولا يغيرونه يوشك الله عز وجل أن يعمهم بعقابه» .
قال ابن كثير: وقد روى هذا الحديث أصحاب السنن الأربعة، وابن حبان في صحيحه، وغيرهم من طرق كثيرة، عن جماعة كثيرة، عن إسماعيل بن أبي خالد به متصلا مرفوعا، ومنهم من رواه عنه به موقوفا على الصديق وقد رجح رفعه الدارقطني وغيره (1) .
(1) الترمذي (3059) . أبو داود (4338)، ابن ماجه (4005) . قال عنه ابن حجر جيد الإسناد انظر: تهذيب التهذيب.
(ب) ومن الاستدلال بالأدلة في غير مواضعها، استدلال كثير من الناس بقوله -تعالى-:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (البقرة: من الآية 195) . وبخاصة عند تبرير عدم المشاركة في الجهاد في سبيل الله، ولم يعلموا أن هذا الدليل حجة عليهم لا لهم، ولننظر في هذا الحديث.
والأمثلة في هذا كثيرة جدا، والاستدلال بها على هذا الوجه يخالف الحكمة وينافيها.
(1) قال ابن كثير 1 / 228: رواه أبو داود والترمذي والنسائي وعبد بن حميد في تفسيره وابن أبي حاتم وابن جرير وابن مردويه والحافظ أبو يعلى في مسنده وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه كلهم من حديث يزيد بن حبيب، وقال الترمذي حسن صحيح غريب، وقال الحاكم على شرط الشيخين ولم يخرجاه.