الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
13-
الصبر
الصبر مفتاح الفرج، ولقد وردت آيتان في كتاب الله، وقفت عندهما متأملا، وخرجت بعد ذلك مستنتجا، أن الصبر دعامة من دعائم الحكمة، بل سبب من أسبابها، وذلك في قوله -تعالى-:{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} (الأنبياء: من الآية 73) . وفي السجدة: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (السجدة: 24) .
إن الصبر من أعظم أسباب توفيقهم للإمامة، ولا يمكن أن يكون إماما للمتقين إلا إذا كان حكيما، قال الإمام الطبري:
وأريد بذلك في هذا الموضع أنه جعل منهم قادة في الخير، يؤتم بهم، ويهتدى بهديهم (1) .
ولمنزلة الصبر وأثره في الحياة، وردت آيات كثيرة تحث عليه وتأمر به، ومن الآيات التي وردت تبين أثر الصبر في الحصول على الحكمة والتوفيق لها.
منها قوله -تعالى-: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت: 34، 35) .
(1) انظر: تفسير الطبري 21 / 112.
فإن الإنسان إذا سلك منهجا يجعل من عدوه حميما وصديقا، فإن ذلك دليل على الحكمة وحسن التصرف.
والقرآن يبين أنه لن يصل إلى هذه المنزلة إلا من كان صابرا موفقا، وهناك آيات كثيرة عند التدبر لها، يدرك المسلم منزلة الصبر من الحكمة، وأثره في التوفيق لها.
ومنها: قوله -تعالى-: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} (البقرة: من الآية 45) . وقوله -سبحانه-: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (لقمان: من الآية 17) . وقوله: {قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} (الكهف: 67) . وقوله: {قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا} (الكهف: من الآية 69) . وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (آل عمران: 200) .
ومن خلال ما سبق يتضح أن الصبر من صفات الحكماء، ولذلك أوصى الله به رسله، وأنبياءه، وعباده المؤمنين.