المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحكمة في القرآن الكريم - الحكمة

[ناصر العمر]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌ أهمية موضوع الحكمة

- ‌ المعنى اللغوي للحكمة

- ‌الحكمة في القرآن الكريم

- ‌الحكمة في السنة

- ‌الحكمة كما عرفها بعض العلماء

- ‌أقسام الحكمة

- ‌أمثلة من الحكمة في السنة النبوية

- ‌ الهوى وعدم التجرد:

- ‌ الجهل:

- ‌ الأخذ بظواهر النصوص، وعدم الجمع بين الأدلة

- ‌ الاستدلال بالأدلة في غير مواضعها:

- ‌ عدم فهم الدليل:

- ‌ قلة التجربة والفردية:

- ‌ تقديم الجزئيات على الكليات

- ‌ العجلة وعدم ضبط النفس

- ‌ الخلط في المفاهيم

- ‌ عدم إتقان قاعدة المصالح والمفاسد:

- ‌ الغفلة عن مكائد الأعداء

- ‌ الغلظة والعنف والطيش

- ‌ التجرد والإخلاص والتقوى

- ‌ التوفيق والإلهام

- ‌ العلم الشرعي

- ‌ التجربة والخبرة

- ‌ الاستشارة

- ‌ بعد النظر وسمو الأهداف

- ‌ فقه السنن

- ‌ رجاحة العقل

- ‌ العدل

- ‌ التثبت

- ‌ المجاهدة

- ‌ الدعاء والاستخارة

- ‌ الصبر

- ‌ الرفق ولين الجانب

- ‌ التعامل مع المجتمع:

- ‌ إنكار المنكر:

- ‌ إشاعة بعض الأخبار والمفاهيم:

- ‌ النقد وبيان الأخطاء:

- ‌مسائل متعارضة سوى الناس بينها

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌الحكمة في القرآن الكريم

‌الحكمة في القرآن الكريم

ورد لفظ الحكمة في القرآن الكريم عشرين مرة، في تسع عشرة آية، في اثنتي عشرة سورة، وقد ورد لعدة معان، وتفصيل ذلك كما يلي: اختلف المفسرون في تفسير الآيات الواردة بلفظ الحكمة، فنجد مقاتل -كما ذكر الرازي - يقول: تفسير الحكمة في القرآن على أربعة أوجه:

أحدها: مواعظ القرآن، قال -تعالى- في سورة البقرة، الآية: 231: {وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ} (البقرة: من الآية 231) ومثلها في آل عمران.

وثانيهما: الحكمة بمعنى: الفهم والعلم، ومنه قوله - تعالى -:{وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} (مريم: من الآية 12)، وفي سورة لقمان (الآية: 12) {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} (لقمان: من الآية 12) يعني: الفهم والعلم، وفي (الأنعام الآية: 89) : {أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ} (الأنعام: من الآية 89) .

ص: 10

ثالثها: الحكمة بمعنى النبوة، ففي النساء 54:{فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} (النساء: من الآية 54)، وفي (ص 20) {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} (ص: من الآية 20) وفي البقرة: {وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ} (البقرة: من الآية 251) .

ورابعها: القرآن بما فيه من عجائب الأسرار، ففي النحل 125 {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ} (النحل: من الآية 125) ، وفي (البقرة 269) {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} (البقرة: من الآية 269) (1) .

ويقول الفيروزآبادي: وردت -الحكمة- في القرآن على ستة أوجه:

الأول: بمعنى النبوة والرسالة، {وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} (آل عمران: من الآية 48) . {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ} (صّ: من الآية 20){وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ} (البقرة: من الآية 251) . أي: النبوة.

الثاني: بمعنى القرآن والتفسير والتأويل، وإصابة القول فيه:{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} (البقرة: من الآية 269) .

(1) انظر: التفسير الكبير للرازي 7 / 67 والحكمة في الدعوة إلى الله ص 20.

ص: 11

الثالث: بمعنى فهم الدقائق والفقه في الدين {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} (مريم: من الآية 12) .

الرابع: بمعنى: الوعظ والتذكير {فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} (النساء: من الآية 54) . أي: المواعظ الحسنة، {أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ} (الأنعام: من الآية 89) .

الخامس: آيات القرآن وأوامره ونواهيه {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} (النحل: من الآية 125) .

السادس: بمعنى حجة العقل على وفق أحكام الشريعة، {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} (لقمان: من الآية 12) أي: قولًا يوافق العقل والشرع (1) .

وقال ابن كثير:

قال علي بن طلحة عن ابن عباس: يعني المعرفة بالقرآن، ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدمه ومؤخره، وحلاله وحرامه، وأمثاله (2) .

وقال -أيضًا-: روي عن ابن عباس مرفوعًا: الحكمة القرآن، يعني تفسيره.

وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ} (البقرة: من الآية 269) . ليست بالنبوة، ولكنه العلم والفقه والقرآن.

وقال إبراهيم النخعي: الحكمة: الفهم.

(1) بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز 2 / 490 والحكمة في الدعوة إلى الله ص18.

(2)

تفسير ابن كثير 1 / 322.

ص: 12

وقال أبو مالك: الحكمة: السنة.

وقال زيد بن أسلم: الحكمة: العقل.

وقال مالك: وإنه ليقع في قلبي أن الحكمة هي: الفقه في الله، وأمر يدخله الله في القلوب من رحمته وفضله.

قال السدي: الحكمة: النبوة.

وهذه الأقوال ذكرها ابن كثير ثم عقب قائلًا: والصحيح أن الحكمة -كما قال الجمهور- لا تختص بالنبوة، بل هي أعم منها، وأعلاها النبوة، والرسالة أخص (1) ولكن لأتباع الأنبياء حظ من الخير على سبيل التبع، كما جاء في بعض الأحاديث (2) .

وقال عبد الرحمن السعدي مفسرًا الحكمة:

الحكمة، هي: العلوم النافعة والمعارف الصائبة، والعقول المسددة، والألباب الرزينة، وإصابة الصواب في الأقوال والأفعال، ثم قال: وجميع الأمور لا تصلح إلا بالحكمة، التي هي: وضع الأشياء مواضعها، وتنزيل الأمور منازلها، والإقدام في محل الإقدام، والإحجام في موضع الإحجام (3) .

وقال القاسمي في تفسير الحكمة:

قال كثيرون: الحكمة: إتقان العلم والعمل، وبعبارة أخرى: معرفة الحق والعمل به (4) .

وقال الرازي: والمراد بالحكمة: إما العلم، وإما فعل الصواب (5) .

ونواصل الحديث عن (الحكمة) في كتاب الله كما بينها المفسرون.

فقد قال رشيد رضا مفسرًا:

(1) لأن كل رسول نبي ولا عكس.

(2)

انظر: تفسير ابن كثير 1 / 322.

(3)

انظر: تفسير ابن سعدي 1 / 332.

(4)

انظر: تفسير القاسمي 1 / 245.

(5)

انظر: تفسير الرازي 7 / 67.

ص: 13

الحكمة: التمييز بين ما يقع في النفس من الإلهام الإلهي والوسواس الشيطاني (1) .

قال الألوسي: وفي (البحر) : إن فيها تسعة وعشرين قولًا لأهل العلم، قريب بعضها من بعض، وعد بعضهم الأكثر منها اصطلاحًا واقتصارًا على ما رآه القائل فردًا مهمًا من الحكمة، وإلا فهي في الأصل: مصدر من الإحكام، وهو الإتقان في علم أو عمل أو قول أو فيها كلها (2) .

أما ابن عاشور فقد قال:

وفسرت الحكمة بأنها معرفة حقائق الأشياء على ما هي عليه بما تبلغه الطاقة، أي: بحيث لا تلتبس الحقائق المتشابهة بعضها مع بعض، ولا يغلط في العلل والأسباب (3) .

ونختم أقوال المفسرين في الحكمة بما ذكره سيد قطب رحمه الله حيث فسر الحكمة بأنها:

القصد والاعتدال، وإدراك العلل والغايات، والبصيرة المستنيرة التي تهديه للصالح الصائب من الحركات والأعمال (4) .

هذه خلاصة لأهم أقوال المفسرين في تفسير معنى الحكمة في كتاب الله، ونستطيع أن نقول: إن المفسرين فسروا الحكمة بتفسيرين:

الأول: النبوة.

الثاني: العلم والإتقان، والتوفيق، والبصيرة، والعمل الصائب، ومنع الظلم، ووضع الشيء في موضعه، وكلها معان متقاربة.

(1) المنار 3 / 75.

(2)

روح المعاني 2 / 41.

(3)

التحرير والتنوير 3 / 61.

(4)

في ظلال القرآن 1 / 312.

ص: 14