الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهنا نسأل: هل هكذا تعلم سلفنا وعلموا؟؟.. هل كانوا يعطون " الإجازة.." لأي " طالب"، كتب على أوراق "الإجابة" كلاما وافق السؤال، ولو من دون علم؟؟.. هل كانوا يلقنون الطلبة من كل علم مسائل منثورة، ومعلومات عامة متفرقة.. هل كانوا يمتحنون الطلبة بـ "المقروء.." من "المقرر.." فقط، وهو القليل من الكثير؟؟.. الجواب عن كل ذلك هو: لا.. لم يكن أمرهم كذلك، بل كان "العلم" يطلب من المهد الى اللحد.. وشعارهم: أعط العلم كلك ليعطيك بعضه. ومن طلب العلى سهر الليالي.. وكان الهدف الوحيد عندهم: طلب العلم لوجه الله تعتالى، وابتغاء رضوانه، فكان في علمهم كل البركة والخير، فنفعهم الله تعالى بعلمهم، ونفع لهم الأمة، وكانوا خير أمناء على حمل العلوم.. إلى الأجيال.
لذلك ندعو الى تعديل جذري لأساسات التعليم، واعتماد مناهج ومقررات وافية، وإلى إعطاء الطلبة الوقت الكافي لدراستها وإتقانها، وإلى فتح أبواب العلوم على مصارعها أمام الطلبة، ومنحهم كل الرعاية والإهتمام، ليتخرّجوا "علماء" بكل معنى الكلمة.
ثالثا: الأزمات الاجتماعية
نعني بهذا العنوان ثلاث أزمات هي:
أزمة العمل
أزمة السكن
أزمة الزواج.
وذلك لأن "الشاب" ينشأ في "أسرة"، وأسرته تؤمن له "مصروفه".. و"مسكنه".. ويكون "عزبا".. لأنه لم يبلغ سنّ الزواج المألوفة، فهو في الغالب "طالب.." يتابع الدراسة، ولكنه فور تخرّجه، أو عندما يتوقف عن متابعة الدراسة، فإنه يتجه إلى البحث عن "عمل".. ليؤمن دخلا له.. ثم: منزلا.. ثم زوجة.. ليستقرّ ويعيش
…
وهذا بديهي في كل إنسان، وأمر فطري، فطره الله عز وجل عليه.
لا شك في أن " الشباب"، وفي أول مواجهة لهم مع الواقع، يشعرون بوطأة " الأ. مة".. ويعرفون ما هي؟؟.. وما تحدثه في نفس الإنسان من حسرة وتعاسة، وتزداد حسرة الإنسان وتعاسته، إذا واجه "الأزمات" وحده، من دون أبوين يساعدانه. أو مسؤول يمدّ اليه يد العون
…
و"الشباب" في عصرنا يعانون من كل أنواع الأزمات، ومن جملتها " الأزمات الاجتماعية" التي ذكرنا أهمها وأخطرها، وهي:"العمل، والسكن، والزواج"، فمما لا شك فيه: أن الشاب في غالب الحال، لا يعرف ماذا يعمل.. وإن كان له اختصاص.. فلا يجد عملا.. إلا بعد جهد ووساطات، أما " الأجر".. أي الراتب والمعاش.. فهو أيضا همّ آخر، وأزمة أخرى، فغالبا ما يكون الأجر أو: الراتب دون حدّ الكفاية، بحيث لا يشعر هذا العامل أو الموظف، بالكفاية والسعادة في حياته أبدا، بل يظلّ أسير الحاجة، ليظل أسير صاحب العمل، أو: أسير الوظيفة، فهو يختار أهون الشرّين وأخف الضررين، لأنه إذا ترك العمل أو إستقال من تلك الوظيفة، فلن يجد عملا آخر، وإن وجد بعده عناء.. فلن يكون أجره وراتبه أعلى وأكبر..
أما "أزمة السكن".. فأمرها عجيب.. وكأن الدنيا ضاقت بأهلها وعلى أهلها.. ففي كل أنحاء العالم يوجد " أزمة سكن.."، مع وفرة الأموال والأرض في كثير من البلاد.. حتى بات الحصول على "مأوى.." ولو غرفة واحدة.. هدفا كبيرا.. وإن توفر للإنسان هذا الهدف.. فهو محظوظ..
أما " أزمة الزاج"، فهي مرتبطة بالأزمتين السابقتين، إذ لا زواج من دون عمل أو مسكن، ولكي ندرك خطر هذه الأزمة، فإن علينا أن نتذكر: كم الشاب وهو في مقتبل العمر يتمناه.. ويطلبه ويسعى إليه.. فهو حاجة شخصية دافعة.. ورغبة شديدة جعلها الله تعالى في الإنسان.. لبقاء النوع البشري، واستمرار التناسل الإنساني، حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
وهنا لا بد من التساؤل: ما هو سبب هذه الأزمات؟؟.. وما هو الحل والمخرج منها؟؟ وجوابنا عن ذلك بإختصار هو: أن الأزمات لا تكون إلا بسبب وجود خلل، ومعلوم أن الأنظكة المعمول بها في أكثر بلاد المسلمين في عصرنا، هي أنظمة وقوانين مستوردة من الخارج، فاشلة خاسرة، لا خير فيها للبشرية ولا فائدة، بل هي سبب كل الأزمات والمصائب التي تحل بالناس.
أما الحل: فهو بطرح جميع هذه المخلفات المستوردة من الأنظمة جانبا، ثم: بتطبيق احكام الإسلام كلها، في جميع مجالات الحياة، فعند ذلك يحسّ الناس بالسعادة، ويتوفر لهم الأمن، والإطمئنان، والسلام.
ويكفي هنا أن نشير الى بعض ما يحظى به الناس من حكم الإسلام، وذلك بما كتبه الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز، رحمه الله تعالى إلى ولاته، قائلا لهم:
[لا بد لكل مسلم من:
مسكن يأوي إليه..
وخادم يكفيه مهنته..
وفرس يجاهد عليه عدوّه..
وأثاث في بيته..
فوفّروا ذلك كله.. ومن كان غارما فاقطوا عنه دينه..] .
رابعا: التوجيه السيئ
ينشأ الولد في أسرة، وفي مجتمع، وهو حين ولد، كان على الفطرة السليمة، صفحة بيضاء نقية، كله براءة وطهارة، في أقواله وتصرفاته كافة، حتى يتدخل في فكره وعقيدته وسلوكه متدخل، من أب، أو أم، أو: ولي لأمره، أو معلم، أو حاكم، أو صديق، فتزول تلك البراءة، في أكثر الأحوال، وتحلّ في الشباب عقيدة الأبوين، ويتأثر بأخلاق أستاذه، وتوجيه حاكميه المبثوثبواسطة وسائل الإعلام.
إن "الشباب" في زماننا، واقعون تحت تأثير توجيه متعارض، متضارب، متناقض، ينتهي بهم الى الضياع والفراغ، فهم يقرأون في الكتب والمنشورات، ويسمعون ويشاهدون بأجهزة الإعلام، المرئية والمسموعة، جميع المتعارضات من الأفكار، فيطرح عليهم: عقائد الإيمان، وأقاويل الإلحاد والزندقة، من دون بتّ ولا فصل، وتلقى عليهم المعلومات مجترأة مبتورة، أو مشوهة مغشوشة.
إنهم يسمعون عن "العدل" وعنه يقرأون.. لكنهم في الواقع لا يرونه، بل يرون: أن الحق دائما مع القوي.. مع زمرة الحاكمين.. وأعوان الحاكمين.. أما الضعيف.. والفقير.. ومن لا سند له.. فلا شيء له..