الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من هو الإنسان
؟
1- جانب "الحيوانية" في الإنسان
.
2-
جانب "العقل" في الإنسان.
3-
الرابط ما بين الجانبين.
4-
الغرائز والشهوات.
5-
المادة والروح.
6-
الغيب والشهادة.
7-
"التفكير" هو: عمل العقل.
8-
العقل والهوى.
من هو الإنسان؟
الإنسان مخلوق مميز، أكرمه الله تعالى بالعقل، وشرّفه بأصله "آدم " عليه السلام، الذي خلقه من سلالة من طين.. ثم خلق ذريته من ماء مهين، وسخّر له الأشياء، ليعيش على الأرض ويستعمرها، كما قال عز وجل:{وسخّر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخّر لكم الليل والنهار* وسخّر لكم الشمس والقمر دائبين وسخّر لكم الليل والنهار* وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفّار} . فكان من بني آدم: مؤمن وكافر. وصالح وفاجر.. وظالم وعادل.. وشينال كل إنسان جزاء ما كسبت يداه: إن خيرا فخير، وإن شرّا فشر.
إن قصدنا من هذا السؤال:"من هو الإنسان؟ " ليس الكلام في خصائص الإنسان، ومراحل تكوينه، بل مرادنا أن نتوقف عند التعريف المنطقي لـ "الإنسان"، لأنه تعريف يشرح الشخصية الإنسانية ويفرز خصائصها، ويحدّد حقيقة كل جانب من جوانبها، فيسهل بالتالي معرفة مستويات الناس المختلفة المتفاوتة، ويسهل أيضا معرفة أسباب فلاح المفلحين، وخسران الخاسرين، وهذا هو هدفنا من هذا الكتاب.
فأزمات الشباب ليست سوى نتيجة لفشل، أو: تقصير، أو: تغرير يقع فيه الشباب، أو بعبارة أخرى: فإن الأزمات نتيجة سوء تصرّف يصدر عن الإنسان، بحقّ نفسه، أو بحق الآخرين..
لقد عرف علماء المنطق "الإنسان" بأنه:" حيوان ناطق"، وذلك للدلالة على "المفرد" من الناس، وتمييزه عن غيره من الحيوان، المشارك له في جزء من التعريف، كما سنرى لاحقا وإليك بيان ذلك.
1-
جانب الحيوانية في الإنسان
"الحيوان": صيغة، مثل:"الغليان"، و"الميدان"، وهي تعني الحركة الحيّة كقوله تعالى في وصف الآخرة:{وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون} ، أي: لهي الحياة الكاملة السالمة من المنغّصات، ولا تكون الحيوانية في الكائن الحيّ، إلا إذا دبّت فيه "الروح"، فالروح جزء لا غنى عنه في هذا الجانب، من كل كائن حيّ، ومن هنا ندرك: أن الذين يصنّفون "الروح" في الجانب الاخر للإنسان، فيقولون:"الإنسان: مادة وروح"، ويعنون بالمادة: الجسد، وبالروح: العقل والفكر، وما يتعلق بهما، هم مخطئون في هذا التصنيف، لأن المادة لا تعتبر شيئا مهما من دون "الروح"، فأجرام جسد الإنسان وغير من الأحياء، وخلاياه كلها، لا تشكّل من دون الروح جانبا يذكر، لذلك لا يصح التصنيف المتبع للجسم البشري والشخص الإنساني، بأنه:" مادة وروح"، بل الصحيح أن يقال:" إنه حيوان وعقل" كما سنبيّن لاحقا في كلامنا عن "المادة والروح" في البند الخامس.
إن جانب "الحيوانية" في الإنسان، يشمل جميع الشهوات والميولات والرغبات، التي خلقها الله تعالى فيه، ومن أهمها وأخطرها: شهوتا "البطن" و "الفرج"، وما يتعلق بهما، فشهوة"البطن" تتعلق بالمأكل والمشرب، وبالسعي الى كسب ما يمكّن الإنسان منهما من وسائل وأسباب، وشهوة "الفرج" تتعلق بالزواج، وما يترتّب عليه من إنجاب الذريّة، والإنسان مأمور بسلوك السبل المشروعة، وهو يسعى للحصول على هذه الشهوات، ولا يجوز له أن يسلك المسالك المحرمة لتحقيق رغبة من رغائبه، وإن فعل فهو آثم، تماما مثلما يؤجر ويثاب على سلوك السبل الشرعية، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم الى هذا المعنى فيما روه البخاري عن سهل بن سعد الساعدي، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من يضمن لي ما بين لحييه، وما بين رجليه، أضمن له الجنة" أي: اللسان والفرج. وليس هذا غريبا، فإن المتأمل يدرك: أن مآل كل سعي الإنسان، ينتهي إلى إشباع شهوتي بطنه وفرجه.
إذن: فجانب "الحيوانية" في الإنسان هو عبارة عما يلي: جسد حيّ من لحم ودم وعصب وعظم، يحتاج الى: المأكل، والمشرب، والمنكح، والملبس، والمسكن.. إلخ. وشهواته هذه تجوع بعد شبع، وتشبع بعد جوع، وهكذا دواليك، وهو يطلب هذه المطالب الفطرية، ويسعى ويتعب من اجل الحصول عليها إشباعا لرغائبه وشهواته، فهو والحالة هذه، يتفق مع أي كائن حيّ آخر، يشاركه الشّبه في التكوين، فالإنسان من هذا الجانب:"حيوان"، و"الحصان" كذلك "حيوان".