الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن " الشباب" أكثر طبقات المجتمع تعرّضا للأزمات، بسبب توفر أسبابها فيهم، ففي "الشباب": كمال الصحة، وحدّة النشاط وهم أقل شغلا من غيرهم، وهذه الأمور هي مجلبة المفاسد والمتاعب، كما قال القائل:
إن الشباب والفراغ، والجده مفسدة للمرء، أي مفسده
فإذا كان الإنسلن: شابا، فارغا لا همّ عنده، ولا همّ له، نشيطا قوي الجسم، فقد استجمع أسباب الوقوع في المفسدة، إلا ما رحم ربي عز وجل.
لذلك جاء الإسلام بأحكام تملأ وقت الإنسان، وتصرفه عن التفكير في الفساد، وتحميه من إغراءات الهوى ووساوس الشيطان، كالصلاة.. وطلب العلم.. ودوام ذكر الله تعالى.. وصيام التطوع.. إلخ.
واعتبر ذلك حصنا ودرعا، يحمي الإنسان المسلم من المفاسد كافة، كما قال عز وجل في "الصلاة":{إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} .. وقال سبحانه: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} .
ولكي يظل " الشاب" في مأمن من الأخطار، فعليه: أن يبقى حذرا متنبها، واعيا فطنا، وأن يملأ فراغ وقته بالعمل الصالح، وأن يجتنب كل المثيرت والمهيجات، من مجلات وصور وأفلام وأغاني وأن يغضّ البصر ويحفظ الفرج.
ومما يستحسن للشاب أن يفعله بالإضافة الى ما تقدم:
أن لا يأوي الى فراشه الا عندما يغلبه النوم.
وأن لا ينام على صوف، كجلد غنم، أو: ما اشتبه.
وأن ينام على ذكر الله تعالى، بقراءة ما تيسر من السور القصار، والأوردة المأثورة.
وأن ينهض من فراشه فور استيقاظه من النوم، من دون إبطاء.
إن هذه الأمور عبارة عن دروع وإحتياطات، تجعل الشباب ـ إذا هم طبقوها ـ في مأمن من أخطار الأزمات، وأضرارها وعواقبها، ومن دونها لا يبقى للشباب حماية ولا وقاية، فتحل بهم الأزمات، ويقعون في المعاصي والسيئات.
بعد هذا نعود الى بيان " الأزمات الخاصة"، والتي نرى: أنها تنحصر في قسمين إثنين هما: ترك الواجبات والطاعات، وفعل الفواحش والخبائث، فنقول:
القسم الأول: ترك الواجبات والطاعات
مما لا شك فيه: أن العبادة رحمة للعبد، وعون على التصدي لكل سوء، وأنّ تركها خطر كبير، وكارثة شنيعة حلت به، وأزمة شديدة وقعت عليه.
فالصلاة، عماد الدين، تركها " أزمة" من دون سك.. بل ومن أكبر الأزمات التي تحل بالمسلم، لأن من عرف مكانة الصلاة في الإسلام، وفضلها وعظيم ثوابها، وأنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله، وأنها حق الله تعالى على عبده الذي خلقه.. وسوّاه.. ورزقه.. وأنعم عليه لما لا يحصى من النعم.. وأنها مناعة للمسلم ضد الفساد، لأنها تنهى المصلي عن الفحشاء والمنكر، فإنه يدرك قيمة هذه العبادة، وأهميتها في حياته وآخرته، فلا يتركها من بلوغه سنّ التكليف، حتى ياتيه الموت، عملا بقوله تعالى:{واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} .
وبالمقابل: تظهر الأزمة الشديدة التي يقع فيها المسلم، إن هو ترك "الصلاة" عامدا، حيث يعرّض نفسه لغضب خالقه عز وجل، ولعقابه وعذابه، وسوء مصيره، وفي الوقت عينه، يجرّد نفسه من هذه الوقاية العظيمة، التي كانت تقيه الكثير من الفواحش والمنكرات، ويبقى عرضة للوقوع في كثير من الضلالات.
و"الزكاة"، التي هي "قنطرة الإسلام"، ودرع المجتمع المالي، أليس تركها أزمة؟؟.. بل كارثة..
إن من أحاط علما بمكانة "الزكاة" في الإسلام، ودورها في إسعاد المجتمع ومساعدته، يعرف قيمة هذا اركن العظيم من أركان الإسلام، ويعرف أيضا: أن منعها عن مستحقيها وأصحابها، هو عدوان على حقوق الفقراء، وسائر المستحقين للزكاة، وبخل بحق الله تعالى وعباده، وأكل لذلك الحق بالباطل.
وعندما نتذكر: أن خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبا بكر الصديق، رضي الله عنه، عندما أصرّ على مقاتلة الذين ارتدوا عن الإسلام، عقيب وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أصرّ على مقاتلة الذين تركوا الصلاة ومنعوا الزكاة، وأعلن ذلك قائلا:"والله لأقاتلنّ من فرّق بين الصلاة والزكاة.."، ندرك كم كان رضوان الله عليه فقيها، وكم كان علما خبيرا.
لقد كان الصّدّيق رضي الله عنه، يعلم: أن مجتمع الإسلام لا يقوم سليما، إلا بالصلاة والزكاة، وسائر أركان الإسلام، فلذلك أصرّ على قتال الجميع من دون هوادة، حتى أعاد الناس الى جادّة الصواب والحق، التي تركهم عليها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
أما "الصوم"، في شهر رمضان المبارك، ولمن شاء في غيره، فعبادة وطاعة، وقربة الى الله تعالى لا يعلم ثوابها إلا هو عز وجل، أفليس ترك الصيام في رمضان أزمة؟؟.. وألا يدلّ عدم الصيام من دون عذر مشروع، على ضعف نفس المفطر، وعلى حبّه لبطنه وشهوته؟؟!..
ألا يدلّ الإفطار في رمضان، على حيوانية بهيمية، تهبط بالإنسان المفطر هذا، إلى درك الحيوان الأعجم غير المكلف؟؟!..
إن إنسانا لا يصبر على تأخير وجبة طعام، من وقت الظهر حتى الغروب، ليس بإنسان.. لأن مزية الإنسان الأولى: أنه يتحكم هو بشهواته، لا أن تحكمه شهواته.. وأن يكون عقله سيّد هواه، لا أن يكون هواه أسير عقله.. وأن يؤثر الطاعة على المعصية، ورضاء الله تعالى على سخطه.
و"الحج" ذاك الركن الجامع العظيم، الذي جعله الله تعالى للمسلمين نعمة ورحمة، والذي هو الركن الوحيد من أركان الإسلام الذي يجتمع فيه المسلمون من كل بقاع الأرض، رغم ما فعله الأعداء بهم من تفريق.. وتمزيق.. وتفتيت. فترك "الحج":"أزمة".. و" أزمة" شديدة.. وخسارة كبيرة. .
ولا نستطيع أن ننسى "الجهاد".. عنفوان الأمة الإسلامية.. وسبيل عزتها وكرامتها.. وباب المجاهدين الى "الجنة"..