الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعريف المتن اصطلاحاً:
جرى إطلاقه عند أهل العلم على مبادئ فنمن الفنون تكثف في رسائل صغيرة غالباً وهي تخلو في العادة من كل مايؤدي إلى الاستطراد أو التفصيل كالشواهد والأمثلة إلا في حدود الضرورة وذلك لضيق المقام عن استيعاب هذا ونحوه، لذلك عدت المتون أقل ألفاظاً الأحسن في ذاتها والأكثر قبولاً عند الدارسين (1) .
وعرف صاحب " قصد السبيل "بأنه: الكتاب الأصلي الذي يكتب فيه أصول المسائل، ويقابله الشرح، مولد لم يرد عن العرب، وإنما هو مما نقله العرف تشبيهاً له بظاهر الظهرالذي هو معنى المتن الأصلي في القوة والاعتماد عليه (2) .
وعُرّف بأنه: خلاف الشرح والحواشي (3) .
قال في المدخل الفقهي العام: " وقد سموا به في الاصطلاح هذه المختصرات العلمية، لأنها تتضمن المسائل الأساسية للركوب والحمل"(4) .
ويطلق المتن ويراد به ماينتهي إليه السند من الكلام، قال الحافظ في شرح النخبة:" والمتن هو غاية ماينتهي إليه الإسناد من الكلام "(5) .
(1) مقالات منتخبة ص (430) .
(2)
قصد السبيل 2/422.
(3)
دائرة معارف القرن العشرين 8/434.
(4)
المدخل الفقهي العام 1/187.
(5)
شرح النخبة ص (140) .
تعريف الأصل في اللغة:
قال في المصباح المنير: " أصل الشيء أسفله، وأساس الحائط أصله، واستأصل الشيء ثبت أصله وقوى، ثم كثر حتى قيل أصل كل شيء ما يستند وجود ذلك الشيء إليه، فالأب أصل للولد.."(1) .
وقال في القاموس: " الأصل: أسفل الشيء كاليأصول جمع أصول، وآصل، وأصُل ككرم صار ذا أصل، أو ثبت ورسخ أصله كتأصل، وـ الرأي الجاد "(2) .
أقسام المتون:
تنقسم المتون إلى قسمين:
1 ـ متون منثورة، وهي الأكثر.
2 ـ متون منظومة في أبيات الشعر يسمى الشعر التعليمي، وتكون غالباً من بحر الرجز (3) ، وقد تكون من غيره.
والرجز بحر معروف من بحور الشعر، وتسمى قصائده الأراجيز واحدتها أرجوزة ويسمى قائله راجزاً.
(1) ص (6) .
(2)
ص (1242) .
(3)
المناهج والأطر ص (30) .
وإنما سمي الرجز رجزاً لأنه تتوالى فيه حركة وسكون، ثم حركة وسكون، وهو يشبه في هذا بالرجز في رجل الناقة ورعدتها، وهو أن تتحرك وتسكن، ثم تتحرك وتسكن. ويقال لها حينئذٍ رجزاء.
والرجز ديوان العرب في الجاهلية والإسلام، وكتاب لسانهم، وخزانة أنسابهم وأحسابهم. (1)
وهذا النوع من النظم " الشعر التعليمي " نظم علمي يخلو من العواطف، والأخيلة، ويقتصر على الأفكار، والمعلومات، والحقائق العلمية المجردة.
وهذه المنظومات العلمية تنقسم إلى قسمين:
1 ـ منظومات في علم معين استقلالاً، كملحة الإعراب للحريري، وألفية ابن مالك في النحو.. إلخ.
2 ـ منظومات لمتن معين مثل ألفية العراقي نظم مقدمة ابن الصلاح، ونظم العمريطي لمتن الورقات، ولمتن الآجرومية، ونظم زاد المستقنع، وجمع الجوامع.. إلخ.
والمتون موجودة من قديم الزمان، ولكنها لم تعرف بهذا الاسم، بل باسم المختصرات، مثل مختصر الخرقي عمر بن الحسين الخرقي المتوفي سنة (334هـ) رحمه الله تعالى.
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن البنا في كتابه المقنع في شرح مختصر الخرقي: " وكان بعض شيوخنا يقول: ثلاثة مختصرات، في ثلاثة علوم، لا أعرف لها نظائر: الفصيح لثعلب، واللمع لابن جني، وكتاب المختصر
(1) مقالا منتخبة ص (409) .
للخرقي، فما اشتغل بها أحد وفهمها كما ينبغي إلا أفلح" (1)
ثعلب: هو أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد الشيباني مولاهم المتوفي سنة (291هـ) رحمه الله تعالى.
ابن جني: هو أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي المتوفي سنة (1392هـ) رحمه الله تعالى.
وكان الغرض منها حكيماً، وهو جمع المسائل الأولية البسيطة في متون صغيرة، بعبارة سهلة، لتكون بداية لشُداة الفقه (2) على نحو الآجرومية في علم النحو.
لكنها لم تستمر كذلك، بل بالغ بعض المتأخرين في إيجاز بعض المتون إلى درجة الإلغاز، ولكن هذا الصنف غير مراد في بحثنا هذا.
وقد اقتضت الحاجة التعليمية وجود منهج يسير عليه الطالب، وهو:
1 ـ المتن الذي هو الأساس الذي يبني عليه الطالب علمه في كل فن بحسبه.
2 ـ شرح لهذا المتن.
3 ـ حاشية على هذا الشرح.
4 ـ تقرير على الحاشية.
(1) المقنع 1/185.
(2)
الشادي: المبتدء الذي يأخذ طرفاً من العلم والأدب.
المتون بين المدح والقدح:
قال ابن خلدون في مقدمته: " ذهب كثير من المتأخرين إلى اختصار الطرق والأنحاء في العلوم، يولعون بها، ويدونون منها برنامجاً مختصراً في كل علم، يشتمل على حصر مسائله وأدلتها، باختصار في الألفاظ، وحشو القليل منها بالمعاني الكثيرة من ذلك الفن، وصار ذلك مخلاً بالبلاغة، وعسراً على الفهم، وربما عمدوا إلى الكتب الأمهات المطولة في الفنون بالتفسير والبيان، فاختصروها تقريباً للحفظ، كما فعله ابن الحاجب في الفقه وأصول الفقه، وابن مالك في العربية، والخونجي في المنطق، وأمثالهم، وهو فساد في التعليم، وفيه إخلال بالتحصيل، وذلك لأن فيه تخليطاً على المبتدئ بإلقاء الغايات من العلم عليه، وهو لم يستعد لقبولها بعد، وهو من سوء التعليم.. ، ثم فيه مع ذلك شغل كبير على المتعلم، بتتبع ألفاظ الاختصار العويصة الفهم بتزاحم المعاني عليها وصعوبة استخراج المسائل من بينها، لأن ألفاظ المختصرات تجدها لأجل ذلك صعبة عويصة، فينقطع في فهمها حظ صالح من الوقت
…
ا. هـ" (1) .
قال في الفكر السامي: " ثم كَلَّ أهل هذه المئة عن حال من قبلهم من حفظ كبار الأصول، فاقتصروا على حفظ ماقلّ لفظه، ونزر خطه، فأفنوا أعمارهم في حلّ رموزه، وفهم لغوزه، ولم يصلوا لرد مافيه لأصوله بالتصحيح، فضلاً عن معرفة الصحيح من الضعيف، بل حل مقفل، وفهم مجمل
…
إلى أن قال: " ومنها أنهم لما أغرقوا في الاختصار، صار لفظ المتن مغلقاً لا يفهم إلا بواسطة الشراح، أو الشروح والحواشي، ففات المقصود الذي لأجله وقع الاختصار، وهو جمع الأسفار في سفر
(1) 3/1242.
وتقريب المسافة، وتخفيف المشاق، وتكثير العلم، وتقليل الزمن، بل انعكس الأمر إذ كثرت المشاق في فتح الإغلاق، وضاع الزمن من غير ثمن.. إلخ " (1)
وانتقدت أيضاً بأن المهتمين بها في النهاية أعجز من غيرهم في التطبيق وتذوق النصوص ولا سيما النصوص الأدبية
…
وأنها بأساليبها، ومحتوياتها، ومناهج تصانيفها، لا تتفق مع الحقائق التربوية الحديثة، والمناهج التعليمية العصرية، لصعوبة أسلوبها ووعورة مضمونها (2)
ولكن الناظر في هذا النظام من التصنيف، على الرغم من كل ماقيل فيه من قدح يجد فيه:
1 ـ عمقاً علمياً يتجلى في كثرة المعلومات، وتنوعها، وترتيبها ترتيباً محكماً.
2 ـ إضافة إلى مافيها من الفوائد، والإضافات التي لا توجد في المطولات.
(1) 2/399 ـ 400.
(2)
انظر:
مقدمة ابن خلدون 3/1242.
الفكر السامي 2/400.
الانحرافات العقددية والعلمية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر ص (651) .
مقالات منتخبة في علوم اللغة ص (430) .
3 ـ تكوين صورة مجملة للفن الذي ألفت فيه، يستطيع الطالب الإحاطة بها في زمن قليل، وماهي إلا مدخل للعلوم، وليست هي الغاية وإليها النهاية، بل هي الأساس والبداية.
4 ـ إن العلم الذي فيه المتون، أكثر منه فيما تلاها من المؤلفات الحديثة وأعظم فائدة.
5 ـ هذه المتون يحتاج الدارس لها إلى الصبر، والجد والاجتهاد في فهمها، ويكوّن هذا الجد والاجتهاد ملكة لا توجد لغير دارسها.
6 ـ إن الغموض الذي عيبت به المتون ليس مما يعاب، بل هو في الحقيقة مدح لها لا قدح فيها، لأنه لا يستوي من يحصل العلم بيسر وسهولة، ومن يحصله بكد، ومشقة، وعناء
…
وأين مستوى هذا من ذاك، وبهذا يشرف قدر العالم وتفضل منزلته، ولو كان العلم كله بيناً لاستوى في علمه جميع من سمعه، فيبطل التفاضل.
قال الخليل بن أحمد رحمه الله تعالى: " من الأبواب مالو شئنا أن نشرحه حتى يستوي فيه القوي والضعيف لفعلنا، ولكن يجب أن يكون للعالم مزية بعدنا ".
وقال بعضهم عن المتون: " حفظتْ من العلم جوهره ولبابه، وقامت لا تزال بدورْها الكريم في مسرح التعليم، من ذلك العصر البعيد إلى عصرنا الجديد"(1) .
7 ـ المتون تجمع حقائق العلم في ورقات يسهل حفظها، ويسهل
(1) مقالات منتخبة ص (452) .
استحضارها في الدروس، والمناسبات.
8 ـ قال صاحب النحو والنحاة بين الأزهر والجامعة: " العالم إنما يمتاز بفهم الغامض، وإدراك البعيد ، وحلّ المستغلق، وذلك لا يكون إلا بتعويد المرء على شيء من الصعاب، ليمرن عقله على حل مايماثلها، وكما أن المرء الرياضي لا يكون قوياً على حمل الأثقال إلا بالتعود على حمل أحمال ثقيلة متدرجاً في ذلك ، كذلك لا يكون عقله قادراً على حل الصعاب إلا إذا عوّد عقه على حلّ مسائل عويصة متدرجاً في ذلك "(1) .
9 الذين يحيطون بالمتون ويتقنونها ولا يشتكون منها أقرب إلى الابتكار وإلى الاجتهاد من غ يرهم، ومن قال عن المتون: إنها غامضة وعميقة قد يكون كلامه هذا من عدم القدرة على الفهم.
10 ـ وجود بعض الناس ممن اعتنى بالمتون ولميفلح، لا يحكم به على الأكثر.
11 ـ الناظر في تراجم العلماء، وكيفية طلب العلم بالنسبة لهم، يدرك تماماً صحة هذه الطريقة.
12 ـ هذا الأسلوب من التصنيف يربي فضيلة البحث، والتمحيص، وينمي حلية الصبر والاعتماد على النفس، ويعوّد على دقة الملاحظة.
عدم الاعتماد على الكتب:
على طالب العلم أنيأخذه عن أهله ولا يعتمد على الكتب وحدها.
(1) ص (70) نقلاً عن مقالات منتخبة ص (453) .
قال الإمام الشافعي: "من دخل في العلم وحده خرج وحده ".
وقال ابن جماعة ـ بعد كلام له ـ: " ويشتغل بشرح تلك المحفوظات، وليحذر من الاعماد في ذلك على الكتب أبداً، بل يعتمد في كل فن من هو أحسن تعليماً له، وأكثر تحقيقاً فيه، وتحصيلاً منه، وأخبرهم بالكتاب الذي قرأه "(1) .
وقال أبو حيان النحوي رحمه الله تعالى:
يظن الغُمر أن الكتب تجدي
…
أخا فهم لإدراك العلوم
وماعلمالجهول بأن فيها
…
غوامض حيرت عقل الفهيم
إذا رمت العلوم بغير شيخ
…
ضللت عن الصراط المستقيم
وتشتبه الأمور عليك حتى
…
تصير أضل من توما الحكيم (2)
وقال النووي في المجموع ـ بعد كلام له عما ينبغي لطالب العلم: ـ
" ويعتني بتصحيح درسه الذي يتحفظه تصحياً متقناً على الشيخ
…
ولا يحفظ ابتداء من الكتب استقلالاً بل يصحح على الشيخ كما ذكرنا فالاستقلال بذلك من أضر المفاسد. وإلى هذا أشار الشافعي رحمه الله بقوله: من تفقه من الكتب ضيّع الأحكام " (3) .
(1) تذكرة السامع والمتعلم ص (169) .
(2)
الذيل على رفع الإصر ص (385) .
(3)
المجموع 1/69.
وقال الشاطبي: " من أنفع طرق العلم الموصلة إلى غاية التحقق به أخذه عن أهله المتحققين به على الكمال والتمام.. وإن كان الناس قد اختلفوا هل يمكن حصول العلم دون معلم أم لا؟ فالإمكان مسلّم، ولكن الواقع في مجاري العادات أن لابد من المعلم وهو متفق عليه في الجملة.. واتفاق الناس على ذلك في الوقوع وجريان العادة به كاف في أنه لابد منه، وقد قالوا: إن العلم كان في صدور الرجال ثم انتقل إلى الكتب وصارت مفاتحه بأيدي الرجال.
وهذا الكلام يقضي بأن لابد في تحصيله من الرجال إذ ليس وراء هاتين المرتبتين مرمى عندهم، وأصل هذا في التصحيح " إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ولكن يقبضه بقبض العلماء " الحديث، فإذا كان كذلك فالرجال هم مفتاحه بلا شك " (1)
وقال: " حسبك من صحة هذه القاعدة أنك لا تجد عالماً اشتهر في الناس الأخذ عنه، إلا وله قدوة اشتهر في قرنه بمثل ذلك، وقلما وُجدت فرقة زائغة، ولا أحد مخالف للسنة، إلا وهومفارق لهذا الوصف. وبهذا الوجه وقع التشنيع على ابن حزم الظاهري وأنه لم يلازم الأخذ عن الشيوخ، ولا تأدب بآدابهم، وبضد ذلك كان العلماء الراسخون كالأئمة الأربعة وأشباههم"(2) .
وقال: " فصل: وإذا ثبت أنه لابد من أخذ العلم عن أهله فلذلك طريقان: أحدهما المشافهة، وهي أنفع الطريقين وأسلمهما لوجهين:
(1) الموافقات 1/91.
(2)
المرجع السابق 1/95.
الأول: خاصية جعلها الله تعالى بين المعلم والمتعلم يشهدها كل من زاول العلم والعلماء، فكم من مسألة يقرؤها المتعلم في كتاب، ويحفظها، ويرددها على قلبه فلا يفهمك، فإذا ألقاها إليه المعلم فهمها بغتة وحصل له العلم بها بالحضرة، وهذا الفهم يحصل إما بأمر عادي، من قرائن أحوال، وإيضاح موضع إشكال، لم يخطر للمتعلم ببال، وقد يحصل بأمر غير معتاد، ولكن بأمر يهبه الله للمتعلم عند مثوله بين يدي المعلم، ظاهر الفقر، بادي الحاجة إلى مايلقى إليه.
وهذا ليس ينكر فقد نبه عليه الحديث الذي جاء: " أن الصحابة أنكروا أنفسهم عندما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم " وحديث حنظلة الأسيدي حين شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنهم إذا كانوا عنده وفي مجلسه كا نوا على حالة يرضونها فإذا فارقوا مجلسه زال ذلك عنهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لو أنكم تكونون كما تكونون عندي لأظلتكم الملائكة بأجنحتها " وقد قال عمر بن الخطاب: " وافقت ربي في ثلاث " وهي من فوائد مجالسة العلماء إذ يفتح للمتعلم بين أيديهم مالا يفتح له دونهم ويبقى ذلك النور لهم بمقدار مابقوا في متابعة معلمهم وتأدبهم معه واقتدائهم به، فهذا الطريق نافع على كل تقدير..
الطريق الثاني: مطالعة كتب المصنفين ومدوني الدواوين، وهو أيضاً نافع في بابه بشرطين:
الأول: أن يحصل لهمن فهم مقاصد ذلك العلم المطلوب ومعرفة اصطلاحات أهله مايتم له به النظر في الكتب، وذلك يحصل بالطريق الأول من مشافهة العلماء أو مما هو راجع إليه، وهو معنى قول من قال:
كان العلم في صدور الرجال ثم انتقل إلى الكتب، ومفاتحه بأيدي الرجال.
والكتب وحدها لا تفيد الطالب منها شيئاً دون فتح العلماء، وهومشاهد معتاد.
والشرط الثاني: أن يتحرى كتب المتقدمين من أهل العلم المراد، فإنهم أقعد به من غيرهم من المتأخرين، وأصل ذلك التجربة والخبر.
أما التجربة فهو أمر مشاهد في أي علم كان، فالمتأخر لا يبلغ من الرسوخ في علم ما، ومابلغه المتقدم، وحسبك من ذلك أهل كل علم عملي، أونظري، فأعمال المتقدمين في إصلاح دنياهم، ودينهم، على خلاف أعمال المتأخرين، وعلومهم في التحقيق أقعد.
فتحقق الصحابة بعلوم الشريعة، ليس كتحقق التابعين، والتابعون ليسوا كتابعيهم، وهكذا إلى الآن، ومن طالع سيرهم، وأقوالهم، وحكاياتهم، أبصر العجب في هذا المعنى.
وأما الخبر ففي الحديث: " خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم.." وفي هذا إشارة إلى أن كل قرن مع مابعده كذلك..
فلذلك صارت كتب المتقدمين، وكلامهم، وسيرهم، أنفع لمن أراد الأخذ بالاحتياط في العلم على أي نوع كان، وخصوصاً علم الشريعة، الذي هو العروة الوثقى، والوَزَر الأحمى وبالله تعالى التوفيق) (1)
(1) الموافقات 1/96 ـ 98. والوَزَر: الجبل المنيع، وكل معقل، والملجأ، والمعتصم.