المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خامسا: الإيذاء الحسي والإخراج من الأرض: - أساليب التربية والدعوة والتوجيه من خلال سورة إبراهيم

[وسيم فتح الله]

الفصل: ‌خامسا: الإيذاء الحسي والإخراج من الأرض:

‌خامسًا: الإيذاء الحسي والإخراج من الأرض:

ص: 28

وهذا التهديد الذي واجهت به أقوام الرسل الدعوة إلى الله تعالى كما حكت الآية تهديدهم: {لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} ، ولا شك أن هذا التهديد يعتبر من المعوقات المهمة لانتشار الدعوة وتقبل الناس لها، فالمرء مجبول على حب موطنه والأنس به وكراهة الإخراج منه، كما جاء في الحديث عن عبد الله بن عدي بن حمراء الزهري قال:«رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفًا على الحَزْوَرَة فقال:" والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا أني أُخرجت منك ما خرجت» (1) ولقد فصلَّت آيات أخرى في كتاب الله تهديد الكفار هذا لرسلهم، فجاء قوله تعالى عن قوم شعيب:{لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ} (2) وقوله تعالى عن قوم لوط: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} (3) وقال تعالى عن قريش: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ

(1) سنن الترمذي - كتاب المناقب وقال أبو عيسى: حديث حسن غريب صحيح، والحزورة مكان بسوق مكة

(2)

سورة الأعراف - آية 88

(3)

سورة النمل - آية 56

ص: 29

وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (1) . (2) فهذا تنبيه للرسل وللدعاة من بعدهم إلى عِظم ما سيقابلهم به قومهم، وأن هذا يجب ألا يثنيهم عن المضي قُدمًا في أداء الرسالة، والله تعالى متكفل بأولئك ولئن مكروا مكرًا فالله تعالى محيطٌ بمكرهم لا محالة.

بعد هذا الاستعراض الموجز لما ورد في هذه السورة من إشارة إلى بعض المعوقات الرئيسية في طريق دعوة الرسل يمكننا استخلاص جملة من العناصر الأسلوبية المتعلقة بالدعوة فيما يلي:

1-

الاعتناء بتربية الدعاة وتهيئتهم لما هم مقبلون عليه من شدائد وابتلاءات، وذلك من خلال الإشارة إلى أن طبيعة الدعوة يلازمها صراعٌ بين الحق والباطل، ولما كان أهل الباطل مفلسين من جهة الحجة والدليل لم يكن لهم من سبيل سوى وضع المعوقات والعراقيل في طريق الدعوة.

2-

الاعتناء بفضح أساليب الباطل في مقاومة الحق سواء أكانت أساليب مادية - كالإيذاء والطرد- أم أساليب معنوية كإثارة الشبهات والاستهزاء ونحوه.

(1) سورة الأنفال - آية 30

(2)

أضواء البيان - الشنقيطي- 60 / 2

ص: 30