الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولًا: توجيه التأمل في الآيات الكونية:
لقد جاء هذا التوجيه لدفع شبه القوم في إنكار وحدانية الله والترويج لباطل الشرك، فجاء مثلًا قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} (1) حيث دعت إلى النظر والتفكر في هذا الخلق العظيم، وفعل (ألم تر) أي رأى القلبية كما قال القرطبي رحمه الله:"الرؤية هنا رؤية القلب، لأن المعنى ألم ينته علمك إليه؟ "(2) ثم تطرد الآية القياس بالتنبيه على أن من أوجد هذا الخلق العظيم من العدم قادر على أن يذهب بهذا الخلق الضعيف - أي الإنسان - المتمرد على عبادة الله سبحانه والانقياد له، فليحذر الذين يخالفون عن أمر الله إذًا أن يحل عليهم عقاب الاستبدال {وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} . (3)
(1) سورة إبراهيم - 19
(2)
الجامع لأحكام القرآن - القرطبي - 301 / 9
(3)
سورة إبراهيم - 20
ثم تأمل في هذا المشهد الكوني الآخر حيث قال تعالى:: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ} {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} (1) فهو توجيه رائع إلى مشهد الخلق الكوني الناطق بكل جزئية فيه وبالتكامل والتناسق المعجز بين هذه الجزئيات تكاملًا يحكي بنفسه أن له ربًا خالقًا مدبرًا يستحق الحمد والتمجيد والانقياد له شرعًا تمامًا كما أن هذا الكون البديع منقادٌ له كونًا وقدرًا. فطوبى لمن تأمل هذا المشهد فانتفع وانتقل به من مقام الإقرار بالربوبية إلى مقام إفراد الألوهية فعرف أن له ربًا يستحق وحده العبادة ففعل ففاز وسعد.
(1) سورة إبراهيم - آية 32-33