الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واجتهدوا في معارضة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وهؤلاء يخشى عليهم أن يكونوا من الذين قال الله فيهم:{وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد} .
البرهان الثامن:
قول الله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلك وصاكم به لعلكم تتقون} قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية ما ملخصه، اختلفت عبارات المفسرين من السلف والخلف، في تفسير الصراط وإن كان يرجع حاصلها إلى شيء واحد وهو المتابعة لله وللرسول، فروي أنه كتاب الله، وقيل هو الإسلام، وقيل الحق، وقيل هو النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه من بعده، قال ابن كثير: وكل هذه الأقوال صحيحة وهي متلازمة فإن من اتبع النبي صلى الله عليه وسلم واقتدى باللذين من بعده أبي بكر وعمر فقد اتبع الحق ومن اتبع الحق فقد اتبع الإسلام ومن اتبع الإسلام فقد اتبع القرآن وهو كتاب الله وحبله المتين وصراطه المستقيم، فكلها صحيحة يصدق بعضها بعضاً. ثم ذكر ما رواه الطبراني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «الصراط المستقيم الذي تركنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى.
وأما السبل فهي الطرق الخارجة عن الصراط المستقيم مثل اليهودية والنصرانية وسائر الملل والأهواء والنحل المخالفة لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، وقد روى ابن جرير عن أبان بن عثمان أن رجلاً قال لابن مسعود رضي الله عنه: ما الصراط المستقيم؟ قال: «تركنا محمد صلى الله عليه وسلم في أدناه وطرفه في الجنة وعن يمينه جواد وعن يساره جواد وثَمَّ رجال يدعون من مَرَّ بهم فمن أخذ في تلك الجوادّ انتهت به إلى النار ومن أخذ على الصراط
انتهى به إلى الجنة، ثم قرأ ابن مسعود رضي الله عنه {وإن هذا صراطي مستقيماً} » الآية.
وروى الإمام أحمد وابن جرير وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطً ثم قال: «هذا سبيل الله» ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن شماله ثم قال: «هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ثم قرأ: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}» وفي رواية لأحمد أنه قال: «هذه سبل متفرقة» .
وروى الإمام أحمد أيضاً وابن ماجه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما نحو حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} يقول لا تتبعوا الضلالات، رواه ابن جرير، وروى أيضاً عن مجاهد أنه قال في قوله {ولا تتبعوا السبل} قال: البدع والشبهات.
وإذا علم أن الصراط المستقيم هو ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وأن البدع كلها من السبل التي نهى الله عن اتباعها فليعلم أيضاً أن كلاً من إقامة الولائم في المآتم واتخاذ ليلة المولد النبوي عيداً داخل في عموم ما نهى الله عنه في الآية الكريمة لأن هاتين البدعتين ليستا من الأمر الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فهما إذاً من السبل التي نهى الله عن اتباعها ومن المحدثات التي حذر النبي صلى الله عليه وسلم منها وأمر بردها، وسيأتي بيان ذلك في الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم إن شاء الله تعالى.