الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإسناد إلى سعيد بن المسيب وهو يؤيد حديث عثمان رضي الله عنه ويشهد له.
قال الترمذي: في الكلام على حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه عنه أبو الشعثاء، وعلى هذا العمل عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم أن لا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان إلا من عذر: أن يكون على غير وضوء أو أمر لا بد منه انتهى وقال النووي في شرح مسلم: فيه كراهة الخروج من المسجد بعد الأذان حتى يصلي المكتوبة إلا لعذر انتهى وقال العلامة أبو الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي: في: «عون المعبود» قال الحافظ: وفيه كراهة الخروج من المسجد بعد الأذان، وهذا محمول على من خرج بغير ضرورة وأما إذا كان الخروج من المسجد للضرورة فهو جائز وذلك مثل أن يكون محدثاً أو جنباً أو كان حاقناً أو حصل به رعاف أو نحو ذلك أو كان إماماً بمسجد آخر انتهى.
وإذا علم ما تقدم ذكره من التشديد في الخروج من المسجد بعد الأذان إلا من حاجة وضرورة فليعلم أيضاً أن الله تعالى قد
ذم الذين يعرضون عن سماع المواعظ والتذكير
وشبههم بالحمر التي قد فرت من الصيادين أو من الأسد فقال تعالى: {فما لهم عن التذكرة معرضين، كأنهم حمرٌ، مستنفرة، فرت من قسورة} فليحذر العاقل الناصح لنفسه أن يكون من هؤلاء المذمومين أو أن يتشبه بهم فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من تشبه بقوم فهو منهم» رواه الإمام أحمد وأبو داود من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وصححه ابن حبان وغيره، وروى الترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«ليس منا من تشبه بغيرنا» .
فصل
وإذا عُلِم أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يَعُدون الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة، وعُلِم أيضاً أن النياحة من أمر الجاهلية كما هو منصوص عليه في حديث أبي مالك الأشعري الذي تقدم ذكره، وعُلِم أيضاً ما تقدم عن أبي البختري أنه قال: الطعام على الميت من أمر الجاهلية، وما تقدم عن سعيد بن جبير أنه قال إنه من أمر الجاهلية وعملهم، فليُعْلم أنه لا يجوز التشبه بأهل الجاهلية ولا العمل بشيء من أمورهم وسننهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«هدينا مخالف لهديهم» يعني المشركين، رواه الحاكم في مستدركه من حديث محمد بن قيس بن مخرمة عن المسور بن مخرمة رضي الله عنهما وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي في تلخيصه. وقد رواه الشافعي في مسنده من حديث محمد بن قيس بن مخرمة مرسلاً، ولفظه «هدينا مخالف لهدي أهل الأوثان والشرك» .
وقد ورد التشديد في التشبه بأهل الجاهلية وغيرهم من أعداء الله تعالى والتشديد في ابتغاء سنة الجاهلية في الإسلام، فأما التشديد في التشبه بهم فقد رواه الإمام أحمد وأبو داود عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم» صححه ابن حبان. وقال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية إسناده جيد وقال الحافظ ابن حجر إسناده حسن. قال شيخ الإسلام وقد احتج الإمام أحمد وغيره بهذا الحديث، قال وهذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله:{ومن يتولهم منكم فإنه منهم} انتهى.