الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم وتعزيزه ونصره واتباع النور الذي أنزل معه وهو القرآن العظيم، وتعزيزه صلى الله عليه وسلم هو توقيره وتعظيمه، وإنما كون ذلك باتباع أوامره واجتناب نواهيه والتمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين واجتناب ما أحدثه أهل البدع والضلالة من أنواع المحدثات التي ليس عليها أمر النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما الآية الثانية من سورة الأعراف فقد أمر الله تبارك وتعالى فيها بالإيمان به وبرسوله صلى الله عليه وسلم وعلق الهداية على اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ففيها وفي الآيتين قبلها أوضح دليل على المنع من إقامة الولائم في المآتم ومن اتخاذ ليلة المولد النبوي عيداً لأنهما من المحدثات وليسا من الأمر الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلهذا كان العمل بهما خارجاً عن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم. وكل ما خرج عن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فهو ضلالة كما هو منصوص عليه في حديث جابر الذي سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
وفي الآيات الثلاث أبلغ رد على صاحب المقال الباطل وعلى أمثاله من المفتونين بإقامة الولائم في المآتم واتخاذ ليلة المولد النبوي عيداً لأن كلاً من هاتين البدعتين خارج عن اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وداخل فيما حذر منه من محدثات الأمور.
البرهان الخامس:
قول الله تعالى في سورة المائدة: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً} وفي هذه الآية الكريمة أبلغ رد على كل من ابتدع بدعة يزيد بها في الدين ما ليس منه. وعلى الذين يعملون بالبدع ويجعلون منها سنناً وأعياداً يضاهئون بها السنن والأعياد المشروعة للمسلمين وعلى المفتونين الذين يؤيدون العمل
بالبدع ويعارضون العلماء الناصحين الذين ينهون عنها ويحذرون منها.
ومن هذه البدع إقامة الولائم في المآتم والاحتفال بالمولد النبوي واتخاذه عيداً في كل عام. فقد افتتن كثير من الجهال بهاتين البدعتين واتخذوا كلاً منهما سنة يحافظون عليها أعظم مما يحافظون على الفرائض والسنن المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد ذكر الشاطبي في كتاب «الاعتصام» ما رواه ابن حبيب عن ابن الماجشون قال: سمعت مالكاً يقول: «من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم خان الرسالة لأن الله يقول: {اليوم أكملت لكم دينكم} فما لم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً» وذكره الشاطبي في موضع آخر من كتاب «الاعتصام» ولفظه قال: «من أحدث في هذه الأمة شيئاً لم يكن عليه سلفها فقد زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خان الرسالة» وذكر بقيته بمثل ما تقدم انتهى.
وفي الآية الكريمة أبلغ رد على صاحب المقال الباطل وعلى أمثاله من المفتونين بإقامة الولائم في المآتم واتخاذ ليلة المولد النبوي عيداً واستحسان هاتين البدعتين. ولا شك أن هذا من الاستدراك على الدين الذي أكمله الله لعباده ورضيه لهم وأتم عليهم النعمة به، وما أعظم ذلك وأشد خطره.
وبالجملة فإن الآية من سورة المائدة تقضي على البدع كلها وترد على من تعلق بها أو بشيء منها، وعلى من أفتى بجوازها أو جواز شيء منها، وعلى من استحسن شيئاً من البدع وزعم أنها نافعة ومفيدة، وقد قال الشاطبي في كتاب:«الاعتصام» إن المستحسن للبدع يلزمه أن يكون الشرع عنده لم يكمل بَعْدُ فلا يكون لقوله تعالى {اليوم أكملت لكم دينكم} معنى يعتبر به عندهم انتهى.