المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الرسالة الحادية والثلاثون: رسالتة إلى أحمد بن أبراهيم - الرسائل الشخصية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء السادس)

[محمد بن عبد الوهاب]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌القسم الأول: عقيدة الشيخ وبيان حقيقة دعوته ورد ما ألصق به من التهم

- ‌ الرسالة الأولى:رسالة الشيخ إلى أهل القصيم

- ‌الرسالة الثانية: رسالته إلى محمد بن عباد مطوع ثرمداء

- ‌الرسالة الثالثة: رسالته الى محمد بن عيد من مطاوعة ثرمداء

- ‌الرسالة الرابعة: رسالته إلى فاضل آل مزيد رئيس بادية الشام

- ‌الرسالة الخامسة: رسالته إلى السويدي عالم من العراق

- ‌الرسالة السادسة: رسالته إلى العلماء الأعلام في بلد الله الحرام

- ‌الريسالة السابعة: رساته إلى عالم من أهل المدينة

- ‌الرسالة الثامنة: رسالته إلى إبن صياح

- ‌الرسالة التاسعة: رسالته إلى عامة المسلمين

- ‌الرسالة العاشرة: رسالته إلى حمد التويجري

- ‌الرسالة الحادية عشره: رسالته إلى عبد الله بن سحيم

- ‌الرسالة الثانية عشره: جوابه عن الشبهات من أجاز وقف الحنف والإثم

- ‌الرسالة الثالثة عشره:رده على سليمان بن سحيم

- ‌الرسالة الرابعة عشره: رسالته إلى البكبلى صاحب اليمن

- ‌الرسالة الخامسة عشره: رسالته إلى أسماعيل الجراعي

- ‌الرسالة السادسة عشره: رسالته إلى عبد الله بن عبد الله الصنعاني

- ‌الرسالة السابعة عشره: رسالته إلى أهل المغرب

- ‌القسم الثاني: بيان أنواع التوحيد

- ‌الرسالة الثامنة عشره: رسالته إلى الأخ حسن

- ‌الرسالة التاسعة عشره: رسالته إلى محمدبن عبيد وعبد القادر العديلي

- ‌الرسالة العشرون: رسالته إلى عبد الله بن سحيم

- ‌الرسالة الحادية والعشرون: رسالته إلى محمد بن سلطان

- ‌الرسالة الثانية والعشرون: رسالته إلى عامة المسلمين

- ‌القسم الثالث: بيان معنى لا إله إلا الله وما يناقضها من الشرك في العبادة

- ‌الرسالة الثالثة والعشرون: رسالته إلى ثنيان بن سعود

- ‌الرسالة الرابعة والعشرون: رسالتة إلى عبد الرحمن بن ربيعة

- ‌الرسالة الخامسة والعشرون: جواب الشيخ عن كتاب وصله

- ‌الرسالة السادسة والعشرون: رسالتة إلى علماء الإسلام

- ‌الرسالة السابعة والعشرون: رسالته إلى عامة المسلمين

- ‌الرسالة الثامنة والعشرون: رسالته إلى أهل الرياض ومنفوحة

- ‌الرسالة التاسعة والعشرون: رسالته إلى عامة المسلمين

- ‌الرسالة الثلاثون: رسالتة إلى الأخ فايز

- ‌القسم الرابع: بيان الأشياء التى يكفر مرتكبها ويجب قتاله والفرق بين فهم الحجة وقيام الحجة

- ‌الرسالة الحادية والثلاثون: رسالتة إلى أحمد بن أبراهيم

- ‌الرسالة الثانية والثلاثون:رسالته إلى محمد بن فارس

- ‌الرسالة الثالثة والثلاثون:رسالته إلى أحمد عبد الكريم

- ‌الرسالة الرابعة والثلاثون: رسالته إلى سليمان بن سحيم

- ‌الرسالة الخامسة والثلاثون: رسالته إلى عبد الله بن عيسى وأبنة وعبد الله بن عبد الرحمن

- ‌الرسالة السادسة والثلاثون: رسالتة إلى الأخوان

- ‌القسم الخامس: توجيهات عامة للمسلمين في الاعتقاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر

- ‌الرسالة السابعة والثلاثون: رسالتة إلى محمد بن عبد اللطيف

- ‌الرسالة الثامنة والثلاثون: رسالتة إلى الأخوان المؤمنين

- ‌الرسالة التاسعة والثلاثون: رسالتة إلى عبد الوهاب بن عبد الله بن عيسى

- ‌الرسالة الأربعون: رسالتة إلى عبد الوهاب بن عبد الله بن عيسى

- ‌الرسالة الحادية والأربعون: رسالتة إلى الأخوين أحمد بن محمد بن سويلم وثنيان بن سعود

- ‌الرسالة الثانية والأربعون: رسالتة إلى عبد الله بن عبد سويلم

- ‌الرسالة الثالثة والأربعون: رسالتة إلى جماعة أهل شقراء

- ‌الرسالة الرابعة والأربعون: رسالتة إلى الأخوان من أهل سدير

- ‌الرسالة الخامسة والأربعون: رسالتة إلى أحمد بن يحي

- ‌الرسالة السادسة والأربعون: رسالتة إلى عبد الله بن عيسى

- ‌الرسالة السابعة والأربعون: رسالتة إلى نغيمش وجميع الأخوان

- ‌الرسالة الثامنة والأربعون: رسالتة إلى والى مكة

- ‌الرسالة التاسعة والأربعون: رسالتة إلى عبد الله بن عيسى وأبنه عبد الوهاب

- ‌الرسالة الخمسون: رسالتة إلى عبد الله بن عيد

- ‌الرسالة الحادية والخمسون: رسالتة إلى الأخوان عبد الله بن علي ومحمد بن جماز

الفصل: ‌الرسالة الحادية والثلاثون: رسالتة إلى أحمد بن أبراهيم

‌القسم الرابع: بيان الأشياء التى يكفر مرتكبها ويجب قتاله والفرق بين فهم الحجة وقيام الحجة

‌الرسالة الحادية والثلاثون: رسالتة إلى أحمد بن أبراهيم

القسم الرابع: بيان الأشياء التي يكفر مرتكبها ويجب قتاله والفرق بين فهم الحجة وقيام الحجة

منها رسالة كتبها إلى أحمد بن إبراهيم، مطوع مرات من بلدان الوشم، وكان قد أرسل إليه رسالة فأجابه الشيخ بهذه:

بسم الله الرحمن الرحيم

من محمد بن عبد الوهاب، إلى أحمد بن إبراهيم هدانا الله وإياه.

وبعد، ما ذكرت من مسألة التكفير، وقولك أبسط الكلام فيها، فلو بيننا اختلاف أمكنني أن أبسط الكلام أو أمتنع، وأما إذا اتفقنا على الحكم الشرعي: لا أنت بمنكر الكلام الذي كتبت إليك، ولا أنا بمنكر العبارات التي كتبت إلي، وصار الخلاف في أناس معينين أقروا أن التوحيد الذي ندعو إليه دين الله ورسوله، وأن الذي ننهى عنه في الحرمين والبصرة والحسا هو: الشرك بالله، ولكن هؤلاء المعينون هل تركوا التوحيد بعد معرفته 1 وصدوا الناس عنه؟ أم فرحوا به وأحبوه ودانوا به وتبرؤوا من الشرك وأهله؟ فهذه ليس مرجعها إلى طالب العلم، بل مرجعها إلى علم الخاص والعام. مثال ذلك: إذا صح أن أهل الحسا والبصرة يشهدون أن التوحيد الذي نقول دين الله ورسوله، وأن هذا المفعول عندهم في الأحياء والأموات هو الشرك بالله، ولكن أنكروا علينا التكفير والقتال خاصة.

والمرجع في المسألة إلى الحضر والبدو والنساء والرجال. هل أهل قبة الزبير وقبة الكواز تابوا من دينهم وتبعوا ما أقروا به من التوحيد، أو هم على دينهم؟ ولو يتكلم الإنسان بالتوحيد فسلامته على أخذ ماله. فإن كنت تزعم أن الكواوزة، وأهل الزبير تابوا من دينهم

1 في المخطوطة زيادة: (وأبغضوه) .

ص: 204

وعادوْا من لم يتب، فتبعوا ما أقروا به، وعادوْا من خالفه، هذا مكابرة. وإن أقررتم أنهم بعد الإقرار أشد عداوة ومسبة للمؤمنين والمؤمنات، كما يعرفه الخاص والعام، وصار الكلام في أتباع المويس، وصالح بن عبد الله، هل هم مع أهل التوحيد؟ أم هم مع أهل الأوثان؟ بل أهل الأوثان معهم وهم حزبة العدو وحاملو الراية؛ فالكلام في هذا نحيله على الخاص والعام.

فودي أنك تسرع بالنفور فتتوجه إلى الله، وتنظر نظر من يؤمن بالجنة والخلود فيها، ويؤمن بالنار والخلود فيها، وتسأله بقلب حاضر أن يهديك الصراط المستقيم. هذا مع أنك تعلم ما جرى من ابن إسماعيل، وولد ابن ربيعة سنة الحبس، لما شكونا عند أهل قبة أبي طالب يوم يكسيه صاية، وجميع من معك من خاص وعام معهم إلى الآن، وتعرف روحة المويس وأتباعه لأهل قبة الكواز، وسية طالب يوم يكسيه صاية، ويقول لهم: طالع الناس ينكرون قببكم، وقد كفروا وحل دمهم ومالهم، وصار هذا عندك، وعند أهل الوشم، وعند أهل سدير والقصيم، من فضائل المويس ومناقبه، وهم على دينه إلى الآن مع أن المكاتيب التي أرسلها علماء الحرمين مع المزيودي سنة الحبس عندنا إلى الآن تتناك، وقد صرحوا فيها أن من أقر بالتوحيد كفر حل ماله ودمه، وقتل في الحل والحرم، ويذكرون دلائل على دعاء الأولياء في قبورهم، منها قوله تعالى:{لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ} 1. فإن كانت ليست عندك، ولا صبرت إلى أن تجيء، فأرسل إلى ولد محمد بن سليمان في وشيقر، ولسيف العتيقي يرسلونها إليك، ويجيبون عن قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} 2،

1 سورة الزمر آية: 34.

2سورة الإسراء آية: 57.

ص: 205

أنهم يدعون على أنهم المعطون المانعون بالأصالة، وأما دعوتهم على أنهم شفعاء فهو الدين الصحيح، ومن أنكره قتل في الحل والحرم؟

وأيضاً، جاءنا بعض المجلد الذي صنفه القباني، واستكتبوه أهل الحسا وأهل نجد، وفيه نقل الإجماع على تحسين قبة الكواز وأمثالها، وعبادتها، وعبادة سية طالب، ويقول في تصنيفه: إنه لم يخالف في تصنيفه إلا ابن تيمية وابن القيم، وعشرة أنا عاشرهم، فالجميع اثنا عشر، فإذا كان يوم القيامة، اعتزلوا وحدهم عن جميع الأمة. وأنتم إلى الآن على ما تعلم، مع شهادتكم أن التوحيد دين الله ورسوله، وأن الشرك باطل، وأيضاً مكاتيب أهل الحسا موجودة، فأما ابن عبد اللطيف وابن عفالق، وابن مطلق فحشوا بالزبيل أعني: سبابة التوحيد واستحلال دم من صدق به، أو أنكر الشرك، ولكن تعرف ابن فيروز أنه أقربهم إلى الإسلام وهو رجل من الحنابلة، وينتحل كلام الشيخ وابن القيم خاصة، ومع هذا صنف مصنفاً أرسله إلينا قرر فيه أن هذا الذي يفعل عند قبر يوسف وأمثاله هو الدين الصحيح، واستدل في تصنيفه بقول النابغة 1:

أيا قبر النبي وصاحبيه

ووا مصيبتنا لو تعلمونا

وفي مصنف ابن مطلق الاستدلال بقول الشاعر:

وكن لي شفيعاً يوم لا ذو شفاعة

سواك بمغن عن سواد بن قارب

ولكن الكلام الأول أبلغ من هذا كله، وهو شهادة البدو والحضر والنساء والرجال، أن هؤلاء الذين يقولون: التوحيد دين الله ورسوله، ويبغضونه أكثر من بغض اليهود والنصارى، ويسبونهن ويصدون الناس عنه، ويجاهدون

1 هو النابغة الجعدي (ناصر الدين الأسد) .

ص: 206

في زواله وتثبيت الشرك بالنفس والمال، خلاف ما عليه الرسل وأتباعهم، فإنهم يجاهدون حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله 1.

وأما قولك: أبغي أشاور إبراهيم، فلا ودي تصير ثالثاً لابن عباد وابن عيد؛ أما ابن عباد فيقول: أي شيء أفعل بالعناقر، وإلا فالحق واضح ونصحتهم وبينت لهم. وابن عيد أنت خابره، حاول إبراهيم في الدخول في الدين، وتعذر من الناس أن إبراهيم ممتنع. يا سبحان الله! إذا كان أهل الوشم وأهل سدير وغيرهم يقطعون أن كل مطوع في قرية لو ينقاد شيخها ما منهم أحد يتوقف، كيف يكون قدر الدين عندكم؟ كيف قدر رضى الله والجنة؟ كيف قدر النار وغضب الله؟ ولكن ودي تفكر فيما تعلم لما اختلف الناس بعد مقتل عثمان، وبإجماع أهل العلم أنهم لا يقال فيهم إلا الحسنى مع أنهم عثوا في دمائهم. ومعلوم أن كلاً من الطائفتين: أهل العراق وأهل الشام، معتقدة أنها على الحق والأخرى ظالمة؛ ونبغ من أصحاب علي من أشرك بعلي، وأجمع الصحابة على كفرهم وردتهم وقتلهم، لكن حرقهم علي، وابن عباس يرى قتلهم بالسيف. أترى أهل الشام لو حملهم مخالفة علي على الاجتماع بهم، والاعتذار عنهم والمقاتلة معهم لو امتنعوا، أترى أحداً من الصحابة يشك في كفر من التجأ إليهم، ولو أظهر البراءة من اعتقادهم، وإنما التجأ إليهم وزين مذهبهم لأجل الاقتصاص من قتلة عثمان؟ فتفكر في هذه القضية فإنها لا تبقى شبهة إلا على من أراد الله فتنته.

وغير ذلك: قولك أريد أماناً على كذا وكذا، فأنت مخالف؛ والخاص والعام يفرحون بجيتك مثل ما فرحوا بجية ابن غنام، والمنقور، وابن عضيب، مع أن ابن عضيب أكثر الناس سباً لهذا الدين إلى الآن، وراحوا موقرين

1 في المخطوطة زيادة: (والفتنة: الشرك، بإجماع المفسرين) .

ص: 207

محشومين. كيف لو تجيء أنت كيف تظن أن يجيئك ما تكره؟ فإن أردت تجديد الأمان على ما بغيت فاكتب لي، ولكن تعرف حرصي على الكتب، فإن عزمت على الراضة وعجلتها 1 علي قبلك فتراها على بنو الخير، وإن ما جاز عندك كلها فبعضها، ولو مجموع ابن رجب ترى ما جاءنا، فهو عارية مؤداة وإن لم تأتنا.

قال ابن القيم في النونيه:

يا فرقة جهلت نصوص نبيها

وقصوده وحقائق الإيمان

فسطوا على أتباعه وجنوده

بالبغي والتكفير والطغيان

لله حق لا يكون لغيره

ولعبده حق هما حقان

لا تجعلوا الحقين حقا واحداً

من غير تمييز ولا فرقان

المراد: تعريفك لما صدقتك، وأن لك نظراً في الحق أن في ذلك الزمان من يكفر العلماء إذا ذكروا التوحيد، ويظنونه تنقيصاً للنبي صلى الله عليه وسلم، فما ظنك بزمانك هذا؟ وإذا كان المكفرون ممن يعدون من علمائهم، فما ظنك بولد المويس وفاسد وأمثالهما، يوضحه تسجيلهم على جواب علماء مكة، ونشره وقراءته على جماعتهم ودعوتهم إليه.

ذكر ابن عبد الهادي في مناقب الشيخ، لما ذكر المحنة التي نالته بسبب الجواب في شد الرحل، فالجواب الذي كفّروه بسببه ذكر أن كلامه في هذا الكتاب أبلغ منه. فالعجب إذا كان هذا الكتاب عندك، والعلماء في زمن الشيخ كفّروه بكلام دونه، فكيف بالمويس وأمثاله لا يكفروننا بمحض التوحيد؟ وذكر ابن القيم في النونية ما يصدق هذا الكلام لما قالوا له: إنك مثل الخوارج، رد عليهم بقوله:

1 يعني: الكتب.

ص: 208

من لي بمثل خوارج قد كفّروا

بالذنب تأويلاً بلا إحسانِ

ثم ذكر في البيت الثاني أن هؤلاء لا يكفّروننا بمحض الإيمان، والخوارج يكفرون بالذنوب. وكلامي هذا تنبيه أن إنكار التوحيد متقدم، وكذلك التكفير لمن اتبعه، وأنت لا تعتقد أن الزمان صلح بعدهم، ولا تعتقد أن المويس وأمثاله أجل وأورع من أولئك الذين كفروا الشيخ وأتباعه. وعد ابن عبد الهادي من كتبه كتاب "الاستغاثة" مجلد، ولفانا من الشام مع مربد. وسببه أن رجلاً من فقهاء الشافعية يقال له ابن البكري عثر على جواب للشيخ في الاستغاثة بالموتى، فأنكر ذلك، وصنف مصنفاً في جواز الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم في كل ما يستغاث الله فيه، وصرح بتكفير الشيخ في ذلك الكتاب، وجعله مستنقصا للأنبياء، وأورد فيه آيات وأحاديث. فصنف الشيخ كتاب "الاستغاثة" رداً على ابن البكري، وقرر فيه مذهب الرسل وأتباعهم، وذكر أن الكفار لم يبلغ شركهم هذا، بل ذكر الله عنهم أنهم إذا مسهم الضر أخلصوا ونسوا ما يشركون. والمقصود أن في زمن الشيخ ممن يدعي العلم والتصنيف مَن أنكر التوحيد، وجعله سباً للأنبياء والأولياء، وكفّر من ذهب إليه، فكيف تزعم أن عبدة قبة الكواز وأمثالها ما أنكروه؟ بل تزعم أنهم قبلوه ودانوا به وتبرؤوا من الشرك، ولا أنكروا إلا تكفير من لا يكفر. وأعظم وأطم: أنكم تعرفون أن البادية قد كفروا بالكتاب كله، وتبرؤوا من الدين كله، واستهزؤوا بالحضر الذين يصدقون بالبعث، وفضلوا حكم الطاغوت على شريعة الله، واستهزؤوا بها مع إقرارهم بأن محمداً رسول الله، وأن كتاب الله عند الحضر؛ لكن كذبوا وكفروا واستهزؤوا عناداً، ومع هذا تنكرون علينا كفرهم، وتصرحون بأن من قال:"لا إله إلا الله" لا يكفر.

ثم تذكر في كتابك أنك تشهد بكفر

ص: 209

العالم العابد الذي ينكر التوحيد، ولا يكفّر المشركين، ويقول: هؤلاء السواد الأعظم ما يتيهون. فإن قلتم: إن الأولين وإن كانوا علماء فلم يقصدوا مخالفة الرسول، بل جهلوا، وأنتم وأمثالكم تشهدون ليلاً ونهاراً أن هذا الذي أخرجنا للناس من التوحيد وإنكار الشرك أنه دين الله ورسوله، وأن الخلاف منا، والتكفير والقتال، ولو قدرنا أن غيركم يعذر بالجهل فأنتم مصرحون بالعلم. والله أعلم.

ص: 210