الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرسالة الثانية والثلاثون:رسالته إلى محمد بن فارس
…
-2- الرسالة الثانية والثلاثون
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد بن عبد الوهاب إلى محمد بن فارس، سلام عليكم.
وبعد، الواصل إليكم: مسألة التكفير من كلام العلماء، وذكر في الإقناع إجماع المذاهب كلها على ذلك؛ فإن كان عند أحد كلمة تخالف ما ذكروه في مذهب من المذاهب، فيذكرها وجزاه الله خيراً، وإن كان يبغي يعاند كلام الله وكلام رسوله، وكلام العلماء، ولا يصغي لهذا أبداً، فاعرفوا أن هذا الرجل معاند ما هو بطلاب حق، وقد قال الله تعالى:{وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} 1. والذي يدلكم على هذا: أن هؤلاء يعتذرون بالتكفير إذا تأملتهم؛ إذ إن الموحدين أعداؤهم، يبغضونهم ويستثقلونهم، والمشركون والمنافقون هم ربعهم الذين يستأنسون إليهم، ولكن هذه قد جرت من رجال عندنا في الدرعية وفي العيينة الذين ارتدوا وأبغضوا الدين.
وقال أيضاً، رحمه الله تعالى:
اعلم أن من أعظم نواقض الإسلام عشرة:
الأول: الشرك في عبادة الله وحده لا شريك له، والدليل قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} 2؛ ومنه الذبح لغير الله كمن يذبح للجن أو القباب.
1سورة آل عمران آية: 80.
2سورة النساء آية: 48، و116.
الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط، يدعوهم ويسألهم الشفاعة، كفر إجماعاً.
الثالث: من لم يكفّر المشركين، أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم، كفر إجماعاً.
الرابع: من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه، كالذين يفضلون حكم الطاغوت على حكمه، فهو كافر.
الخامس: من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو عمل به، كفر إجماعاً، والدليل قوله تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} 1.
السادس: من استهزأ بشيء من دين اللهن أو ثوابه، أو عقابه، كفر، والدليل قوله تعالى:{قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} 2.
السابع: السحر، ومنه الصرف والعطف، فمن فعله أو رضي به كفر، والدليل قوله تعالى:{وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} 3.
الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمينن والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} 4.
1سورة محمد آية: 9.
2سورة التوبة آية: 65-66.
3سورة البقرة آية: 102.
4سورة المائدة آية: 51.
التاسع: من اعتقد أن بعض الناس لا يجب عليه اتباعه صلى الله عليه وسلم، وأنه يسعه الخروج من شريعته كما وسع الخضر الخروج من شريعة موسى، عليهما السلام، فهو كافر.
العاشر: الإعراض عن دين اللهن لا يتعلمه ولا يعمل به، والدليل قوله تعالى:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ} 1.
ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف، إلا المكره؛ وكلها من أعظم ما يكون خطراً، ومن أكثر ما يكون وقوعاً؛ فينبغي للمسلم أن يحذرها ويخاف منها على نفسه. نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه. وصلى الله على محمد.
1 سورة السجدة آية: 22.