الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منهج التحقيق
تبيَّن لي من دراسة النص في النسخ المختلفة أن نسخة المصنف التي ترجع إليها أصول هذه النسخ لم تحظ منه بالمراجعة والقراءة عليه. فبقي فيها أشياء من السهو في الترقيم وسبق القلم وما نتج عن إهمال الحروف وسرعة الكتابة من ضروب الإشكال. وقد اجتهد الوراقون في قراءة النص، فأفلحوا حينًا، وأخفقوا حينًا، فرسم بعضهم الكلمة المشكلة رسمًا. وتجرأ بعضهم فأصلحها بل أصلح الجملة، فأصاب مرة وأخطأ مرات. وقد أدى ذلك كله إلى وجود خلافات كثيرة بين النسخ.
وقد رأيت من قبل في تحقيق طريق الهجرتين أن نسخة الفاتح التي نص كاتبها على أنه نقلها من نسخة المصنف لم يكن الاعتماد عليها وحدها كافيًا للوصول إلى نص سليم، لولا نسخة المصنف التي كشفت عن أخطاء وقع فيها كاتب نسخة الفاتح. فكيف بنسخ كتاب الروح التي لم يخبرنا نُسّاخها شيئًا عن أصولهم، فلا ندري من كتبها ومتى كتبها وكم نسخة بينها وبين أصل المؤلف. نعم، ذكر كاتب النسخة (ج) تاريخ كتابة أصلها، ولكن بعدما نسي هو أن يذكر اسمه!
النسخ التي اعتمدت عليها في تصحيح النص خمس، وهي ذوات الرموز (أ، ب، ق، ط، غ). وأضفت إليها نسخة سادسة رمزها (ن) لانفرادها بأمور سبق ذكرها في وصفها. أما النسختان (ج، ز) فكان الرجوع إليهما للاستئناس.
ولما كانت نسخة الظاهرية المكتوبة سنة 774 أقرب النسخ إلى زمن
المؤلف وأصحَّها في الجملة على ما فيها من السقط في مواضع وإهمال الحروف ولاسيما في حرف المضارعة في مواضع كثيرة التزمت في الحواشي بالنص على قراءاتها المرجوحة. أما النسخ الأخرى، فقد أغفلت الإشارة إلى كثير من أغلاطها وفروقها التي لا غناء فيها.
وفي إثبات خطبة الكتاب اتبعت نسخة الظاهرية، مع اعتقادي بأنها ليست من كلام المؤلف، وهي خطبة ملفقة غير لائقة بمنزلة الكتاب.
وللاستفادة من قراءات النسخ الأخرى رجعت في المواضع المشكلة إلى نشرة الدكتور بسام العموش المعتمدة على ثلاث نسخ أخرى. وإذا ذكرت في حاشيتي "النسخ المطبوعة" فأقصد هذه النشرة، ونشرة الأستاذ يوسف بديوي، وطبعة دار الحديث بالقاهرة (ط 2، سنة 1419). أما الطبعة الهندية فقد وصلت إليّ عندما شارفت على الفراغ، ولكن تبيَّن أن الطبعات الأخرى ــ ومنها المحققة ــ كانت في كثير من تصرفاتها في النص تابعة للطبعة الهندية دون إشارة إليها في بعض الأحيان.
وإن الرجوع إلى موارد المؤلف قد أفاد كثيرًا في تقويم النص، وحلِّ بعض الإشكالات الناتجة من وهم المصنف في النقل أو وهم مصدره.
ومما يؤسفني أني لم أتمكن من الوصول إلى موارد المصنف في مسألة حقيقة النفس، فآمل من الباحثين المختصين بالفلسفة، إذا وقفوا على شيء منها، أن يفيدوني بها مشكورين.
وقد عنيت بضبط المشكل من النص، وتفسير غريبه وغامضه، وربط مباحث الكتاب بكتب المؤلف الأخرى وكتب شيخه. ولم أترجم للأعلام إلا إذا اقتضى الأمر.
وقد تولى تخريج الأحاديث النبوية ما عدا أحاديث الصحيحين أخي الدكتور كمال بن محمد قالمي جزاه الله خيرا. أما أحاديث الصحيحين والآثار والأقوال والأشعار فخرّجتُها أنا. وأخيرًا صنعت للكتاب فهارس كاشفة لفظية وعلمية. والحمد لله رب العالمين أولا وآخرا.