المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المجلد الاول ‌ ‌مقدمة   بسم الله الرحمن الرحيم نحمدك اللهم أنت الذي علمت الناس - الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة - جـ ١

[صديق حسن خان]

الفصل: ‌ ‌المجلد الاول ‌ ‌مقدمة   بسم الله الرحمن الرحيم نحمدك اللهم أنت الذي علمت الناس

‌المجلد الاول

‌مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

نحمدك اللهم أنت الذي علمت الناس في دينهم حكما وفي دنياهم أحكاما. وجعلت أمة خاتم الرسل المرحومة أكرم الأمم كلها منزلا ومقاما. ومازلت ألهمت من شئت وتلهم من تشاء منهم في كل قرن استعمال السنن المطهرة على وجهها إلهاما. ونهيتهم عن التفرق في الدين وأوضحت لهم سبيل اليقين فأصبحوا بنعمتك بررة كراما. وما انفك عدو لهم نفوا عن الدين وينفون عنه انتحال1 المبطلين وتحريف الغالين وتأويل الجاهلين حتى عاد علم الحق معتدلا قواما. .

ونصلي عليك أيها النبي الكريم، بك من الله علينا بالإيمان وهدانا إسلاما. لطفا بنا ورحمة علينا وبركة فينا وإحسانا إلينا وإكراما. فكان ذلك لزاما. ولولاك ما اهتدينا ولا صلينا ولا علمنا أحكاما. فكنت أنت داعينا إلى الله سبحانه وتعالى وهاديا لنا ورؤوفا بنا وفينا إماما. ونسلم عليكم أهل البيت الطاهرين الطيبين أنتم أصبتم من سعادة الدارين سهاما. وقمتم بالحق الحقيق بالاتباع كما يحق قياما. ورضي الله عنكم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بكم انتظم مبتغي الأمة الأمية بدءا وختاما. ومنك استتب أمر الملة المكرمة أصلا وفرعا واهتماما. ورحمة الله وبركاته عليكم أهل الحديث أنتم كشفتم للناس عن صراح2 الحق وصحاح السنة وقح3 الشريعة ظلاما. وعن وجه الدين القويم والصراط المستقيم لثاما. وكيف وقد جعلكم الله تعالى للمتقين إماما. .

وبعد: فلما جمع الإمام الهمام عز المسلمين والإسلام سلالة السلف الصلحاء تذكار العرب العرباء وارث علوم سيد المرسلين خاتم المفسرين والمحدثين شيخ شيوخنا الكاملين المجتهد المطلق العلامة الرباني قاضي قضاة القطر اليماني محمد

1 أي ادعاء

2 الصراح بالضم والفتح الخالص من كل شيء.

3 أي خالصها.

ص: 2

ابن علي بن محمد اليمني الشوكاني المتوفى سنة خمس وخمسين ومائتين وألف الهجرية رضي الله تعالى عنه وأرضاه وجعل الفرودس منزله ونزله ومأواه المختصر الذي سماه: "الدرر البهية في المسائل الفقهية" قاصدا بذلك جمع المسائل التي صح دليلها واتضح سبيلها تاركا لما كان منها من محض الرأي فإنه قالها وقيلها غير ملتفت إلى ما اشتهر فالحق أحق بالاتباع وغير جامد على ما ذكر في الزبر1 فلمسلك التحقيق اتساع بل محض فيه النصح النصيح ومخض2 عن زبد الحق الصريح وأتى بتحقيقات جليلة خلت عنها الدفاتر وأشار إلى تدقيقات نفسية تحوها صحف الأكابر ونسبة هذا المختصر إلى المطولات من الكتب الفقهية نسبة السبيكة الذهبية إلى التربة المعدنية كما يعرف ذلك من رسخ في العلوم قدمه وسبح في بحار المعارف ذهنه ولسانه وقلمه سأله جماعة من أهل الانتقاد والفهم النافذ العاضين على علوم الاجتهاد بأقوى لحي3 وأحد ناجذ4 أن يجلي عليهم عروس ذلك المختصر ويزفه إليهم ليمعنوا في محاسنه النظر فاستمهلهم ريثما يصحح منه ما يحتاج إلى التصحيح وينقح فيه ما لا يستغني عن التنقيح ويرجح من مباحثه ماهو مفتقر إلى الترجيح ويوضح من غوامضه ما لا بد فيه من التوضيح فشرحه بشرح مختصر من معين عيون الأدلة معتصر وسماه: "الدراري المضية شرح الدرر البهية" وفيهما قال قائل:

إن شئت في شرح النبي

تقدح بزند فيه واري5

فاعكف على الدرر التي

سلكت بسمط6 من دراري

وشرحه هذا كان بالقول فجعلته شرحا ممزوجا وصيرته على منواله منسوجا مستوعبا للفظه ومعناه ومستصحبا لفحاويه ومبناه مضيفا إليه مذاهب الفقهاء ليظهر ضعفها أو قوتها عند تقابل الأدلة وتعارضها بالآراء لا للأخذ بها على ما كان بأي حال فإن الرجال تعرف بالحق لا الحق بالرجال ثم زدت عليه أشياء من حاشية الماتن7 على شفاء الأوام التي سماها! وبل الغمام! ومن غيرها عند النظر الثاني

1 أي في الكتب.

2 مخض اللبن أخذ زبده.

3 أي منبت اللحية.

4 الناجذ آخر الأضراس وللإنسان أربعة نواجذ في أقصى الأسنان.

5 ورى الزند خرجت ناره.

6 السمط الخيط ما دام فيه الخرز وإلا فهو سلك.

7 يعبر مؤلف هذا الشرح كثيرا عن مصنف الأصل بلفظ "الماتن" وهو مولد مستكره فأصل "المتن" الظهر في اللغة ثم استعمله طلاب العلم في الكتاب المختصر إذا كان عليه شرح فاشتقاق اسم فاعل من هذا وليس بمصدر اشتقاق خاطئ.

ص: 3