الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السادس: في خصائصه
ذكر اختصاصه بأنه أول من أسلم وأول من صلى:
تقدم أحاديث هذا الذكر في الفصل قبله.
ذكر أنه أول من يجثو للخصومة يوم القيامة:
عن علي قال: أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الرحمن يوم القيامة.
قال قيس: فيهم1 نزلت: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} 2 قال: هم الذين تبارزوا يوم بدر؛ علي وحمزة وعبيدة بن الحارث وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة.
وفي رواية أن عليا قال: فينا نزلت هذه الآية، وفي مبارزتنا يوم بدر:{هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} خرجه البخاري.
ذكر أنه أول من يقرع باب الجنة بعد النبي صلى الله عليه وسلم:
عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا علي، إنك أول من يقرع باب الجنة فتدخلها بغير حساب بعدي" خرجه الإمام علي بن موسى الرضا في مسنده.
ذكر اختصاصه بأحبية الله تعالى له:
عن أنس بن مالك قال: كان عند النبي صلى الله عليه وسلم طير فقال: "اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير" فجاء علي بن أبي طالب فأكل معه. خرجه الترمذي وقال: غريب، والبغوي في المصابيح في الحسان، وخرجه الحربي وزاد بعد قوله: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طير وكان مما يعجبه أكله، وزاد بعد قوله: فجاء علي بن أبي طالب فقال: استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ما عليه إذًا وكنت أحب أن يكون رجلا من الأنصار. وخرجه عمر بن شاهين ولم يذكر زيادة الحربي، وقال بعد قوله: فجاء علي فرددته، ثم جاء فرددته، فدخل في الثالثة أو في الرابعة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"ما حبسك عني؟ أو ما أبطأ بك عني يا علي؟ " قال: جئت فردني
1 أي: في علي ومن معه، وخصومهم المذكورين في المبارزة الآتية.
2 من سورة الحج الآية 19.
أنس، ثم جئت فردني أنس، قال:"يا أنس، ما حملك على ما صنعت?" قال: رجوت أن يكون رجلا من الأنصار خيرا من علي أو أفضل من علي. وخرجه النجار عنه وقال: قدمت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طيرًا فسعى وأكل لقمة وقال: "اللهم ائتني بأحب الخلق إليك وإلي" فأتى علي فضرب الباب، فقلت: من أنت? قال: علي، قلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجة ثم أكل لقمة وقال مثل الأولى فضرب علي، فقلت: من أنت? قال: علي، قلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجة، ثم أكل لقمة وقال مثل ذلك، قال: فضرب علي ورفع صوته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أنس، افتح الباب" قال: فدخل فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم تبسم ثم قال: "الحمد لله الذي عجلك؛ فإني أدعو في كل لقمة أن يأتيني الله بأحب الخلق إليه وإلي، فكنت أنت" قال: فوالذي بعثك بالحق نبيًّا، إني لأضرب الباب ثلاث مرات ويردني أنس.
قال: فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لم رددته?" قال: كنت أحب معه1 رجلا من الأنصار، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم وقال:"ما يلام الرجل على قومه".
وعن سفينة قال: أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم طيرين بين رغيفين فقدمت إليه الطيرين فقال صلى الله عليه وسلم: "اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك" ثم ذكر معنى حديث البخاري وقال في آخره: فأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطيرين حتى فنيا.
ذكر اختصاصه بأحبية النبي صلى الله عليه وسلم:
عن عائشة، سئلت: أي الناس أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: فاطمة، فقيل: من الرجال؟ قالت: زوجها، إن كان ما علمت صوامًا قوامًا. خرجه الترمذي وقال: حسن غريب.
1 مع طلبه صلى الله عليه وسلم إجابة له.
وعنها، وقد ذكر عندها علي فقالت: ما رأيت رجلا أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، ولا امرأة أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من امرأته. خرجه المخلص والحافظ الدمشقي.
وعن معاذية الغفارية قالت: كان لي أنس بالنبي صلى الله عليه وسلم أخرج معه في الأسفار وأقوم على المرضى وأداوي الجرحى، فدخلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة وعلي خارج من عنده، فسمعته يقول:"يا عائشة، إن هذا أحب الرجال إلي، وأكرمهم علي، فاعرفي له حقه وأكرمي مثواه" خرجه الخجندي.
وعن مجمع قال: دخلت مع أبي على عائشة، فسألتها عن مسراها يوم الجمل فقالت: كان قدرًا من الله، وسألتها عن علي فقالت: سألت عن أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنة أحب الناس كان إليه.
وعن معاوية بن ثعلبة قال: جاء رجل إلى أبي ذر وهو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا ذر، ألا تخبرني بأحب الناس إليك، فإني أعرف أن أحب الناس إليك أحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: إي1 ورب الكعبة، أحبهم إلي أحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الشيخ، وأشار إلى علي. خرجه الملاء.
وقد تقدم لأبي بكر مثل هذا في المتفق عليه، فيحمل هذا على أن عليا أحب الناس إليه من أهل بيته وعائشة أحب إليه مطلقًا جمعًا بين الحديثين، ويؤيده ما رواه الدولابي في الذرية الطاهرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة:"أنكحتك أحب أهل بيتي إليَّ" وخرجه عبد الرزاق ولفظه: "أنكحتك أحب أهلي إليَّ".
1 نعم.
ذكر اختصاصه بأنه من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة الرأس من الجسد:
عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "علي مني بمنزلة رأسي من جسدي" خرجه الملاء.
ذكر اختصاصه بأنه من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة هارون من موسى:
عن سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي" أخرجاه1 وأخرجه الترمذي وأبو حاتم ولم يقولا: "إلا أنه لا نبي بعدي".
وعنه قال: خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًّا في غزوة تبوك فقال: يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان? قال: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي" خرجه أحمد ومسلم وأبو حاتم.
وفي رواية: "غير أنه ليس معي نبي" خرجه ابن الجراح.
وعنه قال: لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم الجرف، طعن رجال من المنافقين في إمرة علي وقالوا: إنما خلفه استثقالا، فخرج علي فحمل سلاحه حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم بالجرف فقال: يا رسول الله ما تخلفت عنك في غزاة قط قبل هذه؛ قد زعم المنافقون أنك خلفتني استثقالا فقال: "كذبوا، ولكن خلفتك لما ورائي فارجع فاخلفني في أهلي، أفلا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي" خرجه ابن إسحاق وخرج معناه الحافظ الدمشقي في معجمه.
وعن سفيان، وقد قال له المهدي: حدثني بأحسن فضيلة عندك لعلي
1 أي: البخاري ومسلم.
قال: حدثني سلمة بن كهيل عن حجبة بن عدي عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي" خرجه الحافظ السلفي في النسخة البغدادية.
وعن أسماء بنت عميس قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم إني أقول كما قال أخي موسى: اللهم اجعل لي وزيرًا من أهلي أخي عليا، اشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيرًا ونذكرك كثيرًا إنك كنت بنا بصيرًا" خرجه أحمد في المناقب، والمراد بالأمر غير النبوة بذكر ما تقدم وقد تعلق بعض الرافضة بهذا الحديث في أنه الخليفة بعده؛ ولا دلالة فيه.
وقد سبق الكلام مستوفيًا في شرح لفظه ومعناه في فصل خلافة أبي بكر.
وعن عمر وقد سمع رجلا يسب عليا فقال: إني لأظنك من المنافقين، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي:"أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي" خرجه ابن السمان.
وعنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لعلي ثلاث خصال، لوددت أن لي واحدة منهن" بينا أنا وأبو عبيدة وأبو بكر وجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذ ضرب النبي صلى الله عليه وسلم منكب علي فقال: "يا علي أنت أول المؤمنين إيمانًا، وأول المسلمين إسلامًا، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى" خرجه ابن السمان.
ذكر اختصاصه بأنه من النبي صلى الله عليه وسلم كمنزلة النبي صلى الله عليه وسلم من الله عز وجل:
قال: جاء أبو بكر وعلي يزوران قبر النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته بستة أيام، فقال علي لأبي بكر: تقدم يا خليفة رسول الله، فقال أبو بكر: ما كنت
لأتقدم رجلًا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "علي مني بمنزلتي من ربي" خرجه ابن السمان في الموافقة.
ذكر اختصاصه بأنه أقرب الناس قرابةً من النبي صلى الله عليه وسلم:
عن الشعبي أن أبا بكر نظر إلى علي بن أبي طالب فقال: من سره أن ينظر إلى أقرب الناس قرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعظمهم عنه غنى وأحظهم عنده منزلة، فلينظر وأشار إلى علي بن أبي طالب. خرجه ابن السمان.
ذكر إخبار جبريل عن الله بأن عليا من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة هارون من موسى:
عن أسماء بنت عميس قالت: هبط جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، إن ربك يقرئك السلام ويقول لك: علي منك بمنزلة هارون من موسى لكن لا نبي بعدك. خرجه الإمام علي بن موسى.
ذكر اختصاصه بأن له من الأجر ومن المغنم مثل ما للنبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، ولم يحضرها:
عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي يوم غزوة تبوك: "أما ترضى أن يكون لك من الأجر مثل ما لي، ولك من المغنم مثل ما لي?" خرجه الخلعي.
ذكر اخصاصه بأنه مثل النبي صلى الله عليه وسلم:
عن المطلب بن عبد الله أبي حيطب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لوفد ثقيف حين جاءوه: "لتسلمن أو لأبعثن عليكم رجلا مني -أو قال: مثل نفسي- فليضربن أعناقكم وليستبين ذراريكم وليأخذن أموالكم" قال عمر: فوالله ما تمنيت الإمارة إلا يومئذ، فجعلت أنصب صدري رجاء أن يقول: هو هذا، قال: فالتفت إلى علي فأخذه بيده وقال: "هو هذا".
خرجه عبد الرزاق في جامعه، وأبو عمر وابن السمان.
وعن زيد بن نفيع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لينتهين بنور ربيعة، أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي يمضي فيهم أمري، يقتل المقاتلة ويسبي الذرية" قال: فقال أبو ذر: فما راعني إلا برد كف عمر في حجرتي من خلفي فقال: من تراه يعني? قلت: ما يعنيك ولكن يعني خاصف النعل، يعني عليًا. خرجه أحمد في المناقب.
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من نبي إلا وله نظير في أمته، وعلي نظيري" خرجه الخلعي، وقد تقدم مستوعبًا في مناقب الأعداد.
ذكر اختصاص علي بأنه قسم النبي صلى الله عليه وسلم في نور كان عليه قبل خلق الخلق:
عن سلمان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كنت أنا وعلي نورًا بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق الله آدم قسم ذلك النور جزأين، فجزء أنا وجزء علي" خرجه أحمد في المناقب.
ذكر اختصاصه بأن كفه مثل كف النبي صلى الله عليه وسلم:
عن حبشي بن جنادة قال: كنت جالسًا عند أبي بكر فقال: من كانت له عدة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم? فقام رجل فقال: يا خليفة رسول الله وعدني بثلاث حثيات من تمر، قال: فقال: أرسلوا إلى علي فقال: يا أبا الحسن إن هذا يزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعده بثلاث حثيات من تمر فاحثها له قال: فحثاها، قال أبو بكر: عدوها فوجدوا في كل حثية ستين تمرة لا تزيد واحدة على الأخرى فقال أبو بكر: صدق الله ورسوله، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الهجرة ونحن خارجون من الغار نريد المدينة:"يا أبا بكر، كفي وكف علي في العدد سواء" خرجه ابن السمان في الموافقة.
ذكر اختصاصه بصلاة الملائكة على النبي صلى الله عليه وسلم وعليه؛ لكونهما كانا يصليان قبل الناس:
عن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقصد صلت الملائكة عليَّ وعلى علي؛ لأنا كنا نصلي ليس معنا أحد يصلي غيرنا" خرجه أبو الحسن الخلعي.
ذكر اختصاصه بأنه والنبي صلى الله عليه وسلم يقبض الله أرواحهما بمشيئة دون ملك الموت:
عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما أسرى بي، مررت بملك جالس على سرير من نور وإحدى رجليه في المشرق والأخرى في المغرب، وبين يديه لوح ينظر فيه، والدنيا كلها بين عينيه، والخلق بين ركبتيه، ويده تبلغ المشرق والمغرب، فقلت: يا جبريل من هذا? قال: هذا عزرائيل تقدم فسلم، فتقدمت وسلمت عليه، فقال: وعليك السلام يا أحمد، ما فعل ابن عمك علي? فقلت: وهل تعرف ابن عمي عليا؟ قال: وكيف لا أعرفه وقد وكلني الله بقبض أرواح الخلائق ما خلا روحك وروح ابن عمك علي بن أبي طالب، فإن الله يتوفا 1 كما بمشيئته" خرجه الملاء في سيرته.
ذكر اختصاصه أن من آذاه:
فقد آذى النبي صلى الله عليه وسلم ومن أبغضه فقد أبغضه، ومن سبه فقد سبه، ومن أحبه فقد أحبه، ومن تولاه فقد تولاه، ومن عاداه فقد عاداه، ومن أطاعه فقد أطاعه، ومن عصاه فقد عصاه.
عن عمر بن شاس الأسلمي وكان من أصحاب الحديبية قال: خرجت مع علي إلى اليمن فجفاني في سفري حتى وجدت في نفسي عليه
1 الكل يتوفى بمشيئة الله تعالى، ولكن المراد يتوافهما بدون ملك الموت.
فلما قدمت أظهرت شكايته في المسجد حتى بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس من أصحابه، فلما رآني أبدأني عينيه يقول:"حدد إلي النظر" حتى إذا جلست قال: "يا عمر، والله لقد آذيتني" قلت: أعوذ بالله أن أوذيك يا رسول الله قال: "بلى من آذى عليًّا فقد آذاني" خرجه أحمد وخرجه أبو حاتم مختصرًا.
وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحب عليا فقد أحبني، ومن أبغض عليا فقد أبغضني، ومن آذى عليا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله" خرجه أبو عمر.
وعن أم سلمة قالت: أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أحب عليا فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغض عليا فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله عز وجل" خرجه المخلص وخرجه الحاكمي عن عمار بن ياسر، وزاد في أوله: "من تولاه فقد تولاني ومن تولاني فقد تولى الله، ومن أحبه
…
" الحديث.
وعن ابن عباس قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي بن أبي طالب فقال له: "أنت سيد في الدنيا سيد في الآخرة، من أحبك فقد أحبني وحبيبك حبيب الله، وعدوك عدوي وعدوي عدو الله، الويل لمن أبغضك" خرجه أحمد في المناقب.
وعن ابن عباس أنه مر بعدما حجب بصره بمجلس من مجالس قريش وهم يسبون عليا فقال لقائده: ما سمعت هؤلاء يقولون? قال: سبوا عليا قال: فردني إليهم فرده، قال: أيكم الساب الله? قالوا: سبحان الله من سب الله فقد أشرك قال: أيكم الساب لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: سبحان الله من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كفر، قال: فأيكم الساب لعلي? قالوا: أما هذا فقد كان، قال: فأنا أشهد بالله لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من سب عليا فقد سبني، ومن سبني فقد سب الله، ومن سب الله عز وجل أكبه الله على
منخره" ثم تولى عنهم فقال لقائده: ما سمعتهم يقولون? قال: ما قالوا شيئًا، قال: فكيف رأيت وجوههم حيث قلت ما قلت? قال:
نظروا إليك بأعين محمرة
…
نظر التيوس إلى شفار الجازر
قال: زدني فداك أبي.
جزر الحواجب ناكسو أذقانهم
…
نظر الذليل إلى العزيز القاهر
قال: زدني فداك أبي، قال: ما عندي غيرهما، قال: لكن عندي:
أحياؤهم حزنى على أمواتهم
…
والميتون مسبة للغابر
خرجه أبو عبد الله الملاء.
وعن أبي عبد الله الحدي قال: دخلت على أم سلمة فقالت لي: أتسب رسول الله صلى الله عليه وسلم? فقلت: معاذ الله، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من سب عليا فقد سبني" خرجه أحمد.
وعن أبي ذر الغفاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: "من أطاعك فقد أطاعني، ومن أطاعني أطاع الله، ومن عصاك عصاني" خرجه أبو بكر الإسماعيلي في معجمه، وخرجه الخجندي بزيادة ولفظه:"من أطاعني فقد أطاع الله، ومن أطاعك فقد أطاعني، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن عصاك فقد عصاني".
وعنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يا علي من فارقني فقد فارق الله، ومن فارقك فقد فارقني" خرجه أحمد في المناقب والنقاش.
وعن عروة بن الزبير أن رجلا وقع في علي بن أبي طالب بمحضر من عمر فقال له عمر: أتعرف صاحب هذا القبر? هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب؛ وعلي بن أبي طالب بن عبد المطلب، لا تذكر عليا إلا بخير فإنك إن تنقصه آذيت صاحب هذا في قبره صلى الله عليه وسلم. خرجه أحمد في
المناقب وابن السمان في الموافقة.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: "حبيبك حبيبي وحبيبي حبيب الله، وعدوك عدوي وعدوي عدو الله، والويل لمن أبغضك بعدي" خرجه الحاكمي.
ذكر اختصاصه بإخاء النبي صلى الله عليه وسلم:
عن ابن عمر قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه، فجاء علي تدمع عيناه قال: يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تؤاخِ بيني وبين أحد! قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنت أخي في الدنيا والآخرة" خرجه الترمذي وقال: غريب، والبغوي في المصابيح في الحسان.
وعنه قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه حتى بقي علي، وكان رجلا شجاعا ماضيًا على أمره إذا أراد شيئا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أما ترضى أن أكون أخاك?" قال: بلى يا رسول رضيت، قال:"فأنت أخي في الدنيا والآخرة" خرجه الخلعي. وعن علي أنه كان يقول: أنا عبد الله وأخو رسوله، لا يقوله أحد غيري إلا كذب. خرجه أبو عمر وخرجه الخلعي وزاد: وأنا الصديق الأكبر، ولقد صليت قبل الناس بسبع سنين.
وعن علي قال: طلبني النبي صلى الله عليه وسلم فوجدني في حائط نائما فضربني برجله وقال: "قم فوالله لأرضينك، أنت أخي وأبو ولدي، تقاتل على سنتي، من مات على عهدي فهو في كنز الجنة، ومن مات على عهدك فقد قضى نحبه، ومن مات محبك بعد موتك ختم الله له بالأمن والإيمان ما طلعت شمس أو غربت" خرجه أحمد في المناقب.
وعن علي قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أو دعا بني عبد المطلب، فهم رهط كلهم يأكل الجذعة ويشرب الفرق قال: فصنع لهم مدا من طعام فأكلوا حتى شبعوا، قال: وبقي الطعام كما هو كأن لم يمس، ثم دعا بغمر فشربوا
حتى رووا وبقي الشراب كأنه لم يمس أو لم يشربوا فقال: "يا بني عبد المطلب، إني بعثت إليكم خاصة وإلى الناس عامة وقد رأيتم من هذه الآية ما رأيتم، فأيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي?" فلم يقم إليه أحد، قال: فقمت وكنت أصغر القوم قال: "اجلس" ثم قال ذلك ثلاث مرات كل ذلك أقوم إليه فيقول: "اجلس" حتى كان في الثالثة، فضرب بيده على يدي. خرجه أحمد في المناقب.
وفي طريق آخر قال: لما نزل قوله: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا من أهله، إن كان الرجل منهم لآكلًا جذعة وإن كان لشاربا فرقا، فقدم إليهم رجلا فأكلوا حتى شبعوا فقال لهم:"من يضمن عني ديني ومواعيدي، ويكون معي في الجنة، ويكون خليفتي في أهلي?" فعرض ذلك على أهل بيته فقال: أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تقضي ديني وتنجز مواعيدي" خرجه أحمد في المناقب.
وعن ابن عباس، وقد سئل عن علي قال: كان أشدنا برسول الله صلى الله عليه وسلم لزومًا وأولنا به لحوقًا، خرجه ابن الضحاك. وعن عمر بن عبد الله عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين الناس وترك عليا حتى بقي آخرهم لا يرى له أخًا فقال: يا رسول الله آخيت بين الناس وتركتني?! قال: "ولم تراني تركتك? إنما تركتك لنفسي، أنت أخي وأنا أخوك فإني أذاكرك قل: أنا عبد الله وأخو رسوله، لا يدعيها بعدي إلا كذاب" خرجه أحمد في المناقب.
وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "على باب الجنة مكتوب: لا إله إلا الله محمد رسول الله، علي أخو رسول الله".
وفي رواية: "مكتوب على باب الجنة: محمد رسول الله، علي أخو رسول الله قبل أن تخلق السموات بألفي سنة" خرجهما أبو أحمد في المناقب وخرج الأول الغساني في معجمه، وقد تقدمت أحاديث المؤاخاة بين
الصحابة مستوعبة في باب العشرة.
ذكر اختصاصه بأن الله جعل ذرية نبيه في صلبه:
تقدم في الذكر قبله قوله صلى الله عليه وسلم: "أنت أخي وأبو ولدي".
وعن عبد الله بن عباس قال: كنت أنا والعباس جالسين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ دخل علي بن أبي طالب فسلم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام وعانقه، وقبل بين عينيه وأجلسه عن يمينه فقال العباس: يا رسول الله أتحب هذا? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عم والله لله أشد حبا له مني أن جعل ذرية كل نبي في صلبه، وجعل ذريتي في صلب هذا" خرجه أبو الخير الحاكمي.
ذكر اختصاصه بأنه مولى من كان النبي صلى الله عليه وسلم مولاه:
عن رباح بن الحارث قال: جاء رهط إلى علي بالرحبة فقالوا: السلام عليك يا مولانا قال: وكيف أكون مولاكم وأنتم عرب? قالوا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم: "من كنت مولاه، فعلي مولاه".
قال رباح: فلما مضوا تبعتهم فسألت: من هؤلاء? قالوا: نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري، خرجه أحمد. وعنه قال: بينما علي جالس إذ جاء رجل فدخل، عليه أثر السفر فقال: السلام عليك يا مولاي، قال: من هذا؟ قال: أبو أيوب الأنصاري، فقال علي: افرجوا له، ففرجوا فقال أبو أيوب: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من كنت مولاه، فعلي مولاه" خرجه البغوي في معجمه.
وعن البراء بن عازب قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزلنا بغدير خم فنودي فينا: الصلاة جامعة، وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة فصلى الظهر وأخذ بيد علي وقال:"ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ " قالوا: بلى، فأخذ بيد علي وقال:"اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه" قال: فلقيه عمر بعد ذلك
فقال: هنيئًا لك يابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.
وعن زيد بن أرقم مثله. خرجه أحمد في مسنده وخرج الأول ابن السمان، وخرج في كتاب المناقب معناه عن عمر وزاد بعد قوله:"وعاد من عاداه، وانصر من نصره، وأحب من أحبه" قال شعبة: أو قال: "ابغض من أبغضه" وخرج ابن السمان عن عمر منه: "من كنت مولاه فعلي مولاه" وخرجه المخلص الذهبي عن حبشي بن جنادة وقال بعد "وانصر من نصره": "وأعن من أعانه" ولم يذكر ما بعده.
وعن أبي الطفيل قال: قال علي: أنشد الله كل امرئ سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم لما1 قام، فقام ناس فشهدوا أنهم سمعوه يقول:"ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ " قالوا: بلى يا رسول الله قال: "من كنت مولاه فإن هذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه" فخرجت وفي نفسي من ذلك شيء فلقيت زيد بن أرقم فذكرت ذلك له فقال: قد سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك له، قال أبو نعيم: قلت لفطر -يعني الذي روى عنه الحديث: كم بين القول وبين موته? قال: مائة يوم. خرجه أبو حاتم وقال: يريد موت علي بن أبي طالب. وخرج الترمذي عنه من ذلك: "من كنت مولاه فعلي مولاه" وقال: حسن غريب وخرجه أحمد عن سعيد بن موهب ولفظه قال: نشد علي، فقام خمسة أو ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فشهدوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من كنت مولاه فعلي مولاه".
وعن زيد بن أرقم قال: استنشد علي الناس فقال: أنشد الله رجلا سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه" فقام ستة عشر رجلا، فشهدوا.
1 إلا.
وعن زياد بن أبي زياد قال: سمعت علي بن أبي طالب ينشد الناس فقال: أنشد الله رجلًا مسلمًا سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم ما قال، فقام اثنا عشر رجلا بدريا فشهدوا.
وعن بريدة قال: غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت عليا فتنقصته، فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير وقال:"يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم?" قلت: بلى يا رسول الله، قال:"من كنت مولاه فعلي مولاه" خرجه أحمد.
وعن عمر أنه قال: علي مولى من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مولاه.
وعن سالم قيل لعمر: إنك تصنع بعلي شيئا ما تصنعه بأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنه مولاي.
وعن عمر وقد جاء أعرابيان يختصمان فقال لعلي: اقض بينهما يا أبا الحسن، فقضى علي بينهما فقال أحدهما: هذا يقضي بيننا? فوثب إليه عمر وأخذ بتلبيبه وقال: ويحك ما تدري من هذا، هذا مولاي ومولى كل مؤمن، ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن.
وعنه وقد نازعه رجل في مسألة فقال: بيني وبينك هذا الجالس، وأشار إلى علي بن أبي طالب فقال الرجل: هذا الأبطن! فنهض عمر عن مجلسه وأخذ بتلبيبه حتى شاله من الأرض ثم قال: أتدري من صغرت? مولاي ومولى كل مسلم، خرجهن ابن السمان.
"شرح" غدير خم: موضع بين مكة والمدينة بالجحفة1. وبيان معنى الحديث بيان متعلق من ذهب إلى إمامة علي رضي الله عنه والجواب عنه وحمل الحديث على المعنى المناسب -لما تقدم في إمامة أبو بكر- قد تقدم في فصل خلافة أبي بكر.
1 بالقرب من رابغ، حيث ميقات الإحرام لأهل مصر ومن مر به.
ذكر اختصاصه بأنه من النبي صلى الله عليه وسلم وأنه ولي كل مؤمن بعده:
قد تقدم طرف من أحاديث أنه من النبي صلى الله عليه وسلم.
وعن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية واستعمل عليها عليا، قال: فمضى على السرية فأصاب جارية، فأنكروا عليه وتعاقد أربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: إذا لقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه بما صنع علي، فقال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفر بدءوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا عليه ثم انصرفوا إلى رحالهم، فلما قدمت السرية سلموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا? فأعرض عنه ثم قام الثاني فقال مثل مقالته فأعرض عنه، ثم قام الثالث فقال مثل مقالته فأعرض عنه ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا، فأقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والغضب يعرف في وجهه فقال:"ما تريدون من علي -ثلاثًا-؟ إن عليا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي" خرجه الترمذي وقال: حسن غريب وأبو حاتم، وخرجه أحمد وقال فيه: فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرابع وقد تغير وجهه فقال: "دعوا عليا، دعوا عليا، علي مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي".
وعن بريدة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية وأمَّر عليها رجلا وأنا فيها فأصبنا سبيا، فكتب الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابعث لنا من يخمسه قال: فبعث عليا وفي السبي وصيفة هي من أفضل السبي، قال: فخمس وقسم قال: فخرج ورأسه يقطر، قلنا: يا أبا الحسن ما هذا? قال: ألم تروا إلى الوصيفة التي كانت في السبي? فإني قسمت وخمست وصارت في الخمس ثم صارت في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ثم صارت في آل علي ووقع بها. فكتب الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ابعثني مصدقا، قال: فجعلت أقرأ الكتاب وأقول صدق قال: فأمسك يدي والكتاب وقال: "تبغض عليا؟ " قلت: نعم قال: "فلا تبغضه وإن كنت تحبه فازدد
له حبا؛ فوالذي نفسي بيده لنصيب آل علي من الخمس أفضل من وصيفة" قال: فما كان من الناس أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي من علي.
وفي رواية: فلما أتيت النبي صلى الله عليه وسلم دفعت الكتاب فقرئ عليه، فرأيت الغضب في وجهه صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله هذا مكان العائذ، بعثتني مع رجل وأمرتني أن أطيعه ففعلت ما أمرت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تقع في علي؛ فإنه مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي" خرجهما أحمد.
وعنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًّا إلى خالد ليقبض الخمس، فكنت أبغض عليا فاصطفى منه سبية، فأصبح وقد اغتسل فقلت لخالد: أما ترى إلى هذا? فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له فقال: "يا بريدة، أتبغض عليا?" قلت: نعم قال: "لا تبغضه، فإن له في الخمس أكثر من ذلك" انفرد به البخاري.
وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من كنت وليه فعلي وليه" أخرجه أبو حاتم.
وعن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة ونصب الصراط على جسر جهنم، ما جازها أحد حتى كانت معه براءة بولاية علي بن أبي طالب" خرجه الحاكمي في الأربعين، والمراد بالولاية والله أعلم الموالاة والنصرة والمحبة.
وعن ابن مسعود قال: أنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد علي وقال: "هذا وليي وأنا وليه، واليت من والاه وعاديت من عاداه" خرجه الحاكمي.
ذكر حق عليّ على المسلمين:
عن عمار بن ياسر وأبي أيوب قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حق علي على المسلمين حق الوالد على الولد" خرجه الحاكمي.
وعن أبي مقدم صالح قال: لما حضرت عبد الله بن عباس الوفاة
قال: اللهم إني أتقرب إليك بولاية علي بن أبي طالب، خرجه أحمد في المناقب.
والكلام على هذا الحديث، وبيان متعلق الرافضة منه، والجواب والجمع بينه وبين ما تقدم في خلافة أبي بكر، تقدم في فصل خلافة أبي بكر.
ذكر اختصاصه بأن جبريل منه:
عن أبي رافع قال: لما قتل علي أصحاب الألوية يوم أحد، قال جبريل: يا رسول الله إن هذه لهي المواساة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"إنه مني وأنا منه" فقال جبريل: وأنا منكما يا رسول الله، خرجه أحمد في المناقب.
ذكر اختصاصه بتأييد الله نبيه صلى الله عليه وسلم به، وكتبه ذلك على ساق العرش وعلى بعض الحيوان:
عن أبي الحمراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليلة أسري بي إلى السماء، نظرت إلى ساق العرش فرأيت كتابًا فهمته: محمد رسول الله، أيدته بعلي ونصرته به" خرجه الملاء في سيرته.
وعن ابن عباس قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فإذا بطائر في فيه لوزة خضراء، فألقاها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم فأخذها فقبلها ثم كسرها، فإذا في جوفها دودة خضراء مكتوب فيها بالأصفر: لا إله إلا الله محمد رسول الله، نصرته بعلي. خرجه أبو الخير القزويني الحاكمي.
ذكر اختصاصه بالتبليغ عن النبي صلى الله عليه وسلم:
عن أبي سعيد أو أبي هريرة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر، فلما بلغ ضجنان سمع بغام ناقة علي فعرفه فأتاه فقال: ما شأني? قال: خير، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني ببراءة. فلما رجعنا انطلق أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم-
فقال: يا رسول الله ما لي? قال: "خير، أنت صاحبي في الغار غير أنه لا يبلغ غيري أو رجل مني" يعني عليا.
"شرح" بغام الناقة: صوت لا تفصح به، تقول منه: بغمت تبغم بالكسر، وبغمت الرجل: إذا لم تفصح له عن معنى ما تحدثه به، ضجنان: جبل بناحية مكة.
وعن جابر أنهم حين رجعوا من الجعرانة إلى المدينة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر على الحج، فأقبلنا معه حتى إذا كان بالعرج ثوب بالصبح، فلما استوى بالتكبير سمع الرغوة خلف ظهره فوقف على التكبير فقال: هذه رغوة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلعله أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم فنصلي معه، فإذا علي عليها، فقال له أبو بكر: أمير أم رسول? فقال: لا، بل رسول أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم ببراءة أقرؤها على الناس في مواقف الحج، فقدمنا مكة فلما كان قبل التروية بيوم قام أبو بكر، فخطب الناس حتى إذا فرغ قام علي فقرأ براءة حتى ختمها ثم خرجنا معه، حتى إذا كان يوم عرفة، قام أبو بكر فخطب الناس فعلمهم مناسكهم، حتى إذا فرغ قام علي فقرأ على الناس براءة حتى ختمها ثم كان يوم النحر فأفضنا، فلما رجع أبو بكر خطب الناس فحدثهم عن إفاضتهم وعن نحرهم وعن مناسكهم، فلما فرغ قام علي فقرأ على الناس براءة حتى ختمها، فلما كان يوم النفر الأول قام أبو بكر فخطب الناس فحدثهم كيف ينفرون وكيف يرمون وعلمهم مناسكهم، فلما فرغ قام علي فقرأ على الناس براءة حتى ختمها. خرجهما أبو حاتم، وخرج الثاني النسائي.
"شرح" الجعرانة: موضع بقرب مكة معروف يعتمر منه أهل مكة في كل عام مرة في ذي القعدة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر منها بعد مرجعه من الطائف لثنتي عشرة ليلة بقيت من القعدة، وفيها لغتان إسكان العين والتخفيف وكسرها مع تشديد الراء، والعرج: منزل بطريق مكة وإليها
ينسب العرجي الشاعر وهو عبد الله بن عمر بن عثمان بن عفان ذكره الجوهري، والصواب عبد الله بن عمر بن عمر بن عثمان بن عفان، والتثويب في الصبح: أن يقول: الصلاة خير من النوم، ثم قد يراد به الإيذان بالصلاة ولعله المراد هنا، والرغوة والرغاء بمعنًى، وهو صوت ذوات الخف، يقول: رغا البعير يرغو رغاء إذا ضج.
وعن علي رضي الله عنه قال: لما نزلت عشر آيات من براءة على النبي صلى الله عليه وسلم دعا النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر، فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة، ثم دعاني فقال لي:"أدرك أبا بكر، فحيثما لقيته فخذ الكتاب فاذهب به إلى أهل مكة فاقرأه عليهم" فلحقته بالجحفة فأخذت الكتاب منه، ورجع أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، نزل في شيء? قال:"لا، جبريل جاءنا فقال: لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك".
"شرح" قوله: فرجع أبو بكر، الظاهر أن رجوعه كان بعد مرجعه من الحج، يشهد له الحديث المتقدم، وأطلق عليه لفظ الرجوع لوجود حقيقة الرجوع فيه جمعًا بينهما.
وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم حين بعثه ببراءة قال: يا رسول الله إني لست باللسن ولا بالخطيب، قال:"ما بد لي أن يذهب بها أنا أو تذهب بها أنت" قال: فإن كان فأذهب أنا، قال:"انطلق فإن الله يسدد لسانك ويهدي قلبك" قال: ثم وضع يده على فمه. خرجهما أحمد.
وعن حبشي بن جنادة وكان قد شهد حجة الوداع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "علي مني وأنا منه، ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي" خرجه الحافظ السلفي.
"شرح" قوله: "ولا يبلغ عني غيري أو رجل مني" أي: من أهل بيتي، وكذلك قول جبريل:"لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك" وهذا التبليغ والأداء يختص بهذه الواقعة لا مطلق التبليغ والأداء، وذلك
معلوم بالضرورة يشهد له الوجود، فإن رسله صلى الله عليه وسلم لم تزل مختلفة إلى الآفاق في التبليغ عنه وأداء رسالاته وتعليم الأحكام والوقائع، مؤدين لها عنه ومبلغين عنه، وليسوا كلهم منه، فعلم أن الإشارة والتبليغ في تلك الواقعة، وكان ذلك لسبب اقتضاه، وهو أن عادة العرب لم تزل جارية في نقض العهود أن لا يتولى ذلك إلا من تولى عقدها أو رجل من قبيلته، وكان النبي صلى الله عليه وسلم ولى أبا بكر ذلك على ما تضمنه حديث علي جريًا على عادته في عدم مراعاة العوائد الجاهلية، فأمره الله تعالى أن لا يبعث في نقض عهودهم إلا رجلا منه إزاحة لعللهم، وقطعًا لحججهم لجواز أن يحتجوا على أبي بكر بعوائدهم ومألوفهم كما احتجوا عليه صلى الله عليه وسلم في كتاب صلح الحديبية لما قال لعلي:"اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم" فقالوا: اكتب: باسمك اللهم كما كنت تكتب في الجاهلية، وإن كان المعنى المقتضي لإجابتهم في صلح الحديبية إلى ما طلبوا مفقودا هنا لانتشار أمر الإسلام وعلو شأنه وظهوره وقوة أهله زمن حجة أبي بكر، لكن الإيناس بالمألوف المعروف أقرب إلى انقياد النفوس وأدعى إلى طاعتها، وإذا تقررت هذه المقدمة ثبت أن إرسال علي لم يكن عزلا لأبي بكر رضي الله عنه عن إمارته، وإنما عن التبليغ فقط لمقتضٍ اقتضاه كما قررنا، وكان أبو بكر الآمر والخطيب والإمام والمعلم مناسك الحج.
وقد صرح علي رضي الله عنه لما قال له أبو بكر: أمير أم رسول? فقال: بل رسول، وقال بعض منه أشبه قوله قول الرافضة ممن ينتمي إلى التحديث والتصوف إنما صرف النبي صلى الله عليه وسلم إمارة الحج عن علي، لما في الإمارة من شوائب الدنيا تنزيهًا له، إذ كان سبيله صلى الله عليه وسلم في أهل بيته إبعادهم عن الدنيا وإبعاد الدنيا عنهم، وإنما كانت توليته أمر التبليغ للضرورة التي لا تندفع إلا به كما تقدم تقريره، وهذا القول في هذا الموطن غلط من هذا القائل، والنبي صلى الله عليه وسلم وإن كان سبيله في أهل بيته ما ذكره فلا يمكن ادعاء هذا المعنى في هذا الموطن لوجوه، الأول: ما فيه من حط
مرتبة أبي بكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم في إيثار الأولى في حقه ومكانته منه ومنزلته عنده المعلومة المشهورة التي لا يوازنها مكانة، ولا يضاهيها مرتبة، حتى اتصف بأحب القوم إليه وألزمهم عنده،
واختص منه بخصائص لم يشاركه فيها غيره على ما تقدم تقريره في مناقبه، وذلك لا يناسب تخصيصه بالأدنى مع علمه برسوخ قدمه في الزهد والرغبة فيما عند الله تعالى، وإنما كان ذلك -والله أعلم- تنبيهًا على أفضليته المقتضية إقامته مقام نفسه، ولذلك صرف الأمور كلها إليه ابتداء ثم خص عليا بأمر التبليغ لما ذكرناه فكان صرف إمرة الحج إلى أبي بكر لاختصاصه بقيام المقتضى لها، لا لأمر آخر وراء ذلك.
الوجه الثاني: لا نسلم أن هذا الأمر من الدنيا في شيء، بل هو محض عبادة كالصلاة، والأمير فيها كإمام الصلاة وخطيب الجمعة ولا يقال في شيء من ذلك دنيا، وكيف يصح أن يقال فيه دنيا وعلي رضي الله عنه يقول: يا دنيا غري غيري، طلقتك ثلاثًا بتاتًا. وقد تولى الخلافة العظمى فلو اعتقد أن ما قام فيه محض عبادة لله تعالى لا دنيا فيه لما صح هذا القول ولا شك في صحته، وفي أن قدمه في الزهد في الدنيا من أرسخ الأقدام ومباينته لها مشهورة بين الأنام ثابتة عند العلماء الأعلام، نعم تصير هذه الأمور دنيا إذا نوى بها الترفع على أبناء جنسه وأقام جاهه وعلو شأنه ونحو ذلك، وأعاذ الله أبا بكر وعليا وواحدًا من الصحابة من ذلك وأعاذنا الله من اعتقاد ذلك فيهم، بل قام والله أعلم أبو بكر فيما أقامه النبي صلى الله عليه وسلم من إمرته فيه عبدًا لله مؤديًا مناسكه ممتثلا أمر نبيه في نصب نفسه إماما يقتدى به تعبدًا لله وتقربا إليه ليس إلا، وكذلك قيامه في خلافته وجميع أموره، وقام علي في المواطن التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها وفي خلافته كذلك، وهكذا كل منهم -رضوان الله عليهم أجمعين.
والوجه الثالث: سلمنا أن فيها شائبة دنيا، لكنها مغمورة مضمحلة بالنسبة إلى ما فيها من التعبد والقربة إلى الله تعالى، إذ في ذلك إقامة منار
الدين وإظهار شعائره وانتظام أمره، وإن ظهرت لها صورة بحكم التبعية فغير مقصودة، ولم تزل سنة الله تعالى في أنبيائه ورسله وأوليائه والصالحين من عباده جارية بإعلاء منارهم وتكثير تابعهم وتحكمهم في أمور خلقه بحسب مراتبهم، وهل الدنيا إلا عبارة عن ذلك? لكن لا يعد شيء من ذلك دنيا؛ لعدم قصدها وإرادتها وإن حصلت صورتها ضمنا وتبعا.
والوجه الرابع: أن ما ذكره منتقض بالمواطن التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم فيها عليا على ما تقدم تقريره، وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى، وكل ما يتكلف فيه من غير ما أشرنا إليه فهو خلاف الظاهر.
ذكر اختصاصه بإقامة النبي صلى الله عليه وسلم إياه مقامه في نحر بقية بدنه، وإشراكه إياه في هديه صلى الله عليه وسلم:
عن جابر حديثه الطويل، وفيه: فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا وستين بدنة بيده وأعطى عليا فنحر ما غبر منها وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قدر، فطبخت فأكلا من لحمها، وشربا من مرقتها. خرجه مسلم.
"شرح" غبر أي: بقي، ومنه:{إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} أي: الباقين، والبضعة: القطعة بالفتح وأخواتها بالكسر مثل القطعة والفلذة والقدرة والكسرة والخرقة، وما لا يحصى، قاله الجوهري والبضع والبضعة في العدد مكسور وبعض العرب يفتحها وهو ما بين الثلاث والتسع، يقال: بضع سنين وبضعة عشر رجلا، وبضع عشرة امرأة، فإذا جاوز لفظ العشر ذهب البضع فلا تقول: بضع وعشرون قاله الجوهري.
ذكر اختصاصه بالقيام على بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
عن علي قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه، وأن أتصدق بلحمها وجلودها، وأن لا أعطي الجزار منها شيئا.
ذكر اختصاصه بأنه لا يجوز أحد الصراط إلا من كتب له علي الجواز:
عن قيس بن حازم قال: التقى أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب، فتبسم أبو بكر في وجه علي، فقال له: ما لك تبسمت? قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يجوز أحد الصراط إلا من كتب له علي الجواز" خرجه ابن السمان في الموافقة.
ذكر اختصاصه بمغفرة من الله يوم عرفة:
عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة، فقال:"إن الله عز وجل قد باهى بكم وغفر لكم عامة ولعلي خاصة، وإني رسول الله غير محاب بقرابتي" خرجه أحمد.
ذكر اختصاصه بسيادة العرب، وحث الأنصار على حبه:
عن الحسن بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادعو إلي سيد العرب" يعني عليا، قالت عائشة: ألست سيد العرب? قال: "أنا سيد ولد آدم، وعلي سيد العرب" فلما جاء أرسل إلى الأنصار فأتوه فقال لهم: "يا معشر الأنصار، ألا أدلكم على ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا؟ " قالوا: بلى يا رسول الله، قال:"هذا علي فأحبوه بحبي وأكرموه بكرامتي، فإن جبريل عليه السلام أخبرني بالذي قلت لكم عن الله عز وجل" خرجه الفضائلي والخجندي، والمراد سيد شباب العرب لأنه تقدم في خصائص أبي بكر أنه سيد كهول العرب جمعًا بين الحديثين.
ذكر اختصاصه بسيادة المسلمين وولاية المتقين وقيادة الغر المحجلين:
عن عبد الله بن سعد بن زرارة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليلة
أسري بي انتهيت إلى ربي عز وجل فأوحى إلي -أو أمرني، شك الراوي- في علي بثلاث: أنه سيد المسلمين، وولي المتقين، وقائد الغر المحجلين" خرجه المحاملي.
وعن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنك سيد المسلمين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، ويعسوب الدين" خرجه علي بن موسى الرضا.
ذكر سيادته في الدنيا والآخرة:
عن ابن عباس قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي بن أبي طالب فقال: "أنت سيد في الدنيا وسيد في الآخرة" خرجه أبو عمر وأبو الخير الحاكمي.
ذكر اختصاصه بالولاية، والإرث:
وعن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لكل نبي وصي ووارث، وإن عليا وصيي ووارثي" خرجه البغوي في معجمه.
وعن أنس قال: قلنا لسلمان: سل النبي صلى الله عليه وسلم: من وصيه? فقال سلمان: يا رسول الله من وصيك? قال: "يا سلمان من كان وصي موسى?" قال: يوشع بن نون، قال:"فإن وصيي ووارثي يقضي ديني وينجز موعدي، علي بن أبي طالب" خرجه في المناقب. وهذان الحديثان لا يصحان، وإن صحا فالإرث محمول على ما تضمنه حديث المؤاخاة في باب العشرة وهو أنه قال له صلى الله عليه وسلم:"أنت أخي ووارثي" قال: وما أرث منك يا نبي الله? قال: "ما ورث الأنبياء من قبلي" قال: وما ورث الأنبياء من قبلك? قال: "كتاب ربهم وسنة نبيهم" وعلى ما تضمنه حديث معاذ قال: قال علي: يا رسول الله ما أرث منك? قال: "ما يرث النبيون بعضهم من بعض: كتاب الله وسنة نبيه" خرجه ابن الحضرمي حملًا
للمطلق على المقيد، وهذا توريث غير التوريث المتعارف، فيحمل الإيصاء على نحو من ذلك كالنظر في مصالح المسلمين على أي حال كان خليفة أو غير خليفة ومساعدة أولي الأمر، وعليه يحمل توصيته بالعرب فيما رواه حبة العربي عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا علي أوصيك بالعرب خيرًا" خرجه ابن السراج.
وعن حبشي قال: رأيت عليًّا يضحي بكبشين فقلت له: ما هذا? قال: أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أضحي عنه. خرجه أحمد في المناقب، وهذا يدل على صرف الوصية إلى غير الولاية؛ إذ لو كانت الولاية لاستوى فيها العرب والعجم، أو يحمل على إيصائه إليه في الضحية عنه، أو الإيصاء إليه في رد الأمانات حين هاجر، أو على حفظ الأهل حين استخلفه على المدينة في غزوة تبوك ونحو ذلك، أو على قضاء دينه وإنجاز وعده على ما تضمنه حديث أنس المتقدم، أو على إيصائه بغسله.
عن حسين بن علي عن أبيه عن جده قال: أوصى النبي صلى الله عليه وسلم عليًّا أن يغسله فقال علي: يا رسول الله أخشى أن لا أطيق ذلك. قال: "إنك ستعان علي" قال: فقال علي: فوالله ما أردت أن أقلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم عضوًا إلا قلب لي. خرجه ابن الحضرمي، ويعضد هذا التأويل بالأحاديث الصحيحة في نفي التوريث والإيصاء على ما تقدم في فصل خلافة أبي بكر وأنه صلى الله عليه وسلم لم يعهد إليه عهدًا غير ما في كتاب الله عز وجل وما في صحيفة فيها شيء من أسنان الإبل ومن العقل.
عن بريدة بن سويد بن طارق التيمي قال: رأيت عليا على المنبر يخطب، فسمعته يقول: لا، والله ما عندنا من كتاب نقرؤه إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة؛ وإذا فيها أسنان الإبل وأشياء من الجراحات. وحديث المدينة:"حرم ما بين عير إلى ثور" أخرجاه.
وعن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال: كنت عند علي، فأتاه رجل فقال
له: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم أسرَّ إليك? قال: فغضب ثم قال: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر إلي شيئا يكتمه على الناس، غير أنه قد حدثني بكلمات أربع قال: ما هن يا أمير المؤمنين? قال: "لعن الله من لعن والديه، ولعن الله من ادعى لغير أبيه، ولعن الله من آوى محدثا، ولعن الله من غير منار الأرض" خرجه مسلم.
ذكر اختصاصه بغسل النبي صلى الله عليه وسلم لما توفي:
قال ابن إسحاق: لما غسل النبي صلى الله عليه وسلم علي أسنده إلى صدره وعليه قميصه يدلكه به من ورائه، ولا يفضي بيده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول: بأبي وأمي ما أطيبك حيا وميتا!! ولم ير من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء يرى من الميت وكان العباس والفضل وقثم يساعدون عليا في تقليب النبي صلى الله عليه وسلم وكان أسامة بن زيد وشقران يصبان الماء عليه.
ذكر اختصاصه بالرخصة في تسمية ولده باسم النبي صلى الله عليه وسلم وتكنيته بكنيته:
عن محمد بن الحنفية عن أبيه علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن ولد لك غلام فسمه باسمي وكنه بكنيتي، وهو لك رخصة دون الناس" خرجه المخلص الذهبي.
وعن علي قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يولد لك ابن، قد نحلته اسمي وكنيتي" خرجه أحمد.
ذكر اختصاصه برد الشمس عليه:
عن الحسن بن علي قال: كان رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجر علي وهو يوحى إليه فلما سري عنه قال: "يا علي صليت العصر?" قال: لا قال: "اللهم إنك تعلم أن كان في حاجتك وحاجة نبيك فرد عليه الشمس" فردها عليه فصلى وغابت الشمس. خرجه الدولابي قال:
وقال علماء الحديث: وهو حديث موضوع ولم ترد الشمس لأحد وإنما حبست ليوشع بن نون، وقد خرجه الحاكمي عن أسماء بنت عميس ولفظه قالت: كان رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجر علي فكره أن يتحرك حتى غابت الشمس، فلم يصل العصر ففزع النبي صلى الله عليه وسلم وذكر له علي أنه لم يصل العصر، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الله عز وجل أن يرد الشمس عليه فأقبلت الشمس لها خوار حتى ارتفعت قدر ما كانت في وقت العصر قال: فصلى ثم رجعت. وخرج أيضا عنها: أن علي بن أبي طالب دفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد أوحى الله إليه أن يجلله بثوب فلم يزل كذلك إلى أن أدبرت الشمس، يقول: غابت أو كادت تغيب ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم سري عنه فقال: "أصليت يا علي?" قال: لا، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"اللهم رد الشمس على علي" فرجعت الشمس حتى بلغت نصف المسجد.
ذكر اختصاصه بإدخال النبي صلى الله عليه وسلم إياه معه في ثوبه يوم توفي، واحتضانه إياه إلى أن قبض:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة: "ادعوا إلي حبيبي" فدعوا له أبا بكر فنظر إليه ثم وضع رأسه ثم قال: "ادعوا لي حبيبي" فدعوا له عمر فلما نظر إليه وضع رأسه ثم قال: "ادعوا لي حبيبي" فدعوا له عليا، فلما رآه أدخله معه في الثوب الذي كان عليه، فلم يزل يحتضنه حتى قبض ويده عليه. أخرجه الرازي.
ذكر اختصاصه بأقربية العهد به يوم مات:
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: والذي أحلف به إن كان علي لأقرب الناس عهدًا برسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: عدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة بعد غداة يقول: "جاء علي?" مرارًا وأظنه كان بعثه لحاجة، فجاء بعد فظننت أن له حاجة فخرجنا من البيت فقعدنا عند الباب فكنت من أدناهم إلى الباب، فأكب عليه علي فجعل يسارّه ويناجيه ثم قبض من يومه
ذلك صلى الله عليه وسلم، فكان من أقرب الناس به عهدًا. أخرجه أحمد.
ذكر قدم اختصاصه بتزويج فاطمة عليها السلام:
عن أنس بن مالك -رضى الله عنه- قال: جاء أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقعد بين يديه فقال: يا رسول الله قد علمت مناصحتي وقدمي في الإسلام، وإني وإني. قال:"وما ذاك?" قال: تزوجني فاطمة، قال: فسكت عنه قال: فرجع أبو بكر إلى عمر فقال: هلكت وأهلكت، قال: وما ذاك? قال: خطبت فاطمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعرض عني، قال: مكانك حتى آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأطلب مثل الذي طلبت فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فقعد بين يديه، فقال: يا رسول الله، قد علمت مناصحتي وقدمي في الإسلام، وإني وإني، قال:"وما ذاك?" قال: تزوجني فاطمة، فسكت عنه فرجع إلى أبي بكر، فقال: إنه ينتظر أمر الله بها، قم بنا إلى علي حتى نأمره يطلب مثل الذي طلبنا، قال علي: فأتياني وأنا أعالج فسيلًا لي، فقالا: إنا جئناك من عند ابن عمك بخطبة، قال علي: فنبهاني لأمر فقمت أجر ردائي حتى أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقعدت بين يديه، فقلت: يا رسول الله، قد علمت قدمي في الإسلام ومناصحتي، وإني وإني، قال:"وما ذاك?" قلت: تزوجني فاطمة، قال:"وما عندك?" قلت: فرسي وبزتي، قال:"أما فرسك فلا بد لك منها، وأما بزتك فبعها" قال: فبعتها بأربعمائة وثمانين، قال: فجئت بها حتى وضعتها في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبض منها قبضة، فقال:"أي بلال، ابغنا بها طيبًا" وأمرهم أن يجهزوها، فحمل لها سريرًا مشرطًا بالشرط ووسادة من أدم حشوه ليف، وقال لعلي:"إذا أتتك، فلا تحدث شيئا حتى آتيك" فجاءت مع أم أيمن حتى قعدت في جانب البيت وأنا في جانب، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"ههنا أخي؟ " قالت أم أيمن: أخوك وقد زوجته ابنتك؟ قال: "نعم" ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت فقال لفاطمة: "ائتني بماء" فقامت إلى قعب في البيت فأتت به بماء فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم ومج فيه ثم قال: "تقدمي"
فتقدمت فنضح بين ثدييها وعلى رأسها، وقال:"اللهم إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم" ثم قال لها: "أدبري" فأدبرت فصب بين كتفيها وقال: "اللهم إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ائتوني بماء" قال علي: فعلمت الذي يريد فقمت فملأت القعب ماء وأتيته به فأخذه ومج فيه ثم قال: "تقدم" فصب على رأسي وبين ثديي ثم قال: "اللهم إني أعيذه بك وذريته من الشيطان الرجيم" ثم قال: "أدبر" فأدبرت فصب بين كتفي وقال: "اللهم إني أعيذه بك وذريته من الشيطان الرجيم" ثم قال لعلي: "ادخل بأهلك باسم الله والبركة" أخرجه أبو حاتم وأخرجه أحمد في المناقب من حديث أبي يزيد المدائني وقال: فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي: "لا تقرب امرأتك حتى آتيك" فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فدعا بماء فقال فيه ما شاء الله أن يقول ثم نضح منه على وجهه، ثم دعا فاطمة فقامت إليه تعثر في ثوبها وربما قال في مرطها من الحياء فنضح عليها أيضًا وقال لها:"إني لم آل أن أنكحك أحب أهلي إلي" فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم سوادًا وراء الباب فقال: "من هذا?" قالت: أسماء، قال:"أسماء بنت عميس؟ " قالت: نعم قال: "أمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم جئت كرامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ " قالت: نعم فدعا لي دعاء وإنه لأوثق عملي عندي، قال: ثم خرج ثم قال لعلي: "دونك أهلك" ثم ولى في حجرة، فما زال يدعو لهما حتى دخل في حجرته وأخرج عبد الرزاق في جامعه من هذا الحديث عن عكرمة قال: لما زوج النبي صلى الله عليه وسلم عليا فاطمة، قال لها:"ما ألوت أن أنكحك أحب أهلي إلي" وأخرج الدولابي جملة معناه عن أسماء بنت عميس وقدم فيه عليا في النضح والدعاء كما تقدم عن أحمد، وقال: ثم قال لأم أيمن: "ادعي لي فاطمة" فجاءت وهي خرقة من الحياء، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اسكني، فقد أنكحتك أحب أهل بيتي إلي" ثم نضح صلى الله عليه وسلم عليها ودعا لها، ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى سوادًا بين يديه فقال:"من هذا?" قالت: أنا، قال: "أسماء بنت
عميس؟ " قلت: نعم، قال: "جئت في زفاف بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تكرمينه؟ " قلت: نعم، فدعا لي.
"شرح" الفسيل: الودي الصغار، والجمع: فسلان، والنضح: الرش، ونضح البيت: رشه، والخرقة: المستحية من الخرق بالتحريك أي: الدهش من الخوف والحياء، تقول منه: خرق بالكسر فهو خرق.
وعن أنس رضي الله عنه قال: لما زوج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة قال: "يا أم أيمن زفي ابنتي إلى علي، ومريه أن لا يعجل عليها حتى آتيها" فلما صلى العشاء أقبل بركوة فيها ماء فتفل فيها ما شاء الله وقال: "اشرب يا علي وتوضأ، واشربي يا فاطمة وتوضئي" ثم أجاف عليهما الباب فبكت فاطمة، فقال:"ما يبكيك وقد زوجتك أقدمهم إسلامًا، وأحسنهم خلقًا؟ " أخرجه أبو الخير الحاكمي.
وعن بريدة رضي الله عنه قال: خطب أبو بكر وعمر فاطمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنها صغيرة" فخطبها علي فزوجها. أخرجه أبو حاتم والنسائي.
وعن جابر رضي الله عنه قال: حضرنا عرس علي فما رأيت عرسا كان أحسن منه، حشونا البيت طيبا وأتينا بتمر وزيت فأكلنا، وكان فراشهما ليلة عرسهما إهاب كبش. أخرجه أبو بكر بن فارس.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة بعلي قالت: يا رسول الله زوجتني برجل فقير لا شيء له، فقال صلى الله عليه وسلم:"أما ترضين يا فاطمة أن الله اختار من أهل الأرض رجلين جعل أحدهما أباك، والآخر بعلك؟ " أخرجه الملاء في سيرته.
ذكر أن تزويج فاطمة من علي كان بأمر الله عز وجل ووحي منه:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: خطب أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم-
ابنته فاطمة، فقال صلى الله عليه وسلم:"يا أبا بكر، لم ينزل القضاء بعد" ثم خطبها عمر مع عدة من قريش كلهم يقول له مثل قوله لأبي بكر، فقيل لعلي: لو خطبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة لخليق أن يزوجكها، قال: وكيف وقد خطبها أشرف قريش فلم يزوجها؟ قال: فخطبها فقال صلى الله عليه وسلم: "قد أمرني ربي عز وجل بذلك" قال أنس: ثم دعاني النبي صلى الله عليه وسلم بعد أيام فقال لي: "يا أنس اخرج وادع لي أبا بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة، والزبير، وبعدة من الأنصار" قال: فدعوتهم، فلما اجتمعوا عنده صلى الله عليه وسلم وأخذوا مجالسهم وكان علي غائبا في حاجة النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
$"الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع بسلطانه، المرهوب من عذابه وسطواته، النافذ أمره في سمائه وأرضه، الذي خلق الخلق بقدرته، وميزهم بأحكامه، وأعزهم بدينه، وأكرمهم بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وإن الله تبارك اسمه وتعالت عظمته جعل المصاهرة سببًا لاحقًا، وأمرًا مفترضًا أوشج به الأرحام وألزم الأنام، فقال عز من قائل: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} فأمر الله تعالى يجري إلى قضائه، وقضاؤه يجري إلى قدره، ولكل قدر أجل ولكل أجل كتاب، يمحو الله ويثبت وعنده أم الكتاب، ثم إن الله عز وجل أمرني أن أزوج فاطمة بنت خديجة1 من علي بن أبي طالب فاشهدوا أني قد زوجته على أربعمائة مثقال فضة، إن رضي بذلك علي بن أبي طالب" ثم دعا بطبق من بسر فوضعه بين أيدينا ثم قال: "انهبوا" فنهبنا، فبينا نحن ننتهب إذ دخل علي على النبي صلى الله عليه وسلم فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه ثم قال: "إن الله أمرني أن أزوجك فاطمة على أربعمائة مثقال فضة، إن رضيت
1 مع أن نسبة الأولاد إلى الآباء، وفي غير هذا الحديث، قال صلى الله عليه وسلم:"فاطمة بنت محمد" ذكر هنا صلى الله عليه وسلم النسبة إلى خديجة والدة فاطمة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم المشهورة بالفضل، والعقل، وحسن التصرف والمعاملة، لفتًا إلى أن هذه الابنة كأمها.
بذلك" فقال: قد رضيت بذلك يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "جمع الله شملكما، وأسعد جدكما، وبارك عليكما، وأخرج منكما كثيرًا طيبا" قال أنس: فوالله لقد أخرج منهما كثيرًا طيبًا. أخرجه أبو الخير القزويني الحاكمي.
"شرح" أوشج به الأرحام أي: شبك بعضها في بعض، يقال: رحم واشجة أي: مشتبكة. وعنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فغشيه الوحي، فلما أفاق قال:"تدري ما جاء به جبريل?" قلت: الله ورسوله أعلم، قال:"أمرني أن أزوج فاطمة من علي" فانطلق فادع لي أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وطلحة والزبير وبعدة من الأنصار. ثم ذكر الحديث بتمامه وقال: وشج به الأرحام وقال: فلما أقبل علي قال له: "يا علي، إن الله أمرني أن أزوجك فاطمة، وقد زوجتكها على أربعمائة مثقال فضة أرضيت?" قال: رضيت يا رسول الله، قال: ثم قام علي فخر ساجدًا شاكرًا، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"جعل الله منكما الكثير الطيب، وبارك الله فيكما" قال أنس: فوالله لقد أخرج منهما الكثير الطيب. أخرجه أبو الخير أيضًا.
وعن عمر، وقد ذكر عنده علي قال: ذاك صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل جبريل فقال: إن الله يأمرك أن تزوج فاطمة ابنتك من علي. أخرجه ابن السمان في الموافقة.
ذكر أن الله زوج فاطمة عليًّا بمشهد من الملائكة:
عن أنس رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، إذ قال صلى الله عليه وسلم لعلي:"هذا جبريل يخبرني أن الله عز وجل زوجك فاطمة، وأشهد على تزويجك أربعين ألف ملك، وأوحى إلى شجرة طوبى أن انثري عليهم الدر والياقوت، فنثرت عليهم الدر والياقوت، فابتدرت إليه الحور العين يلتقطن من أطباق الدر والياقوت، فهم يتهادونه بينهم إلى يوم القيامة" أخرجه الملاء في سيرته.
ذكر اختصاصه بإعطائه الراية يوم خيبر، وبفتحها:
عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لأعطين الراية غدًا رجلا يفتح الله على يديه" قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها، فقال:"أين علي بن أبي طالب?" قالوا: يشتكي عينيه يا رسول الله، قال:"فأرسلوا إليه" فلما جاء بصق في عينيه، ودعا له فبرئ حتى كأن لم يكن به وجع؛ وأعطاه الراية فقال علي: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا، قال:"ابتدئ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا، خير لك من أن يكون لك حمر النعم" أخرجاه وأبو حاتم.
"شرح" قوله: يدوكون أي: يخوضون ويموجون، وقوله:"ابتدئ على رسلك" أي: امض على مؤدتك
كما تقول: على هينتك، وحمر النعم: أفخرها عند العرب ويجوز أن يكون المراد والله أعلم يكون لك حمر النعم فتنفقها في سبيل الله، وهداية رجل على يديك أفضل لك من ذلك، لأن يملكها ويقتنيها، إذ لا فضل في ذلك إلا زينة الدنيا، ولا تعدل وإن عظمت شيئًا من ثواب الآخرة، وهكذا كلما ورد نحو خير من الدنيا، وما فيها خير مما طلعت عليه الشمس والله أعلم.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأدفعن الراية اليوم إلى رجل يحب الله ورسوله" فتطاول القوم فقال: "أين علي?" فقالوا: يشتكي عينه، فدعاه فبزق في كفيه ومسح بهما عين علي ثم دفع إليه الراية ففتح الله عليه، أخرجه أبو حاتم. وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: "لأعطين هذه الراية رجلًا يحب الله ورسوله، يفتح الله عليه" قال عمر: فما أحببت الإمارة إلا يومئذ، فتشارفت فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا فأعطاه
إياها وقال: "امش ولا تلتفت" فسار علي شيئًا ثم وقف ولم يلتفت، فصرخ رسول الله، فقال علي: علام أقاتل? فقال صلى الله عليه وسلم: "قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله عز وجل" أخرجه مسلم وأبو حاتم بتغيير بعض اللفظ.
وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: كان علي قد تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في خيبر وكان به رمد فقال: أنا أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فخرج علي فلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم فلما كانت الليلة التي فتحها الله في صباحها قال صلى الله عليه وسلم: "لأعطين الراية، أو ليأخذن الراية غدا رجل يحبه الله ورسوله" أو قال: "يحب الله ورسوله، يفتح الله عليه" فإذا نحن بعلي وما نرجوه، فقالوا: هذا علي، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ففتح الله عليه. أخرجاه1.
وعنه قال: خرجنا إلى خيبر وكان عمي عامر يرتجز بالقوم وهو يقول:
والله لولا الله ما اهتدينا
…
ولا تصدقنا ولا صلينا
ونحن عن فضلك ما استغنينا
…
فثبت الأقدام إن لاقينا
وأنزلن سكينة علينا
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من هذا?" قالوا: عامر، فقال:"غفر الله لك يا عامر" وما استغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل خصه إلا استشهد، قال عمر: يا رسول الله لو متعتنا بعامر.
فلما قدمنا خيبر، خرج مرحب يخطر بسيفه وهو ملكهم وهو يقول:
1 البخاري ومسلم.
قد علمت خيبر أني مرحب
…
شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلتهب
فنزل عامر فقال:
قد علمت خيبر أني عامر
…
شاكي السلاح بطل مغامر
فاختلفا بضربتين، فوقع سيف مرحب في فرس عامر فذهب ليسفل له، فوقع سيفه على نفسه فقطع أكحله فكان فيها نفسه، وإذا نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: بطل عمل عامر قتل نفسه، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقلت: يا رسول الله بطل عمل عامر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من قال هذا?" قلت: ناس من أصحابك، فقال صلى الله عليه وسلم:"بل له أجره مرتين" ثم أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي فألقيته وهو أرمد فقال: "لأعطين الراية اليوم رجلًا يجب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله" فجئت به أقوده وهو أرمد حتى أتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فبصق في عينيه فبرئ وأعطاه الراية، وخرج مرحب فقال:
قد علمت خيبر أني عامر
…
شاكي السلاح بطل مغامر
فقال علي:
أنا الذي سمتني أمي حيدره
…
كليث غابات كريه المنظره
أو فيهم بالصاع كيل السندره
قال: فضربه ففلق رأسه فقتله، وكان الفتح على يد علي بن أبي طالب. أخرجه أبو حاتم وقال: هكذا روي في فرس عامر وإنما هو في عامر، وأخرجه مسلم بتغيير بعض لفظه، وأخرجه أحمد عن بريدة الأسلمي ولم يذكر فيه قصة عامر، وقال بعد قوله: شاكي السلاح بطل مجرب:
أطعن أحيانًا وحينًا أضرب
وقال: فاختلف هو وعلي ضربتين، فضربه علي على عاتقه حتى عض
السيف فيها بأضراسه وسمع أهل العسكر صوت ضربته، قال: وما ينام الناس مع علي، حتى فتح الله له ولهم.
"شرح" ألقيته: وجدته؛ وتلافيته: تداركته، شاكي السلاح وشائك السلاح بمعنًى وهو الذي ظهرت حدته وشوكته، مغامر: المغامرة المباطشة، تقول: غامره إذا باطشه وقاتله ولم يبال بالموت.
وقد تقدم ذكر ذلك في خصائص أبي بكر، والأكحل: عرق في البدن يفصد ولا يقال: عرق الأكحل، يسفل: التسفيل التصويب، حيدرة: من أسماء الأسد.
وقد تقدم في ذكر اسمه -والليث اسم للأسد أيضًا- والغابات: جمع غاية وهي الأجمة من القصب، وغابة: اسم موضع بالحجاز، والسندرة: مكيال ضخم كالقنفل، ويروى أكيلهم بالسيف كيل السندره.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الراية وهزها ثم قال: "من يأخذها بحقها" فجاء فلان فقال: أنا، فقال:"امض" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي كرم وجه محمد لأعطينها رجلا لا يفر، هاك يا علي" فانطلق حتى فتح الله عليه خيبر، وفدك، وجاء بعجوتها وقديدها. خرجه أحمد.
وعن بريدة رضي الله عنه قال: لما كان حيث نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحصن أهل خيبر، أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء عمر بن الخطاب ونهض معه من نهض من الناس فلقوا أهل خيبر، فانكشف عمر وأصحابه فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لأعطين الراية غدًا رجلًا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله" فلما كان الغد تصادر بها أبو بكر وعمر، فدعا عليا وهو أرمد فتفل في عينيه وأعطاه اللواء ونهض معه من الناس من نهض، ثم ذكر قتل مرحب وقال: فما ينام آخر الناس حتى فتح الله لهم وله. أخرجه الغيباني والحافظ الدمشقي في الموافقات، وعنه قال:
حاصرنا خيبر فأخذ اللواء أبو بكر فانصرف ولم يفتح له، ثم أخذه عمر من الغد فخرج ورجع ولم يفتح له، وأصاب الناس يومئذ شدة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إني دافع اللواء إلى رجل يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله، لا يرجع حتى يفتح عليه" فبتنا طيبة أنفسنا أن الفتح غدًا، فلما أصبح صلى الله عليه وسلم قام قائمًا فدعا باللواء والناس على مصافهم، فدعا عليا وهو أرمد فتفل في عينيه ودفعه إليه ففتح له، قال بريدة: وأنا ممن تطاول لها. أخرجه أحمد في المناقب.
وعن سلمة -رضى الله عنه- قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق برايته وكانت بيضاء إلى بعض حصون خيبر، فقاتل ورجع ولم يكن فتح وقد جهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لأعطين الراية غدًا رجلًا يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه، ليس بفرار" فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعلي وهو أرمد فتفل في عينيه ثم قال: "خذ هذه الراية فامض بها، حتى يفتح الله عليك" قال سلمة: فخرج والله بها يهرول هرولة وإنا خلفه أثره، حتى ركز رايته في رضم من حجارة تحت الحصن فاطلع عليه يهودي من رأس الحصن فقال: من أنت? قال: أنا علي بن أبي طالب، قال: يقول اليهودي: علوتم وما أنزل على موسى، أو كما قال، فما رجع حتى فتح الله على يديه. أخرجه ابن إسحاق.
وعن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خرجنا مع علي حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم برايته، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم، فضربه رجل من يهود وقد طرح ترسه من يده، فتناول علي بابًا كان عند الحصن فترس به نفسه فلم يزل بيده حتى فتح الله عز وجل عليه ثم ألقاه من يده حين فرغ، فلقد رأيتني في نفر معي سبعة أنا ثامنهم نجتهد على أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه، أخرجه أحمد. وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن علي بن أبي طالب حمل الباب يوم خيبر حتى صعد المسلمون فافتتحوها، وبعد ذلك لم يحمله أربعون رجلا وفي طريق ضعيف ثم
اجتمع عليه سبعون رجلا فكان جهدهم أن أعادوا الباب. أخرجهما الحاكمي في الأربعين.
ذكر اختصاصه بأنه وزوجته وابنيه أهل البيت:
عن سعيد قال: أمر معاوية سعدًا أن يسب أبا تراب فقال: أما ما ذكرت ثلاثا قالهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبه لأن يكون في واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وخلفه في بعض مغازيه فقال له علي: تخلفني مع النساء والصبيان، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي" وسمعته يقول يوم خيبر: "لأعطين الراية
…
" وذكر القصة، وسيأتي.
ولما نزلت هذه الآية: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} 1 دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة والحسن والحسين وقال: $"اللهم هؤلاء أهلي" خرجه مسلم والترمذي.
وعن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم جلل على الحسن والحسين وعلي وفاطمة كساء، وقال:"اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي، أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا" خرجه الترمذي، وقال: حسن صحيح.
وعن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، قال: قلت لعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة: يا عم، لم كان صغو الناس إلى علي? فقال: يابن أخي إن عليا كان له ما شئت من ضرس قاطع في العلم، وكان له من السطة2 في العشيرة والقدم في الإسلام والصهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم والفقه في السنة، والنجدة في الحرب، والجود في الماعون.
ولما نزل قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ
1 سورة آل عمران الآية 61.
2 مصدر وسط يسط سطة، وسيأتي في كلام المؤلف.
الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} 1 دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة وعليًّا وحسنًا وحسينًا في بيت أم سلمة، وقال:"اللهم إن هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا" أخرجه القلعي ومعناه في الصحيح، وستأتي أحاديث هذا الذكر مستوفاة في فضل أهل البيت من كتاب "مناقب القرابة والذرية".
"شرح" صغو الناس أي: ميلهم، قال أبو زيد: يقال: صغوه معك بفتح الصاد وكسرها وصغاه أي: ميله، تقول منه: صغا يصغو ويصغي صغيا، وكذلك صغي بالكسر يصغى، السطة: المتوسطة تقول: وسطت القوم أسطهم وسطا وسطة أي: توسطتهم وأشار والله أعلم إلى التمكن فيهم؛ لأن من توسط شيئًا تمكن منه، والنجدة والشجاعة، تقول: نجد الرجل بالضم فهو نجد ونجد ونجيد، وجمع نجد: أنجاد مثل يقظ وأيقاظ، وجمع نجيد نجد ونجداء ورجل ذو نجدة أي: ذو بأس، والرجس: القذر، يطلق على العقاب والغضب كما في قوله تعالى:{وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ} قال الفراء: والرجز لغة فيه.
ذكر أن بيوته أوسط بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم:
عن سعيد بن عبيدة قال: جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن عثمان فذكر له محاسن عمله، ثم قال: لعل ذلك يسوءك قال: نعم قال: فأرغم الله أنفك، ثم سأله عن علي فذكر محاسن عمله قال: ذاك بيته أوسط بيوت النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعل ذلك يسوءك قال: أجل، قال: فأرغم الله أنفك، انطلق فاجهد على جهدك. أخرجه البخاري والمخلص.
1 سورة الأحزاب الآية 33.
ذكر اختصاصه وزوجه وبنيه بأنه صلى الله عليه وسلم حرب لمن حاربهم، سلم لمن سالمهم:
عن زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين: "أنا حرب لمن حاربهم، سلم لمن سالمهم" خرجه الترمذي.
وعن أبي بكر الصديق قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خيم خيمة وهو متكئ على قوس عربية، وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين فقال:"معشر المسلمين، أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة، حرب لمن حاربهم، ولي لمن والاهم، لا يحبهم إلا سعيد الجد1 طيب المولد، ولا يبغضهم إلا شقي الجد رديء الولادة".
ذكر اختصاصه بانتفاء الرمد عن عينيه أبدًا بسبب تفل النبي صلى الله عليه وسلم فيهما:
عن علي رضي الله عنه قال: ما رمدت2 منذ تفل النبي صلى الله عليه وسلم في عيني. أخرجه أحمد.
وعنه قال: ما رمدت عيناي منذ مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهي، وتفل في عيني يوم خيبر حين أعطاني الراية. أخرجه أبو الخير القزويني.
ذكر اختصاصه بلبس لباس الشتاء في الصيف، ولبس لباس الصيف في الشتاء؛ لعدم وجدان الحر والبرد:
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كان أبي يسمر مع علي، وكان علي يلبس ثياب الصيف في الشتاء وثياب الشتاء في الصيف فقيل له: لو سألته، فسأله فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلي وأنا أرمد العين يوم خيبر فقلت: يا
1 الحظ.
2 ما أصابني رمد.
رسول الله إني أرمد العين قال: فتفل في عيني وقال: "اللهم أذهب عنه الحر والبرد" فما وجدت حرا ولا بردا منذ يومئذ، وقال:"لأعطين الراية رجلًا يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله، ليس بفرار" فتشوف لها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطانيها. أخرجه أحمد.
ذكر اختصاصه بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعطيه الراية، فلا ينصرف حتى يفتح عليه:
عن عمر بن حبشي قال: خطبنا الحسن حين قتل علي فقال: لقد فارقكم رجل إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعطيه الراية فلا ينصرف حتى يفتح عليه، ما ترك من صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم من عطائه كان يرصدها لخادم لأهله. أخرجه أحمد.
ذكر اختصاصه بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعثه بالسرية، جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله، فلا ينصرف حتى يفتح عليه:
عن الحسن أنه قال حين قتل علي: لقد فارقكم رجل ما سبقه الأولون بعلم ولا أدركه الآخرون، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثه بالسرية، جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله لا ينصرف حتى يفتح عليه. أخرجه أحمد وأبو حاتم ولم يقل: بعلم، وأخرجه الدولابي بزيادة ولفظه: لما قتل علي، قام الحسن خطيبا فقال: قتلتم والله رجلا في ليلة نزل فيها القرآن، وفيها رفع عيسى ابن مريم وفيها قتل يوشع فتى موسى، والله ما سبقه أحد كان قبله كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثه بالسرية، وذكر الحديث.
ذكر اختصاصه بتنويه الملك باسمه يوم بدر:
عن أبي جعفر محمد بن علي قال: نادى ملك من السماء يوم بدر يقال له رضوان:
لا سيف إلا ذو الفقار
…
ولا فتًى إلا علي
أخرجه الحسن بن عرفة العبدي.
"شرح" ذو الفقار: اسم سيف النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو العباس: سمي بذلك؛ لأنه كانت فيه حفر صغار، والفقرة: الحفرة التي فيها.
قال أبو عبيد: والمفقر من السيوف: الذي فيه حزوز.
ذكر اختصاصه بحمله راية النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر، وفي المشاهد كلها:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان علي آخذًا راية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، قال الحكم: يوم بدر والمشاهد كلها. أخرجه أحمد في المناقب.
وعن علي عليه السلام قال: كسرت يد علي يوم أحد فسقط اللواء من يده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ضعوه في يده اليسرى، فإنه صاحب لوائي في الدنيا والآخرة" أخرجه الحضرمي.
ذكر اختصاصه بكتابة كتاب الصلح يوم الحديبية:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان كاتب كتاب الصلح يوم الحديبية علي بن أبي طالب، قال عبد الرزاق: قال معمر: فسألت عنه الزهري فضحك أو قال: تبسم، وقال: هو علي، ولو سألت هؤلاء لقالوا: هو عثمان يعني بني أمية، خرجه في المناقب والغساني.
ذكر اختصاصه يوم الحديبية بتهديد قريش ببعثه عليهم:
عن علي عليه السلام قال: لما كنا يوم الحديبية؛ خرج لنا أناس من المشركين منهم سهيل بن عمر وناس من رؤساء المشركين، فقالوا: يا رسول الله خرج إليك ناس من أبنائنا وإخواننا وأرقائنا فارددهم إلينا، فإن كان بهم فقه في الدين فسنفقههم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا معشر قريش لتنتهن أو
ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم بالسيف على الدين، قد امتحن الله قلبه على الإيمان" فقالوا: من هو يا رسول الله? وقال أبو بكر: من هو يا رسول الله? وقال عمر: من هو يا رسول الله؟ قال: "هو خاصف النعل" وكان أعطى عليا نعله يخصفها، ثم التفت علي إلى من عنده وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح.
ذكر اختصاصه بالقتال على تأويل القرآن كما قاتل النبي صلى الله عليه وسلم على تنزيله:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: $"إن فيكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله" قال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: "لا" قال عمر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: "لا، ولكن خاصف النعل" وكان أعطى عليا نعله يخصفها. أخرجه أبو حاتم.
وعنه قال: كنا ننتظر النبي صلى الله عليه وسلم يخرج علينا من بعض بيوت نسائه، فقمنا معه فانقطعت نعله فخلف عليها علي يخصفها، فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومضينا معه ثم قام ينتظره وقمنا معه، فقال:"إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله" فاستشرفنا وفينا أبو بكر وعمر، فقال:"لا ولكن خاصف النعل" قال: فجئنا نبشره؛ قال: وكأنه قد سمعه.
"شرح" أصل الخصف: الضم والجمع، وخصف النعل: إطباق طاق على طاق، ومنه:{يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} .
وقوله: استشرفنا أي: تشوفنا وتطلعنا، تقول: استشرفت الشيء واستكشفته بمعنًى وهو أن تضع يدك على حاجبك كالذي يستظل به من
الشمس؛ حتى يتبين لك الشيء. حكاه الهروي.
ذكر اختصاصه بسدّ الأبواب الشارعة في المسجد، إلا بابه:
عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بسدّ الأبواب إلا باب علي. أخرجه الترمذي، وقال: حديث غريب.
وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: كان لنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبواب شارعة في المسجد، قال: فقال يوما: "سدوا هذه الأبواب، إلا باب علي" قال: فتكلم في ذلك أناس قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله، وأثنى عليه ثم قال:"أما بعد، فإني أمرت بسد هذه الأبواب إلا باب علي فقال فيه قائلكم، وإني والله ما سددت شيئًا ولا فتحته، ولكن أمرت بشيء فاتبعته" أخرجه أحمد.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لقد أوتي ابن أبي طالب ثلاث خصال، لأن يكون لي واحدة منهن أحب إليَّ من حمر النعم: زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته وولدت له، وسد الأبواب إلا بابه في المسجد، وأعطاه الراية يوم خيبر. أخرجه أحمد.
وعن أبي هريرة -رضى الله عنه- قال: قال عمر: ثلاث خصال لعلي، لأن يكون لي خصلة منهن أحب إلي من أن يكون لي حمر النعم: تزويج فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم وسكناه في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإعطاء الراية يوم خيبر. أخرجه ابن السمان في الموافقة.
وعن عبد الله بن شريك، عن عبد الله بن الأرقم الكسائي قال: خرجنا إلى المدينة زمن الجمل، فلقينا سعد بن مالك فقال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب الشارعة في المسجد، وترك باب علي. أخرجه أحمد.
قال السعدي: عبد الله بن شريك كذاب، وقال ابن حبان: كان غاليًا في التشيع، يروي عن الأثبات ما لا يشبه حديث الثقات. وقد روي
هذا الحديث عن ابن عباس وجابر؛ وإنما الصحيح ما أخرج في الصحيحين عن أبي سعد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبقى باب في المسجد إلا سد، إلا باب أبي بكر" وإن صح الحديث عن علي أيضا حمل ذلك على حالين مختلفين؛ توفيقًا بين الحديثين.
ذكر اختصاصه بالمرور في المسجد جنبًا:
عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا علي، لا يحل لأحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك" قال علي بن المنذر: قلت لضرار بن صرد: ما معنى هذا الحديث? قال: لا يحل لأحد يستطرقه جنبا غيري وغيرك. أخرجه الترمذي.
ذكر اختصاصه بأنه حجة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فرأى عليا مقبلا فقال: "يا أنس" قلت: لبيك، قال:"هذا المقبل حجتي على أمتي يوم القيامة".
ذكر اختصاصه بأنه باب دار الحكمة:
عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا دار الحكمة وعلي بابها" أخرجه الترمذي وقال: حسن غريب.
ذكر اختصاصه بأنه باب دار العلم، وباب مدينة العلم:
عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا دار العلم وعلي بابها" أخرجه في المصابيح في الحسان، وأخرجه أبو عمر وقال:"أنا مدينة العلم" وزاد: "فمن أراد العلم، فليأته من بابه".
ذكر اختصاصه بأنه أعلم الناس بالسنة:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: من أفتاكم بصوم عاشوراء? قالوا:
علي، قالت: أما إنه أعلم الناس بالسنة. أخرجه أبو عمر.
ذكر اختصاصه بأنه أكبر الأمة علمًا، وأعظمهم حلمًا:
عن معقل بن يسار قال: وصب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "هل لك في فاطمة تعودها?" فقلت: نعم، فقام متوكئًا عليَّ فقال:"إنه سيحمل ثقلها غيرك، ويكون أجرها لك" قال: فكأنه لم يكن علي شيء حتى دخلنا على فاطمة فقلنا: كيف تجدينك? قالت: لقد اشتد حزني، واشتدت فاقتي، وطال سقمي.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: وجدت بخط أبي في هذا الحديث قال: "أوما ترضين أني زوجتك أقدمهم سلمًا 1 وأكثرهم علمًا وأعظمهم حلمًا؟ " أخرجه أحمد وأخرجه القلعي وقال: "زوجتك سيدا في الدنيا والآخرة" ثم ذكر الحديث.
وعن عطاء وقد قيل له: أكان في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد أعلم من علي؟ قال: ما أعلم. أخرجه القلعي.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: أعلم أهل المدينة بالفرائض علي بن أبي طالب.
وعن المغيرة نحوه، أخرجهما القلعي.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: والله لقد أعطي تسعة أعشار العلم، وايم الله لقد شارككم في العشر العاشر، أخرجه أبو عمر. وعنه وقد سأله الناس فقالوا: أي رجل كان عليا? قال: كان مملئا جوفه حكما وعلما وبأسا ونجدة، مع قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه أحمد في المناقب.
1 أقدمهم دين سلم أي: إسلام، وفي القرآن الكريم قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} .
"شرح" البأس: الشدة في الحرب، يقول: بؤس الرجل بالضم يبؤس بأسًا فهو بئيس على فعيل أي: شجاع، والنجدة: الشجاعة، تقول منه: نجد ينجد بالضم فهو نجيد ونجد ونجد.
وروي أن عمر أراد رجم المرأة التي ولدت لستة أشهر، فقال له علي: إن الله تعالى يقول {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} 1 وقال تعالى: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} 2 فالحمل ستة أشهر والفصال في عامين، فترك عمر رجمها وقال: لولا علي لهلك عمر. أخرجه العقيلي، وأخرجه ابن السمان عن أبي حزم بن أبي الأسود.
وعن سعيد بن المسيب قال: كان عمر يتعوذ من معضلة ليس لها أبو حسن. أخرجه أحمد وأبو عمر.
وعن محمد بن الزبير قال: دخلت مسجد دمشق فإذا أنا بشيخ قد التوت ترقوتاه من الكبر فقلت: يا شيخ من أدركت? قال: عمر قلت: فما غزوت? قال: اليرموك. قلت: فحدثني بشيء سمعته قال: خرجنا مع قتيبة حجاجًا فأصبنا بيض نعام -وقد أحرمنا- فلما قضينا نسكنا ذكرنا ذلك لأمير المؤمنين عمر، فأدبر وقال: اتبعوني حتى انتهى إلى حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب حجرة منها، فأجابته امرأة فقال: أثم أبو حسن? قالت: لا، فمر في المقتاة، فأدبر وقال: اتبعوني، حتى انتهى إليه وهو يسوي التراب بيده فقال: مرحبًا يا أمير المؤمنين، فقال: إن هؤلاء أصابوا بيض حمام وهم محرمون قال: ألا أرسلت إلي? قال: أنا أحق بإتيانك، قال: يضربون الفحل قلائص أبكارا بعدد البيض، فما نتج منها أهدوه. قال عمر: فإن الإبل تخدج، قال علي: والبيض يمرض، فلما أدبر قال
1 سورة الأحقاف الآية 15.
2 سورة لقمان الآية 14.
عمر: اللهم لا تنزل بي شديدة إلا وأبو حسن إلى جنبي. أخرجه ابن البختري.
ذكر اختصاصه بإحالة جمع من الصحابة عند سؤالهم عليه:
عن أذينة العبدي قال: أتيت عمر فسألته: من أين أعتمر? قال: ائت عليا فسله. أخرجه أبو عمر وابن السمان في الموافقة.
وعن أبي حازم قال: جاء رجل إلى معاوية فسأله عن مسألة فقال: سل عنها علي بن أبي طالب، فهو أعلم. قال: يا أمير المؤمنين جوابك فيها أحب إلي من جواب علي، قال: بئس ما قلت، لقد كرهت رجلا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزره بالعلم غزرًا، ولقد قال له:"أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي" وكان عمر إذا أشكل عليه شيء أخذه منه. أخرجه أحمد في المناقب.
"شرح" الغزارة بالغين المعجمة: الكثرة، وقد غزر الشيء بالضم: كثر.
وعن عائشة رضي الله عنها وقد سئلت عن المسح على الخفين فقالت: ائت عليا فسله. أخرجه مسلم.
وعن ابن عمر أن اليهود جاءوا إلى أبي بكر فقالوا: صف لنا صاحبك، فقال: معشر اليهود لقد كنت معه في الغار كإصبعي هاتين، ولقد صعدت معه جبل حراء وإن خنصري لفي خنصره، ولكن الحديث عنه صلى الله عليه وسلم شديد وهذا علي بن أبي طالب. فأتوا عليا فقالوا: يا أبا الحسن صف لنا ابن عمك فقال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطويل الذاهب طولا ولا بالقصير المتردد، كان فوق الربعة أبيض اللون مشربا حمرة جعد الشعر ليس بالقطط، يضرب شعره إلى أرنبته، صلت الجبين أدعج العينين دقيق المسربة، براق الثنايا أقنى الأنف كأن عنقه إبريق فضة، له شعرات من لبته
إلى سرته كأنهن قضيب مسك أسود، ليس في جسده ولا في صدره شعرات غيرهن، وكان شثن الكف والقدم، وإذا مشى كأنما يتقلع من صخر، وإذا التفت التفت بمجامع بدنه، وإذا قام غمر الناس، وإذا قعد علا الناس، وإذا تكلم أنصت الناس وإذا خطب أبكى الناس، وكان أرحم الناس بالناس، لليتيم كالأب الرحيم وللأرملة كالكريم الكريم، أشجع الناس وأبذلهم كفا وأصبحهم وجها، لباسه العباء وطعامه خبز الشعير وإدامه اللبن ووساده الأدم محشوا بليف النخل، سريره أم غيلان مرمل بالشريف، كان له عمامتان إحداهما تدعى السحاب والأخرى العقاب، وكان سيفه ذا الفقار ورايته الغراء وناقته العضباء، وبغلته دلدل وحماره يعفور وفرسه مرتجز وشاته بركة وقضيبه الممشوق ولواؤه الحمد، وكان يعقل البعير ويعلف الناضح ويرقع الثوب ويخصف النعل.
وعن زيد بن علي عن أبيه عن جده قال: أتي عمر بامرأة حامل قد اعترفت بالفجور فأمر برجمها، فتلقاها علي فقال: ما بال هذه? فقالوا: أمر عمر برجمها فردها علي وقال: هذا سلطانك عليها، فما سلطانك على ما في بطنها? ولعلك انتهرتها أو أخفتها، قال: قد كان ذلك، قال: أوما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا حد على معترف بعد بلاء، إنه من قيد أو حبس أو تهدد فلا إقرار له"؟ فخلى سبيلها.
وعن عبيد الله بن الحسن قال: دخل علي على عمر وإذا امرأة حبلى تقاد ترجم، فقال: ما شأن هذه? قال: يذهبون بها يرجموها، فقال: يا أمير المؤمنين لأي شيء ترجم? إن كان لك سلطان عليها فما لك سلطان على ما في بطنها، فقال عمر: كل أحد أفقه مني ثلاث مرات، فضمنها علي حتى وضعت غلاما، ثم ذهب بها إليه فرجمها، فهذه غير تلك والله أعلم؛ لأن اعتراف تلك كان بعد تخويف فلم يصح فلم ترجم، وهذه رجمت كما تضمنه الحديثان.
عن عبد الرحمن السلمي قال: أتي عمر بامرأة أجهدها العطش
فمرت على راع فاستسقته، فأبى أن يسقيها إلا أن تمكنه من نفسها ففعلت، فشاور الناس في رجمها فقال لي علي: هذه مضطرة إلى ذلك، فخل سبيلها ففعل.
وعن أبي ظبيان قال: شهدت عمر بن الخطاب أتي بامرأة قد زنت فأمر برجمها، فذهبوا بها ليرجموها فلقيهم علي فقال لهم: ما بال هذه? قالوا: زنت فأمر عمر برجمها، فانتزعها علي من أيديهم فردهم فرجعوا إلى عمر فقالوا: ردنا علي. قال: ما فعل هذا إلا لشيء، فأرسل إليه فجاء فقال: ما لك رددت هذه? قال: أما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "رفع 1 القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المبتلى حتى يعقل"؟ قال: بلى قال: فهذه مبتلاة بني فلان فلعله أتاها وهويها. قال له عمر: لا أدري. قال: وأنا لا أدري؛ فترك رجمها.
وعن مسروق أن عمر أتي بامرأة قد نكحت في عدتها ففرق بينهما وجعل مهرها في بيت المال، وقال: لا يجتمعان أبدًا، فبلغ عليا فقال: إن كان جهلا فلها المهر بما استحل من فرجها ويفرق بينهما، فإذا انقضت عدتها فهو خاطب من الخطاب. فخطب عمر وقال: ردوا الجهالات إلى السنة، فرجع إلى قول علي. أخرج جميع ذلك ابن السمان في الموافقة، أخرج حديث أبي ظبيان أحمد.
عن ابن سيرين أن عمر سأل الناس: كم يتزوج المملوك? وقال لعلي: إياك أعني يا صاحب المعافري، رداء كان عليه، قال: اثنتين.
وعن محمد بن زياد قال: كان عمر حاجا، فجاءه رجل قد لطمت عينه فقال: من لطم عينك? قال: علي بن أبي طالب. فقال: لقد وقعت
1 روى الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والحاكم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المبتلى حتى يبرأ، وعن الصبي حتى يكبر".
عليك عين الله؛ ولم يسأل ما جرى منه ولم لطمه. فجاء علي والرجل عند عمر فقال علي: هذا الرجل رأيته يطوف وهو ينظر إلى الحرم في الطواف، فقال عمر: لقد نظرت بنور الله.
وفي رواية: كان عمر يطوف بالبيت وعلي يطوف أمامه، إذ عرض رجل لعمر فقال: يا أمير المؤمنين خذ حقي من علي بن أبي طالب. قال: وما باله? قال: لطم عيني، قال: فوقف عمر حتى لحق به علي فقال: ألطمت عين هذا يا أبا الحسن? قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: ولم? قال: لأني رأيته يتأمل حرم المؤمنين في الطواف فقال عمر: أحسنت يا أبا الحسن. ثم أقبل على الرجل فقال: وقعت عليك عين من عيون الله عز وجل فلا حق لك فقال يقلب، يعني صاحبه: من جواهر الله، ولي من أولياء الله تعالى.
وعن حنش بن المعتمر: أن رجلين أتيا امرأة من قريش فاستودعاها مائة دينار وقالا: لا تدفعيها إلى أحد منا دون صاحبه حتى نجتمع، فلبثا حولا ثم جاء أحدهما إليها وقال: إن صاحبي قد مات فادفعي إلي الدنانير، فأبت فثقل عليها بأهلها فلم يزالوا بها حتى دفعتها إليه، ثم لبثت حولا آخر، فجاء الآخر فقال: ادفعي إلي الدنانير، فقالت: إن صاحبك جاءني وزعم أنك قد مت فدفعتها إليه فاختصما إلى عمر، فأراد أن يقضي عليها.
وروي أنه قال لها: ما أراك إلا ضامنة! فقالت: أنشدك الله أن تقضي بيننا، وارفعنا إلى علي بن أبي طالب، فرفعها إلى علي وعرف أنهما قد مكرا بها، فقال: أليس قلتما لا تدفعيها إلى واحد منا دون صاحبه؟ قالا: بلى. قال: فإن مالك عندنا، اذهب فجئ بصاحبك حتى ندفعها إليكما.
وعن موسى بن طلحة أن عمر اجتمع عنده مال فقسمه ففضلت منه
فضلة فاستشار أصحابه في ذلك الفضل فقالوا: نرى أن تمسكه، فإن احتجت إلى شيء كان عندك، وعلي في القوم لا يتكلم. فقال عمر: ما لك لا تتكلم يا علي? قال: قد أشار عليك القوم، قال: وأنت فأشر. قال: فإني أرى أن تقسمه، ففعل.
وعن حارثة بن مضرب أن عمر أراد أن يقسم السواد فقال له علي: إن للناس نسلًا من أولادهم وموادة من أعرابهم، فدعهم كما هم.
وعن أبي سعيد الخدري سمع عمر يقول لعلي، وقد سأله عن شيء فأجابه: أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا حسن.
وعن يحيى بن عقيل قال: كان عمر يقول لعلي، إذا سأله ففرج عنه: لا أبقاني الله بعدك يا علي.
وعنه عن علي أنه قال لعمر: يا أمير المؤمنين إن سرك أن تلحق بصاحبيك، فأقصر الأمل وكل دون الشبع واقصر الإزار وارفع القميص واخصف النعل تلحق بهما. أخرج جميع ذلك ابن السمان.
وعن محمد بن يحيى بن حبان بن منقذ كان تحته امرأتان: هاشمية وأنصارية، فطلق الأنصارية ثم مات على رأس الحول فقالت: لم تنقض عدتي؟ فارتفعوا إلى عثمان فقال: هذا ليس لي به علم، فارتفعوا إلى علي، فقال علي: تحلفين عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم أنك لم تحيضي ثلاث حيضات ولك الميراث? فحلفت فأشركت في الإرث. أخرجه ابن حرب الطائي.
ذكر اختصاصه بأنه لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سلوني غيره:
عن سعيد بن المسيب أنه قال: لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سلوني إلا عليا. أخرجه أحمد في المناقب والبغوي في
المعجم، وأبو عمر ولفظه: ما كان أحد من الناس يقول: سلوني غير علي بن أبي طالب.
وعن أبي الطفيل قال: شهدت عليًّا يقول: سلوني، والله لا تسألونني عن شيء إلا أخبرتكم، وسلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار، في سهل أم في جبل. أخرجه أبو عمر.
ذكر اختصاصه بأنه أقضى الأمة:
عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أقضى أمتي علي" أخرجه في المصابيح في الحسان.
وعن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قال: أقضانا علي بن أبي طالب. أخرجه السلفي.
وعن ابن مسعود قال: كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب.
وعن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تختصم الناس بسبع ولا يحاجك أحد من قريش؛ أنت أولهم إيمانًا بالله، وأوفاهم بعهد الله، وأقومهم بأمر الله، وأقسمهم بالسوية، وأعدلهم في الرعية، وأبصرهم بالقضية، وأعظمهم عند الله مزية" أخرجه الحاكمي.
ذكر دعائه صلى الله عليه وسلم حين ولاه قضاء اليمن:
عن علي رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضيًا وأنا حديث السن فقلت: يا رسول الله، تبعثني إلى قوم يكون بينهم أحداث ولا علم لي بالقضاء?! قال:"إن الله سيهدي لسانك، ويثبت قلبك" قال: فما شككت في قضاء بين اثنين.
وفي رواية: "إن الله يثبت لسانك، ويهدي قلبك" قال: ثم وضع
يده على فمه. أخرجهما أحمد.
"شرح" أحداث: جمع حدث وهو الأمر يحدث ويقع، والحدث والحدثي والحادثة والحدثان كلها بمعنًى.
وعنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضيًا، فقلت: يا رسول الله تبعثني إلى قوم ذوي أسنان وأنا شاب لا أعلم القضاء? فوضع يده على صدري وقال: "إن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك، يا علي إذا جلس إليك الخصمان فلا تقضِ بينهما حتى تسمع من الآخر كما تسمع من الأول، إذا فعلت ذلك تبين لك القضاء" قال علي: فما اختلف، وربما قال شريك: فما أشكل علي قضاء بعد ذلك.
وفي رواية: فما شككت، فما شككت في قضاء وما زلت قاضيًا بعد. أخرجه الإسماعيلي الحاكمي.
ذكر بعض أقضيته:
عن رزين بن حبيش قال: جلس اثنان يتغديان ومع أحدهما خمسة أرغفة والآخر ثلاثة أرغفة وجلس إليهما ثالث واستأذنهما في أن يصيب من طعامهما، فأدنا له فأكلوا على السواء ثم ألقى إليهما ثمانية دراهم وقال: هذا عوض ما أكلت من طعامكما، فتنازعا في قسمتها فقال صاحب الخمسة: لي الخمسة ولك ثلاثة وقال صاحب الثلاثة: بل نقسمها على السواء فترافعا إلى علي فقال لصاحب الثلاثة: اقبل من صاحبك ما عرض عليك فأبى وقال: ما أريد إلا مر الحق، فقال علي عليه السلام: لك في مر الحق درهم واحد وله سبعة. قال: وكيف ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال: لأن الثمانية أربعة وعشرون ثلثا لصاحب الخمسة خمسة عشر ولك تسعة، وقد استويتم في الأكل، فأكلت ثمانية وبقي لك واحد، وأكل صاحبك ثمانية وبقي له سبعة وأكل الثالث ثمانية سبعة لصاحبك وواحد لك. فقال: رضيت الآن. أخرجه القلعي.
وعن علي عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن فوجد أربعة وقعوا في حفرة حفرت ليصطاد فيها الأسد، سقط أولا رجل فتعلق بآخر وتعلق الآخر بآخر حتى تساقط الأربعة فجرحهم الأسد وماتوا من جراحته؛ فتنازع أولياؤهم حتى كادوا يقتتلون فقال علي: أنا أقضي بينكم فإن رضيتم فهو القضاء وإلا حجزت بعضكم عن بعض، حتى تأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقضي بينكم. اجمعوا من القبائل الذين حفروا البئر ربع الدية وثلثها ونصفها ودية كاملة، فللأول ربع الدية لأنه أهلك من فوقه وللذي يليه ثلثها لأنه أهلك من فوقه وللثالث النصف لأنه أهلك من فوقه وللرابع الدية كاملة، فأبوا أن يرضوا، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقوه عند مقام إبراهيم، فقصوا عليه القصة فقال:"أنا أقضي بينكم" واحتبى ببردة، فقال رجل من القوم: إن عليا قضى بيننا. فلما قصوا عليه القصة أجازه. أخرجه أحمد في المناقب.
وعن الحارث عن علي أنه جاءه رجل بامرأة فقال: يا أمير المؤمنين دلست علي هذه وهي مجنونة، قال: فصعد علي بصره وصوبه وكانت امرأة جميلة فقال: ما يقول هذا? قالت: والله يا أمير المؤمنين ما بي جنون، ولكني إذ كان ذلك الوقت غلبتني غشية. فقال علي: خذها ويحك وأحسن إليها، فما أنت لها بأهل. أخرجه السلفي.
وعن زيد بن أرقم قال: أتي علي في اليمن بثلاثة نفر وقعوا على جارية في طهر واحد، فولدت ولدا فادعوه فقال علي لأحدهم: تطيب به نفسا لهذا? قال: لا. قال: أراكم شركاء متشاكسين، إني مقرع بينكم، فما أجابته القرعة أغرمته ثلثي القيمة وألزمته الولد، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:"ما أجد فيها إلا ما قال علي".
وعن جميل بن عبد الله بن يزيد المدني قال: ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم قضاء قضى به علي، فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "الحمد لله الذي جعل فينا
الحكمة أهل البيت" أخرجهما أحمد في المناقب.
ذكر اختصاصه بالعمل بآية في كتاب الله عز وجل:
وعن علي عليه السلام أنه قال: آية في كتاب الله عز وجل لم يعمل بها أحد بعدي، آية النجوى. كان لي دينار فبعته بعشرة دراهم، فلما أردت أن أناجي رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمت درهما، فنسختها الآية الأخرى:{أَأَشْفَقْتُمْ} 1 الآية. أخرجه ابن الجوزي في أسباب النزول.
ذكر اختصاصه بنجوى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الطائف:
عن جابر قال: دعا النبي صلى الله عليه وسلم عليًّا يوم الطائف فانتجاه، فقال الناس: لقد طال نجواه مع ابن عمه، فقال صلى الله عليه وسلم:"ما انتجيته، ولكن الله انتجاه" أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح غريب.
"شرح" انتجاه: من النجوى وهو السر بين اثنين، يقول: نجوته نجوى أي: ساررته، وكذا ناجيته، وانتجى القوم وتناجوا أي: تساروا.
ذكر اختصاصه بالرقى على منكبي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الأحوال:
عن علي عليه السلام قال: انطلقت أنا والنبي صلى الله عليه وسلم حتى أتينا الكعبة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجلس" وصعد على منكبي، فذهبت لأنهض به فرأى مني ضعفا، فنزل، وجلس لي نبي الله صلى الله عليه وسلم وقال:"اصعد على منكبي" فصعدت على منكبيه، قال: فنهض، قال: فتخيل إلي، إن شئت لنلت أفق السماء حتى صعدت على البيت وعليه تمثال صفراء ونحاس، فجعلت أزاوله عن يمينه وعن شماله ومن بين يديه ومن خلفه حتى إذا استمكنت منه قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اقذف به" فقذفت به
1 سورة المجادلة الآية 13.
فتكسر كما تتكسر القوارير ثم نزلت، فانطلقت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية أن يلقانا أحد من الناس. أخرجه أحمد وصاحب الصفوة، وأخرجه الحاكمي.
وقال بعد قوله فصعدت على الكعبة: فقال لي: ألق صنمهم الأكبر، وكان من نحاس موتدا بأوتاد من حديد إلى الأرض. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"عالجه" فلم أزل أعالجه حتى استمكنت منه فقال: "اقذفه" فقذفته، ثم ذكر باقي الحديث وزاد، فما صعد حتى الساعة.
"شرح" التمثال: الصورة، والجمع: التماثيل.
وقوله: أزاوله أي: أحاوله وأعالجه، والمزاولة: المحاولة والمعالجة، والقذف: الرمي إما بالحجارة أو بالغيب، وقوله: توارينا أي: استترنا.
ذكر اختصاصه بحمل لواء الحمد يوم القيامة، والوقوف في ظل العرش بين إبراهيم والنبي صلى الله عليه وسلم وأنه يكسى إذا كسي النبي صلى الله عليه وسلم:
عن محدوج بن زيد الدهلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: "أما علمت يا علي أنه أول من يدعى به يوم القيامة بي، فأقوم عن يمين العرش في ظله فأكسى حلة خضراء من حلل الجنة، ثم يدعى بالنبيين بعضهم على أثر بعض فيقومون سماطين عن يمين العرش ويكسون حللا خضراء من حلل الجنة، ألا وإني أخبرك يا علي أن أمتي أول الأمم يحاسبون يوم القيامة، ثم أبشر: أول من يدعى بك لقرابتك مني فيدفع إليك لوائي وهو لواء الحمد، تسير به بين السماطين آدم وجميع خلق الله تعالى يستظلون بظل لوائي يوم القيامة، وطوله مسيرة ألف سنة، سنانه ياقوتة حمراء، قبضته فضة بيضاء، زجه درة خضراء، له ثلاث ذوائب من نور ذؤابة في المشرق وذؤابة في المغرب والثالثة في وسط الدنيا، مكتوب عليه ثلاثة أسطر، الأول: بسم
الله الرحمن الرحيم، الثاني: الحمد لله رب العالمين، الثالث: لا إله إلا الله محمد رسول الله. طول كل سطر ألف سنة وعرضه مسيرة ألف سنة، فتسير باللواء والحسن عن يمينك والحسين عن يسارك حتى تقف بيني وبين إبراهيم في ظل العرش، ثم تكسى حلة من الجنة، ثم ينادي منادٍ من تحت العرش: نعم الأب أبوك إبراهيم ونعم الأخ أخوك علي، أبشر يا علي، إنك تكسى إذا كسيت، وتدعى إذا دعيت، وتحيى إذا حييت" أخرجه أحمد في المناقب.
وفي رواية وأخرجهما الملاء في سيرته: قيل: يا رسول الله وكيف يستطيع علي أن يحمل لواء الحمد? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وكيف لا يستطيع ذلك وقد أعطي خصالا شتى: صبرًا كصبري، وحسنا كحسن يوسف، وقوة كقوة جبريل؟ ".
وعن جابر بن سمرة أنهم قالوا: يا رسول الله، من يحمل رايتك يوم القيامة? قال:"من عسى أن يحملها يوم القيامة إلا من كان يحملها في الدنيا، علي بن أبي طالب" أخرجه نظام الملك في أماليه.
وأخرج المخلص الذهبي عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كسا نفرًا من أصحابه ولم يكس عليا، فكأنه رأى في وجه علي فقال:"يا علي، أما ترضى أنك تكسى إذا كسيت، وتعطى إذا أعطيت".
"شرح" السماطان من الناس والنخل: الجانبان، يقال: مشى بين السماطين.
ذكر اختصاصه بثلاث بسبب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يؤت النبي صلى الله عليه وسلم مثلهن:
روى أبو سعيد في شرف النبوة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي: "أوتيتَ ثلاثا لم يؤتهن أحد ولا أنا: أوتيت صهرًا مثلي ولم أؤت أنا مثلك،
وأوتيت زوجة صديقة مثل ابنتي، ولم أؤت مثلها زوجة، وأوتيت الحسن والحسين من صلبك، ولم أؤت من صلبي مثلهما، ولكنكم مني وأنا منكم".
وأخرج معناه ابن موسى الرضا في مسنده وزيادة في لفظه: "يا علي، أعطيت ثلاثا لم يجتمعن لغيرك: مصاهرتي وزوجك وولديك، والرابعة لولاك ما عرف المؤمنون".
وقوله: "ولولاك ما عرف المؤمنون" معناه مستفاد مما ذكرناه في قوله صلى الله عليه وسلم: "من كنت مولاه فعلي مولاه" على حمل المولى على الناصر.
وقد تقدم في مناقب أبي بكر، أو يكون لما كان حب علي علما للمؤمنين كما تقدم في أنه لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق، جاز إطلاق ذلك لأن العلامة تعرفه، فلولاه ما حصلت تلك العلامة.
ذكر اختصاصه بأربعة ليست لأحد غيره:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لعلي أربع خصال ليست لأحد غيره: هو أول عربي وعجمي صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي كان لواؤه معه في كل زحفه، وهو الذي صبر معه يوم فر عنه غيره، وهو الذي غسله وأدخله قبره. أخرجه أبو عمر.
ذكر اختصاصه بخمس أعطيها النبي صلى الله عليه وسلم فيه كانت أحب إليه من الدنيا وما فيها:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعطيت في علي خمسا هو أحب إلي من الدنيا وما فيها: أما واحدة فهو تكأتي بين يدي الله عز وجل حتى يفرغ من الحساب، وأما الثانية فلواء الحمد بيده آدم ومن ولده تحته، وأما الثالثة فواقف على عقر حوضي
يسقي من عرف من أمتي، وأما الرابعة فساتر عوراتي 1 ومسلمي إلى ربي عز وجل وأما الخامسة فلست أخشى عليه أن يرجع زانيًا بعد إحصان ولا كافرًا بعد إيمان" أخرجه أحمد في المناقب.
"شرح" عقر الحوض: آخره بضم العين وإسكان القاف وضمها لغتان، وتكأة بزنة الهمزة: ما يتكأ عليه والكثير الاتكاء أيضًا.
ذكر اختصاصه بعشر:
عن عمرو بن ميمون قال: إني لجالس عند ابن عباس إذ أتاه سبعة رهط فقالوا: يابن عباس إما أن تقوم معنا وإما أن تخلو من هؤلاء. قال: بل أقوم معكم وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى. قال: فانتدوا يتحدثون فلا أدري ما قالوا؛ قال: فجاء ينفض ثوبه، ويقول: أف وتف، وقعوا في رجل له عشر، وقعوا في رجل، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لأبعثن رجلا لا يخزيه الله أبدًا، يحب الله ورسوله" قال: فاستشرف لها من استشرف، فقال:"أين علي?" قالوا: هو في الرحى يطحن. قال: "فما كان أحدكم يحن! " فجاء وهو أرمد لا يكاد يبصر، فنفث في عينيه، ثم هز الراية ثلاثا فأعطاه إياها، فجاء بصفية بنت حيي قال: ثم بعث فلانا بسورة التوبة فبعث عليا خلفه فأخذها منه وقال: "لا يذهب بها إلا رجل مني وأنا منه" قال: وقال لبني عمه: "أيكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ " قال: وعلي معه جالس فأبوا، قال علي: أنا أواليك في الدنيا والآخرة. قال: فتركه ثم أقبل على رجل منهم، فقال:"أيكم يواليني في الدنيا والآخرة?" فأبوا فقال علي: أنا أواليك في الدنيا والآخرة. قال: "أنت وليي في الدنيا والآخرة" قال: وكان أول من أسلم من الناس بعد خديجة قال: وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين، فقال: " {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ
1 في نسخة: عواري.
الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} قال: وكان شرا على نفسه، فلبس ثوب النبي صلى الله عليه وسلم ثم نام مكانه، قال: فكان المشركون يرمون رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أبو بكر وعلي نائم. قال: وأبو بكر يحسب أنه نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: فقال له علي: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم انطلق نحو بئر ميمون فأدركه. فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار؛ قال: وجعل علي يرمى بالحجارة كما كان يرمى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتضور، فدلف رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح، ثم كشف عن رأسه فقالوا: إنك للئيم، كان صاحبك نرميه فلا يتضور وأنت تتضور، وقد استنكرنا ذلك. قال: وخرج بالناس في غزوة تبوك. قال: فقال له علي: أخرج معك? قال: فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي? إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي" وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنت ولي كل مؤمن بعدي" قال: وسد أبواب المسجد إلا باب علي، قال: فيدخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس له طريق غيره قال: وقال: "من كنت مولاه فإن عليا مولاه" قال: وأخبرنا الله عز وجل في القرآن أنه قد رضي على أصحاب الشجرة فعلم ما في قلوبهم، هل حدثنا أنه سخط عليهم بعد? قال: وقال عمر: يا نبي الله ائذن لي أضرب عنقه -يعني حاطبا- قال: وكنت فاعلا، "وما يدريك، لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم". أخرجه بتمامه أحمد والحافظ أبو القاسم الدمشقي في الموافقات وفي الأربعين الطوال، وأخرج النسائي بعضه.
"شرح" انتدوا أي: جلسوا في النادي وكذلك تنادوا، والتنادي والندى والمنتدى والندوة: مجلس القوم ومتحدثهم فاستعير للمكان الذي جلسوا فيه وتحدثوا؛ لأنهم اتخذوه لذلك أو لعله كان مكانا معدا لذلك أف وتف: أي قذر له يقال: أفا له وأفة وتفة والتنوين للتنكير وقد أفف تأفيفًا إذا قال له: أف، ومنه قوله تعالى:{فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} وفيه ست لغات حكاها الأخفش: أف، أف أف، بالكسر والفتح والضم دون تنوين،
وبالثلاثة مع التنوين، وتفا: اتباع، قاله الجوهري. ويمكن أن يقال: معناه القذر لأن التف وسخ الأظفار، والنفث: شبيه بالنفخ وهو أقل من التفل لا ريق معه، تقول منه: نفث ينفث بكسر الفاء وضمها، و {النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} : السواحر وأوله النفخ ثم النفث ثم التفل ثم البزق. وقد تقدم من حديث مسلم أنه بصق في عينه، فيكون أطلق على البصق النفث أو بالعكس لأنه أوله، والتضور: الصياح والتلوي عند الضرب. وقوله: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى" تقدم الكلام فيه مستوفى في فضل خلافة أبي بكر.
ذكر قصة لبس علي ثوب النبي صلى الله عليه وسلم ونومه مكانه، على ما ذكره ابن عباس في الحديث آنفا:
قال ابن إسحاق: لما رأت قريش أن النبي صلى الله عليه وسلم صارت له شيعة وأنصار من غيرهم بغير بلدهم، ورأوا خروج أصحابه المهاجرين إليهم عرفوا أنهم قد نزلوا دارا وأصابوا فيهم منعة، فحذروا خروج النبي صلى الله عليه وسلم فاجتمعوا في دار الندوة التي كانت قريش لا تقضي أمرا إلا فيها يتشاورون ما يصنعون برسول الله صلى الله عليه وسلم وكان إبليس قد تصور لهم في صورة شيخ فوقف على الباب، فلما رأوه قالوا: من الشيخ? قال: شيخ من أهل نجد، سمع بالذي اتعدتم عليه فحضر ليسمع، وعسى لا يعدمكم منه رأي! فقالوا: ادخل فدخل معهم. فقال قائل: احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه بابا ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله زهيرا والنابغة، ومن مضى منهم من هذا الموت. فقال الشيخ النجدي: ما هذا برأي، والله لئن حبستموه -كما تقولون- ليخرجن أمره من وراء الباب الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه، فيثبون عليكم وينزعونه، فانظروا في غير هذا الرأي. فقال قائل: نخرجه من بين أظهرنا وننفيه من بلادنا، فما نبالي أين يذهب إذا غاب عنا قال الشيخ النجدي: لا والله ما
هذا لكم برأي ألم تروا إلى حسن حديثه وحلاوة منطقه وغلبته على قلوب الرجال بما يأتي به! والله لئن فعلتم ذلك ما آمن أن يحل على حي من أحياء العرب فيغلب عليهم بذلك حتى يبايعوه عليه، ثم يسير بهم إليكم قال أبو جهل: أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتًى شابًّا جليدًا نسيبًا وسيطًا فيها، ثم يعطى كل فتى منهم سيفا صارما، ثم يعمدوا فيضربوه ضربة رجل واحد فيقتلوه فنستريح منه، فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعا فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا، فرضوا منا بعقل فعقلنا لهم، فقال الشيخ النجدي: القول ما قال أبو جهل، هذا الرأي لا أرى غيره، فتفرق القوم وهم على ذلك مجمعون، فأتى جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه" قال: فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى ينام فيثبون عليه، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانهم قال لعلي:"نم على فراشي واتشح ببردي هذا الحضرمي الأخضر، فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم" وكان صلى الله عليه وسلم ينام في برده ذلك إذا نام. قال: فاجتمعوا، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ حفنة من تراب في يده وأخذ الله على أبصارهم فلا يرونه، فجعل ينثر ذلك التراب على رءوسهم وهو يتلو هذه الآيات من يس:{وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ} 1 حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الآيات ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع التراب على رأسه، ثم انصرف إلى حيث أراد، فأتاهم آتٍ فقال: ما تنتظرون ههنا? قالوا: محمدًا قال: حسيبكم الله، قد والله خرج عليكم محمد، ثم ما ترك منكم رجلا إلا وقد وضع على رأسه ترابًا وانطلق لحاجته، فما ترون ما بكم? قال: فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فإذا عليه تراب، ثم جعلوا يطلعون فيرون عليا على الفراش متسجيا ببرد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: والله إن هذا
1 سورة يس الآية 9.
لمحمد نائمًا عليه برده، فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا فقام علي من الفراش فقالوا: لقد صدقنا الذي كان حدثنا. قال: وأنزل الله تعالى في ذلك: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا} 1 إلى {وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} 2 وقوله: {شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ} 3 إلى {فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ} قال: وأذن الله -جل وعز- لنبيه في الهجرة.
ذكر اختصاصه بما نزل فيه من الآي:
عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً} 4 قال: نزلت في علي بن أبي طالب، كانت معه أربعة دراهم فأنفق في الليل درهما وفي النهار درهما ودرهما في السر ودرهما في العلانية، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما حملك على هذا?" قال: أن أستوجب على الله ما وعدني، فقال:"ألا إن لك ذلك" فنزلت الآية. وتابع ابن عباس مجاهد وابن التائب ومقاتل وقيل: نزلت فيمن يربط الخيل في سبيل الله؛ قاله أبو الدرداء وأبو أمامة.
ويروى عن ابن عباس أيضا.
وروي عنه أيضا أنها نزلت في علي وعبد الرحمن بن عوف، حمل علي إلى أهل الصفة وسق تمر ليلا وحمل إليهم عبد الرحمن دراهم كثيرة نهارا. أخرجه الواحدي وأبو الفرج في أسباب النزول.
ومنها قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُه
…
} 5 الآية نزلت فيه. أخرجه الواحدي وستأتي القصة مشروحة في صدقتة.
ومنها قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا} الآية. قال
1 سورة الأنفال الآية 30.
2 سورة آل عمران الآية 54.
3 سورة الطور الآية 30.
4 سورة البقرة الآية 274.
5 سورة المائدة الآية 55.
ابن عباس: نزلت في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن أبي معيط لأشياء بينهما. أخرجه الحافظ السلفي.
وعنه أن الوليد قال لعلي: أنا أحدّ منك سنانًا وأبسط لسانًا وأملأ الكتيبة؛ فقال له علي: اسكت فإنما أنت فاسق -وفي رواية: أنت فاسق- تقول الكذب. فأنزل الله ذلك تصديقا لعلي. قال قتادة: لا والله ما استووا في الدنيا ولا عند الله ولا في الآخرة، ثم أخبر عن منازل الفريقين فقال تعالى: {أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا
…
} الآية أخرجه الواحدي.
ومنها قوله تعالى: {أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لاقِيهِ} 1 قال مجاهد: نزلت في علي وحمزة وأبي جهل.
وروي عنه: في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي جهل، وقيل: في عمار والوليد بن المغيرة وقيل: المؤمن والكافر. ذكره ابن الجوزي.
ومنها قوله تعالى: {سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} قال ابن الحنفية: لا يبقى مؤمن إلا وفي قلبه ود لعلي وأهل بيته. أخرجه الحافظ السلفي.
ومنها قوله تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} 2 إلى قوله: {وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ} .
وعن أبي ذر أنه كان يقسم: لنزلت هذه الآية في علي وحمزة وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة. أخرجه البالسي.
ومنها قوله تعالى: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ
…
} الآية نزلت في علي وحمزة وأبي لهب وأولاده، فعلي وحمزة شرح الله صدرهما للإسلام، وأبو لهب وأولاده قست قلوبهم. ذكره الواحدي وأبو الفرج.
ومنها قوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} 3 الآية، نزلت في علي وسيأتي ذكرها في فصل صدقته إن شاء الله تعالى من فصل فضائله.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ليس آية في كتاب الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} إلا وعلي أولها وأميرها وشريفها، ولقد عاتب الله أصحاب محمد في القرآن وما ذكر عليا إلا بخير. أخرجه أحمد في المناقب.
1 سورة القصص الآية 61.
2 سورة الإنسان الآية 8.
3 سورة الإنسان الآية 76.