المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(سنة سبع وأربعين وسبعمائة) - السلوك لمعرفة دول الملوك - جـ ٤

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌(سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة سبع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم الْأَحَد أول شَوَّال)

- ‌(سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ خَامِس عشر ربيع الآخر)

- ‌(سنة خمسين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي عَاشر جُمَادَى الآخر)

- ‌(سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي رَجَب)

- ‌(وَفِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشريه)

- ‌(سنة اثْنَتَيْنِ فِي خمسين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة ثَلَاث وَخمسين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء خَامِس عشرى شَوَّال)

- ‌(سنة أَربع وَخمسين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة سِتّ وَخمسين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة سبع وَخمسين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة تسع وَخمسين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة أَربع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة تسع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة سبعين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة إِحْدَى وَسبعين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة)

الفصل: ‌(سنة سبع وأربعين وسبعمائة)

(سنة سبع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

يَوْم الْإِثْنَيْنِ أول الْمحرم: قدم منجك مَدِينَة صفد بِكِتَاب السُّلْطَان يَسْتَدْعِي الْأَمِير الْحَاج آل ملك فَسَار مَعَه إِلَى غَزَّة فَقبض عَلَيْهِ بهَا وَقيد. وَقيل كَانَ الْقَبْض عَلَيْهِ يَوْم الْخَمِيس عشري ذِي الْحجَّة بغزة. وَفِي أَوله أَيْضا قدم الْأَمِير ملكتمر السرجواني من الكرك وَهُوَ مَرِيض فَمَاتَ عِنْد مَسْجِد تبر ظَاهر الْقَاهِرَة وَدخل إِلَيْهَا مَيتا فَدفن بتربته. وَفِيه أَيْضا قدم الْأَمِير شهَاب الدّين أَحْمد بن الْأَمِير الْحَاج آل ملك من صفد فَأمْسك من سَاعَته وسجن. وَفِيه أَيْضا خلع على الْأَمِير أسندمر الْعمريّ وَاسْتقر فِي نِيَابَة طرابلس. وَفِي يَوْم السبت سادسه: قدم الْأَمِير الْحَاج آل ملك نَائِب صفد والأمير قمارة نَائِب طرابلس مقيدين إِلَى قليوب. وركبا النّيل إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة واعتقلا بهَا. وَكَانَ الْأَمِير طقتمر الصّلاح قد قبض على قمارى بطرابلس وَقَيده وَبَعثه على الْبَرِيد وأوقع الحوطة على موجوده وَفِيه قبض على آينبك أخي قمارى وعَلى نصرات وغلبك وحواشيهم وأحيط بموجودهم. وَفِيه ركب مغلطاي الأستادار إِلَى صفد لإيقاع الحوطة على مَوْجُود الْأَمِير الْحَاج آل ملك وَركب الطواشي مقبل التَّقْوَى لإحضار مَوْجُود قمارى من طرابلس وألزم مباشروهما بِحمْل جَمِيع أمولهما فَوجدَ لآل ملك قريب ثَلَاثِينَ ألف أردب غلَّة وألزم وَلَده. بِمِائَة ألف دِرْهَم وَأخذ لزوجته خبية غمز عَلَيْهَا فِيهَا أَشْيَاء جليلة وَأخذ لزوجة قمارى صندوق فِيهِ مَال جزيل. وَفِيه اسْتَقر الْأَمِير رسْلَان بصل فِي نِيَابَة حماة عوضا عَن طقتمر الصلاحي وَنقل طقتمر من نِيَابَة حماة إِلَى نِيَابَة حلب عوضا عَن الْأَمِير أرقطاي. وَكتب بقدوم أرقطاى وَتوجه فِي ذَلِك الْأَمِير قطلوبغا الكركي وَمَعَهُ التَّقْلِيد فأنعم عَلَيْهِ أرقطاى بِمِائَة ألف دِرْهَم وأنعم عَلَيْهِ طقتمر بِأَلف وخسمائة دِينَار وَعشرَة آلَاف دِرْهَم ومائتي قِطْعَة قماش وَعشرَة أرؤس من الْخَيل وخلعة السُّلْطَان وَخَمْسمِائة أردب غلَّة من مصر قيمتهَا مائَة ألف دِرْهَم

ص: 23

وَفِي عشريه: قدم الْأَمِير ارقطاي من حلب فَخلع عَلَيْهِ وَاسْتقر عوضا عَن الْأَمِير جنكلى بن البابا رَأس الميمنة. وَفِيه خلع السُّلْطَان على أرغون العلائي زوج أمه وَاسْتقر فِي نظر المارستان المنصوري عوضا عَن الْأَمِير جنكلى بن البابا. فَنزل إِلَيْهِ أرغون وَأعَاد جمَاعَة مِمَّن قطعهم ابْن الأطروش بعد موت الْأَمِير جنكلى. وَأَنْشَأَ أرغون بجوار بَاب المارستان سَبِيل مَاء ومكتب سَبِيل لقِرَاءَة أَيْتَام الْمُسلمين الْقُرْآن الْكَرِيم ووقف عَلَيْهِ وَقفا بِنَاحِيَة من الضواحي وَفِيه أنعم السُّلْطَان على طغريل بتقدمة ألف وعزل تَقِيّ الدّين سُلَيْمَان بن مراجل من نظر الدولة وَقد كرهه النَّاس. وَفِيه خلع على الْأَمِير نجم الدّين مَحْمُود بن شروين وَزِير بَغْدَاد وأعيد إِلَى الوزارة وَكَانَت شاغرة. وَفِيه خلع على علم الدّين عبد الله بن زنبور وَاسْتقر فِي نظر الدولة عوضا عَن ابْن مراجل. وعزل جَمِيع من ولاه ابْن مراجل من الشاميين وَغَيرهم وأهينوا وألزموا بِحمْل مَا أخذُوا من المعاليم ونزعت أخفافهم. وألزم ابْن مراجل بِحمْل جَمِيع مَا استأده من الْمَعْلُوم وبثمن الخلعة وَالْبَغْلَة والدواة وقومت عَلَيْهِ بأزيد قيمَة وَأَرَادُوا أهانته بِكُل طَرِيق وَفِيه اسْتَقر ابْن سهلول فِي الِاسْتِيفَاء كَمَا كَانَ أَولا. وَاسْتقر النشو بن ريشة مُسْتَوْفيا. وَفِيه قدم الْأَمِير مغلطاى. مِمَّا وجد للأمير الْحَاج آل ملك وَهُوَ مبلغ خَمْسَة وَسَبْعُونَ ألف دِرْهَم وَأَرْبَعَة آلَاف دِينَار. وَوجد لَهُ أَيْضا ثمن غلَّة مبتاعة. بِمَكَّة نَحْو مائَة ألف وَثَلَاثِينَ ألف أردب وَنَحْو عشْرين ألف جلد حبشِي. وَوجد لَهُ عشرُون فرسا سوى مَا أرصده للتقدمة وعدتها سَبْعُونَ فرسا سوى الهجن والبخاتى وَنَحْو عشْرين بقجة قماش. وَوجد لَهُ أَرْبَعَة عشر قطار بخاتى أنعم بهَا على أَرْبَعَة عشر خَادِمًا فشق ذَلِك على الْأُمَرَاء. وَفِيه قدم مقبل من طرابلس بِجَمِيعِ قماش نسَاء الْأَمِير قمارى وَمَا وجده لَهُ وَفِيه زنة سبعين مِثْقَال من الْجَوَاهِر فرقه السُّلْطَان على اتِّفَاق وَغَيرهَا وَفِيه مبلغ أَرْبَعِينَ ألف دِرْهَم وَثَلَاثَة آلَاف دِينَار وزركش بِنَحْوِ مِائَتي ألف دِرْهَم.

ص: 24

وَفِي مستهل صفر: قدم ابْن زعازع من البهنسا وسعى بِبَعْض الْكتاب حَتَّى سلم إِلَيْهِ على مائَة ألف دِرْهَم فعاقبه حَتَّى مَاتَ. فاتهم ابْن زعازع بِأَنَّهُ أَخذ لَهُ مَالا كَبِيرا وَخرج الْأَمِير مغلطاي إِلَى البهنسا وَقبض عَلَيْهِ وَأخذ مِنْهُ ألفي ألف وَمِائَة وَسِتِّينَ ألف دِرْهَم ومائتي جَارِيَة وَسِتِّينَ عبدا وَسِتِّينَ فرسا وألفا وَثَمَانمِائَة فدان على سَبِيل الرزق سوى القنود والأعمال والمعاصر ثمَّ سمره مغلطاي وشهره فِي النواحي. وَفِيه قدم طلب الْأَمِير الْحَاج آل ملك ففرقت مماليكه على الْأُمَرَاء وَنزل بعصهم فِي البحرية. وَفِيه أخرج مماليك قمارى من الْحلقَة. وَفِيه انْتَهَت عمَارَة قصر الْأَمِير أرغون الكاملي وإصطبله الْأَعْظَم وَأنْفق فِيهِ مَال عَظِيم وأخد فِيهِ من بركَة النّيل نَحْو الْعشْرين ذِرَاعا. فَلَمَّا عزم أرغون الكاملي على النُّزُول إِلَيْهِ مرض فقلق السُّلْطَان لمرضه فَبعث لَهُ فرسا وَثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم تصدق بهَا عَنهُ. وَأخرج الْأَمِير أرغون العلائي أَيْضا عشرَة آلَاف دِرْهَم تصدق بهَا عَنهُ وَأَفْرج عَن أهل السجون وَركب السُّلْطَان لعيادته بالميدان. وَفِيه اهتم السُّلْطَان بِالسَّفرِ إِلَى الْحجاز ورسم بِحمْل مائَة ألف وَخمسين ألف أردب شعير وَندب لَهَا الْأَمِير عز الدّين أزدمر الكاشف فألزم الْأَمِير عز الدّين أزدمر الفلاحين بِالْوَجْهِ البحري عَن آخِرهم بِحمْل شعير على حِسَاب كل أردب بسبعة دَرَاهِم وَكتب لآل مهنا بِالشَّام أَن يَسِيرُوا الهجن المخبورة فَقدم حيار بن مهنا وَمَعَهُ قَود جليل فَقبل مِنْهُ وقومت خيوله بِمِائَتي ألف دِرْهَم. ثمَّ قدم أَحْمد بن مهنا أَيْضا بقود غير طائل. وَفِي يَوْم الْجُمُعَة رَابِع عشريه: ولد للسُّلْطَان ولد ذكر من ابْنة الْأَمِير بكتمر الساقى. وَفِي يَوْم السبت خَامِس عشريه: أفرج عَن الْأَمِير شهَاب الدّين أَحْمد بن الْأَمِير الْحَاج آل ملك وَعَن أَخِيه قمارى وألزما بيوتهما.

ص: 25

وَفِي مستهل ربيع الأول: قدم الْبَرِيد بانتشار الْجَرَاد بأعمل دمشق والبلقاء ورعيه زُرُوعهمْ وَقد أدْرك الشّجر وَأَنه عَم الْبَلَد حَتَّى وصل إِلَى الرمل وَقرب من الصالحية فَهَلَك الشّعْر عَن آخِره. وَفِيه تحسن سعر الْغلَّة حَتَّى أبيع الأردب الْقَمْح بِثَلَاثِينَ درهما. وَفِيه توجه السُّلْطَان إِلَى سرياقوس وأحضر عِنْده الأوباش فلعبوا باللبخة وَهِي عصى كبار حدث اللّعب فِي هَذِه الدولة وَقتل فِي اللّعب بهَا جمَاعَة. فلعبوا بهَا بَين يَدَيْهِ وَقتل رجل رَفِيقه فَخلع على بَعضهم وأنعم على كَبِيرهمْ بِخبْز فِي الْحلقَة وَاسْتمرّ السُّلْطَان بلعب الكرة فِي كل يَوْم وَأعْرض عَن تَدْبِير الْأُمُور. فتمردت المماليك وَأخذُوا حرم النَّاس وَقَطعُوا الطَّرِيق وفسدت عدَّة من الْجَوَارِي. وَكَثُرت الْفِتَن بِسَبَب ذَلِك حَتَّى بلغ السُّلْطَان فَلم يعبأ بِهَذَا وَقَالَ: خلوا كل أحد يعْمل مَا يُرِيد. فَلَمَّا فحش الْأَمر قَامَ الْأَمِير أرغون العلائي فِيهِ مَعَ السُّلْطَان حَتَّى عَاد إِلَى القلعه وَقد تظاهر النَّاس بِكُل قَبِيح ونصبوا أخصاصا فِي جَزِيرَة بولاق والجزيرة الوسطانية الَّتِي سوها حليمة بلغ مَصْرُوف كل خص فِيهَا من أَلفَيْنِ إِلَى ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم. وَعمل كل خص بالرخام والدهان البديع وَزرع حوله المقائي والرياحين وَأقَام بهَا مُعظم النَّاس من الباعة وَالتِّجَارَة وَغَيرهم وكشفوا ستر الْحيَاء وبالغوا فِي التهتك. مِمَّا تهوى أنفسهم فِي حليمة وَفِي الطمية وتنافسوا فِي أرْضهَا حَتَّى كَانَت كل قَصَبَة قِيَاس تؤجر بِعشْرين درهما فَيبلغ الفدان الْوَاحِد مِنْهَا بِثمَانِيَة آلَاف دِرْهَم وَيعْمل فِيهَا ضَامِن يسْتَأْجر مِنْهَا الأخصاص. فأقاموا على ذَلِك سِتَّة أشهر حَتَّى زَاد المَاء وغرقت الجزيرة فَاجْتمع فِيهَا من البغايا والأحدا وأنواع المسكرات مَا لَا يُمكن حكايته وَأنْفق النَّاس بهَا أَمْوَالًا تخرج عَن الْحَد فِي الْكَثْرَة. وَكَانَت الْأُمَرَاء والأعيان تسير إِلَيْهَا لَيْلًا إِلَى أَن قَامَ الْأَمِير أرغون العلائي فِي أمرهَا قيَاما عَظِيما وأحرق الأخصاص على حِين غَفلَة وَضرب جمَاعَة وشهرهم فَتلف بهَا مَال عَظِيم جدا وَفِي هده الْأَيَّام: قل مَاء النّيل حَتَّى صَار مَا بَين المقياس ومصر يخاض وَصَارَ من بولاق إِلَى منشاة المهراني وَمن جَزِيرَة الْفِيل إِلَى بولاق وَمِنْهَا إِلَى الْمنية طَرِيقا وَاحِدًا. وَبعد على السقائين طَرِيق المَاء فأنهم صَارُوا يَأْخُذُونَ المَاء من قريب نَاحيَة منبابة

ص: 26

وَبَلغت الراوية المَاء إِلَى دِرْهَمَيْنِ بعد نصف وَربع دِرْهَم فَشَكا النَّاس ذَلِك إِلَى الْأَمِير أرغون العلائي. فَبلغ السُّلْطَان غلاء المَاء بِالْمَدِينَةِ وانكشاف مَا تَحت بيُوت الْبَحْر من المَاء فَركب وَمَعَهُ الْأُمَرَاء وَكثير من أَرْبَاب الهندسة حَتَّى كشف ذَلِك فَوجدَ الْوَقْت فِيهِ قد فَاتَ بِزِيَادَة النّيل وَاقْتضى الرأى أَن ينْقل التُّرَاب والشقف من مطابخ السكر بِمَدِينَة مصر وَيَرْمِي من بر الجيزة إِلَى المقياس حَتَّى يصير جِسْرًا يعْمل عَلَيْهِ وَيدْفَع المَاء إِلَى الْجِهَة الَّتِي أنحسر عَنْهَا. فنقلت الأتربة فِي المراكب والقيت هُنَاكَ إِلَى أَن بَقِي جِسْرًا ظَاهرا وتراجع المَاء قَلِيلا إِلَى بر مصر فَلَمَّا قويت الزِّيَادَة علا المَاء على هَذَا الجسر. وَفِيه لعب السُّلْطَان مَعَ الْأُمَرَاء بالكرة فِي الميدان من القلعة فاصطدم الْأَمِير بيبغا الصلاحي مَعَ آخر سقطا مَعًا عَن فرسيهما إِلَى الأَرْض. وَوَقع فرس بيبغا على صَدره فَانْقَطع نخاعه وَمَات لوقته فأنعم بإقطاعه على قطلوبغا الكركى. وَفِيه قدم الشريف عجلَان بن رميثة من مَكَّة وصحبته الْقود فَمنع من الْأَنْعَام عَلَيْهِ بعادته عِنْد قدومه بقوده وهى أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم. وَكتب إِلَى أَخِيه ثقبة أَلا يُعَارض وَأَن يحضر إِلَى الْقَاهِرَة. وَفِيه كتب إِلَى نَائِب حماة بإيقاع الحوطة على الْأَمْلَاك والأراضي الَّتِي تقدم بيعهَا من الْملك الْمُؤَيد إِسْمَاعِيل وَمن وَلَده فَأَنَّهَا أبيعت بِدُونِ الْقيمَة فَقَامَ أَرْبَابهَا بِقِيمَة الْمثل وَحصل مِنْهُم ثَلَاثمِائَة ألف وَفِيه قدم عَلَاء الدّين بن الْحَرَّانِي نَاظر دمشق وشكا من قطع طقتمر الصلاحي مرتبات النَّاس بِبِلَاد الشَّام. فَلم تسمع شكواه ورسم لَهُ أَلا يصرف لأحد مُرَتبا وَلَا حِوَالَة يُحَال بهَا على مَال الشَّام بل يوفر الْجَمِيع لمهم السّفر للحجاز. ثمَّ عَاد عَلَاء الدّين بن الْحَرَّانِي إِلَى دمشق وَتوجه صحبته تَقِيّ الدّين سُلَيْمَان بن مراجل بِشَفَاعَتِهِ لَهُ فِي السّفر. وَفِيه قدمت رسل ابْن دلغادر بِكِتَاب يتَضَمَّن أَنه أَخذ قلعة كَانَت بيد الأرمن إحتوى على مَا فِيهَا وَقتل أَهلهَا فأنعم عَلَيْهِ بهَا. وَفِيه أخرج الْأَمِير ايتمش عبد الْغَنِيّ أحد الطلبخاناه على الْبَرِيد منفيا إِلَى الشَّام. وَفِيه ولد السُّلْطَان ولد ذكر من ابْنة الْأَمِير تنكز فدقت البشائر. وَنزل الْأَمِير قطلوبغا الكركي إِلَى الْأُمَرَاء يبشرهم فَلبس من أَرْبَعَة وَعشْرين أَمِيرا مقدما أَرْبَعَة وَعشْرين تَشْرِيفًا أطلس بحوائصها سوى الذَّهَب وَالْفِضَّة وَالْخَيْل والتفاصيل. وأعفى

ص: 27

قطلوبغا مقدمين من الْأَخْذ مِنْهُمَا وهما عَلَاء الدّين عَليّ بن طغريل وبهادر الْعقيلِيّ من أجل أَنَّهُمَا أخذا الإمرة عَن قريب. وأنعم عَلَيْهِ السُّلْطَان مَعَ ذَلِك من الأهراء بِخَمْسَة عشر ألف أردب غلَّة فَاشْتَدَّ حد المماليك لَهُ على مَا ناله من السَّعَادَة فَلم يطلّ عمر هَذَا الْمَوْلُود وَمَات. وَفِيه اشتدت الْمُطَالبَة على أهل النواحي بالجمال وَالشعِير والأعدال والأخراج والعبي بِسَبَب سفر السُّلْطَان للحجاز. وَكَثُرت مغارم أهل النواحي للولاة والرقاصين وشكا أَرْبَاب الإقطاعات ضَرَر بِلَادهمْ للسُّلْطَان فَلم يلْتَفت لَهُم. وَقَامَ فِي ذَلِك الْأَمِير أرغون شاه أستادار مَعَ الْأَمِير أرغون العلائي فِي التحدث مَعَ السُّلْطَان فِي إبِْطَال حَرَكَة السّفر حَتَّى تفاوضا بِسَبَبِهِ وتنافرا. فَحدث الْأَمِير أرغون العلائي السُّلْطَان فِي تَركه السّفر فَلم يصغ لقَوْله وَكتب باستعجال الْعَرَب بالجمال واستحثاث طقتمر الصلاحي فِيمَا هُوَ بصدده من ذَلِك. وَفِيه أوقع السُّلْطَان الحوطة. على أَمْوَال الطواشي عَرَفَات وَأخرج إِلَى الشَّام. وَقصد السُّلْطَان أَخذ أَمْوَال الطواشي كافور الْهِنْدِيّ فشفعت فِيهِ خوند طغاى فَأخْرج إِلَى الْقُدس. وَكَانَ عَرَفَات وكافور من خَواص السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد ونالا سَعَادَة عَظِيمَة وَبنى كافور تربة عَظِيمَة بالقرافة. وَفِيه نفي أَيْضا ياقوت الْكَبِير وكافور الْمحرم وسرور الدمامينى. وَفِي ثامن عشره: نفي أَيْضا من الطواشية دِينَار الصَّواف ومختص الخطائي. وَأهل ربيع الآخر: فَفِيهِ قدم الْخَبَر. بِمَوْت تَاج الدّين مُحَمَّد بن الزين خضر بن مُحَمَّد ابْن عبد الرَّحْمَن كَاتب السِّرّ بِدِمَشْق فرسم أَن يسْتَقرّ عوضه فِي كِتَابَة السِّرّ بِدِمَشْق نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن يَعْقُوب عبد الْكَرِيم بن أبي الْمَعَالِي وَأَن يسْتَقرّ جمال الدّين إِبْرَاهِيم ابْن الشهَاب مَحْمُود كَاتب السِّرّ وَفِيه اشْتَدَّ فَسَاد العربان بالصعيد والفيوم والإطفيحية فَأخْرج الْأَمِير غرلو إِلَى إطفيح فأمن غرلو شيخ العربان مغنى وَأخذ فِي التحيل على نمي حَتَّى قبض عَلَيْهِ وَسلمهُ لمغنى فَعَذَّبَهُ عذَابا شَدِيدا. فثارت أَصْحَابه وكبسوا الْحَيّ وَتلك النواحي وكسروا عرب المغنى قتلوا مِنْهُم ثَلَاثمِائَة رجل وَسِتِّينَ امْرَأَة وذبحوا الْأَطْفَال ونهبوا الأجران وهدموا الْبيُوت وَلَحِقُوا بعربان الصَّعِيد والفيوم فَكَانَت عدَّة من قتل مِنْهُم

ص: 28

فِي هَذِه السّنة نَحْو الألفي انسان لم يفكر أحد فِي أَمرهم وَلَا فِيمَا أفسدوه. وَفِيه مَاتَ ولد السُّلْطَان من ابْنة الْأَمِير تنكز فولد لَهُ فِي يَوْمه ولد ذكر من حظيته اتِّفَاق سَمَّاهُ شاهنشاه وسر بِهِ سُرُورًا زَائِدا وَقصد أَن يعْمل لَهُ مهما وتدق البشائر فَمَنعه الْأَمِير أرغون العلائي من ذَلِك فَعمل فَرحا مُدَّة سَبْعَة أَيَّام. وَكَانَ السُّلْطَان قد عمل لِاتِّفَاق على وِلَادَتهَا بشخاناه وداير بَيت وغشاء مهد الْوَلَد وقماطه عمل فيهم مبلغ سِتَّة وَثَمَانِينَ ألف دِينَار. وَحصل لآرباب الملهى أَيَّام ألفرح من خلع الخوانين عَلَيْهِم البغالطيق بداير زركش وباولى وطرازات زركش وَغير ذَلِك مَا يعظم قدره. وَمَعَ ذَلِك مَاتَ الْوَلَد يَوْم سابعه. وَفِيه مَاتَ يُوسُف بن السُّلْطَان النَّاصِر مُحَمَّد واتهم السُّلْطَان بقتْله. وَفِيه قدم الْأَمِير طقتمر الصلاحي من الشَّام وَمَعَهُ مبلغ ألف ألف دِرْهَم لتتمة جملَة مَا حمل من الشَّام ألف ألف وسِتمِائَة ألف دِرْهَم مِمَّا توفر من المرتبات الَّتِي اقتطعت وَجِيء من الْأَعْمَال بالصنف وَذَلِكَ سوى الْأَصْنَاف المستعملة برسم السّفر. وَفِيه ورد كتاب الْأَمِير يلبغا اليحياوي نَائِب الشَّام يتَضَمَّن خراب بِلَاد الشَّام مِمَّا اتّفق بهَا من أَخذ الْأَمْوَال وَانْقِطَاع الجالب إِلَيْهَا وَأَن الرَّأْي تَأْخِير السّفر إِلَى الْحجاز فِي هَذِه السّنة فَقَامَ الْأَمِير أرغون العلائي والأمير ملكتمر الحجازة فِي تصويب رَأْي نَائِب الشَّام وذكرا مَا حدث بِبِلَاد مصر من نفاق العربان وضرر الزَّرْع وَكَثْرَة مغارم الْبِلَاد. وَمَا زَالا حَتَّى رَجَعَ السُّلْطَان عَن السّفر وَكتب لنائب الشَّام بِقبُول رَأْيه فِي ذَلِك وَكتب إِلَى الْأَعْمَال باسترجاع مَا قَبضه الْعَرَب من كرى الْجمال وَرمى البشماط الَّذِي عمل على الباعة. فَلم يُوَافق هَذَا غَرَض نسَاء الساطان ووالدته وَأخذت والدته فِي تَقْوِيَة عزمه على السّفر حَتَّى قوي وَكتب لنائب الشَّام وحلب وَغَيرهمَا أَنه لابد من السّفر للحجاز وَأمرهمْ بِحمْل مَا يحْتَاج إِلَيْهِ. وَاشْترى السُّلْطَان الْجمال وَطلب الكاشف ورسم لَهُ عربان مصر وتفرقة المَال عَلَيْهِم لكرى أحمال الشّعير والدقيق والبشماط. فتجدد الطّلب على النَّاس وحملت الغلال إِلَى الطحانين لعمل البشماط والدقيق واستعيد مَا رمي من دلك. فتحسن سعر الْغلَّة واختلت النواحي من العنف فِي الطّلب

ص: 29

وَرفعت أُجْرَة الْجمل إِلَى الْعقبَة عشرَة دَرَاهِم وَإِلَى يَنْبع ثَلَاثِينَ درهما وَإِلَى مَكَّة خمسين درهما واشتغل النَّاس بِهَذَا المهم وتوقفت أَحْوَال أَرْبَاب المعايش وَقل الْوَاصِل من كل شىء. وَأخذ الْأُمَرَاء فِي أهبة السّفر وقلقوا لذك وسألوا الْأَمِير أرغون العلائي والأمير ملكتمر الْحِجَازِي فِي الْكَلَام مَعَ السُّلْطَان فِي إبِْطَال سَفَره وتعريفه رقة حَالهم من حِين تجاريدهم إِلَى الكرك فِي نوبَة النَّاصِر أإحمد وَمن خراب بِلَادهمْ لطلب الْكَشَّاف والولاة فلاحيها بِالشَّعِيرِ وَغَيره فَكلما السُّلْطَان بذلك فَاشْتَدَّ غَضَبه وَأطلق لِسَانه فَمَا زَالا بِهِ حَتَّى سكن غَضَبه فرسم من الْغَد الْحَج لجَمِيع الْأُمَرَاء بالتأهب للسَّفر وَمن عجز عَن السّفر يُقيم بِالْقَاهِرَةِ. فَاشْتَدَّ الْأَمر على النَّاس بديار مصر وبلاد الشَّام وَكثر دعاؤهم لماهم فِيهِ من السخر والمغارم. وتنكرت قُلُوب الْأُمَرَاء وَكَثُرت الإشاعة بتنكر السُّلْطَان على الْأَمِير يلبغا اليحياوي نَائِب الشَّام وَأَنه يُرِيد مسكه حَتَّى بلغه ذَلِك فاحترز على نَفسه وَبلغ الْأَمِير يلبغا اليحياوي قتل يُوسُف أخي السُّلْطَان وَقُوَّة عزم السُّلْطَان على سفر الْحجاز مُوَافق لأغراض نِسَائِهِ فَجمع أُمَرَاء دمشق وحلفهم على الْقيام مَعَه وبرز إِلَى ظَاهر دمشق فِي نصف جُمَادَى الأولى وَأقَام هُنَاكَ وَحضر إِلَيْهِ الْأَمِير طرنطاي البشمقدار نَائِب حمص والأمير أراق الفتاح نَائِب صفد والأمير أستدمر نَائِب حماة والأمير بيدمر البدري نَائِب طرابلس. فَاجْتمعُوا جَمِيعًا ظَاهر دمشق مَعَ عسكرها وَكَتَبُوا بخلع الْملك الْكَامِل وظاهروا بِالْخرُوجِ عَن طَاعَته. وَكتب الامير يلبغا اليحياوي نَائِب الشَّام إِلَى السُّلْطَان: إِنِّي أحد الأوصياء عَلَيْك وَإِن مِمَّا قَالَه الشَّهِيد رحمه الله لي وللأمراء فِي وَصيته إِذا أقمتم أحدا من أَوْلَادِي وَلم ترتضوا سيرته جروه بِرجلِهِ وأخرجوه وَأقِيمُوا غَيره. وَأَنت أفسدت المملكة وأفقرت الْأُمَرَاء والأجناد وَقتلت أَخَاك وقبضت على أكَابِر أُمَرَاء السُّلْطَان الشَّهِيد. واشتغلت عَن الْملك والتهيت بِالنسَاء وَشرب الْخمر: وصرت تبيع أَخْبَار الأجناد بِالْفِضَّةِ وَذكر الْأَمِير يلبغا اليحياوي لَهُ أموراً فَاحِشَة عَملهَا فَقدم كِتَابه فِي يَوْم الْجُمُعَة الْعشْرين من جُمَادَى الأولى. فَلَمَّا قَرَأَهُ السُّلْطَان الْكَامِل تغير تغيراً زَائِدا وأوقف عَلَيْهِ الْأَمِير أرغون العلائي. بمفرده فَقَالَ لَهُ: وَالله

ص: 30

لقد كنت أَحسب هَذَا وَقلت لَك فَلم تسمع قولى وَأَشَارَ عَلَيْهِ بكتمان هَذَا. وَكتب الْكَامِل الْجَواب يتَضَمَّن التلطف فِي القَوْل وَأخرج الْأَمِير منجك على الْبَرِيد إِلَى الْأَمِير يلبغا اليحياوي فِي ثَانِي عشريه ليرجعه عَمَّا عزم عَلَيْهِ ويكشف أَحْوَال الْأُمَرَاء وَكتب السُّلْطَان إِلَى أَعمال مصر بإطال السّفر. فكثرت القالة بَين النَّاس بِخُرُوج نَائِب الشَّام عَن الطَّاعَة حَتَّى بلغ الْأُمَرَاء والمماليك فَأَشَارَ الْأَمِير أرغون العلائي على السُّلْطَان بإعلام الْأُمَرَاء الْخَبَر. فطلبوا إِلَى القلعة وَأخذ رَأْيهمْ فَوَقع الِاتِّفَاق على خُرُوج الْعَسْكَر إِلَى الشَّام مَعَ الْأَمِير أرقطاي وَمَعَهُ من الْأُمَرَاء منكلى بغا الفخري أَمِير جاندار وآقسنقر الناصري وطيبغا المجدي وأرغون الكاملي وأمير عَليّ بن طغريل النوغاي وَابْن طقزدمر وَابْن طشتمر وَأَرْبَعين أَمِير طبلخاناه وَعشْرين أَمِير عشرَة وَأَرْبَعين مقدم حَلقَة. وحملت النَّفَقَة إِلَيْهِم: لكل مقدم ألف دِينَار ماعدا ثَلَاثَة مقدمين لكل مقدم ثَلَاثَة آلَاف دِينَار وَكتب بإحضار الأجناد من الْبِلَاد فَقدم كتب منجك من الْغَوْر. بموافقة النواب لنائب الشَّام وَأَن التجريدة إِلَيْهِ لَا تفِيد فَأَنَّهُ يَقُول أَن أُمَرَاء مصر مَعَه. وَقدم كتاب نَائِب الشَّام أَيْضا - وَفِيه خطّ أَمِير مَسْعُود بن خطير وأمير عَليّ بن قراسنقر وقلاوون وحسام الدّين البقشمدار - يتَضَمَّن: أَنَّك لَا تصلح للْملك وَأَنَّك أَنما أَخَذته بالغلبة من غير رضى الْأُمَرَاء وَعدد مَا فعله. ثمَّ قَالَ: وَنحن مَا بَقينَا نصلح لَك وَأَنت فَمَا تصلح لنا. والمصلحة أَن تعزل نَفسك. فاستدعى السُّلْطَان الْكَامِل الْأُمَرَاء وحلفهم على طَاعَته ثمَّ أَمرهم بِالسَّفرِ إِلَى فَخَرجُوا من الْغَد وَخرج طلب منكلى بغا الفخري وَبعده أرغون الكاملي. وعندما وصل أرغون الكاملي تَحت القلعة خرجت ريح شَدِيدَة أَلْقَت شاليشه إِلَى الأَرْض فصاحت الْعَامَّة: راحت عَلَيْكُم ياكاملية وتطيروا بِأَنَّهُم غير منصورين. وَأخذ المجردون فِي الْخُرُوج شَيْئا بعد شَيْء وَتقدم حلاوة الأوجاقي يَوْم الْخَمِيس عشريه وَأخْبر بِأَن منجك سَاعَة وُصُوله دمشق قبض عَلَيْهِ يلبغا اليحياوي نَائِب الشَّام وسجنه بالقلعة. فَبعث السُّلْطَان الطواشي سرُور الزينى لإحضار أَخَوَيْهِ أَمِير حاجي وأمير حُسَيْن فَاعْتَذر بوعكهما وَبعثت أمهاتهما إِلَى الْأَمِير أرغون العلائي والأمير الْحِجَازِي يسالأنهما فِي التلطف مَعَ السُّلْطَان فِي أَمرهمَا. فبلغت الْأَمِير أرغون بعض جواري زَوجته أم السُّلْطَان الْكَامِل أَنَّهَا سَمِعت

ص: 31

السُّلْطَان وَقد سكر وكشف رَأسه وَقَالَ: إلهي أَعْطَيْتنِي الْملك ومكنتني من آل ملك وقمارى وَبَقِي العلائي والحجازي فمكنى مِنْهُمَا حَتَّى أبلغ غرضى فيهمَا فأقلقه ذَلِك. ثمَّ دخل الْأَمِير أرغون العلائي على السُّلْطَان فِي خلْوَة فَإِذا هُوَ متغير الْوَجْه مفكر. فبدره السُّلْطَان بِأَن قَالَ لَهُ: من جَاءَك من جِهَة إخوتي أَنْت والحجازي فَعرفهُ أَن النِّسَاء دخلن عَلَيْهِمَا وَطلبت أَن يكون السُّلْطَان طيب الخاطر على أَخَوَيْهِ ويؤمنهما فأنهما خائفان. فَرد عَلَيْهِ السُّلْطَان جَوَابا جَافيا وَوضع يَده فِي السَّيْف ليضربه بِهِ فَقَامَ عَنهُ لينجو بِنَفسِهِ. وَعرف الْأَمِير أرغون العلائي والأمير ملكتمر الْحِجَازِي بِمَا جرى لَهُ وشكا من فَسَاد السلطنة. فتوحش خاطر كل مِنْهُمَا وأنقطع العلائي عَن الْخدمَة وتعلل. وَأخذت المماليك أَيْضا فِي التنكرعلى السُّلْطَان وَكَاتب بَعضهم الْأَمِير يبلغَا اليحياوي نَائِب الشَّام وَاتَّفَقُوا بأجمعهم حَتَّى اشْتهر أَمرهم وتحدثت بِهِ الْعَامَّة وَوَافَقَهُمْ الْأَمِير قراسنقر. فألح السُّلْطَان فِي طلب أَخَوَيْهِ وَبعث قطلوبغا الكركي فِي جمَاعَة حَتَّى هجموا عَلَيْهِمَا لَيْلًا فَقَامَتْ النِّسَاء ومنعوهما مِنْهُم. فهم السُّلْطَان أَن يقوم بِنَفسِهِ حَتَّى يأخذهما فجيء بهما إِلَيْهِ وَقت الظّهْر من يَوْم السبت تَاسِع عشريه فَأدْخل بهما إِلَى مَوضِع ووكل بهما وَقَامَ العزاء فِي الدّور عَلَيْهِمَا. وهمت المماليك بالثورة وَالرُّكُوب للحرب. وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ مستهل جُمَادَى الآخر: خرج الْأَمِير أرقطاى بِطَلَبِهِ حَتَّى وصل طلبه إِلَى بَاب زويله ووقف مَعَ الْأُمَرَاء فِي الموكب تَحت القلعة وَإِذا بِالنَّاسِ قد اضْطَرَبُوا. وَنزل الْأَمِير ملكتمر الْحِجَازِي سائقاً يُرِيد إصطبله وَتَبعهُ الْأَمِير أرغون شاه أَيْضا إِلَى جِهَة إصطبله. وَسبب ذَلِك أَن السُّلْطَان جلس بالإيوان على الْعَادة وَقد بَيت مَعَ ثقاته الْقَبْض على الْأَمِير ملكتمر الْحِجَازِي والأمير أرغون شاه إِذا دخلا وَكَانَا جالسين ينتظران الْإِذْن على الْعَادة. فَخرج طغيتمر الدوادار ليأذن لَهما فَأَشَارَ لَهما بِعَيْنِه أَن يذهبا وَكَانَ قد بلغهما التنكر عَلَيْهِمَا فقاما من فورهما وَنزلا إِلَى خيولهما فلبسا وسارا إِلَى قبَّة النَّصْر وَبعث الْأَمِير ملكتمر الْحِجَازِي يَسْتَدْعِي آقسنقر من سرياقوس فَمَا تضحى النَّهَار حَتَّى اجْتمعت أطلاب الْأُمَرَاء بقبة النَّصْر. وَطلب السُّلْطَان الْأَمِير أرغون العلائي واستشاره فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِأَن يركب بِنَفسِهِ إِلَيْهِم فَركب وَمَعَهُ الْأَمِير أرغون العلائي وقطلوبغا الكركي وتمر الموساوي وعدة من المماليك. وَأمر السُّلْطَان فدقت الكوسات حَرْبِيّا ودارت النُّقَبَاء على أجناد الحلقه والمماليك ليركبوا فَركب بَعضهم.

ص: 32

هَذَا وَقد قدم آقسنقر إِلَى قبَّة النَّصْر وَصَارَ السُّلْطَان فِي جَمِيع كَبِير من الْعَامَّة وَهُوَ يسألهم الدُّعَاء فنظروا إِلَيْهِ وأسمعوه مَا لَا يَلِيق. وَسَار السُّلْطَان فِي ألف فَارس حَتَّى قَابل الْأُمَرَاء فأنسل عَنهُ أَصْحَابه وَبَقِي فِي أَرْبَعمِائَة فَارس. فبز لَهُ آقسنقر ووقف مَعَه وَأَشَارَ عَلَيْهِ أَن ينخلع من السلطنة فاجابه إِلَى ذَلِك وَبكى. فَتَركه آقسنقر وَعَاد إِلَى الْأُمَرَاء وعرفهم ذَلِك. فَلم يرض أرغون شاه وَبدر وَمَعَهُ قرابغا وصمغار وبزلار وغرلو فِي أَصْحَابهم حَتَّى وصلوا إِلَى السُّلْطَان وسيروا إِلَى الْأَمِير أرغون العلائي أَن. يَأْتِيهم ليأخذوه إِلَى عِنْد الْأُمَرَاء. فَلم يُوَافق الْأَمِير أرغون العلائي على ذَلِك فَهَجَمُوا عَلَيْهِ وَفرقُوا من مَعَه وضربوه بدبوس حَتَّى سقط إِلَى الأرص فَضَربهُ يلبغا أروس بِسيف قطع خَدّه وَأخذ أَسِيرًا فسجن فِي خزانَة شمايل وفر السُّلْطَان الْكَامِل شعْبَان إِلَى القلعة واختفى عِنْد أمه زَوْجَة الْأَمِير أرغون العلائي. وَسَار الْأُمَرَاء إِلَى القلعة وأخرجوا أَمِير حاجي وأمير حُسَيْن من سجنهما وقبلوا يَد أَمِير حاجي وخاطبوه بالسلطة. وطلبوا الْكَامِل شعْبَان وسجنوه حَيْثُ كَانَ أَخَوَيْهِ مسجونين وَمن غرائب الِاتِّفَاق أَنه كَانَ قد عمل طَعَام لأمير حاجي وأمير حُسَيْن حَتَّى كَانَ غداءهما وَعمل سماط السُّلْطَان على الْعَادة. فَوَقَعت الضجة وَقد مد السماط فَركب السُّلْطَان شعْبَان من غير أكل. فَلَمَّا انهزم شعْبَان وَقبض عَلَيْهِ وأقيم أَخُوهُ أَمِير حاجي بدله مد السماط بِعَيْنِه لَهُ فَأكل مَعَه حاجي وَأدْخل بطعامه وَطَعَام أَمِير حُسَيْن إِلَى شعْبَان الْكَامِل فَأَكله فِي السجْن ثمَّ قتل شعْبَان فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثالثه وَقت الظّهْر وَدفن عِنْد أَخِيه يُوسُف لَيْلَة الْخَمِيس فَكَانَت مدَّته سنة وَثَمَانِية وَخمسين يَوْمًا وَكثر التظاهر فِيهَا بالمنكرات لشغفه باللهو وعكوفه على معاقرة الْخمر وَسَمَاع الأغاني واللعب وَبيعه الإقطاعات والولايات حَتَّى إِن الإقطاع كَانَ يخرج عَن صَاحبه وَهُوَ حَيّ. بِمَال الآخر فَإِذا وقف من أخرج إقطاعه قيل لَهُ: نعوض عَلَيْك وَأخذ الْأُمَرَاء على شعْبَان تَمْكِينه الخدام وَالنِّسَاء من التَّصَرُّف فِي المملكة والتهتك فِي النزه وَالصَّيْد واللعب بالكرة بالهيئات الجميلة وركوب الْخَيل المسومة وَعدم الاحتشام من فعل الْمُنْكَرَات حَتَّى أَن حريمه إِذا نَزَلْنَ إِلَى نزهة تبلغ عِنْدهن الجرة الْخمر

ص: 33

إِلَى ثَلَاثِينَ درهما وشره حَرِيم شعْبَان فِيمَا فِي أَيدي النَّاس من الدواليب والأحجار والبساتين والدور وَنَحْوهَا. فَأخذت أمه معصرة وَزِير بَغْدَاد وَأخذت إتفاق أَرْبَعَة أَحْجَار وأخدت أمه أَيْضا من وَزِير بَغْدَاد منظرة على بركَة الْفِيل. وَحدث فِي أَيَّامه أَخذ خراج الرزق وَزِيَادَة القانون وَنقص الأجاير وأعيد ضَمَان أَرْبَاب الملاعيب. وَلم يُوجد لَهُ من المَال سوى مبلغ ثَمَانِينَ ألف دِينَار وَخَمْسمِائة ألف دِرْهَم. وَكَانَ مَعَ ذَلِك مهاباً سيوساً متفقداً لأحوال المملكة لَا يشْغلهُ لهوه عَن الْجُلُوس للْخدمَة وَكَانَ حازماً ذَا رَأْي واحتياط ومحبة لجمع المَال وَفِيه قيل: بَيت قلاوون سعاداته فِي عَاجل كَانَت بِلَا آجل حل على أملاكه للردى دين قد اسْتَوْفَاهُ بالكامل السُّلْطَان الْملك المظفر زين الدّين حاجي بن النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون الصَّالِحِي الألفي سجنه أَخُوهُ شعْبَان الْكَامِل كَمَا تقدم وَمَعَهُ أَخُوهُ حُسَيْن. فَلَمَّا انهزم شعْبَان من الْأُمَرَاء مر وَهُوَ سائق فِي أَرْبَعَة مماليك إِلَى بَاب السِّرّ فَوَجَدَهُ مغلقا والمماليك بأعلاه فتلطف بهم حَتَّى فتح لَهُ أحدهم وَدخل ليقْتل أَخَوَيْهِ فَلم يفتح الخدام لَهُ الْبَاب فَمضى إِلَى أمه. وَصعد الْأُمَرَاء إِلَى القلعة وَقد قبضوا على الْأَمِير أرغون العلائي وعَلى الطواشي جَوْهَر السحرتى اللالا وأسندمر الكاملي وقطلوبغا الكركى وَجَمَاعَة وَدخل بزلار وصمغار راكبين إِلَى بَاب الستارة وطلبا أَمِير حاجي فادخلهما الخدام إِلَى الدهيشة حَتَّى أَخْرجُوهُ وأخاه من سجنهما. وبشرا حاجي بالظفر. ثمَّ دخل الْأَمِير أرغون شاه إِلَى حاجي وَقبل لَهُ الأَرْض وَقَالَ لَهُ: باسم الله اخْرُج أَنْت سلطاننا وَسَار بِهِ وبحسين إِلَى الرحبة وَأَجْلسهُ على بَاب الستارة. ثمَّ طلب الْأَمِير أرغون شاه شعْبَان الْكَامِل حَتَّى وَحده قَائِما بَين الأزيار وَقد اتسخت ثِيَابه فَأخْرجهُ إِلَى الرحبة وَأدْخلهُ إِلَى الدهيشة حَتَّى سجنه بهَا حَيْثُ كَانَ حاجي.

ص: 34

وَطلب الْأَمِير أرغون شاه الْخَلِيفَة والقضاة وأركب حاجي من بَاب الستارة إِلَى الإيوان وَحمل المماليك أَمِير حُسَيْن على أكتافهم حَتَّى جلس حاجي على سَرِير الْملك فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ مستهل جُمَادَى الْآخِرَة. ولقب حاجي بِالْملكِ المظفر لَهُ من الْعُمر خمس عشرَة سنة. وَقبل الْأُمَرَاء الأَرْض بَين يَدَيْهِ وَحلف لَهُم أَولا أَنه لَا يُؤْذِي أحدا مِنْهُم وَلَا يخرب بَيت أحد وحلفوا لَهُ على طَاعَته. وَركب الْأَمِير بيغرا الْبَرِيد ليبشر الْأَمِير يلبغا اليحياوي نَائِب الشَّام ويحلفه وأمراء الشَّام. وَفِيه كتب إِلَى وُلَاة الْأَعْمَال بإعفاء النواحي من المغارم ورماية الشّعير والبرسيم. وَفِيه حمل الْأَمِير أرغون العلائي إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثالثه: قبض على الشَّيْخ عَليّ الدوادار وعَلى عشرَة من الخدام الكاملية وسلموا إِلَى شاد الدَّوَاوِين. وَسلم لَهُ أَيْضا الطواشي جَوْهَر السحرتى وقطلوبغا الكركي ومقبل الرُّومِي وألزموا بِحمْل الْأَمْوَال الَّتِي أخذوها من النَّاس على قَضَاء الأشغال فعذبوا بأنواع الْعَذَاب وَوَقعت الحوطة على موجودهم. وَفِيه قبض على الْأَمِير تمر الموساوي وَأخرج إِلَى الشَّام وَفِيه أَمر بِأم الْكَامِل وزوجاته فأنزلن من القلعة إِلَى الْقَاهِرَة وَعرضت جواري دَار السُّلْطَان فبلغت عدتهن خَمْسمِائَة جَارِيَة فرقن على الْأُمَرَاء. وَفِيه أحيط بموجود إتفاق وأنزلت من القلعة. وَكَانَت سَوْدَاء حالكة السوَاد اشترتها ضامنة المغالي بِدُونِ الأربعمائة دِرْهَم من ضامنة المغاني. بِمَدِينَة بلبيس وعلمتها الضَّرْب بِالْعودِ على عبد عَليّ العواد فمهرت فِيهِ. وكات إتفاق حَسَنَة الصَّوْت جَيِّدَة الْغناء قدمتها ضامنة المغاني لبيت السُّلْطَان فاشتهرت فِيهِ حَتَّى شغف بهَا الصَّالح إِسْمَاعِيل وَتزَوج بهَا. ثمَّ لما تسلطن شعْبَان الْكَامِل باتت عِنْده من ليلته لما كَانَ فِي نَفسه مِنْهَا أَيَّام أَخِيه ونالت من الحظوة والسعادة مَا لَا عرف فِي زمانها لامْرَأَة غَيرهَا حَتَّى أَنه عمل لَهَا داير بَيت طوله اثْنَان وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعا وَعرضه سِتَّة أَذْرع فِيهِ خَمْسَة وَتسْعُونَ ألف دِينَار مصرية سوى البشخاناه والمخاد والمساند. وَكَانَ لَهَا أَرْبَعُونَ بذلة ثِيَاب مرصعة بالجوهر وست عشرَة بدلة بداير زركش وَثَمَانُونَ مقنعة فِيهَا مَا قِيمَته عشرُون ألف دِرْهَم وأقلها بِخَمْسَة آلَاف دِرْهَم إِلَى غير ذَلِك مِمَّا يجل وَفِيه وفر من مَصْرُوف الْحَوَائِج خاناه فِي كل يَوْم أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم. وَفِيه رسم بِإِعَادَة الْأَمْلَاك الَّتِي أَخذهَا حَرِيم الْكَامِل لأربابها فاستعاد الْوَزير نجم الدّين معصرته وَأخذ من اتِّفَاق وَغَيرهَا مَا أَخَذته من النَّاس.

ص: 35

وَفِيه نُودي فِي الْقَاهِرَة ومصر بِرَفْع الظلامات وَمنع أَرْبَاب الملاعيب جَمِيعهم. وَفِي عاشره: وجد صندوق مفتاحه تَحت يَد الشَّيْخ عَليّ الدوادار. فِيهِ براني فضَّة مختومة وأحقاق فتحت بِحَضْرَة الْأَطِبَّاء فَإِذا هِيَ سموم قاتلة. فَعرض الْعَذَاب على الشَّيْخ عَليّ حَتَّى اعْترف أَن المزين المغربي الَّذِي أَقَامَهُ الْكَامِل رَئِيس الجرائحية ركب ذَلِك. فَاحْتَرَقَ بالنَّار قُدَّام الايوان وَكَانَ هَذَا المغربى تعرف بأولاد السُّلْطَان وهم بقوص وَقدم مَعَهم فَلَمَّا تسلطن شعْبَان الْكَامِل تقرب إِلَيْهِ بِعَمَل السمُوم وصناعة الكيمياء. وَكَانَ قد قدم فِي الْأَيَّام الناصيرية مُحَمَّد بن قلاوون تَاجر فرنجى بهدية إِلَى ملكتمر الْحِجَازِي فَأَعْجَبتهُ مصر وَأسلم وَعرف بآقسنقر الرُّومِي. وأنعم عَلَيْهِ السُّلْطَان النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون بإمرة عشرَة وَمَا زَالَ. بِمصْر إِلَى أَيَّام شعْبَان الْكَامِل فتقرب إِلَيْهِ آقسنقر الرُّومِي بِعَمَل الْفلك والشعبذة واختص بِهِ وَقَامَ مَعَ المغربي فِي عمل السمُوم وَخرج على الْبَرِيد مرَارًا لإحضار الحشائش القاتلة من بِلَاد الشَّام حَتَّى ركبت بَين يدى الْكَامِل وَفِيه نقل علم الدّين عبد الله بن زنبور من نظر الدولة إِلَى نظر الْخَاص عوضا عَن فَخر الدّين بن السعيد. وَفِيه قبض على ابْن السعيد وألزم بِحمْل مَال. وَفِيه خلع على موفق الدّين عبد الله بن إِبْرَاهِيم وَاسْتقر فِي نظر الدولة وخلع على سعد الدّين بن جرباش وَاسْتقر فِي الِاسْتِيفَاء عوضا عَن ابْن ريشة. وَفِيه قبض على أقطوان مُتَوَلِّي الأهراء والصناعة وَشد الْأَوْقَاف الصلاحية وَنظر الْحَرَمَيْنِ وَسلم لشاد الدَّوَاوِين فَأَنَّهُ كَانَ تجاه أستاذه الطواشي شُجَاع الدّين اللالا وَاجْتمعَ لَهُ خمس عشرَة وَظِيفَة وَبعد صيته واشتدت حرمته. وَفِيه قدم بيغرا من الشَّام وَقد لقى الْأَمِير يلبغا اليحياوي نَائِب الشَّام وَقد برز خَارج دمشق يُرِيد الْمسير إِلَى مصر بالعساكر فسر الْأَمِير يلبغا اليحياوي سُرُورًا زَائِدا بِإِزَالَة الْكَامِل وَإِقَامَة أَخِيه المظفر حاجي وَعَاد إِلَى دمشق وَحلف الْأُمَرَاء على الْعَادة.

ص: 36

وَأقَام يلبغا اليحياوي الْخطْبَة وَضرب السِّكَّة باسم السُّلْطَان حاجي وسير دَنَانِير ودراهم مِنْهَا وَكتب يهنئ السُّلْطَان حاجي بجلوسه على تخت الْملك. وشكا الْأَمِير يلبغا اليحياوي من نَائِب حلب ونائب غَزَّة ونائب قلعة دمشق مغلطاي المرتيني وَمن نَائِب قلعه صفد قرمجي من أجل أَنهم لم يوافقوه على خُرُوجه فِي طَاعَة شعْبَان الْكَامِل. فرسم بعزل طقتمر الأحمدي نَائِب حلب وقدومه إِلَى مصر واستقرار الْأَمِير بيدمر البدرى نَائِب طرابلس عوضه فِي نِيَابَة حلب واستقرار الْأَمِير أسندمر الْعمريّ نَائِب حماة فِي نِيَابَة طرابلس وَالْقَبْض على مغلطاي المرتيني نَائِب قلعة دمشق وعَلى قرمجي نَائِب قلعة صفد وعزل نَائِب غَزَّة وَأَن يحضر الْأَمِير أيتمش عبد الْغَنِيّ وقطليجا الْحَمَوِيّ إِلَى مصر واستقرار أَمِير مَسْعُود بن خطير فِي نِيَابَة غَزَّة واستقرار طقتمر الصلاحي فِي نِيَابَة حمص. وَكَانَ الْأَمِير يلبغا اليحياوي نَائِب الشَّام لما عَاد إِلَى دمشق عمر قبَّة عِنْد مَسْجِد الْقدَم حَيْثُ كَانَ قد برز وسماها قبَّة النَّصْر وَهِي الَّتِي تعرف بقبة يلبغا. وَفِي رَابِع عشره: خلع عَليّ بمنبر السحرتى وَاسْتقر مقدم المماليك عوضا عَن محسن الشهابي. خلع على مُخْتَصّ الرسولى وَاسْتقر زِمَام الدّور فأنعم عَلَيْهِ بإمرة طبلخاناه. وَفِيه قبض على مَمْدُود بن الكوراني أَمِير طبر وعَلى أَخِيه عَلَاء الدّين عَليّ بن الكوراني وَاسْتقر جمال الدّين يُوسُف وَإِلَى الجيزة عوضه أَمِير طبر وعزل عَلَاء الدّين الكوراني من كشف الْوَجْه القبلي. وَفِيه أنعم بإقطاع الْأَمِير أرغون العلائي على الْأَمِير أرغون شاه. وَفِيه اسْتَقر عَلَاء الدّين بن الأطروش فِي حسبَة دمشق وتدريس الخاتونية. وَفِيه أنعم على ابْن الْأَمِير تنكز بإمرة طبلخاناه وعَلى أَخِيه بإمرة عشرَة. وَفِيه أنعم على ابْن الْأَمِير ألطنبغا نَائِب حلب بإمرة عشرَة فِي دمشق. وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ خَامِس عشره: أَمر السُّلْطَان ثَمَانِيَة عشر أَمِيرا فَكَانَ يَوْمًا مشهوداً كثر فِيهِ جَمِيع النَّاس عِنْد نزولهم إِلَى الْقبَّة المنصورية على الْعَادة. وَفِي سَابِع عشرَة: أخرج آقجباي إِلَى حماة.

ص: 37

وَفِي يَوْم الْخَمِيس ثَالِث شهر رَجَب: خلع على الْأَمِير أرقطاى وَاسْتقر نَائِب السُّلْطَان بِاتِّفَاق الْأُمَرَاء عَلَيْهِ بَعْدَمَا تمنع من ذَلِك تمنعاً كثيرا حَتَّى قَامَ الْحِجَازِي بِنَفسِهِ وَأخذ السَّيْف وَأخذ أرغون شاه الخلعة ودارت الْأُمَرَاء حوله وألبسوه على كره مِنْهُ. فَخرج الْأَمِير أرقطاى فِي موكب عَظِيم حَتَّى جلس فِي شباك دَار النِّيَابَة وَحكم بَين النَّاس فرسم لَهُ بِزِيَادَة ناحيتي المطرية وَالْخُصُوص لأجل سماط النِّيَابَة. وَفِيه توجه السُّلْطَان إِلَى سرحة سرياقوس على الْعَادة. وَفِيه خرج الْأَمِير بيدمر البدرى إِلَى نِيَابَة حلب. وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثامن عشريه. خلع على الْأَمِير قطليجا وَاسْتقر فِي ولَايَة الْقَاهِرَة وَفِيه نقل من تَسْلِيم شاد الدَّوَاوِين إِلَى تَسْلِيم وَالِي القاهره سِتَّة خدام وهم نصر الْهِنْدِيّ وَأنس وفاتن الصَّالِحِي وسرور الزيني وَعَنْبَر سيغا وجوهر السحرتى اللالا وَمَعَهُمْ المزين المغربي وَنَصْرَانِي رَاهِب. ورسم بتسميرهم جَمِيعًا فأخرجوا من الْغَد ليسمروا بسوق الْخَيل تَحت القلعة وأقعدوا على الْجمل وربطوا. فشفع فيهم الْأُمَرَاء فأنزلوا ومضوا بهم ماشين إِلَى خزانَة شمايل ثمَّ أفرج عَنْهُم فِي يقية يومهم وَنَفَوْا من مصر وَكَانَ الْقَمْح قد تحسن فِي الدولة الكاملية من أول السّنة هُوَ وَجَمِيع الغلال وَبلغ خَمْسَة وَخمسين درهما الأردب وَبلغ الشّعير اثْنَيْنِ وَعشْرين درهما الأردب والفول عشْرين درهما. فَانْحَطَّ سعر الْقَمْح فِي الْأَيَّام المظفرية إِلَى خَمْسَة وَثَلَاثِينَ درهما وَنقص من بَقِيَّة الغلال ثلث سعرها فتيامن النَّاس بِهِ. وَفِيه أخذت الباعة تتعنت فِي الْفُلُوس وَترد الصالحية والكاملية حَتَّى توقفت الْأَحْوَال وَعَاد سعر الغلال إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فَنُوديَ برد القصوص من الْفُلُوس ورد الرصاص والنحاس الْأَصْفَر مِنْهَا وَألا يُؤْخَذ إِلَّا مَا عَلَيْهِ سكَّة. وترافقوا بِالنَّاسِ وَيضْرب أحد مِنْهُم بِسَبَب ذَلِك فمشت الْأَحْوَال. وَفِيه قدم الْأَمِير أيتمش عبد الْغَنِيّ والأمير قطليجا الْحَمَوِيّ. فرسم لأرغون الكاملي بِلُزُوم بَيته وَفِي مستهل شعْبَان: ابْتَدَأَ مرض الْأَمِير بهاء الدّين أصلم فَأَقَامَ أَيَّامًا وَمَات فأنعم بإمرته على طغيتمر النجمي الدوادار. وَأخذ إقطاعه - وَهُوَ عِبْرَة مائَة ألف وَأَرْبَعين ألف دِينَار فسلخ مِنْهُ مبلغ أَرْبَعِينَ ألف دِينَار وأضيفت لديوان الْخَاص.

ص: 38