المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(سنة أربع وخمسين وسبعمائة) - السلوك لمعرفة دول الملوك - جـ ٤

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌(سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة سبع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم الْأَحَد أول شَوَّال)

- ‌(سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ خَامِس عشر ربيع الآخر)

- ‌(سنة خمسين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي عَاشر جُمَادَى الآخر)

- ‌(سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي رَجَب)

- ‌(وَفِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشريه)

- ‌(سنة اثْنَتَيْنِ فِي خمسين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة ثَلَاث وَخمسين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء خَامِس عشرى شَوَّال)

- ‌(سنة أَربع وَخمسين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة سِتّ وَخمسين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة سبع وَخمسين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة تسع وَخمسين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة أَربع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة تسع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة سبعين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة إِحْدَى وَسبعين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة)

الفصل: ‌(سنة أربع وخمسين وسبعمائة)

(سنة أَربع وَخمسين وَسَبْعمائة)

شهر الله الْمحرم أَوله الْخَمِيس: فِيهِ قدم الْخَبَر من مُتَوَلِّي مَدِينَة قوص بقدوم رسل الْملك الْمُجَاهِد على بن الْمُؤَيد دَاوُد ابْن المظفر يُوسُف بن مَنْصُور عمر بن عَليّ بن رَسُول متملك الْيمن إِلَى عيذاب بهدية. فتوحه الْأَمِير آقبحا الْحَمَوِيّ لملاقاتهم وصحبته الإقامات من الأنزال والعلوفات والطبائخ وَنَحْو ذَلِك. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سابعه: قدم الْبَرِيد من حلب بِالْقَبْضِ على الْأَمِير قراجا بن دلغادر مقدم التركمان فسر أهل الدولة بذلك. وَفِيه قدم الْأَمِير جنتمر أَخُو طاز برأسي الْأَمِير بكلمش والأمير أَحْمد الساقي وَقد قتلا بحلب. وَفِي هَذَا الشَّهْر: حملت رمتا وَالِد الْأَمِير طاز وأخيه جركس. وَكَانَ أَبوهُ قدم إِلَى مصر من بِلَاد التّرْك فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة فَتَلقاهُ وأكرمه وَأدْخلهُ فِي دين الْإِسْلَام وَخَتنه. ثمَّ توجه أَبوهُ هَذَا بعد مُدَّة عَائِدًا إِلَى بِلَاده بِحجَّة أَن يَسُوق بَقِيَّة أَهله فَهَلَك بالمعرة وَدفن بهَا فَبنى نَائِب حلب على قَبره تربة. ثمَّ لما توجه الْأَمِير طاز بالعسكر إِلَى حلب هلك أَخُوهُ جركس فدفنه بالمعرة مَعَ أَبِيه ثمَّ بدا لَهُ فِي نقلهما إِلَى مصر فنقلهما فِي هَذَا الشَّهْر ودفنهما خَارج بَاب المحروق ظَاهر الْقَاهِرَة فِي تربة أَنْشَأَهَا هُنَاكَ ورتب بهَا الْقُرَّاء وَغير ذَلِك من أَرْبَاب الْوَظَائِف وَجعل لَهَا أوقافاً دارة وَعمل لقدومهما عدَّة مجتمعات ختم فِيهَا الْقُرْآن الْكَرِيم على قبريهما. وَحصر تِلْكَ المجتمعات مَعَه الْأُمَرَاء والأعيان فاحتفل لذَلِك احتفالا زَائِدا. وَفِي ثامن عشره: قدم شيخ الشُّيُوخ زكي الدّين الْمَلْطِي من بِلَاد الْهِنْد فَتَلقاهُ طوائف النَّاس وطلع قلعة الْجَبَل. فَخلع عَلَيْهِ بَين يَدي السُّلْطَان وَحمل على بغلة رائعة بزنارى وَاسْتقر على مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي مشيخة الخانكاه الناصرية بسرياقوس. وَقد تقدم سَفَره فِي شهر ربيع الأول سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين فَكَانَت غيبته بِالْهِنْدِ عشر سِنِين وَتِسْعَة أشهر وَعَاد بِغَيْر طائل. وَلم يرض الْأَمِير صرغتمش بولايته. وَفِي يَوْم السبت سَابِع عشريه: أُعِيد الْوَزير ابْن زنبور إِلَى تَسْلِيم قشتمر شاد

ص: 175

الدَّوَاوِين وَأمر بقتْله فعاقبه بقاعة الصاحب من قلعة الْجَبَل أَشد عُقُوبَة. فشق ذَلِك على الْأَمِير شيخو وعتب الْأَمِير طاز والأمير صرغتمش وَأَغْلظ فِي القَوْل وَمنع من التَّعَرُّض لِابْنِ زنبور وَأخرجه بعد الْمغرب من لَيْلَة الْإِثْنَيْنِ تَاسِع عشريه وَحمله فِي النّيل إِلَى قوص. وَكَانَت مُدَّة شدته ثَلَاثَة أشهر. وَلما قدم الْحَاج أخبروا أَن الشريف عجلَان مضى قبل قدوم الْحَاج إِلَيْهِ من مَكَّة يُرِيد جدة لأخذ مكس التُّجَّار الواردين فِي الْبَحْر. فَبعث اليه أَخُوهُ ثقبة يطْلب نصِيبه من ذَلِك فَأبى عجلَان أَن يدْفع لَهُ شَيْئا فَركب إِلَيْهِ ولقيه. فَلَمَّا نزلا غدر ثقبة بعجلان وقبص عَلَيْهِ وَقَيده وأسلمه لمن يحفظه وَركب ليَأْخُذ أَمْوَال عجلَان من وَادي نَخْلَة. فَلَمَّا أبعد ثقبة فِي السّير أفرج الموكلون بعجلان عَنهُ وأطلقوه فَرمى نَفسه على عرب بِالْقربِ مِنْهُ وتذمم مِنْهُم. فأنزلوه عِنْدهم وأركبوه لَيْلًا وصاروا بِهِ إِلَى بني حسن وَبني شُعْبَة وَأقَام عجلَان مَعَهم خَارج مَكَّة وَمن الْأَخْبَار كَذَلِك أَن الْحَاج لما قدم مَكَّة لم يجد بهَا أحدا من بني حسن وَلَا من العبيد وَأَن أسعار مَكَّة رخية وَأَن الْمُجَاهِد بِالْيمن منع التُّجَّار من الْمَجِيء إِلَى مَكَّة غيظا من أمرائها. وَفِي أول صفر: قَامَ الْأَمِير صرغتمش فِي أَمر أوقاف ابْن زنبور يُرِيد حلهَا وَبَيْعهَا وَقد حسن لَهُ ذَلِك الشريف شرف الدّين عَليّ بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد نقيب الْأَشْرَاف والشريف أَبُو الْعَبَّاس الصفراوي ولقناه فِي ذَلِك أموراً يحْتَج بهَا مِنْهَا أَن السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون لما قبض على كريم الدّين الْكَبِير أَرَادَ أَخذ أوقافه فَلم يُوَافقهُ على ذَلِك قَاضِي الْقُضَاة بدر الدّين مُحَمَّد بن جمَاعَة فندب السُّلْطَان من شهد على كريم الدّين بإشهاده لَهُ على نَفسه أَن جَمِيع مَا ملكه من الْعقار وَغَيره - وَقفه وطلقه - هُوَ من مَال السُّلْطَان دون مَاله. فَلَمَّا ثَبت ذَلِك بطريقة صَارَت أَمْلَاك كريم الدّين بأجمعها للسُّلْطَان فَأقر مَا كَانَ مِنْهَا وَقفا على حَاله وسعاه الْوَقْف الناصري وَتصرف فِيمَا لَيْسَ بوقف. فَلَمَّا اجْتمع الْقُضَاة الْأَرْبَعَة بدار الْعدْل من قلعة الْجَبَل فِي يَوْم الْخدمَة السُّلْطَانِيَّة على الْعَادة كَلمهمْ الْأَمِير صرغتمش فِي حل أوقاف ابْن زنبور فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين عبد الْعَزِيز بن جمَاعَة فِي الْإِنْكَار لذَلِك وساعده قَاضِي الْقُضَاة موفق الدّين عبد الله الْحَنْبَلِيّ وجبه صرغتمش بِكَلَام خشن وَقَالَ لَهُ: أخربت الْبَلَد بشرك يَا

ص: 176

صبي. هَذَا وصرغتمش يحاججهم وَيذكر قَضِيَّة أوقاف كريم الدّين فأجاباه بِأَن كريم الدّين كَانَت بِيَدِهِ جَمِيع أَمْوَال السُّلْطَان كلهَا مَا بَين خزانته وحواصله ومتاجره يتَصَرَّف فِيهَا بِرَأْيهِ فَلهَذَا سَاغَ أَن يثبت الْإِشْهَاد عَلَيْهِ بِأَن جَمِيع أملاكه وعقاراته وَغَيرهَا إِنَّمَا هِيَ من مَال السُّلْطَان دون مَاله. وَأما من لَهُ مَال من متجر أَو اكْتَسبهُ من مُبَاشرَة وَنَحْوهَا فَلَيْسَ لأحد أَن يتَعَرَّض لمَاله وَلَا يجوز نقض شىء وَقفه من ذَلِك وَلَا أَخذ مَا ملكه أَو وهبه من يَد من هُوَ فِي أَيْديهم فَإِن جَمِيع تَصَرُّفَاته فِي مَاله سَائِغَة بطريقها. فَذكر لَهُم صرغتمش أَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه شاطر عماله وَمَال الْوَزير جَمِيعه إِنَّمَا هُوَ مَال السُّلْطَان. فَعرض لَهُ قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين بِذكر الشريفين عَليّ بن حُسَيْن وَأبي الْعَبَّاس الصفراوي وَقَالَ يَا أَمِير: إِن كنت تبحث مَعنا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة بحثنا مَعَك وَإِن كَانَ أحد ذكرهَا لَك فليحضر حَتَّى نناظره فِيهَا فَإِنَّهُ مَا قصد بِذكر هَذِه الْمَسْأَلَة إِلَّا مصادرة سَائِر النَّاس وَأخذ أَمْوَالهم وَقَامُوا على الِامْتِنَاع وَالْإِنْكَار على من يُرِيد هَذَا وَنَحْوه. وَكَانَ صرغتمش قد وعد أم السُّلْطَان بِالدَّار الْمَعْرُوفَة بالسبع قاعات من أوقاف ابْن زنبور فَبعث لقَاضِي الْقُضَاة عز الدّين فِي ذَلِك فخوفها عَاقِبَة ذَلِك ومازال بهَا حَتَّى أَعرَضت عَن طلبه. فشق ذَلِك على الْأَمِير صرغتمش وَاشْتَدَّ حنقه حَتَّى مرض عدَّة أَيَّام مَرضا خيف عَلَيْهِ مِنْهُ فَتصدق بأموال جزيلة على الْفُقَرَاء وافتك أهل السجون. وَفِي أثْنَاء ذَلِك اتّفق الأميران شيخو وطاز على عزل صرغتمش من وَظِيفَة رَأس نوبَة ليقل شَره وتنحط رتبته وَيعود الْأَمِير شيخو رَأس نوبَة. فَلَمَّا عوفي صرغتمش نزل من القلعة إِلَى إصطبله المجاور لمدرسته فأشعلت لَهُ الشموع وَفَرح بِهِ سكان الصليبة وَتصدق صرغتمش بِمَال كَبِير. وَفِيه اجْتمع الْأُمَرَاء بِالْقصرِ بَين يَدي السُّلْطَان فِي الْخدمَة على الْعَادة وَذكروا أَمر توقف حَال الدولة من قلَّة حَاصِل بَيت المَال وخزانة الْخَاص وَأَن الْوَقْت مُحْتَاج إِلَى نظر الْأَمِير شيخو. وَكَانَ الْأَمِير شيخو مُنْذُ خرج من وَظِيفَة رَأس نوبَة ووليها الْأَمِير صرغتمش ترك التحدث فِي أَمر الدولة لصرغتمش وَصَارَ كالمشير. فَلَمَّا عينه الْأُمَرَاء فِي هَذَا الْيَوْم للتحدث كَمَا كَانَ امْتنع عَلَيْهِم فمازالوا بِهِ حَتَّى ألبوه التشريف وَولي على عَادَته بعد مَا شَرط عَلَيْهِم أَلا يتحدث أحد فِي أَمر جليل وَلَا حقير غَيره فَأَجَابُوا إِلَى ذَلِك. وَفِيه خلع أَيْضا على الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن بدر الدّين بيليك المحسني وَاسْتقر مشير الدولة رَفِيقًا للصاحب موفق الدّين على قَاعِدَة الأكوز فِي الدولة الناصرية.

ص: 177

وَفِيه اسْتَقر سيف الدّين قطلو شاد الدَّوَاوِين أَمِير طبلخاناه كَمَا كَانَ لُؤْلُؤ مَعَ الأكوز وَقيل للوزير أَلا يفصل أمرا دونهمَا وخرحوا من الْخدمَة. فَجَلَسَ ابْن المحسني من دَاخل الشباك بدار الوزارة من القلعة تجاه الْوَزير وَأمر بِكِتَابَة كلف الدولة. وَأَقْبل النَّاس إِلَى بَاب الْأَمِير شيخو فَصَارَت أُمُور الدولة كلهَا تصدر عَنهُ حَتَّى الإقطاعات. وَفِيه رسم بِإِبْطَال المقايضات والنزولات فِي الإقطاعات فَبَطل ذَلِك بعد مَا كَانَ قد فحش الْأَمر فِيهِ وَأخذ كتاب الْجَيْش مِنْهُ مَالا جزيلا. فتعطل كتاب الْجَيْش بِسَبَب ذَلِك ولاسيما بعد أَن رسم لَهُم أَلا يَأْخُذُوا رسماً فِي كل منشور أَو محاسبة سوى ثَلَاثَة دَرَاهِم وَكَانَ رسم ذَلِك عشْرين درهما. وَفِيه اسْتَقر أَن الْوَزير والمشير وَنَحْوهمَا يحْضرُون كل يَوْم إِلَى مجْلِس الْأَمِير شيخو ويطالعونه. بِمَا تحصل وَانْصَرف ويحضر إِلَيْهِ نَاظر الْجَيْش من الأشغال مَا شَاءَ حَتَّى تعطل حكم الْأَمِير قبلاي نَائِب السلطنة. وَفِي ربيع الأول: ورد الْخَبَر بوصول الصاحب علم الدّين بن زنبور إِلَى قبرص سالما وَقد نفي إِلَيْهَا. وَفِيه رفعت يَد نَاظر الْخَاص من وقف الصَّالح إِسْمَاعِيل وفوض نظره إِلَى الْأَمِير عز الدّين أزدمر الخازندار. وَفِيه قدم الْخَبَر بوصول الْأَمِير بيبغا روس إِلَى حلب وَقَتله فَكتب إِلَى الْأَمِير أرغون الكاملي نَائِب حلب بالشكر وَالثنَاء وَعمل وَحمل اليه تشريف وَأمر أَن يعْمل الْحِيلَة فِي إِحْضَار قراجا بن دلغادر وجهز إِلَيْهِ تشريف برسمه وتقليد تقدمة التركمان فاستدعاه الْأَمِير أرغون الكاملي نَائِب حلب ليلبس التشريف السلطاني وَيقْرَأ عَلَيْهِ التَّقْلِيد بِحَضْرَة أُمَرَاء حلب فَاعْتَذر عَن حُضُوره. فَلَمَّا قدم كتاب الْأَمِير أرغون الكاملي نَائِب حلب بذلك كتب لَهُ بالركوب اليه ومحاربته فَاعْتَذر بِأَنَّهُ قد حلف لَهُ قبل ذَلِك بِأَنَّهُ إِن سير إِلَيْهِ بيبغا روس لَا يحاربه. فشق ذَلِك على الْأُمَرَاء وَكَتَبُوا إِلَيْهِ بالإنكار عَلَيْهِ وجهز لَهُ الْأَمِير عز الدّين طقطاي الدوادار وَمَعَهُ الْكتب إِلَى نواب الشَّام بنجدة الْأَمِير أرغون الْكَامِل نَائِب حلب على قتال ابْن دلغادر فَسَار طقطاي فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ مستهل شهر ربيع الآخر. وَفِيه انحطت رُتْبَة الشريف أبي الْعَبَّاس الصفراوي. بِمَنْع الْأَمِير شيخو لَهُ من عبوره إِلَى دَاره وصعوده إِلَى القلعة. فثار عَلَيْهِ أعداؤه ونفوه من الشّرف وشنعوا عَلَيْهِ فالتجأ الشريف أَبُو الْعَبَّاس إِلَى الْأَمِير طاز حَتَّى كف عَنهُ من يقاومه. وَفِي يَوْم الْخَمِيس رابعه: سمر عِيسَى بن حسن شيخ العايد.

ص: 178

وَفِيه أعرس الْأَمِير أَخُو طاز بابنة الْأَمِير آقسنقر أنعم عَلَيْهِ بسبعة آلَاف دِينَار ومائتي قِطْعَة قماش وَعمل لَهُ مُهِمّ جليل. وَفِيه قدم من الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة جمَاعَة يَشكونَ من قاضيها شمس الدّين مُحَمَّد بن سبع فعين عوضه بدر الدّين ابراهيم بن أَحْمد بن عِيسَى الخشاب فَلم يجب حَتَّى اشْترط أَلا يُقيم بهَا سوى سنة وَاحِدَة وَأَن تَسْتَقِر وظائفه الَّتِي بِالْقَاهِرَةِ بيد نوابه فَأُجِيب بدر الدّين إِلَى ذَلِك وَولي قَضَاء الْمَدِينَة. وعزل أَيْضا عَن قَضَاء الْإسْكَنْدَريَّة لسوء سيرته وَولي عوضه الربعِي. وَفِيه اسْتَقر صدر الدّين سُلَيْمَان بن عبد الْحق فِي نظر الأحباس عوضا عَن شمس الدّين بن الصاحب. وَفِي يَوْم السبت حادي عشر ربيع الآخر: قدمت رسل الْمُجَاهِد صَاحب الْيمن وَمَعَهُمْ ابْنه الْملك النَّاصِر وعمره إِحْدَى عشرَة سنة. فأنزلوا بالميدان وَنزل اليهم الْأَمِير طاز حَتَّى عرضت عَلَيْهِ الْهَدِيَّة ثمَّ تمثلوا بَين يَدي السُّلْطَان بهديتهم قدر سِتِّينَ رَأْسا من الرَّقِيق بَقِيَّة ثَلَاثمِائَة مَاتُوا ومائتي شاش وَأَرْبَعمِائَة قِطْعَة صيني وَمِائَة وَخمسين نافجه مسك وَقرن زباد وعدة تفاصيل وَمِائَة وَخمسين قِنْطَارًا من الفلفل وَأَشْيَاء مَا بَين زنجبيل وَعَنْبَر وأفاويه وفيل وَاحِد وَذَلِكَ سوى هَدِيَّة لكل من الْأَمِير شيخو وطاز وقبلاي نَائِب السلطنة وللوزير علم الدّين بن زنبور. فَحملت الْهَدِيَّة السُّلْطَانِيَّة إِلَى الصاحب موفق الدّين فَلم يرض الْأُمَرَاء بذلك فَإِن هَدِيَّة الْمُؤَيد للْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون كَانَ فِيهَا قدر ألفي شاش. وَمَعَ ذك فَإِنَّهُ أنْفق على الرُّسُل مُنْذُ قدمُوا عيذاب إِلَى وصلوا إِلَى الميدان نَحْو مِائَتي ألف دِرْهَم وخلع على الْجَمِيع وتقرر لَهُم فِي كل يَوْم خَمْسمِائَة دِرْهَم وَلم يبْق أحد من الْأُمَرَاء حَتَّى عمل لَهُم ضِيَافَة. وَفِي يَوْم الْجُمُعَة سَابِع عشره: صلى قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين عبد الْعَزِيز بن جمَاعَة بالسلطان الْجُمُعَة على الْعَادة ثمَّ اجْتمع بالسلطان وَعِنْده الْأَمِير شيخو واستعفي من الْقَضَاء فَإِنَّهُ عزم على الْحَج والمحاورة وَاعْتذر بكبر سنه. فَلم يجب إِلَى ذَلِك فَمَا زَالَ يتلطف ويترفق حَتَّى - أُجِيب بِشَرْط أَن يعين للْقَضَاء من يختاره. فعين صهره وخليفته

ص: 179

على الحكم قَاضِي الْعَسْكَر تَاج الدّين مُحَمَّد بن إِسْحَاق الْمَنَاوِيّ فولاه السُّلْطَان الْقَضَاء وَأشْهد عَلَيْهِ بذلك فِي غيبته وانفضوا على ذَلِك. فَامْتنعَ الْمَنَاوِيّ من الْقبُول فَمَا زَالَ بِهِ قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين حَتَّى قبل فِي يَوْم السبت ثامن عشره. وَولي الْمَنَاوِيّ سهاب الدّين أَحْمد بن يُوسُف بن مُحَمَّد الْحلَبِي الْمَعْرُوف بِالسِّين وَغَيره فبادر النَّاس للسعي فِي وظائفه وَكَانَت جليلة وَكتب الْمَنَاوِيّ لبهاء الدّين أَحْمد بن تَقِيّ الدّين بن عَليّ بن السُّبْكِيّ بِقَضَاء الْعَسْكَر. وَمَا أذن عصر يَوْم السبت حَتَّى اجْتمع عِنْد الْأَمِير شيخو نَحْو سِتِّينَ قصَّة رفعت اليه بالسعي فِي وظائف الْمَنَاوِيّ فَقَامَ قَاضِي الْقُضَاة جمال الدّين عبد الله الْحَنَفِيّ وقاضي الْقُضَاة موفق الدّين عبد الله الْحَنْبَلِيّ فِي عود ابْن جمَاعَة إِلَى الْقَضَاء ومازالا بالأمير شيخو حَتَّى بعث بالأمير عز الدّين أزدمر الخازندار إِلَيْهِ فتلطف بِهِ إِلَى أَن أجَاب إِلَى استقراره فِي الْقَضَاء على عَادَته وَأَنه يتَوَجَّه إِلَى الْحجاز ويستخلف على الحكم والأوقاف إِلَى أَن يعود أَو تُدْرِكهُ الْوَفَاة. فاستدعي ابْن جمَاعَة فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ خَامِس عشريه وجددت لَهُ ولَايَة ثَانِيَة وخلع عَلَيْهِ وَنزل فِي موكب عَظِيم إِلَى دَاره. وَفِي يَوْم السبت: الْمَذْكُور توجه عز الدّين أيدمر السناني إِلَى الشَّام وَقدم الْأَمِير طقطاى الدوادار من حلب وَقد ألزم الْأَمِير أرغون الكاملي نَائِب حلب حَتَّى سَار لِحَرْب ابْن دلغادر وَأَتَاهُ نواب القلاع حَتَّى صَار فِي عشرَة آلَاف فَارس سوى الرجالة والتركمان. وَنزل الْأَمِير أرغون الكاملي على الأبلستين فنهبها وهدمها وَتوجه إِلَى قراجا بن دلغادر وَقد امْتنع بجبل عَال فقاتلوه عشْرين يَوْمًا فَقتل فِيهَا وجرح عدد كثير من الْفَرِيقَيْنِ. فَلَمَّا طَال الْأَمر نزل إِلَيْهِم قراجا بن دلغادر وَقَاتلهمْ صَدرا من النَّهَار قتالا شَدِيدا فاستمر الْقَتْل فِي تركمانه وَانْهَزَمَ إِلَى جِهَة الرّوم فَأخذت أَمْوَاله ومواشيه. وَصعد الْعَسْكَر إِلَى جبل فوجدوا فِيهِ من الأغنام والأبقار مَا لَا يكَاد ينْحَصر فاحتووا عَلَيْهَا بِحَيْثُ ضَاقَتْ أَيْديهم عَنْهَا وأبيع الرَّأْس من الْبَقر بِعشْرين إِلَى ثَلَاثِينَ درهما وَالرَّأْس من الضان بِثَلَاثَة دَرَاهِم والإكديش من أَرْبَعِينَ إِلَى خمسين درهما. وسبيت نساؤه وَنسَاء تركمانه وَأَوْلَاده وبيعوا بحلب وَغَيرهَا بالهوان فَكَانَت خِيَار بَنَاته تبَاع بِخَمْسِمِائَة دِرْهَم وظفروا بدفائن فِيهَا مَال كَبِير. وَفِي هَذَا الشَّهْر: أعلن بعض النَّصَارَى الواردين من الطّور بالقدح فِي الْملَّة الإسلامية فأحضر إِلَى القَاضِي تَاج الدّين الْمَنَاوِيّ وَسَأَلَهُ الْمَنَاوِيّ عَن سَبَب قدومه فَقَالَ: جِئْت أعرفكُم أَنكُمْ لَسْتُم على شَيْء وَلَا دين الا دين النَّصْرَانِيَّة وَمَا قلت هَذَا

ص: 180

إِلَّا لكَي أَمُوت شَهِيدا فَضَربهُ الْمَنَاوِيّ بالمقارع ضربا مبرحاً مُدَّة أُسْبُوع وَهُوَ يَقُول: عجل على الْقَتْل حَتَّى ألحق بِالشُّهَدَاءِ فَيَقُول لَهُ: مَا أعجل عَلَيْك غير الْعقُوبَة ثمَّ ضربت عُنُقه وأحرقت جثته. وَفِيه قدم الْبَرِيد من حلب بِأَن ابْن دلغادر لما انهزم تبعه الْعَسْكَر وأسروا ولديه وَنَحْو الْأَرْبَعين من أَصْحَابه وَنَجَا بِخَاصَّة نَفسه إِلَى ابْن أرتنا وَقد سبق الْكتاب إِلَيْهِ بإعمال الْحِيلَة فِي قَبضه. فَأكْرمه ابْن أرتنا وأواه ثمَّ قبض عَلَيْهِ وَحمله إِلَى حلب فَدَخلَهَا وسجن بقلعتها فِي ثَانِي عشرى شعْبَان. فَكتب إِلَى الْأَمِير أرغون الكاملي نَائِب حلب بِحمْلِهِ إِلَى مصر وأنعم عَلَيْهِ بِخَمْسِمِائَة ألف دِرْهَم مِنْهَا ثَلَاثمِائَة ألف من مَال دمشق وَبَاقِيه من مَال حلب. وأعفي الْأَمِير أرغون من تسيير الْقود الَّذِي جرت عَادَة نواب حلب بِحمْلِهِ إِلَى السُّلْطَان من الْخَيل وَالْجمال البخاتي والهجن والعراب وَمن البغال والقماش والجواري والمماليك وَقِيمَته خَمْسمِائَة ألف دِرْهَم. فَعظم بذلك شَأْن الْأَمِير أرغون الكاملي نَائِب حلب فَإِنَّهُ مَعَ صغر سنه كَانَ لَهُ أَرْبَعَة مماليك أُمَرَاء وَله ولد عمره ثَلَاث سِنِين أَمِير مائَة مقدم ألف فَلَمَّا مَاتَ هَذَا الْوَلَد أضيفت تقدمته إِلَى إقطاع النِّيَابَة وَكَانَ لأربعة من أخوته القادمين من الْبِلَاد وأقاربه أَربع إمرات. وَفِي ثَالِث جُمَادَى الْآخِرَة: سَافر الْأَمِير حسام الدّين طرنطاي إِلَى الْبِلَاد الشامية بعدة خُيُول لنواب الشَّام. وَفِي خامسه: عزل الْأَمِير بكتمر المؤمني أُمِّي آخور وَاسْتقر عوضه الْأَمِير قندس. وَكَانَ من خير آل مهنا أَنهم قووا وفخم أَمرهم حَتَّى صَار من أَوْلَاد مهنا بن عِيسَى وَأَوْلَادهمْ نَحْو مائَة وَعشرَة مَا مِنْهُم إِلَّا وَمن لَهُ إمرة وإقطاع. فبطروا وشنوا الغارات على الْبِلَاد وَقَطعُوا الطرقات على التُّجَّار حَتَّى امْتنعت السابلة وَذَلِكَ بعد موت السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد فَقبض على فياض وسجن واستقرت الإمرة لِأَخِيهِ جَبَّار فسكن الشَّرّ وسافرت القوافل. ثمَّ خلص فياض من السجْن بشفاعة الْأَمِير مغلطاي أَمِير آخور وَركب من الْقَاهِرَة وَلحق بأَهْله فَلَمَّا خامر بيبغا روس كتب لَهُ بالإمرة فَبعث أَوْلَاده بتقدمته. ثمَّ قدم سيف بن فضل فولى الإمرة وعزل فياض فَلم يُحَرك سَاكِنا حَتَّى توجه الْأَمِير أرغون الكاملي نَائِب حلب لقِتَال ابْن دلغادر فَكثر طمعه وفساده. ثمَّ ركب جَبَّار وفياض ابْنا مهنا إِلَى إقطاعاتهم الَّتِي خرجت عَنْهُم لسيف بن فضل وبريد بن تتر وقسموها وَرفعُوا مغلاتها. فَلم يطق سيف معارضتهم لقوتهم

ص: 181

وَكَثْرَة جمعهم فَبعث يعرفهُمْ أَن هَذِه الْبِلَاد قد أقطعها لَهُ السُّلْطَان فَردا عَلَيْهِ جَوَابا جَافيا. فَكتب إِلَيْهِمَا الْأَمِير أرغون الكاملي نَائِب حلب يعتب عَلَيْهِمَا فَلم يذعنا لَهُ فَكتب إِلَى السُّلْطَان والأمراء بذلك فَكتب إِلَيْهِمَا بالقدوم إِلَى الحضرة فاعتذرا عَن الْحُضُور. فَتوجه الْأَمِير قشتمر الحاحب لإحضار الْجَمِيع على الْبَرِيد فِي نصف شعْبَان فَلم يوافقاه وأجابا بالاعتذار فَعَاد قشتمر. وَقدم عمر بن مُوسَى بن مهنا بِهِ بقوده وسعى فِي الإمرة فأدركه سيف بن فضل بعد حُضُور الْأَمِير قشتمر وسعى حَتَّى اسْتَقر على إمرته شَرِيكا لعمر بن مُوسَى. وَفِيه أَيْضا كثر عَبث العربان بِبِلَاد الصَّعِيد وقووا على المقطعين وَقَامَ من شيوخهم رجل أحدب فَجمع جمعا كَبِيرا وَتسَمى بالأمير. فَقدم الْخَبَر فِي شعْبَان بِأَنَّهُم كبسوا نَاحيَة ملوى وَقتلُوا بهَا نَحْو ثَلَاثمِائَة رجل ونهبوا المعاصر وَأخذُوا حواصلها وذبحوا أبقارها وَأَن عرب منفلوط والمراغة وَغَيرهم قد نافقوا وَقَطعُوا بعض الجسور بالأشمونين. فَوَقع الِاتِّفَاق على الرّكُوب عَلَيْهِم بعد تخضير الْأَرَاضِي بالزراعة وَكتب إِلَى الْوُلَاة بتجهيز الإقامات. وَفِي يَوْم السبت سَابِع عشرى جُمَادَى الْآخِرَة: عمل الْأَمِير طاز وَلِيمَة عَظِيمَة بداره الَّتِي عمرها بِرَأْس الصليبة عِنْدَمَا كملت حضرها السُّلْطَان وَجَمِيع الْأُمَرَاء فَلَمَّا انْقَضى السماط قدم الْأَمِير طاز للسُّلْطَان أَرْبَعَة أرؤس خيل مسرجة ملجمة بسروج ذهب وكنابيش ذهب مطرز وَلكُل من الأميرين شيخو وصرغتمش فرسين وَلمن عداهما من الْأُمَرَاء كل وَاحِد فرسا وَلم يعْهَد قبل ذَلِك أَن أحدا من مُلُوك التّرْك بِمصْر نزل إِلَى بَيت أَمِير. وَفِيه ورد كتاب الْأَمِير أيتمش نَائِب طرابلس وَمَعَهُ محْضر ثَابت على قاضيها يتَضَمَّن أَن امْرَأَة من أهل طرابلس اسْمهَا نفيسة جميلَة الصُّورَة تزوجت بِثَلَاثَة أَزوَاج وَلم يقدر وَاحِد مِنْهُم على بَكَارَتهَا من غير مَانع مِنْهُم وظنوا أَنَّهَا رتقاء وطبقوها وَاحِدًا بعد وَاحِد. فَلَمَّا بلغت خمس عشرَة سنة غر ثدياها واعتراها النّوم لَيْلًا وَنَهَارًا وَصَارَ يخرج من فرجهَا شَيْء قَلِيلا قَلِيلا إِلَى أَن تشكل مِنْهُ ذكر صَغِير وأنثيين فكتمت أمرهَا إِلَى أَن خطبهَا رجل رَابِع وَلم يبْق إِلَّا العقد عَلَيْهَا فأطلعت أمهَا على أمرهَا فاشتهر ذَلِك بطرابلس وَأعلم بِهِ الْأَمِير أيتمش النَّائِب فَكتب بِهِ محضراً وجهزه إِلَى السُّلْطَان. وبرز الْمَذْكُور بَين النَّاس وَتسَمى عبد الله وَسَار إِلَى دمشق ووقف بَين يَدي نائبها أَمِير عَليّ فَسَأَلَهُ عَن حَاله فَأخْبرهُ. بِمَا ذكر فَأَخذه الْحَاجِب كجكن عِنْده وَأخْبر أَنه احْتَلَمَ ثَلَاث مَرَّات مُنْذُ صَار ذكرا فِي مُدَّة سِتَّة أشهر. ثمَّ نَبتَت لَهُ لحية سَوْدَاء وَصَارَ

ص: 182

من جملَة الأجناد وَلم تبْق فِيهِ من سمات النِّسَاء شَيْء سوى كَلَامه فَإِن فِيهِ أنوثة فَكتب بإحضاره إِلَى مصر فَكَانَ هَذَا من عجائب صنع الله. وَقد ذكر شَيخنَا عماد الدّين إِسْمَاعِيل بن عمر بن كثير فِي تَارِيخه أَنه اجْتمع بِهِ. وَفِيه وقف السُّلْطَان الْملك الصَّالح نَاحيَة سردوس من القليوبية على كسْوَة الْكَعْبَة وَكَانَت تعْمل بدار الطّراز فَيُؤْخَذ حريرها من التُّجَّار بِغَيْر ثمن يرضيهم. وأضيف إِلَيْهَا أَرَاضِي أخر مِمَّا تغل فِي السّنة مبلغ سِتِّينَ ألف دِرْهَم وَاسْتقر نظرها لوكيل بَيت المَال فاستمر ذَلِك فِيمَا بعد. وَفِيه قدم الْأَمِير طيبغا المجدي من دمشق فَلَزِمَ بَيته وَبَقِي على إقطاعه الَّذِي بِدِمَشْق. وَفِي يَوْم الْخَمِيس خَامِس عشرى رَمَضَان: وصل مقدم التركمان قراجا بن دلغادر وَهُوَ مُقَيّد فِي زنجير فأقيم بَين يدى السُّلْطَان وعددت ذنُوبه. ثمَّ أخرج إِلَى الْحَبْس فَلم يزل بِهِ إِلَى أَن قدم الْبَرِيد من حلب بِأَن جَبَّار بن مهنا استدعى أَوْلَادًا بن دلغادر فِي طَائِفَة كَبِيرَة من التركمان. لينجدوه على سيف. وَكَانَ سيف قد التجأ إِلَى بني كلاب فَالتقى الْجَمْعَانِ على تعبئة فانكسر التركمان وَقتل مِنْهُم نَحْو سَبْعمِائة رجل وَأخذ مِنْهُم سِتّمائَة إكديش. فَكتب السُّلْطَان من سرياقوس - وَكَانَ بهَا - إِلَى النَّائِب قبلاي بقتل ابْن دلغادر فَأخْرجهُ من السجْن إِلَى تَحت القلعة ووسطه فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ رَابِع عشر ذِي الْقعدَة بعد مَا أَقَامَ مسجوناً ثَمَانِيَة وَأَرْبَعين يَوْمًا. وَفِيه عزل ركن الدّين عَن مشيخة الشُّيُوخ بخانكاه سرياقوس وأعيد. وَأما العربان فَإِن الْأُمَرَاء عقدوا مشورا بَين يَدي السُّلْطَان فِي أَمرهم فتقرر الْحَال على التَّجْرِيد إِلَيْهِم فرسم للأمير سيف الدّين بزلار الْعمريّ أَن يتَوَجَّه إِلَى قوص بمضافيه وللأمير سيف الدّين أرلان والأمير قطلوبغا الذَّهَبِيّ أَن يتوجها. بمضافيهما إِلَى أَلْوَاح وتتمة ثَلَاثَة عشر مقدما. بمضافيهم من أُمَرَاء الطبلخاناه وَأَن يكون مقدمهم الْأَمِير شيخو وجهزت الإقامات برا وبحراً. فَأخذ الْعَرَب حذرهم فَتَفَرَّقُوا واختفوا وقدمت طَائِفَة مِنْهُم إِلَى مصر فَأخذُوا وَكَانُوا عشرَة. فَقبض مَا وجد مَعَهم من المَال وَحمل لأمير جندار فَإِنَّهُم كَانُوا فلاحيه وأتلفوا. فَلَمَّا برز الْحَاج إِلَى بركَة الْحجَّاج ركب الْأَمِير شيخو وَضرب حَلقَة على الركب ونادى من كَانَ عِنْده بدوي وأخفاه حل دَمه وفتش الْخيام وَغَيرهَا فَقبض على جمَاعَة فوسط بَعضهم وَأَفْرج عَن بعض. ثمَّ لما عَاد السُّلْطَان إِلَى الجيزة كبست تِلْكَ النواحي وحذر النَّاس من إخفاء العربان فَأخذ البحري والبري وقبضت خُيُول تِلْكَ

ص: 183

النواحي وسيوف أَهلهَا بأسرها. وَعرضت الرِّجَال فَمن كَانَ مَعْرُوفا أفرج عَنهُ وَمن لم يعرف أقرّ فِي الْحَدِيد وَحمل إِلَى السجْن. ورسم أَن الفلاحين تبيع خيولهم بِالسوقِ ويوردون أثمانها مِمَّا عَلَيْهِم من الْخراج فبيعت عدَّة خُيُول وَأورد أثمانها للمقطعين وَالْفرس الَّذِي لم يعرف لَهُ صَاحب حمل إِلَى إصطبل السُّلْطَان. وَكتب للأمير عز الدّين أزدمر الكاشف بِالْوَجْهِ البحري أَن يركب ويكبس الْبِلَاد الَّتِي لأرباب الجاه وَالَّتِي يَأْوِيهَا أهل الْفساد فَقبض على جمَاعَة كَثِيرَة ووسطهم وسَاق مِنْهُم إِلَى الْقَاهِرَة نَحْو ثَلَاثمِائَة وَخمسين رجلا وَمِائَة وَعشْرين فرسا وسلاحاً كثيرا. ثمَّ أحضر الْأَمِير أزدمر من الْبحيرَة سِتّمائَة وَأَرْبَعين فرسا فَلم يبْق بِالْوَجْهِ البحري فرس ورسم لقضاة الْبر وعدوله بركوب البغال والأكاديش. ثمَّ كبست البهنسا وبلاد الفيوم فَركب الأميران طاز وصرغتمش. بِمن مَعَهُمَا إِلَى الْبِلَاد وَقد مر أَهلهَا واختفى بَعضهم فِي حفائر تَحت الأَرْض. فقبضوا النِّسَاء وَالصبيان وعاقبوهم حَتَّى دلوهم على الرِّجَال فسفكوا دِمَاء كثيرين وعوقب كثير من النَّاس بِسَبَب من اختفي وَأخذت عدَّة أسلحة. وَاتفقَ لناحية النحريرية أَنه شهد على بعض نصاراها أَن جده كَانَ مُسلما فَحكم قاضيها بِإِسْلَامِهِ وحبسه حَتَّى يسلم. فَاجْتمع النَّصَارَى إِلَى الْوَالِي وأخرجوا الحبيس لَيْلًا فتصايحت الْعَامَّة من الغض بِالْقَاضِي فَغَضب الْوَالِي من ذَلِك وَطلب القَاضِي لينكر عَلَيْهِ مَا فعله فَقَامَتْ الْعَامَّة مَعَ القاضى وَأَغْلقُوا الحوانيت واجتمعوا ليرجموا الْوَالِي. فَجمع لَهُم الْوَالِي أَيْضا ليوقع بهم فحملوا عَلَيْهِ وهزموه حَتَّى خرج من الْبَلَد وهدموا كَنِيسَة كَانَت بهَا حَتَّى لم يبْق بهَا جِدَار قَائِم وأحرقوا مَا بهَا من الصلبان والتماثيل وعمروها مَسْجِدا ونبشوا قُبُور النَّصَارَى وأحرقوا رممهم وهموا يَأْخُذُونَ النَّصَارَى فَهَرَبُوا مِنْهُم وَكَانَ يَوْمًا مهولا. فَكتب الْوَالِي إِلَى الْأُمَرَاء والوزير بالشكاية من القَاضِي وَأَنه ضيع مَال السُّلْطَان وَهُوَ خَمْسمِائَة ألف دِرْهَم بتعرضه لِلنَّصْرَانِيِّ حَتَّى ثارت بِسَبَبِهِ الْفِتْنَة. وَكتب النَّصَارَى أَيْضا إِلَى الحسام أستادار العلائي - وَقد ترقى حَتَّى صَار أَمِير طبلخاناه - فَقَامَ مَعَ النَّصَارَى وَحدث الْأَمِير شيخو وشنع على القَاضِي وسعى فِي إِلْزَامه لإعادة الْكَنِيسَة من مَاله. فَطلب القَاضِي والوالي فحضرا وَعقد مجْلِس حَضَره الْقُضَاة الْأَرْبَعَة بِجَامِع القلعة وَمَعَهُمْ الْوَزير وَغَيره من أهل الدولة فانتصب الحسام لمخاصمة قَاضِي النحريرية ومازالوا حَتَّى انْفَضُّوا على غير رضى فأغرى الْأَمِير شيخو بِقِيَام الْقُضَاة مَعَ قَاضِي النحريرية وهول الْأَمر فانعقد الْمجْلس بَين

ص: 184

يَدَيْهِ وَقد امْتَلَأَ غَضبا على القَاضِي. فعندما اسْتَقر بهم الْمجْلس أغْلظ شيخو على القَاضِي وَأخذ الحسام ينهره ويخزيه بالْقَوْل وساعده على هَذَا الْأَمِير عز الدّين أزدمر كاشف الْوَجْه البحري حَتَّى يتَبَيَّن الْغَرَض. فامتعض لذَلِك الشَّيْخ أكمل الدّين مُحَمَّد بن مَحْمُود بن أَحْمد شيخ الْجَامِع الشيخوني يَوْمئِذٍ وَله اخْتِصَاص زَائِد بالأمير شيخو وَأخذ يتَكَلَّم مَعَه بالتركية فِي إِنْكَار مَا قَامَ فِيهِ الحسام من إِعَادَة الْكَنِيسَة وتعصبه على القَاضِي لِلنَّصَارَى وَخَوف الْأَمِير عَاقِبَة ذَلِك. فشاركه الحسام فِي الْكَلَام مَعَ الْأَمِير وَجرى على عَادَته فِي إِعَادَة الْكَنِيسَة فصدعه الْأَكْمَل بالإنكار وزجره وَمنعه من الْكَلَام فِي هَذَا وَقَالَ لَهُ: مَا يحل السَّلَام عَلَيْك فَإنَّك فد خرحت من الْإِسْلَام بتعصبك لِلنَّصَارَى. ومازال الشَّيْخ أكمل الدّين يلح فِي الْكَلَام حَتَّى رسم الْأَمِير شيخو بالكشف عَن الْوَاقِعَة لينْظر من تعدى من الرجلَيْن - القَاضِي أَو الْوَالِي ووكل بهما من يحفظهما حَتَّى يحضر الْكَشْف عَن أَمرهمَا. فَلَمَّا حضر الْكَشْف من وَالِي الْمحلة وَكَانَ قد حسن أَمرهمَا بِأَن ذكر أَن كلا مِنْهُمَا أَسَاءَ التَّدْبِير رسم بعزل الوالى وَالْقَاضِي. وَفِيه رسم بتجريد أجناد الْحلقَة إِلَى بِلَاد الصَّعِيد فَعرض النَّائِب قبلاي مقدمي الْحلقَة وَعين مِنْهُم تسعين مقدما اخْتَار مِنْهُم خَمْسَة وَعشْرين مقدما مَعَ كل مقدم عشرُون من أجناد الْحلقَة لتَكون عدَّة الْجُمْلَة خَمْسمِائَة فَارس فَبَيْنَمَا هم فِي تجهيز أَمرهم إِذْ ورد كتاب الْأَمِير بِأَنَّهُ لَا يحْتَاج إِلَى ذَلِك فبطلت تجريدتهم. وفيهَا كثرت المناسر بِظَاهِر الْقَاهِرَة فِي مُدَّة غيبَة السُّلْطَان وكبسوا عدَّة دور وركبوا الْخَيل وَضَاقَتْ بهم الرجالة فَعظم الضَّرَر بهم. وتتبع الْوَالِي آثَارهم حَتَّى ظهر أَنهم فِي نَاحيَة بلبيس فكبس عَلَيْهِم وَقبض مِنْهُم جمَاعَة اعْتَرَفُوا بعد - عقوبتهم على بَقِيَّة أَصْحَابهم فتتبعهم الْوُلَاة بالنواحي حَتَّى أخذوهم. ورتب فِي أثْنَاء ذَلِك أَرْبَعَة أُمَرَاء وأضيف إِلَيْهِم عدَّة من أجناد الْحلقَة للطَّواف بِاللَّيْلِ خَارج الْقَاهِرَة. وَركب الْوَالِي بجماعته طول اللَّيْل فِي الْقَاهِرَة وَسمر عدد كثير من أهل الْفساد بِالْقَاهِرَةِ ووسط خلق فِي النواحي. وَكتب إِلَى جَمِيع أَعمال الْوَجْه البحرى بألا يدعوا عِنْدهم مُفْسِدا وَلَا أحدا مِمَّن يتجمع إِلَيْهِم من بِلَاد الصَّعِيد والفيوم وَمن آواهم حل دَمه. وحذر أَيْضا من اقتناء الْخَيل بِجَمِيعِ الْأَعْمَال وألزموا بإحضارها. فَاشْتَدَّ طلب الْوُلَاة لذَلِك وَقبض على جمع كَبِير وَأخذت خُيُول وأسلحة كَثِيرَة.

ص: 185

وفيهَا استسقى أهل دمشق لتأخر نزُول الْمَطَر بعامة بِلَاد الشَّام حَتَّى بلغت الغرارة من الْقَمْح إِلَى مائَة وَعشْرين درهما بعد مَا كَانَت بِثَمَانِينَ درهما. فأغيثوا من ليلتهم وأمطروا كثيرا مُدَّة أُسْبُوع فَنزل سعر الْقَمْح فِي يَوْمه عشْرين درهما للغرارة. وفيهَا كثرت تزويرات المساطير وَغَيرهَا فَقَامَ فِي ذَلِك قَاضِي الْقُضَاة موفق الدّين الْحَنْبَلِيّ وتحدث مَعَ الْأَمِير شيخو فِيهِ حَتَّى رسم لَهُ بالفحص عَن ذَلِك ومقابلة من يَفْعَله. بِمَا يسْتَحقّهُ. فكبس قَاضِي الْقُضَاة عدَّة بيُوت وَأخرج مِنْهَا تزاوير كَثِيرَة وَقبض على جمَاعَة وعاقبهم وسجنهم وَلم يقبل فيهم شَفَاعَة أحد من الْأُمَرَاء. وَاشْتَدَّ الطّلب على ابْن أبي الحوافر فَإِنَّهُ كَانَ عجبا فِي محاكاة الخطوط وكبست دَاره فَوجدَ فِيهَا من تزويره كتب كَثِيرَة وَلم يقدر عَلَيْهِ لاختفائه. وفيهَا قدم نَفِيس الدواداري الدَّاودِيّ الْيَهُودِيّ التبريزي لمعالجة الْأَمِير قبلاى النَّائِب من ضَرْبَان المفاصل وَمَعَهُ ولداه وَهُوَ فِي خنزوانة وتعاظم. فَادّعى دَعْوَى عريضة وَأَرَادَ أَن يركب بغلة فَلم يُمكن من ذَلِك. وفيهَا ولدت امْرَأَة طفلين ملتصقين لكل مِنْهُمَا ثَلَاثَة أَيدي وَثَلَاثَة أرجل وَلَيْسَ لَهما قبل وَلَا دبره وفيهَا انحطت الأسعار بِأَرْض مصر حَتَّى بيع الأردب من الْقَمْح من عشرَة دَرَاهِم الى خَمْسَة عشر درهما. وفيهَا فَشَتْ الْأَمْرَاض فِي النَّاس بالاسكندرية وَالْوَجْه البحري كُله والقاهرة مُدَّة شَهْرَيْن وَبلغ عدَّة الْمَوْتَى فِي كل يَوْم مَا بَين الْخمسين إِلَى السِّتين. وفيهَا ولد السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف شعْبَان بن حُسَيْن بن مُحَمَّد بن قلاوون وفيهَا توجه ركب الْحجَّاج صُحْبَة الْأَمِير ركن الدّين عمر شاه الحاحب وَحج من الْأُمَرَاء الْأَمِير سيف الدّين كشلى والأمير سيف الدّين بزلار والأمير سيف الدّين طقطاي والأمير شهَاب الدّين أَحْمد بن آل ملك والأمير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن بكتمر الساقي والأمير ركن الدّين عمر بن طقزدمر وَحج الْخَلِيفَة المعتضد بِاللَّه أَبُو بكر

ص: 186

وَحج قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين عبد الْعَزِيز بن جمَاعَة وَالشَّيْخ بهاء الدّين عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عقيل. وَأسر السُّلْطَان والأمراء مدبرو الدولة إِلَى أَمِير الْحَاج وَمن صحبته من الْأُمَرَاء أَن يقبضوا على الشريف ثقبة ويقرروا الشريف عجلَان بمفرده على إِمَارَة مَكَّة. فَلَمَّا قدم الْحَاج بطن مر وَمضى عجلَان إِلَى لقائهم شكا إِلَى الْأُمَرَاء من أَخِيه ثقبة وَذكر مَا فعله مَعَه وَبكى. فطمنوا قلبه وَسَارُوا بِهِ مَعَهم حَتَّى لَقِيَهُمْ ثقبة فِي قواده وعبيده فألبسوه خلعة على الْعَادة ومضوا حافين بِهِ نَحْو مَكَّة وهم يحادثونه فِي الصُّلْح مَعَ أَخِيه عجلَان ويحسنون لَهُ ذَلِك وَهُوَ يَأْبَى موافقتهم حَتَّى أيسوا مِنْهُ. فَمد الْأَمِير كشلى يَده إِلَى سَيْفه فَقبض عَلَيْهِ وَأَشَارَ إِلَى من مَعَه فألقوه عَن فرسه وأخدوه وَمَعَهُ ابْن لعطيفة وَآخر من بني حسن وكبلوهم بالحديد ففر القواد وَالْعَبِيد. وأحضر عجلَان وألبس التشريف وعبروا بِهِ إِلَى مَكَّة فَلم يخْتَلف عَلَيْهِم اثْنَان. وَسلم ثقبة للأمير أَحْمد بن آل ملك فسر النَّاس بذلك. وَكثر حلب الغلال وَغَيرهَا فانحل السّعر عشْرين درهما الأردب. وَقبض على إِمَام الزيدية أبي الْقَاسِم مُحَمَّد بن أَحْمد اليمني وَكَانَ يُصَلِّي فِي الْحرم بطائفته ويتجاهر وَنصب لَهُ منبراً فِي الْحرم يخْطب عَلَيْهِ يَوْم الْعِيد وَغَيره. بمذهبه. فَضرب بالمقارع ضربا مبرحاً ليرْجع عَن مذْهبه فَلم يرجع وسجن ففر إِلَى وَادي نَخْلَة فَلَمَّا انْقَضى موسم الْحَاج حمل الشريف ثقبة مُقَيّدا إِلَى مصر وَبلغ النّيل فِي زِيَادَته إِلَى سِتَّة عشر أصبعاً من تِسْعَة عشر ذِرَاعا بعد مَا توقف فِي ابْتِدَاء الزِّيَادَة. وَكَانَ الْوَفَاء يَوْم الْأَحَد تَاسِع رَجَب وَهُوَ ثامن عشر مسرى وَفتح الخليج على الْعَادة. وَمَات فِيهَا أَمِين الدّين إِبْرَاهِيم بن يُوسُف الْمَعْرُوف بكاتب طشتمر وَولي نظر الْجَيْش فِي أَيَّام الصَّالح إِسْمَاعِيل ثمَّ عزل وَتوجه إِلَى الْقُدس حَتَّى أقدم الْأَمِير شيخو وَعَمله نَاظر ديوانه فَمَاتَ قَتِيلا بحلب فِي رَابِع عشر الْمحرم. وَمَات الْأَمِير بكلمش نَائِب طرابلس فِي أول الْمحرم. وَأَصله من مماليك صَاحب ماردين بَعثه إِلَى السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون فترقى فِي خدمته وأنعم عَلَيْهِ إِلَى أَن ولى نِيَابَة طرابلس فِي الْأَيَّام المظفرية وَكَانَ من أمره مَا ذكره. وَمَات الْأَمِير أَحْمد بن الساقي نَائِب حماة فِي أول الْمحرم. وَأَصله من الأويرانية وَبَعثه نَائِب البيرة فِي الْأَيَّام الناصرية فَأعْطَاهُ السُّلْطَان للأمير بكتمر الساقي ثمَّ أنعم عَلَيْهِ

ص: 187

السُّلْطَان بعد موت بكتمر بإمرة عشرَة ولقبه بِأَحْمَد الساقى ثمَّ أنعم عَلَيْهِ بإمره طبلخاناه وَعَمله شاد الشَّرَاب خاناه. وتنقل بعد موت السُّلْطَان فَعمل أَمِير شكار فِي الْأَيَّام المظفرية ثمَّ أخرج لنيابة صفد ثمَّ ولي نِيَابَة حماة حَتَّى كَانَ من أمره مَا كَانَ وَكَانَ شجاعاً أهوج جهولا مقداماً. وَمَات الْأَمِير بيبغا روس القاسمي أحد المماليك الناصرية. توفّي السُّلْطَان النَّاصِر مُحَمَّد ابْن قلاوون وَهُوَ من خاصكيته فترقى حَتَّى صَار فِي الْأَيَّام الصالحية إِسْمَاعِيل أَمِير طبلخاناه وَتمكن مِنْهُ حَتَّى كَانَ الصَّالح لَا يُفَارِقهُ سَاعَة وَاحِدَة. ثمَّ أنعم عَلَيْهِ فِي الْأَيَّام الكاملية شعْبَان ثمَّ ولي فِي الْأَيَّام الناصرية حسن نِيَابَة السلطنة فَشَكَرت سيرته فِيهَا ثمَّ قبض عَلَيْهِ بطرِيق الْحجاز وسجن ثمَّ أفرج عَنهُ. وَولى نِيَابَة حلب وَكَانَ من عصيانه مَا كَانَ حَتَّى لحق بقراجا بن دلغادر فاخذه وَبعث بِهِ إِلَى حلب فَقتل بهَا وَمَات الْأَمِير ألجيبغا العادلي فِي سَابِع ربيع الآخر بِدِمَشْق وَكَانَ فَارِسًا جواداً وَمَات الْأَمِير شعْبَان قريب يلبغا اليحياوي. وَكَانَ من جلة خَواص ألماس الحاحب فسجن عِنْد مسكه مُدَّة ثمَّ نفي إِلَى صفد. وأنعم عَلَيْهِ بعد مُدَّة بإمرة وَتوجه إِلَى حلب فِي نِيَابَة يلبغا اليحياوي ثمَّ سجن بعد موت يلبغا اليحياوي مُدَّة ثمَّ أفرج عَنهُ وأنعم عَلَيْهِ بإمرة وَقدم مصر ثمَّ توجه إِلَى دمشق فَمَاتَ بهَا. وَمَات الْأَمِير بيغرا المنصوري أحد أُمَرَاء الألوف بديار مصر وَهُوَ بطال بحلب وَكَانَ خيرا ولى الحجوبية. بِمصْر فَشَكَرت سيرته لجودة عقله وَمَات الْأَمِير بدر الدّين مَسْعُود بن أوحد بن مَسْعُود بن الخطير الرُّومِي فِي سَابِع شَوَّال ومولده لَيْلَة السبت سَابِع جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة بِدِمَشْق. ترقى فِي خدمَة الْأَمِير تنكز نَائِب الشَّام وَولي حاجباً بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ ولى نِيَابَة غَزَّة وطرابلس غير مرّة وَكَانَ مشكوراً. وَمَات الشريف أَمِير يَنْبع عِيسَى بن حسن الهجان فِي رَابِع ربيع الآخر. وَمَات قراجا بن دلغادر فِي رابععشر ذِي الْقعدَة.

ص: 188

وَمَات الشَّيْخ إِبْرَاهِيم بن الصَّائِغ فِي رَابِع عشرى رَجَب. وَمَات عمر بن مُسَافر الخواجا ركن الدّين أستاذ الْأَمِير شيخو وَغَيره من المماليك العمرية فِي عشرى ربيع الآخر. وَمَات الْوَزير علم الدّين عبد الله بن تَاج الدّين أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن زنبور بقوص فِي يَوْم الْأَحَد رَابِع عشر ذِي الْقعدَة. وَمَات أسعد خربه مُسْتَوْفِي الصُّحْبَة وَهُوَ أحد مسالمة الْكتاب فِي عشرى ذِي الْقعدَة. وَمَات شهَاب الدّين أَحْمد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن الشهَاب مَحْمُود بن سُلَيْمَان الْحلَبِي أحد موقعي الدست بِدِمَشْق. وَمَات شرف الدّين عبد الْوَهَّاب الشهَاب أَحْمد بن محيى الدّين يحيى بن فضل الله الْعمريّ أحد موقعي الدست بِدِمَشْق. وَمَات شرف الدّين عمر بن يُوسُف بن عبد الله بن يُوسُف بن أبي السفاح كَاتب سر حلب بهَا. وَمَات صدر الدّين مُحَمَّد بن الشّرف مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أبي الْقَاسِم الْمَيْدُومِيُّ أَبُو الْفَتْح الشَّيْخ الْمسند المعمر. حدث عَن النجيب وَغَيره. ومولده سنة أَربع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة. حَدثنَا عَنهُ وَتُوفِّي إِمَام الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحسن بن عبد الله بن أَحْمد بن مَيْمُون إِمَام الدّين بن زين الدّين بن الْمُحدث أَمِين الدّين أبي الْمَعَالِي بن الإِمَام الْقدْوَة قطب الدّين أبي بكر بن الْفَقِيه أبي الْعَبَّاس الْقَيْسِي الْقُسْطَلَانِيّ بِالْقَاهِرَةِ فِي الْمحرم ومولده بِمَكَّة سنة إِحْدَى وَسبعين وسِتمِائَة وَمَات جمال الدّين أَبُو الْحجَّاج يُوسُف بن الإِمَام شمس الدّين أبي مُحَمَّد أبي عبد الله ابْن الْعَفِيف مُحَمَّد بن يُوسُف بن عبد الْمُنعم بن سُلْطَان الْمَقْدِسِي النابلسي ثمَّ الدِّمَشْقِي الْحَنْبَلِيّ فِي رَجَب. ومولده بنابلس فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وسِتمِائَة حدث عَن جمَاعَة.

ص: 189

وَمَات الْفَقِيه الْمُحدث تَقِيّ الدّين مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَسْكَر بن مظفر نجم الطَّائِي. وَمَات القيراطي الْمصْرِيّ ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي فِي شَوَّال. حدث بِالْقَاهِرَةِ ودمشق ودرس بهما. وَقتل حسن بن هِنْد وَهُوَ الْحَاكِم بِمَدِينَة سنجار وبالموصل قَتله صَاحب ماردين وَكَانَت عَسَاكِر الشَّام حاصرته ثمَّ عَادَتْ عَنهُ. الْجُزْء الثَّالِث

ص: 190