الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَا جَاءَ فِي حَدِّ الذِّمِّيِّينَ
وَمَنْ قَالَ: إِنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِي الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ حَكَمَ حَكَمَ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ عز وجل، وَمَنْ قَالَ: عَلَيْهِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ وَلَيْسَ لَهُ الْخِيَارُ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللهُ عز وجل لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَهْلِ الْكِتَابِ: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} ، فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ بَيَانٌ وَاللهُ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ جَعَلَ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم الْخِيَارَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ أَوْ يُعْرِضُ عَنْهُمْ، وَجَعَلَ عَلَيْهِ إِنْ حَكَمَ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللهِ عز وجل: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ} [المائدة: 49]: إِنْ حَكَمْتَ، لَا عَزْمًا أَنْ تَحْكُمَ
17114 -
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو مَنْصُورٍ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَالشَّعْبِيِّ، قَالَا:" إِذَا ارْتَفَعَ أَهْلُ الْكِتَابِ إِلَى حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ إِنْ شَاءَ حَكَمَ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ شَاءَ أَعْرَضَ عَنْهُمْ، فَإِنْ حَكَمَ حَكَمَ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ عز وجل "
17115 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ، أنبأ أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا هُشَيْمٌ، أنبأ الْعَوَّامُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، فِي قَوْلِهِ:" {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 42]، قَالَ: بِالرَّجْمِ "
17116 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ:" خَلُّوا بَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَبَيْنَ حُكَّامِهِمْ، فَإِنِ ارْتَفَعُوا إِلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا عَلَيْهِمْ مَا فِي كِتَابِكُمْ "
17117 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، ثنا أَبُو عَوْفٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْزُوقٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا زُهَيْرٌ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، ثنا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا، فَقَالَ:" كَيْفَ تَعْمَلُونَ بِمَنْ زَنَى مِنْكُمْ؟ " قَالُوا: نَضْرِبُهُمَا وَنُحَمِّمُهُمَا بِأَيْدِينَا، فَقَالَ:" مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ؟ " قَالُوا: لَا نَجْدُ فِيهَا شَيْئًا، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ: كَذَبْتُمْ، فِي التَّوْرَاةِ الرَّجْمُ،
⦗ص: 430⦘
فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، فَجَاءُوا بِالتَّوْرَاةِ، فَوَضَعَ مِدْرَاسُهَا الَّذِي يَدْرُسُهَا كَفَّهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، فَطَفِقَ يَقْرَأُ مَا دُونَ يَدِهِ وَمَا وَرَاءَهَا، وَلَا يَقْرَأُ آيَةَ الرَّجْمِ، فَضَرَبَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ يَدَهُ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: هِيَ آيَةُ الرَّجْمِ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرُجِمَا قَرِيبٌ مِنْ حَيْثُ تُوضَعُ الْجَنَائِزُ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَرَأَيْتُ صَاحِبَهَا يَحْنِي عَلَيْهَا يَقِيهَا الْحِجَارَةَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ عَنْ زُهَيْرٍ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ
17118 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِيَهُودِيٍّ مُحَمَّمٍ مَجْذُومٍ، فَدَعَاهُمْ فَقَالَ لَهُمْ:" هَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، فَدَعَا رَجُلًا مِنْ عُلَمَائِهِمْ فَقَالَ:" أَنْشُدُكَ اللهَ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى هَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ؟ " فَقَالَ: اللهُمَّ لَا، وَلَوْلَا أَنَّكَ نَشَدْتَنِي بِهَذَا لَمْ أُخْبِرْكَ، نَجِدُ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِنَا الرَّجْمَ، وَلَكِنَّهُ كَثُرَ فِي أَشْرَافِنَا فَكُنَّا إِذَا أَخَذْنَا الشَّرِيفَ تَرَكْنَاهُ، وَإِذَا أَخَذْنَا الضَّعِيفَ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ، فَقُلْنَا: تَعَالَوْا فَلْنَجْتَمِعْ عَلَى شَيْءٍ نُقِيمُهُ عَلَى الشَّرِيفِ وَالضَّعِيفِ، فَاجْتَمَعْنَا عَلَى التَّحْمِيمِ وَالْجَلْدِ مَكَانَ الرَّجْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" اللهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا أَمْرًا إِذْ أَمَاتُوهُ " فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} [المائدة: 41]، إِلَى قَوْلِهِ:{يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} [المائدة: 41]، يَقُولُونَ: ائْتُوا مُحَمَّدًا فَإِنْ أَفْتَاكُمْ بِالتَّحْمِيمِ وَالْجَلْدِ فَخُذُوهُ، وَإِنْ أَفْتَاكُمْ بِالرَّجْمِ فَاحْذَرُوا، إِلَى قَوْلِهِ:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، قَالَ: فِي الْيَهُودِ إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45] قَالَ: فِي الْيَهُودِ، قَالَ: قَوْلُهُ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47]، قَالَ: فِي الْكُفَّارِ كُلُّهَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ
17119 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا، مِنْ عُزَيْنَةَ يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، حَدَّثَهُمْ، أَنَّ أَحْبَارَ يَهُودَ اجْتَمَعُوا فِي بَيْتِ الْمِدْرَاسِ حِينَ قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، وَقَدْ زَنَى مِنْهُمْ رَجُلٌ بَعْدَ إِحْصَانِهِ بِامْرَأَةٍ مِنَ الْيَهُودِ قَدْ أَحْصَنَتْ، فَقَالَ: انْطَلِقُوا بِهَذَا
⦗ص: 431⦘
الرَّجُلِ وَبِهَذِهِ الْمَرْأَةِ إِلَى مُحَمَّدٍ فَسَلُوهُ: كَيْفَ الْحَكَمُ فِيهِمَا؟ وَوَلُّوهُ الْحُكْمَ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ عَمِلَ بِعَمَلِكُمْ فِيهِمَا مِنَ التَّجْبِيَةِ، وَهُوَ الْجَلْدُ بِحَبْلٍ مِنْ لِيفٍ مَطْلِيٍّ بِقَارٍ ثُمَّ يُسَوَّدُ وُجُوهُهُمَا ثُمَّ يُحْمَلَانِ عَلَى حِمَارَيْنِ وَيُحَوَّلُ وُجُوهُهُمَا مِنْ قُبُلٍ إِلَى دُبُرِ الْحِمَارِ، فَاتَّبِعُوهُ وَصَدِّقُوهُ، فَإِنَّمَا هُوَ مَلِكٌ، وَإِنْ هُوَ حَكَمَ فِيهِمَا بِالرَّجْمِ، فَاحْذَرُوا عَلَى مَا فِي أَيْدِيكُمْ أَنْ يَسْلُبَكُمُوهُ، فَأَتَوْهُ فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ هَذَا الرَّجُلُ قَدْ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانِهِ بِامْرَأَةٍ قَدْ أَحْصَنْتَ، فَاحْكُمْ فِيهِمَا فَقَدْ وَلَّيْنَاكَ الْحُكْمَ فِيهِمَا، فَمَشَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى أَحْبَارَهُمْ فِي بَيْتِ الْمِدْرَاسِ فَقَالَ:" يَا مَعْشَرَ يَهُودَ أَخْرِجُوا إِلِيَّ أَعْلَمَكُمْ " فَأَخْرَجُوا إِلَيْهِ عَبْدَ اللهِ بْنَ صُورِيَا الْأَعْوَرَ، وَقَدْ رَوَى بَعْضُ بَنِي قُرَيْظَةَ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوا إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ مَعَ ابْنِ صُورِيَا أَبَا يَاسِرِ بْنَ أَخْطَبَ وَوَهْبَ بْنَ يَهُوذَا، فَقَالُوا: هَؤُلَاءِ عُلَمَاؤُنَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ خَطِلَ أَمْرُهُمْ، إِلَى أَنْ قَالُوا لِابْنِ صُورِيَا: هَذَا أَعْلَمُ مَنْ بَقِيَ بِالتَّوْرَاةِ، فَخَلَا بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ غُلَامًا شَابًّا مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا، فَأَلَظَّ بِهِ الْمَسْأَلَةَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَهُ:" يَا ابْنَ صُورِيَا أَنْشُدُكَ اللهَ وَأُذَكِّرُكَ أَيَّامَهُ عِنْدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ اللهَ حَكَمَ فِيمَنْ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانِهِ بِالرَّجْمِ فِي التَّوْرَاةِ؟ " فَقَالَ: اللهُمَّ نَعَمْ، أَمَا وَاللهِ يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّهُمْ لَيَعْرِفُونَ أَنَّكَ نَبِيُّ مُرْسَلٌ، وَلَكِنَّهُمْ يَحْسِدُونَكَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا عِنْدَ بَابِ مَسْجِدِهِ فِي بَنِي غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، ثُمَّ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ ابْنُ صُورِيَا، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} [المائدة: 41]، إِلَى قَوْلِهِ:{سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ} [المائدة: 41] يَعْنِي الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوهُ وَبَعَثُوا وَتَخَلَّفُوا وَأَمَرُوهُمْ بِمَا أَمَرُوهُمْ بِهِ مِنْ تَحْرِيفِ الْحُكْمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ، قَالَ:{يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} [المائدة: 41] لِلتَّجْبِيَةِ {وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ} [المائدة: 41] أَيِ الرَّجْمِ {فَاحْذَرُوا} [المائدة: 41]، إِلَى آخِرِ الْقِصَّةِ
17120 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى أَبُو الْأَصْبَغِ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا، مِنْ مُزَيْنَةَ يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " زَنَى رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ مِنَ الْيَهُودِ وَقَدْ أُحْصِنَا حِينَ قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، وَقَدْ كَانَ الرَّجْمُ مَكْتُوبًا عَلَيْهِمْ فِي التَّوْرَاةِ فَتَرَكُوهُ وَأَخَذُوا بِالتَّجْبِيَةِ يُضْرَبُ مِائَةً بِحَبْلٍ مَطْلِيٍّ بِقَارٍ، يُحْمَلُ عَلَى حِمَارٍ وَوَجْهُهُ مِمَّا يَلِي دُبُرَ الْحِمَارِ، فَاجْتَمَعَ أَحْبَارٌ مِنْ أَحْبَارِهِمْ فَبَعَثُوا قَوْمًا آخَرِينَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: سَلُوهُ عَنْ حَدِّ الزَّانِي، قَالَ: وَسَاقَ الْحَدِيثَ قَالَ فِيهِ: قَالَ:
⦗ص: 432⦘
وَلَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ دِينِهِ فَيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ فَخُيِّرَ فِي ذَلِكَ قَالَ: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ}
17121 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أنبأ الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ وَكِيعٌ: عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ قَابُوسِ بْنِ مُخَارِقٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، كَتَبَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه يَسْأَلُهُ عَنْ مُسْلِمٍ، زَنَى بِنَصْرَانِيَّةٍ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَنْ أَقِمِ الْحَدَّ، عَلَى الْمُسْلِمِ، وَادْفَعِ النَّصْرَانِيَّةَ إِلَى أَهْلِ دِينِهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ كَانَ هَذَا ثَابِتًا عِنْدَكَ فَهُوَ يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِي أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَوْ يَتْرُكَ الْحُكْمَ عَلَيْهِمْ، فَعُورِضَ بِحَدِيثِ بَجَالَةَ
17122 -
وَهُوَ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، بِبَغْدَادَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ بَجَالَةَ، يَقُولُ: كُنْتُ كَاتِبًا لِجَزِيِّ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَمِّ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ فَأَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ رضي الله عنه قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ: " اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ أَوْ سَاحِرَةٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِي مَحْرَمٍ مِنَ الْمَجُوسِ، وَانْهَوْهُمْ عَنِ الزَّمْزَمَةِ "، فَقَتَلْنَا ثَلَاثَةَ سَوَاحِرَ وَجَعَلْنَا نُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَحَرِيمِهَا فِي كِتَابِ اللهِ عز وجل، وَصَنَعَ طَعَامًا كَثِيرًا وَعَرَضَ السَّيْفَ عَلَى فَخِذِهِ، وَدَعَا الْمَجُوسَ فَأَلْقَوْا وِقْرَ بَغْلٍ أَوْ بَغْلَيْنِ مِنْ فِضَّةٍ، فَأَكَلُوا بِغَيْرِ زَمْزَمَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَبِلَ الْجِزْيَةَ مِنَ الْمَجُوسِ حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ
17123 -
أَخْبَرَنَا أَبَو سَعِيدٍ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ ثنا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقُلْتُ لَهُ: بَجَالَةُ رَجُلٌ مَجْهُولٌ، وَلَيْسَ بِالْمَشْهُوَرِ، وَلَسْنَا نَحْتَجُّ بِرِوَايَةِ مَجْهُولٍ، وَلَا نَعْرِفُ أَنْ جَزِيَّ بْنَ مُعَاوِيَةَ كَانَ عَامِلًا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْحُكْمَ بَيْنَهُمْ إِلَّا فِي الْمُوَادَعَيْنِ اللَّذَيْنِ رُجِمَا، وَلَا نَعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ بَعْدَهُ إِلَّا مَا رَوَى بَجَالَةُ مِمَّا يُوَافِقُ حُكْمَ الْإِسْلَامِ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه مِمَّا يُوَافِقُ قَوْلَنَا، فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ
⦗ص: 433⦘
يَحْكُمَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ، وَهَاتَانِ الرُّوَايَتَانِ، وَإِنْ لَمْ تُخَالِفْنَا، غَيْرُ مَعْرُوفَتَيْنِ عِنْدَنَا، وَنَحْنُ نَرْجُو أَنْ لَا نَكُونَ مِمَّنْ تَدَعُوهُ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ إِلَى قَبُولِ خَبَرِ مَنْ لَا يَثْبُتُ خَبَرُهُ بِمَعْرِفَتِهِ عِنْدَهُ كَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي كِتَابِ الْحُدُودِ، وَنَصَّ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ عَلَى أَنْ لَيْسَ لِلْإِمَامِ الْخِيَارُ فِي أَحَدٍ مِنَ الْمُعَاهِدِينَ الَّذِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمُ الْحُكْمُ إِذَا جَاءُوهُ فِي حَدِّ اللهِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَهُ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللهِ عز وجل:{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29]، قَالَ: فَكَانَ الصَّغَارُ، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ حُكْمُ الْإِسْلَامِ وَذَكَرَ فِي هَذَا الْكِتَابِ حَدِيثَ بَجَالَةَ فِي الْجِزْيَةِ وَقَالَ: حَدِيثُ بَجَالَةَ مُتَّصِلٌ ثَابِتٌ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ عُمَرَ رضي الله عنه، وَكَانَ رَجُلًا فِي زَمَانِهِ كَاتِبًا لِعُمَّالِهِ، وَكَأَنَّ الشَّافِعِيَّ رحمه الله لَمْ يَقِفْ عَلَى حَالِ بَجَالَةَ بْنِ عَبْدٍ، وَيُقَالُ: ابْنُ عَبْدَةَ، حِينَ صَنَّفَ كِتَابَ الْحُدُودِ، ثُمَّ وَقَفَ عَلَيْهِ حِينَ صَنَّفَ كِتَابَ الْجِزْيَةِ، إِنْ كَانَ صَنَّفَهُ بَعْدَهُ، وَحَدِيثُ بَجَالَةَ أَحَدُ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، فَتَرَكَهُ مُسْلِمٌ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمَدِينِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَحَدِيثُ عَلِيٍّ رضي الله عنه مُرْسَلٌ، وَقَابُوسُ بْنُ مُخَارِقٍ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي الْقَدِيمِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ: وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ عَنْ عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ عَنِ الْحَسَنِ
17124 -
وَإِنَّمَا عْنِي مَا أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أنبأ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنْ عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ: أَمَّا بَعْدُ فَسَلِ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي الْحَسَنِ: مَا مَنَعَ مَنْ قَبْلَنَا مِنَ الْأَئِمَّةِ أَنْ يَحُولُوا بَيْنَ الْمَجُوسِ وَبَيْنَ مَا يَجْمَعُونَ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَجْمَعُهُنَّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ غَيْرُهُمْ؟ قَالَ: فَسَأَلَ عَدِيٌّ الْحَسَنَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ " قَبِلَ مِنْ مَجُوسِ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ الْجِزْيَةَ، وَأَقَرَّهُمْ عَلَى مَجُوسِيَّتِهِمْ، وَعَامِلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْبَحْرَيْنِ الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ، وَأَقَرَّهُمْ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَقَرَّهُمْ عُمَرُ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما، وَأَقَرَّهُمْ عُثْمَانُ رضي الله عنه.
⦗ص: 434⦘
قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله: وَهَذَا الْأَثَرُ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ يُتْرَكُونَ وَأَمْرَهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ مَا لَمْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْنَا، فَإِذَا تَرَافَعُوا إِلَيْنَا فِي حُكْمٍ حَكَمْنَا بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ عز وجل وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ آيَةَ التَّخْيِيرِ فِي الْحُكْمِ صَارَتْ مَنْسُوخَةً