الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ ذِكْرِ تَزْوِيجِ فَاطِمَةَ رضي الله عنها بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَعَظِيمِ مَا شَرَّفَهُمَا اللَّهُ عز وجل بِهِ فِي التَّزْوِيجِ مِنَ الْكَرَامَاتِ الَّتِي خَصَّهُمَا اللَّهُ عز وجل بِهَا
1614 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رِزْقِ اللَّهِ الْكَلْوَذَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ خَالِدٍ الْبَجَلِيِّ ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ سَبْرَةَ بْنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ نجُْبَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها تُذْكَرُ ، فَلَا يَذْكُرُهَا أَحَدٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، إِلَّا أَعْرَضَ عَنْهُ ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الْأَنْصَارِيُّ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَرَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ بِهَا غَيْرَكَ ، فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: أَتَرَى ذَلِكَ؟ وَمَا أَنَا بِوَاحِدٍ مِنَ الرَّجُلَيْنِ ، مَا أَنَا بِذِي دُنْيَا يُلْتَمَسُ مَا عِنْدِي ، لَقَدْ عَلِمَ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مَا لِي حَمْرَاءَ وَلَا بَيْضَاءَ ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: لَتُفْرِجَنَّهَا عَنِّي ، أَعْزِمُ عَلَيْكَ لَتَفْعَلَنَّ قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه: فَأَقُولُ مَاذَا؟ قَالَ: تَقُولُ لَهُ: جِئْتُكَ خَاطِبًا إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ، فَإِنَّ لِي فِي ذَلِكَ فَرَحًا فَانْطَلَقَ عَلِيٌّ رضي الله عنه ، حَتَّى يَعْرِضَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«كَأَنَّ لَكَ حَاجَةً؟» فَقَالَ: أَجَلْ فَقَالَ: «هَاتِ»
⦗ص: 2126⦘
فَقَالَ لَهُ: جِئْتُكَ خَاطِبًا إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ ، فَاطِمَةَ ابْنَةَ مُحَمَّدٍ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَرْحَبًا مَرْحَبًا» وَلَمْ يَزِدْهُ عَلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ تَفَرَّقَا ، فَلَقِيَ عَلِيٌّ رضي الله عنه سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي كَلَّفْتَنِي ، فَمَا زَادَنِي عَلَى أَنْ رَحَّبَ بِي ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: بِالرِّفْعَةِ وَالْبَرَكَةِ ، قَدْ أَنْكَحَكَ وَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ ، إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَا يَخْلُفُ وَلَا يَكْذِبُ ، أَعْزِمُ عَلَيْكَ لَتَلْقِيَنَّهُ غَدًا ، وَلَتَقُولَنَّ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى تَبْنِي لِي؟ فَقَالَ لَهُ: هَذِهِ أَشَدُّ مِنَ الْأُولَى ، أَوَّلًا أَقُولُ حَاجَتِي ، فَقَالَ لَهُ: لَا فَانْطَلَقَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى تَبْنِي لِي؟ فَقَالَ لَهُ: «اللَّيْلَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» ثُمَّ انْصَرَفَ ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلَالًا ، فَقَالَ لَهُ: «إِنِّي قَدْ زَوَّجْتُ فَاطِمَةَ ابْنَتِي مِنَ ابْنِ عَمِّي ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَخْلَاقِ أُمَّتِي الطَّعَامُ عِنْدَ النِّكَاحِ ، اذْهَبْ يَا بِلَالُ إِلَى الْغَنَمِ ، فَخُذْ شَاةً وَخَمْسَةَ
⦗ص: 2127⦘
أَمْدَادٍ فَاجْعَلْ لِي قَصْعَةً لَعَلِّي أَجْمَعُ عَلَيْهَا الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ» قَالَ: فَفَعَلَ ذَلِكَ ، وَأَتَاهُ بِهَا حِينَ فَرَغَ ، فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ: فَطَعَنَ فِي أَعْلَاهَا ثُمَّ تَفَلَ فِيهَا وَبَرَّكَ ، ثُمَّ قَالَ:«ادْعُ النَّاسَ إِلَى الْمَسْجِدِ ، وَلَا تُفَارِقْ رُفْقَةً إِلَى غَيْرِهَا» فَجَعَلُوا يَرِدُونَ عَلَيْهَا رُفْقَةً رُفْقَةً ، كُلَّمَا نَهَضَتْ رُفْقَةٌ ، وَرَدَتْ أُخْرَى ، حَتَّى تَتَابَعُوا ، ثُمَّ كَفَتْ فَتَفَلَ عَلَيْهِ وَبَرَّكَ ، ثُمَّ قَالَ:" يَا بِلَالُ احْمِلْهَا إِلَى أُمْهَاتِكَ ، وَقُلْ لَهُنَّ: كُلْنَ وَأَطْعِمْنَ مَنْ غَشِيَكُنَّ" فَفَعَلَ ذَلِكَ بِلَالٌ ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ لَهُنَّ:«إِنِّي قَدْ زَوَّجْتُ ابْنَتِي مِنَ ابْنِ عَمِّي ، وَقَدْ عَلِمْتُنَّ مَنْزِلَتَهَا مِنِّي وَإِنِّي دَافِعُهَا إِلَيْهِ الْآنَ ، فَدُونَكُنَّ ابْنَتَكُنَّ» فَقُمْنَ إِلَى الْفَتَاةِ ، فَعَلِقْنَ عَلَيْهَا مِنْ حُلِيِّهِنَّ ، وَطَيَّبْنَهَا ، وَجَعَلْنَ فِي بَيْتِهَا فِرَاشًا حَشُوهُ لِيفًا ، وَوِسَادَةً وَكِسَاءً خَيْبَرِيًّا وَمُخَضَّبًا ، وَاتَّخَذْنَ أُمَّ أَيْمَنَ بَوَّابَةً ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْبَلَ هُوَ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه ، حَتَّى جَلَسَا مَجْلِسَهُمَا ، وَفَاطِمَةُ رضي الله عنها مَعَ النِّسَاءِ ، وَبَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِجَابٌ ، فَهَتَفَ:«يَا فَاطِمَةُ» رضي الله عنها وَهِيَ فِي بَعْضِ بُيُوتِهِ ، فَأَقْبَلَتْ ، فَلَمَّا رَأَتْ زَوْجَهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَصِرَتْ وَبَكَتْ ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«ادْنِي مِنِّي» فَدَنَتْ مِنْهُ ، وَأَخَذَ بِيَدِهَا وَيَدِ عَلِيٍّ ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ كَفَّهَا فِي كَفِّهِ ، حَصِرَتْ وَدَمِعَتْ عَيْنَاهَا ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ إِلَى عَلِيٍّ وَأَشْفَقَ أَنْ يَكُونَ بُكَاهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ ، فَقَالَ لَهَا:«مَا أَلَوْتُكِ وَنَفْسِي لَقَدْ زَوَّجْتُكِ خَيْرَ أَهْلِي ، وَأَيْمُ اللَّهِ ، لَقَدْ زَوَّجْتُكِ سَيِّدًا فِي الدُّنْيَا ، وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الصَّالِحِينَ» قَالَ: فَلَانَ مِنْهَا ، وَأَمْكَنَتْهُ مِنْ كَفِّهَا ، فَقَالَ لَهُمَا:«اذْهَبَا إِلَى بَيْتِكُمَا ، جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَكُمَا ، وَأَصْلَحَ بَالَكُمَا لَا تَهِيجَا سَبَبًا حَتَّى آتِيكُمَا» فَأَقْبَلَا حَتَّى جَلَسَا مَجْلِسَهُمَا ، وَعِنْدَهُمَا أُمَّهَاتُ
⦗ص: 2128⦘
الْمُؤْمِنِينَ وَالنِّسَاءُ ، وَبَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ عَلِيٍّ حِجَابٌ ، وَفَاطِمَةُ مَعَ النِّسَاءِ ، ثُمَّ أَقْبَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى دَقَّ الْبَابَ ، فَقَالَتْ لَهُ أُمُّ أَيْمَنَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: «أَنَا رَسُولُ اللَّهِ» وَفَتَحَتْ لَهُ الْبَابَ ، وَهِيَ تَقُولُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَثِمَ أَخِي يَا أُمَّ أَيْمَنَ؟» فَقَالَتْ لَهُ: وَمَنْ أَخُوكَ؟ فَقَالَ: «عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ» رضي الله عنه فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هُوَ أَخُوكَ وَتُزَوِّجُهُ ابْنَتَكَ؟ فَقَالَ:«نَعَمْ» فَقَالَتْ لَهُ: إِنَّمَا يُعْرَفُ الْحِلُّ وَالْحَرَامُ بِكَ فَدَخَلَ وَخَرَجْنَ النِّسَاءُ مُسْرِعَاتٌ ، وَبَقِيَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ ، فَلَمَّا بَصُرَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُقْبِلًا بَهَشَتْ لِتَخْرُجَ ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«عَلَى رِسْلِكِ مَنْ أَنْتِ؟» فَقَالَتْ: أَنَا أَسْمَاءُ ابْنَةُ عُمَيْسٍ بِأَبِي وَأُمِّي ، إِنَّ الْفَتَاةَ لَيْلَةَ يُبْنَى بِهَا لَا غِنًى بِهَا عَنِ امْرَأَةٍ ، إِنْ حَدَثَ لَهَا حَاجَةٌ أَفَضَتْ بِهَا إِلَيْهَا ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا أَخْرَجَكِ إِلَّا ذَلِكَ؟» فَقَالَتْ: إِي وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ، مَا أَكْذِبُ وَالرُّوحُ الْأَمِينُ عليه السلام يَأْتِيكَ ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«فَأَسْأَلُ إِلَهِي أَنْ يَحْرُسَكِ مِنْ فَوْقِكِ ، وَمِنْ تَحْتِكِ ، وَمِنْ بَيْنَ يَدَيْكِ ، وَمِنْ خَلْفِكِ ، وَعَنْ يَمِينِكِ ، وَعَنْ شِمَالِكِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، نَاوِلِينِي الْمِخْضَبِ ، وَامْلَئِيهِ مَاءً» قَالَ: فَنَهَضَتْ أَسْمَاءُ ابْنَةُ عُمَيْسٍ فَمَلَأَتِ الْمِخْضَبِ مَاءً ، ثُمَّ أَتَتْهُ بِهِ ، فَمَلَأَ فَاهُ ثُمَّ مَجَّهُ فِيهِ ، ثُمَّ قَالَ:«اللَّهُمَّ إِنَّهُمَا مِنِّي ، وَأَنَا مِنْهُمَا ، اللَّهُمَّ كَمَا أَذْهَبْتَ عَنِّي الرِّجْسَ وَطَهَّرْتَنِي ، فَطَهِّرْهُمَا» ثُمَّ دَعَا فَاطِمَةَ ، فَقَامَتْ إِلَيْهِ وَعَلَيْهَا النُّقْبَةُ وَإِزَارُهَا ، فَضَرَبَ كَفًّا مِنْ بَيْنِ ثَدْيَيْهَا وَأُخْرَى بَيْنَ عَاتِقَيْهَا ، وَبِأُخْرَى عَلَى هَامَتِهَا ، ثُمَّ نَضَحَ جِلْدَهَا وَجِلْدَهُ ، ثُمَّ الْتَزَمَهُمَا ، ثُمَّ قَالَ:«اللَّهُمَّ إِنَّهُمَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمَا ، اللَّهُمَّ كَمَا أَذْهَبْتَ عَنِّي الرِّجْسَ وَطَهَّرْتَنِي ، فَطَهِّرْهُمَا» ثُمَّ أَمَرَهُ بِبَقِيَّتِهِ أَنْ تَشْرَبَ وَتُمَضْمِضَ وَتَسْتَنْشِقَ وَتَتَوَضَّأَ ، ثُمَّ دَعَا بِمِخْضَبٍ آخَرَ ، فَصَنَعَ بِهِ كَمَا صَنَعَ بِصَاحِبِهِ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَدَعَا لَهُ كَمَا دَعَا لَهَا ، ثُمَّ أَغْلَقَ عَلَيْهِمَا بَابَهُمَا وَانْطَلَقَ ،
⦗ص: 2129⦘
فَزَعَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ عَنْ أَسْمَاءِ بِنْتِ عُمَيْسٍ: أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يَدْعُو لَهُمَا خَاصَّةً حَتَّى وَارَتْهُ حُجْرَتُهُ ، حَتَّى مَا يُشْرِكَ مَعَهُمَا فِي دُعَائِهِ أَحَدًا
1615 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْعَطَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ نَهَارِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَحْيَى ، عَنْ يَعْلَى التَّيْمِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ خِيَارٍ ابْنُ عَمِّ ، يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ الْغَرْقِيُّ ، بِسَاحِلِ دِمَشْقَ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: بَيْنَا أَنَا قَاعِدٌ ، عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ غَشِيَهُ الْوَحْي ، فَلَمَّا سَرَى عَنْهُ قَالَ لِي:«يَا أَنَسُ ، تَدْرِي مَا جَاءَنِي بِهِ جِبْرِيلُ عليه السلام مِنْ صَاحِبِ الْعَرْشِ عز وجل؟» قُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي مَا جَاءَكَ بِهِ جِبْرِيلُ عليه السلام مِنْ صَاحِبِ الْعَرْشِ عز وجل؟ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل أَمَرَنِي أَنْ أُزَوِّجَ فَاطِمَةَ مِنْ عَلِيٍّ ، انْطَلِقْ وَادْعُ لِي أَبَا بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَعُثْمَانَ ، وَعَلِيًّا ، وَطَلْحَةَ ، وَالزُّبَيْرَ ، وَبِعِدَّتِهِمْ مِنَ الْأَنْصَارِ» قَالَ: فَدَعَوْتُهُمْ ، فَلَمَّا أَخَذُوا مَقَاعِدَهُمْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَحْمُودُ بِنِعْمَهِ ، الْمَعْبُودُ بِقُدْرَتِهِ ، الْمُطَاعُ بِسُلْطَانِهِ ، الْمَرْغُوبُ إِلَيْهِ فِيمَا عِنْدَهُ ، الْمَرْهُوبُ مِنْ عَذَابِهِ ، النَّافِذُ أَمْرَهُ فِي أَرْضِهِ وَسَمَائِهِ ، الَّذِي خَلَقَ الْخَلْقَ بِقُدْرَتِهِ ، وَمَيَّزَهُمْ بِأَحْكَامِهِ ، وَأَعَزَّهُمْ بِدِينِهِ ، وَأَكْرَمَهُمْ بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ،
⦗ص: 2130⦘
ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عز وجل جَعَلَ الْمُصَاهَرَةَ نَسَبًا لَاحِقًا ، وَأَمْرًا مُفْتَرَضًا ، وَشَجَّ بِهِ الْأَرْحَامَ ، وَأَلْزَمَهَا الْأَنَامَ ، فَقَالَ تَبَارَكَ اسْمُهُ ، وَتَعَالَى ذِكْرُهُ:{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} [الفرقان: 54] فَأَمْرُ اللَّهِ عز وجل يَجْرِي إِلَى قَضَائِهِ ، وَقَضَاؤُهُ يَجْرِي إِلَى قَدَرِهِ ، فَلِكُلِّ قَدَرٍ أَجَلٌ ، وَلِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ، يَمْحُ اللَّهُ مَا يَشَاءَ وَيُثَبِّتُ ، وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عز وجل أَمَرَنِي أَنْ أُزَوِّجَ فَاطِمَةَ مِنْ عَلِيٍّ ، وَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ زَوَّجْتُهُ عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ مِثْقَالِ فِضَّةٍ ، إِنَّ رَضِيَ بِذَلِكَ عَلِيٌّ " وَكَانَ عَلِيٌّ رضي الله عنه غَائِبًا قَدْ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَاجَةٍ ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِطَبَقٍ فِيهِ بُسْرٌ فَوَضَعَ بَيْنَ أَيْدِينَا ، ثُمَّ قَالَ: «انْتَهِبُوا» فَبَيْنَا نَحْنُ نَنْتَهِبُ إِذَ أَقْبَلَ عَلِيٌّ رضي الله عنه ، فَتَبَسَّمَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: «يَا عَلِيٌّ ، إِنَّ اللَّهَ عز وجل أَمَرَنِي أَنْ أُزَوِّجَكَ فَاطِمَةَ ، وَقَدْ زَوَّجْتُكُهَا عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ مِثْقَالِ فِضَّةٍ إِنْ رَضِيتَ» فَقَالَ عَلِيٌّ: قَدْ رَضِيتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ إِنَّ عَلِيًّا مَالَ ، فَخْرَ سَاجِدًا شُكْرًا لِلَّهِ عز وجل ، الَّذِي حَبَّبَنِي إِلَى خَيْرِ الْبَرِيَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكُمَا ، وَبَارَكَ فِيكُمَا ، وَأَسْعَدَ جَدَّكُمَا ، وَأَخْرَجَ مِنْكُمَا الْكَثِيرَ الطَّيِّبَ» قَالَ أَنَسٌ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَخْرَجَ مِنْهُمَا الْكَثِيرَ الطَّيِّبَ "
1616 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ أَيْضًا قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو
⦗ص: 2131⦘
أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ خَالِدِ بْنِ عُمَرَ السَّلَفِيُّ وَيُعْرَفُ خَالِدٌ: بِأَبِي الْأَخْيَلِ الْحِمْصِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَصَابَ فَاطِمَةَ رضي الله عنها صَبِيحَةَ الْعُرْسِ رِعْدَةٌ ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«زَوَّجْتُكِ سَيِّدًا فِي الدُّنْيَا ، وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لِمَنِ الصَّالِحِينَ ، يَا فَاطِمَةُ؛ لَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَمْلِكَ لِعَلِيٍّ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى شَجَرَ الْجِنَّانِ ، فَحَمَلَتِ الْحُلَلَ وَالْحُلِيَّ ، وَأَمَرَهَا فَنَثَرَتْهُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ ، فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ شَيْئًا أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَ صَاحِبُهُ وَأَحْسَنَ افْتَخَرَ بِهِ عَلَى صَاحِبِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَلَقَدْ كَانَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها تَفْتَخِرُ عَلَى النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ مَنْ خَطَبَ عَلَيْهَا جِبْرِيلُ عليه السلام "
1617 -
وَحَدَّثَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ أَيْضًا قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ الْقَرْبِيطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ عَمْرِو ، بَصْرَى قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ آبَائِهِ رضي الله عنهم ، ذَكَرَ قِصَّةَ تَزْوِيجِ فَاطِمَةَ رضي الله عنها بِطُولِهِ إِلَى لَيْلَةِ زِفَافِهَا ، وَقِصَّةَ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ ، فَقَالَتْ لَهُ أَسْمَاءُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ خَطَبَهَا إِلَيْكَ ذَوُو الْأَسْنَانِ وَالْأَمْوَالِ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَلَمْ تُزَوِّجْهُمْ ، وَزَوَّجْتَهَا هَذَا الْغُلَامَ؟ فَقَالَ:«يَا أَسْمَاءُ ، سَتُزَوَّجِينَ بِهَذَا الْغُلَامِ ، وَتَلِدِينَ لَهُ غُلَامًا» قَالَ: فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ ، فَقَالَ:«يَا سَلْمَانُ ، ائْتِنِي بِبَغْلَتِي الشَّهْبَاءِ» فَأَتَاهُ بِبَغْلَتِهِ الشَّهْبَاءِ ، فَحَمَلَ عَلَيْهَا فَاطِمَةَ رضي الله عنها ، فَكَانَ سَلْمَانُ يَقُودُ بِهَا ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسُوقُ بِهَا ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ؛ إِذْ سَمِعَ حِسًّا خَلْفَ ظَهْرِهِ ، فَالْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ وَجَمْعٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ كَثِيرٌ ، فَقَالَ:«يَا جِبْرِيلُ ، مَا أَنْزَلَكُمْ؟» قَالُوا: نَزَلْنَا نَزُفُّ فَاطِمَةَ إِلَى زَوْجِهَا ، فَكَبَّرَ جِبْرِيلُ ، ثُمَّ كَبَّرَ مِيكَائِيلُ ، ثُمَّ كَبَّرَ إِسْرَافِيلُ ، ثُمَّ كَبَّرَتِ الْمَلَائِكَةُ ، ثُمَّ كَبَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، ثُمَّ كَبَّرَ سَلْمَانُ ، فَصَارَ التَّكْبِيرُ خَلْفَ الْعَرَائِسِ سُنَّةً مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ ، فَجَاءَ بِهَا فَأَدْخَلَهَا عَلِيٌّ رضي الله عنه فَأَجْلَسَهَا إِلَى جَنْبِهِ عَلَى الْحَصِيرِ الْقَطْرِيِّ ، ثُمَّ قَالَ «يَا عَلِيٌّ ، هَذِهِ
⦗ص: 2133⦘
بِنْتِي ، فَمَنْ أَكْرَمَهَا فَقَدْ أَكْرَمَنِي ، وَمَنْ أَهَانَهَا فَقَدْ أَهَانَنِي» ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَيْهِمَا وَاجْعَلْ مِنْهُمَا ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ، إِنَّكَ سُمَيْعُ الدُّعَاءِ " ثُمَّ وَثَبَ 0000 وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: قَدْ وَاللَّهِ بَارَكَ فِيهِمَا ، وَبَارَكَ فِي وَلَدَيْهِمَا ، وَفِي ذُرِّيَّتِهِمَا الطَّيِّبَةِ الْمُبَارَكَةِ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ ، الَّذِي لَا يُحِبُّهُمُ إِلَّا مُؤْمِنٌ ، وَلَا يَشْنَأُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ
1618 -
حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ هَارُونُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي
⦗ص: 2134⦘
عُمَرَ الْعَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمَدِينِيِّ ، وَعِكْرِمَةَ ، أَوْ أَحَدِهِمَا ، عَنْ أَسْمَاءِ ابْنَةِ عُمَيْسٍ قَالَتْ: لَمَّا أُهْدِيَتْ فَاطِمَةُ إِلَى عَلِيٍّ رضي الله عنهما لَمْ يُوجَدْ فِي بَيْتِهِ إِلَّا رَمَلٌ مَبْسُوطٌ ، وَوِسَادَةٌ حَشُوهَا لِيفًا ، وَكُوزًا وَجَرَّةً ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ فَقَالَ:«لَا تَقْرَبْ أَهْلَكَ حَتَّى آتِيَكَ» فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «أَثَمَّ أَخِي» فَقَالَتْ أُمُّ أَيْمَنَ: أَهُوَ أَخُوكَ وَزَوَّجْتُهُ ابْنَتَكَ؟ قَالَ: «إِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ يَا أُمَّ أَيْمَنَ» قَالَتْ: ثُمَّ دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ فَقَالَ فِيهِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ ، ثُمَّ نَضَحَ بِهِ وَجْهَ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَصَدْرَهُ ، ثُمَّ دَعَا فَاطِمَةَ رضي الله عنها فَقَامَتْ إِلَيْهِ تَعْثُرُ فِي مِرْطِهَا مِنَ الْحَيَاءِ قَالَتْ: فَنَضَحَ عَلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ ، وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ قَالَتْ: ثُمَّ رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَوَادًا مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ ، أَوْ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ ، فَقَالَ:«مَنْ هَذَا؟» فَقَالَتْ: أَسْمَاءُ ، فَقَالَ:«أَسْمَاءُ ابْنَةُ عُمَيْسٍ؟» قَالَتْ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «أَمَعَ ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جِئْتِ كَرَامَةً لِرَسُولِ اللَّهُ صلى الله عليه وسلم؟» قَالَتْ نَعَمْ ، إِنَّهُ لَابُدَّ لِلْفَتَاةِ مِنَ امْرَأَةٍ تَكُونُ مَعَهَا قَالَتْ: فَدَعَا لِي بِدُعَاءٍ ، إِنَّهُ لَأَوْثَقُ عَمَلِي عِنْدِي قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجَ فَوَلَّى ، فَلَمْ يَزَلْ يَدْعُو لَهُمَا حَتَّى تَوَارَى فِي حُجْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم "