الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ ذِكْرِ دَفْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: لَمْ يَخْتَلِفْ جَمِيعُ مَنْ شَمِلَهُ الْإِسْلَامُ ، وَأَذَاقَهُ اللَّهُ الْكَرِيمُ طَعْمَ الْإِيمَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما دُفِنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ عَائِشَةَ رضي الله عنها
وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الْأَخْبَارِ وَالْأَسَانِيدِ الْمَرْوِيَّةِ: فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ ، بَلْ هَذَا مِنَ الْأَمْرِ الْعَامِ الْمَشْهُورِ الَّذِي لَا يُنْكِرُهُ عَالِمٌ وَلَا جَاهِلٌ بِالْعِلْمِ ، بَلْ يَسْتَغْنِي بِشُهْرَةِ دَفْنِهِمَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَقْلِ الْأَخْبَارِ: وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ: أَنَّهُ مَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدِيمًا وَلَا حَدِيثًا مِمَّنْ رَسَمَ لِنَفْسِهِ كِتَابًا نَسَبَهُ إِلَيْهِ مِنْ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ ، فَرَسَمَ كِتَابَ الْمَنَاسِكِ ، إِلَّا وَهُوَ يَأْمُرُ كُلَّ مَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِمَّنْ يُرِيدُ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً أَوْ لَا يُرِيدُ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً ، وَأَرَادَ زِيَارَةَ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْمُقَامَ بِالْمَدِينَةِ لِفَضْلِهَا إِلَّا وَكُلَّ الْعُلَمَاءِ قَدْ أَمَرُوهُ وَرَسَمُوهُ فِي كُتُبِهِمْ وَعَلَّمُوهُ كَيْفَ يُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَيْفَ يُسَلِّمُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما عُلَمَاءُ الْحِجَازِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا ، وَعُلَمَاءُ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا ، وَعُلَمَاءُ أَهْلِ الشَّامِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا ، وَعُلَمَاءُ أَهْلِ مِصْرَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا ، وَعُلَمَاءُ خُرَاسَانَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا ، وَعُلَمَاءُ أَهْلِ الْيَمَنِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ. فَصَارَ دَفْنُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْأَمْرِ
الْمَشْهُورِ الَّذِي لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ ، وَكَذَلِكَ هُوَ مَشْهُورٌ عِنْدَ جَمِيعِ عَوَامِّ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، أَخَذُوهُ نَقْلًا وَتَصْدِيقًا وَمَعْرِفَةً ، لَا يَتَنَاكَرُونَهُ بَيْنَهُمْ فِي كُلِّ بَلَدٍ مِنْ بُلْدَانِ الْمُسْلِمِينَ. وَلَا يُمَكِنُ أَنَّ قَائِلًا يَقُولُ: إِنَّ خَلِيفَةً مِنْ خُلَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ قَدِيمًا وَلَا حَدِيثًا أَنْكَرَ دَفْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُنْذُ خِلَافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَخِلَافَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهم وَخِلَافَةِ بَنِي أُمَيَّةَ ، لَا يتناكرُ ذَلِكَ الْخَاصَّةُ وَالْعَامَّةُ ، وَكَذَلِكَ خِلَافَةُ وَلَدِ الْعَبَّاسِ رضي الله عنه لَا يَتَنَاكَرُونَهُ إِلَى وَقْتِنَا هَذَا ، وَإِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ وَيُدْفَنَ مَعَهُمْ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام ، كَذَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَّامٍ
1848 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّقْرِ السُّكَّرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَّامٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: الْأَقْبُرُ الثَّلَاثَةُ: قَبْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَقَبْرُ أَبِي بَكْرٍ ، وَقَبْرُ عُمَرَ رضي الله عنهما وَقَبْرٌ رَابِعٌ يُدْفَنُ فِيهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ
1849 -
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْعَطَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
⦗ص: 2370⦘
سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبِ بْنِ خَالِدٍ ، قَدِمَ مَكَّةَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ نَضْلَةَ الْكَعْبِيُّ قَالَ: قَالَ هَارُونُ الرَّشِيدُ لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ: كَيْفَ كَانَتْ مَنْزِلَةُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ . فَقَالَ مَالِكٌ رحمه الله: كَقُرْبِ قَبْرَيْهِمَا مِنْ قَبْرِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ. فَقَالَ: شَفَيْتَنِي يَا مَالِكُ ، شَفَيْتَنِي يَا مَالِكُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: فَلَا الرَّشِيدُ بِحَمْدِ اللَّهِ أَنْكَرَ هَذَا مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ ، بَلْ تَلَقَّاهُ مِنْ مَالِكٍ بِالتَّصْدِيقِ وَالسُّرُورِ ، وَمَالِكٌ فَقِيهُ الْحِجَازِ أَخْبَرَ الرَّشِيدَ عَنْ دَفْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَا لَا يُنْكِرْهُ أَحَدٌ ، لَا شريفٌ وَلَا غَيْرُهُ. فَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما خُلِقُوا مِنْ تُرْبَةٍ وَاحِدَةٍ لَصَدَقَ فِي قَوْلِهِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَا الْحُجَّةُ فِي مَا قُلْتَ؟ . قِيلَ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِقَبْرٍ فَقَالَ: «مَنْ هَذَا؟» . فَقَالُوا: فُلَانُ الْحَبَشِيُّ
⦗ص: 2371⦘
. فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ ، سِيقَ مِنْ أَرْضِهِ وَسَمَائِهِ إِلَى التُّرْبَةِ الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا» . فَدُلَّ بِهَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يُدْفَنُ فِي التُّرْبَةِ الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا مِنَ الْأَرْضِ. كَذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خُلِقَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنْ تُرْبَةٍ وَاحِدَةٍ ، دُفِنُوا ثَلَاثَتُهُمْ فِي تُرْبَةٍ وَاحِدَةٍ
1850 -
أَنْبَأَنَا أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكَشِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الشَّاذَكُونِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أُنَيْسُ بْنُ أَبِي يَحْيَى ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ الْمَدِينَةِ ، فَمَرَّ بِقَبْرٍ فَقَالَ:«مَنْ هَذَا؟» . قَالُوا: فُلَانُ الْحَبَشِيُّ. فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ سِيقَ مِنْ أَرْضِهِ وَسَمَائِهِ إِلَى التُّرْبَةِ الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا»
1851 -
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْعَطَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ
⦗ص: 2372⦘
قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَارِبَ بْنَ دِثَارٍ يَقُولُ:
[البحر المنسرح]
أَلَيْسَ يَحْزُنُكَ أَنَّ أُمَّتَنَا
…
قَدْ فَرَّقُوا دِينَهُمْ إِذِ اشْتَجَرُوا
بَعْدَ نَبِيِّ الْهُدَى وَصَاحِبهِ
…
الصِّدِّيقِ وَالْمُرْتَضَى بِهِ عُمَرُ
ثَلَاثَةٌ بَرَزُوا وَبِسَبْقِهِمْ
…
يَنْصُرُهُمْ رَبُّهُمْ إِذَا نُشِرُوا
فَلَيْسَ مِنْ مُسْلِمٍ لَهُ بَصَرٌ
…
يُنْكِرُ تَفْضِيلَهُمْ إِذَا ذُكِرُوا
عَاشُوا بِلَا فُرْقَةٍ ثَلَاثَتُهُمْ
…
وَاجْتَمَعُوا فِي الْمَمَاتِ إِذَا قُبِرُوا
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: وَسَأَلْتُ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ غَزَالٍ ، وَكَانَ حَسَنَ السِّتْرِ ، مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ وَالنَّحْوِ وَالْعِلْمِ ، مِنْ جُلَسَاءِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْأَنْبَارِيِّ ، أَنْ يُنْشِدَنِي فِي دَفْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَأَنْشَدَنِي مِنْ قَوْلِهِ:
[البحر الوافر]
أَلَا إِنَّ النَّبِيَّ وَصَاحِبَيْهِ
…
كَمِثْلِ الْفَرْقَدَيْنِ بِلَا افْتِرَاقِ
⦗ص: 2373⦘
عَلَى رَغْمِ الرَّوَافِضِ قَدْ تَصَافَوْا
…
وَعَاشُوا فِي مَوَدَّةٍ بِاتِّفَاقِ
وَصَارُوا بَعْدَ مَوْتِهِمُ جَمِيعًا
…
إِلَى قَبْرٍ تَضَمَّنَ بِاعْتِنَاقِ
إِلَى مَا فِيهِ قَدْ خُلِقُوا أُعِيدُوا
…
وَمِنْهَا يُبْعَثُونَ إِلَى السِّيَاقِ
فَقُلْ لِلرَّافِضِيِّ: تَعِسْتَ يَا مَنْ
…
يُبَايِنُ فِي الْعَدَاوَةِ وَالشِّقَاقِ
لَأَهْلُ السَّبْقِ وَالْأَفْضَالِ حَقًّا
…
طُوَالُ الدَّهْرِ تُطْرَحُ فِي وَثَاقِ
فَعِنْدَ الْمَوْتِ تُبْصِرُ سُوءَ هَذَا
…
وَبَعْدَ الْمَوْتِ تُحْشَرُ فِي الْخِنَاقِ
وَأَهْلُ الْبَيْتِ حُبُّهُمُ بِقَلْبِي
…
وَأَصْحَابُ النَّبِيِّ لَدَيَّ رِتَاقِ
بِهِمْ نَرْجُوا السَّلَامَةَ مِنْ جَحِيمٍ
…
تُسَعَّرُ لِلْمُخَالِفِ بِاحْتِرَاقِ
وَفَوْزًا فِي الْجِنَانِ بِدَارِ خُلْدٍ
…
وَنُلْقَى بِالتَّحِيَّةِ فِي التَّلَاقِ
وَهَذَا وَاضِحٌ شُكْرًا لِرَبِّي
…
مَكِينٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ بَاقِ
1852 -
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْعَطَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
⦗ص: 2374⦘
الْعَبَّاسِ إِسْحَاقُ بْنُ يَعْقُوبَ الْعَطَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، إِنِّي أُجِلُّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أُسَلِّمَ عَلَى أَحَدٍ مَعَهُ. فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ رحمه الله:«اجْلِسْ» ، فَجَلَسَ فَقَالَ: تَشَهَّدْ ، فَتَشَهَّدَ حَتَّى قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ، فَقَالَ مَالِكٌ: هُمَا مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
1853 -
حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ السَّقَطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ ، أَخُو كَرْخَوَيْهِ ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْفٍ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ نَافِعًا: هَلْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُسَلِّمُ عَلَى الْقَبْرِ؟ . قَالَ: نَعَمْ ، لَقَدْ رَأَيْتُهُ مِائَةَ مَرَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ مَرَّةٍ كَانَ يَمُرُّ فَيَقُومُ عِنْدَهُ فَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَى
⦗ص: 2375⦘
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، السَّلَامُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ ، السَّلَامُ عَلَى أَبِي قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا إِذَا نَظَرُوا إِلَى مَنْ يُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما يُنْكِرُونَ عَلَيْهِ وَيُكَلِّمُونَهُ بِمَا يَكْرَهُ ، فَلِمَ صَارَ هَذَا هَكَذَا ، وَعَنْ مَنْ أَخَذُوا هَذَا؟ قِيلَ لَهُ: لَيْسَ الَّذِي يَفْعَلُ هَذَا مِمَّنْ لَهُ عِلْمٌ وَمَعْرِفَةٌ ، هَؤُلَاءِ نَشَأُوا مَعَ طَبَقَةٍ غَيْرِ مَحْمُودَةٍ يَسُبُّونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما فَلَيْسَ يُعَوَّلُ عَلَى مِثْلِ هَؤُلَاءِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ فِيهِمْ أَقْوَامًا مِنْ أَهْلِ الشُّرَفِ يُعِينُونَهُمْ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ الْقَبِيحِ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما؟ قِيلَ لَهُ: مُعَاذَ اللَّهِ ، قَدْ أَجَلَّ اللَّهُ الْكَرِيمُ أَهْلَ الشَّرَفِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَذُرِّيَّتِهِ الطَّيِّبَةِ مِنْ أَنْ يُنْكِرُوا دَفْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، هُمْ أَزْكَى وَأَطْهَرُ وَأَعْلَمُ النَّاسِ بِفَضْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَبِصَحَّةِ دَفْنِهِمَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَمَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَنْحَلَ هَذَا الْخُلُقَ الْقَبِيحَ إِلَيْهِمْ ، هُمْ عِنْدَنَا أَعْلَى قَدْرًا وَأَصْوَبَ رَأْيًا مِمَّا يُنْحَلُ إِلَيْهِمْ فَإِنْ كَانَ قَدْ أَظْهَرَ إِنْسَانٌ مِنْهُمْ مِثْلَمَا تَقُولُ ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ مِنْ بَعْضِ مَنْ يَقَعُ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما وَيَذْكُرُهُمَا بِمَا لَا يُحْسِنُ ، فَظَنَّ أَنَّ الْقَوْلَ كَمَا قَالَ ، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ رَفَعَهُ اللَّهُ الْكَرِيمُ بِالشَّرَفِ بِقَرَابَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِيَ بِالْعِلْمِ ، فَعَلِمَ مَا لَهُ مِمَّا عَلَيْهِ ، إِنَّمَا يُعَوَّلُ فِي هَذَا عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ
⦗ص: 2376⦘
. وَالَّذِي عِنْدَنَا أَنَّ أَهْلَ الْبَيْتِ رضي الله عنهم الَّذِينَ عُنُوا بِالْعِلْمِ يُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ يُنْكِرُ دَفْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، بَلْ يَقُولُونَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دُفِنَا فِي بَيْتِ عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ تَعَالَى ، وَيَرْوُونَ فِي ذَلِكَ الْأَخْبَارَ وَلَا يَرْضَوْنَ بِمَا يُنْكِرْهُ مَنْ جَهِلَ الْعِلْمَ وَجَهِلَ فَضْلَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِيشْ الدَّلِيلُ عَلَى مَا تَقُولُ؟ . قُلْتُ: هَذَا طَاهِرُ بْنُ يَحْيَى يَرْوِي عَنْ أَبِيهِ يَحْيَى بْنِ حُسَيْنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهم ، يَرْوِي عَنْهُ كِتَابًا أَلَّفَهُ فِي فَضْلِ الْمَدِينَةِ وَشَرَفِهَا ، ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ فِي بَابِ دَفْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَوَصَفَ فِي الْكِتَابِ كَيْفَ دَفْنُهُمَا مَعَهُ ، وَصَوَّرَهُ فِي الْكِتَابِ ، صَوَّرَ الْبَيْتَ وَالْأَقْبُرَ الثَّلَاثَةَ. وَرَوَاهُ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنهما فَقَالَ: قَبْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمُقَدَّمُ وَقَبْرُ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ رِجْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَقَبْرُ عُمَرَ عِنْدَ رِجْلِ أَبِي بَكْرٍ ، فَصَوَّرَهُ يَحْيَى بْنُ حُسَيْنٍ رضي الله عنهم وَسَمِعَهُ مِنْهُ النَّاسُ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ ، وَقَرَأَهُ طَاهِرُ بْنُ يَحْيَى كَمَا سَمِعَهُ مِنْ أَبِيهِ ، وَهُوَ كِتَابٌ مَشْهُورٌ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرَ بْنَ إِدْرِيسَ الْقَزْوِينِيَّ ، إِمَامًا مِنْ أَئِمَّةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَأَحَدَ الْمُؤَذِّنِينَ فَحَدَّثَنِي بِهَذَا وَذَلِكَ أَنِّي رَأَيْتُ الْكِتَابَ مَعَهُ مُجَلَّدًا كَبِيرًا شَبِيهًا بِمِائَةِ وَرَقَةٍ ، سَمِعَهُ مِنْ طَاهِرِ بْنِ يَحْيَى فِيهِ فَضْلُ الْمَدِينَةِ ،
⦗ص: 2377⦘
وَفِي الْكِتَابِ بَابُ صِفَةِ دَفْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَصِفَةُ قَبْرِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما ، فَسَأَلْتُهُ
1854 -
فَحَدَّثَنِي قَالَ: حَدَّثَنَا طَاهِرُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي: يَحْيَى بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: هَذِهِ صِفَةُ الْقُبُورِ فِي صِفَةِ بَعْضِ أَهْلِ الْحَدِيثِ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ وَهُوَ مَخْطُوطٌ فِي الْكِتَابِ الَّذِي أَلَّفَهُ طَاهِرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَى هَذَا النَّعْتِ فِي الْكِتَابِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: فَهَذَا طَاهِرُ بْنُ يَحْيَى رضي الله عنه وَعَنْ سَلَفِهِ وَعَنْ ذُرِّيَّتِهِ يَرْوُونَ مِثْلَ هَذَا وَيَرْسُمُونَهُ فِي كُتُبِهِمْ ، وَلَا يُنْكِرُونَ شَرَفَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما فَنَحْنُ نَقْبَلُ مِنْ مِثْلِ هَؤُلَاءِ الذُّرِّيَّةِ الطَّيِّبَةِ الْمُبَارَكَةِ جَمِيعَ مَا أَتَوْا بِهِ مِنَ الْفَضَائِلِ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، وَهَلْ يَرْوِي أَكْثَرَ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما إِلَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَوَلَدُهُ مِنْ بَعْدِهِ ، يَأْخُذُهُ الْأَبْنَاءُ عَنِ الْآبَاءِ إِلَى وَقْتِنَا هَذَا ، وَنَحْنُ نُجِلُّ أَهْلَ الْبَيْتِ رضي الله عنهم أَنْ يُنْحَلَ إِلَيْهِمْ مَكْرُوهٌ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما أَوْ تَكَذِيبٌ لِدَفْنِهِمَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
1855 -
حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَرَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ
⦗ص: 2378⦘
بْنُ الْجَعْدِ قَالَ: أَنْبَأَنَا زُهَيْرٌ يَعْنِي: ابْنَ مُعَاوِيَةَ قَالَ: قَالَ أَبِي لِجَعْفَرِ بْنُ مُحَمَّدٍ رضي الله عنهما إِنَّ جَارًا لِي يَزْعُمُ أَنَّكَ تَتَبَرَّأُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، فَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: بَرِئَ اللَّهُ مِنْ جَارِكَ ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَنْفَعَنِيَ اللَّهُ عز وجل بِقَرَابَتِي مِنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه وَلَقَدِ اشْتَكَيْتُ شَكَاةً فَأَوْصَيْتُ إِلَى خَالِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ
1856 -
وَحَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ السَّقَطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ وَجَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ رضي الله عنهم عَنْ أَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، رضي الله عنهما فَقَالَا: يَا سَالِمُ ، تَوَلَّهُمَا وَابْرَأْ مِنْ عَدُوِّهِمَا فَإِنَّهُمَا كَانَا إِمَامَيْ هُدًى. قَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ: قَالَ سَالِمٌ: قَالَ لِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: يَا سَالِمُ أَيَسُبُّ الرَّجُلُ جَدَّهُ ، أَبُو بَكْرٍ رحمه الله جَدِّي لَا تَنَالُنِي شَفَاعَةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم إِنْ لَمْ أَكُنْ أَتَوَلَّاهُمَا وَأَبْرَأُ مِنْ عَدُوِّهِمَا
1857 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَاسِطِيُّ
⦗ص: 2379⦘
قَالَ: حَدَّثَنَا فَضْلُ بْنُ سَهْلٍ الْأَعْرَجُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ ، عَنْ خَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ رضي الله عنهما أَعُودُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَأُرَاهُ قَالَ: مِنْ أَجْلِي: «اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأَتَوَلَّاهُمَا ، اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ فِي نَفْسِي سِوَى هَذَا فَلَا تُنِلْنِي شَفَاعَةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
1858 -
حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَعْرَابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى الدِّهْقَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَكِيمِ بنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ رَهْطٌ مِنَ الشِّيعَةِ ، فَعَابَ بَعْضُهُمْ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما ، فَقُلْتُ: عَلَى مَنْ يَقُولُ هَذَا لَعَنَهُ اللَّهُ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَخَذْنَاهُ، قَالَ: فَلَقِيتُ أَبَا
⦗ص: 2380⦘
جَعْفَرٍ ، فَقُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؟ قَالَ: وَمَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهِمَا؟ فَقُلْتُ: يُقِلُّونَهُمَا ، فَقَالَ: إِنَّمَا يَقُولُ ذَلِكَ فِيهِمَا الْمُرَّاقُ ، تَوَلَّهُمَا مِثْلَ مَا تَتَوَلَّى بِهِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
1859 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْبَرِيدِ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ ، رضي الله عنهما يَقُولُ: الْبَرَاءَةُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما الْبَرَاءَةُ مِنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: فَعَنْ مِثْلِ هَؤُلَاءِ السَّادَّةِ الْكِرَامِ الْأَتْقِيَاءِ الْعُلَمَاءِ الْعُقَلَاءِ الَّذِينَ قَدْ فَقَّهَهُمُ اللَّهُ
⦗ص: 2381⦘
عز وجل فِي الدِّينِ وَعَلِمُوا الْحَلَالَ مِنَ الْحَرَامِ وَعَلِمُوا فَضْلَ الصَّحَابَةِ فَيُؤْخَذُ الْعِلْمُ عَنْ مِثْلِ هَؤُلَاءِ ، لَيْسَ يُؤْخَذُ عَمَّنْ جَهِلَ الْعِلْمَ ، بَلْ إِذَا سَمِعَ مِنْهُ مَا لَا يُحْسِنُ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ وَوَعَظَ ، وَرُفِقَ بِهِ وَقِيلَ لَهُ: أَنْتَ وَسَلَفُكَ أَجَلُّ عِنْدَنَا مِنْ أَنْ نَظُنَّ بِكَ أَنَّكَ تَجْهَلُ فَضْلَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَوَ تُنْكِرُ دَفْنَهُمَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيُقَالُ لَهُ: أَنْتَ لَمْ تَأْخُذْ هَذَا الَّذِي تُنْكِرُهُ مِنْ فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما مِنْ سَلَفِكَ الصَّالِحِ ، إِنَّمَا أَخَذْتَهُ مِنْ صِنْفٍ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَتَوَلَّوْنَكُمْ ، يُسَمَّوْنَ: الرَّافِضَةَ ، الَّذِي رَوَى جَدُّكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ:«تَفْتَرِقُ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَى بِضْعٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً ، شَرُّهُمْ قَوْمٌ يَنْتَحِلُونَ حُبَّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُخَالِفُونَ أَعْمَالَنَا» وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «يَظْهَرُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ يُسَمَّوْنَ الرَّافِضَةَ يَرْفُضُونَ الْإِسْلَامَ» وَيُقَالُ لَهُ: نَحْنُ نُجِلُّكَ عَنْ مَذَاهِبِ هَؤُلَاءِ وَنَرْغَبُ بِشَرَفِكَ عَنْ مَذَاهِبِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَدْ خُطِئَ بِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ وَلَعِبَتْ بِهِمُ الشَّيَاطِينُ
1860 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَاسِطِيُّ
⦗ص: 2382⦘
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنْ عَلِيٍّ ، رضي الله عنه قَالَ: " تَفْتَرِقُ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَى بِضْعٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً شَرُّهُمْ قَوْمٌ يَنْتَحِلُونَ حُبَّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُخَالِفُونَ أَعْمَالَنَا
1861 -
وَحَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا فَضْلُ بْنُ سَهْلٍ الْأَعْرَجُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: سَمِعْتُ حَسَنَ بْنَ حَسَنٍ ، رضي الله عنهما يَقُولُ لِرَجُلٍ مِنَ الرَّافِضَةِ: وَاللَّهِ لَئِنْ
⦗ص: 2383⦘
أَمْكَنَ اللَّهُ مِنْكُمْ لَتُقَطَّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلُكُمْ وَلَا يُقْبَلُ مِنْكُمْ تَوْبَةٌ، وَقَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَرَقَتْ عَلَيْنَا الرَّافِضَةُ كَمَا مَرَقَتِ الْحَرُورِيَّةُ عَلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: فَمَنْ سَمِعَ هَذَا مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ اتَّبَعَ سَلَّفَهُ الصَّالِحَ وَشَنِئَ مَذَاهِبَ الرَّافِضَةِ الَّذِينَ لَا عَقْلَ لَهُمْ وَلَا دِينَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ ، قَالَ لَهُمْ: إِذَا مِتُّ وَفَرَغْتُمْ مِنْ جَهَازِي فَاحْمِلُونِي حَتَّى تَقِفُوا بِبَابِ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ قَبْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقِفُوا بِالْبَابِ وَقُولُوا: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ فَإِنْ أُذِنَ لَكُمْ وَفُتِحَ الْبَابُ ، وَكَانَ الْبَابُ مُغْلَقًا ، فَأَدْخِلُونِي فَادْفِنُونِي ، وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَكُمْ فَأَخْرِجُونِي إِلَى الْبَقِيعِ وَادْفِنُونِي. فَفَعَلُوا فَلَمَّا وَقَفُوا بِالْبَابِ وَقَالُوا هَذَا: سَقَطَ الْقُفْلُ وَانْفَتَحَ الْبَابُ ، وَسُمِعَ هَاتِفٌ مِنْ دَاخِلِ الْبَيْتِ: أَدْخِلُوا الْحَبِيبَ إِلَى الْحَبِيبِ فَإِنَّ الْحَبِيبَ إِلَى الْحَبِيبِ مُشْتَاقٌ
⦗ص: 2384⦘
. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لَمَّا قَتَلَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى أَبِي لُؤْلُؤَةَ أَوْصَى الْخَلِيفَةُ بَعْدَهُ بِمَا أَرَادَ ، قَالَ لِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ ائْتِ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ ، رَحِمَهَا اللَّهُ ، فَقُلْ لَهَا: إِنَّ عُمَرَ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلَامَ وَلَا تَقُلْ: أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَإِنِّي لَسْتُ الْيَوْمَ لِلْمُؤْمِنِينَ بِأَمِيرٍ ، وَقُلْ: يَسْتَأْذِنُ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ ، فَإِنْ أَذِنَتْ فَادْفِنُونِي مَعَهُمَا ، وَإِنْ أَبَتْ فَرُدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ ، فَأَتَاهَا عَبْدُ اللَّهِ وَهِيَ تَبْكِي ، فَقَالَ: إِنَّ عُمَرَ يَسْتَأْذِنُ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ ، فَقَالَتْ: لَقَدْ كُنْتُ أَدَّخِرَ ذَاكَ الْمَكَانَ لِنَفْسِي وَلَأُؤْثِرَنَّهُ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي ، ثُمَّ رَجَعَ فَلَمَّا أَقْبَلَ ، قَالَ عُمَرُ: أَقْعِدُونِي ثُمَّ قَالَ: مَا وَرَاكَ؟ . قَالَ: قَدْ أُذِنَ لَكَ ، قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ مَا شَيْءٌ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَضْجَعِ ، فَإِذَا أَنَا قُبِضَتُ فَاحْمِلُونِي ثُمَّ قُولُوا: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ فَإِنْ أَذِنْتَ فَادْفِنُونِي وَإِلَّا فَرَدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ
1862 -
أَنْبَأَنَا بِهَذَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ شَاهِينَ أَبُو بِشْرٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ - وَاللَّفْظُ ، لِخَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - وَذَكَرَ قِصَّةَ مَقْتَلِ عُمَرَ رضي الله عنه وَوَصِيَّتَهُ ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ ائْتِ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: جَمِيعُ مَا ذَكَرْتُهُ مِنَ الْأَخْبَارِ يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا ، يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ دَفْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ مَعَ مَا أَوْقَعَ اللَّهُ الْكَرِيمُ صِحَّةَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَاطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ الْقُلُوبُ وَسَكَنَتْ إِلَيْهِ النُّفُوسُ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ ، وَسَنَأْتِي بِزَيَادَاتٍ عَلَى ذَلِكَ
1865 -
أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحْرِزُ بْنُ عَوْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الْمَدَنِيُّ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْهُ ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ثُمَّ أَهْلُ الْبَقِيعِ يُبْعَثُونَ مَعِي ثُمَّ أَهْلُ مَكَّةَ ثُمَّ أُحْشَرُ بَيْنَ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ»
1866 -
حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ
⦗ص: 2386⦘
بْنُ مُوسَى ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ - وَهَذَا لَفْظُ الْحَكَمِ - قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَسْجِدَ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ يَمِينِهِ ، وَعُمَرُ عَنْ يَسَارِهِ قَالَ:«هَكَذَا نُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»