الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ ذِكْرِ تَزْوِيجِ أَبِي سُفْيَانَ رحمه الله بِهِنْدٍ أُمِّ مُعَاوِيَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ
1964 -
أَنْبَأَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَرْبٍ الْقَاضِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو السِّكِّينِ زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ أَبِي حِصْنِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ مُنْهِبِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ خُرَيْمِ بْنِ أَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ لَامٍ الْكُوفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ زَحْرِ بْنِ حِصْنٍ ، عَنْ جَدِّهِ حُمَيْدِ بْنِ مُنْهِبٍ قَالَ: كَانَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ عِنْدَ الْفَاكِهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيِّ ، وَكَانَ الْفَاكِهُ مِنْ فَتَيَانِ قُرَيْشٍ ، وَكَانَ لَهُ بَيْتٌ لِلضِّيَافَةِ يَغْشَاهُ النَّاسُ عَلَى غَيْرِ إِذْنٍ ، فَخَلَا ذَلِكَ الْبَيْتُ يَوْمًا وَاضْطَجَعَ الْفَاكِهُ وَهِنْدٌ فِيهِ فِي وَقْتِ الْقَائِلَةِ ثُمَّ خَرَجَ الْفَاكِهُ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ ، وَأَقْبَلَ رَجُلٌ كَانَ يَغْشَاهُ فَوَلَجَ
⦗ص: 2472⦘
الْبَيْتَ ، فَلَمَّا رَأَى الْمَرْأَةَ ، يَعْنِي هِنْدًا وَلَّى هَارِبًا وَأَبْصَرَهُ الْفَاكِهُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْبَيْتِ ، فَأَقْبَلَ إِلَى هِنْدٍ فَضَرَبَهَا بِرِجْلِهِ وَقَالَ لَهَا: مَنْ هَذَا الَّذِي كَانَ عِنْدَكِ؟ . قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا ، وَلَا انْتَبَهْتُ حَتَّى أَنْبَهْتَنِي؛ قَالَ لَهَا: الْحَقِي بِأَبِيكِ ، وَتَكَلَّمَ فِيهَا النَّاسُ ، فَقَالَ لَهَا أَبُوهَا: يَا بُنَيَّةُ ، إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَكْثَرُوا فِيكِ فَأَنْبِئِينِي نَبَأَكِ ، فَإِنْ يَكُنِ الرَّجُلُ عَلَيْكِ صَادِقًا دَسَسْتُ إِلَيْهِ مَنْ يَقْتُلُهُ فَتَنْقَطِعُ عَنْكِ الْقَالَةُ ، وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا حَاكَمْتُهُ إِلَى بَعْضِ كُهَّانِ الْيَمَنِ ، فَحَلَفْتُ لَهُ بِمَا كَانُوا يَحْلِفُونَ بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِنَّهُ لَكَاذِبٌ عَلَيْهَا. فَقَالَ عُتْبَةُ لِلِفَاكِهِ: يَا هَذَا إِنَّكَ قَدْ رَمَيْتَ ابْنَتِي بِأَمْرٍ عَظِيمٍ فَحَاكِمْنِي إِلَى بَعْضِ كُهَّانِ الْيَمَنِ ، فَخَرَجَ الْفَاكِهُ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ ، وَخَرَجَ عُتْبَةُ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَخَرَجُوا مَعَهُمْ بِهِنْدٍ ، وَنِسْوَةٌ مَعَهَا ، فَلَمَّا شَارَفُوا الْبِلَادَ قَالُوا: غَدًا نَرِدُ عَلَى الْكَاهِنِ ، فَتَنَكَّرَتْ حَالُ هِنْدٍ وَتَغَيَّرَ وَجْهُهَا ، فَقَالَ لَهَا أَبُوهَا: إِنِّي قَدْ أَرَى مَا بِكِ مِنْ تَنَكُّرِ الْحَالِ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَكْرُوهٍ عِنْدَكِ ، فَأَلَا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ نُشْهِدَ النَّاسَ مَسِيرَنَا ، قَالَتْ: لَا وَاللَّهِ يَا أَبَتَاهُ مَا ذَاكَ لِمَكْرُوهٍ وَلَكِنِّي أَعْرِفُ إِنَّكُمْ تَأْتُونَ بَشَرًا يُخْطِئُ وَيُصِيبُ ، وَلَا آمَنُهُ أَنْ يَسِمَنِي مَيْسَمًا يَكُونُ عَلَيَّ سُبَّةً فِي الْعَرَبِ ، قَالَ: إِنِّي سَوْفَ أَخْتَبِرُهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنْظُرَ فِي أَمَرِكِ فَضَفَرَ بِفَرَسٍ حَتَّى أَدْلَى ثُمَّ أَخَذَ حَبَّةً مِنْ حِنْطَةٍ فَأَدْخَلَهَا فِي أَحْلِيلِهِ وَأَوْكَأَ عَلَيْهَا بِسَيْرٍ ، فَلَمَّا وَرَدُوا عَلَى الْكَاهِنِ أَكْرَمَهُمْ وَنَحَرَ لَهُمْ ، فَلَمَّا تَغَدَّوْا ، قَالَ لَهُ عُتْبَةُ: إِنَّا
⦗ص: 2473⦘
قَدْ جِئْنَاكَ فِي أَمَرٍ وَإِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبْئًا أَخْتَبِرُكَ بِهِ؛ فَانْظُرْ مَا هُوَ؟ قَالَ: تَمْرَةٌ فِي كَمَرَةٍ ، قَالَ: أُرِيدُ أَبْيَنَ مِنْ هَذَا؛ قَالَ: حَبَّةٌ مِنْ بُرٍّ فِي إِحْلِيلِ مُهْرٍ؛ قَالَ: صَدَقْتَ ، انْظُرْ فِي أَمْرِ هَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ ، فَجَعَلَ يَدْنُو مِنْ إِحْدَاهُنَّ فَيَضْرِبُ لَعَلَّهَا كَنَفُهَا وَيَقُولُ: انْهَضِي ، حَتَّى دَنَا مِنْ هِنْدَ فَضَرَبَ لَعَلَّهَا كَنَفُهَا وَقَالَ: انْهَضِي غَيْرَ وَسْخَاءٍ وَلَا زَانِيَةٍ وَلَتَلِدْنَ مَلِكًا يُقَالُ لَهُ: مُعَاوِيَةُ ، فَوَثَبَ إِلَيْهَا الْفَاكِهُ فَأَخَذَ بِيَدِهَا ، فَنَثَرَتْ يَدَهَا مِنْ يَدِهِ وَقَالَتْ: إِلَيْكَ فَوَاللَّهِ لَأَحْرِصَنَّ عَلَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِكَ ، فَتَزَوَّجَهَا أَبُو سُفْيَانَ فَجَاءَتْ بِمُعَاوِيَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ
1965 -
وَأَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ نَاجِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ زِيَادٍ الْهِلَالِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ مُسَاحِقٍ الْمَدِينِيِّ ، مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ ،
⦗ص: 2474⦘
قَالَ: قَالَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةِ بْنِ رَبِيعَةَ لِأَبِيهَا: يَا أَبَةُ إِنِّي قَدْ مَلَكْتُ أَمْرِي ، قَالَ: وَذَلِكَ حِينَ فَارَقَهَا الْفَاكِهُ بْنُ الْمُغِيرَةِ فَلَا تُزَوِّجْنِي رَجُلًا حَتَّى تَعْرِضَهُ عَلَيَّ ، قَالَ: ذَلِكَ لَكِ؛ قَالَ: فَقَالَ لَهَا ذَاتَ يَوْمٍ: يَا بُنَيَّةُ قَدْ خَطَبَكِ رَجُلَانِ مِنْ قَوْمِكِ وَلَسْتُ بِمُسَمٍّ لَكِ وَاحِدًا مِنْهُمَا حَتَّى أَصِفَهُ لَكِ ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَفِي الشَّرَفِ الصَّمِيمِ وَالْحَسَبِ الْكَرِيمِ تَخَالِينَ بِهِ هَوَجًا مِنْ غَفْلَتِهِ وَذَلِكَ أَسْجَاحٌ مِنْ شِيمَتِهِ ، حَسَنُ الصُّحْبَةِ ، سَرِيعُ الْإِجَابَةِ ، إِنْ تَابَعْتِيهِ تَابَعَكِ، وَإِنَّ مِلْتِ بِهِ كَانَ مَعَكِ ، تَقْضِينَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَتَكْتَفِينَ بِرَأْيِكَ عَنْ رَأْيِهِ ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَفِي الْحَسَبِ وَالرَّأْيِ الْأَرِيبِ بَدْرُ أَرُومَتِهِ وَعِزُّ عَشِيرَتِهِ ، يُؤَدِّبُ أَهْلَهُ وَلَا يُؤَدِّبُونَهُ، إِنِ اتَّبَعُوهُ أَسْهَلَ بِهِمْ ، وَإِنْ جَابُوهُ تَوَعَّرَ بِهِمْ ، شَدِيدُ الْغَيْرَةِ ، سَرِيعُ الطَّيْرِ ، صَعْبُ حِجَابِ الْقُبَّةِ ، إِنْ حَاجَّ فَغَيْرُ مَنْزُورٍ ، وَإِنْ نُوزِعَ فَغَيْرُ مَقْصُورٍ ، قَدْ بَيَّنْتُ لَكِ أَمْرَهُمَا كِلَاهُمَا ، قَالَتْ لَهُ: أَمَّا الْأَوَّلُ فَسَيِّدٌ مُطَاعٌ لِكَرِيمَتِهِ ، مَوَاتٌ لَهَا فِيمَا عَسَى إِنْ لَمْ تَعْتَصِمْ أَنْ تَلِينَ بَعْدَ إِبَائِها وَتَضِيعَ تَحْتَ خِبَائِهَا ، وَإِنْ جَاءَتْ لَهُ بِوَلَدٍ أَحْمَقَتْ ، فَإِنْ أَنْجَبَتْ فَعَنْ حُطَاءٍ أَنْجَبَتْ ، اطْوِ ذِكْرَ هَذَا عَنِّي ، فَلَا تُسَمِّهِ لِي
⦗ص: 2475⦘
. وَأَمَّا الْآخَرُ فَبَعْلُ الْحُرَّةِ الْكَرِيمَةِ إِنِّي لِأَخْلَاقِ هَذَا لَوَاقِعَةٌ ، وَإِنِّي لَهُ لَمُوَافِقَةٌ ، وَإِنِّي لَآخُذُ بِأَدَبِ الْبَعْلِ مَعَ لُزُومِي لِقُبَّتِي وَقِلَّةِ بُلْغَتِي ، وَإِنَّ السَّلِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَحَرِيٌّ أَنْ يَكُونَ الْمُدَافِعَ عَنْ حَرِيمِ عَشِيرَتِهِ، الذَّائِدَ عَنْ كَتِيبَتِهَا، الْمُحَامِي عَنْ حَفِيظَتِهَا، الزَّائِنُ لِأَرُومَتِهَا، غَيْرَ مُوَاكِلٍ وَلَا زُمَّيْلٍ عِنْدَ ضَعْضَعَةِ الْحَوَادِثِ فَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: ذَلِكَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ. قَالَتْ: زَوِّجْنِي مِنْهُ ، وَلَا تُلْقِنِي إِلَيْهِ إِلْقَاءَ الْمُسْتَسْلِسِ السَّلِسِ، وَلَا تَسِمْهُ بِي سَوْمَ الْمُغَاطِسِ الضَّرِسِ ، وَاسْتَخِرِ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ يَخِرْ لَكَ بِعِلْمِهِ فِي الْقَضَاءِ