الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُقدمَة الأولى فِيمَا يتَعَلَّق بذلك من اللُّغَة
قد نظرت فِي أصل هَذِه الْمَادَّة وَهِي العور فَرَأَيْت من خَواص هَذِه الأحرف الثَّلَاثَة وَهِي ع ور كَيفَ مَا تقلب من تَقْدِيم بعض حروفها على بعض لَا يخرج عَن معنى التخوف وَهَذِه هِيَ خَاصَّة اللُّغَة الَّتِي وَضعهَا الْحَكِيم فَالْأول عور
الْعَوْرَة كل حَال يتخوف مِنْهُ فِي ثغر أَو حَرْب يُقَال فلَان يدل الْكفَّار على عورات الْمُسلمين
والعورة سوءة الْإِنْسَان سميت بذلك لما كَانَ الْإِنْسَان يتخوف من رؤيتها وكل مَا يستحى مِنْهُ فَهُوَ عَورَة
الْعَوْرَة عِنْد الْفُقَهَاء مَا سترهَا شَرط فِي صِحَة الصَّلَاة وَهِي من الرجل حرا كَانَ أَو عبدا مَا بَين السُّرَّة وَالركبَة وَلَيْسَت السُّرَّة من الْعَوْرَة وَلَا الرّكْبَة على ظَاهر مَذْهَب الشَّافِعِي رضي الله عنه لما رُوِيَ عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا فَوق الرّكْبَة وَدون السُّرَّة عَورَة وروى أَنه صلى الله عليه وسلم قَالَ وعورة الرجل مَا بَين سرته إِلَى ركبته وَعند أبي حنيفَة رَضِي الله
عَنهُ أَن الرّكْبَة غير خَارِجَة عَن حد الْعَوْرَة وَإِن كَانَت السُّرَّة خَارِجَة وَعند الإِمَام مَالك رضي الله عنه أَن الْفَخْذ لَيْسَ بِعَوْرَة
وَحكي وَجه فِي مَذْهَب الشَّافِعِي عَن بعض الْأَصْحَاب أَن الرّكْبَة والسرة عَورَة وَحكى أَبُو عبد الله الحناطي عَن الْإِصْطَخْرِي أَن عَورَة الرجل هِيَ الْقبل والدبر فَقَط
وَأَبُو الْقَاسِم الْعَبَّادِيّ حكى عَن بَعضهم أَن الرّكْبَة من الْعَوْرَة دون السُّرَّة
قَالَ الشَّيْخ محيي الدّين النَّوَوِيّ رحمه الله قُلْنَا وَجه ضَعِيف مَشْهُور أَن السُّرَّة عَورَة دون الرّكْبَة
وَفِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل أَن الْعَوْرَة هِيَ الْقبل والدبر لَا غير وَالرِّوَايَة الْأُخْرَى عَنهُ مُوَافقَة لمَذْهَب الشَّافِعِي رضي الله عنه
وَمن الْمَرْأَة إِن كَانَت حرَّة فَجَمِيع بدنهَا عَورَة إِلَّا الْوَجْه وَالْيَدَيْنِ لقَوْله تَعَالَى {وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا} قَالَ الْمُفَسِّرُونَ هُوَ الْوَجْه
والكفان وَلَيْسَ المُرَاد الرَّاحَة وَحدهَا بل اليدان ظهرا وبطنا إِلَى الكوعين خارجتان عَن حد الْعَوْرَة وَلَا يكَاد يفْرض ظُهُور بَاطِن الْيَدَيْنِ دون ظاهرهما وَلَا يسْتَثْنى ظُهُور قدميها خلافًا لأبي حنيفَة رضي الله عنه قَالَ لَيست القدمان من الْعَوْرَة وَبِه قَالَ الْمُزنِيّ من أَصْحَاب الشَّافِعِي رضي الله عنه لما رُوِيَ أَنه صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَن الْمَرْأَة تصلي فِي درع وخمار من غير إِزَار فَقَالَ لَا بَأْس إِذا كَانَ الدرْع يُغطي ظُهُور قدميها وَهل يسْتَثْنى أَخْمص الْقَدَمَيْنِ فَحكى طَائِفَة فِيهِ وَجْهَيْن وجعلهما آخَرُونَ قَوْلَيْنِ مِنْهُم الْقفال رَحمَه الله تَعَالَى أَحدهمَا أَنَّهُمَا ليسَا من الْعَوْرَة لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم خص ظُهُور الْقَدَمَيْنِ بِالذكر فأشعر ذَلِك بِأَن تَغْطِيَة بَاطِن الْقَدَمَيْنِ لَا يجب وأصحهما أَنَّهُمَا من الْعَوْرَة تَسْوِيَة بَين ظاهرهما وباطنهما
وَحكي عَن الإِمَام أَحْمد رضي الله عنه أَنه لَا يسْتَثْنى إِلَّا الْوَجْه ويداها عَورَة
وَإِن كَانَت أمة فبدنها على ثَلَاث مَرَاتِب
الأولى مَا هُوَ عَورَة من الرجل فَلَا شكّ فِي كَونهَا عَورَة مِنْهَا
وَالثَّانيَِة مَا يظْهر وينكشف فِي حَال المهنة فَلَيْسَ بِعَوْرَة مِنْهَا وَهُوَ الرَّأْس والرقبة والساعد وطرف السَّاق لِأَنَّهَا تحْتَاج إِلَى كشفه ويتعذر عَلَيْهَا ستره وَفِي الْمَذْهَب وجد أَن جَمِيع ذَلِك عَورَة كَمَا فِي حق الْحرَّة سوى الرَّأْس لِأَن عمر رضي الله عنه رأى أمة سترت رَأسهَا فَمنعهَا من ذَلِك وَقَالَ لَا تشبهن بالحرائر
وَالثَّالِثَة مَا عدا ذَلِك كالصدر وَالظّهْر والصدر وَفِيه وَجْهَان أَحدهمَا أَنه عَورَة كَمَا فِي حق الْحرَّة وَإِنَّمَا احْتمل الْكَشْف فِيمَا يظْهر عِنْد المهنة لِأَن الْحَاجة تَدْعُو إِلَيْهِ وأصحهما أَنه لَيْسَ بِعَوْرَة لما رُوِيَ أَنه صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الرجل يَشْتَرِي الْأمة لَا بَأْس أَن ينظر إِلَيْهَا إِلَّا إِلَى الْعَوْرَة وعورتها مَا بَين مقْعد إزَارهَا إِلَى ركبتيها وَحكم الْمُكَاتبَة والمدبرة والمستولدة وَمن بَعْضهَا رَقِيق حكم الْأمة وَالْخُنْثَى الْمُشكل إِن كَانَ رَقِيقا وَقُلْنَا بِظَاهِر الْمَذْهَب وَهُوَ أَن عَورَة الْأمة كعورة الرجل فَلَا يلْزم أَن تستر فِي الصَّلَاة إِلَّا مَا بَين السُّرَّة وَالركبَة وَإِن كَانَ حرا أَو رَقِيقا وَقُلْنَا إِن عَورَة الْأمة أَكثر من عَورَة الرجل وَجب عَلَيْهَا ستر الزِّيَادَة على عَورَة الرجل أَيْضا لجَوَاز الْأُنُوثَة
فَائِدَة يحسن ذكرهَا هُنَا وَهِي مَا ذكره أَبُو الْفرج الْعجلِيّ فِي أول كتاب النِّكَاح من شرح مشكلات الْوَجِيز والوسيط أَن أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد الخضري الْمروزِي الشَّافِعِي سُئِلَ عَن قلامة ظفر الْمَرْأَة هَل يجوز للرجل الْأَجْنَبِيّ النّظر إِلَيْهَا فَأَطْرَقَ الشَّيْخ طَويلا وَكَانَت ابْنة الشَّيْخ أبي عَليّ الشتري تَحْتَهُ فَقَالَت لم تتفكر وَقد سَمِعت أبي يَقُول فِي جَوَاب هَذِه الْمَسْأَلَة إِن كَانَت من قلامة أظفار الْيَدَيْنِ جَازَ النّظر إِلَيْهَا وَإِن كَانَت من أظفار الرجلَيْن لم يجز فَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِك لِأَن يَدهَا لَيست بِعَوْرَة بِخِلَاف الْقدَم ففرح الخضري وَقَالَ لَو لم أستفد من اتصالي بِأَهْل الْعلم إِلَّا هَذِه الْمَسْأَلَة لكَانَتْ كَافِيَة انْتهى
قَالَ قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين احْمَد بن خلكان رَحمَه الله تَعَالَى هَذَا التَّفْصِيل بَين الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ فِيهِ نظر فَإِن أَصْحَابنَا قَالُوا اليدان ليستا بِعَوْرَة فِي الصَّلَاة فَأَما بِالنِّسْبَةِ إِلَى نظر الْأَجْنَبِيّ فَمَا نَعْرِف بَينهمَا فرقا فَلْينْظر إِذا وجد الْمُصَلِّي
مَا يستر بعض الْعَوْرَة لزمَه ستر الْمُمكن بِلَا خلاف وَإِن كَانَ الْمَوْجُود يَكْفِي السوأتين بَدَأَ بهما وَلَا يعدل إِلَى غَيرهمَا فَإِن كَانَ يَكْفِي أَحدهمَا فَثَلَاثَة أوجه الصَّحِيح الْمَنْصُوص أَنه يستر الْقبل رجلا كَانَ أَو امْرَأَة وَالثَّانِي الدبر وَالثَّالِث يتَخَيَّر وَقَالَ القَاضِي حُسَيْن أَن الْمَرْأَة تستر الْقبل وَالرجل الدبر
رَجَعَ بِنَا الْكَلَام إِلَى الْعين وَالْوَاو وَالرَّاء وَمَا تصرف مِنْهَا وعورات الْجبَال شقوقها سميت بذلك لما كَانَت مِمَّا يتخوف مِنْهُ وفلاة عوراء أَي لَا مَاء بهَا سميت بذلك لِأَنَّهَا يتخوف مِنْهَا الْعَطش وَعِنْده من المَال عائرة عين إِذا كَانَ كثيرا سمي بذلك لِأَن صَاحب المَال الْكثير يتخوف النَّاس عَلَيْهِ أَو لِأَنَّهُ يمْلَأ الْعين كَثْرَة فيكاد يعورها والعائر من السِّهَام وَالْحِجَارَة الَّذِي لَا يدرى من رَمَاه سمي بذلك لِأَنَّهُ يتخوف من وُقُوعه
والعوائر من الْجَرَاد الْجَمَاعَات المتفرقة سميت بذلك لِأَنَّهَا مِمَّا يتخوف من فَسَاده
والعوراء الْكَلِمَة القبيحة وَهِي السقطة قَالَ الشَّاعِر
(وأغفر عوراء الْكَرِيم ادخاره
…
وَأعْرض عَن شتم اللَّئِيم تكرما)
مَعْنَاهُ لادخاره سميت بذلك لِأَن الْعَاقِل يتخوف من الْكَلِمَة الساقطة
والعوار الْعَيْب يُقَال سلْعَة ذَات عوار بِفَتْح الْعين وَقد تضم عَن أبي زيد سمي بذلك لما كَانَ صَاحب السّلْعَة يتخوف من ظُهُوره
وَالْعَارِية بِالتَّشْدِيدِ كَأَنَّهَا منسوبة إِلَى الْعَار لِأَن طلبَهَا عَار وَسميت بذلك لِأَن طالبها يلْحقهَا عَار أَو لِأَن الَّذِي استعارها يتخوف من ردهَا
والإعوار بِكَسْر الْهمزَة الرِّيبَة كَأَن الْمُرِيب يتخوف ظُهُور أمره وَهَذَا مَكَان معور أَي يخَاف فِيهِ قطع الطَّرِيق وأعور الْفَارِس إِذا بدا مِنْهُ مَوضِع خلل للضرب قَالَ الشَّاعِر
(لَهُ الشدَّة الأولى إِذا الْقرن أعورا
…
)
وعورته عَن الْأَمر إِذا صرفته عَنهُ وعورت عَن فلَان إِذا كذبت مَا قيل فِيهِ كَأَنَّك فِي الأولى خوفته من عَاقِبَة مَا صرفته عَنهُ وَفِي الثَّانِي كَأَنَّك تخوفت أَن ينْسب ذَلِك إِلَيْهِ وَقَالَ أَبُو عبيد يَقُول للمستجيز الَّذِي يطْلب المَاء إِذا لم يسقه قد عورت شربه وَأنْشد الفرزدق
(مَتى مَا ترد يَوْمًا سفار تَجِد بهَا
…
أديهم يَرْمِي المستجيز المعورا)
سمي بذلك لِأَنَّهُ يعود فِي هَذِه الْحَالة متخوفا وعاورت المكاييل لُغَة فِي عايرتها سمي بذلك لِأَنَّك خفت نَقصهَا فعايرتها وَيُقَال مَا أَدْرِي أَي الْجَرَاد عارة يُقَال ذَلِك فِي حق من لَا يعلم لَهُ خبر فَأَنت تتخوف من أمره
وَرجل أَعور بَين العور للَّذي عارت إِحْدَى عَيْنَيْهِ فَهُوَ يتخوف من رُؤْيَة النَّاس لَهُ وَقد عارت الْعين تعار بِفَتْح التَّاء وَكسرهَا وَقَالَ الشَّاعِر
(وسائله بِظهْر الْغَيْب عني
…
أعارت عينه أم لم تعارا)
قَالَ ابْن بري رَحمَه الله تَعَالَى فِي حَوَاشِي الصِّحَاح لعَمْرو بن أَحْمَر الْبَاهِلِيّ وَالْألف فِي آخر تعارا مبدلة من النُّون الْخَفِيفَة أبدل مِنْهَا ألفا لما وقف عَلَيْهَا وَلِهَذَا سلمت الْألف الَّتِي بعد الْعين إِذْ لَو لم يكن بعْدهَا نون التوكيد لانحذفت فَكنت تَقول لم تعر كَمَا تَقول لم تخف فَإِذا ألحقت النُّون أثبت الْألف فَقلت لم تخافن لِأَن الْفِعْل مَعَ نون التوكيد مَبْنِيّ فَلَا يلْحقهُ جزم انْتهى كَلَام ابْن بري
وَقَالَ صَاحب الصِّحَاح يُقَال عورت عينه وَإِنَّمَا صحت الْوَاو فِيهَا لصحتها فِي أَصْلهَا وَهُوَ أعورت بِسُكُون مَا قبلهَا ثمَّ حذفت الزَّوَائِد الْألف وَالتَّشْدِيد فَبَقيَ عور يدل على أَن ذَلِك أَصله مَجِيء أخواته على هَذَا اسود يسود واحمر يحمر وَتقول مِنْهُ عرت عينه أعورها وأعورت عينه لُغَة فِيهَا وعورتها تعويرا مثله والعوار الَّذِي لم تقض حَاجته وَلَيْسَ من عور الْعين وَأنْشد للعجاج شعر
(وعور الرَّحْمَن من ولى العور
…
)
الثَّانِي وع ر
يُقَال جبل وعر بِسُكُون الْعين إِذا كَانَ يتخوف من سلوكه والصعود فِيهِ ومطلب وعر قَالَ الْأَصْمَعِي وَلَا تقل وعر بِكَسْر الْعين وَقد وعر بِالضَّمِّ وعورة وَكَذَلِكَ توعر أَي صَار وعرا ووعرته أَنا توعيرا وَقد استوعرت الشَّيْء إِذا وجدته وعرا وَفُلَان وعر الْمَعْرُوف أَي قَليلَة كل ذَلِك لَا يخرج عَن معنى التخوف
الثَّالِث ور ع
الْوَرع بِالتَّحْرِيكِ الجبان قَالَ ابْن السّكيت وأصحابنا يذهبون بالورع إِلَى الجبان وَلَيْسَ كَذَلِك وَإِنَّمَا الْوَرع الصَّغِير الَّذِي لَا غناء عِنْده يُقَال إِنَّمَا مَال فلَان أوراع أَي صغَار تَقول مِنْهُ ورع بِضَم الرَّاء يورع بِفَتْح الْيَاء وَالرَّاء وَسُكُون الْوَاو وروعا ووراعة وورعا بِضَم الْوَاو وَسُكُون الرَّاء إِمَّا الجبان فَهُوَ الْخَائِف وَأما الصَّغِير الَّذِي لَا غناء عِنْده كَأَنَّهُ متخوف فَلَا نفع فِيهِ
والورع بِكَسْر الرَّاء الرجل التقي وَقد ورع يرع بِفَتْح الْيَاء وَكسر الرَّاء ورعا بِفَتْح الرَّاء ورعه يُقَال فلَان سيء الرعة أَي قَلِيل الْوَرع وتورع من كَذَا أَي تحرج وورعته توريعا أَي كففته وخوفته وَفِي حَدِيث عمر ورع اللص لَا تراعه أَي إِذا رَأَيْته فِي مَنْزِلك فادفعه واكففه وَلَا تنْتَظر بِهِ
مَا يكون مِنْهُ فَأَنت ترى مدَار هَذَا كُله على التخوف وَقد رد أهل اللُّغَة كَلَام ابْن السّكيت وَقَالُوا بل الْوَرع الجبان وَيُؤَيّد ذَلِك قَول الراجز
(لَا هيبان قلبه منان
…
وَلَا نخيب ورع جبان)
الرَّابِع ر وع
الروع بِالْفَتْح الْفَزع قَالَ صَاحب الصِّحَاح الروعة الفزعة وَمِنْه قَوْلهم أفرخ روعه أَي ذهب فزعه وَسكن وغلطوه فِي ذَلِك لِأَنَّهُ ضَبطه بِفَتْح الرَّاء وَالصَّحِيح أَنه بِضَم الرَّاء وَهُوَ مَوضِع الروع قَالَ الْجَوْهَرِي والروع بِالضَّمِّ الْقلب وَالْعقل يُقَال وَقع ذَلِك فِي روعي أَي فِي خلدي وبالي وَفِي الحَدِيث إِن روح الْقُدس نفث فِي روعي قلت سمي بذلك لما كَانَ التخوف والحذر ينشأ مِنْهُ ورعت فلَانا وروعته فارتاع أَي أفزعته فَفَزعَ وَقَوْلهمْ لَا ترع أَي لَا تخف وَلَا يلحقك خوف
والروعاء من النوق الحديدة الْفُؤَاد وَكَذَلِكَ الْفرس سميا بذلك لما كَانَ كالمتخوفين الحذرين
الْخَامِس ع ر
وَعُرْوَة الْقَمِيص والكوز مَعْرُوفَة لِأَنَّهَا عملت لأمن الْخَائِف من سُقُوط الْكوز
وانفراج الْقَمِيص والعراء بِالْمدِّ الفضاء الَّذِي لَا ستر بِهِ قَالَ الله تَعَالَى {لنبذ بالعراء} وَسمي بذلك لِأَنَّهُ يتخوف فِيهِ
والعروة الْأسد وَبِه سمي الرجل لما كَانَ الْإِنْسَان يخافه ويتهيب لقاءه
وَفُلَان تعروه الأضياف وتعتريه أَي تغشاه قيل لِأَن الْغَالِب إِذا نزل الضَّيْف بِأحد لَا بُد وَأَن يتجمع مِنْهُ أَو لِأَن الضَّيْف يكون خَائفًا من عدم المأكل وَالْمشْرَب وَقَالَ النَّابِغَة شعر
(أَتَيْتُك عَارِيا خلقا ثِيَابِي على
…
خوف تظن بِي الظنون)
والعرية النَّخْلَة يعريها صَاحبهَا رجلا مُحْتَاجا فَيجْعَل لَهُ ثَمَرهَا عامها
فيعروها أَي يَأْتِيهَا وَهِي فعيلة بِمَعْنى مفعولة وَإِنَّمَا دَخَلتهَا الْهَاء لِأَنَّهَا أفردت فَصَارَت فِي عداد الْأَسْمَاء مثل النطيحة والأكيلة وَلَو جِئْت بهَا مَعَ النَّخْلَة قلت نَخْلَة عري وَفِي الحَدِيث إِنَّه رخص فِي الْعَرَايَا بعد نَهْيه عَن الْمُزَابَنَة لِأَنَّهُ رُبمَا تأذى بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ فَيحْتَاج إِلَى أَن يَشْتَرِيهَا مِنْهُ بِثمن فَرخص لَهُ ذَلِك قَالَ شَاعِر الْأَنْصَار
(وَلَيْسَت بسنهاء وَلَا رجبية
…
وَلَكِن عرايا فِي السنين الجوائح)
يَقُول إِنَّا نعريها النَّاس سميت بذلك لِأَن الَّذِي يعراها يكون متخوفا
يائسا واستعرى النَّاس فِي كل وَجه أَي أكلُوا الرطب
والعرية الرّيح الْبَارِدَة يُقَال أهلك فقد أعريت أَي غَابَتْ الشَّمْس وَبَردت وَكَأَنَّهُ يخَاف عَلَيْهِ أَن لَا يلْحق أَهله
والعرواء مثل الغلواء قُرَّة الْحمى ومسها فِي أول مَا تَأْخُذ بالرعدة وَقد عري الرجل على مَا لم يسم فَاعله واي تخوف لَا يكون من رعدة الْحمى
وعري من ثِيَابه فَهُوَ عَار وعريان وَامْرَأَة عُرْيَانَة وأعريت الْفرس إِذا ركبته عُريَانا كَأَن الرَّاكِب يتخوف الْوُقُوع
السَّادِس ر ع
والرعاوى والرعاوى بِضَم الرَّاء وَفتحهَا وَفتح الْوَاو فيهمَا الْإِبِل الَّتِي ترعى حول الْقَوْم فِي دِيَارهمْ لِأَنَّهَا الْإِبِل الَّتِي يعْتَمد عَلَيْهَا لما كَانُوا يتخوفون بعْدهَا عَنْهُم جعلوها ترعى حَولهمْ والراعي الَّذِي تدفع إِلَيْهِ الْإِبِل أَو غَيرهَا ليرعاها وَتجمع على رُعَاة مثل قَاض وقضاة ورعيان مثل شَاب وشبان ورعى مثل جَائِع وجياع لما كَانَ الرَّاعِي يخَاف الذِّئْب والأسد وكل كاسر من