الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النتيجة فِي ذكر من كَانَ أَعور
وَقد سردتهم على حُرُوف املعجم ليَكُون ذَلِك أسهل فِي الْكَشْف عَن الِاسْم الْمَطْلُوب
1 -
إِبْرَاهِيم بن يزِيد بن الْأسود عَمْرو بن ربيعَة بن حَارِثَة بن سعد بن مَالك بن النَّخعِيّ أَبُو عمرَان وابو عمار وَأمه مليكَة بنت يزِيد بن قيس النخعية أُخْت الْأسود بن يزِيد النَّخعِيّ فَهُوَ خَاله
والنخع بِفَتْح النُّون وَالْخَاء وَبعدهَا عين مُهْملَة وَهِي قَبيلَة كَبِيرَة من مذجح بِالْيمن وَإِنَّمَا قيل لَهُ النخع لِأَنَّهُ انتخع من قومه أَي بعد عَنْهُم
وَاسم النخع جسر بن عَمْرو بن عِلّة بن مخلد بن مَالك بن أدد وَقد خرج من هَذِه الْقَبِيلَة خلق كثير وَقيل فِيهِ إِبْرَاهِيم بن يزِيد بن قيس وَقيل فِي نسبه غير ذَلِك توفّي رحمه الله سنة سِتّ وَقيل سنة خمس وَتِسْعين لِلْهِجْرَةِ وَله تسع وَأَرْبَعُونَ سنة وَقيل ثَمَان وَخَمْسُونَ وَالْأول أصح وَقَالَ
يحيى الْقطَّان توفّي بعد الْحجَّاج بأَرْبعَة أشهر وَكَانَ كوفيا وَهُوَ فَقِيه الْعرَاق روى عَن عَلْقَمَة ومسروق وخاله الْأسود بن يزِيد وَالربيع بن خَيْثَم وَالْقَاضِي شُرَيْح وصلَة بن زفر وَعبيدَة السَّلمَانِي وسُويد بن غَفلَة وعابس بن ربيعَة وَهَمَّام بن الْحَارِث وهني بن بُرَيْدَة وَدخل على عَائِشَة رضي الله عنها وَهُوَ صبي وَكَانَ أَعور رحمه الله قَالَ لَهُ الشّعبِيّ أَنا أفقه مِنْك حَيا وَأَنت أفقه مني مَيتا قيل إِنَّه لما احْتضرَ جزع جزعا شَدِيدا فَقيل لَهُ فَقَالَ وَأي جزع أخطر وَأعظم مِمَّا أَنا فِيهِ أتوقع سؤالا يرد عَليّ من رَبِّي إِمَّا الْجنَّة وَإِمَّا النَّار وَالله لَوَدِدْت أَنَّهَا تلجلج فِي حلقي إِلَى يَوْم الْقِيَامَة روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَغَيرهم
2 -
احْمَد بن عبد الله طماس بن الْعَبَّاس بن مُحَمَّد بن صول مولى يزِيد بن الْمُهلب الصولي كَانَ أَعور وَكَانَ يلقب بطماس بِكَسْر الطَّاء الْمُهْملَة وَبعدهَا مِيم والف وسين مُهْملَة ذكره أَبُو عبد الله المرزباني فِي كتاب الألقاب وَقَالَ هُوَ عَم شَيخنَا أبي بكر مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله الصولي وَإِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس الصولي عَمه وَكَانَ إِبْرَاهِيم يستثقله ويستجفي أخلاقه وَكَانَ فِيهِ مَعَ عوره صلف وَكبر وَكَانَ يهاجي البحتري
قَالَ الْحسن بن وهب لإِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس يَا أَبَا إِسْحَاق تعال حَتَّى نعد الْبغضَاء قَالَ خذني أَولا لأجل ابْن أخي وثن بِمن شِئْت وَكَانَ طماس يَقُول الْعلم رَاقِد فِي الأفئدة مستيقظ فِي الأفواه سَائِر بالأقلام وَقَالَ القرطاس أَمْرَد مَا لم يكحله ميل الدواة وَقَالَ يرثي الْحسن بن مخلد
(مضى جبل الدُّنْيَا وسايس ملكهَا
…
وأحذق خلق الله بِالنَّهْي وَالْأَمر)
(مضى سيد الْكتاب غير مدافع
…
وَمن لَا يرى شبه لَهُ آخر الدَّهْر)
(وَمَا جمع الْأَمْوَال مثل ابْن مخلد
…
يقرب مِنْهَا مَا تبَاعد عَن خبر)
(فَلَا وهب الله الْبَقَاء خِلَافه
…
لأعدائه من آل وهب حمى الْكفْر)
(وَمن هُوَ عون للضلال على الْهدى
…
عكوف على لحم الْخَنَازِير وَالْخمر)
3 -
أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن عِيسَى بن رستم أَبُو الطّيب المادرائي الكوكبي الإخباري الْأَعْوَر الْمَعْرُوف بالكوكبي كَانَ أَصْغَر من أَخِيه مُحَمَّد طلب الحَدِيث وَأكْثر مِنْهُ وَمن كِتَابَته وَقَرَأَ الْأَدَب وَكَانَ فَاضلا وَبَينه وَبَين أبي الْعَبَّاس الْمبرد صداقة ومكاتبات بالأشعار ومدح الْحسن بن مخلد وَولي
ديوَان الْخراج بِمصْر أَيَّام المعتضد والمكتفي من قبل هارن بن أبي الْجَيْش خمارويه وَلما رَجَعَ مؤنس وَصفه للمقتدر وخاطبه فِي أَن يستوزره فهيئت لَهُ الْخلْع وَكتب التَّقْلِيد وَنفذ إِلَيْهِ الرَّسُول إِلَى دمشق فَلَقِيَهُمْ رسله بوفاته قَالَ أَخُوهُ مُحَمَّد أَرَادَ أخي السّفر إِلَى الشَّام فلمته على الثّقل فَقَالَ مَا معي إِلَّا مَا لَا بُد مِنْهُ وَلَا أقدر أَن أأخره وأحصى فِي جملَة مَا حمله ثَلَاثمِائَة حمل دفاتر وَكَانَ لَا يدع النّسخ بِحَال وَهُوَ فِي مَجْلِسه يَأْمر وَينْهى وروى عَنهُ أَبُو بكر مُحَمَّد بن جَعْفَر الخرايطي وَمُحَمّد بن الْعَبَّاس الشلغاني ومولده بِبَغْدَاد سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي رحمه الله بِمصْر سنة ثَلَاث وثلاثمائة
وَمن شعره أَيْضا
(وَإِذا بدا جلد عَلَيْك من امْرِئ
…
وأجله الغشيان والإلمام)
(فتسل عَنهُ بفرقة لَا مبديا
…
شكوى لتصلحه لَك الْأَيَّام)
وَله أَيْضا
(عَاقِر الراح ودع نعت الطلل
…
واعص من لامك فِيهَا أَو عذل)
(غادها واغن بهَا وَاسع لَهَا
…
وَإِذا قَالُوا تصابى قل أجل)
(إِنَّمَا دنياك فَاعْلَم سَاعَة
…
أَنْت فِيهَا وَسوى ذَاك أمل)
4 -
أَحْمد بن الْمُخْتَار بن مُحَمَّد بن عبيد بن خير بن سُلَيْمَان الْأَمِير أَبُو الْعَبَّاس بن أبي الْفتُوح ابْن أخي مهذب الدولة أَحْمد هَذَا وَأَبوهُ من أُمَرَاء البطيحة وَكَانَ كثير الشّعْر قدم بَغْدَاد ومدح الْإِمَامَيْنِ المستظهر والمسترشد
ومدح المقتفى وَمَات لَهُ ابْن فَبكى عَلَيْهِ إِلَى أَن ذهبت إِحْدَى عَيْنَيْهِ وَتُوفِّي رحمه الله سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَقَالَ يشكو الزَّمَان
(كَأَنَّمَا آلى على نَفسه
…
أَن لَا يرى شملا لَا ثنين)
(لم يكفه مَا نَالَ من مهجتي
…
حَتَّى أصَاب الْعين بِالْعينِ)
وَقَالَ أَيْضا
(أللحمامة أم للبرق تكْتب لَا
…
بل لكل دعَاك الشوق والطرب)
(إِن أومض الْبَرْق أَو غنت مطوقة
…
قضيت من حق ضيف الْحبّ مَا يجب)
(وَالْحب كالنار تمشي وَهِي سَاكِنة
…
حَتَّى يحركها ريح فتلتهب)
وَقَالَ أَيْضا
(وَلَقَد أَقُول لصاحبي قُم فاسقني
…
بكر الدنان وَمَا تغنى الديك)
(قُم داوني مِنْهَا بهَا أَنِّي امْرُؤ
…
نشوان من إدمانها مدعوك)
(فَكَأَنَّهَا فِي الكأس لما شجها
…
ذهب بجاحم ناره مسبوك)
(فِي رَوْضَة أنف النَّبَات كَأَنَّهَا
…
برد بكف الْعُصْفُرِي محبوك)
(حيدت بأنواء النُّجُوم فَلم تزل
…
تبْكي عَلَيْهَا السحب وَهِي ضحوك)
(حَتَّى اغتدت عجبا وكل خميلة
…
مِنْهَا ترف كَأَنَّهَا درنوك)
5 -
إِدْرِيس بن سُلَيْمَان بن يحيى بن أبي حَفْصَة يزِيد مولى مَرْوَان بن الحكم أَبُو سُلَيْمَان الْأَعْوَر
كَانَ الواثق يَقُول مَا مدحني أحد من الشُّعَرَاء بِمثل مَا مدحني بِهِ إِدْرِيس وَكَانَ مغرى بإنشاد قَوْله فِيهِ
(إِن الْخَلِيفَة هارونا لدولته
…
فضل على غَيرهَا من سَائِر الدول)
(أَحييت بعد رَسُول الله سنته
…
فَأصْبح الْحق نهجا وَاضح السبل)
(أصلحت للنَّاس دنياهم وَدينهمْ
…
فأدركوا بك عفوا أفضل الأمل)
(لَو لم يقم قبَّة الْإِسْلَام عدلكم
…
لأصبح الْميل فِيهَا غير معتدل)
وَمن شعره فِي إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم المصعبي
(لما أتتك وَقد كلت مسارعة
…
داني الرِّضَا بَين أيديها بإفساد)
(لَهَا أمامك نور يستضاء بِهِ
…
وَمن رحابك فِي أعقابها حاد)
(لَهَا أَحَادِيث من ذكراك تشغلها
…
عَن الربوع وتلهينا عَن الزَّاد)
6 -
إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن بن أبي دؤيب الإِمَام أَبُو مُحَمَّد السّديّ الْكَبِير الْمجَازِي الْكُوفِي الْأَعْوَر الْمُفَسّر مولى قُرَيْش روى عَن أنس بن مَالك وَعبد الْخَيْر الْهَمدَانِي وَمصْعَب بن سعد وَأبي صَالح باذام وَأبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ وَمرَّة الطّيب وَخلق وَرَأى أَبَا هُرَيْرَة وَالْحسن بن عَليّ رضي الله عنهما روى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَقَالَ النَّسَائِيّ صَالح الحَدِيث وَقَالَ الْقطَّان لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ أَحْمد مقارب
الحَدِيث وَقَالَ مرّة ثِقَة وَقَالَ ابْن معِين ضَعِيف وَقَالَ أَبُو زرْعَة لين وَقَالَ أَبُو حَاتِم يكْتب حَدِيثه وَقَالَ ابْن عدي هُوَ عِنْدِي صَدُوق وَقيل إِنَّه كَانَ عَظِيم اللِّحْيَة جدا قَالَ إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد السّديّ كَانَ أعلم بِالْقُرْآنِ من الشّعبِيّ قَالَ الفلكي إِنَّمَا لقب السّديّ لِأَنَّهُ كَانَ يجلس بِالْمَدِينَةِ فِي مَكَان يُقَال لَهُ السد وَقيل بل بسدة الْجَامِع يَعْنِي بَاب الْجَامِع وَقيل كَانَ يَبِيع الْخمر وَتُوفِّي رحمه الله سنة سبع وَعشْرين وماية وَأما السّديّ الصَّغِير فَهُوَ مُحَمَّد بن مَرْوَان أحد المتروكين
7 -
الْأسود بن يزِيد بن قيس بن عبد الله بن مَالك أَبُو عَمْرو النَّخعِيّ من الطَّبَقَة الأولى من التَّابِعين من أهل الْكُوفَة كَانَ يَصُوم الدَّهْر ويصوم فِي الْحر حَتَّى يسود لِسَانه وَكَانَ يَصُوم فِي السّفر فَقيل لَهُ لم تعذب هَذَا الْجَسَد فَقَالَ إِنَّمَا أُرِيد الرَّاحَة وَذَهَبت إِحْدَى عَيْنَيْهِ من الصَّوْم فِي الْحر وَطَاف بِالْبَيْتِ ثَمَانِينَ حجَّة وَعمرَة وَكَانَ يهل من الْكُوفَة وَحج سبعا وَسبعين حجَّة وَكَانَ لَا يُصَلِّي على من مَاتَ وَهُوَ مُوسر وَلم يحجّ وَكَانَ يخْتم الْقُرْآن فِي شهر رَمَضَان فِي كل لَيْلَتَيْنِ وَكَانَت عَائِشَة رضي الله عنها تَقول مَا بالعراق رجل اكرم عَليّ من الْأسود وَكَانَ يصفر لحيته وَرَأسه وَكَانَ يُقَال لَهُ رَأس مَال أهل الْكُوفَة وانْتهى الزّهْد إِلَى ثَمَانِيَة من التَّابِعين الْأسود أحدهم
سمع من معَاذ بِالْيمن لما بَعثه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وروى عَن أبي بكر وَعمر وَعلي وَابْن مَسْعُود وَأبي مُوسَى وسلمان وَعَائِشَة رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وابو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَتُوفِّي رَحمَه
الله فِيمَا يُقَال على خلاف مَا بَين الثَّمَانِينَ وَالتسْعين لِلْهِجْرَةِ وكنيته أَبُو عَمْرو أَخُو عبد الرَّحْمَن ووالد عبد الرَّحْمَن وَابْن أخي عَلْقَمَة بن قيس وخال إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ
8 -
الْأَشْعَث بن قيس لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة وَقد ارْتَدَّ أَيَّام الرِّدَّة فحوصر وَأخذ بالأمان ثمَّ أسلم وزوجه أَبُو بكر رضي الله عنه بأخته فَرْوَة بنت أبي قُحَافَة وَكَانَ على ميمنه عَليّ بصفين وَاسْتَعْملهُ مُعَاوِيَة على أذربيجان وَهُوَ أول من مَشى الرِّجَال فِي خدمته وَهُوَ رَاكب وَتُوفِّي رضي الله عنه بعد عَليّ رضي الله عنه بِأَرْبَعِينَ لَيْلَة وَصلى الْحسن عَلَيْهِ سنة أَرْبَعِينَ لِلْهِجْرَةِ وَذكره ابْن سعد فِي الطَّبَقَة الرَّابِعَة مِمَّن أسلم وَقيل كَانَ اسْمه معدي كرب وَإِنَّمَا كَانَ أبدا أَشْعَث الرَّأْس وَكَانَت وفادته على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي السّنة الْعَاشِرَة وَقَالَ الْوَاقِدِيّ أَقَامَ الْأَشْعَث بِالْمَدِينَةِ إِلَى أَيَّام عمر وَشهد اليرموك على كرْدُوس أَمِيرا وَأُصِيبَتْ عينه يَوْمئِذٍ ثمَّ عَاد إِلَى الْمَدِينَة وَخرج إِلَى الْعرَاق مَعَ سعد بن أبي وَقاص فَشهد الْقَادِسِيَّة والمدائن وجلولاء ونهاوند واختط بِالْكُوفَةِ وَبنى بهَا دَارا فِي كِنْدَة وولاه عُثْمَان أرمينية وَقيل أذربيجان وَكَانَ أحد شُهُود الْكتاب الَّذِي كتب بَين يَدي عَليّ رضي الله عنه والحكومة مَعَ مُعَاوِيَة وَلما أَرَادَ عَليّ أَن يحكم ابْن
عَبَّاس أبي الْأَشْعَث وَقَالَ وَالله لَا يحكم مضريان أبدا حَتَّى يكون فِيهِ يماني فحكموا أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ
وَكَانَ الْأَشْعَث داهية وَفِيه نزل قَوْله تَعَالَى {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} وقاال كفرت عَن يَمِين بسبعين ألف دِرْهَم رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
9 -
آيد عدي الْأَمِير علائي الدّين الألدكزي
بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون اللَّام وَفتح الدَّال الْمُهْملَة وَضم الْكَاف وَبعدهَا زَاي وياء النّسَب
كَانَ نَائِب السلطنة بصفد فِي أَيَّام السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور قلاوون وَكَانَ أَعور من فرسَان الْخَيل وأبطالها أَقَامَ فِيهَا نَائِبا بِقدر خَمْسَة عشر سنة وَله بصفد تربة وحمام وَكَانَ قد غضب عَلَيْهِ وعزله من النِّيَابَة بالأمير فَارس الدّين ألبكي وَجعل الألدكزي وَالِي الْوُلَاة بهَا إهانة لَهُ فَبَقيَ على ذَلِك مُدَّة إِلَى أَن توفّي رحمه الله وَكَانَ من مماليك الْملك الظَّاهِر بيبرس وَلما كَانَ الْأَشْرَف على حِصَار عكا جَاءَتْهُ لَيْلَة اليزك فعمله وَخرج عَلَيْهِ فِي اللَّيْل من عكا جمَاعَة من الفرنج فشعثوا على الْمُسلمين فاغتاظ الْأَشْرَف عَلَيْهِ وَأخذ سَيْفه ورسم عَلَيْهِ وَكَانَ قد أبلى بلَاء حسنا فِي الفرنج وَقتل بِسَيْفِهِ مِنْهُم جمَاعَة وَلَكِن الْكَثْرَة مَا مَعهَا شجاعة فَلَمَّا رأى السُّلْطَان سَيْفه وَهُوَ مثلوم وآثار الدِّمَاء عَلَيْهِ قَالَ مَا
هَذَا سيف من فر وَلَا هرب وَلَا ولى ثمَّ إِنَّه أفرج عَنهُ وَحكى لي عَلَاء الدّين دوادار بصفد وَكَانَ أَمِيرا من مقدمي الْحلقَة بهَا عَن الْأَمِير علائي الدّين رياسات كَثِيرَة وَقَالَ كَانَ يشرب خلْوَة من غير إجهار وَكَانَ شمس الدّين الكركي الْمُحْتَسب ينادمه لَيْلًا فِي جمَاعَة قَليلَة من صبيانه وَكَانَ يَقُول من يسْتَعْمل معي إِلَى أَن يصبح فَلهُ مائَة دِرْهَم فَمن يبت مِنْهُم وَقَالَ يَا خوند صبحك الله بِالْخَيرِ ثمَّ يَأْمر الخازندار يُعْطِيهِ مائَة دِرْهَم وَكَانَ ذَلِك قبل السبعمائة سنة
حرف الْبَاء
10 -
بَرَكَات بن الحلاوي الْموصِلِي
كَانَ أَعور وَصفه البطلي بِكَثْرَة التهتك ورفض التنسك والتطرح فِي الحانات والديورات والتمسك بمعاشرة أهل البطالات وَكَانَ يَجِيء أوقاتا الْجَامِع بالموصل وَأورد لَهُ الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة قَوْله
(صدت سليمى بِلَا جرم وَلَا سَبَب
…
بل كَانَ ذَنبي إِلَيْهَا قلَّة الذَّهَب)
(قَالَت وَقد أَبْصرت شَيخا أَخا ملق
…
بفرد عين يروم الْوَصْل من كثب)
(لم يكفني إِنَّه شيخ أَخُو عور
…
حَتَّى يكون بِلَا مَال وَلَا نشب)
حرف التَّاء
11 -
تَمِيم بن أبي بن مقبل بن عَوْف بن حنيف بن قُتَيْبَة بن العجلان أَبُو كَعْب الْأَعْوَر
كَانَ جَافيا فِي الدّين أدْرك الْإِسْلَام وَأسلم وَكَانَ يبكي أهل الْجَاهِلِيَّة وَهُوَ الْقَائِل
(مَا أنعم الْعَيْش لَو كَانَ الْفَتى حجرا
…
تنبو الْحَوَادِث عَنهُ وَهُوَ ملموم)
(مَا يحرز الْمَرْء أدحاء الْبِلَاد وَلَا
…
تثنى لَهُ فِي السَّمَوَات السلاليم)
حرف الثَّاء
12 -
ثَابت بن كَعْب أَخُو بني أَسد بن الْحَرْث بن العتيك قيل مَوْلَاهُم وَيعرف بِثَابِت قطنة لِأَنَّهُ أَصَابَهُ سهم فِي إِحْدَى عَيْنَيْهِ فِي بعض حروب التّرْك فَذَهَبت فَجعل موضعهَا قطنة وَهُوَ شُجَاع شَاعِر وَكَانَ فِي صحابة يزِيد بن الْمُهلب ولي عملا فِي خُرَاسَان فَلَمَّا صعد الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة رام الْكَلَام فَتعذر عَلَيْهِ وَحصر وَقَالَ سَيجْعَلُ الله بعد عسر يسرا وَبعد عي بَيَانا وَأَنْتُم إِلَى أَمِير فعال أحْوج مِنْكُم إِلَى أَمِير قَوَّال ثمَّ أنْشد
(فإلا أكن فِيكُم خَطِيبًا فإنني
…
بسيفي إِذا جد الوغى لخطيب)
وَقد بلغت كَلِمَاته خَالِد بن صَفْوَان فَقَالَ وَالله مَا علا ذَلِك الْمِنْبَر أَخطب مِنْهُ وَلَو أَن كلَاما استخفني وأخرجني من بلادي إِلَى قَائِله اسْتِحْسَانًا لَهُ لأخرجتني هَذِه الْكَلِمَات وَقد نسب هَذَا الْكَلَام دون الشّعْر إِلَى عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه لما صعد الْمِنْبَر ارتج عَلَيْهِ وَفِيه زِيَادَة الله يَزع بالسلطان
أَكثر مِمَّا يَزع بِالْقُرْآنِ
وَقَالَ بعض الشُّعَرَاء يهجو ثَابت قطنة
(أَبَا الْعَلَاء لقد لقِيت معضلة
…
يَوْم الْعرُوبَة من كرب وتخنيق)
(أما الْقرَان فَلم تخلق لمحكمه
…
وَلم تسدد من الدُّنْيَا لتوفيق)
(لما رأتك عُيُون النَّاس هبتهم
…
وكدت تشرق لما قُمْت بالريق)
(تلوي اللِّسَان وَقد رمت الْكَلَام بِهِ
…
كَمَا هوى زلق من شَاهِق نيق)
وَلما ولي سعيد بن عبد الْعَزِيز خُرَاسَان جلس يعرض النَّاس فَرَأى شَابًّا وَكَانَ تَامّ السِّلَاح جميل الْهَيْئَة فَسَأَلَ عَنهُ فَقيل هَذَا ثَابت قطنة
وَهُوَ فَارس شُجَاع فأمضاه وَأَجَازَهُ على اسْمه فَلَمَّا انْصَرف قَالَ هَذَا الَّذِي يَقُول شعر
(إِنَّا لضرابون فِي حمس الوغا
…
رَأس الْخَلِيفَة إِن أَرَادَ صدودا)
فَقَالَ سعيد عَليّ بِهِ فَلَمَّا أَتَاهُ فَقَالَ لَهُ أَنْت الْقَائِل إِنَّا لضرابون فَقَالَ نعم أَنا الْقَائِل شعر
(إِنَّا لضرابون فِي حمس الوغا
…
رَأس المتوج إِن أَرَادَ صدودا)
(عَن طَاعَة الرَّحْمَن أَو خلفائه
…
أَو رام إفسادا ولج عنودا)
فَقَالَ لَهُ سعيد أولى لَك لَوْلَا أَنَّك خرجت مِنْهَا لضَرَبْت عُنُقك
وَقَالَ حَاجِب بن دِينَار الْمَازِني الْمَعْرُوف بحاجب الْفِيل يهجو ثَابت قطنة وَهُوَ الَّذِي هجاه بالأبيات القافية الَّتِي تقدّمت
(لَا يعرف النَّاس مِنْهُ غير قطنته
…
وَمَا سواهَا من الْإِنْسَان مَجْهُول)
قَالَ دعبل بَلغنِي أَن ثَابت قطنة قَالَ هَذَا الْبَيْت فِي نَفسه وخطر بِبَالِهِ يَوْمًا فقاله وَقَالَ لَا بُد أَن أهجي بِهِ أَو بِمَعْنَاهُ وأنشده جمَاعَة من أهل الرِّوَايَة وَمن أَصْحَابه فَقَالَ اشْهَدُوا لي أَنِّي قَائِله فَقَالُوا وَيحك مَا أردْت بِهَذَا وَلَو بَالغ عَدوك لما زَاد على هَذَا فَقَالَ لَا بُد من أَن يَقع لخاطر من غَيْرِي فَأَكُون قد سبقته إِلَيْهِ فَقَالُوا أما هَذَا فشر تعجلته وَلَعَلَّه لَا يَقع لغيرك فَلَمَّا هجاه حَاجِب بِهَذَا الْبَيْت استشهدهم على أَنه هُوَ قَائِله فَشَهِدُوا على ذَلِك فَقَالَ يرد على حَاجِب الْفِيل
(هَيْهَات ذَلِك بَيت قد سبقت لَهُ
…
فاطلب لَهُ ثَانِيًا يَا حَاجِب الْفِيل)
وَبَينه وَبَين حَاجِب الْفِيل مناقضات وأهاجي وَهِي مَذْكُورَة فِي كتاب الأغاني وَعَن أبي عُبَيْدَة قَالَ كَانَ ثَابت قطنة جَالس قوما من الشراة وقوما من المرجئة كَانُوا يَجْتَمعُونَ فيتجادلون بخراسان فَمَال إِلَى قَول المرجئة وأحبه فَلَمَّا اجْتَمعُوا بعد ذَلِك أنشدهم قصيدة قَالَهَا فِي الإرجاء وَهِي
(يَا هِنْد إِنِّي أَظن الْعَيْش قد نفدا
…
وَلَا أرى الْمَرْء إِلَّا مُدبرا نكدا)
(إِنِّي رهينة يَوْم لست سابقه
…
إِلَّا يكن يَوْمنَا هَذَا فقد أفدا)
(بَايَعت رَبِّي بيعا إِن وفيت بِهِ
…
جَاوَرت قَتْلِي كراما جاوروا أحدا)
(نرجي الْأُمُور إِذا كَانَت مشبهة
…
ونصدق القَوْل فِي من جَار أَو عندا)
(الْمُسلمُونَ على الْإِسْلَام كلهم
…
وَالْمُشْرِكُونَ أشتوا دينهم قددا)
(وَلَا أرى أَن ذَنبا بَالغ أبدا
…
بِالنَّاسِ شركا إِذا مَا وحدوا الصمدا)
(لَا نسفك الدَّم إِلَّا أَن يُرَاد بِنَا
…
سفك الدِّمَاء طَرِيقا وَاضحا جددا)
(من يتق الله فِي الدُّنْيَا فَإِن لَهُ
…
أجر التقي إِذا وافى الْحساب غَدا)
(وَمَا قضى الله من أَمر فَلَيْسَ لَهُ
…
رد وَمَا يقْض من شَيْء يكن رشدا)
(كل الْخَوَارِج مخط فِي مقَالَته
…
وَلَو تعبد فِيمَا قَالَ واجتهدا)
(أما عَليّ وَعُثْمَان فَإِنَّهُمَا
…
عَبْدَانِ لم يشركا بِاللَّه مذ عبدا)
(وَكَانَ بَينهمَا شعب وَقد شَهدا
…
شقّ الْعَصَا وبعين الله مَا شَهدا)
(يجزى عَليّ وَعُثْمَان بسعيهما
…
وَلست أَدْرِي بِحَق أَيَّة وردا)
(الله يعلم مَاذَا يحْضرَانِ بِهِ
…
وكل عبد سيلقى الله مُنْفَردا)
حرف الْجِيم
13 -
جَابر بن زيد الْأَزْدِيّ أحد الْأَئِمَّة السِّتَّة من أَصْحَاب عبد الله بن عَبَّاس وَابْن عمر وروى عَنهُ عَمْرو بن دِينَار وَقَتَادَة وكنيته أَبُو الشعْثَاء وَتُوفِّي رحمه الله سنة ثَلَاث وَتِسْعين لِلْهِجْرَةِ وَيُقَال لَهُ الجوفي بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْوَاو وَبعدهَا فَاء وَقد روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وعده ابْن الْجَوْزِيّ رحمه الله من جملَة العوران فِي التَّابِعين فِي كتاب تلقيح فهوم الْأَثر
14 -
جرير بن عبد الله البَجلِيّ بِفَتْح الْبَاء ثَانِيَة الْحُرُوف وَبعدهَا لَام الأحمسي اليمني وَفد على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَان فَأسلم وَكَانَ بديع الْجمال مليح الصُّورَة إِلَى الْغَايَة طَويلا يصل إِلَى سَنَام الْبَعِير وَكَانَت نَعله ذِرَاعا قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على وَجهه مسحة ملك وَقَالَ عمر رضي الله عنه جرير يُوسُف هَذِه الْأمة وَقَالَ جرير أسلمت قبل موت النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِأَرْبَعِينَ
يَوْمًا روى عَنهُ أنس بن مَالك وَقيس بن أبي حَازِم وَالشعْبِيّ وَبَنوهُ عبد الله وَالْمُنْذر وَإِبْرَاهِيم وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَنزل الْكُوفَة وسكنها زَمَانا ثمَّ انْتقل إِلَى قرقيسيا وَتُوفِّي رضي الله عنه سنة إِحْدَى وَخمسين وَقيل سنة أَربع وَخمسين لِلْهِجْرَةِ وَأورد لَهُ المرزباني فِي مُعْجم الشُّعَرَاء حِين نافر الفرافصة بن الْأَحْوَص الْكَلْبِيّ إِلَى الْأَقْرَع بن حَابِس قَوْله
(يَا أَقرع بن حَابِس يَا أَقرع
…
إِن يصرع الْيَوْم أَخَاك تصرع)
وَقَوله أَيْضا
(يَا أبي نزار انصرا أخاكما
…
إِن أبي وجدته أَبَاكُمَا)
(لن يخذل الْيَوْم أَخ إلاكما
…
)
فنفره الْأَقْرَع إِلَى الفرافصة وَقَالَ ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق قدم رَسُولا من عَليّ رضي الله عنه إِلَى مُعَاوِيَة يطْلب مِنْهُ الْبيعَة لَهُ ووفد على مُعَاوِيَة مرّة أُخْرَى وَلم يزل مُعْتَزِلا لعَلي وَمُعَاوِيَة بنواحي الجزيرة ثمَّ انْتقل من الْكُوفَة إِلَى قرقيسيا وَقَالَ لَا أقيم فِي بَلْدَة يشْتم فِيهَا عُثْمَان وَكَانَ سيدا فِي قومه وَبسط لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثوبا ليجلس عَلَيْهِ وَقت مبايعته لَهُ وَقَالَ لأَصْحَابه إِذا
جَاءَكُم كريم قوم فأكرموه وَوَجهه إِلَى ذِي الخلصة طاغية دوس فَهَدمهَا ودعى لَهُ حِين بَعثه إِلَيْهَا وَشهد مَعَ الْمُسلمين يَوْم الْمَدَائِن وَله فِيهِ أَخْبَار مأثورة وَشهد غَيره من فتوحات الْعرَاق والعجم وَكَانَ على الميمنة يَوْم الْقَادِسِيَّة وَكَانَ أَعور ذهبت عينه بهمدان حِين وَليهَا فِي زمن عُثْمَان ودعى لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ اللَّهُمَّ ثبته واجعله هاديا مهديا وَقَالَ اللَّهُمَّ اشرح قلبه للْإيمَان وَلَا تَجْعَلهُ من أهل الرِّدَّة وَلَا تكْثر لَهُ فيطغى وَلَا تملي عَلَيْهِ فينسى
وَقَالَ جرير مَا حجبني رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مُنْذُ أسلمت وَلَا رَآنِي إِلَّا تَبَسم وَقَالَ صلى الله عليه وسلم جرير منا أهل الْبَيْت طهرا لبطن قَالَهَا ثَلَاثًا لَا تسبوا جرير بن عبد الله إِن جَرِيرًا منا أهل الْبَيْت وَكَانَت وُفُود الْعَرَب تَأتي النَّبِي صلى الله عليه وسلم فيبعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى جرير فيلبس حلته ثمَّ يَجِيء فيباهي الْوُفُود بِهِ وَقَالَ لَهُ
أَنَّك امْرُؤ وَقد حسن الله خلقك فَأحْسن خلقك وَفِي جرير يَقُول الشَّاعِر
(لَوْلَا جرير هَلَكت بجيله
…
نعم الْفَتى وبئست الْقَبِيلَة)
فَلَمَّا سمع ذَلِك عمر ين الْخطاب رضي الله عنه قَالَ مَا مدح من هجي قومه
حرف الْحَاء الْمُهْملَة
15 -
حَاجِب بن الْوَلِيد أَبُو أَحْمد الْأَعْوَر الشَّامي الْمُؤَدب نزيل بَغْدَاد روى عَنهُ مُسلم وَأحمد بن سعيد الدَّارمِيّ والزهلي وَابْن أبي الدُّنْيَا وَثَّقَهُ ابْن حبَان وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
16 -
الْحَارِث بن عبد الله الْهَمدَانِي الْأَعْوَر الْكُوفِي صَاحب عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه كَانَ فَقِيها فَاضلا من عُلَمَاء الْكُوفَة لكنه لين الحَدِيث توفّي سنة خمس وَسِتِّينَ لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
17 -
حبيب بن أبي ثَابت قيس بن دِينَار وَقيل قيس بن هِنْد مولى بني أَسد بن خُزَيْمَة
كَانَ أَعور وروى عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَأبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ وَأبي وَائِل وَسَعِيد بن جُبَير وَخلق وَكَانَ كوفيا وَهُوَ أحد الْأَعْلَام وَهُوَ وَحَمَّاد بن سَلمَة فَقِيها الْكُوفَة وَقَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ سمع من عَائِشَة رضي الله عنها وَقَالَ البُخَارِيّ لم يسمع وَقَالَ غير وَاحِد حبيب ثِقَة وَتُوفِّي رحمه الله سنة تسع عشرَة
وَمِائَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وابو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
18 -
حجاج بن مُحَمَّد الْأَعْوَر المصِّيصِي أَبُو مُحَمَّد مولى سُلَيْمَان بن مجَالد
ترمذي الأَصْل سكن بَغْدَاد وَقَالَ الإِمَام أَحْمد مَا كَانَ أضبط وَأَصَح أَحَادِيثه وَأَشد تعاهده للحروف وَرفع أمره جدا توفّي رحمه الله بِبَغْدَاد سنة سِتّ وَمِائَتَيْنِ وَقد تغير عقله وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
19 -
حسان بن نمير بن عجل أَبُو الندى الْكَلْبِيّ الشَّاعِر الخليع المطبوع الْمَعْرُوف بعرقلة
كَانَ أَعور وَكَانَ السُّلْطَان صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب وعده أَن يُعْطِيهِ ألف دِينَار إِن أَخذ الديار المصرية فَلَمَّا أَخذهَا قَالَ
(قبل للصلاح معيني عِنْد اقتاري
…
يَا ألف مولَايَ أَيْن الْألف دِينَار)
(أخْشَى من الإسر إِن حاولت أَرْضكُم
…
وَمَا تفي جنَّة الفردوس بالنَّار)
(فجد بهَا عاضديات موفرة
…
من بعض مَا خلف الطاغي أَخُو الْعَار)
(حمرا كأسيافكم غرا كخيلكم
…
عتقا ثقالا كأعدائي وأطماري)
فَأعْطَاهُ ألفا وَأخذ لَهُ من إخوانه مثلهَا فَجَاءَهُ الْمَوْت فَجْأَة وَلم ينْتَفع بفجأة الْغنى وَكَانَت وَفَاته رحمه الله سنة سبع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة بَعْدَمَا أناف على الثَّمَانِينَ وَمن شعره أَيْضا
(الْحَمد لله السَّمِيع الْمُجيب
…
قد هلك الشّرك وذل الصَّلِيب)
(يَا سَاكِني أكناف مصر أَنا
…
أَبُو نواس وَالصَّلَاح الخصيب)
قلت مُخَاطبَة الْمُلُوك وَذكرهمْ هَكَذَا لَا يجوز وَقلة أدب وَلَو قَالَ الإِمَام النَّاصِر أَمِير الْمُؤمنِينَ هَكَذَا مَا استحسنه النَّاس وَمَا أَظن أَنا أَن الْخَلِيفَة النَّاصِر كَانَ إِذا ذكره مَا يَقُول إِلَّا السُّلْطَان صَلَاح الدّين وَمن شعره فِي غُلَام قبله مودعا أَيْضا
(أَقْسَمت يَا عاذلي فِيمَن بليت بِهِ
…
وَمن تحكم فِي هجري وإبعادي)
(فَلَو أَنه كلما سَافَرت وَدعنِي
…
بقبلة لم أزل فِي الرَّائِح الغادي)
قلت أحسن من هَذَا قَول الْقَائِل أَيْضا
(أَرَأَيْت من يرضى بفرقة إلفه
…
أَنا قد رضيت لنا بِأَن نتفرقا)
(حَتَّى أفوز بقبلة فِي خَدّه
…
عِنْد الْوَدَاع وَمثلهَا عِنْد اللقا)
وَمن شعره وَقد أعطَاهُ بَعضهم شَعِيرًا
(يَقُولُونَ قد رخصت شعرك فِي الورى
…
فَقلت لَهُم إِذْ مَاتَ أهل المكارم)
(أجازى على الشّعْر الشّعير وَإنَّهُ
…
كثير إِذا خلصته من بهائم)
وَله أَيْضا
(كتم الْهوى فوشت دُمُوعه
…
من حر جمر تحتويه ضلوعه)
(صب تشاغل بِالربيعِ وزهره
…
زَمنا وَفِي وَجه الحبيب رَبِيعه)
(يَا لائمي فِيمَن تمنع وَصله
…
من بغيتي أحلى الْهوى ممنوعه)
(كَيفَ التَّخَلُّص إِن تجنى أَو جنى
…
وَالْحسن شَيْء لَا يرد شفيعه)
(شمس وَلَكِن فُؤَادِي حرهَا
…
بدر وَلَكِن فِي القباء طلوعه)
(قَالَ العواذل مَا الَّذِي استحسنت فِيهِ
…
وَمَا يسبيك قلت جَمِيعه)
وَله فِي الخريف
(خرف الخريف وَأَنت فِي شغل
…
عَن بهجة الْأَيَّام والحقب)
(أوراقه صفر وقهوتنا
…
صفراء مثل الشَّمْس فِي لَهب)
(يَأْتِي بهَا غَيْرِي وأشربها
…
ذَهَبا على ذهب بِلَا ذهب)
وَله فِي أبي الْوَحْش ابْن غيلَان وَكَانَ امتدحه فوعده وَكَانَ إِذا اقْتَضَاهُ حرك رَأسه
(يَا من إِذا جِئْته سؤولا
…
وَلست بالسائل اللجوج)
(حرك لي موعدا بمطل
…
حادي عشر من البروج)
وَله فِي نَاصِر الدّين وَفتح الدّين وَلَدي أَسد الدّين شيركوه
(لله شبلا أسدا خادر
…
مَا فيهمَا جبن وَلَا شح)
(مَا أَقبلَا إِلَّا وَمَال الورى
…
قد جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح)
وَله أَيْضا يهجو
(صِفَات القويضي فَتى مشرق
…
يحار لَهُ الْعَالم الراسخ)
(ذكي وَلكنه لادن
…
أصيل وَلكنه كامخ)
وَله أَيْضا
(وكأس سقانيها كقنديل بيعَة
…
بهَا وَبِه فِي ظلمَة اللَّيْل نهتدي)
(مُعتقة من قبل شيت وآدَم
…
محللة من قبل عِيسَى وَأحمد)
(صفت كدموعي حِين صد مديرها
…
ورقت كديني حِين أوفى بموعد)
وَله أَيْضا يهجو ملك النُّحَاة أَبَا نزار وَكَانَ يذكر مصر
(قد جن شَيْخي أَبُو نزار
…
يذكر مصر وَأَيْنَ مصر)
(وَالله لَو حلهَا لقالوا
…
ففاه يَا زيد فَهُوَ عَمْرو)
زيد هَذَا كَانَ محتسبا بِدِمَشْق ثمَّ إِنَّه صَار محتسبا بِمصْر
وَمِنْه مَا كتبه إِلَى السُّلْطَان صَلَاح الدّين يتقاضاه الْألف دِينَار الَّتِي تقدم ذكرهَا
(إِلَيْك صَلَاح الدّين مولَايَ أشتكي
…
زَمَانا على الْحر الْكَرِيم يجور)
(مَتى أبْصر الْألف الَّتِي كنت موعدي
…
بهَا فِي يَدي قبل الْمَمَات تصير)
(هَيْهَات والإفرنج بيني وَبَيْنكُم
…
سياج قَتِيل دونه وأسير)
(وَمن عجب الْأَيَّام أَنَّك ذُو غنى
…
بِمصْر وَإِنِّي فِي دمشق فَقير)
قلت لَيْسَ فِي هَذَا عجب وَذَاكَ سُلْطَان وَأَنت فِي دمشق شَاعِر وَمِنْه
أَيْضا
(قَالُوا بدا فِي خَدّه الشّعْر
…
وَأَنت لَا عقل وَلَا صَبر)
(واسود خداه فَقلت اقصروا
…
لَوْلَا الدجى مَا حسن الْبَدْر)
وَقد سَافر إِلَى حلب فاتفق أَن ذهبت عينه بهَا فَقَالَ
(جفاني صديقي حِين أَصبَحت معدما
…
وأخرني دهري وَكنت مقدما)
(وسافرت جهلا فانعورت وَإِن أعد
…
إِلَى سفرة أُخْرَى قدمت إِلَى الْعَمى)
(وَكم من طَبِيب قَالَ تبرى أَجَبْته
…
كذبت وَلَو كنت الْمَسِيح بن مريما)
وَكَانَ بِدِمَشْق غُلَام يعرف بوهيب بن الشحاذة وَكَانَ عرقلة يهواه فلامه النَّاس فِيهِ وَقَالُوا لَهُ أَنه مبذول فَقَالَ
(قَالُوا حَبِيبك مبذول فَقلت لَهُم
…
وَقد ترقرق دمع الْعين وانسجما)
(كَأَنَّهُ المَاء مبذول لطالبه
…
وَمَا يصاب لَهُ مثل إِذا عدما)
وَله فِي الْمَذْكُور أَيْضا
(قَالَ قوم بدا عذار وهيب
…
فاسل عَنهُ قلت لَا كَيفَ أسلو)
(أَنا جلد على لقا أَسد عينه
…
أفأخشى عذاره وَهُوَ نمل)
وَمِنْه فِي وَصفِيَّة الكردية
(عارضاها حِين يَبْدُو عارضاها
…
وسلاها عَن فُؤَادِي هَل سلاها)
(بِأبي جَارِيَة جائرة
…
مَا شفت غلَّة قلبِي شفتاها)
(أَتَمَنَّى قبْلَة فِي يَدهَا
…
وسواي فِي الْهوى قد مل فاها)
وَمِنْه أَيْضا
(أَقْسَمت مَا رَوْضَة بالنيرين إِذا
…
سحت عَلَيْهَا شؤون الْعَارِض الهطل)
(شقَّتْ شقائقها أَيدي الرّبيع وَقد
…
ماست حدائقها كالشارب الثمل)
(يَوْمًا بِأَحْسَن من ورد الخدود على
…
بَان القدود وَلَا من نرجس الْمقل)
(وَقَائِل وشموس الراح آفلة
…
فِينَا وَوجه مدير الراح لم يفل)
(هَذَا هُوَ الْحبّ لَوْلَا كَثْرَة الرقبا
…
وَلَذَّة الْعَيْش لَوْلَا سرعَة الْأَجَل)
مِنْهَا فِي المديح
(يزْدَاد فِي أعين الْأَعْدَاء منزلَة
…
كَأَنَّهُ قمر فِي عين ذِي حول)
وَقَالَ وَقد جهز إِلَيْهِ السُّلْطَان صَلَاح الدّين عشْرين دِينَارا
(يَا ملكا مَا بَرحت كَفه
…
تجود بِالْمَالِ على كفي)
(أَفْلح بالعشرين من لم يزل
…
فِي رَأس عشْرين من الْكَهْف)
(يَا ألف مولَايَ وَلكنهَا
…
محسوبة من جملَة الْألف)
20 -
الْحُسَيْن بن يحيى بن عَيَّاش أَبُو عبد الله الْمُتَوَلِي الْبَغْدَادِيّ الْقطَّان الْأَعْوَر
سمع أَحْمد بن الْمِقْدَام الْعجلِيّ وَالْحسن بن أبي الرّبيع وَالْحسن بن عَرَفَة وَجَمَاعَة روى عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ والقواس وَوَثَّقَهُ أَبُو الْحُسَيْن بن جَمِيع وهلال
الحفار وَأَبُو عمر بن مهْدي وَإِبْرَاهِيم بن مخلد وَأَبُو عمر الْهَاشِمِي وَتُوفِّي رحمه الله سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة
21 -
حَكِيم بن عَيَّاش الْكَلْبِيّ الْأَعْوَر الشَّاعِر
كَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى بني أُميَّة وَسكن المزة وانتقل إِلَى الْكُوفَة وَله شعر يفخر فِيهِ بِالْيمن نقضه عَلَيْهِ الْكُمَيْت بن زيد وافتخر بمضر وَلَا يعرف إِلَّا بالأعور الْكَلْبِيّ وَهُوَ الْقَائِل
(صلبنا لكم زيدا على رَأس نَخْلَة
…
وَلم نر مهديا على الْجذع يصلب)
(وقستم بعثمان عليا سفاهة
…
وَعُثْمَان خير من عَليّ وَأطيب)
يُرِيد زيد بن عَليّ بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ
22 -
حَيَّان بن بشر الْحَنَفِيّ
كَانَ من كبار أَصْحَاب الرَّأْي ولي قَضَاء أَصْبَهَان فِي دولة الْمَأْمُون وولاه ابْن أَكْثَم الْجَانِب الشَّرْقِي من بَغْدَاد لما رَضِي المتَوَكل على يحيى بن أَكْثَم وَولى
سوار الْعَنْبَري قَضَاء الْجَانِب الغربي وَكَانَ يحيى بن أَكْثَم وسوار وحيان الثَّلَاثَة عور
قَالَ ابْن معِين فِي حق القَاضِي حَيَّان بن بشر لَا بَأْس بِهِ وَتُوفِّي رحمه الله سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ وسوف يَأْتِي ذكر القَاضِي سوار وَالْقَاضِي يحيى بن أَكْثَم فِي مكانيهما إِن شَاءَ الله تَعَالَى
حرف الْخَاء الْمُعْجَمَة
23 -
خوارزم شاه هُوَ السُّلْطَان عَلَاء الدّين
تكش ابْن الْملك ألب أرسلان شاه ابْن أطر قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين الذَّهَبِيّ كَذَا نسبه أَبُو شامة وَقَالَ هُوَ من ولد طَاهِر بن الْحُسَيْن ملك الدُّنْيَا من السَّنَد والهند وَمَا وَرَاء النَّهر إِلَى خُرَاسَان إِلَى بَغْدَاد لِأَنَّهُ كَانَ من نوابه فِي حلوان وَكَانَ فِي ديوانه مائَة ألف مقَاتل وَهُوَ الَّذِي كسر مَمْلُوكه عَسْكَر الْخَلِيفَة وأزال دولة بني سلجوق وَكَانَ حاذقا فِي الموسيقى وَلم يكن أحدا أَلعَب بِالْعودِ مِنْهُ وَكَانَ يحْتَرز على نَفسه فَقعدَ لَيْلَة يلْعَب بِالْعودِ فغنى بَيْتا بالعجمي مَعْنَاهُ أبصرتك وَكَانَت الباطنية قد زرقوا عَلَيْهِ من يقْتله فَلَمَّا سَمعه خَافَ وارتعد وهرب فَأَخَذُوهُ وقرروه فاعترف فَقتله وَكَانَ يُبَاشر الحروب بِنَفسِهِ وَذَهَبت عينه فِي الْقِتَال وَكَانَ قد عزم على قصد بَغْدَاد وحشد فوصل إِلَى دهستان وَمَات رحمه الله سنة سِتّ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَدفن فِي خوارزم عِنْد أَهله وَقَامَ بعده وَلَده مُحَمَّد ولقب علائي الدّين لقب وَالِده وَقَالَ ابْن الْبَزْدَوِيّ كَانَ السُّلْطَان عَلَاء الدّين تكش لَهُ أدب وفضائل وَمَعْرِفَة بِمذهب أبي حنيفَة رضي الله عنه وَبنى بخوارزم مدرسة الْحَنَفِيَّة وَله مقامات مَشْهُورَة فِي رضى
الدِّيوَان الْعَزِيز مِنْهَا محاربة السُّلْطَان طغر بك وَقَتله وَوَقع بَينه وَبَين الْوَزير مؤيد الدّين مُحَمَّد بن القصاب خلف وَكَانَ قد نفذ إِلَيْهِ تشريف من الدِّيوَان فَرده ثمَّ ثاب إِلَيْهِ عقله فندم وَاعْتذر وَطلب تَشْرِيفًا فنفذ إِلَيْهِ فلبسه وَلم يزل نَافِذ الْأَمر إِلَى أَن مَاتَ رحمه الله قَالَ ابْن الْأَثِير حصل لَهُ خوانيق فأشير عَلَيْهِ بترك الْحَرَكَة فَامْتنعَ وَسَار فَاشْتَدَّ مَرضه فَمَاتَ
حرف السِّين الْمُهْملَة
24 -
سُلَيْمَان بن دَاوُد بن مَرْوَان بن الحكم
كَانَ سُلَيْمَان الْمَذْكُور أَعور وَفِيه قَالَ الشَّاعِر
(خلف لعمرك من أُميَّة أَعور
…
)
25 -
سنجر الْأَمِير علم الدّين أرجواش المنصوري نَائِب قلعة دمشق من أَيَّام أستاذه الْمَنْصُور وَكَانَ شهما شجاعا لم يخرج مُدَّة ولَايَته من القلعة وأسره وَقَيده السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف صَلَاح الدّين خَلِيل بن الْمَنْصُور وَألبسهُ عباءة ليَقْتُلهُ ثمَّ عَفا عَنهُ ثمَّ إِنَّه قبض عَلَيْهِ فِي شهر رَمَضَان سنة تسعين وستماية وَأَعَادَهُ إِلَى نِيَابَة قلعة دمشق وَكَانَ ذَلِك بعد عوده من فتح عكا وَكَانَ اعور وَلَقَد حفظ القلعة بل الشَّام وقلعتها فِي نوبَة غازان وحوصر ونهض أتم نهوض وَقَامَ أكمل قيام وساس الرّعية وَعظم فِي النُّفُوس وَثَبت ثباتا كليا وتسلق التتار من دَار السَّعَادَة وطلعوا سطحها وتسلطوا على القلعة ورموها بالنشاب فَرمى عَلَيْهِم قَوَارِير النفط فاحترقت الأخشاب وَسَقَطت السقوف بهم وَفعل ذَلِك بدار الحَدِيث الأشرفية والعادلية وَكلما تسلط على القلعة وَبِالْجُمْلَةِ فلولا مَا اعْتَمدهُ من الثَّبَات وعلو الهمة ملك التتار دمشق
بمجموعها وَكَانَت عِنْده سَلامَة بَاطِن إِلَى الْغَايَة حكى لي عَنهُ عبد الْغَنِيّ الْفَقِير الْمَعْرُوف قَالَ لما مَاتَ الْملك الْمَنْصُور قلاوون قَالَ لي أحضر لي مقرئيك حَتَّى يقرؤا ختمة لمولانا السُّلْطَان فأحضرت إِلَيْهِ جمَاعَة فَجعلُوا يقرأون على الْعَادة فأحضر دبوسا وَقَالَ كَيفَ تقرأون هَذِه الْقِرَاءَة للسُّلْطَان دعهم يقرءوا عَالِيا فضجوا بِالْقِرَاءَةِ جهدهمْ وطاقتهم فَلَمَّا فرغوا مِنْهَا قلت يَا خوند فرغت الختمة فَقَالَ يقرءُون أُخْرَى فقرءوها ونفذوا مَا أَرَادَ فَلَمَّا فرغوا الثَّانِيَة أعلمته فَقَالَ ذَلِك السَّمَوَات ثَلَاثَة وَالْأَرْض ثَلَاثَة وَالْأَيَّام ثَلَاثَة والمعادن ثَلَاثَة وَكلما فِي الدُّنْيَا ثَلَاثَة يقرءُون أُخْرَى فَقلت لَهُم اقرءوها واحمدوا الله على أَنه مَا علم أَن هَذِه الْأَشْيَاء سَبْعَة سَبْعَة فَلَمَّا فرغوا الثَّالِثَة وَقد هَلَكُوا من صراخهم قَالَ دعهم عنْدك فِي الترسيم إِلَى بكرَة فَلَمَّا أصبح قَالَ لي خذهم واكتب عَلَيْهِم حجَّة بالقسامة الشَّرِيفَة بِاللَّه تَعَالَى ثمَّ بِنِعْمَة مَوْلَانَا السُّلْطَان أَن ثَوَاب هَذِه الختمات لمولانا السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور فَفعلت ذَلِك وَجئْت إِلَيْهِ بِالْحجَّةِ فَقَالَ هَذَا جيد أصح الله أبدانكم وَصرف لَهُم أجرتهم وَله عِنْده حكايات كَانَ يحكيها تدل على تغفل كثير وَتُوفِّي رحمه الله فِي ذِي الْحجَّة الْحَرَام سنة إِحْدَى وسبعماية
26 -
سنجر الْأَمِير الْكَبِير علم الدّين الْحلَبِي الْكَبِير
أحد الْأَبْطَال الموصوفين بالشجاعة والفروسية شهد عدَّة حروب وَكَانَ من أَبنَاء الثَّمَانِينَ وَولي نِيَابَة دمشق وتسلطن بهَا أَيَّامًا وَتسَمى بِالْملكِ الْمُجَاهِد وَلم يتم لَهُ ذَلِك وناب فِي دمشق آخر سنة ثَمَان وَخمسين وستماية وَكَانَ من بقايا
الْأُمَرَاء الصالحية وَهُوَ الَّذِي حَارب سنقر الْأَشْقَر وطرده عَن الْبِلَاد وَتُوفِّي علم الدّين الْمَذْكُور سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وستماية وَكَانَ المظفر قطز لما حضر لملتقى التتار وكسرهم وَعَاد إِلَى نَحْو الْقَاهِرَة اسْتعْمل على حلب الْأَمِير عَلَاء الدّين ابْن صَاحب الْموصل وَاسْتعْمل على دمشق الْأَمِير علم الدّين الْمَذْكُور فَلَمَّا بلغ علم الدّين قتل المظفر خلف علم الدّين الْأُمَرَاء لنَفسِهِ بِدِمَشْق وَدخل القلعة وتسلطن بهَا ولقب بالمجاهد وخطب لَهُ بِدِمَشْق فِي سادس ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَخمسين وستماية مَعَ الْملك الظَّاهِر بيبرس وَأمر بِضَرْب الدَّرَاهِم باسمهما وغلت الأسعار وبقى الْخبز رطلا بِدِرْهَمَيْنِ والجبن الوقية بدرهم وَنصف وَلما كَانَ الْمحرم سنة تسع وَخمسين وستماية اتّفق الْأُمَرَاء على خلع الْحلَبِي وحصره بالقلعة وَجرى بَينهم بعض قتال وَخرج إِلَيْهِم وَقَاتلهمْ وَلما رأى البغلة خرج فِي اللَّيْل بعد أَيَّام من بَاب السِّرّ قَرِيبا من بَاب توما وَقصد بعلبك وَعصى فِي قلعتها وَبَقِي أَيَّامًا قَلَائِل فَقدم الْأَمِير علائي الدّين طيبرس الوزيري من مصر وَأمْسك الْحلَبِي من القلعة وَقَيده وسيره إِلَى مصر فحبسه الظَّاهِر مُدَّة طَوِيلَة وأظن الظَّاهِر أفرج عَنهُ ثمَّ إِن الْملك الْمَنْصُور قلاوون حَبسه مُدَّة ثمَّ إِن الْأَشْرَف أفرج عَنهُ وأكرمه وَرفع مَنْزِلَته وَكَانَ الْحلَبِي رحمه الله أَعور
27 -
سوار بن عبد الله بن سوار بن عبد الله بن قدامَة التَّمِيمِي الْعَنْبَري
قَاضِي الرصافة بِبَغْدَاد هُوَ من بَيت الْعلم وَالْقَضَاء روى عَنهُ أَبُو دَاوُد
وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَكَانَ ظريفا مطبوعا شَاعِرًا محسنا فصيحا مفوها فَقِيها وافر اللِّحْيَة توفّي رحمه الله سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ قَالَ النَّسَائِيّ ثِقَة وَقَالَ إِسْمَاعِيل القَاضِي دخل سوار القَاضِي على مُحَمَّد بن عبد الله بن طَاهِر فَقَالَ أَيهَا الْأَمِير إِنِّي قد جِئْت فِي حَاجَة رفعتها إِلَى الله قبل رَفعهَا إِلَيْك فَإِن قضيتها حمدنا الله وشكرناك وَإِن لم تقضها حمدنا الله وعذرناك فَقضى جَمِيع حَوَائِجه
قَالَ أَحْمد بن المعذل كَانَ سوار بن عبد الله قد خامر قلبه شَيْء من الوجد فَقَالَ
(سلبت عِظَامِي لَحمهَا فتركتها
…
عواري فِي أجلادها تتكسر)
(وأخليت مِنْهَا مخها فَكَأَنَّهَا
…
قَوَارِير فِي أجوافها الرّيح تصفر)
(خذي بيَدي ثمَّ اكشفي الثَّوْب تنظري
…
بِي الضّر إِلَّا أنني أتستر)
(وَلَيْسَ الَّذِي يجْرِي من الْعين مَاؤُهَا
…
وَلكنهَا نفس تذوب فتقطر)
قلت وَقد رزقت هَذِه الأبيات سَعَادَة واشتهرت بَين الأدباء وضمنها الشُّعَرَاء فِي أغراض كَثِيرَة من الْأَوْصَاف فضمنوها فِي الشبابة وَفِي الْورْد وَفِي الشمعة وَفِي الفانوس وَغير ذَلِك وأوردها أَبُو تَمام الطَّائِي فِي الحماسة فِي بَاب الشيب وَكَانَ القَاضِي سوار رحمه الله أَعور
حرف الشين الْمُعْجَمَة
28 -
شَرْقي بن قطامي
هُوَ الْوَلِيد بن حُصَيْن بن جمال بن حبيب بن جَابر بن مَالك بن عَمْرو بن امْرِئ الْقَيْس بن النُّعْمَان بن عَامر بن عبدود بن عَوْف يَنْتَهِي إِلَى الحاف بن قضاعة كَانَ عَلامَة نسابة إخباريا إِلَّا أَنه كَانَ ضَعِيفا فِي رِوَايَته وَكَانَ أَعور من أهل الْكُوفَة وكنيته أَبُو الْمثنى وَكَانَ لَا يشرب من النَّبِيذ إِلَّا قدحا وَاحِدًا حدث عَنهُ ابْن دُرَيْد فِيمَا رَفعه إِلَى ابْن الْكَلْبِيّ قَالَ كنت عِنْد الشَّرْقِي الْقطَامِي فَقَالَ من يعرف مِنْكُم أَسد بن عبد منَاف بن شيبَة بن عَمْرو بن الْمُغيرَة بن زيد وَهُوَ من أشرف النَّاس بعد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا مَا نعرفه فَقَالَ هُوَ عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه كَانَت أمه سمته أسدا وَأَبوهُ غَائِب لما وَلدته وَاسم أبي طَالب عبد منَاف وَاسم عبد الْمطلب شيبَة وَاسم هَاشم عَمْرو وَاسم عبد منَاف الْمُغيرَة وَاسم قصي زيد
وَقَالَ الشَّرْقِي دخلت على الْمَنْصُور فَقَالَ يَا شَرْقي علام يزار الْمَرْء فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ على خلال أَربع على مَعْرُوف سلف وَمثله يؤتنف أَو قديم شرف أَو علم مطرف قَالَ غَيره قلت مَا وَرَاء ذَلِك فولوع وكلف
حرف الصَّاد الْمُهْملَة
29 -
صَخْر بن حَرْب بن أُميَّة بن عبد شمس بن عبد منَاف بن قصي أَبُو سُفْيَان وَأَبُو حَنْظَلَة الْقرشِي الْأمَوِي وَالِد مُعَاوِيَة رضي الله عنهما شهد الطَّائِف مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَرمي يَوْم ذَلِك فأصيبت عينه وَأُصِيبَتْ عينه الْأُخْرَى يَوْم اليرموك تَحت راية ابْنه مُعَاوِيَة فَلذَلِك ذكر مُسْتَوْفيا تَرْجَمته فِي كتابي نكت الْهِمْيَان فِي نكت العميان فليوقف عَلَيْهِ هُنَاكَ
30 -
صَدَقَة بن الْحُسَيْن بن أَحْمد ين مُحَمَّد بن وَزِير أَبُو الْحسن الْوَاعِظ
من أهل خراسابور من نواحي وَاسِط كَانَ وَالِده مقدما بِتِلْكَ النَّاحِيَة وَترك هُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَالِده وَطلب الْعلم وتزهد وسلك طَرِيق الْفقر والتجريد وَلبس الخشن وَقَرَأَ بالروايات على شُيُوخ وَاسِط كَأبي الْفَتْح الْحداد وَأبي يعلى بن بَرَكَات وَعبد السَّمِيع الْهَاشِمِي وَسمع الْكثير وَكتب بِخَطِّهِ وَتكلم بالوعظ على النَّاس وانتقل إِلَى بَغْدَاد وسكنها إِلَى أَن مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى سنة سبع وَخمسين وَخَمْسمِائة وَكَانَ مخلا وَمَا مَاتَ حَتَّى ذهبت عينه
الْأُخْرَى وَكَانَ يمْتَنع من المداواة وَمن شعره
(أوصيك يَا عَم خيرا مَا اسْتَطَعْت فَمَا
…
يبْقى عَلَيْك سوى مَا أَنْت عَامله)
(لَا المَال يدْفع بَأْسا إِن أَتَاك وَلَا
…
يرد عَنْك الردى مَا أَنْت فَاعله)
(فامهد لنَفسك قبل الْمَوْت مُجْتَهدا
…
فعاجل الْمَوْت فِي التَّحْقِيق آجله)
(هداك رَبك للتقوى وبصرك الرشاد
…
وانزاح عَن معناك باطله)
(وَلست أعدل عَن قومِي وَإِن عدلوا
…
عني وَشر فريق الْحق عادله)
(وَإِنَّمَا عدلهم عني لجهلهم
…
وَفِي الحَدِيث عَدو الشَّيْء جاهله)
حرف الضَّاد الْمُعْجَمَة
31 -
الضَّحَّاك وَيُقَال صَخْر وَيُقَال الْحَرْث وَيُقَال حُصَيْن بن قيس بن مُعَاوِيَة أَبُو بَحر السَّعْدِيّ التَّمِيمِي الْمَعْرُوف بالأحنف سيد أهل الْبَصْرَة الَّذِي يضْرب بِهِ الْمثل فِي الْحلم وَالْوَقار أدْرك عصر النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَلم يره وروى عَن عمر وَعُثْمَان وَعلي وَالْعَبَّاس وَابْن مَسْعُود وَأبي ذَر وَأبي بكرَة وروى عَنهُ الْحسن وَعُرْوَة وطلق بن حبيب وَغَيرهم وَشهد صفّين أَمِيرا مَعَ عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه وَقدم على مُعَاوِيَة فِي خِلَافَته وَاجْتمعَ بِأبي ذَر فِي الْقُدس وَقيل فِي مَسْجِد دمشق وَقيل فِي مَسْجِد حمص وَكَانَ ثِقَة مَأْمُونا قَلِيل الحَدِيث وَتُوفِّي رحمه الله سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة كلهم وَكَانَ صديقا لمصعب بن الزبير فوفد عَلَيْهِ بِالْكُوفَةِ وَهُوَ يَوْمئِذٍ وَال عَلَيْهَا فَتوفي عِنْده فرؤي مُصعب يمشي فِي جنَازَته بِغَيْر رِدَاء
وَكَانَ أحنف الرجلَيْن مَعًا ضئيلا صعل الرَّأْس متراكب الْأَسْنَان مائل الذقن خَفِيف العارضين أَعور فَإِذا تكلم جلا عَن نَفسه وَلم تكن لَهُ
إِلَّا بَيْضَة وَاحِدَة وَكَانَت أمه ترقصه وَتقول
(وَالله لَوْلَا حنف بِرجلِهِ
…
وَقلة أخافها من نَسْله)
(مَا كَانَ فِي فتيانكم من مثله
…
)
وَهُوَ الَّذِي فتح مرو الروذ وَكَانَ الْحسن وَابْن سِيرِين فِي جَيْشه وَبعث النَّبِي صلى الله عليه وسلم رجلا من بني لَيْث إِلَى بني سعد رَهْط الْأَحْنَف فَجعل يعرض عَلَيْهِم الْإِسْلَام فَقَالَ الْأَحْنَف إِنَّه يَدْعُو إِلَى خير وَيَأْمُر بِخَير وَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر للأحنف وَبعث عمر بن الْخطاب رضي الله عنه الْأَحْنَف على جَيش قبل خُرَاسَان فبيتهم الْعَدو وَفرقُوا جيوشهم وَكَانَ الْأَحْنَف مَعَهم فَفَزعَ النَّاس وَكَانَ أول من ركب الْأَحْنَف وَمضى نَحْو الصَّوْت وَهُوَ يَقُول
(إِن على كل رَئِيس حَقًا
…
أَن يخضب الصعدة أَو تندقا)
ثمَّ حمل على صَاحب الطبل فَقتله وَانْهَزَمَ الْعَدو فَقَتَلُوهُمْ وغنموا وفتحوا مرو الروذ ثمَّ سَار إِلَى بَلخ فصالحوهم على أَرْبَعمِائَة ألف دِرْهَم ثمَّ أَتَى خوارزم فَلم يطقها فَرجع وَقَالَ خَالِد بن صَفْوَان كَأَن الْأَحْنَف يفر من الشّرف والشرف يتبعهُ وَقيل مَا يمنعك أَن تكون كأبيك فَقَالَ وَأَيكُمْ كَأبي فيسوني بأبنائكم وَقيل لَهُ إِنَّك تطيل الْقيام فَقَالَ إِنِّي أعده لسفر طَوِيل
وَكَانَ يضع إصبعه على الْمِصْبَاح ثمَّ يَقُول حسن ثمَّ يَقُول يَا أحنف مَا حملك على أَن صنعت كَذَا يَوْم كَذَا وشكا ابْن أخي الْأَحْنَف وجعا بضرسه فَقَالَ الْأَحْنَف لقد ذهبت عَيْني مُنْذُ ثَلَاثِينَ وَفِي رِوَايَة أَرْبَعِينَ سنة مَا شكوتها إِلَى أحد
وَلما اسْتَقر الْأَمر لمعاوية دخل عَلَيْهِ الْأَحْنَف فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة
يَا أحنف مَا أذكر يَوْم صفّين إِلَّا كَانَت فِي قلبِي حزازة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ لَهُ الْأَحْنَف وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن الْقُلُوب الَّتِي أبغضناك بهَا لفي صدورنا وَإِن السيوف الَّتِي قَاتَلْنَاك بهَا لفي أغمادها وَإِن تدن من الْحَرْب فترا ندن مِنْهَا شبْرًا وَإِن تمش إِلَيْهَا نهرول ثمَّ قَامَ وَخرج وَكَانَت أُخْت مُعَاوِيَة من وَرَاء حجاب فَسمِعت الْكَلَام فَقَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ من هَذَا الَّذِي يتهدد ويتوعد فَقَالَ هَذَا الَّذِي إِذا غضب غضب مَعَه مائَة ألف من بني تَمِيم لَا يَدْرُونَ فيمَ غضب
وَلما نصب مُعَاوِيَة وَلَده يزِيد لولاية الْعَهْد أقعده فِي قبَّة حَمْرَاء فَجعل النَّاس يسلمُونَ على مُعَاوِيَة ثمَّ يميلون إِلَى يزِيد حَتَّى جَاءَ رجل فَفعل ذَلِك ثمَّ رَجَعَ إِلَى مُعَاوِيَة فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اعْلَم أَنَّك لَو لم تول هَذَا أُمُور الْمُسلمين لأضعتها والأحنف جَالس فَقَالَ مُعَاوِيَة مَا لَك لَا تَقول يَا أَبَا بَحر فَقَالَ أَخَاف الله إِن كذبتكم وأخافكم إِن صدقت فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة جَزَاك الله خيرا
وَمن كَلَامه مَا خَافَ شرِيف وَلَا كذب عَاقل وَلَا اغتاب مُؤمن
وَقَالَ جَنبُوا مَجْلِسنَا ذكر الطَّعَام وَالنِّسَاء فَإِنِّي أبْغض الرجل أَن يكون
وصافا لفرجه وبطنه وان من الْمُرُوءَة أَن يتْرك الرجل الطَّعَام وَهُوَ يشتهيه
وَكَانَ يَقُول إِذا عجب النَّاس من حلمه أَنِّي لأجد مَا تَجِدُونَ وَلَكِنِّي صبور
وَكَانَ يَقُول وجدت الْحلم انصر لي من الرِّجَال
وَقَالَ مَا تعلمت الْحلم إِلَّا من قيس بن عَاصِم الْمنْقري لِأَنَّهُ قتل ابْن أَخ لَهُ بعض بنيه فَأتي بالقاتل مكتوفا يُقَاد إِلَيْهِ فَقَالَ ذعرتم الْفَتى ثمَّ اقبل عَلَيْهِ فَقَالَ يَا بني بئس مَا صنعت نقصت عددك واوهنت عضدك واشمت عَدوك وأسأت بقومك خلوا سَبيله واحملوا إِلَى أم الْمَقْتُول دِيَته فَإِنَّهَا غَرِيبَة ثمَّ انْصَرف الْقَاتِل وَمَا حل قيس حباته وَلَا تغير وَجهه