الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَقْصد الْخَامِس مِمَّا أشارت إِلَيْهِ الْآيَة من توقيرهم وتعظيمهم وَالثنَاء عَلَيْهِم
وَمن ثمَّ كثر ذَلِك من السّلف فِي حَقهم اقْتِدَاء بِهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ كَانَ يكرم بني هَاشم كَمَا مر ودرج على ذَلِك الْخُلَفَاء الراشدون فَمن بعدهمْ
أخرج البُخَارِيّ فِي صَحِيحه عَن أبي بكر رضي الله عنه أَنه قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لقرابة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أحب إِلَيّ أَن أصل من قَرَابَتي وَفِي رِوَايَة أحب إِلَيّ من قَرَابَتي
وَفِي أُخْرَى وَالله لِأَن أصلكم أحب إِلَيّ من أَن أصل قَرَابَتي لقرابتكم من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ولعظم الْحق الَّذِي جعله الله لَهُ على كل مُسلم
وَهَذَا قَالَه رضي الله عنه على سَبِيل الِاعْتِذَار لفاطمة رضي الله عنها عَن مَنعه إِيَّاهَا مَا طلبت مِنْهُ من تَرِكَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقد مر الْكَلَام على ذَلِك فِي الشّبَه مَبْسُوطا
وَأخرج أَيْضا عَنهُ ارقبوا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فِي أهل بَيته
وَصَحَّ عَنهُ أَيْضا انه حمل الْحسن على عُنُقه مَعَ ممازحته لعَلي رضي الله عنهم وَبِقَوْلِهِ وَهُوَ حَامِل لَهُ بِأبي شَبيه بِالنَّبِيِّ لَيْسَ شَبِيها بعلي وَعلي يضْحك
وَيُوَافِقهُ قَول أنس كَمَا فِي البُخَارِيّ عَنهُ لم يكن أحد أشبه بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم من الْحسن
لكنه قَالَ ذَلِك فِي الْحُسَيْن رضي الله عنهم وَطَرِيق الْجمع بَينهمَا قَول عَليّ كَمَا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان عَنهُ الْحسن أشبه برَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا بَين الرَّأْس إِلَى الصَّدْر وَالْحُسَيْن أشبه بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا كَانَ أَسْفَل من ذَلِك
وَورد فِي جمَاعَة من بني هَاشم وَغَيرهم أَنهم كَانُوا يشبهونه صلى الله عليه وسلم أَيْضا وَقد ذكرت عدتهمْ فِي شرحي لشمائل التِّرْمِذِيّ
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ أَن الْحسن جَاءَ لأبي بكر رضي الله عنهما وَهُوَ على مِنْبَر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ انْزِلْ عَن مجْلِس أبي
فَقَالَ صدقت وَالله إِنَّه لمجلس أَبِيك ثمَّ أَخذه وَأَجْلسهُ فِي حجره وَبكى
فَقَالَ عَليّ رضي الله عنه أما وَالله مَا كَانَ عَن رَأْيِي
فَقَالَ صدقت وَالله مَا اتهمتك
فَانْظُر لعظم محبَّة أبي بكر وتعظيمه وتوقيره لِلْحسنِ حَيْثُ أجلسه على حجره وَبكى
وَوَقع للحسين نَحْو ذَلِك مَعَ عمر وَهُوَ على الْمِنْبَر فَقَالَ لَهُ مِنْبَر أَبِيك وَالله لَا مِنْبَر أبي
فَقَالَ عَليّ وَالله مَا أمرت بذلك
فَقَالَ عمر وَالله مَا اتهمناك
زَاد ابْن سعد أَنه أَخذه فأقعده إِلَى جنبه وَقَالَ وَهل أنبت الشّعْر على رؤوسنا إِلَّا أَبوك أَي إِن الرّفْعَة مَا نلناها إِلَّا بِهِ
وَأخرج العسكري عَن أنس قَالَ بَيْنَمَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِد إِذْ أقبل عَليّ فَسلم ثمَّ وقف ينظر موضعا يجلس فِيهِ فَنظر صلى الله عليه وسلم فِي وُجُوه الصَّحَابَة أَيهمْ يُوسع لَهُ وَكَانَ أَبُو بكر رضي الله عنه يَمِينه فتزحزح لَهُ عَن مَجْلِسه وَقَالَ لَهُ هَهُنَا يَا أَبَا حسن فَجَلَسَ بَين النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَبَين أبي بكر فَعرف السرُور فِي وَجه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقَالَ (يَا ابا بكر إِنَّمَا يعرف الْفضل لأهل الْفضل ذَوُو الْفضل)
وَأخرج ابْن شَاذان عَن عَائِشَة أَن أَبَا بكر فعل نَظِير ذَلِك مَعَ الْعَبَّاس أَيْضا فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ذَلِك وتأسى فِي ذَلِك بِهِ صلى الله عليه وسلم فقد أخرج الْبَغَوِيّ عَن عَائِشَة رضي الله عنها لقد رَأَيْت من تَعْظِيم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَمه الْعَبَّاس أمرا عجيبا
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ أَنه صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا جلس أَبُو بكر عَن يَمِينه وَعمر عَن يسَاره وَعُثْمَان بَين يَدَيْهِ وَكَانَ كَاتب سر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَإِذا جَاءَ الْعَبَّاس ابْن عبد الْمطلب تنحى أَبُو بكر وَجلسَ الْعَبَّاس مَكَانَهُ
وَأخرج ابْن عبد الْبر أَن الصَّحَابَة كَانُوا يعْرفُونَ للْعَبَّاس فَضله فيقدمونه
ويشاورونه وَيَأْخُذُونَ بِرَأْيهِ رضي الله عنهم
وَكَانَ أَبُو بكر يكثر النّظر إِلَى وَجه عَليّ فَسَأَلته عَائِشَة فَقَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول (النّظر إِلَى وَجه عَليّ عبَادَة)
وَمر نَحْو هَذَا وَأَنه حَدِيث حسن
وَلما جَاءَ أَبُو بكر وَعلي لزيارة قَبره صلى الله عليه وسلم بعد وَفَاته بِسِتَّة أَيَّام قَالَ عَليّ تقدم يَا خَليفَة رَسُول الله
فَقَالَ أَبُو بكر مَا كنت لأتقدم رجلا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول فِيهِ (عَليّ مني كمنزلتي من رَبِّي)
أخرجه ابْن السمان
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن الشّعبِيّ قَالَ بَيْنَمَا أَبُو بكر جَالس إِذْ طلع عَليّ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ من سره أَن ينظر إِلَى أعظم النَّاس منزلَة وأقربهم قرَابَة وأفضلهم حَالَة وأعظمهم حَقًا عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَلْينْظر إِلَى هَذَا الطالع
وَأخرج أَيْضا أَن عمر رأى رجلا يَقع فِي عَليّ فَقَالَ وَيحك أتعرف عليا هَذَا ابْن عَمه وَأَشَارَ إِلَى قَبره صلى الله عليه وسلم وَالله مَا آذيت إِلَّا هَذَا فِي قَبره
وَفِي رِوَايَة فَإنَّك إِن أبغضته آذيت هَذَا فِي قَبره
// وَسَنَده ضَعِيف //
وَأخرج أَيْضا عَن ابْن الْمسيب قَالَ قَالَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ تحببوا إِلَى الْأَشْرَاف وتوددوا وَاتَّقوا على اعراضكم من السفلة وَاعْلَمُوا أَنه لَا يتم شرف إِلَّا بِولَايَة عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
وَأخرج البُخَارِيّ أَن عمر بن الْخطاب كَانَ إِذا قحطوا استسقى بِالْعَبَّاسِ رضي الله عنه وَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نتوسل إِلَيْك بنبينا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم إِذا قحطنا فتسقينا وَإِنَّا نتوسل إِلَيْك بعم نَبينَا فاسقنا فيسقون
وَفِي تَارِيخ دمشق أَن النَّاس كرروا الاسْتِسْقَاء عَام الرَّمَادَة سنة سَبْعَة عشر من الْهِجْرَة فَلم يسقوا فَقَالَ عمر لأستسقين غَدا بِمن يسقيني الله بِهِ فَلَمَّا أصبح غَدا للْعَبَّاس فدق عَلَيْهِ الْبَاب فَقَالَ من قَالَ عمر
قَالَ مَا حَاجَتك قَالَ اخْرُج حَتَّى نستسقي الله بك
قَالَ اقعد فَأرْسل إِلَى بني هَاشم أَن تطهروا وَالْبَسُوا من صَالح ثيابكم فاتوه فَأخْرج طيبا فطيبهم ثمَّ خرج وَعلي أَمَامه بَين يَدَيْهِ وَالْحسن عَن يَمِينه وَالْحُسَيْن عَن يسَاره وَبَنُو هَاشم خلف ظَهره فَقَالَ يَا عمر لات تخلط بِنَا غَيرنَا ثمَّ أَتَى الْمصلى فَوقف فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّك خلقتنا وَلم تؤامرنا وَعلمت مَا نَحن عاملون قبل أَن تخلقنا فَلم يمنعك علمك فِينَا عَن رزقنا اللَّهُمَّ فَكَمَا تفضلت فِي أَوله تفضل علينا فِي آخِره
قَالَ جَابر فَمَا برحنا حَتَّى سحت السَّمَاء علينا سَحا فَمَا وصلنا إِلَى
مَنَازلنَا إِلَّا خوضا فَقَالَ الْعَبَّاس أَنا المسقي ابْن المسقي ابْن المسقي ابْن المسقي خمس مَرَّات وَأَشَارَ إِلَى أَن أَبَاهُ عبد الْمطلب استسقى خمس مَرَّات فسقي
وَأخرج الْحَاكِم أَن عمر لما استسقى بِالْعَبَّاسِ فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يرى للْعَبَّاس مَا يرى الْوَلَد لوالده يعظمه ويفخمه ويبر قسمه فاقتدوا أَيهَا النَّاس برَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي عَمه الْعَبَّاس فاتخذوه وَسِيلَة إِلَى الله عز وجل فِيمَا نزل بكم
وَأخرج ابْن عبد الْبر من وُجُوه عَن عمر أَنه لما استسقى بِهِ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا نتقرب إِلَيْك بعم نبيك ونستشفع بِهِ فاحفظ فِيهِ نبيك كَمَا حفظت الغلامين بصلاح أَبِيهِمَا وأتيناك مستغفرين ومستشفعين
…
الْخَبَر
وَفِي رِوَايَة لِابْنِ قُتَيْبَة اللَّهُمَّ إِنَّا نتقرب إِلَيْك بعم نبيك وَبَقِيَّة آبَائِهِ وَكَثْرَة رِجَاله فَإنَّك تَقول وقولك الْحق {وَأما الْجِدَار فَكَانَ لغلامين يتيمين فِي الْمَدِينَة وَكَانَ تَحْتَهُ كنز لَهما وَكَانَ أَبوهُمَا صَالحا} الْكَهْف 82 فحفظتهما لصلاح أَبِيهِمَا فاحفظ اللَّهُمَّ نبيك فِي عَمه فقد دنونا بِهِ إِلَيْك مستشفعين
وَأخرج ابْن سعد أَن كَعْبًا قَالَ لعمر إِن بني إِسْرَائِيل كَانُوا إِذا أَصَابَتْهُم سنة استسقوا بعصبة نَبِيّهم فَقَالَ عمر هَذَا الْعَبَّاس انْطَلقُوا بِنَا إِلَيْهِ فَأَتَاهُ فَقَالَ يَا أَبَا فضل مَا ترى مَا النَّاس فِيهِ
وَأخذ بِيَدِهِ وَأَجْلسهُ مَعَه على الْمِنْبَر
وَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا قد توجهنا إِلَيْك بعم نبيك ثمَّ دَعَا الْعَبَّاس
وَأخرج ابْن عبد الْبر أَن الْعَبَّاس لم يمر بعمر وَعُثْمَان رضي الله عنهم راكبين إِلَّا نزلا حَتَّى يجوز إجلالا لعم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يمشي وهما راكبان
وَأخرج الزبير بن بكار عَن ابْن شهَاب أَن أَبَا بكر وَعمر زمن ولايتهما كَانَ لَا يلقاه وَاحِد مِنْهُمَا رَاكِبًا إِلَّا نزل وقاد دَابَّته وَمَشى مَعَه حَتَّى يبلغ منزله أَو مَجْلِسه فيفارقه
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا أَن عمر لما أَرَادَ أَن يفْرض للنَّاس قَالُوا لَهُ ابدأ بِنَفْسِك فَأبى وَبَدَأَ بالأقرب فَالْأَقْرَب إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَلم يَأْتِ قبيلته إِلَّا بعد خمس قبائل وَفرض للبدريين خَمْسَة آلَاف وَلمن ساواهم إسلاما وَلم يشْهد بَدْرًا خَمْسَة آلَاف وللعباس اثْنَي عشر ألفا وللحسنين كأبيهما وَمن ثمَّ قَالَ ابْن عَبَّاس إِنَّه كَانَ يحبهما لِأَنَّهُ فضلهما فِي الْعَطاء على أَوْلَاده
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ أَنه رضي الله عنه قَالَ لفاطمة مَا من الْخلق أحد أحب إِلَيْنَا من أَبِيك وَمَا من أحد أحب إِلَيْنَا مِنْك بعد أَبِيك
وَأخرج أَيْضا أَن عمر سَأَلَ عَن عَليّ فَقيل لَهُ ذهب إِلَى أرضه فَقَالَ
اذْهَبُوا بِنَا إِلَيْهِ فوجدوه يعْمل فعملوا مَعَه سَاعَة ثمَّ جَلَسُوا يتحدثون فَقَالَ لَهُ عَليّ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَرَأَيْت لَو جَاءَك قوم من بني إِسْرَائِيل فَقَالَ لَك أحدهم أَنا ابْن عَم مُوسَى صلى الله عليه وسلم أَكَانَت لَهُ عنْدك أَثَرَة على أَصْحَابه قَالَ نعم
قَالَ فَأَنا وَالله أَخُو رَسُول الله وَابْن عَمه
قَالَ فَنزع عمر رِدَاءَهُ فبسطه فَقَالَ لَا وَالله لَا يكون لَك مجْلِس غَيره حَتَّى نفترق
فَلم يزل جَالِسا عَلَيْهِ حَتَّى تفَرقُوا
وَذكر عَليّ لَهُ ذَلِك إعلاما بِأَن مَا فعله مَعَه من مَجِيئه إِلَيْهِ وَعَمله مَعَه فِي أرضه وَهُوَ أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّمَا هُوَ لِقَرَابَتِهِ من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
فَزَاد عمر فِي إكرامه وَأَجْلسهُ على رِدَائه
وَأخرج أَيْضا أَن عمر سَأَلَ عليا عَن شَيْء فَأَجَابَهُ فَقَالَ لَهُ عمر أعوذ بِاللَّه أَن أعيش فِي قوم لست فيهم يَا أَبَا الْحسن
وَأخرج أَيْضا أَنه قيل لعمر إِنَّك تصنع بعلي شَيْئا مَا تَفْعَلهُ بِبَقِيَّة الصَّحَابَة فَقَالَ إِنَّه مولَايَ
وَأخرج أَيْضا أَن الْحسن اسْتَأْذن على عمر فَلم يُؤذن لَهُ فجَاء عبد الله بن عمر فَلم يُؤذن لَهُ فَمضى الْحسن فَقَالَ عمر عَليّ بِهِ فجَاء فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قلت إِن لم يُؤذن لعبد الله لَا يُؤذن لي
فَقَالَ أَنْت أَحَق بِالْإِذْنِ مِنْهُ وَهل أنبت الشّعْر فِي الرَّأْس بعد الله إِلَّا أَنْتُم
وَفِي رِوَايَة لَهُ إِذا جِئْت فَلَا تستأذن
وَأخرج أَيْضا أَنه جَاءَهُ أَعْرَابِيَّانِ يختصمان فَأذن لعَلي فِي الْقَضَاء بَينهمَا فَقضى فَقَالَ أَحدهمَا هَذَا يقْضِي بَيْننَا فَوَثَبَ إِلَيْهِ عمر وَأخذ بتلبيه وَقَالَ وَيحك مَا تَدْرِي من هَذَا هَذَا مولَايَ وَمولى كل مُؤمن وَمن لم يكن مَوْلَاهُ فَلَيْسَ بِمُؤْمِن
وَأخرج أَحْمد أَن رجلا سَأَلَ مُعَاوِيَة عَن مَسْأَلَة فَقَالَ اسْأَل عَنْهَا عليا فَهُوَ أعلم
فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ جوابك فِيهَا أحب إِلَيّ من جَوَاب عَليّ
قَالَ بئس مَا قلت لقد كرهت رجلا كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يغزه بِالْعلمِ غزا وَلَقَد قَالَ لَهُ (أَنْت مني بِمَنْزِلَة هَارُون من مُوسَى إِلَّا أَنه لَا نَبِي بعدِي) وَكَانَ عمر إِذا أشكل عَلَيْهِ شَيْء أَخذ مِنْهُ
وَأخرجه آخَرُونَ بِنَحْوِهِ لَكِن زَاد بَعضهم قُم لَا أَقَامَ الله رجليك ومحا اسْمه من الدِّيوَان وَلَقَد كَانَ عمر يسْأَله وَيَأْخُذ عَنهُ وَلَقَد شهدته إِذا أشكل عيله شَيْء قَالَ هَهُنَا عَليّ
وَصلى زيد بن ثَابت على جَنَازَة أمه كَمَا قَالَه ابْن عبد البر فقربت لَهُ بغلته ليركب فَأخذ ابْن عَبَّاس بركابه فَقَالَ خل عَنْك يَا ابْن عَم رَسُول الله فَقَالَ ابْن عَبَّاس هَكَذَا أمرنَا ان نَفْعل بالعلماء لِأَنَّهُ كَانَ يَأْخُذ عَنهُ الْعلم فَقبل زيد يَده وَقَالَ هَكَذَا أمرنَا أَن نَفْعل بِأَهْل بَيت نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَصَحَّ عَنهُ أَنه كَانَ يَأْتِي لبيت بعض الصَّحَابَة ليَأْخُذ عَنهُ الحَدِيث فيجده قَائِلا فيتوسد رِدَاءَهُ على بَابه فتسفي الرّيح التُّرَاب على وَجهه فَإِذا اخْرُج وَرَآهُ قَالَ يَا ابْن عَم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ماجاء بك أَلا أرْسلت إِلَيّ فآتيك
فَيَقُول لَا
أَنا أَحَق أَن آتِيك
وَحج ابْن عَبَّاس مَعَ مُعَاوِيَة رضي الله عنهم
وَكَانَ لمعاوية موكب وَلابْن عَبَّاس موكب مِمَّن يطْلب الْعلم
وَقَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز لعبد الله بن حسن بن حُسَيْن إِذا كَانَت لَك حَاجَة فَاكْتُبْ لي بهَا فَإِنِّي أستحيي من الله أَن يراك عَليّ بَابي
وَلما دخلت عَلَيْهِ فَاطِمَة بنت عَليّ وَهُوَ أَمِير الْمُؤمنِينَ أخرج من عِنْده وَقَالَ لَهَا مَا على ظهر الأَرْض أهل بَيت أحب إِلَيّ مِنْكُم وَلَأَنْتُمْ أحب إِلَيّ من أهل بَيْتِي
وَقَالَ أَبُو بكر بن عَيَّاش كَمَا فِي الشِّفَاء لَو أَتَانِي أَبُو بكر وَعمر وَعلي رضي الله عنهم لبدأت بحاجة عَليّ قبلهمَا لِقَرَابَتِهِ من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلِأَن أخر من السَّمَاء إِلَى الأَرْض أحب إِلَيّ من أَن أقدمه عَلَيْهِمَا
وَلما ضرب جَعْفَر بن سُلَيْمَان العباسي وَالِي الْمَدِينَة مَالِكًا رضي الله عنه ونال مِنْهُ وَحمل مغشيا عَلَيْهِ وأفاق قَالَ أشهدكم أَنِّي جعلت ضاربي فِي حل
ثمَّ سُئِلَ فَقَالَ خفت أَن أَمُوت وَألقى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وأستحيي مِنْهُ أَن يدْخل بعض آله النَّار بسببي
وَلما قدم الْمَنْصُور الْمَدِينَة أَرَادَ إقادته من جَعْفَر فَقَالَ أعوذ بِاللَّه وَللَّه مَا ارْتَفع مِنْهُ سَوط إِلَّا وَقد جعلته فِي حل لِقَرَابَتِهِ من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
وَدخل عبد الله بن الْحسن الْمثنى بن الْحسن السبط على عمر بن عبد الْعَزِيز وَهُوَ حَدِيث السن وَله وفرة فَرفع عمر مَجْلِسه وَأَقْبل عَلَيْهِ فلامه قومه فَقَالَ إِن الثِّقَة حَدثنِي حَتَّى كَأَنِّي أسمعهُ من فِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (إِنَّمَا فَاطِمَة بضعَة مني يسرني مَا يسرها)
وَأَنا أعلم أَن فَاطِمَة لَو كَانَت حَيَّة لسرها مَا فعلت بابنها
وَأخرج الْخَطِيب أَن أَحْمد بن حَنْبَل رضي الله عنه كَانَ إِذا جَاءَهُ شيخ أَو حدث من قُرَيْش أَو الْأَشْرَاف قدمهم بَين يَدَيْهِ وَخرج وَرَاءَهُمْ
وَكَانَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يعظم أهل الْبَيْت كثيرا ويتقرب بِالْإِنْفَاقِ على المتسترين مِنْهُم والظاهرين حَتَّى قيل إِنَّه بعث إِلَى متستر مِنْهُم باثنى عشر ألفا دِرْهَم وَكَانَ يحض أَصْحَابه على ذَلِك
ولمبالغة الشَّافِعِي فيهم صرح بِأَنَّهُ من شيعتهم حَتَّى قيل كَيْت وَكَيْت
فَأجَاب عَن ذَلِك بِمَا قدمْنَاهُ عَنهُ من النّظم البديع وَله أَيْضا
(آل النَّبِي ذريعتي
…
وهم إِلَيْهِ وسيلتي)
(أَرْجُو بهم أعْطى غَدا
…
يُبْدِي الْيَمين صحيفتي)
وقارف الزُّهْرِيّ ذَنبا فهام على وَجهه فَقَالَ لَهُ زين العابدين قنوطك من رحمه الله الَّتِي وسعت كل شَيْء أعظم عَلَيْك من ذَنْبك
فَقَالَ الزُّهْرِيّ الله أعلم حَيْثُ يَجْعَل رسَالَته فَرجع إِلَى أَهله وَمَاله