المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في التخيير والخلاف - الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة - جـ ٢

[ابن حجر الهيتمي]

فهرس الكتاب

- ‌الْفَصْل الأول فِي إِسْلَامه وهجرته وَغَيرهمَا

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي فضائله رضي الله عنه وكرم الله وَجهه

- ‌الْفَصْل الثَّالِث فِي ثَنَاء الصَّحَابَة وَالسَّلَف عَلَيْهِ

- ‌الْفَصْل الرَّابِع فِي نبذ من كَلِمَاته وقضاياه الدَّالَّة على علو قدره علما وَحِكْمَة وزهدا وَمَعْرِفَة بِاللَّه تَعَالَى

- ‌الْفَصْل الْخَامِس فِي وَفَاته رضي الله عنه

- ‌الْفَصْل الأول فِي خِلَافَته

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي فضائله رضي الله عنه

- ‌الْفَصْل الثَّالِث فِي بعض مآثره

- ‌الْفَصْل الأول فِي الْآيَات الْوَارِدَة فيهم

- ‌الْمَقْصد الأول فِي تَفْسِيرهَا

- ‌الْمَقْصد الثَّانِي فِيمَا تضمنته تِلْكَ الْآيَة من طلب محبَّة آله صلى الله عليه وسلم وَأَن ذَلِك من كَمَال الْإِيمَان

- ‌الْمَقْصد الثَّالِث فِيمَا أشارت إِلَيْهِ من التحذير من بغضهم

- ‌الْمَقْصد الرَّابِع مِمَّا أشارت إِلَيْهِ الْآيَة الْحَث على صلتهم وَإِدْخَال السرُور عَلَيْهِم

- ‌الْمَقْصد الْخَامِس مِمَّا أشارت إِلَيْهِ الْآيَة من توقيرهم وتعظيمهم وَالثنَاء عَلَيْهِم

- ‌خَاتِمَة فِيمَا أخبر بِهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا حصل على آله وَمِمَّا أصَاب مسيئهم من الانتقام الشَّديد

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي سرد أَحَادِيث وَارِدَة فِي أهل الْبَيْت وَمر أَكثر هَذَا فِي الْفَصْل الأول وَلَكِن قصدت سردها فِي هَذَا الْفَصْل ليَكُون ذَلِك أسْرع لاستحضارها

- ‌الْفَصْل الثَّالِث فِي الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي بعض أهل الْبَيْت كفاطمة وولديها رضي الله عنهم

- ‌الخاتمة فِي بَيَان اعْتِقَاد أهل السّنة وَالْجَمَاعَة فِي الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم وَفِي قتال مُعَاوِيَة وَعلي وَفِي حقية خلَافَة مُعَاوِيَة بعد نزُول الْحسن لَهُ عَن الْخلَافَة وَفِي بَيَان اخْتلَافهمْ فِي كفر وَلَده يزِيد وَفِي جَوَاز لَعنه وَفِي تَوَابِع وتتمات تتَعَلَّق بذلك

- ‌تَتِمَّة فِي أَبْوَاب منتقاة من كتاب لِلْحَافِظِ السخاوي

- ‌تَتِمَّة

- ‌تَتِمَّة فِي أَبْوَاب منتاة من كتاب لِلْحَافِظِ السخاوي

- ‌بَاب مَشْرُوعِيَّة الصَّلَاة عَلَيْهِم تبعا للصَّلَاة على مشرفهم صلى الله عليه وسلم

- ‌بَاب بشارتهم الْجنَّة

- ‌بَاب الْأمان ببقائهم

- ‌بَاب النحذير من بغضهم وسبهم

- ‌خَاتِمَة فِي أُمُور مهمة

- ‌بَاب فِي التَّخْيِير وَالْخلاف

الفصل: ‌باب في التخيير والخلاف

‌بَاب فِي التَّخْيِير وَالْخلاف

ص: 710

بَاب فِي التَّخْيِير والخلافة

وَكَانَ خير النَّاس بعده وَبعد النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ أَبُو بكر الصّديق رضي الله عنه وَقد تَوَاتَرَتْ بذلك الْأَحَادِيث المستفيضة الصَّحِيحَة الَّتِي لَا تعتل المروية فِي الْأُمَّهَات وَالْأُصُول المستقيمة الَّتِي لَيست بمعلولة وَلَا سقيمة

قَالَ سُبْحَانَهُ {وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل} النُّور 22 فنعته بِالْفَضْلِ وَلَا خلاف أَن ذَلِك فِيهِ رضوَان الله عَلَيْهِ وَقَالَ سُبْحَانَهُ {ثَانِي اثْنَيْنِ إِذْ هما فِي الْغَار إِذْ يَقُول لصَاحبه لَا تحزن} التَّوْبَة 40 فَشَهِدت لَهُ الربوبية بالصحبة وبشره بِالسَّكِينَةِ وحلاه بثاني اثْنَيْنِ كَمَا قَالَ عَليّ كرم الله وَجهه من يكون أفضل من اثْنَيْنِ الله ثالثهما وَقَالَ سُبْحَانَهُ {وَالَّذِي جَاءَ بِالصّدقِ وَصدق بِهِ} الزمر 33 لَا خلاف أَنه فِيهِ رضي الله عنه وَهُوَ قَول جَعْفَر الصَّادِق رضوَان الله عَلَيْهِ

وَقَول عَليّ رضي الله عنه فِي التَّفْسِير ظَاهر أَن الَّذِي جَاءَ بِالصّدقِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالَّذِي صدق بِهِ أَبُو بكر وَأي منقبة أبلغ من هَذَا

وَلما أخبرنَا سبحانه وتعالى أَنه لَا يَسْتَوِي السَّابِقُونَ وَمن بعدهمْ بقوله سبحانه وتعالى {لَا يَسْتَوِي مِنْكُم من أنْفق من قبل الْفَتْح وَقَاتل أُولَئِكَ أعظم دَرَجَة من الَّذين أَنْفقُوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الْحسنى} وَالْخَبَر

ص: 711

فِي البُخَارِيّ مسطور أَن عقبَة بن أبي معيط وضع رِدَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي عُنُقه وخنقه فَأقبل أَبُو بكر يعدو حول الْكَعْبَة وَيَقُول أَتقْتلونَ رجلا أَن يَقُول رَبِّي الله قَالَ فَترك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَقْبلُوا على أبي بكر فضربوه حَتَّى لم يعرف أَنفه من وَجهه فَكَانَ أول من جَاهد وَقَاتل وَنصر دين الله وفدى الشَّخْص الَّذِي بِهِ قَامَ الدّين وَظهر وَهُوَ أول الْقَوْم إسلاما وَذَلِكَ ظَاهر جلي

وَقَالَ جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ كُنَّا ذَات يَوْم على بَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نتذاكر الْفَضَائِل فِيمَا بَيْننَا إِذْ أقبل علينا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ (أفيكم أَبُو بكر) قَالُوا لَا

قَالَ (لَا يفضلن أحد مِنْكُم على أبي بكر فَإِنَّهُ أفضلكم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة)

وَخبر أبي الدَّرْدَاء الْمَشْهُور قَالَ رَآنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنا أَمْشِي أَمَام أبي بكر وَقَالَ (يَا أَبَا الدَّرْدَاء أتمشي أَمَام من هُوَ خير مِنْك مَا طلعت الشَّمْس وَلَا غربت على أحد بعد النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ أفضل من أبي بكر) وَمن وَجه آخر (أتمشي بَين يَدي من هُوَ خير مِنْك) فَقلت يَا رَسُول الله أَبُو بكر خير مني قَالَ (وَمن أهل مَكَّة جَمِيعًا) قلت يَا رَسُول الله أَبُو بكر خيروني وَمن أهل مَكَّة جَمِيعًا قَالَ (وَمن أهل الْمَدِينَة جَمِيعًا) قلت يَا رَسُول الله أَبُو بكر خير مني وَمن أهل الْحَرَمَيْنِ قَالَ مَا أظلت الخضراء وَلَا أقلت الغبراء بعد النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ خيرا وَأفضل من أبي بكر

وَنَذْكُر فِي كثير مِنْهَا تَخْيِير عمر بعده ثمَّ عُثْمَان ثمَّ عَليّ

فَمن ذَلِك خبر أبي عقال وَقد رَوَاهُ مَالك وَقد سَأَلَ عليا كرم الله وَجهه وَهُوَ على الْمِنْبَر من خير النَّاس بعد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَبُو بكر ثمَّ عمر ثمَّ عُثْمَان ثمَّ أَنا وَإِلَّا فَصمت أذناي إِن لم أكن سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 712

وَإِلَّا فعميت وَأَشَارَ إِلَى عَيْنَيْهِ إِن لم أكن رَأَيْته يَعْنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول (مَا طلعت الشَّمْس وَلَا غربت على رجلَيْنِ أعدل وَلَا أفضل) وَرُوِيَ (وَلَا أزكى وَلَا خيرا من أبي بكر وَعمر)

وَقد روى مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة قَالَ سَأَلت وَالِدي عليا وَأَنا فِي حجره فَقلت يَا أَبَت من خير النَّاس بعد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَبُو بكر قلت ثمَّ من قَالَ ثمَّ عمر ثمَّ حَملتنِي حَدَاثَة سني قلت ثمَّ أَنْت يَا أبتي فَقَالَ أَبوك رجل من الْمُسلمين لَهُ مَا لَهُم وَعَلِيهِ مَا عَلَيْهِم

وَخبر أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (أَبُو بكر وَعمر خير أهل السَّمَاء وَخير أهل الأَرْض وَخير الْأَوَّلين وَخير الآخرين إِلَّا النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ)

وَقَالَ صلى الله عليه وسلم (عَليّ وَفَاطِمَة وَالْحسن وَالْحُسَيْن أَهلِي وَأَبُو بكر وَعمر أهل الله وَأهل الله خير من أَهلِي)

وَقَالَ صلى الله عليه وسلم (لَو وزن إِيمَان أبي بكر بِإِيمَان الْأمة لرجح)

وَخبر عمار بن يَاسر رضي الله عنه الْمَشْهُور قَالَ قلت يَا رَسُول الله أَخْبرنِي عَن فَضَائِل عمر

فَقَالَ (يَا عمار لقد سَأَلتنِي عَمَّا سَأَلت عَنهُ جِبْرِيل عليه السلام فَقَالَ لي يَا مُحَمَّد لَو مكثت مَعَك مَا مكث نوح فِي قومه ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما أحَدثك فِي فَضَائِل عمر مَا نفدت وَإِن عمر لحسنة من حَسَنَات أبي بكر)

وَقَالَ (قَالَ لي رَبِّي عز وجل لَو كنت متخذا بعد أَبِيك إِبْرَاهِيم خَلِيلًا لاتخذت أَبَا بكر خَلِيلًا وَلَو كنت متخذا بعْدك حبيا لاتخذت بعد أَبِيك إِبْرَاهِيم خَلِيلًا وَلَو كنت متخذا بعْدك حبيبا لاتخذت عمر حبيبا)

نقل ذَلِك من تَفْسِير

ص: 713

الْقُرْآن الْعَظِيم لِلْبَغوِيِّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي آخر سُورَة الْحَشْر فِي قَوْله تَعَالَى وَالَّذين جاؤا من بعدهمْ يَعْنِي التَّابِعين وهم الَّذين يجيئون بعد الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ ذكر أَنهم يدعونَ لأَنْفُسِهِمْ وَلمن سبقهمْ بِالْإِيمَان بالمغفرة فَقَالَ {يَقُولُونَ رَبنَا اغْفِر لنا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذين سبقُونَا بِالْإِيمَان وَلَا تجْعَل فِي قُلُوبنَا غلا} غشا وحسدا وبغضا للَّذين آمنُوا رَبنَا إِنَّك رءوف رَحِيم الْحَشْر 10 فَكل من كَانَ فِي قلبه غل على أحد من الصَّحَابَة وَلم يترحم على جَمِيعهم فَإِنَّهُ لَيْسَ مِمَّن عناه الله بِهَذِهِ الْآيَة لِأَن الله رتب الْمُؤمنِينَ على ثَلَاثَة منَازِل منَازِل الْمُهَاجِرين ومنازل الْأَنْصَار ومنازل التَّابِعين الموصوفين بِمَا ذكر فَمن لم يكن من التَّابِعين بِهَذِهِ الصّفة كَانَ خَارِجا من أَقسَام الْمُؤمنِينَ قَالَ ابْن أبي ليلى النَّاس على ثَلَاثَة منَازِل الْفُقَرَاء الْمُهَاجِرين وَالَّذين تبوؤا الدَّار وَالْإِيمَان وَالَّذين جاؤا من بعدهمْ فاجتهد أَن لَا تكون خَارِجا من هَذِه الْمنَازل

أخبرنَا أَبُو سعيد الشريحي أَنبأَنَا أَبُو إِسْحَاق الثَّعْلَبِيّ أَنبأَنَا عبد الله بن خَلِيل حَدثنَا أَحْمد بن عبد الله بن سُلَيْمَان حَدثنَا ابْن نمير حَدثنَا أبي عَن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم عَن عبد الله بن عُمَيْر عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت أمرْتُم بالاستغفار لأَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم فسببتموهم سَمِعت نَبِيكُم صلى الله عليه وسلم يَقُول (لَا تذْهب هَذِه الْأمة حَتَّى يلعن آخرهَا أَولهَا)

قَالَ مَالك بن مغرور قَالَ عَامر بن شرَاحِيل الشّعبِيّ يَا مَالك تفاضلت الْيَهُود وَالنَّصَارَى على الرافضة بخصلة سُئِلت الْيَهُود من خير أهل ملتكم

ص: 714

فَقَالُوا أَصْحَاب مُوسَى عليه السلام وسئلت النَّصَارَى من خير أهل ملتكم فَقَالُوا حوارِي عِيسَى عليه السلام وسئلت الرافضة من شَرّ أهل ملتكم فَقَالُوا أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم أمروا بالاستغفار لَهُم فسبوهم فالسيف عَلَيْهِم مسلول إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَا تقوم لَهُم راية وَلَا يثبت لَهُم قدم وَلَا تَجْتَمِع لَهُم كلمة

كلما أوقدوا نَارا للحرب أطفأها الله بسفك دِمَائِهِمْ وتفريق شملهم وإدحاض حججهم أعاذنا الله وَإِيَّاكُم من الْأَهْوَاء المضلة

قَالَ مَالك بن أنس من تنقص أحدا أحدا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَو كَانَ فِي قلبه عَلَيْهِم غل فَلَيْسَ لَهُ حق فِي فَيْء ثمَّ تَلا ماأفاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ حَتَّى أَتَى هَذِه الْآيَة {للْفُقَرَاء الْمُهَاجِرين} وَالَّذين تبوؤا الدَّار وَالْإِيمَان {وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ} إِلَى قَوْله {رؤوف رَحِيم} الْحَشْر 10

نقل الْبَغَوِيّ رحمه الله فِي قَوْله {ثَانِي اثْنَيْنِ} التَّوْبَة 40 قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر (أَنْت صَاحِبي فِي الْغَار وصاحبي على الْحَوْض)

قَالَ الْحسن بن الْفضل من قَالَ إِن أَبَا بكر رضي الله عنه لم يكن صَاحب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَهُوَ كَافِر لإنكار نَص الْقُرْآن وَفِي سَائِر الصَّحَابَة إِذا أنكر يكون مبتدعا لَا كَافِرًا

وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا دَائِما أبدا إِلَى يَوْم الدّين

ص: 715