الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَقْصد الأول فِي تَفْسِيرهَا
أخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن هَذِه الْآيَة لما نزلت قَالُوا يَا رَسُول الله من قرابتك هَؤُلَاءِ الَّذين وَجَبت علينا مَوَدَّتهمْ قَالَ (عَليّ وَفَاطِمَة وابناهما)
وَفِي سَنَده شيعي غال لكنه صَدُوق
وروى أَبُو الشَّيْخ وَغَيره عَن عَليّ كرم الله وَجهه فِينَا آل حم آيَة لَا يحفظ مودتنا إِلَى كل مُؤمن ثمَّ قَرَأَ (قل لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى)
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن الْحسن رضي الله عنه من طرق بَعْضهَا حسان أَنه خطب خطْبَة من جُمْلَتهَا من عرفني فقد عرفني وَمن لم يعرفنِي فَأَنا الْحسن بن مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ثمَّ تَلا (وَاتَّبَعت مِلَّة آبَائِي إِبْرَاهِيم) الْآيَة يُوسُف 38 ثمَّ قَالَ أَنا ابْن البشير أَنا ابْن النذير ثمَّ قَالَ وَأَنا من أهل الْبَيْت الَّذين افْترض الله عز وجل مَوَدَّتهمْ وموالاتهم فَقَالَ فِيمَا أنزل على مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم قل لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ
أجرا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى) وَفِي رِوَايَة الَّذين افْترض الله مَوَدَّتهمْ على كل مُسلم وَأنزل فيهم {قل لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى وَمن يقترف حَسَنَة نزد لَهُ فِيهَا حسنا} الشورى 23 واقتراف الْحَسَنَات مودتنا أهل الْبَيْت
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن زين العابدين أَنه لما جِيءَ بِهِ أَسِيرًا عقب مقتل أَبِيه الْحُسَيْن رضي الله عنهما وأقيم على درج دمشق قَالَ بعض جُفَاة أهل الشَّام الْحَمد لله الَّذِي قتلكم واستأصلكم وَقطع قرن الْفِتْنَة فَقَالَ لَهُ مَا قَرَأت قل لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا إِلَى الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى قَالَ وَأَنْتُم هم قَالَ نعم
وللشيخ الْجَلِيل شمس الدّين ابْن الْعَرَبِيّ رحمه الله
(رَأَيْت ولائي آل طه فَرِيضَة
…
على رغم أهل الْبعد يورثني القربا)
(فَمَا طلب الْمَبْعُوث أجرا على الْهدى
…
بتبليغه إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى)
وَأخرج أَحْمد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة قَالُوا يَا رَسُول الله من قرابتك
…
الحَدِيث
وَأخرج الثَّعْلَبِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي {وَمن يقترف حَسَنَة نزد لَهُ فِيهَا حسنا} قَالَ الْمَوَدَّة لآل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَنقل الثَّعْلَبِيّ وَالْبَغوِيّ عَنهُ أَنه لما نزل قَوْله تَعَالَى {قل لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى} قَالَ قوم فِي نُفُوسهم مَا يُرِيد إِلَّا أَن يحثنا على قرَابَته من بعده فَأخْبر جِبْرِيل النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنهم اتَّهَمُوهُ فَأنْزل {أم يَقُولُونَ افترى على الله كذبا} الشورى 24 الْآيَة فَقَالَ الْقَوْم يَا رَسُول الله إِنَّك صَادِق
فَنزل {وَهُوَ الَّذِي يقبل التَّوْبَة عَن عباده} الشورى 25
وَنقل الْقُرْطُبِيّ وَغَيره عَن السّديّ أَنه قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى إِن الله لغَفُور شكور الشورى 23 غَفُور لذنوب آل مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم شكور لحسناتهم
وَرَأى ابْن عَبَّاس حمل الْقُرْبَى فِي الْآيَة على الْعُمُوم فَفِي البُخَارِيّ وَغَيره عَنهُ أَن ابْن جُبَير لما فسر الْقُرْبَى بآل مُحَمَّد قَالَ لَهُ عجلت أَي فِي التَّفْسِير إِنَّه صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن فِي قُرَيْش إِلَّا كَانَ فِيهِ قرَابَة فَقَالَ (إِلَّا أَن تصلوا مَا بيني وَبَيْنكُم من الْقَرَابَة) وَفِي رِوَايَة عَنهُ (قل لَا أَسأَلكُم على مَا أدعوكم عَلَيْهِ أجرا إِلَّا الْمَوَدَّة تودوني بِقَرَابَتِي فِيكُم وتحفظوني فِي ذَلِك)
وَفِي أُخْرَى عَنهُ أَنهم لما أَبَوا أَن يبايعوه أنزل الله عَلَيْهِ ذَلِك فَقَالَ صلى الله عليه وسلم (يَا قوم إِذا أَبَيْتُم أَن تُبَايِعُونِي فاحفظوا قَرَابَتي وَلَا تؤذوني)
وَتَبعهُ على ذَلِك عِكْرِمَة فَقَالَ كَانَت قُرَيْش تصل الْأَرْحَام فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَمَّا دعاهم صلى الله عليه وسلم إِلَى الله خالفوه وقاطعوه فَأَمرهمْ بصلَة الرَّحِم الَّتِي بَينهم وَبينهمْ
فَقَالَ (إِن لم تحفظوني فِيمَا جِئْت بِهِ فاحفظوني لقرابتي فِيكُم)
وَجرى على ذَلِك أَيْضا قَتَادَة وَالسُّديّ وَعبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم وَغَيرهم وَيُؤَيِّدهُ أَن السُّورَة مَكِّيَّة وَرِوَايَة نُزُولهَا بِالْمَدِينَةِ لما فخرت الْأَنْصَار على الْعَبَّاس وَابْنه ضَعِيفَة
وعَلى فرض صِحَّتهَا تكون نزلت مرَّتَيْنِ وَمَعَ ذَلِك فَهَذَا كُله لَا يُنَافِي مَا مر من تَخْصِيص الْقُرْبَى بالآل لِأَن من ذهب إِلَيْهِ كَابْن جُبَير اقْتصر على أخص أَفْرَاد الْقُرْبَى وَبَين أَن حفظهم آكِد من حفظ بَقِيَّة تِلْكَ الْأَفْرَاد وَيُسْتَفَاد من الِاقْتِصَار عَلَيْهِم طلب مودته صلى الله عليه وسلم وَحفظه بِالْأولَى لِأَنَّهُ إِذا طلب حفظهم لأَجله فحفظه هُوَ أولى بذلك وَأَحْرَى وَلذَا لم ينْسب ابْن عَبَّاس ابْن جُبَير إِلَى الْخَطَأ بل إِلَى العجلة أَي عَن تَأمل ان الْقَصْد من الْآيَة الْعُمُوم والأهم مِنْهَا أَولا وبالذات وده صلى الله عليه وسلم
وَمِمَّا يُؤَيّد أَن لَا مضادة بَين تفسيري ابْن جُبَير وَابْن عَبَّاس أَن ابْن جُبَير كَانَ يُفَسر الْآيَة تَارَة بِهَذَا وَتارَة بِهَذَا فَافْهَم صِحَة إِرَادَة كل مِنْهُمَا فِيهَا بل جَاءَ عَن ابْن عَبَّاس مَا يُوَافق تَفْسِير ابْن جُبَير وَهُوَ رِوَايَته للْحَدِيث الَّذِي ذكرنَا أَن فِي سَنَده شِيعِيًّا غاليا وَلَا يُنَافِي ذَلِك كُله أَيْضا تَفْسِيرهَا بِأَن المُرَاد إِلَّا التودد إِلَى الله لما أخرجه غير وَاحِد عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا (لَا أَسأَلكُم على مَا أتيتكم بِهِ من
الْبَينَات وَالْهدى أجرا إِلَّا أَن تودوا الله وتتقربوا إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ) وَوجه عدم الْمُنَافَاة أَن من جملَة مَوَدَّة الله سُبْحَانَهُ والتقرب إِلَيْهِ مَوَدَّة رَسُوله وَأهل بَيته وَذكر بعض مَعَاني اللَّفْظ لَا يُنَافِي مَا لَا يضاده مِنْهَا فضلا عَمَّا يومىء وَيُشِير إِلَيْهِ
وَقيل الْآيَة مَنْسُوخَة لِأَنَّهَا نزلت بِمَكَّة وَالْمُشْرِكُونَ يؤذونه أَمرهم بمودته وصلَة رَحمَه فَلَمَّا هَاجر إِلَى الْمَدِينَة وآواه الْأَنْصَار ونصروه ألحقهُ الله بإخوانه من الْأَنْبِيَاء فَأنْزل {قل مَا سألتكم من أجر فَهُوَ لكم إِن أجري إِلَّا على الله} سبأ 47 ورده الْبَغَوِيّ بِأَن مودته صلى الله عليه وسلم وكف الْأَذَى عَنهُ ومودة أَقَاربه والتقرب إِلَى الله بِالطَّاعَةِ وَالْعَمَل الصَّالح من فَرَائض الدّين أَي الْبَاقِيَة على ممر الْأَبَد فَلم يجز ادِّعَاء بنسخ الْآيَة الدَّالَّة على ذَلِك فَإِن هَذَا الحكم الَّذِي دلّت عَلَيْهِ بَاقٍ مُسْتَمر فَكيف يَدعِي رَفعه وَنسخ وَإِلَّا الْمَوَدَّة اسْتثِْنَاء مُنْقَطع أَي لكني أذكركم أَن تودوا الْقَرَابَة الَّتِي بيني وَبَيْنكُم فَلَيْسَ ذَلِك أجرا فِي مُقَابلَة أَدَاء الرسَالَة حَتَّى تكون هَذِه الْآيَة مُنَافِيَة لِلْآيَةِ الْمَذْكُورَة الَّتِي استدلوا بهَا على النّسخ
وَقد بَالغ الثَّعْلَبِيّ فِي الرَّد عَلَيْهِم فَقَالَ وَكفى قبحا بقول من زعم أَن التَّقَرُّب إِلَى الله بِطَاعَتِهِ ومودة نبيه وَأهل بَيته صلى الله عليه وسلم مَنْسُوخ انْتهى
وَيصِح دَعْوَى أَنه مُتَّصِل بِخَبَر الملا فِي سيرته (إِن الله جعل أجري عَلَيْكُم الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى وَإِنِّي سَائِلكُمْ عَنْهُم غَدا)
وَحِينَئِذٍ فتسمية ذَلِك أجرا مجَاز