الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفَصْل الْخَامِس فِي وَفَاته رضي الله عنه
سَببهَا أَنه لما طَال النزاع بَينه وَبَين مُعَاوِيَة رضي الله عنهما انتدب ثَلَاثَة نفر من الْخَوَارِج عبد الرَّحْمَن بن ملجم الْمرَادِي البرك وَعَمْرو التيميين فَاجْتمعُوا بِمَكَّة وتعاهدوا وتعاقدوا ليقْتلن هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة عليا وَمُعَاوِيَة وَعَمْرو بن الْعَاصِ ويريحوا الْعباد مِنْهُم فَقَالَ ابْن ملجم أَنا لكم بعلي وَقَالَ البرك أَنا لكم بِمُعَاوِيَة وَقَالَ عَمْرو أَنا لكم بِعَمْرو وتعاهدوا على أَن ذَلِك يكون لَيْلَة حادي عشر أَو لَيْلَة سَابِع عشر رَمَضَان ثمَّ توجه كل مِنْهُم إِلَى مصر صَاحبه
فَقدم ابْن ملجم الْكُوفَة فلقي أَصْحَابه من الْخَوَارِج فكاتمهم مَا يُرِيد وَوَافَقَهُ مِنْهُم شبيب بن عجْرَة الْأَشْجَعِيّ وَغَيره فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة الْجُمُعَة سَابِع عشر رَمَضَان سنة أَرْبَعِينَ اسْتَيْقَظَ عَليّ سحرًا وَقَالَ لِابْنِهِ الْحسن رَأَيْت اللَّيْلَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقلت يَا رَسُول الله مَا لقِيت من أمتك خيرا فَقَالَ لي ادْع الله عَلَيْهِم فَقلت اللَّهُمَّ أبدلني بهم خيرا لي مِنْهُم وأبدلهم بِي شرا لَهُم مني
وَأَقْبل عَلَيْهِ الأوز يصحن فِي وَجهه فطردوهن فَقَالَ دعوهن فَإِنَّهُنَّ نوائح وَدخل عَلَيْهِ الْمُؤَذّن فَقَالَ الصَّلَاة فَخرج عَليّ من الْبَاب يُنَادي أَيهَا النَّاس الصَّلَاة الصَّلَاة فَشد عَلَيْهِ شبيب فَضَربهُ بِالسَّيْفِ فَوَقع سَيْفه بِالْبَابِ وضربه ابْن ملجم
بِسَيْفِهِ فَأصَاب جَبهته إِلَى قرنه وَوصل دماغه وهرب فشبيب دخل منزله فَدخل عَلَيْهِ رجل من بني أُميَّة فَقتله
وَأما ابْن ملجم فَشد عَلَيْهِ النَّاس من كل جَانب فَلحقه رجل من هَمدَان فَطرح عَلَيْهِ قطيفة ثمَّ صرعه وَأخذ السَّيْف مِنْهُ وَجَاء بِهِ إِلَى عَليّ فَنظر إِلَيْهِ وَقَالَ النَّفس بِالنَّفسِ إِن أَنا مت فَاقْتُلُوهُ كَمَا قتلني وَإِن سلمت رَأَيْت فِيهِ رَأْيِي
وَفِي رِوَايَة والجروح قصاص
فَأمْسك وأوثق وَأقَام عَليّ الْجُمُعَة ولاسبت وَتُوفِّي لَيْلَة الْأَحَد وغسله الْحسن وَالْحُسَيْن وَعبد الله بن جَعْفَر وَمُحَمّد بن الْحَنَفِيَّة يصب المَاء وكفن فِي ثَلَاثَة أَثوَاب لَيْسَ فِيهَا قَمِيص وَصلى عَلَيْهِ الْحسن وَكبر عَلَيْهِ سبعا وَدفن بدار الْإِمَارَة بِالْكُوفَةِ لَيْلًا أَو بالقرى مَوضِع يزار الْآن أَو بَين منزله وَالْجَامِع الْأَعْظَم أَقْوَال
ثمَّ قطعت أَطْرَاف ابْن ملجم وَجعل فِي قوصرة وأحرقوه بالنَّار
وَقيل بل أَمر الْحسن بِضَرْب عُنُقه ثمَّ حرقت جيفته أم الْهَيْثَم بنت الْأسود النخعية وَكَانَ عَليّ فِي شهر رَمَضَان الَّذِي قتل فِيهِ يفْطر لَيْلَة عِنْد الْحسن وَلَيْلَة عِنْد الْحُسَيْن وَلَيْلَة عِنْد عبد الله بن جَعْفَر وَلَا يزِيد على ثَلَاث لقم وَيَقُول أحب أَن ألْقى الله وَأَنا خميص فَلَمَّا كَانَت اللَّيْلَة الَّتِي قتل فِي صبيحتها أَكثر الْخُرُوج وَالنَّظَر
إِلَى السَّمَاء وَجعل يَقُول وَالله مَا كذبت وَلَا كذبت وَإِنَّهَا اللَّيْلَة الَّتِي وعدت فَلَمَّا خرج وَقت السحر ضربه ابْن ملجم الضَّرْبَة الْمَوْعُود بهَا كَمَا قدمنَا فِي أَحَادِيث فضائله
وَعمي قبر عَليّ لِئَلَّا ينبشه الْخَوَارِج
وَقَالَ شريك نَقله ابْنه الْحسن إِلَى الْمَدِينَة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر أَنه لما قتل حملوه ليدفنوه مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَبَيْنَمَا هم فِي مَسِيرهمْ لَيْلًا إِذْ ند الْجمل الَّذِي عَلَيْهِ فَلم يدر أَيْن ذهب وَلم يقدر عَلَيْهِ فَلذَلِك يَقُول أهل الْعرَاق هُوَ فِي السَّحَاب
وَقَالَ غَيره إِن الْبَعِير وَقع فِي بِلَاد طَيء فَأَخَذُوهُ ودفنوه
وَكَانَ لعَلي حِين قتل ثَلَاث وَسِتُّونَ سنة وَقيل أَربع وَسِتُّونَ وَقيل خمس وَسِتُّونَ وَقيل سبع وَخَمْسُونَ وَقيل ثَمَان وَخَمْسُونَ
وَسُئِلَ وَهُوَ على الْمِنْبَر بِالْكُوفَةِ عَن قَوْله تَعَالَى رجال صدقُوا ماعاهدوا الله عَلَيْهِ فَمنهمْ من قضى نحبه وَمِنْهُم من ينْتَظر وَمَا بدلُوا تبديلا الْأَحْزَاب 23 فَقَالَ اللَّهُمَّ غفرا هَذِه الْآيَة نزلت فِي وَفِي عمي حَمْزَة وَفِي ابْن عمي عُبَيْدَة بن
الْحَرْث بن عبد الْمطلب فَأَما عُبَيْدَة فَقضى نحبه شَهِيدا يَوْم بدر وَحَمْزَة قضى نحبه شَهِيدا يَوْم أحد وَأما أَنا فأنتظر أشقاها يخضب هَذِه من هَذِه وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى لحيته وراسه عهد عَهده إِلَيّ حَبِيبِي أَبُو الْقَاسِم صلى الله عليه وسلم
وَلما أُصِيب دَعَا الْحسن وَالْحُسَيْن رضي الله عنهم فَقَالَ لَهما أوصيكما بتقوى الله وَلَا تبغيا الدُّنْيَا وَإِن بغتكما وَلَا تبكيا على شَيْء زوي مِنْهَا عنكما وقولا الْحق وارحما الْيَتِيم وَأَعْيُنًا الضَّعِيف واصنعا للآخرة وكونا للظالم خصما وللمظلوم أنصارا واعملا لله وَلَا تأخذكما فِي الله لومة لائم ثمَّ نظر إِلَى وَلَده مُحَمَّد ابْن الْحَنَفِيَّة فَقَالَ لَهُ هَل حفظت مَا أوصيت بِهِ أخويك قَالَ نعم
فَقَالَ أوصيك بِمثلِهِ وأوصيك بتوقير أخويك لعظم حَقّهمَا عَلَيْك وَلَا توثق أمرا دونهمَا ثمَّ قَالَ أوصيكما بِهِ فَإِنَّهُ أخوكما وَابْن أبيكما وَقد علمتما أَن أَبَاكُمَا كَانَ يُحِبهُ
ثمَّ لم ينْطق إِلَّا بِلَا إِلَه إِلَّا الله إِلَى أَن قبض كرم الله وَجهه
وَرُوِيَ أَن عليا جَاءَهُ ابْن ملجم يستحمله فَحَمله ثمَّ قَالَ رضي الله عنه
(أُرِيد حَيَاته وَيُرِيد قَتْلِي
…
عذيرك من خَلِيلك من مُرَاد)
ثمَّ قَالَ هَذَا وَالله قاتلي فَقيل لَهُ أَلا تقتله فَقَالَ فَمن يقتلني
وَفِي الْمُسْتَدْرك عَن السّديّ قَالَ كَانَ ابْن ملجم عشق امْرَأَة من الْخَوَارِج يُقَال
لَهَا قطام فنكحها وَأصْدقهَا ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم وَقتل عَليّ وَفِي ذَلِك يَقُول الفرزدق
(فَلم أر مهْرا سَاقه ذُو سماحة
…
كمهر قطام بَينا غير مُعْجم)
وَفِي رِوَايَة من فصيح وأعجم
(ثَلَاثَة آلَاف وَعبد وقينة
…
وَضرب عَليّ بالحسام المصمم)
(فَلَا مهر أَعلَى من عَليّ وَإِن علا
…
وَلَا فتك إِلَّا دون فتك ابْن ملجم)
الْبَاب الْعَاشِر فِي خلَافَة الْحسن وفضائله ومزاياه وكراماته وَفِيه فُصُول