الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث: دراسة الكتاب
.
المبحث الأول: التعريف بالكتاب
.
1-
محتواه وصفًا وكمًّا ونوعًا:
يحتوي الكتاب على أسباب نزول الآيات القرآنية التي ذكر لها سبب في الروايات عن الصحابة والتابعين، وفي كتب التفسير مستقرأة من مصادر كثيرة.
وطريقته أن يورد الآية بل بعضها ثم يسوق الروايات كما هي طريقة الواحدي من قبل، وإذا أراد أن يورد قولًا آخر عنون لذلك بقوله:"قول آخر" أو "سبب آخر" ولم أجد فرقًا بين التعبيرين، وأما الواحدي فلم يستعمل إضافة "قول آخر" حين تتعدد الأقوال إلا مرة واحدة في كتابه كله1.
وفي الآية التي تشتمل على مضامين متعددة نراه يذكر الآية جزءًا جزءًا، ليورد تحت كل جزء ما ورد فيه من أسباب، وإن نظرة سريعة على الأرقام بعد الآيات تظهر لك هذا سريعًا، وقد استعمل هذا من قبله الواحدي2، ومن بعده السيوطي3.
وهو أوسع الكتب المؤلفة في هذا المجال وإليك هذا الجدول الموضح لعدد العناوين عند الأئمة الثلاثة: الواحدي وابن حجر والسيوطي:
انظر "ص68".
2 انظر مثلًا: "ص48، 146، 195، 215، 243، 251، 303، 307، 388".
3 انظر مثلًا: "ص35، 159، 196، 221، 229، 231".
وقد درج على إيراد الآيات متسلسلة وكذلك المقاطع في ضمن الآية إلا في سبعة مواضع هي: "143 و179 و197 من البقرة و15 و159 من آل عمران و74 من النساء" وأذنت لنفسي بترتيبها حسب التسلسل رعاية لنظم القرآن وأشرت في الهوامش إلى ذلك.
ووقع شيء من هذا عند الوحدي: "كما في الآية 75 من البقرة و43 من الأحزاب" والسيوطي: "كما في الآية 26 من سورة الإسراء".
وهو يورد الآيات العناوين على قراءة حفص عن عاصم إلا في موضعين في الآية "106" من البقرة و"33" من النساء.
2-
عنوانه:
صرح المؤلف في نهاية مقدمته أنه سماه: "العجاب في بيان الأسباب"1، وقد ذكره في كتابه الإصابة أربع مرات: مرتين باسم "أسباب النزول"2، ومرة باسم "سبب النزول"3 ومرة أخرى باسم "الأسباب"4.
1 انظر الصفحة "9" من "المخطوط".
2 انظر ترجمة هلال الثقفي "3/ 609" وترجمة أبي قيس بن الأسلت "4/ 161".
3 انظر ترجمة "عميرة بنت محمد بن مسلمة الأنصارية "4/ 370".
4 في ترجمة "كبشة بنت معن بن عاصم الأنصارية""4/ 395" وقد تحرف هنا إلى "الأنساب".
ونقل الدكتور شاكر محمود عن السخاوي -تلميذ المؤلف- أنه ذكر له في كتابه "الجواهر والدرر" في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر" عنوانين: "الإعجاب بتبيان الأسباب" و"العباب في بيان الأسباب"1.
وذكره البقاعي بعنوان "الإعجاب ببيان الأسباب"2 ورأى الدكتور شاكر أن "الأنساب" محرفة عن "الأسباب"3. وهو كما رأى.
أما السيوطي فقد ذكر في كتابه "نظم العقيان": "الإعجاب ببيان الأنساب" ثم في صفحة ثانية ذكر "أسباب النزول"4 ولم يسمه في "التحبير" و"الإتقان"5.
ولكنه في آخر "الدرر المنثور" نقل عنه نصًّا طويلًا وقال: "قال الحافظ ابن حجر رضي الله عنه في أول كتابه أسباب النزول وسماه "العجاب في بيان الأسباب"6".
وسماه المناوي: "أسباب النزول"7.
وذكره الحاج خليفة مرتين الأولى سماه فيها "أسباب النزول" والثانية: "الإعجاب ببيان أو تبيان الأسباب" وزاد قوله هنا موضحًا: "في مجلد ضخم في
1 انظر "ابن حجر العسقلاني ودراسة مصنفاته ومنهجه وموارده في كتابه الإصابة""1/ 282"، ولم أرجع إلى "الجواهر والدرر" مباشرة لأن الجزء الثاني ليس عندي.
2 انظر "عنوان الزمان" في "تراجم الشيوخ والأعيان""الورقة 1/ 50".
3 انظر كتابه السابق الذكر "1/ 282".
4 انظر "ص47 ثم 48" ويرى الدكتور شاكر أن الأنساب محرفة عن الأسباب أيضًا.
قلت: ويدعم رأيه ورودها على الصواب في كشف الظنون.
5 انظر "التحبير""ص86" و"الإتقان""1/ 28".
6 "8/ 699".
7 انظر "الفتح السماوي بتخريج أحاديث القاضي البيضاوي "1/ 145".
أسباب النزول"1، وكذلك ذكره إسماعيل باشا البغدادي وبهذين العنوانين2.
والراجح هو الاسم الأول: "العجاب في بيان الأسباب".
أما العنوان الآخر: "الإعجاب ببيان أو تبيان الأسباب" فلعله سماه به أولا ثم غيره إلى هذا العنوان المثبت في المخطوط، وقد ذكر بالعنوان الأول في كتاب تقليد المؤلف منصب القضاء في السابع من محرم سنة "827" الذي أنشأه العلامة الأديب ابن حجة الحموي3 وضمنه أسماء مؤلفاته بطريق الإشارة وفيه:
"
…
فإنه الشهاب الذي نجوم تصانيفه مشرقة في ظلمة كل إشكال، ولما خشينا من الجهل برجال الحديث بادر إلى "الاحتفال بأسماء الرجال" وهو بحمد الله "نخبة" هذا العصر، وصاحب "المقدمة" وبه حصل "التغليق"4 وفزنا بـ"التوفيق"، وهمنا إليه بـ"التشويق" فأكرم بها مكرمة.
ولقد تميز عندنا بـ"تقريب الغريب"، وقلنا: لا يُنكر ذلك لمن جبل على "تهذيب التهذيب" وتالله إن "ثقاه الرجال" تشهد له بـ"التمييز"5 و"الإعجاب" فإنه المقرر "للإصابة" وعنده "شفاء الغلل" وخاص "اللباب"
…
إلخ"6.
1 انظر "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون""1/ 76 ثم 120".
2 انظر "هدية العارفين""1/ 128-129".
3 أورد نص هذا التقليد السخاوي في "الجواهر والدرر""1/ 361-366" ناقلًا له من كتاب "قهوة الإنشاء" لابن حجة.
4 في الأصل: التعليق وهو الحريف في كتابه "تغليق التعليق".
5 هو كتاب "التلخيص الحبير" انظر: ابن حجر للدكتور شاكر محمود "1/ 381".
6 فات المحققين الدكتورين حامد عبد المجيد وطه الزيني معرفة بعض الكتب التي أشار إليها ابن حجة وليس هنا موضع بيان ذلك.
وأما "العباب" اللفظ المنقول عن "الجواهر والدرر" فهو محرف عن "العجاب"1.
3-
نسبته إلى مؤلفه:
لا شك في نسبة هذا الكتاب إلى ابن حجر عزاه هو إلى نفسه في الإصابة كما مر، وعزاه إليه تلميذاه السخاوي والبقاعي، ثم السيوطي وطاش كبري زاده2 والمناوي والحاج خليفة والبغدادي3.
ويؤكد هذا أن ابن حجر ذكر فيه كتابين مشهورين له هما:
كتابه في "الصحابة"4، و"تغليق التعليق"5. ولا شك في نسبة هذه النسخة منه إليه لتطابق ما نقل عنها مع ما وجد فيها، ولأن ناسخها من كبار العلماء الأثبات وستأتي ترجمته.
4-
تاريخ تأليفه:
لا بد لمعرفة تاريخ تأليفه من الرجوع إلى الكتاب نفسه، وقد أحصيت المواضع التي تفيد في اكتشاف التاريخ بعد بحث دقيق فكان لدي ما يأتي:
- في الصحفة الثانية من المخطوط قال عن حديث: "وقرأته على أم الحسن بنت العز محمد بن أحمد بن المنجا بدمشق" وكانت رحلته إلى دمشق سنة "802".
1 وقد أثبت العنوان على الغلاف كما جاء في المخطوط، ووضعت تحته العنوان الدال على موضوعه -أسباب النزول- للتوضيح. إذ يرد لفظ الأسباب في أكثر من علم.
2 "مفتاح السعادة""2/ 385".
3 مرت الإحالات قريبًا.
4 انظر صفحة "127" من "المخطوط".
5 انظر صفحة "191" من "المخطوط".
قال البقاعي في ترجمته1: "وكان له وصوله إليها في مستهل رمضان سنة اثنتين وثمانمائة، وانفصل عنها إلى القاهرة في أول المحرم سنة ثلاثة وثمانمائة".
وتأليف "العجاب" كان بعد هذه الرحلة.
- وفي الصفحة "120" قال عن "الصُلب بن حكيم": "وهو أخو بهز بن حكيم" وكذلك قال في كتابه "لسان الميزان"2 الذي انتهى من تأليفه سنة 805هـ3.
ولكنه قال في كتابه "تبصير المنتبه بتحرير المشتبه"4: "وقيل: إن الصلب بن حكيم، المتقدم ذكره، أخو بهز من حكيم، ولا يصح" وقد انتهى من تأليف التبصير سنة "816"5.
ولولا أنه زاد على "لسان الميزان" كثيرًا بعد عام 805 لأمكن لنا أن نجزم بهذا الدليل: إن تأليف "العجاب" كان قبل 816، ولكن الأدلة الأخرى تدل على هذا فهذا يؤيد.
- وفي الصفحة "127" قال عن الصحابي: "وذكرت في كتابي في الصحابة أن بعضهم قال أنس بن صرمة، وأن بعضهم صحفة فقال: ضمرة" وقد ابتدأ بكتابه الإصابة عام "809"6 وعندي أن قوله هذا ملحق على كتاب بعد زمن من تأليفه".
1 انظر "عنوان الزمان""1/ الورقة 39".
2 انظر "3/ 195" في باب الصلت.
3 انظر ابن حجر للدكتور شاكر "1/ 522".
4 انظر "3/ 839".
5 انظر "تبصير المنتبه"4/ 1514".
6 انظر ابن حجر للدكتور شاكر "1/ 697-698".
- وفي الصفحة "173" قال عن "حضرمي" شيخ سليمان التميمي: إنه ابن لاحق وأنه ثقة، والظاهر أنه تابع المزي في تهذيب الكمال وقال هذا، وإلا فإنه في تهذيب التهذيب1 الذي انتهى منه سنة 808هـ2 بين أن ابن المديني قال عنه:
مجهول وأن ابن حبان قال: لا أدري من هو ولا ابن من هو.
ولم يوثقه أحد3 وهذا يعني أن "العجاب" سابق على "تهذيب التهذيب".
هذا وقد سمى أباه وأنه "لاحق" في الصفحة "363" أيضًا.
- وفي الصحفة "183" ذكر رواية عن الكلبي ولم ينتقدها ولكنه في "الكافي الشاف"4 الذي انتهى منه سنة "821"5 انتقدها وبَيَّن الصواب.
وهذا يعني أن "العجاب" سابق على "الكافي الشاف".
- وفي الصحفة "191" ذكر كتابه "تغليق التعليق" وكان قد كمل سنة "804"6. فلا بد أن "العجاب" بعده.
- وفي الصفحة "252" ذكر راويًا هو "أبو الحسن الأسدي" وتردد فيه: أهو المذكور في رواية أوردها عن الطبري وابن أبي حاتم والثعلبي أو غيره.
ولكنه في "لسان الميزان"7 جزم بأنه هو.
1 انظر "2/ 395".
2 انظر "تهديب التهذيب""12/ 493".
3 انظر التفصيل في التعليق على الآية "217" من سورة البقرة.
4 انظر "1/ 264".
5 انظر ابن حجر للدكتور شاكر "1/ 389".
6 المصدر السابق "1/ 356".
7 انظر "7/ 33".
ولولا زياداته على "لسان الميزان" بعد عام 805 لقلنا أن "العجاب" كان قبل هذا التاريخ.
- وفي الصفحة "299" قال عن نزول قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} في بئر معونة: "في هذا نظر" ثم قال بإمكان الجمع بين أحد وبئر معونة ولكنه في "فتح الباري" جزم بأن الصواب نزولها في أحد، وبين أن بلاغ الزهري في ذلك لا يصح، ثم ذكر احتمالًا بنزول الآية في الأمرين وقد ابتدأ بالفتح في أوائل سنة "817هـ"1 مما يدل سبق "العجاب""للفتح".
- وفي الصفحة "328" قال عن الآية 180 من سورة آل عمران: "قال الواحدي: أجمع جمهور المفسرين على أنها نزلت في معاني الزكاة" ولكنه في الجزء الثامن من "فتح الباري"2 رد عليه فقال: "وفي صحة هذا النقل نظر".
وهذا يفيد تقدم "العجاب" على "الفتح" أيضًا.
- وفي الصفحة "361" قال عن معاذة زوج شجاع بن الحارث السدوسي: "وقصتها شبيهة بقصة معاذة زوج الأعشى المازني وهي عند أحمد في المسند وما أدري أهما واحدة أو اتفق الاسم والقصة" ولكنه في "الإصابة"3 جزم بالتعدد.
"فالعجاب" إذن متقدم على "الإصابة" وإذا أضفنا هذا الدليل الآخر وهو أن المؤلف أحال على كتاب "أسباب النزول" في "الإصابة" أربع مرات تأكد لنا ما ذهبت إليه أن ذكره لكتابه "الإصابة""ص127" أضيف لاحقًا كما قلت وبذلك ينحل الإشكال في ذكره "للإصابة" هنا وذكره "لأسباب النزول" هناك.
1 انظر ابن حجر للدكتور شاكر "1/ 308".
2 انظر "8/ 230".
3 انظر "2/ 138" في ترجمة "شجاع".
- وننتهي من هذه الجولة إلى أن تأليفه "العجاب" كان ما بين سنتي "804" و"808" ولا يبعد أنه أضاف عليه أشياء أخرى على التراخي1 والله تعالى أعلم2.
وعلى أية حال فقد كان موجودًا قبل محرم سنة 827، لورود اسمه في "مرسوم توليه القضاء" ومما يلفت النظر عدم ذكره في "فتح الباري".
5-
إكمال المؤلفغ لتأليف الكتاب:
جاء في آخر المخطوط: "إلى هنا انتهى ما وجد من أسباب النزول لشيخ الإسلام العالم العلامة الحافظ شهاب الدين أبي الفضل أحمد "ابن حجر" بخطه
…
".
والكلام ينقطع فجأة وهو ينقل نصًّا يراه سببًا في نزول قوله تعالى:
1 كان من منهج الحافظ في التأليف تعاهد كتبه ومن الأمثلة على ذلك كتابه "التخليص الحبير" فقد جاء في آخره "4/ 219": فرغه مختصرًا أحمد بن علي بن حجر تعليقًا في 21 شوال سنة 812.. ثم فرغ منه تتبعًا في جمادى الآخرة سنة 820" وكتابه "تعجيل المنفعة" ففي آخره "ص372": "فرغ من تعليقه أحمد بن علي بن حجر.. سنة 835، ثم وقفت على "الإكمال فيما في مسند أحمد من الرجال ممن ليس في تهذيب الكمال" للحسيني أيضًا فألحقت في كتابي هذا ما وجدته فيه من مدح وقدح، وفرغت من تحريره بمدينة حلب في رمضان سنة 836.. إلخ" وكتابه "فتح الباري" ففد فرغ منه سنة 842 انظر "13/ 546" ولكنه ظل يتعاهده وقد رأيت في "3/ 449" حدثًا تاريخه سنة "843. وهكذا ولولا ضيق المجال لأفردت لمنهجه في التأليف مبحثًا، ولعلي أعود إلى ذلك بعدُ.
2 وقد أطلت في هذه الفقرة لما يترتب على معرفة تاريخ كل كتاب من كتب ابن حجر من فوائد وذلك حين تختلف آراؤه فيها، وقد وقع منه هذا في مواضع متعددة، كما بينته في الهوامش، وفي كتاب "تجريد أسماء الرواة الذين تكلم فيها الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" ومقارنة كلامه بما قاله فيهم في "تقريب التهذيب" ذكر مؤلفه الباحث، نبيل بن منصور البصارة "ص9" أن عدد الرواة الذين اختلف قول الحافظ فيهم في "الفتح" عن "التقريب" ثمانية عشر راويًا! وقد حاول تعليل هذا ولكنه لم يتطرق إلى تاريخ الكتابين لمعرفة رأيه الأخير.
{أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} من سورة النساء الآية "78"
…
دون أن ينتهي النص.
والظاهر أنه أكمله ويستأنس لذلك بما يأتي:
1-
أنه في تسعة عشر موضعًا أحال في استيفاء الموضوع إلى مواضع آتية، وإليك بيان هذه المواضع بنصها:
- في الصفحة "39" من المخطوط: سيأتي في تفسير سورة الجمعة.
- في الصفحة "52" من المخطوط: كما سيأتي في سورة ص.
- في "53" سأذكره بتمامه في سورة سبأ إن شاء الله.
- في "59": وسيأتي ذكره في تفسير حم.
- في "73": وسيأتي في تفسير سورة سبحان.
- في "138": سيأتي في سورة الحج.
- في "179": ستأتي بقية طرقه في تفسير سورة النساء، وتفسير سورة المائدة إن شاء الله.
- في "230": كما سيأتي بيانه في تفسير سورة الممتحنة.
- في "253": فذكر القصة الآتية في سورة المائدة.
- في "254": ونورده في تفسير سورة الأحزاب.
- في "303": سيأتي في تفسير هود.
- في "303": أيضًا: تأتي في سورة هود.
- في "318": وسيأتي في سورة الأنفال.
- في "328": تأتي في تفسير سورة المائدة.
- في "363": سيأتي في سورة الأحزاب.
- في "368": وله طريق أخرى ذكرت في أواخر سورة طه.
- في "372": وبقية طرقه تأتي في تفسير المائدة.
- في "376": يأتي في أواخر السورة "يعني سورة النساء".
- في "389": القصة الآتية في سورة المائدة.
نعم قد يقال: إنه وعد ولم يف، والإحالة إلى سورة طه بصيغة الماضي كانت يمكن أن تكون دليلًا قويًّا غير أن فيها نظرًا بسبب سياقها فقد قال الحافظ عن حديث:"وأخرجه عبد بن حميد من رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة: بلغنا، فذكر نحوه، وزاد في آخره: أردنا، وله طريق أخرى ذكرت في أواخر سورة طه. فقد يكون قصد أن الطريق ذكرت في تفسير عبد بن حميد" أقول: يضعف هذا أنه لم يتطرق إلى ذكر "تفسير" عبد.
2-
ورد في ثنايا سورة البقرة كلام على الآية "26" من سورة الحج وهي {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} مكان الآية "125" من سورة البقرة وهي {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} ويبعد أن يكون هذا من سهو المؤلف لأنه من حفظة القرآن، أتم حفظه وله تسع سنين وصلى به التراويح بالناس إمامًا في مكة، وهو في الثانية عشرة من عمره، وتفسير هذا -والله أعلم- أن المؤلف وصل إلى سورة الحج وتكلم على هذه الآية، ثم ضاع هذا وبقي الكلام على هذه الآية فسبق وهم الناسخ -الناسخ الأول وهو الشيخ كمال الدين- إلى أنها من سورة البقرة. ولكن قد يقال: فكيف خفي هذا على ناسخ هذه المخطوطة الثاني -وقد نقل في هذا الموضع من خط الشيخ كمال
الدين- وكيف لم يضع أي إشارة استغراب وهو في العالم المحدث الدقيق؟
وقد يقال أيضًا: إن هناك تفسيرًا آخر وهو أن المؤلف ابن حجر تكلم على هذه الآية من سورة الحج لمناسبة عرضت على أمل أن يلحقها بموضعها -حين يصل إليه- ولم يتيسر له ذلك ووضعها الناسخ الأول هنا سهوًا! وتابعه الثاني!
وقد يقال: لعل المؤلف أراد قوله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} فسبق إلى ذهنه قوله تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} ولكن يضعف هذا أن ما ذكره من نقول مرتبط بالتبوئة مما يدل على قصد ذلك.
3-
أن الكلام في آخر المخطوط ينقطع فجأة، في منتصف أثر مجاهد، وقد يبدو من المستغرب أن يتوقف المؤلف هكذا دون أن يكمل النص ولا يعود إليه بعدُ أبدًا، وهذا وإن كان لا يدل على أنه أكمل الكتاب كله، لكن على الأقل قد يدل على أن لكلام المؤلف تتمة ضائعة.
4-
أن تلميذ المؤلف البقاعي قال عن هذا الكتاب: "في مجلد ضخم لم يبيض"1 ولم يقل: لم يكمل في حين أنه قال عن أكثر من خمسة كتب لم تكمل وقال عن أخرى: شرع فيها2.
ولكن قد يقال: ولكنه قال عن كتب أخرى: "كمل وهو في المسودة" فإذا سكت هنا فلا يمكن الجزم.
نعم يقوي أنه أكمله قول السخاوي عنه أن شرع في تبييضه وكتب منه جزءًا1 فلا يشرع في تبييضه إلا وقد أكمله، وإن كان يمكن أن يقال: أيضًا: أنه بيض منه جزءًا ليخرجه إلى الناس ثم يشتغل بالباقي تباعًا. وقد انتشر نسخ من "فتح
1 "عنوان الزمان""1/ الورقة 50".
2 انظر المصدر السابق "50-51".
الباري" قبل أن يكمل.
5-
أن السخاوي يقول في "الضوء اللامع"2 في ترجمة السيوطي وهو يذكر مؤلفاته "مما اختلسه من تصانيف شيخنا: لباب النقول في أسباب النزول و
…
وليته إذ اختلس لم يمسخها، ولو نسختها على وجهها لكان أنفع".
موضع الشاهد: أن ابن حجر كان قد أكمل كتابه، وإلا كيف يتسنى للسخاوي أن يتهم السيوطي بسرقته وهو لم يتجاوز نصف سورة النساء في حين نجد كتاب السيوطي كاملًا!
6-
وقد يقال: إن وجود مقدمة للكتاب يعني أنه أكمله ويُجاب بأن كتابًا آخر لم يكمله له مقدمة وهو "تبيين العج بما ورد في شهر رجب"3 وقد نقل من المسودة4.
وهنا قد يسأل: إذا كان قد أكمله فأين ذهب سائر الكتاب ولماذا لم يبيضه؟
وللجواب على السؤال يقال: لعل سائر الكتاب خرج من يد ابنه بدر الدين محمد بسبب تفريطه يقول الدكتور شاكر5:
"إن السخاوي انتقد بدر الدين محمد وبعد أن قال إنه أمضى أكثر ما أوصى به والده "قال": لكنه ضيع ما كان الأولى به الحرص على بقائه، من تصانيف أبيه وغيرها مما كتبه بخطه وتفرقت من غير مقابل"1. فلم يحصل الانتفاع مما لم يبيض
1 "الجواهر والدرر" عن كتاب ابن حجر للدكتور شاكر "1/ 282-283" وعبارة الدكتور سعيد القزفي في مقدمة "تغليق التعليق""1/ 184" -وقد نقل عن نفس المصدر: "فكتب قدر مجلدة".
2 "4/ 68".
3 انظر "ص21" منه.
4 انظر كتاب الدكتور شاكر "1/ 440-441".
5 في كتابه المذكور "1/ 110".
قلت: ومثل هذافي ترجمته في "الضوء""7/ 20".
في حياته"1.
- والجواب على الثاني: أن هناك كتبًا أخرى لم تبيض أيضًا، ولعل مشاغل المؤلف بالقضاء والإفتاء وتأليف كتبه الأخرى حالت دون ذلك يقول السخاوي2:
"ومن تصانيفه ما كمل قبل الممات، ومنها ما بقي في المسودات، ومنها ما شرع فيه فكاد، ومنها ما صلح أن يدخل تحت الإعداد".
وقد ظفر السخاوي بخط ابن حجر وهو يعتذر عن الاهتمام بما لم يكمله منها لانشغاله بشرح صحيح البخاري "وكل الصيد في جوف الفرا"3.
6-
تبييض الكتاب وكيفية ظهوره:
علمنا من قول السخاوي أنه بيض منه جزءًا، ولا ندري إلى أين وصل، وظل الباقي مسودة، ثم جاء "الشيخ الإمام العامل العالم العلامة كمال الدين
…
" فكتب في أوله إلى أثناء قوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} الآية "223" من سورة البقرة.
ثم جاء الإمام المحدث الفقيه الشيخ عبد الحق السنباطي "842-931" فنقل من أول الكتاب إلى هذه الآية من خط المذكور ثم إلى الآية "78" من سورة النساء -وهو آخر الكتاب- من خط المؤلف، ولا ندري أنقل الشيخ كمال الدين هذا من خط المؤلف أم لا، كما لا ندري كيف حصل الشيخ عبد الحق على تتمة الكتاب! لكن يحتمل أن شيخه السخاوي حصل عليه فيما استطاع تحصيله من مخلفات شيخه،
1 علق الدكتور هنا: على أن السخاوي أعمل الفكر في تحصيل التراث الذي لم يبيض بطريقة خاصة. وهو شيء كثير كما قال. انظر "الجواهر" الورقة "284أ".
2 في "الجواهر" انظر كتاب شاكر "1/ 257".
3 المصدر السابق في الهامش.
وإنه اخذه منه.
وإذا علمنا أن ولد ابن حجر توفي سنة 869 عرفنا أن السخاوي حصَّل هذا التراث قبل موته فلماذا لم يكتب "العجاب" كاملًا إلى سنة 889، أي: عشرين سنة من موت الابنح؟
تلك أسرار طواها الزمان فالله أعلم بها1 وحسبنا أن نعلم أن الناسخ إمام كان قد حصلت له إجازة من ابن حجر وهو في الثامنة من عمره وقدم القاهرة بعد ثلاث سنوات من وفاته، فابن حجر شيخه ولا بد أن يهتم بتراثه.
ولا ندري فلعل الأيام تكشف لنا عن نسخة كاملة من "العجاب" أو تكشف بعض أسراره.
1 يقول السيوطي في "نظم العقيان" في ترجمة ابن حجر "ص45": وله "التصانيف التي ما شبهتها إلا بالكنوز والمطالب، فمن ثم قيض لها موانع تحول بينها وبين كل طالب".
والظاهر أنه يعرض بأناس منعوها من الآخرين ولعله يقصد السخاوي وقد كان بينهما نزاع وخلاف انظر "الحافظ السخاوي ومنهجه في كتابه "فتح المغيث بشرح ألفيه الحديث" للشيخ عبد السيمع الأنيس "ص86-91".