المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كيف نشأت فكرة الكتاب - أصول الفقه - آيات وأحاديث الأحكام من أمالي الأستاذ الإمام

[ابن باديس، عبد الحميد]

فهرس الكتاب

- ‌المدخل

- ‌كيف نشأت فكرة الكتاب

- ‌كتاب الطهارة

- ‌الطهور

- ‌طهارة الحدث

- ‌المسح على الخفين

- ‌موجبات الوضوء

- ‌الغسل

- ‌موجبات الغسل

- ‌أسباب التيمم

- ‌الطهارة من الخبث

- ‌ما تجب منه الطهارة

- ‌كيف يكون التطهير

- ‌العفو عمن يشق غسله

- ‌آداب قضاء الحاجة

- ‌الحيض

- ‌النفساء

- ‌كتاب الصلاة

- ‌المواقيت

- ‌الأذان

- ‌المساجد

- ‌ستر العورة

- ‌استقبال القبلة

- ‌الصلاة ووجوبها

- ‌حكم تاركها

- ‌المحافظة عليها

- ‌الذكر بعدها

- ‌صلاة الجماعة

- ‌الإمامة

- ‌الجمعة

- ‌صلاة الخوف

- ‌صلاة السفر

- ‌صلاة النافلة

- ‌الصلاة على الجنازة

- ‌الزكاة

- ‌فى الرقة

- ‌الصيام

- ‌(زمانه):

- ‌(وقته):

- ‌(الرخصة فيه):

- ‌(آداب الصوم)

- ‌(نية الصوم):

- ‌الاعتكاف

- ‌الحج

- ‌(وجوبه)

- ‌(بيان المستطيع):

- ‌(زمان الاحرام به):

- ‌(كيفية الاحرام):

- ‌(أعماله): النية والاحرام:

- ‌(ومن أعماله الطواف):

- ‌(السعي):

- ‌(الوقوف بعرفة):

- ‌(الإقامة بمن

- ‌(النحر):

- ‌(الحلق):

- ‌(إتمامه والاخلاص فيه):

- ‌(الآداب فيه):

- ‌(الإحلال منه):

- ‌(الإحصار عنه):

- ‌(العمرة):

- ‌(ممنوعات الإحرام (الصيد)):

- ‌(ومن ممنوعاته) (النساء)

- ‌(الطيب وإزالة الأوساخ وتقليم الأظافر وحلق الشعر)

- ‌(وصف عام لأعمال ومناسك حج الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌(الاحرام):

- ‌(التلبية):

- ‌(الطواف):

- ‌(السعي بين الصفا والمروة):

- ‌(نية الحج والعمرة):

- ‌(التوجه الى منى):

- ‌(الوقوف بعرفة):

- ‌(من عرفة الى المزدلفة):

- ‌(في منى):

- ‌(طواف الافاضة):

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌كيف نشأت فكرة الكتاب

وفي نهاية السنة الدراسية القسنطينية 32 - 33 لم نستقبل الفضيل الورتلاني وحده، ولكننا استقبلنا أفواجا من (الذين رجعوا الينا) بألسنة لاهجة، وعقول نيرة، وأفكار مشعة، وشباب أدرك مفهوم النضج الحقيقي الذي يتوقون اليه، ولاحظنا التغيير المفاجئ، الذي عاد به زملاؤنا من خلال سنة دراسية واحدة.

فهنا لا مناص من أن تستجيب للدعوة مجموعة أخرى من الطلبة الذين كنت أنا من بينهم.

وبهؤلاء وأمثالهم في كل جهات القطر انبثت الحركة الاصلاحية، وانبعثت النهضة العلمية، وازداد انتشارها بسرعة البرق، حتى غزت أوكار الطرقية التي انتشرت في أنحاء البلاد، وجذبت أبناءهم وأبناء مشائخ الزوايا، وأبناء الفقهاء انصاق الطرقيين، وحركت نفوسا جامدة منهم، وأحيت جذورا ميتة، أخذت تلح على الخروج من التقوقع والانكماش الى السطح، ومن حياة الركود والسكون الى حياة النضال والكفاح، ومن الخمول والجمود الى الحركة والنشاط.

{قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ؟ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} . قرآن كريم.

‌كيف نشأت فكرة الكتاب

؟

وحين عدت الى مذكراتي، مذكرات الصبا، ومذكرات ثلاث سنوات كانت ضمن كراسات التلمذة بقسنطينة وهي مذكرات النضج والبلوغ، ومذكرات ربيع العمر الذي يذكرني به هذا الكراس الضخم ذو الغلاف المزين الذي يحمل اسم متجر (كلوب) بقسنطينه سارع فرانسا.

قلت عدت الى هذه المذكرات لأراجعها واستخلص سمينها من غثها، وصوابها من خطئها، فعثرت من بينها على غرر كنت محتفظا بها طيلة

ص: 9

خمسين سنة خلت لم تعبث بها يد الضياع؛ فقررت أن أبرزها الى النور؛ وأضعها بين يدي الجمهور - من شبابنا المثقفين.

وجدت كتبا ثلاثة أو أربعة، ومختلفات أخرى:

الكتاب الأول: هو: أصول الفقه من آيات وأحاديث الأحكام.

الكتاب الثاني هو: العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.

الكتاب الثالث هو: التربية بالقرآن والسنة.

الكتاب الرابع هو: مقتطفات من ديوان الحماسة والامالي لأبي علي القالي.

وهذه الكتب الأربعة هي عبارة عن إملاآت كان يمليها الأستاذ عبد الحميد ابن باديس على طلبته يربيهم بها، وينمي معارفهم وأفهامهم ومداركهم بمدلولاتها ومقاصدها.

فكتاب (أصول الفقه) هذا كان يلقى درسا وإملاء على طلبة السنة الثالثة، وقد تلقيته كاملا بحيث لم يفتني منه شيء، وهو ما أوليته عنايتي، فكتبته وأخرجته وعلقت عليه وشرحت ما ألهمني الله إلى شرحه، وبذلت قصارى الجهد في تصحيح مادته وأحاديثه.

وأذكر هنا ملاحظة قد طرأت عقب الانتهاء من تدريس (أصول الفقه) فقد عزم الأستاذ على تعويض المادة بفن (مصطلح الحديث)، ورغبنا نحن معشر طلبة القسم تعويضها باحدى قصائد المعلقات السبع، فكتبنا رسالة باسم طلبة القسم في اليوم الذي تقرر فيه الشروع في (مصطلح الحديث) - نبدي فيها رغبتنا، فأخذت الرسالة، وطرقت باب مقصورته مستأذنا بالدخول، فأذن لي، ودخلت، فوجدته مضطجعا على حشية يعد درسه ويحضره.

ص: 10

قلت: سيدي أقدم لكم هذه الرسالة باسم الطلبة. قال: ضعها على المكتب، فوضعتها حيث أمر وانصرفت. فما هو الا بعض الوقت حتى خرج الينا، واقتعد كرسيه، مفتتحا درسه في فن (مصطلح الحديث) الذي استغرق فيه خمسين دقيقة في التعريف به مع الشرح والتحليل، والتقديم، وحين انتهى منه طوف بنظراته المشوبة بالابتسام من اليمين الى اليسار، ومن اليسار الى اليمين صامتا، ثم قال:

يا قوم لم أهجركم لملالة

مني ولا لمقال واش حاسد

لكنني جربتكم فوجدتكم

لا تصبرون على طعام واحد

ثم قام وانصرف، وكان البيتان أبلغ جواب على المقترح والرسالة. لكنه رحمه الله ما طالت المدة حتى سارع في تلبية رغبتنا، فأدرج ضمن البرنامج قصيدة (زهير بن أبي سلمى)، وكنا نتلقى درسها في سدة المسجد، حيث إن قاعته مشغولة.

هذا ما سجلته على الكتاب الأول، وأما الكتاب الثاني: فقد سبقني الى نشره أخي وزميلي في التلمذة الأستاذ محمد الصالح رمضان في سنة 1966 - نشر الشركة الجزائرية.

وهذا الكتاب أيضا قد قدم درسا واملاء لتلاميذ السنة الأولى أو الثانية، لا أذكر ذلك على وجه التحديد، والذي أتذكره هنا ان الساعة التي تقدم فيها املاآته كانت فارغة بالنسبة لي، وأستاذنا لا يسمح لغير طلبة القسم الخاص بالحضور. ولتطلعي للمعرفة، وشغفي بالمزيد منها، وشدة تعلقي بالأستاذ، بحيث كنت أتمنى ألا يفوتني منه شيء لو وجدت الى ذلك سبيلا. عمدت الى حيلة توصلت بها الى تسجيل هذا الدرس وحضوره في جميع حصصه. وكنت أصعد الى سدة المسجد، ومعي الزميل الأستاذ بلقاسم

ص: 11

الزغداني رحمه الله، الذي أجده أحيانا قد سبقني اليها، معتمدا على نفس حيلتي، فأنبطح - واياه - على أرضية السدة متجهين لمصدر الصوت حتى لا نرى، فنتلقى الدرس ونكتبه حتى أتينا على آخر الكتاب، ولم يفتني لحسن حظي - منه درس من الدروس.

وأما الكتاب الثالث فهو التربية بالقرآن والسنة، وهذا الكتاب لا يختلف مسلكه عن مسلكه كتابي (أصول الفقه) و (العقائد) ويشتمل على نحو 78 عنوانا في مختلف المقاصد، واصلاح العقائد، وتربية النفس، وتهذيب المجتمع، وتطهيره من الخرافات والأوهام، فهو كتاب جامع نافع، يزخر بالمعرفة، لا يستغنى عنه شبابنا اليوم وشباب فجر الأيام المقبلة.

ان عبد الحميد بن باديس كان يربي أبناءه وطلبته على القرآن والسنة، ويربط اهتماماتهم بهما، ويغذيهم بأمثلة من واقع الحياة وصورها؛ ويعلمهم كيف يضعون أصابعهم على الداء والدواء بما يستمده لهم من أسرارهما، ويدربهم على المقارنة والاستدلال؛ ويدخل بهم في متاهات كتب الفروع، وخرج بهم وقد شدها شدا وثيقا بالأصول.

كان يدرس في الفقه مختصر الشيخ خليل، وأقرب المسالك، والرسالة لابن أبي زيد القيرواني وغيرها من كتب الفروع حقا، ولكنه لا يكتفى بظاهرها، وتوضيح مسالكها، وتقرير أحكامها فحسب، بل يعود بها الى الأصل ليربطها به، حتى يحرر طلبته من ربقة التقليد الأعمى، فتتحرر نفوسم، وتستمد الأحكام من الأصل الذي لا شائبة فيه.

واذكر انه كان يثني على الشيخ خليل، ويعده من كبار المصلحين والأصوليين، الا انه أحيانا ينحى باللائمة على شراحه - وما أكثرهم - الذين زادوا للمسائل تعقيدا بمطولاتهم وحواشيهم، التي كثيرا ما تتسبب في غياب الحقيقة من حيث كان قصدهم تبيانها.

ص: 12

هذه تموجات وخواطر قد ترددت في نفسي، واعترضت لي؛ فلم أقو على كبتها أو الخلاص منها وأراها لا بد منها وقد فرضت وجودها وأنا أقدم هذا الكتاب (كتاب أصول الفقه) من آيات وأحاديث الأحكم، الذي وفقني الله الى جمع مادته، واخراجه، رجاء أن ينفع الله به شباب المسلمين كما نفع به من قبل، ويجازيني عن هذا العمل الذي ما قصدت به الا وجه الله وابتغاء مرضاته، انه سميع مجيب. ولا حول ولا قوة الا بالله.

الجزائر في 10 محرم 1404 هـ - و 16 أكتوبر 1983 م

محمد الحسن فضلاء

مفتش التعليم الابتدائي والمتوسط

ص: 13