المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مبحث في بيان ما يختص به كل من رب المال والعامل - الفقه على المذاهب الأربعة - جـ ٣

[عبد الرحمن الجزيري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث

- ‌مقدمة [الجزء الثالث]

- ‌مباحث المزارعة والمساقاة ونحوهما

- ‌تعريف المزارعة

- ‌حكم المزارعة وركنها وشروطها وما يتعلق بذلك

- ‌دليل المزارعة

- ‌مباحث المساقاة

- ‌تعريفها وشروطها وأركانها وما يتعلق بها

- ‌مباحث المضاربة

- ‌تعريفها

- ‌أركانها وشروطها وأحكامها

- ‌دليل المضاربة وحكمة تشريعها

- ‌مبحث في بيان ما يختص به كل من رب المال والعامل

- ‌مبحث إذا ضارب المضارب غيره

- ‌مبحث قسمة الربح في المضاربة

- ‌مباحث الشركة

- ‌تعريفها وأقسامها

- ‌مبحث أركان الشركة

- ‌شرط الشركة وأحكامها

- ‌مبحث في تصرفات الشركاء في المال وغيره

- ‌مبحث إذا ادعى أحد الشركاء تلف المال ونحو ذلك

- ‌مباحث الإجارة

- ‌تعريفها وأركانها وأقسامها

- ‌شروط الإجارة

- ‌مبحث ما تجوز إجارته وما لا تجوز

- ‌ مبحث ما يضمنه العامل إذا تلف وما لا يضمنه

- ‌مبحث ما يفسخ به عقد الإجارة وما لا يفسخ

- ‌مباحث الوكالة

- ‌تعريفها

- ‌ دليلها وأركانها

- ‌ شروط الوكالة

- ‌مبحث الوكالة بالبيع والشراء

- ‌مبحث التوكيل بالخصومة

- ‌مبحث هل للوكيل أن يوكل غيره

- ‌مبحث عزل الوكيل

- ‌مباحث الحوالة

- ‌تعريفها

- ‌أركان الحوالة وشروطها

- ‌مبحث في براءة ذمة المديون بالحوالة

- ‌مباحث الضمان

- ‌تعريفه

- ‌أركان الضمان وشروطه

- ‌أحكام تتعلق بالكفالة

- ‌مباحث الوديعة

- ‌تعريفها

- ‌أركان الوديعة وشروطها

- ‌مبحث حكم الوديعة وما تضمن به وما لا تضمن

- ‌مباحث العارية

- ‌تعريفها

- ‌حكم العارية وركنها وشرطها

- ‌أقسام العارية وما يتعلق بها من الأحكام

- ‌مبحث ما تضمن به العارية وما لاتضمن

- ‌مباحث الهبة

- ‌تعريفها

- ‌مبحث أركان الهبة وشروطها

- ‌مبحث في هبة الدين

- ‌مبحث الرجوع في الهبة

- ‌مبحث في مقابل عوض مالي

- ‌مباحث الوصية

- ‌تعريفها ودليليها

- ‌أركان الوصية وشروطها

- ‌مبحث حكم الوصية

- ‌مبحث الوصية بالحج والقراءة ونحوهما وبما يعمل في المآتم وغير ذلك

- ‌مبحث الوصية لقوم مخصوصين كالجيران والآقارب ونحوهم

- ‌مبحث الوصية لمتعدد بالثلث أو أكثر أو أقل

- ‌مبحث الوصي المختار

الفصل: ‌مبحث في بيان ما يختص به كل من رب المال والعامل

الأموال ونجاح العمال فمن قال إنها سنة فقد فرض أن التشريع إنما هو لجماعة المسلمين والمسلم الصحيح هو الامين الذي لا يخون. الصادق الذي لا يكذب المخلص الذي لا يضمر لصاحبه سوءاً. وذلك الذي يرتاح له صاحب المال معه من حفظ ماله واستثماره. فإذا لم يوجد ذلك المعنى كان منهياً عنه فإن الإنسان لا يصح له أن يعطي ماله لخائن أو منذر أو سيئ التصرف لأن المحافظة على المال واجبة وإضاعته منهي عنها، وبالجملة فغرض الشارع الحث على المصلحة حيث كانت والتحذير من المفسدة أين وجدت ولهذا الكلام بقية في الجزء الثاني من كتاب الأخلاق.

وأول قراض وقع في الإسلام هو قراض عبد الله وعبيد الله ابني عمر بن الخطاب رضي الله عنهم وحاصل ما ورد من ذلك أن عبد الله وأخيه

خرجا في جيش العراق وكان أبو موسى الأشعري يومئذ أمير البصرة فنزلا عنده فرحب بهما فرحب وأكرمهما وقال لهما إني أحب أن أعمل لكما عملاً ينفعكما لو أقدر على ذلك ثم قال لهما إن عندي مالاً من قال الله أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين فخذاه سلفاً واشتريا به تجارة من العراق تبيعانها بالمدينة ةتدفعان رأس المال إلى أمير المؤمنين وتنتفعان بريحه فرضيا بذلك وفعلا، باعا فربحا فلما دفعا إلى أمير المؤمنين سألهما: هل أسلف أبو موسى كل الجيش أو اختصكما أنتما به؟ فقالا بل اختصنا، فقال إنه قد فعل معكما ذلك لأنكما ابنا أمير المؤمنين يريد أنه قد حاباهما وطلب منهما أن يدفعا رأس المال وربحه إلى بيت المال فسكت عبد الله أما عبيد الله فقال له هذا لا ينبغي لك يا أمير المؤمنين لأن المال كان في ضماننا ولو هلك لألزمتنا به قرض مضمون وليس للمقرض أن يأخذ فائدة من المستقرض فلم يلتفت عمر إلى قوله

وأعاد ما قاله، فطلب منهما تسليم المال وربحه فرد عليه عبيد الله ثانياً فقال رجل من الحاضرين لو جعلته قراضاً يا أمير المؤمنين، أي لبيت المال نصف الربح ولهما نصفه، فقال: أجعله قراضاً وفعل ذلك.

‌مبحث في بيان ما يختص به كل من رب المال والعامل

-يختص كل منهما بأمور لا يجوز له أن يتعداها وهي مفصلة في المذاهب (1)

(1) الشافعية - قالوا: يختص العامل بما يأتي:

-1 - التصرف في البيع والشراء ولكن ينبغي له أن يتصرف تصرفا حسنا فلا يصح أن يشتري سلعة بالثمن الذي يطن أنها تباع به بل لا بد من أن يترجح عنده أنه سيربح فيها، لأن ذلك هو الغرض من المضاربة. وكذلك لا يصح له أن يبيع السلع بثمن مؤجل غير مقبوض لأنه قد يضيع عند المدين

ص: 47

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وفي ذلك ضرر على رب المال فله منعه عن البيع في هذه الحالة، أما إذا منعه من البيع بثمن مقبوض فإن العقد يفسد وللعامل أن يبيع بثمن غير مقبوض بإذن المالك فإذا أذنه المالك فإنه يصح بشرط أن يشهد على البيع أو يكتب الدين فإن لم يفعل ذلك كان ضامناً لما باع به بحيث لو هلك لومه دفعه لرب المال. وله أيضاً أن يشتري سلعة مؤجلة (سلماً) بإذن رب المال كأن يشتري عشرين إردَبّاً من الحنطة ويستلمها في شهر كذا.

-2 - للعامل أن يبيع بعرض تجارة فإذا اشترى عشرين قنطاراً من القطن وأراد بيعها بثياب منسوجة فإنه يصح لأن ذلك وسيلة للربح والعامل مختص بكل ما من شأنه أن يفضي إلى الربح.

-3 - عليه أن يرد السلعة التي اشتراها إذا وجد بها عيناً وكانت المصلحة في ردها وليس للمالك أن يرضي بالعيب ويمنعه من الرد لأن له حقاً في المال بعمله إلا إذا كانت المصلحة تقتضي إمساك السلعة لأن البيع لم ينقص فائدة ربحها.

وفي هذه الحالة لا يكون للعامل الحق في ردها على المعتمد. نعم قد يقال إن العمل كالوكيل المكلف بشراء سلعة فمتى وجد بها عيباً له الحق في ردها مطلقاً فيصح أن يقال ذلك هنا ويكون ييعامل الحق في رد السلعة المعيبة سواء كان عيبها يمنع الربح أولاً، ولكن الصحيح أن هناك فرقاً بين الأمرين لن الغرض في المضاربة إنما هو الربح وحيث كان الربح غير ضار بالربح فلا يحق للعامل ردها خلاف الوكيل في شراء سلعة فإنه مكلف بشراءها خالية من العيوب فله الرد مطلقة.

ومن هذا يتضح لك أن المداتر على المصلحة فإذا كانت الصلحة تقتضي الرد وأراد العامل إمساكها وأراد رب المال ردها نفذت إرادت رد المال فإذا لم تعرف المصلحة بأن كانت الحالة مستوية الرد والإمساك فإن القول للعامل حينئذ لأنه مباشر للعمل.

وليس له أن يعامل رب المال بأن يبيعه شيئاً من تجارة القراض، وليس له ان يشتري بأكثر من رأس المال إلا بإذن صاحب المال فإن زاد بدون إذن كان ذلك على حسابه فلا يحسب من مال القراض وليس للعامل أن يسافر بالنال بدون إذن المالك فإن فعل كان عليه ضمانه وإن إذن له بالسفر فلا يصح له أن يسافر في البحر الملح إلا بنص عليه اتقاء للخطر وليس له الحق في أن ينفق على سفره من رأس المال على الأصح وقيل يصح الإنفاق بقدر ما يزيد على نفقاته كالكراء والباس اللازم للسفر ونحو ذلك مما يقتضيه السفر في العرف ويحسب من الربح فإن لم يحصل الربح فيعتبر خسارة. وهذا القول وإن كان ضعيفاً فإنه أقرب إلى عرف التجار وأسهل في عمل التجارة، فلو شرطت نفقات السفر في العقد وعلى العامل فعل ما يعتاد كطي الثوب ونشره ووزن الأشياء الخفيفة كالمسك والذهب أما الأشياء الثقيلة كالقطن والحبوب ونحوهما فليس عليه وزنها وإنما يستأجر على ذلك بحسب العرف ويدفع الأجرة من مال المضاربة.

أما الذي يفعله بنفسه فإنه لا أجر له عليه وإن استأجر عليه لزمته. أما المالك فقد عرفت ما يختص به مما تقدم ومنه:

ص: 48

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

-1 - أن له منع العامل من شراء متاع فإذا أراد أن يشتري بالمال قطناً مثلاً فللمالك منعه ولكن الذي يمنع منه المالك إنما هو أن يشترط على العامل شراء سلعة نعينة كما مرّ.

-2 - للمالك منعه من السفر.

-3 - للمالك منعه من البيع بثمن غير مقبوض.

-4 - للمالك منعه من معاملة شخص معين وليس له أن يشترط عليه معاملة شخص معين.

وإذا فسدت المضاربة فلا تخلو إما أن يكون الفساد بسبب عدم أهلية المالك وفي هذه الحالة لا ينفذ شيء من تصرفات العامل أصلاً. وإما أن يكون الفساد بسبب فوات شرط من الشروط التي تقدمت وفي هذه الحالة ينفذ تصرف العامل لأن المالك قد أذنه بالتصرف ويكون الربح جميعه للمالك وعليه للعامل أجرة المثل وإذا اشترط المالك أن يكون الربح جميعه له وقبل العامل ذلك الشرط فإنه لا يكون له أجرة في هذه الحالة.

وإذا اشترى العمل بغير مال القراض كأن أخذ سلعاً بثمن مؤجل في ذمته بذلك أن يشتري لنفسه كان الربح له للمالك منه ولا أجر عليه.

الحنفية - قالوا: يختص المالك بأمور:

أولاً: له أن يقيد المضاربة بالومان فيصح له أن يشترط أن لا يعمل المضارب إلا في موسم البصل أو القطن أو لا يعمل إلا في الشتاء أو الصيف أو لا يعمل إلا مدة سنة أو نحو ذلك.

ثانياً له أن يقيدها بالمكان فيصح له أن يشترط أن لا يعمل إلا في مصر أو اسكندرية أو نحوهما من البلدان.

ثالثاً: له أن يقيدها بالنوع فيصح له أن يشترط على المضارب أن لا يتجر إلا في نوع القطن أو الحبوب أو الغنم أو نحو ذلك.

رابعاً: له أن يقيدها بالشيء فيصح له أن يشترط على المضارب ألا يعامل إلا شخصاً معيناً فلا يبيع إلا لفلان ولا يشتري إلا من فلان.

وفي هذه الأحوال لا يصح للمضارب أن يخالف مما تقدم قيد به المالك فإن خالف يعتبر غاصباً فإذا اشترى شيئاً بمال المضاربة يكون على حسابه ولا شك لرب المال وعليه ضمان المال ولا أجرة له وإذا خالف شرطاً يمكن فيه الرجوع فيه على المخالفة ثم رجع عادت المضاربة كما كانت. وذلك كما إذا اشترى من بلد غير البلد الذي اشترطه رب المال فإنه إذا عاد واشترى من البلد المشروط عادت المضاربة صحيحة.

وليس للمالك أن يشترط غير مفيد كما إذا نهاه عن البيع بثمن مقبوض فإن ذلك الشرط لا يعمل به لأن فيه إضراراً بالربح والعامل شريك فيه نعم إذا كان بيعه مؤجل مضموناً وفيه زيادة عن الثمن المقبوض فإن للمالك الحق في نهيه عن البيع بالثمن المقبوض الناقص فإن فيه فائدة حينئذ. وإذا

ص: 49

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

اشترط عليه شرطاً فائدته يسيره كما إذا شرط عليه أن يعمل في سوق من أسواق مصر كأن قال له: اعمل في سوق روض الفرج مثلاً أو سوق مصر القديمة فإن هذا القيد لا يعمل به إلا إذا نهاه عن العمل في غيره كأن قال له: لا تعمل في سوق كذا لأن المالك له الولاية على ماله فإذا نهى العامل عن شيء لزمه تنفيذ نهيه.

فإذا لم يقيد المالك المضاربة بالزمان والمكان أو غيرهما مما ذكر - وتسمى هذه بالمضاربة المطلقة - فإن تصرفات العامل تنقسم فيها إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: أن له الحق في عمل أشياء في مال المضاربة بجرد العقد من غير توقف على تفويض المالك بأن يقول: اعمل برأيك ولا على إذن

صريح وهي أمور منها:

حق البيع والشراء لكل احد حتى ولو كان مما لا تقبل شهادته بالنسبة له بسبب القرابة أو الزوجية والملك فيجوز أن يبيع لولده وزوجه ووالديه إلا أنه لا يصح أن يبيع بغبن كبير لا لقريب ولا أجنبي فإن فعل ذلك كان مخالفاً حتى لو قال له المالك: اعمل برأيك. وقد عرفت حكم من خالف شرطاً فإنه يعامل معاملة المغصوب أما البيع والشراء بالغبن اليسير الذي يقع عادة منم الناس ولا يمكن الاحتراز عنه وقيل يصح وقيل يمنع أيضاً.

ومنه أن يبيع ما اشتراه من عروض التجارة لرب المال ولكن رب المال في هذه الحالة يكون مخير بين أن يدفع الثمن وتستمر المضاربة وبين أن لا يدفعه ويحسبه من رأس ماله وتنقطع المضاربة أما إذا اشتر عرض تجارة من رب المال بمال المضاربة فإنها تفسد.

ومنها أن يبيع بثمن حال ومؤجل إلى أجل متعارف بين الناس وفي مثل ذلك فإذا باع بأجل طويل فقيل يصح وقيل لا.

ومنها: إذا باع لأحد سلعة فظهر للمشتري أن بها عيباً فإن للمضارب أن يحط عنه من ثمنها ما يقابل مثل ذلك العيب عادة فإذا انقص له من ثمنها نقصاً كثيرة لا يتناسب مع ذلك العيب كان على حساب المضارب نفسه ولا تفسد به المضاربة.

ومنها: له أن يشتري عن مال المضاربة دابة لاستعمالها في شؤون التجارة ةليس له أن يشتري سفينة مثلاً بالإذن.

ومنها أن يستأجر أرضاً ويشتري بذر من مال المضاربة كي يزرعها أو يغرس فيها نخلاً فإذا فعل ذلك فإنه يصح والربح بينهما على حسب الشرط أما إذا اخذ شجراً أو نخلاً لسعمل فيه مساقاتة من مال المضاربة فإنه لا يصح ويضمن المضارب المال الذي أنفقه على ذلك حتى ولو تعرض له المالك.

ومنها أن له أن يسافر من مال المضاربة براً وبحراً وليس له أن يسافر سفراً مخوفا يتحاما الناس عنه على المعتمد.

ومنها أن المضارب أن يوكل عنه غيره في البيع والشراء. ومنها أن له أن يدفع مال المضارب

ص: 50

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بضاعة بأن يعطيه لمن يشتري بع عروض التجارة متبرعاً. وإذا أعطى المال لصاحبه بضاعة وعمل فيه بالبيع والشراء فإنه يصح ويعتبر معيناً للمضارب والشرط على حاله لا فرق

في ذلك بين أن يكون المال نقداً أو عروض تجارة، وإذا أخذ رب المال من منزل المضارب بدون إذنه فإن كان نقداً فإن المضاربة تبطل. وإن كان عروض تجارة المضاربة لا تبطل ولكن رأس المال ألفاً وباع رب المال عروض التجارة بالغبن ثم اشترى (رب المال) بالألفين عرضاً يساوي أربعة آلاف فإنه يكون له وعليه للعامل خمسمائة وهي نصف الربح الذي ربحه في بيع العرض الأول. وإذا دفع المضارب المال لمالكه

مضاربة فإن المضاربة الثانية تفسد والمضاربة الأولى باقية على حالها فالربح بينهما على ما شرطاً في المضاربة الأولى.

ومنها أن يدفع أن يودع مال المضارب عند من يجب. ومنها أن له أن يرهن مال المضاربة ويرتهن به.

ومنها أن له قبول الحوالة بالثمن على المعسر لأن كل ذلك من لوازم التجارة وصنيع التجارة.

القسم الثاني: أن له الحق في عمل أشياء بتفويض المالك بأن يقول له:

اعمل برأيك وهي أمور:

منها أن يتعاقد مع غيره مضاربة. ومنها أن يشترك مع شخص آخر.

ومنها أن يخلط مال المضاربة بمال نفسه أو بمال غيره إلا إذا كانت العدة في تلك البلاد أن يخلط المضاربون أموالهم بأموال المضاربة وأرباب الأموال يرضون بذلك فإنه يصح الخلط في الخلط في هذه ولو لم يقل له المالك: اعمل برأيك أما إذا قال ذلك فإنه يصح له أن يعمل كل هذه الأمور.

القسم الثالث: أن له الحق في عمل أمور بإذن المالك الصريح بها. منها أن المضارب ربما يملك أمرين بالإذن الصريح والاستدانة فلا يملكها بمجرد المضاربة كله ثم يشتري غيرها ديناً وليس عنده من مال المضاربة شيء من جنس الثمن الذي به ومثل ذلك ما اشترى تجارة بجميع المال ثم استدان لإصلاحها فإذا اشترى ثياباً بمال المضاربة ثم استدان نصفها أو قتلها أو حملها كان متطوعاً إذا أذنه المالك بذلك.

ومنها الإقراض فلا يصح له أن يقرض مال المضاربة إلا بإذن صريح من المالك.

المالكية - قالوا: الأعمال والشروط التي تصدر من المالك والعامل إلى ثلاثة أقسام:

الأول: ما يفسد العقد وللعامل فيه قراض المثل في الربح إن وجد ربح فإن لم يوجد ربح فلا شيء له. الثاني ما يفسد العقد وللعامل فيه قراض المثل المدكور مضافاً إليه أجر المثل إن كان قد عمل عملاً زائداً على التجارة ولمثل ذلك العمل أجر الثالث: ما يفسد العقد وللعامل أجر المثل

سواء خسر المال أو ربح.

ص: 51

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وإذا عرفت ذلك فاعلم أن لكل من المالك والعمل حدوداً لا يصح له أن يتعداها فإذا خالفها وكانت من القسم الأول أو الثاني فإن المخالفة إذا عرفت أثناء العمل لا يفسخ العقد ولا يوقف العمل بل يستمر العامل في عمله وله قراض مثله مع أجرة عمله في غير التجارة إن كان قد عمل على الوجه المتقدم اما إذا كانت المخالفة من القسم الثالث ثم عرفت أثناء العمل فإن العقد يفسخ ويوقف العقد ويأخذ العامل أجر مثله فيما عمله سواء ربح أو خسر.

فاختصاص العامل الذي ليس للمالك أن ينقصه هو أمور:

منها أن له الحق في الاتجار بدون توقيت العمل بمدة كأن يقول امالك اعمل به سنة أو اعمل به تبتدئ من الآن ولكن لا تعمل إلا بعد شهر فإن

شرط عليه ذلك وعمل فله قراض المثل بخلاف ما إذا حدد له وقت العمل كأن قال: لا تشتر إلا في الصيف أو لا تبع إلا في الشتاء فإن ذلك يفسد والعقد وللعامل أجر مثله وسيأتي.

ومنها أن له الحق في شراء النوع الذي يستمر وجوده في الأسواق فبيس للمالك أن يشترط عليه شراء شيء يوجد تارة ويعدم تارة أخرى فإذا فعل ذلك وعمل المضارب في التجارة فإن العقد يفسد وللعامل قراض المثل في الربح سواء اشتر ما طلبه أو اشترى غيره على المعتمد،

وبعضهم يقول: إذا اشتر ما اشترطه عليه فلا يفسد العقد أما إذا اشترط عليه شراء شيء يقل وجوده ولكنه موجود دائماً فإنه يصح.

ومنها أن للعامل الحق في أن يشتري السلعة التي يتجر فيها من مال القرض بالنقد كما أن له الحق في بيعها كذلك بالنقد فليس لرب المال أن يشترط عليه شراءها أو بيعها بالدين فإذا اشترط عليه ذلك فسد العقد وللعامل قراض المثل في الربح أما الخسارة فإنها على العامل في هذه الحالة فإذا خسر المال أيضاً وليس للعامل أن يبيع السلعة بالدين من غير إذن كما سيأتي من اختصاص رب المال.

ومنها أن للعامل الحق في القيام على بيع السلع التي يشتريها بمال القراضفإذا باع رب المال سلعة منها بدون إذن العامل لا ينفذ بيعها وللعامل رده لأنه هو المباشر لحركة التجارة وهو الذي يقدر الظروف التي يربح فيها منة بيع السلعة ومنها أن للعامل الحق في أخذ اللمال بدون ضامن فإذا شرط المالك ضامناً يضمنه إذا هلك المال بلا تفريط فإن العقد يفسد وللعامل قراض المثل في الربح.

أما إذا طلب ضامناً يضمنه فقد المال بسبب إهماله أو بتعديه فإنه لا يضر كما تقدم.

وإذا تطوع العمل بالضامن فقيل يصح وقيل لا. فهذه الحقوق التي للعامل إذا خولفت يفسد العقد وللعامل قراض المثل فقط. ويزاد عليها ما إذا اختلف العاقدان (المالك والمضارب) في الربح بعد العمل وكانت مسافة الخلف بينهما واسعة كأن قال أحدهما لي الثلثان فقال الآخر بل لك الثمن فإن في هذه الحالة يكون للعامل قراض المثل دفعاً للنزاع وإن كان العقد صحيحاً على حاله. أما إذا

ص: 52

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كانت مسافة يبنهما ضيقة بأن ادعى كل واحد منهما زيادة محتملة فإنه يعمل بقول المضارب وإذا ادعى المالك فقط زيادة يعمل بقوله. كما إذا ادعى العامل فقط. أما إذا كان الاختلاف قبل العمل فالقول للمالك على أي حال لأن العامل لم يشرع في العمل بعد والعقد غير لازم فللمالك الحق في تعيين النصيب كما يحب.

أما المسائل التي فيها المثل مع أجر المثل فهي متعلقة برأس المال وقد تقدمت موضحة في مجترزات التعريف قريباً فارجع إليها إن شئت.

وأما الحقوق التي للعامل ويترتب على مخالفتها فساد العقد وفسخه بمعرفتها أثناء العمل ويكون للعامل في هذه الحالة أجر المثل سواء ربح المال أو خسر، فهي أمور:

منها أن يكون العامل منفرداً بالعمل فلا يصح للمالك أن يشترط وضع يده على العامل فإذا اشترط ذلك وعمل العامل كان له أجر المثل وفسخ العقد أثناء العمل، ومثل ذلك ما إذا اشترط العامل على رب المال أن يعمل معه.

ويستثنى من ذلك أن يشترط رب المال أن يعمل مع العامل خادم بنصيب من الربح من غير أن يكون رقيباً على العامل بشرط أن يكون النصيب للخادم لا لسيده وإلا فسد العقد.

ومنها أن يكون له الحق في أن لا يعمل شيئاً لم تجر به العادة كخياطة ثياب التجارة وخرز الجلود المشتراة له ونحو ذلك فإذا وقع ذلك الشرط فسد العقد وللعامل أجر المثل ومثل ذلك ما إذا اشترط عليه أن يزرع بمال القراض لأن الزرع غير التجارة بخلاف ما إذا كلفه أن ينفق المال على الزرع فإنه يصح أما الذي علىى العامل من ذلك فإنه هو ما جرت به العادة من الأشياء الخفيفة التي لا تستلزم عناء كنشر الثياب للمشتري

وطيها، فإذا استأجر العامل على ذلك كانت الأجرة في ماله.

ومنها أن من حق العامل أن لا يشارك معه غيره في مال المضاربة فإذا اشترط عليه المالك مشاركة الغير فسد العقد وللعامل أجر المثل.

ومنها أن من حق العامل أن لا يخلط مال المضاربة بماله فإذا اشترط عليه المالك ذلك فسد العقد وله أجر مثله، أما إذا خلطه العامل بدون شرط فإنه يجوز بشروط: أحدهما أن يكون المال مثلياً لا قيماً وقد يقدم بيانها في مباحث البيع وأن يكون في الخلط مصلحة غير متيقنة وأن يكون الخلط قبل أن يشتغل بأحدهما.

ومنها أن له الحق في الشراء والبيع في مكان أراد فإذا اشترط عليه المالك أن لا يشتري إلا إذا وصل إلى بلد كذا وبعد بلوغه، يكون له التصرف في أي محل، فسد العقد وللعامل أجر مثله.

ومنها أن له الحق في التصرف بدون مشاورة المالك فإذا اشترط عليه ذلك فسد وله أجر المثل.

ص: 53

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ومنها أن له الحق في الشراء من أي شخص فإذا اشترط المالك عليه أن يشتري من شخص معين كأن قال له: لا تشتر إلا من فلان أولا تبع بفلان فسد العقد وللعامل أجر المثل.

ومنها أن له الحق في بيع ويشتري في أي زمان فإن اشترط على العامل أن لا يسافر بالبحر وأن لا ينزل منخفضاً كترعة وأن لا يسافر ليلاً. فإذا خالف العامل واحداً من هذه الأمور الثلاثة فإن عليه ضمان المال بشروط ثلاثة:

الشرط الأول: أن يكون قادراً على التنفيذ فإذا كان في جهة وتعين عليه النزول إلى المنخفض أو للسفر في البحر أو ليلاً مع الركب فإنه لاضمان في هذه الحالة.

الشرط الثاني: أنه يضمن إذا تلف المال بسبب غير النهب والغرق فإذا نهب أو غرق في البحر لا يضمن وكذلك إذا اجتاحته جائحة سماوية. أما إذا تلف بغير ذلك كأن أصابه البلل من البحر فأفسده أو سقط عليه منه نازل من المنخفض فتلف، أو اصطدم بشجرة لم يرها ليلاً فكسر فإن عليه ضمانه في هذه الحالة.

الشرط الثالث: أن يقع ذلك التلف وقت المخالفة فإذا تلف نعد الخروج من البحر أو بعد الصعود من المنخفض أو بعدها انقضاء الليل الذي منع من السفر فإنه لا يضمن وإذا تنازع العامل ورب المال في أن التلف وقع زمن المخالفة أو بعدها فإن القول يكون للعامل فيصدق في ذلك.

ثانياً: له أن يشترط على العامل أن لا يشتري سلعة بعينها لقلة ربحها أو لأنها تخسر وفي هذه الحالة يجب على العامل التنفيذ فإذا خالف كان عليه ضمان المال مطلقاً حتى ولو نهب منه أو غرق في البحر أو اجتاحه جائحة سماوية.

ومنها أن للمالك منعه من السفر بماله قبل أن يشغل فيه فإذا منعه قبل ذلك وسافر عليه ضممان المال.

ومنها أن له الحق في أن يشتري من العامل شيئاً من مال القراض بشرط أن يشتري منه كما يشتري من الربح للمالك حقاً فيه.

ومنها أن الحق في منع العامل عن أن يشارك غيره بمال المضاربة فإذا شارك العامل شخصاً آخر إذن المالك فسد العقد وعلى العامل ضمان المال إذا تلف.

ومنها أن له الحق أن يمنعه عن أن يبيع السلعة بثمن مؤجل فإذا فعل العامل ذلك بدون إذن فسد العقد وعلى العامل ضمان المال وكذلك للمالك الحق في منع العامل من أن يتعاقد مع غيره مضاربة في رأس مال المضاربة فإن فعل ذلك بدون إذن رب المال فسد العقد وله أجر المثل.

ومنها أن للمالك الحق في منع العامل من أن يستعمل مال المضاربة في الإنفاق على زرع بمكان

ص: 54