الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرط الشركة وأحكامها
-لشركة العقود شروط: بعضها يتعلق بالعاقدين. وبعضها يتعلق بالصيغة ويعضها يتعلق برأس المال. وبعضها يتعلق بالربح، ولكل نوع من أنواع الشركة شروط تتعلق به من ذلك بخصوصه وكلها مفصلة في المذاهب في أسفل الصحيفة (1) .
أحدهما شاركتك في كذا وكذا ويقول الآخر قبلت ولا فرق في ذلك بين أن يذكر نوعاً خاصاً كأن يقول له شاركتك في القمح أو القطن أو يذكر شيئاً عاماً كأن يقول أنواع التجارة وإذا لم يذكر لفظ الشركة بأن قال أحدهما ما اشتريت اليوم من أصناف التجارة فهو بيني وبينك، فقبل صاحبه فإنه يكون شركة.
ولكن ليس لأحدهما أن يبيع بدون صاحبه لأنهما قد اشتركا في الشراء ولم يشتركا في البيع فلا يصح لأحدهما أن يتصرف بدون إذن الآخر.
ومثل ذلك ما إذا أقته بوقت كأن قال له ما اشتريت اليوم أو هذا الشهر فهو بيني وبينك.
ولا يشترط في الإيجاب والقبول أن يكونا بالفظ فإذا دفع له ألفاً وقال له أخرج مثلها واشترى تجارة والربح سيكون بيننا فأخذها وفعل بدون أن يتكلم انعقدت الشركة وكيفية كتابة الشركة أن يقال:
هذا ما اشترك عليه فلان أو فلان، اشتركا على تقوى الله تعالى وأداء الأمانة، وعلى رأس مال قدره كذا يدفعه فلان ورأس مال قدره كذا يدفعه
صاحبه وذلك كله في أيديهما يشتريان ويبيعان مجتمعين ومنفردين ويعمل كل منهما برأيه ويبيع بالنقد وبالتأجيل فما كان من ربح فهو بينهما على قدر رؤوس أموالهما وما كان من خسر أو تبعة فهو كذلك ثم يكتب التاريخ.
هذا هو النص الكامل لكتابة عقد الشركة، وإن كان بعضه غير لاوم مثل التنصيص على أن كلاً منهما يبيع بالنقد وإلى أجل لأن ذلك يملكه بمجرد العقد نعم بعضهم يقول إنه محتاج إلى إذن ولكنه ضعيف ثم إن اشترط الربح متفاوتاً وصحيح فلا يلزم أن يقول وما كان من ربح فهو بينهما على رأس مالهما إلا صادف ذلك اتفقا ولهما أن يفقا على أن يأخذ أحدهما من الربح أقل من رأس ماله فإن كان ذلك فلينص عليه.
أما الخسارة فإنه يجب أن تكون بنسبة رأس المال فإذا اشترط أن يكون على أحدهما أكبر من نسبة رأس ماله فسد العقد) .
(1)
الحنفية - قالوا: الشروط المتعلقة بالشركة تنقسم إلى أربعة أقسام:
القسم الأول: يتعلق بجميع أنواع الشركة سواء كانت بالمال أو بغيره.
القسم الثاني: يتعلق بشركة المال سواء كانت معاوضة أو عناناً.
القسم الثالث: يختص بشركة المفاوضة بأنواعها.
القسم الرابع: يختص بشركة العنان كذلك.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فأما الأول: فيشترط للشركة بجميع أنواعها أمران: الأول وهو متعلق بالمعقود عليه أن يكون النعقود عليه قابلاً للوكالة فيه فإذا تعاهد اثنان على أن يشتركا في الاصطياد أو الاحتطاب أو في جميع الحشائش المباحة وبيعها فإن العقد لا يصح لأن هذه الأشياء مباحة فلا ينعقد فيها التوكيل لأن الحصول يثبت لمن يباشرها فمن حطباً أو صاد سمكاً أو غزالاً أو غير ذلك فإنه يملكه بمجرد الحصول عليه لغيره ملك يتصور أن يوكله في التصرف فيما يملكه منه.
ثانيهما: وهو متعلق بالربح أن يكون الربح جزءاً شائعاً معلوماً كالنصف أو الثلث أو نحوهما فإن كان الربح مجهولاً أو معيناً بعدد يفسد فإذا قال أحدهما شاركتك ولك جزء من الربح ولم يعين أو قال ولك عشرون جنيهاً من الربح فإنه لا يصح أما الأول فلأن الجهالة في الربح توجب النزاع وأما الثاني فلأن تعيين عدد من الربح يقطع الشركة إذ ربما لا يربح سوى هذا المبلغ فيأخذه أحد الشريكين المشروط ولا يكون الثاني شريكاً فنتقطع الشركة حينئذ.
أما القسم الثاني: وهو متعلق بشركة المال سواء كانت عناناً أو معاوضة فهو أمور:
أحدهما: أن يكون رأس المال من النقدين كالجنيه والريال فلا يصح العقد في شركة المعاوضة ولا في شركة العنان إذا كان رأس المال تجارة أو حيوان أو من المكيلات كالقمح والعدس أو الموزات كالسمن والعسل فإذا اختلط ما يملكه اثنان من القمح ببعضهما فإن ذلك سيكون شركة ملك كما تقدم والربح بينهما بنسبة ما يملكان والخسارة تكون عليهما بتلك النسبة أما إذا كانا من جنسين مختلفين وشعير فالثمن يكون بينهما على قدر قيمة ما يخصه يوم بيعه ومثل عروض التجارة قطع الذهب والفضة التي لم تضرب (تختم بختم الحاكم) إلا إذا جرت معادة بالتعامل بها فإنه يجوز أن يجعل رأس مال الشركة المالية على الصحيح.
أما المصنوغ من الذهب والفضة كحلي النساء وخلاخلهن فإنه كالنحاس والبرنز فإنه يصح جعلها رأس مال الشركة إذا كان يتعامل بها كما تقدم في المضاربة.
على أنه يصح أن يجعل عروض التجارة رأس مال الشركة بحيلة وهي أن يبيع كل واحد منهما نصف ما يملكه الآخر ثم يخلطان ما يملكانه ببعضهما فيكون شركة ملك بحيث لا يجوز لأحدهما أن يتصرف في نصيب الاخر إلا بإذنه ثم تعاقدان على شركة المفاوضة فيقوض كل منهما لصاحبه أن يتصرف.
ثانيهما: أن يكون رأس المال حاضراً عند العقد أو عند الشراء فلو دفع
دفع مائة جنيه لشخص وقال له ادفع مثلها واشتر بها وبع صح فإن العقد لا يصح.
ثالثها: أن يكون رأس مال الشركة ديناً فإذا كان لشخص دين على آخر وقال شاركني على أن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رأس المال الذي أدفعه هو الدين الذي لي عند أو عندك فإنه لا يصح لأن الدين مال غائب وقد عرفت أن الشرط حضور المال.
وأما الشروط المختصة بشركة المفاوضة فهي أمور:
منها: أن يكون رأس مال الشريكين أو الشركاء على السواء بأن يكون قدر ما يدفعه كل واحد مساوياً لما يدفعه الآخر فلا يصح في المفاوضة أن يدفع أحدهما مائة جنيه والآخر خمسين جنيهاً فإن كان رأس مال أحدهما مخالف لرأس مال صاحبه بأن دفع أحدهما ذهباً والآخر فضة وجب أن يكون كل منهما مساوياً للآخر في القيمة فإنه يجب أن يكون كل منهما مساوياً للآخر في القيمة فإذا دفع أحدهما عشرة جنيهات مصرية مثلاً وجب أن يدفع الآخر خمسين ريالاً من الفضة أو مائة قطعة من ذات العشرة قروش وهكذا.
ومنها: أن لا يكون لأحدهما من المال الذي تنعقد به شركة المفاوضة شيء مدخر بل ينبغي له أن يخرج كل ماله. فإذا كان معه ألف جنيه فلا يصح أن يعقد شركة مفاوضة مع غيره بخمسمائة بل ينبغي أن يعقدها بالألف فإذا عقدها بأقل مما يملك من المال كانت شركة عنان لا مفاوضة ويجوز أن يملك أحدهما عقاراً أو دوراً فسدت وصار عناناً ولو كان لأحدهما وديعة من النقدين عند شخص زائد على رأس مال المفاوضة فسدت المفاوضة وهذا الشرط يتعلق الشرط برأس المال.
ومنها: أن يكون كل من الشريكين أهلاً للكفالة بأن يكونا بالغين حرين عاقلين متفقين في الملة كما تقدم وهذا الشرط متعلق بالعاقدين.
ومنها: أن تكون الشركة عامة في جميع أنواع التجارة فلا يصح تخصيصها بنوع واحد كالقطن أو القمح أو نحو ذلك وهذا الشرط متعلق بالمعقود عليه.
أما الأحكام شركة المفاوضة فهي أن كل شيء يشتريه أحد الشريكين كان على الشركة كإطعام أهله وإدامه وكسوته. وكذلك المتعة والنفقة والاسئجار للسكنى والركوب للحاجة كالحج وغيره فإن كل ما يشتريه أحدهما مما يتعلق بذلك خاصاً به ومع ذلك فإن الآخر يكون كفيلاً عنه حتى أن لصاحب الكسوة والطعام ونحو ذلك ما ذكر أن يطالب الشريك الآخر الذي لم يشتر وعليه أن يؤدي ويرجع على شريكه بما يستحقه فيما دفعه من مال الشركة.
ولا يشرك أحدهما الآخر فيما ورث من ميراث ولا حصل عليه من جائزة سلطانية ولا هبة ولا صدقة ولا هدية.
وإذا كان لأحد الشريكين شيء مملوك قبل عقد الشركة فليس للآخر شيء إذا اشترى أحدهما جملاً بشرط الخيار ثم تعاقد مع صاحبه على شركة المفاوضة ثم أسقط خياره فإن الجمل يكون له وحده وليس لشريكه فيه نصيب.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وإذا أودع أحدهما وديعة كانت عند الآخر وإذا كان يعمل أحدهما في مال مضاربة ما يخصه من الربح بينه وبين شريكه شركة مفاوضة.
وإذا ثبت في ذمة أحدهما دين بتجارة وشبهها كان الآخر متضامناً فيه ويشبه التجارة الغصب والاستهلاك والوديعة الموجودة أو المستهلكة والعارية لأنه إذا غصب أحدهما شيئاً كان ضامناً له والضمان يفيد له تملك الأصل المغصوب فيكون الشريكان مفاوضة متضامنين في أدائه ومثل الغصب الوديعة فإذا أودع شخص عند أحد أحد الشريكين وأنكره أو استهلكه كان ضامناً كالتجارة ومثل ذلك العارية وكذلك إذا كفل أحدهما شخصاً على مال بإذن صاحبه فإن شريكه يكون ضامناً معه في دفع ذلك المال.
اما إذا كفل أحدهما شخصاً بنفسه بأمر صاحبه أو كفله بدون إذنه فغن الشريك الآخر لا يلزم بذلك.
وخرج ما لزم أحدهما مما لا يشبه التجارة كالدين المهر والخلع والجنابة والصلح عن دم العمد والنفقة فإن كل ذلك لا يضمن فيه الآخر.
هذا ولا تبطل الشركة بالشرط الفاسد عند الحنفية وإنما يبطل الشرط فلو اشتركا في شراء حيوان أو عروض تجارة على أن يبيعه أحدهما دون الآخر لم تفسد الشركة ولا يعمل بالشرط. وكذلك إذا اشتركا على أن يدفع أحدهما المال وحده فإن الشرط يكون فاسداً والعقد صحيح وهكذا كل شرط فاسد فإنه لا يفسد العقد ولا يعمل به.
المالكية - قالوا: الشروط التي تتعلق بالعاقدين ثلاثة وهي: الحرية فلا تصح بين رقيق وحر ولا بين عبدين إلا إذا كان مأذوناً له بالتجارة من سيده فإنه يكون في حكم الحر. والرشد فلا يصح بين سفهين أو سفيه ورشيد. والبلوغ فلا تصح من صبيين ولا من صبي وبالغ فإذا اشترك صبي مع بالغ فلا ضمان على الصبي ومثل ذلك ما إذا اشترك سفيه مع عاقل فإنه لا ضمان على السفيه ومثلها العبد مع الحر. وهذه الشروط هي شروط صحة التوكيل والتوكل فلا يصح لشخص أن يوكل غيره أو يتوكل عن غيره إلا إذا كان حراً بالغاً رشيداً.
وأما الصيغة فشرطها أن تكون بما يدل على الشركة عرفاً سواء كان بالقول أو الفعل ومثال الأول أن يقول كل منهما اشتركنا على كذا أو يقول أحدهما ويسكت الآخر راضياً أو يقول أحدهما شاركني ويرضى الاخر ومثال الثاني أن يخلط كل منهما ماله صاحبه ويتجرا ومتى تحققت الصيغة بالقول أو الفعل لزم عقد الشركة. وإذا أراد أحدهما أن ينفصل عن صاحبه قبل خلط المالين وامتنع الآخر فليس للأول حق الانفصال إلا إذا بيعت السلع التي اشترياها وظهر رأس المال.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وأما رأس المال فإنه يصح بأمور ثلاثة، أحدهما النقدان من الذهب والفضة وهذا يشترط فيه ثلاثة أمور:
الأول أن يتحد ما يدفعه أحدهما بما يدفعه الآخر في الجنس بأن يخرج أحدهما ذهباً فقط والآخر فضة فإن فعلا ذلك فلكل منها رأس ماله ويقسمان الربح لكل عشرة واحد.
الثاني: أن يتحد المالان في الصرف والوزن والجودة والرداءة فلا يصح أن يختلف في التصرف كأن يصرف جنيه أحدهما مثلاً بخمسة وتسعين جنيه والآخر بتسعين مع اتحادهما في الوزن لأنهما إن اتفقا على إلغاء الزيادة فقد تفاوتا في رأس المال أحدهما في هذه يدفع أكثر من صاحبه ولم يحسب له ما دفعه والتفاوت مفسد للشركة وإن اتفقا على حساب الزيادة ترتب على عدم اعتبار الوزن في صرف الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة وهو ممنوع.
وكذلك لا يصح أن يختلفا في الوزن لما عرفت. اما اختلافهما في الجودة والرداءة بأن كان أحدهما جيداً والاخر رديئاً فإنه لا يصح لأن قيمة الجيد أزيد من قيمة الرديء طبعاً على إلغاء الوزن وإلغاء الوزن في عيار الذهب والفضة ممنوع.
الأمر الثالث: أن يكون رأس مال الشركة من النقدين حاضراً فإذا اشتركا على مال غائب فإنه. لا يصح اما إذا كان مال أحدهما حاضراً ومال الآخر غائباً فإن كانت غيبته بعيدة بحيث لا يمكن إحضاره في مسافة يوميين فإن الشركة لا تصح.
وإذا كان بعض مال أحدهما غائباً ويعضه حاضراً كأن كان معه ألف منها خمسمائة بيده والباقي مودع في مكان ثم اشتركا على الأفين فإنه ينبغي تأجيل العمل حتى تحضر الخمسمائة في مسافة قريبة فإن عملا قبل ذلك كان لصاحب الخمسمائة نصيبه من الربح ذلك وهو الثلث فقط.
ثانيهما: أن يكون رأس المال عيناً من أحدهما وعروض تجارة من الآخر كأن يدفع أحدهما نقداً من ذهب أو فضة ويدفع الآخر يلعة من قماش أو قطن أو قمح.
ثالثها: أن يكون رأس المال عرض تجارة من الشركين كأن يدفع أحدهما قطناً والآخر ثياباً أو شعيراً أو أرزاً أو يدفع أحدهما قطناً والآخر قطناً كذلك إذ فرق أن يكون رأس المال من العرض متحد الجنس أو مختلفة إلا أنه لا يصح أن يكون رأس المال من كل منهما طعاماً فلا يصح أن يدفع كل واحد قمحاً أو شعيراً وإنما جازت في صورة ما إذا كان أحدهما طعاماً فلا يصح أن يدفع كل واحد قمحاً أو شعيراً وإنما جازت في صورة ما إذا كان مال أحدهما طعاماً والآخر عرض تجارة تغلباً لجانب النقد وعرض التجارة على الطعام.
وعلى كل حال فيشترط في جعل رأس المال عرض تجارة أن يقوم رأس المال وتعتبر الشركة فيه بالقيمة ثم إن كان عروض التجارة معدوداً أو مكيلاً فتعتبر قيمته بعد وقبضه لأنه إنما يدخل
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
في ضمان المشتري بالقبض فتعتبر قيمته ومثل ذلك العرض الغائب غيبته قريبة فإن قيمته تعتبر يوم قبضة واما غير ذلك فتعتبر يوم عقد الشركة.
وأما الربح والخسارة فإنه يشترط فيه أن يكون بحسب نسبة المال فلا يصح لأحدهما أن يأخذ أكثر من نسبة رأس ماله الذي دفعه.
ومثل الربح العمل فعلى كل منهما أن يعمل بنسبة رأس ماله فإن اشترطا التفاوت في الربح أو العمل بطلت الشركة فإذا لم يشرعا في العمل وظهر لهم بطلان الشركة بذلك فسخ العقد فإذا عملا في المال واتضح البطلان بعد العمل قسم الربح بينهما على قدر رأس المال الذي دفعه كل منهما.
فإذا كان لأحدهما ثلث المال وللآخر الثلثان واشتريا على أن يكون لصاحب ثلث المال نصف الربح ولصاحب الثلثين النصف الاخر فإن لصاحب الثلث بالسدس الزائد على مقدار رأس ماله ولصاحبه الثلث الرجوع على صاحب الثلثين بأجر عمله الذي يقابل سدس الربح الذي زيد له وهو سدس أجرة العمل كله.
هذا محصل الشروط المعتبرة في شركة العقود عامة. وقد تقدمت الشروط الخاصة بكل نوع على حده عند تعريفه قريباً.
الشافعية - قالوا: قد عرفت مما تقدم أن القسم الصحيح من أقسام الشركة عند الشافعية هو شركة العنان وأما غيرها فهو باطل وقد عرفت حكمته فيما تقدم. وكذلك أن أركانها أربعة: صيغة وشريكان ومال. ويتعلق بكل ركن منها شروط:
فيشترط في الصيغة أن تشتمل على ما يفيد الإذن بالتصرف لمن يتصرف بالبيع والشراء ونحوهما فإن كان التصرف من أحدهما يلوم أن تكون الصيغة مشتملة على إذن الآخر إياه كل منهما لصاحبه جعلنا هذا المال شركة وأذنتك بالتصرف فيه على سبيل التجارة بيعاً وشراء فيقول الاخر قبلت ولا يكفي اشتركنا فقط بل لابد من التصريح بما يدل على الإذن المذكور.
وأما الشريكان فيشترط في كل منهما الرشد والبلوغ والحرية فلا يصح عقد الشركة من سفيه أو مجنون أو صبي أو رقيق غير مأذون له وكذلك لا يصح من مكره أو فضولي. ويصح من أعمى على أن يكون المتصرف ويوكل عنه في القبض بشرط أن يكون أهلاً لأن يكون عنه غيره بان يكون رشيداً بالغاً.
وأما رأس المال فيشترط له أمور (أولاً) أن يكون مثلياً والمراد بالمثل ما يحصره كيل أو وزن ويجوز فيه السلم كالنقدين من الذهب والفضة فإنها يحصران بالوزن وكالحنطة والشعير والأرز ونحوها فإنها تحصر بالكيل أما غير ذلك مما لا يكال ولا يوزن من عرض التجارة فإنه لا يصح أن يجعل رأس مال إلا إذا باع أحدهما بعض تجارة صاحبه بطريق الشيوع ثم يأذن كل واحد منهما
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
صاحبه بالتصرف على سبيل التجارة وبذلك يصح جعل عرض التجارة رأس مال سواء اتحد جنسه أم اختلف.
(ثانياً) اختلاط المالين قبل العقد بحيث لا يتميز أحدهما من الاخر. أما خلطهما بعد وقوع العقد فقيل يصح وقيل يمتنع وعلى الثاني فإنه يلزم إعادة الصيغة.
(ثالثاً) يشترط اتحاد ما يخرجه من المال ببعضه فلا يصح أن يخرج أحدهما ذهباً والاخر فضة وبالعكس. وكذلك لا يصح أن يخرج أحدهما فضة من ذات العشرة وقروش ويخرج الاخر من ذلت الخمسة ونحو ذلك إلا إذا ملكا مختلفاً بطريق الهبة أو طريق الميراث فإنه لا يشترط اتحاده وإنما الشرط أن يأذن كل واحد منهما صاحبه في التصرف بطريق التجارة.
ولا يشترط التساوي في رأس المال ولا في العمل على المعتمد فيصح أن يكون رأس مال صاحبه ويكون عمله الذي يقابل زيادة من المال تبرعاً منه لا يستحق عليه شيئاً، نعم يشترط أن بقسم الربح والخسارة على قدر المالين سواء تساوى الشريكان في العمل أو تفاوتا فإذا دفع أحدهما مائة ودفع الآخر خمسين لزم أن يأخذ الثاني ثلث الربح فإن اشترط أقل من ذلك أو أكثر فسد العقد ويرجع كل واحد منهما بأجرة عمل مثله في ماله فإذا كانا متساوين في مال صاحبه مقابل عمل الآخر في ماله ويكون ذلك مفاوضة.
الحنابلة - قالوا: تنقسم الشروط في الشركة إلى ثلاثة أقسام:
الأول - شروط صحيحة لا يترتب عليها ضرر ولا يتوقف العقد عليها كما إذا اشترطا أن لا يبيعا إلا بكذا وأن يتجرا في مكان كذا أو أن لا يسافر بالمال ونحو ذلك فهذا كله صحيح لا ضرر فيه.
الثاني - شروط فاسدة لا يقتضيها العقد كاشتراط عدم فسخ الشركة مدة سنة مثلاً أو أن يبيع بها.
القسم الثالث: الشروط التي يتوقف عليها صحة العقد وهي أمور: منها أن يكون المالان معلومين للشريكين. ومنها حضور المالين بمال غائب أو في ذمة كالمضاربة. ومنها أن يشترطا لكل واحد جزءاً من الربح معلوماً مشاعاً كالنصف والثلث ونحوهما. ومنها غير ذلك الشروط التي تقدمت في المضاربة فارجع إليها.