الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مبحث الوكالة بالبيع والشراء
-الوكالة بالبيع والشراء من الأمور التي يكثر وقوعها بين الناس فلذا أفردنا في مبحث خاص كما فعل بعض المؤلفين ولها أحكام مفصلة في المذاهب (1) .
والمضاربة والقرض والإبراء والطلاق والرجعة والحوالة والرهن والضمان والكفالة والشركة والوديعة والمساقاة والصلح والهبة والصدقة والوصية والقسمة وغير ذلك من العقود. وكذلك يصح في تملك المباحات من صيد واحتطاب وإحياء أرض ميتة.
ولا تصح الوكالة في العقود التي لا تقبل النيابة كالظهار واللعان والنذر والإيلاء والقسامة، والقسم بين الزوجين والشهادة والتقاط لقطة أو لقيط، كما لا تصح في المعاصي والرضاع وغير ذلك.
ويصح للرجل أن يوكل غيره في أن يقبل له النكاح بشرط أن يسند الوكيل إليه العقد فيقول ولي الزوجة. زوجت موكلك فلاناً أو زوجت فلاناً فلانة ويقول الوكيل: قبلت النكاح لفلان أو لموكلي فلان فإن لم يذكر ذلك فإن النكاح يفسد وإن نوى موكله.
أما حقوق الله تعالى فمنها لا يقبل النيابة وهي الأعمال البدنية المحضة والصيام والطهارة، فهذه لا يصح التوكل فيها. ومنها النيابة وهي الأعمال المالية المحضة أو المركبة من المالية والبدنية، والأولى كتفرقة الصدقة والزكاة والنذر والكفارة وهذه تصح فيها الوكالة مطلقاً والثانية أعمال الحج والعمرة فإنهما مركبان من أعمال مالية وبدنية ولكن لا تصح النيابة فيهما مطلقاً بل عند العجز عن أدائهما.
ويصح له التوكيل في إثبات الحدود وفي استيفائها ممن وجبت عليه لقوله صلى الله عليه وسلم: "واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فاعترفت فأمر بها فرجمت" فقد وكله في إثبات الحد واستيفائه والأولى أن يكون استيفاء الحد الموكل في الحدود المتعلقة بحقوق العباد لجواز أن يرحمه ويعفو عنه فيسقط الحد.
وأما الصيغة فهي كل لفظ يدل على الإذن في التصرف: كوكلتك أو فوضت إليك في كذا أو نحو ذلك. وتنعقد الوكالة بقول بع هذا الجمل أو اعتق هذا العبد. وتنفذ أيضاً بقول: أفمتك مقامي أو جعلتك نائباً عني، ويصح قبول الوكالة لفظ أو فعل من الوكيل يدل على القبول، ولا يشترط علم الوكيل بالوكالة فلو وكل شخص آخر ولم يعلم ولكنه تصرف بعد التوكيل نفذ تصرفه. ولا يشترط الفور لقبول الوكالة بل يصح قبولها ولو بعد سنة فأكثر.
(1)
المالكية - قالوا: يتعلق بالوكالة بالبيع والشراء أمور:
أولاً: إذا وكل شخص آخر على أن يبيع له سلعة معينة ولم يصرح في التوكيل بأنه وكله في قبض
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثمن المبيع فإن كان العرف والعادة في مثل ذلك أن الوكيل لا يقبض الثمن فإنه لا يصح له قبضه وإذا قبضه وإذا دفعه له المشتري لا تبرأ وللموكل أن يطالب المشتري بالثمن.
أما إذا كانت العادة جارية على أن الوكيل الذي يتولى البيع قبض الثمن أيضاً فإنه يكفي أن يثبت أنه وكيل على بيع السلعة فقط وثبت ذلك فإن عليه أن يقبض الثمن ولو سلم المبيع ولم يقبض الثمن ضمنه.
أما إذا لم تجر العادة بقبض الثمن ولا بعدمه فإن على الوكيل قبض الثمن أيضاً وإن لم ينص عليه في التوكيل ولكن قبض الثمن من توابع البيع.
وهذا كله إذا وكله على بيع سلعة معينة كما قلنا. أما إذا وكله على بيع السلع فإن له قبض الثمن والمطالبة به على أي حال.
وإذا وكله على أن يشتري له سلعة فاشتراها ولكن الوكيل اشترط على البائع أنه غير ملزم بدفع الثمن والذي يدفع هو الموكل فإن الوكيل في هذه الحالة لا يصح له قبض السلعة التي اشتراها لموكله. أما إذا اشترى السلعة ولم يشترط براءة ذمته دفع الثمن فإن عليه أن يقبض السلعة ويكون هو الملزم بدفع الثمن.
ثانياً: إذا وكل شخص آخر وكالة غير مقبوض على أن يشتري له سلعة غير معينة كأن قال: اشتر لي جملاً فاشتراه له ثم وجد بع عيباً لم يعلم به الوكيل حال شرائه فإنه يجب على الوكيل أن يرده لصاحبه بذلك العيب سواء كان من العيوب الخفية أو من العيوب الظاهرة.
أما إذا كان عالماً به حال الشراء فليس له رده ويكون ملزماً به دون الموكل إلا إذا رضي الموكل به فإذا عين الموكل السلعة كأن قال له: اشتر لي جمل فلان ثم وجد به عيباً فليس له رده وعليه أن يخبر موكله بذلك فإن شاء ده وإن شاء قبله الوكيل مفوضاً له رد السلعة ولو عينها الموكل فيجوز له الرد ويجوز له القبول.
وإذا كان العيب قليلاً يغتفر مثله عادة وكان في الشراء فائدة للموكل كما إذا اشترى له ناقة مقطوعة الذنب ولكن رخيصة فليس له الخيار.
ثالثاً: إذا وكله وكالة غير مفوضة على أن يبيع له سلعة فباعها لآخر ثم ظهر بها عيب فإن المشتري يرجع على الوكيل ما لم يعلم المشتري يرجع على الوكيل ما لم يعلم المشتري بانه وكيل أو يحلف وكيل، وفي هذه الحالة يرجع المشتري على الموكل.
أما إذا كان وكيلاً مفوضاً فإن للمشتري أن يرجع عليه أو على الموكل سواء علم بانه وكيل مفوض أو وكيل فقط أو لم يعلم.
رابعاً: وإذا وكله على شراء سلعة فإنه يجب عليه أن يشتري له سلعة لائقة به، فإذا قال: اشتري لي جبة من الجوخ وجب عليه أن يشتريها من الصنف اللائق بحاله مالم يعين له الثمن كأن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يقول له: اشتر لي جبة يسعر كذا فإذا عين. فبعضهم يقول: يشتري له بالسعر وإن لم يكن لاثقاً به. وبعضهم يقول: لابد من شراء اللائق به.
خامساً: إذا وكله أن يبيع له سلعة فلا يخلو إما أن يعين له الثمن الذي يبيع به أولا يعين فإذا عين له الثمن فباع بأقل منه فإن للموكل الخيار فب إمضاء هذا البيع ورده فإذا أمضى البيع أخذ الثمن الذي باع به وإذا رده أخذ سلعته إن كانت قائمة.
أما إذا فاتت فإن الوكيل يكون ملرماً بدفع نقص الثمن الذي سماه ولافرق في هذه الحالة بين أن يكون فرق الثمن يسيراً أو كثيراً.
أما إذا لم يعين له الثمن الذي يبيع به فباع بأقل من الثمن المثل فإن كان فرق الثمن يسيراً يمكن وقوعه عادة بأن كان يساوي نصف العشر فأقل فإن البيع ينفذ وليس للموكل الخيار.
أما إذا كان الفرق أكثر من نصف العشر فللموكل الخيار بين رد البيع وإمضائه على الوجه المتقدم.
سادساً: إذا وكله على أن يشتري له سلعة فلا يخلو إما أن يعين له الثمن الذي يشترى به أو لا يعين.
فإذا لم يعين له الثمن كانت هذه الصورة كصورة ما إذا وكله بالبيع وهو أنه إذا اشترى له بزيادة عن ثمن المثل فإن كانت الزيادة يسيرة فلا خيار له وإي كانت كثيرة له الخيار.
أما إذا عين الثمن الذي يشتري به فإن له أن يشتري بزيادة يسيرة في هذه الحالة بخلاف حالة البيع فإذا وكله على أن يشتري له فرساً بعشرين جنيهاً مثلاً فاشتراها بزيادة جنيه فليس للموكل الخيار في قبولها أو ردها لأن الجنبه هو نصف عشر العشرين.
أما إذا اشتراها بزيادة جنيهين مثلاً فإن له الخيار في إمضاء الشراء ورده ومعنى رده في هذه الصورة أن الوكيل يكون ملزماً به ما لم يكن مشترطاً الخيار.
ويشترط في إمضاء الشراء ألا يكون قد اشترى سلماً فإن كان الوكيل قد دفع نقداً على أن يأخذ بها قمحاً يعد شهرين مثلاً فليس للموكل أن يرضى بذلك في حالة المخالفة بل عليه أن برفض.
وذلك لأنه بمجرد مخالفة الوكيل أصبح الثمن ديناً في ذمته، فإذا أجار الموكل هذا الشراء فقد برأه من الدين في مقابلة المسلم فيه الذي لم يقبضه وهو دين فيلزم من ذلك فسخ الدين وهو باطل على أنه يلزم في هذه الصورة بيع الطعام قبل قبضه أيضاً، وذلك لأن القمح يلزم الوكيل بمجرد المخالفة، فإذا رضي الموكل بذلك فيكون الوكيل قد باعه إياه قبل قبضه وهو باطل أيضاً.
سابعاً: إذا وكله على أن يشتري له من سوق معين وفي زمان معين فخالفه واشترى من غير ما عينه له فإن كانت أسعار السلع تتفاوت بالنسبة للأسواق أو الأزمنة كان للموكل الخيار في القبول والرد، وإن كانت لا تتفاوت فلا خيار له.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثامناً: إذا وكله أن يبيع له سلعة ربوية بمثلها، كما إذا قال له: بع هذا القمح بفول فخالف في ذلك وباعه بأرز مثلاً كان للموكل الخيار في إجازة البيع ورده بشرطين:
الأول أن يكون المشتري جاهلاً بمخالفة الوكيل بما أمره به موكله فإن كان عالماً بهذه المخالفة فسد العقد ابتداء وذلك لأنه يكون قد أقدم على شراء شيء وهو عالم بأنه يجوز أن يتم له أولا يتم وهذا مفسد للبيع في الأمور الربوية لأنه يكون داخلاً على الخيار في الأمور الربوية وهو مبطل وهذا يقال: إنكم أجزتم للموكل الخيار في اجازة البيع ورده إذا خالف الوكيل في بيع ربوي أو شرائه والجواب أن هذا الخيار ليس مشترطاً في الأصل بل هو خيار حكمي جر إليه الحكم وهو المخالفة أما الذي يبطل فهو الخيار الذي ثبت بالشرط من أول الأمر، كأن يشترط الخيار أو يكون عاماً به كما في الصورة الأولى.
هذا والأمور الربوية هي الأصناف التي يحرم فيها ربا الفضل المذكورة في مباحث الربا وهي كل ما كان طعاماً مدخراً مقتاتاً كالقمح والشعير والأرز ونحوها أو كان ذهباً أو فضة.
الشرط الثاني: الا يلتزم الوكيل أو المشتري ما نقص عن الثمن الذي سماه الموكل في حالة التوكيل بالبيع كما إذا قال له: بع هذه السلعة بعشرين فباعها بخمسة عشر، ثم التزم للموكل بنقص الثمن وهو خمسة، فإنه في هذه الحالة لا يكون للموكل خيار.
ومثل ذلك ما إذا التزم له الوكيل بالزيادة على الثمن في حالة التوكيل يالشراء كما إذا قال له: اشتر لي سلعة بعشرة فإشتراها بخمسة عشر ثم التزم الزيادة وهي الخمسة فإنه لا يكون للموكل خيار في هذه الحالة.
تاسعاً: لا يجوز للوكيل أن يشتري السلعة التي وكل على بيعها ولو عين له الموكل الثمن الذي يبيع به لأنه يحتمل أن يشتريها غيره بثمن أكثر من الذي عينه له، نعم يجوز له شراؤها إذا أذنه موكله بذلك أو انتهت رغبات الناس في هذه السلعة الى ثمن معين، كما إذا عرضها للمبيع في الأسواق التي تباع فيها وانصرف التاس عنها.
وكذلك لا يجوز للوكيل أن يبيع لمن كان له عليه ولاية حجر لصغر أو لسفه أو لجنون أو رق فلا يجوز أن يبيع لإبنه الصغير أو الكبير والمجنون أو نحوهما وذلك لأنه هو الذي يتولى عنهما القبول فكأنه باع لنفسه أما زوجته وولده الرشيد فإنه يجوز أن يبيع لهما بشرط عدم المحاباة فإن حاباهما بأن باع لهما ما يساوي بذلك الثمن ثم ارتفع ثمنها وصار عشرة وعلم الموكل فليس مطالبته بالفرق.
الحنفية - قالوا: يتعلق بالوكالة على البيع والشراء أمور:
أولاً: أنه إذا وكله على شراء شيء أو بيعه، فلا بد أن يكون ذلك الشيء معلوماً ولو بوجه حتى يتمكن الوكيل من تنفيذ أمر الموكل، فإن كان مجهولاً جهالة تامة فإن التوكيل باطلاً إلا إذا كانت الوكالة عامة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وبيان ذلك أن الوكالة على البيع والشراء إما أن تكون عامة أو خاصة، والموكل على شرائه أو بيعه إما أن يكون معلوماً أو يكون مجهولاً جهالة تامة، أو يكون مجهولاً جهالة يسيرة، فإذا كانت الوكالة عامة - كما قال له -:(وكلتك على أن تشتري لي ما رأيت) أو (أن تبيع من مالي ما رأدت) ، فإنه يصح أن يشتري له ما يشاء من ماله ما يشاء بدون تعيين.
أما إذا كانت الو كالة خاصة والجهالة فاحشة فإن الوكالة لا تصح، وذلك كما إذا قال له: اشتر لي ثوباً أو دابة، فالثوب والدابة مجهولان جهالة تامة، ويعبر الفقهاء عن ذلك بجهالة الجنس، وهو أن يذكر شيئاً يشمل أجناساً ولم يبين واحداً منها (كالدابة والثوب) فإذا قال له: وكلتك على أن تشتري لي دابة لا يصح، لأن الدابة في اللغة اسم لكل ما يدب على الأرض من حيوان وإنسان وقد خصها العرف بالخيل والبغال والحمير، وعلى كل حال فهي تشمل أجناساً كثيرة، فإذا حملت على المعنى العرفي كانت شاملة للخيل والبغال والحمير، فالجنس الذي يريد شراؤه مجهول، إذا يحتمل أنه يريد الخيل أو البغال أو الحمير، (وليس المراد الجنسي المنطقي، وهو المقول على كثيرين مختلفين بالحقيقة) بل المراد ما يكون تحته أصناف فالخيل مثلاً جنس عند الفقهاء لأن تحتها أصنافاً كثيرة منها عربي ومنها مسكوفي ومنها مضمرة، إلى غير ذلك من أصناف الخيل، وكذا البغال والحمير فإنها أجناس لأنهما تشمل أصنافاً كثيرة.
ومثل الدابة الثوب، فإن فيه جهالة الجنس، لأن الثوب يشمل أجناساً مختلفة، كل جنس تحته أصناف كثيرة فهو يشمل: القماش والحرير والصوف والكتان، والقماش يشمل:(المدارسي والمقصورة والشاش الإسلامبولي والهندي) إلى غير ذلك، والحرير يشمل (القطني والألج والحرير الهندي) وغير ذلك، ومثل ذلك الصوف والكتان فكلها أجناس عند الفقهاء لأن تحتها أصنافاً كثيرة، فإذا لم يبين الجنس الذي يريده الموكل كانت الوكالة باطلة حتى ولو ذكر الثمن.
أما إذا كانت الجهالة يسيرة فإن الوكالة الوكالة تصح، وذلك كما إذا قال له: وكلتك على أن تشتري لي حماراً، أو بغلاً، أو فرساً) فإن الوكالة تكون صحيحة - لأنه وإن لم يكن فيه بيان شاف - ولكن جهالته غير فاحشة، ويعبر الفقهاء عن ذلك بجهالة النوع، وهو أن يذكر عبارة تشمل أصنافاً كصيرة لم يبين واحداً منها، فالمراد بالنوع الصنف، فإذا قال له: وكلتك على شراء فرس فقد وكله شراء نصف مجهول لأن الفرس أصنافاً كثيرة كما ذكرنا آنفاً: فعدم تعيين واحد منها فيه جهالة للنوع (أي الصنف) ولكن هذه الجهالة يسيرة، وذلك لأن الوكيل قادر على تحصيل غرض الموكل وذلك بأن ينظر إلى حاله ويشتري ما يليق به.
وهناك قسك آخر وهو الجهالة المتوسطة وذلك كما إذا قال له: اشتر لي داراً بثمن كذا فإنه وإن لم يبين الجهة التي يشتري فيها ولا عدد حجرها مثلاً، ولكن الثمن يجعلها ملحقة بالمجهول جهالة يسيرة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أما إذا لم يذكر ثمناً ولا صفة كانت ملحقة بجهالة الجنس وبعضهم يقول: إن ذكر الثمن لا يجعل جهالتها يسيرة، بل لابد من ذكر الجهة يترتب عليها اختلاف كثير في الثمن والرغبة.
والحاصل أن جهالة الشيء الموكل على بيعه أو شرائه تنقسم إلى ثلاثة أقسام: جهالة الجنس، وجهالة النوع والجهالة المتوسطة.
وقد عرفت تعريف كل واحدة منها مع أمثلة. فإذا ذكر الموكل لفظاً بين به جنس الموكل وعليه ونوعه وصفته فإن الوكالة تصح بلا نزاع وذلك كأن يقول: وكلتك على شراء فرس أدهم مسكوفي أو نحو ذلك.
أما إذا لفظاً يدل على أجناس مختلفة فلم يبين جنسه فلا يصح التوكيل قطعاً وذلك كأن يقول: وكلتك على شراء ثوب حتى ولو ذكر الثمن.
أما إذا ذكر لفظاً يدل على انواع مختلفة ولم يبين النوع الذي يريده. وإذا ذكر لفظاً يدل على أنواع مختلفة باختلاف أحوال الناس فتارة مجهولة والمبنية يسيرة - كالدار - فإنها تدل على دور متعددة لأنها تشمل الدار الكبيرة والمبنية بالحجر باللبن المحروق وغيره. والموجودة في بلد كذا أو جهة كذا. أو شارع كذا. إلى غير ذلك فإذا كان في قربة ولا تختلف دورها كثيراً في بنائها واتساعها وموقعها فإن الجهالة تكون يسيرة وتلحق بجهالة النوع إلا أنه لا بد فيها من ذكر الثمن كأن يقول: وكلتك على دار بكذا.
أما إذا كان في مدينة يختلف حال الدور فيها باختلاف الموقع وتفاوت بنيانها اختلافاً كثيراً فإنه لا بد من ذكر الأوصاف المميزة لها وإلا كانت ملحقة بجهالة الجنس فلا تصح الوكالة.
ثانياً: إذا اشترى الوكيل لموكله سلعة ثم ظهر بها عيب ولم يردها الوكيل إلى صاحبها كان ملزماً بها إلا إذا قبلها الموكل على عيبها.
وإذا هلكت في يد الوكيل قبل أن يلزمه الموكل بها هلكت على الموكل، وهل للموكل أن يرد السلعة المعينة قبل أن يستلمها من الوكيل؟
الجواب: ليس له ذلك لأن ردها من حقوق الوكيل ما دامت في يده. فإذا مات ينتقل إلى وراثه فإذا لم يكن له وارث انتقل حق الرد إلى الموكل. أما إذا استلم الموكل السلعة فقد أصبح هو صاحب الحق في ردها بالعيب لأن الوكالة تنتهي السلعة وليس للوكيل حينئذ ردها إلا إذا أمره موكله بذلك فإنه يصح.
وإذا وكله على أن يبيع له سلعة وظهر للمشتري أن عيباً فإن للمشتري أن يردها على الوكيل إلا إذا سلبت عن الوكيل أهلية التصرف كأن جن أو حجر فإنها ترد في هذه الحالة على الموكل.
ثالثاً: إذا وكله على أن يشتري له سلعة ولم يعطيه ثمنها فاشتراها الوكيل له من ماله ودفع ثمنها فإن للوكيل حبس هذه السلعة وعدم تسليمها للموكل إلا إذا دفع ثمنها فإن له حبسها بطريق الأولى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وذلك لأنه في حالة دفع الثمن قد يتوهم أنه بالثمن لموكله فلا يصح له حبس عنه أما في حالة عدم الدفع فلا يتوهم التبرع.
وإذا هلكت السلعة في يد قبل أن يحبسها عن موكله فإنها تهلك من مال الموكل فعليه أن يدفع ثمنها.
ومثل ذلك ما إذا دفع الموكل له ثمن السلعة لشتريها فضاع منه الثمن فإنه يضيع على الموكل لا على الوكيل نعم إذا اشترى سلعة ثم أعطاه الموكل ثمنها ليدفعه إلى البائع فققد منه الثمن قبل يعطيه للبائع فإن الوكيل يكون ملزماً به وكذلك إذا هلكت السلعة في يد الوكيل بعد حبسها عن الموكل فإنها تهلك على الوكيل وليس له أن يطالب الموكل بثمنها سواء كانت قيمة السلعة متساوية مع ثمنها أو لا.
وبعضهم يقول: إن السلعة في هذه الحالة كالمرهون. فإن تهلك بالأقل من ثمنها وقيمتها بمعنى أنها تقوم وقت هلاكها فإن كانت قيمتها تساوي ثمنها بأن كان ثمنها عشرة ولم ينقص عن ذلك ولم يزد عند هلاكها فالأمر ظاهر.
أما إذا زادت قيمتها عن ثمنها خمسة كانت الخمسة حقاً للموكل فيطالب بها الوكيل وإن نقضت خمسة كانت حقاً للوكيل فيطالب بها الموكل. مثلاً إذا وكله بشراء جمل فاشتراه له بخمسة عشر ولم يدفع الموكل الثمن ولم يرض الوكيل بإعطائه الجمل قبل دفع الثمن ثم مات بعد ذلك في يد الوكيل. ففي هذه المسألة رأيان:
أحدهما: أن الجمل هلك بثمنه على الوكيل فلا يطالب الموكل بشيء سواء زادت الجمل أو نقصت.
ثانيهما: أنه ينظر إلى ثمن الجمل وقيمته عن ثمنه بحيث أصبح يساوي عشرة فإن الوكيل يحسب عليه عشرة فقط ويرجع على الموكل بالخمسة.
أما إذا كانت قيمته هلاكه قد ارتفعت إلى عشرين فإنه بخمسة عشر ويرجع الموكل على الوكيل بالخمسة التي زادت.
رابعاً: إذا اشترى الوكيل السلعة بثمن معجل ثم أجله له البائع بعد الشراء فإن للوكيل الحق في مطالبة الموكل بالثمن حالاً.
أما إذا اشتراها بثمن مؤجل من أول الأمر فليس له مطالبة الموكل بالثمن حالاً.
خامساً: إذا أراد شخص أن يتعاقد مع آخر في سلم فإنه يصح له أن يوكل عنه من يدفع للمسلم إليه (البائع) رأس مال السلم (الثمن) ، أما المسلم فإنه لا يجوز له أن يوكل عنه غيره في قبض رأس مال السلم وذلك لأنه مجرد أن يقبض الوكيل رأس المال (الثمن) فإنه يصير المسلم فيه (المبيع) في ذمته
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فيكون مسؤولاً عنه مع أن الثمن يعطي إليه ولا يجوز أن يبيع الإنسان ماله بشرط أن الثمن لغيره وبذلك يكون التوكيل باطلاً ويكون الوكيل هو المتعاقد (المسلم إليه) فيكون رأس المال مملوكاً له والمسلم فيه ديناً في ذمته فإذا أعطى رأس المال من وكله كان في ذمته.
وفي الصورة الأولى الجائزة وهي ما إذا وكل رب السلم (المشتري شخصاً ليدفع عنه رأس مال المسلم (الثمن) فإنه لا يصح للوكيل أن يفارق المسلم إليه البائع قبل أن يدفع له رأس المال فإذا فارقه بطل العقد. وإذا كان الموكل حاضراً وفارق المجلس قبل القبض. هل يبطل العقد أو لا؟ رأيان فبعضهم يقول: إن الوكيل نائب فإذا حضر الأصيل فلا يعتبر النائب. وبعضهم يقول: إن الوكيل وإن كان نائباً في أصل العقد ولكنه في التصرف في الحقوق فلا عبرة بحضور الموكل ولا بمفارقته ما دام الوكيل حاضراً.
ومثل السلم الصرف فإنه يجوز لكل من العاقدين أن يوكل عنه من يستلم العين التي يتبادلانها بشرط ألا يفارق الوكيل صاحبه قبل العقد.
سادساً: إذا وكله على أن يشتري له شيئاً بعينه كفرس فلان أو ثوره أو غير ذلك فإنه لا يجوز للوكيل أن يشتري ذلك الشيء عند غيبة موكله.
أما إذا كان موكله حاضراً فإن له أن يشتريه لنفسه لأن له أن يعزل نفسه عن التوكل رأساً بحضرة موكله ويكون حراً. أما في حالة غيبة موكله فإنه لا يجوز له عزل نفسه فلا يصح أن يشتري لنفسه ما أمره موكله بشرائه له وإلا كان مغرراً وذلك لا يجوز. نعم إذا قال له اشتر لي كذا بعشرين فاشتراه لنفسه بخمسة وعشرين أو قال له اشترلي بورق فاشتراه بذهب فإنه يجوز لأن في مخالفة لأن في مخالفة الموكل عزلاً ضمنياً للوكيل.
ومثل ذلك ما إذا وكله على أن يزوجه امرأة بعينها فإن للوكيل أن يزوجها لنفسه وذلك لأن النكاح لا بد من إضافته إلى الموكل فإذا أضافه الوكيل لنفسه فقد عزل نفسه لمخالفته مقتضي التوكيل.
وإذا وكله على أن يشتري شيئاً غير معين كأن قال له اشتر لي ما رأيت فهذه تحتمل ثلاث صور:
الصورة الأولى: أن ينسب الثمن إلى مال أحدهما أحدهما وفي هذه الحالة تكون السلعة لصاحب المال سواء كان الوكيل أو الموكل.
الصورة الثالثة: أن لا ينسب الثمن إلى مال أحد كالصورة الثانية ولكن الوكيل لم ينو عند الشراء أن تكون السلعة له أو للموكل ووافقه الموكل على ذلك وفي هذه الحالة رأيان:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الرأي الأول: أن تكون السلعة لمشتري (الوكيل) مطلقاً سواء دفع ثمنها من ماله أو من مال الموكل.
الرأي الثاني: أن تكون للذي دفع الثمن من ماله.
سابعاً: إذا ادعى الوكيل أنه اشترى حيواناً كفرس فهذه المسألة تحتمل صوراً:
الصورة الأولى: أن يكون مأثوراً بشراء ذلك الحيوان بعينه والحيوان حي لم يحدث فيه عيب وفي هذه الحالة يكون القول للوكيل سواء أخذ ثمنه أو لا بعد أن يحلف وذلك لأنه أخبر عن شيء يملك فعله في أي وقت ما دام وكيلاً.
الصورة الثانية: أن يكون الحيوان قد هلك أو حدث به عيب. وهذه تحتمل وجهين:
الوجه الثاني: أن لا يكون قد فقد الثمن وفي هذه الحالة يكون القول للموكل.
الصورة الثالثة: أن يكون مأموراً بشراء حيوان غير معين والثمن مفقود وفي هذه الحالة يكون القول للوكيل سواء كان حياً أو ميتاً.
الصورة الرابعة: أن يكون الحيوان غير معين والثمن غير منقود وفي هذه الحالة يكون القول للموكل لما فيها من جهة التهمة للوكيل فإنه يحتمل أن يكون قد اشتراه لنفسه فلما رأى الصفقة خاسرة قال إنه اشتراه للموكل.
ثامناً: إذا قال شخص لآخر بعني هذا الثور لفلان فباعه إياه ثم أنكر المشتري أن فلاناً أمره بالشراء حقيقة.
تاسعاً: إذا وكله على أن يشتري له سلعتين معينتين ولم يسم ثمناً فاشترى له إحداهما بقدر قيمته أو بزيادة يسيرة يتعغابن فيها الناس فإنه يصح، أما إذا اشتراها بزيادة فاحشة فإنه لا يصح وذلك لأن الوكيل على شراء شيء لا يجوز له أن يشتري بغبن فاحش.
وإذا وكله على بيع شيء فخالفه فإن كانت المخالفة في خير فإنها تنفذ كما قال له بع هذا الفرس بعشرين جنيهاً فباعها بخمسة وعشرين بشرط أن يبيع بالنقد أي بحيث لو باعها بورق فإنه لا يصح ولو كانت مصلحة للموكل.
الحادي عشر: لا يجوز لوكيل أن يبيع السلعة الموكل على بيعها لنفسه أو لمن له عليه ولا ية بسبب الحجر لصغر أو جنون أو سفه أو لمن لا تقبل شهادته كابنه الكبير وأبيه فهؤلاء الأنواع الثلاثة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لا يجوز للوكيل أن يبيع سلعة موكله لهم كما أن يبيع سلعة موكله لهم كما لا يجوز ان يشتري له سلعة منهم لتهمة المحاباة فضلاً عن أن البيع والشراء من نفسه أو ممن له عليه ولاية يستلزم أن يكون البائع والمشتري واحداً والمعروف أن عقد البيع لا يكون إلا بين اثنين. فإذا أذنه الموكل أن يبيع لمن لا تقبل شهادته فإنه يصح أن يبيع لهم أو يشتري منهم بثمن المثل كما لا يجوز له أن يبيع لهم بأزيد ويشتري منهم بأنقص بلا خلاف فإن باع أو اشترى منهم بغبن فاحش فإنه لا يصح قولاً واحداً وفي الغبن اليسير خلاف (والغبن الفاحش هو الذي لا يتغابن الناس فيه عادة أي لا يخدع بعضهم فيه بعضاً. وقدره بعضهم في عروض التجارة بما زاد على نصف العشر وفي الحيوان بما زاد على العشر وفي العقار بما زاد على الخمس) فذلك هو الغبن الفاحش وما عداه فهو يسير.
أما إذا أذنه الموكل بأن يبيع لنفسه أو لابنه الصغير ففيه رأيان:
أحدهما: أنه لا يجوز لأن العاقد في هذه الحالة يكون واحداً.
ثانيهما: انه يجوز (ويظهر أن الذي يقول بعدم الجواز لعلة كون العقد واحداً لا يمنع أن يبيع الوكيل السلعة لأجنبي ثم يشتريها منه ثانباً لأنه في هذه الحالة يكون البائع غير المشتري)
الثاني عشر: يجوز للوكيل أن يبيع السلعة الموكل على بيعها بيعاً مطلقاً والكثير فلا يسأل عن الغبن سواء كان فاحشاً أو يسيراُ عند أبي حنيفة. اما صاحباه فيقولان انه يجوز أن يبيع بغير ثمن. المثل وقد رجح بعضهم قول الإمام وبعضهم رجح قول صاحبيه وعليه الفتوى.
أما إذا وكله على أن تشتري له سلعة فإنه لا يجوز لوكيل أن يشتريها بأكثر من ثمن المثل بحسب العرف والعادة بالإجماع فإذا أشترى على خلاف العادة والمعروف أو اشترى بغير النقود نفذ شراؤه على نفسه وكان ملزماً بالثمن الذي أخذه من مال موكله.
واعلم أنهم قسموا الذين ينصرفون في البيع والشراء إلى أقسام.
الأول: الأب والجد والوصي إذا باعوا أو اشتروا مال القاصر أو المحجور عليه وهؤلاء ليس لهم أن يبعوا أو يشتروا بحسب العرف والعادة ويغتفر لهم الغبن اليسير.
الثاني: الوكيل بالبيع المطلق والمضارب وشريكا العنان وهؤلاء يجوز لهم أن يبعوا كما يحبون ونفذ تصرفهم ولو غبنوا غبناً فاحشاً عند أبي حنيفة أما صاحباه فقد عرفت رأيهم في ذلك آنفاً وقد عرفت أن شراء هؤلاء لا ينفذ إذا كان بحسب العرف والعادة باتفاق.
الثالث: المريض مرض الموت إذا كان عليه دين يستغرق جميع ماله وهذا إذا باع منه شيئاً فإنه يجن أن يكون بحسب العرف والعادة ولا ينفذ تصرفه إذا غبن فيه سواء كان الغبن فاحشاء أو يسيراً، والمشتري بالخيارإما أن يرد السلعة لأو يكمل مانقص من ثمنها، فإن مات وترك وصياً وباع وصيه بالمال لسداد دينه فإنه يعفى في بيع الوصي عن الغبن اليسير في هذه الحالة.
أما إذا باع الوصي لمن لاتقبل له شهادته وحاباه ولو يسيراً فإنه لا يصح.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الرابع (الوصي) وهو لا يجوز له أن يبيع مال اليتيم، أو يشتريه لنفسه إلا إذا كان فيه خير لليتيم، وتقدر الخيرية بزيادة الثلث، فيجوز له إن يشتري ما يساوي عشرة بخمسة عشر، ويبيع له ما يساري خمسة عشر بعشر وإلا فلا.
الخامس: (الكاتب) و (العبد) المأذون بالتجارة؛ وهذان لهما أن يبيعا وأن يشتريا على خلاف العرف والعادة عند أبي حنيفة، فلو باعا ما يساوي عشرة بواحد فإنه يصح، أما صاحباه فيقولان أنه لا يجوز أن يبيعا على خلاف المعروف.
الثالث عشر: إذا وكله أن يبيع له سلعة يتجر فيها فباعها بثمن مؤجل فإنه يصح، أما إذا وكله على أن يبيع له إردَبّاً من القمح ليدفعه في الخراج المطلوب منه فوراً فإنه لا يصح أن يبيعه بثمن مؤجل، وكذا في كل سلعة قامت القرينة على الاحتياج إلى ثمنها على أنه يشترط في البيع بثمن مؤجل ألا تطول مدة الأجل طولاً يخالف العادة في مثل ذلك، وإلا لم ينفذ بيعه.
الشافعية - قالوا: ينعلق بالوكالة بالبيع والشراء أمور:
أولاً: إذا وكله على أن يشتري له شيئاً فعليه أن يبين صنفه. فإذا قال وكلتك على شراء دار فيجب أن يبين جهتها كأن يقول في بلد كذا في حارة كذا أو شارع كذا ما لم يكن الغرض من الشراء التجارة فإنه لا يشترط بيان النوع لأن المقصود للموكل أن يشتري له ما فيه ربح في أي جهة كان وعلى أي صفة وجد فيطفي أن يقول له اشتر ما فيه ربح.
ثانياً: إذا وكله على شراء معين فيجب على الوكيل أن يتبع ما أمره موكله فإذا قال له اشتر لي فلان ناقة بثمن كذا فإنه يتعين ولا يجوز للوكيل الخروج عنه وإذا وكله على أن يبيع له سلعة بثمن مؤجل إلى أجل معين كشهر أو شهرين فإنه يصح، وعلى الوكيل أن يتبع ما أمره به موكله فإن خالف ذلك بأن باع بثمن حال، أو بأجل انقض من الأجل الذي عينه له موكله فإنه يصح بشرطين:
الأول: ألا ينهاه الموكل عن البيع الحال، أو يكون فيه ضرر على الموكل كنقص في الثمن.
الثاني: ألا يعين له المشتري فإن عينه كأن قال له بع لفلان بثمن مؤجل فإنه لا يصح أن يخالفه أما إذا قال له بع بثمن مؤجل ولم يحدد الأجل فإنه على الأجل المتعارف في بيع هذه السلعة فإن لم يكن فيه عرف بين الناس فعلى الوكيل أن يتبع ما فيه مصلحة موكله.
خامساً: لا يصح لوكيل أن يبيع سلعة موكله لنفسه أو لابنه الصغير أو السقيه أو المجنون وذلك لأن عقد البيع يجب أن يكون بين اصنين أحدهما موجب كأن يقول بعت كذا والآخر قابل وهو الذي يقول قبلت (وهنا الشخص واحد) لأنه إما أن يبيع لنفسه أو يبيع لمن هو ولي عنه، وهذا لا يصح. نعم إذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حدد الموكل الثمن، ووكل عن ابنه الصغير، أو المجنون أو السفيه من يقبل عنه البيع ورضي موكله الأصلي بذلك فإن البيع يصح.
أما البيع لولده الكبير (البالغ الرشيد) ولأبيه وإن علا فإنه يصح في الأصل، وبعضهم يقول: يصح لوجود التهمة، فإن صرح الموكل بالبيع لهما فإنه يصح بلا خلاف.
ثالثاً: إذا قال له وكلتك على أن تبيع هذه السلعة بما شئت أو بما تراه فإن له أن يبيعها بغير نقد البلد (بالعملة المستعملة في البلاد الجنبية) وليس له أن يبيع بغبن فاحش أو بثمن مؤجل.
وإذا قال له بعها بكم شئت فإن له أن يبيع بغبن فاحش وليس له أن يبيع بثمن مؤجل أو بغير نقد البلد، وذلك لأن (كم) للعدد فيشمل القليل والكثير فهو أذنه في أن يبيع بأي ثمن، وليس فيه تصريح له بالبيع إلى أجل أو بغير البلد.
وإذا قال له بعها كيف شئت فله بيعتها بثمن مؤجل وليس له بيعها نغبن فاحش أو نقد البلد وذلك لأن (كيف) للحال فيشمل الثمن الحال والمؤجل فهو المصرح لا بالغبن ولا بمخالفة نقد البلد.
رابعاً: إذا وكله وكالة مطلقة فليس له أن يبيع أو يشتري إلا بثلاثة شروط:
الشرط الأول: ألا يتعاقد إلا بثمن فيه مصلحة الموكل فلا يبيع السلعة إلا بثمن المثل أو أكثر ولا يشتري إلا بثمن المثل أو أقل، فإذا غبن في بيعه غبناً فاحشاً فإنه لا يصح.
والغبن الفاحش هو ما لا يغتفر بحسب العرف، أما الغبن اليسير وهو كثيراً بين الناس فإنه لا يضر، وإذا باع السلعة بثمن المثل ووجد لها راغب بثمن أزيد فإذا كان فرق الثمن كثيراً بحيث يقع الغبن الفاحش فإنه يجب أن يبيع السلعة للراغب إذا كان زمن الخيار فإن لم يفعل انفسخ العقد الأول.
الشرط الثاني: أن يبيع بثمن حال لا مؤجل، فإذا باع مؤجل فإن البيع لا يصح.
الشرط الثالث: أن يبيع بالنقود المستعملة في بلد البيع، فلا يصح البيع بالنقود المستعملة في الممالك الأجنبية عنها مالم يأذن به الموكل.
الحنابلة - قالوا: يتعلق بالوكالة بالبيع والشراء أمور:
أولاً: لا يجوز للوكيل أن يبيع سلعة موكله لنفسه لأن العرف في البيع أن يبيع الشخص لغيره والوكالة على العرف، وكذا لا يصح أن يبيع لولده أو زوجه وكذا سائر من لا تقبل شهادته له لأن في ذلك تهمة كالتهمة التي تلحقه إذا باع لنفسه.
ثاباً: لا يجوز للوكيل أن يبيع سلعة موكله بعرض تجارة ولا بثمن مؤجل ولا بنقود غير مستعملة في بلد البيع إلا أذن له موكله، وإذا اختلفا في الإذن فالقول للوكيل، أما إذا اختلفا في التصرف كما إذا قال له أمرتني ببيع السلعة والموكل قال: بل امرتك برهنها فالول للموكل.
ثالثاً: إذا حدد ثمن السلعة لوكيله، فإن عليه أن يتبع أمره، فإذا باع مما عينه له صح
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
البيع، ولكن الوكيل ملزماً بدفع الثمن الذي عينه له الموكل. وكذا إذا لم يحدد له ثمناً ولكنه باع بأقل من ثمن المثل فإنه يلزم بدفع ثمن المثل.
ومثل ذلك ما إذا اشترى بأزيد من الثمن الذي عينه له، أما بأزيد من ثمن المثل، فإن البيع والشراء يصح، ولكنه يكون ملزماً بدفع الثمن. فإذا باع بأكثر مما عينه له الموكل صح ويعفى في البيع والشراء عن الغبن اليسير.
أما الغبن الفاحش، وهو ما لا يقع مثله ويقدر بعشرين في المائة، فإنه لا يعفى عنه وبلزم به الوكيل.
رابعاً: إذ قال له الموكل اشتر لي سلعة بثمن حال فاشتراها بثمن مؤجل فإنه يصح، أو بع هذه السلعة بثمن مؤجل فباعها بثمن حال فإنه يصح إذا لم يترتب على ذلك ضرر للموكل لأنه في هذه الحالة قد فعل ما فيه زيادة خير لموكله.
أما إذا ترتب على ذلك ضرر، كما إذا قال له: بع هذه السلعة بثمن مؤجل فباعها بثمن حال فحجز عليه ظالم، أو لم يستطع حفظه في ذلك الوقت فعرضه للضياع فإن الوكيل لا ينفذ تصرفه، وبعضهم يقول: وعليه ضمان الضرر، ومثل ذلك ما إذا قال: اشتر لي سلعة بعشرة فاشتراها بأكثر من ذلك لأجل.
خامساً: إذا اشارى الوكيل سلعة بها عيب معلوم له فإن الشراء يلزم الوكيل فليس له رد السلعة وإذا رضي بها موكله مع عيبها فإنه يصح لأنه مقصود بالشراء.
أما إذا كان العيب غير معلوم للوكيل فإن رد السلعة ما لم يحضر الموكل قبل ردها فإن حضر فليس للوكيل الرد وذلك لأن حق السلعة المعيبة للموكل والوكيل قائم مقامه فقط، فإذا حضر الموكل كان صاحب الشأن وكذلك حق تسليم الثمن وقبض المبيع فإنه للموكل لا لوكيل فإذا حضر الموكل كان هو صاحبه.
سادساً: إذا وكله على أن يبيع له سلعة فإن عليه أن يسلمها لمن اشتراها وليس له قبض الثمن فإن لم يأذنه صريحاً ولكنه أذنه ضمناً بأن قامت قرينة على إذنه بقبض الثمن فإنه يصح، وذلك كما وكله أن يبيع جملاً في سوق عامة بعيدة عنه ولم يعين له المشتري فلا معنى لهذا إلا أنه قد أذنه بقبض الثمن فإن باع الوكيل السلعة وسلمها ولم يقبض ثمنها كان ملزماً به لأنه في هذه الحالة يكون مفرطاً.
سابعاً: إذا وكله على أن يشتري له سلعة فإن على الوكيل أن يسلم ثمن السلعة لو أخر تسليم الثمن بلا عذر ثم فقد كان الوكيل ضامناً له.
ثامناً: إذا وكله أن يشتري شيئاً فلا بد من بيان نوعه وثمنه، فإذا قال له: وكلتك على أن تشتري لي ما تشاء أو تشتري لي عيناً بما تشاء فإنه لا يصح.