الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شروط الإجارة
-للإجارة شروط مفصلة في المذاهب (1) .
وارد على أعمالهم وإن كان المعقود عليه هو العمل والمنفعة تأتي تبعاً كما في عقد المساقاة فإنه يضاف إلى البستان بالثمرة تأتي كما تقدم) .
(1)
(الحنفية - قالوا: تنقسم شروط الإجارة إلى أربعة أقسام كشروط البيع:
الأول: شروط الانعقاد فلا تنعقد الإجارة أصلاً إلا إذا تحققت هذه الشروط.
الثاني: شروط الصحة فلا تصح إلا بها وإن كانت تنعقد هذه بدونها.
الثالث: شروط اللزوم فلا تلزم إلا بها.
الرابع: شروط النفاذ فلا تنعقد إلا بها.
فأما شروط الانعقاد فهي أمور: منها العقل فلا تنعقد إجارة المجنون والصبي الذي لا يميز أما الصبي المميز فإن مأذوناً تنعقد موقوفة على إذن الوالي فلا اتنعقد إلا إذا أجازها، فإذا كان مأذوناً أجر الصبي المميز المحجور عليه نفسه وعمل عملاً وسلمه فإنه يستحق أجره لنفسه.
ومثل الصبي المميز في ذلك العبد إلا أن تكون أجرته لسيده وإذا أصاب الصبي ضرراً أثناء عمله الذي استؤجر له فإن المستأجر يكون مسؤولاً عنه وعليه الضمان فإذا قتل الصبي خطاً كأن وقعت عليه حائط يعمل فيها كانت ديته على عائلة المستأجر وعلى المستأجر الأجر الذي استحقه المقتول وإذا أصيب بشيء من الضرر كان على المستأجر التعويض.
وأما شرائط الصيغة فمنها رضا المتعاقدين فلا يصح إجارة المكره والمخطئ والناس وإن كانت تنعقد وتنفذ إلا أنها إجارة فاسدة حكمها أن فيها أجر المثل بعد الاستعمال وهذا الشرط وما قبله متعلق بالعاقد.
ومنها أن يكون الشيء المستأجر مقدوراً على تسليمه فلا يصح إجارة حيوان ضال غير مقدور عليه كما لا تصح إجارة شخص على عمل معصية لأنه كان مقدوراً عليه بالفعل ولكن في حكم غير المقدور عليه من جهة الشرع لأن الممنوع شرعاً في حكم الممتنع حقيقة.
ومها أن لا يكون العمل المستأجر له فرضاً ولا واجباً على الأجير قبل الإجارة فلا تصح الإجارة على الحج.
أما الأجرة على الطاعات الأخرى كالإمامة والأذان فبيننا عليها في مبحث ما يجوز اسئجاره وما لا يجوز.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ومنها أن تكون المنفعة لها قيمة مقصودة عند العقلاء كما تقدم. ومنها أن تكون الأجرة معلومة وتنقسم الأجرة إلى ثلاثة أقسام:
الأول: النقود كالجنيهات والقروش ونحوهما ويشترط في النقود بيان قدرها كعشرة حنيهات مثلاً وبيان صفتها كجيدة أو مخلوط فإذا لم يكن في البلد إلا نقد واحد لا يتعامل إلا به يتصرف التعاقد إليه وإن لم ينص عليه في العقد فإذا لم ينص عليه في العقد فإذا لم يبين القدر والرصف عند اختلاف النقد فسد العقد ولا يشترط في النقد بيان الأجل فيصح تأجيله وتعجيله إذا كان مؤجلاً يكون ديناً كالثمن.
الثاني: المكيلات والموزونات والمعدودات المتقاربة في المقدار فإنها تصلح ثمناً في البيع وكل ما صلح أجراً ويشترط فيها أيضاً بيان والصفة والأجل فينص في العقد على أنه استأجر كذا بعشر أرادب من القمح أو السمن البلدي ونحو ذلك - تدفع حالاً ومؤجلاً - ثم كانت الأجرة تحتاج إلى نقل يستلزم نفقات كما إذا استأجر أرضاً زراعية مدة بعشرين إردَبّاً من الفول فإنه يشترط أن يبين الموضع الذي يستلزم فيه المؤجر أجرته وإلا فسدت الإجارة فإذا لم يكن نفقه فلا يشترط ذلك ولمؤجر أن يسلم كيف شاء وبعضهم يقول لا تفسد بعدم بيان الموضع.
الثالث: أن تكون الأجرة حيواناً، إذا استأجر شخص آخر ليخمه سنة بجمل أو بقرق ويشترط في ذلك أن يكون معيناً مشاراً إليه كهذا الجمل أو هذه البقرة فإذا لم يكن كذلك فسد العقد.
الرابع: أن تكون الأجرة عروض تجارة كالثياب من التان الجيد تدفع عاجلاً أو آجلاً فإذا لم يبين ذلك فسد العقد لأن عروض التجارة لا تكون ديناً في الذمة إلا سلماً فيشترط فيها ما يشترط في السلم والإشارة إلى عروض التجارة وإلى المكيلات وما معها تغني عن بيان ذلك.
ولا يشترط في الأجرة أن تدفع آجلاً عند الحنفية على أي حال سواء أكانت عيناً غير دين كهذا الحيوان الحاضر أم كانت ديناً موصوفاً في الذمة وذلك لأن العقد وقع على المنفعة وهي تحصبل شيئاً فشيئاً بدل عن المنفعة مقابلة لها وحيث لم يمكن استيفاء المنفعة حالاً فإن بدلها لم يلزم حالاً وإنما يلزم أذا استوفى المستأجر المنفعة.
نعم تملك بتعجيلها فعلاً فإذا وقع المستأجر عاجلاً (مقدمة) فإن المؤجر يملكها وليس للمستأجر استردادها.
وكذلك تملك بشرط التعجيل في الإجارة المنجزة فإذا استاجر شخص من آخر داراً للسكنى ابتداء من يوم العقد وشروط المؤجر أن تدفع الأجرة عاجلاً مقدماً كما هو الحاصل الآن في عقود الإجارة فإنه يصح وللمؤجر أن يمنعه أن يمنعه من السكنى إذا لم يدفع الأجرة وله أن يفسخ العقد
كذلك وقد يقال إن هذا الشرط لا يقتضيه العقد وفيه منفعة أحد العاقدين دون الآخر فكيف يصح والجواب أن الأجر بمنزلة الثمن والأصل فيه أن يكون والأصل فيه أن يكون معجلاً فإذا أسقط البائع حقه في التعجيل ورضي بتأجيله لزمه ذلك وكذلك
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حتى خيار العيب في المبيع ثابت فإذا لزمه فما من هذا القبيل فإن من حق المستأجر أن لا يدفع الأجرة إلا بعد أن يستوفي المنفعة فإذا أسقط هذا الحق لزمه.
أما الإجارة غير المنجزة كما إذا استأجر شخص من آخر زراعية أو داراً للسكنى يعد تاريخ العقد بيوم فأكثر فإن شرط تعجيل الجرة لا يستلزم ملكها وللمستأجر أن يمنع عن دفعها وليس للمؤجر أن يمنع عنه العين المؤجرة أو يفسخ العقد إذا حل موعده الإجارة.
أما قبل حلول موعد الإجارة بطل العقد وله فسخ كذلك وذلك لأن الإجارة غير المنجزة (ويعبر عنها بالمضافة للزمن المستقبل) غير لاومة على المفتى به. ومحصل ذلك أن الأجرة تملك بأربعة أمور:
أحدهما الحصول على المنفعة كاملة. ثانيهما دفع الجرة بالفعل. ثالثهما شرط التعجيل إذا كانت الإجارة منجزة لا مضافة. رايعها التمكن من الحصول على المنفعة وإن لم يحصل عليها فعلاً.
فإذا استأجر شخص داراً مدة معينة ولم يستعملها في تلك المدة مع تمكينه من الاستعمال فغن الأجرة تلزمه أما إذا منعه مانع من استعمالها كأن حال بينه وبين سكانها سخص وضع يده عليها غصباً فإنه لا يلزم بأجرتها.
ومثل ذلك ما إذا استأجر أرضاً ليزرعها فأغرقها الماء أو انقطع عنها الماء الذي تسقى به فإنه لا يلزم بأجرتها. وهل تفسخ الإجارة في هذه الحالة أو لا؟ قولان.
وإذا طالب الصانع أو المالك بأجرته قبل استفياء المنفعة بتمامها فإنه يجاب إلى طلبه فيعطي من الأجرة بنسبة ماقام به من العمل أو بنسبة الأيام التي سكنها بشرط أن يسلمه فإذا خاط له بنسبة خاط له بنسبة ما خاطه ومثل ذلك ما يقع من (المنجدين) الذي ينجدونه الفرش في البيوت فإنهم يأخذون بنسبة ما يعملون من أجرهم لأن لالأعيان التي يستعملونها فيها تحت يد مالكها فهي مسلمة له واما إذا كانت في محل الصناع ولم تسلم لأصحابها أنهم لا يستحقون أجراً إلا بعد إتمامها وبعضهم يقول لا يستحقون عليها أجراً مطلقاً بعد تمامها.
ومن شروط صحة الإجارة أن لا تكون الأجرة منفعة من جنس المعقود عليه فلا تصح إجارة سكنى الدار بسكنى دار أخرى ولا خدمة رجل بخدمة رجل آخر.
أما إذا اختلفت المنفعة فإنه يصح كمال استأجر السكنى في زريبة بركوب دابته أو استأجر داراً بخدمة جماله أو نحو ذلك. وذلك لأن اتحاد الجنس لا يصح فيه تأجيل القبض وقد عرفت أن المنفعة تحدث شيئاً فهي مؤجلة طبعاً.
اما اختلاف الجنس فإنه يصح معه تأجيل القبض أعطى لجاره بقرة يحرث عليها وأخذ منه جماره أو فرسه إذا اغطاه ثوره وأخذ منه ثوراً آخر فإنه لا يصح لاتحاد المنفعة فإذا وقع ذلك كان لكل منها أجر مثله بعد استعمال.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ومنها: خلو العقد عن الشروط لا يقتضيه ولا يلائمه كسائر العقود.
ومنها: أن تكون المنفعة معلومة علماً يمنع المنازعة والخصام وتعلم المنفعة بأمور:
أولاً: بيان المدة لأنها إذا كانت معلومة كان قدر المنفعة معلوماً لأن من يؤجر منزلاً للسكنى فيه سنة كانت المنفعة محدودة بتلك السنة وكذلك من يستأجر أرضاً زراعية مدة معينة فغن منفعتها تكون معلومة بتحديد تلك المدة وليس للمدة حد في الملك فللمالك أن يؤجر أرضه مدة طويلة ولو كانا لا يعيشان لمثلهما على المعتمد.
أما في الوقف فلا تصح إجارة الأراضي أكثر من ثلاث سنين والمساكن والحوانيت (الدكاكين) ونحوهما أكثر من سنة إلا إذا كانت المصلحة تقتضي بتأجير الوقف أكثر من ذلك فإن للقاضي في هذه الحالة أن يؤجرها أكثر من ذلك، وليس للناظر أن يفعل ذلك بدون إذن القاضي إلا إذا نص الواقف على جواز تأجيرها أكثر من هذه المدة إذا كان منفعة فإذا قال الواقف مثلاً لا يجوز تاجير هذا المنزل أكثر من سنة إلا إذا كان في تاجيره مصلحة للفقراء الموقوف عليهم فإن لللناظر أن يؤجر أكثر من سنة بناء على هذا الشرط.
ومحل عدم جواز تأجير الرقف أكثر من تلك المدة إذا كان المدة إذا كان المؤجر غير الواقف، أما الواقف فله أن يزيد على هذه المدة كما يحب.
وقد ذكروا لجواز تأجير الواقف أكثر منة هذه المدة حيلة - وهي أن تجعل عقوداً منعددة مترادفة كل عقد سنة في غير الأراضي وثلاث سنين في الأراضي، ثم ينص على أنه استأجر دارا كذا عشر سنين مثلاً لكل سنة عقد. أو أرض كذا تسع سنين من غير أن يكون بعضهما شرطاً في بعض.
والغرض من هذه الحيلة أن يكون العقد الأول هو الازم لأنه منجز.
أما العقد الثاني وما بعده فهي عقود لأنها وقعت قبل حلول موعدها بسنة أو ثلاث سنين، وقد عرفت أن العقد المضاف غير لازم فيصبح للناظر فسخه إذا رأى ما يضر بالوقف لأن الإجارة الطويلة منعت في الوقف خوفاً من ادعاء الملك فيه بوضع اليد فإذا كانت العقود متعددة وكان لكل عقد مدة خاصة كان الازم منها هو الأول والباقي غير لازم فلا خوف على الوقف حينئذ وقد يزيدون على هذا بان تجعل المدة الأولى باجرة مرتفعة ارتفاعاً كثيراً وباقيها بأجرة يسيرة حتى إذا فسخ المستأجر العقد لم يجحف بالوقف. ولكن الصحيح أن إجارة الوقف لا تصح من الناظر أكثر من المدة التي ذكرت سواء أكانت بعقد واحد أم بعقود متعددة وإذا فعلها الناظر أكثر من المدة التي ذكرت سواء أكانت بعقد واحد أم بعقود متعددة وإذا فعلها الناظر وقعت فاسدة وتفسخ في كل المدة لأن العقد إذا فسد في بعضه فسد في كله على الصحيح.
وقد عرفت أنه إذا اقتضت المصلحة الزيادة في مدة إجارة الوقف فإن للقاضي أن يزيد فيها بحسب تلك المصلحة ولا بد من بيان المدة أيضاً في الآدمية المرضعة ويقال لها الظئر على أنه لا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يشترط بيان ما يعمل في المنازل من أوجه الاستعمال إنما يشترط ذلك في إجارة الأرض فلا بد من بيان العمل الذي يريد ان يعمله فيها.
الأمر الثاني: من الأمور التي تعلم بها المنفعة بيان العمل كالصياغة والصبغ والخياطة ونحوها فلا بد أن يعين الثوب الذي يريد صبغه، ولون الصبغ وقدره إذا كان يختلف ثقلاً وخفة وردائه وجودة.
ومثل ذلك في البصياغة فلا بد من بيان الأسورة أو الخاتم وبيان الصناعة التي يريدها بحسب المتعارف في ذلك.
وبالجملة فإنه يجب أن يبين في العقد ما يرفع الجهالة حتى لا يوجد نزاع بين المتعاقدين ومن ذلك ما إذا استأجر دابة فإنه يشترط بيان الغرض الذي استؤجرت له من جمل لأمتة لأو ركوب وبيان المدة وابمكان. فإذا لم يبين ذلك كانت الإجارة فاسدة ويجب أجر المثل بحقيقة الانتفاع.
الأمر الثالث: الإشارة كنقل هذا القمح من مكان ذكا إلى مكان كذا لأنه إذا علم المنقول والمنقول إليه صارت المنفعة معلومة.
ومن شروط صحة الإجارة بيان محل المنفعة فلو كان لأحد داران فقال: أجرتك إحدى هاتين الدارين من غير تعيين للمحل الذي يعينه فإن الإجارة لا تصح.
واعلم أن العقد وإن المقصود منه إلا أن الراجح أنه ينبغي أن لا يضاف العقد إلى المنفعة فلا يقال أجرتك منلفع هذه الدار وهو يتضمن المنفعة لأنه لا معنى للاجرة إلا الانتفاع بالعين أما المنفعة فهي معدودة غير موجودة فالعقد عليها قبل وجودها عقد على معدوم.
نعم قد يقال إن إضافة المنفعة إلى الدار تاتي بهذا الغرض، ولكن الأرجح في العقود أن تكون بعيدة عن التأويل ثم إن المنفعة التي تصح إجارتها هي المنفعة التي لا يترتب عليها استهلاك نفس العين أو استهلاك شيء متولد منها فلا تصح استئجار النقود لأنه لا ينتفع بها إلا باستهلاكها كما لا يصح استئجار الشجرة للانتفاع بثمرتها أو البقر لشرب لأن اللبن والثمر أعيان ولا يمكن الانتفاع بها إلا باستهلاكها.
وأما شروط اللزوم فمنها أن يكون العقد صحيحاً فلا سيلزم العقد الفاسد وأن لا يكون بالشيء المستأجر عيب مرتباً للمستأجر وأن يكون سليماً عن حدوث عيب يخل بالانتفاع فإذا استأجر جملاً للحمل عليه مدة ثم حدث به فيه مرض يقلل الأنتفاع به فإن العقد لا يكون لازماً وللمستأجر فسخه.
ومنها أن لا يحدث عذر لأحد العاقدين فإذا حدث عذر شرعي فإن العقد لا يكون لازماً. ومنها عدم بلوغ الصبي المستأجر إذا أجره أبوه أو وصيّ أبيه أو جده أو القاضي أو أمين القاضي فإذا بلغ لا يكون العقد لازماً.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ومنها أن يكون المستأجر الشيء الذي استؤجر له فإذا لم يسلمه لم يلزم الأجر. فهذا شرط للزوم العقد وقد عرفت ما يلزم به الآخر قريباً.
وأما شروط النفاذ فمنها الملك والولاية فلا تنعقد إجارة الفضولي لعدم الملك والولاية ولكنها تنعقد موقوفة على أجازة المالك فإذا أجازها نفذت.
ومنها قيام المنفعة وبقاؤها فإذا أجر فضولي منزلاً يملكه شخص غيره مدة واستوفاها المسأجر وخرج من المنزل ثم علم المالك فأجاز الإجارة فإنها لاتنفذ طبعاً لأن المنفعة قد أنتهت إنما الإجارة تنفع إذا كانت المنفعة قائمة يمكن الحصول عليها.
المالكية - قالوا: يشنرط في العاقدين الشروط المتقدمة في البيع وهي قسمان شرط انعقاد وشرط صحة فأما شرط النعقاد فهو التميز فلا تنعقد الإجارة من صبي غير مميز (وغير المميز هو الذي لا يفهم مقاصد العقلاء من الكلام) كما تقدم
وأما شروط اللزوم فهو التكليف فالصبي المميز تنعقد إجارته ولكنها لا تلزم إلا بإذن وليه فإذا أجر نفسه أو شيئاً يملكه انعقدت موقوفة على إذن الوالي ومثله العبد وأما الرشد فإنه شرط للزوم العقد في بعض الصور.
فإذا كان المؤجر سفيهاً غير رشيد فلا بخلو إما أن يؤجر مفسه أو سلعته فإن أجر نفسه في إجارته تنعقد وتنفذ بدون إذن وليه إذا لم يكن مغبوناً أما إن كان مغبوناً فلا تلزم إلا بإجازة الولب أما إذا أجر السفيه سلعته فإن إجارته لاتلزم إلا بإجازة الولي مطلقاً.
ويشترط في الجر أن يكون ظاهراً منتفعاً به مقدوراً على تسليمه معلوماً. وقد تقدم تفصيل ذلك موضحاً في البيع فارجع إليه إن شئت على أنه يشترط في الأجر في مسائل بحيث لو أخر دفعه فيها لم يصح العقد.
المسألة الأولى: أن يكون الأجر شيئاً معيناً كما استأجر أحد شخصاً
لخدمة سنة في نظير جمل معين يعطيه إياه فإنه يجب أن يسلمه الجمل عاجلاً بحيث لا يجوز له أن يؤخره أكثر من ثلاثة أيام فإن أخره فسد العقد لأن في ذلك غرراً فغن الجمل قابل لتغير فيصح أن تكون قيمة الآن عشرة وأن خدمة الرجل تساويها فإذا قبضه فقد أخذ قيمة أجره كاملة اما إذا تأخر فإنه قد يهزل أو يعرض له عارض آخر تنفض به قيمة وفي ذلك ضرر باعامل أو تعرض له زيادة وفي ذلك ضرر بصاحبه فدفعاً لهذا الضرر يجب تقدم الأجر.
ومثل ذلك كل سلعة معينة كهذا الثوب فإنها قابلة للنقص والزيادة وفي ذلك عذر النزاع فمتى كان الأجر معيناً فإنه يجب تعجيله حتى ولو كان العرف جارياً على التأجيل في مثله فإذا كان العرف جارياً على التأجيل فإنه يجب اشتراط العجيل وإلا فسد العقد.
المسألة الثانية أن يكون الأجر غير معين كمال استأجره على أن يعطيه جملاً ما لا جملاً معيناً أو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثوباً ما. مثاله أن يقول شخص لاخر: استأجرتك لخدمتي سنة وأعطيك جملاً أجرة لك في نظير خدمتي وهذه الحالة تشتمل ثلاث صور:
الصورة الأولى: أن يشترطا دفع الأجرة مقدماً وحكمها أنه يجب الدفع عملاً بالشرط وإلا فسدت.
الصورة الثانية: لم يشترطا التعجيل ولكن العادة بين الناس في مثل ذلك العجيل فيجب التعجيل عملاً بالعادة.
الصورة الثالثة: لم يقع شرط ولم تكن عادة وهذه تشمل صورتين:
الصورة الأولى: أن يكون عقد الإجارة على منفعة في الذمة لا على منفعة شيء معين كأن يقول له استأجرتك على أن تخيط لي هذا الثوب في ذمتك إن شئت فعلته بنفسك أو بغيرك فإنه في هذه الحالة استأجره على أن يؤدي له منفعة مضمونة في ذمته.
الصورة الثانية: أن يستأجر منفعة شيء كأن يستأجر شخصاً لخدمته أو داراً لسكناه ففي الصورة الأولى يجب تعجيل دفع الأجرة وإلا كان مقابلة دين بدين لأن العامل في هذه الحالة مدين بالمنفعة والمستأجر مدين بالأجر وهذا غير جائز، نعم إذا شرع العامل فغن تعجيل الأجر لا يجب لأن الذي يصنعه العامل يكون مقبوضاً إنما يجب أن يشرع بدون تأجير كأن يكون الليلة أو الغد وإلا فلا يصح فإذا لم يكن الأجر معيناً ولم يشترط تعجيله ولم يجر العرف بتعجيله ولم تكن المنافع المعقود عليها في الذمة فإنه لا يجب التعجيل.
وحكم هذه الحالة يختلف باختلاف حال عقد الإجارة وذلك لأنك قد عرفت أن العقد إما أن يكون على منفعة آدمي وهو ثلاثة أقسام أجير وصانع وخادم والفرق بين الأجير والصانع أن الأجير هو الذي يعمل بدون أن يكون شيء مما فيه في حيازته كالبناء فإنه يبني وينصرف وبترك عمله تحت يد المستأجر ومثله كل صانع يعمل فيما ليس في حياوته الذي يصلح الأبواب أو الشبابيك.
وأما الصانع فهو الذي يعمل فيما هو تحت كالخياط والحداد والصانع ثم الصانع إلى قسمين صانع فقط وصانع بائع فقط هو الذي لا يعمل شيئاً سوى الصنعة بدون زيادة عليها من عنده والصانع البائع هو الذي يزيد على الصنعة شيئاً فلإنه يزيد الصبغة.
وأما الخادم فهو الذي يستأجر لخدمة الغير.
وإما يكون الإجارة على منفعة دار أو عقار أو حيوان أو آنية فإن كان على منفعة آدمي صانع أو أجير فحكمه أنه ليس لهما المطالبة باخذ الأجر إلا بعد الفراغ من عملها ما لم يكن هناك عرف بيقضي بالتعجيل فإنهما يعاملان به فإذا عمل النجار جزءاً من عمله مثلاً وأراد أخذ أجرته وامتنع المستأجر فليس له جبره على الدفع إلا بعد تمام العمل إلا إذا كانت العادة تقديم الدفع فيعمل بها فإذا أراد أن ينفصل عن العمل ولا يتمه فإن له أن يحاسب على ذلك الجزء الذي عمله.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أما إذا كان العقد على منفعة دار أو عقار أو راحلة أو آدمي للخدمة أوآنية (كآنية الفراشين) فإنه يصح فيها الاتفاق على تقديم الأجرة وتأخيرها بشرط أن لا يتأخر الشروع في العمل أكثر من عشرة أيام وإلا فلا يصح تعجيل الدفع فإذا لم يحصل اتفاق تدفع الأجرة يوماً بيوم وبذلك تعرف أقسام الإجارة.
أما الركن الرابع وهو المنفعة فهي ما يقابل الذات فلا يمكن أن يشار إليها إشارة حسية استقلالاً وإنما يشار إليها كذلك تبعاً للذات المتعلقة بها على أن لاتكون متعلقة بجزء الذات وأن يكون الحصول عليها ممكناً مثال ذلك السكنى المتعلقة بالدار فإنها لا يمكن الإشارة إليها إشارة حسية استقلالاً بدون إضافة إلى الدار وهي متعلقة بكل الدار أما إذا تعلقت بجزء من عين لا يمكن قسمتها كمنفعة جزء شائع في دابة فإنها لا تكون منفعة معتتبرة كالصفات المعنوية القائمة بالحيوان والإنسان مثل الحياة والقدر فإنه لا يصح استئجاره من اجلها لأنها منافع خاصة به لا يمن أخذها منه.
وأما تاصيغة فيشترط فيها الشروط المتقدمة في البيع وقد ذكرت موضحة فارجع إليها إن شئت.
ويشترط شروط (أحدهما) أن تكون لها قيمة فلا تصح شيء له منفعتها تافهة لا قيمة لها كالإيقاد من النار ونحو ذلك مما سيأتي بيانه فيما يجوز إجازته وما لا يجوز. ثانيهما أن تكون المنفعة مقدوراً على تسليمها حساً أو شرعاً فمثال الأول إجازة أرض للزراعة ولم يصل إليها ماء أو كانت غير صالحة للزراعة فإن المنفعة فيها غير مقدور على تسلميها أما الأرض التي غمرها الماء فإنه يمكن أن ينكشف عنها ولو نادر فإنه يصح إجازتها من غير نقد فإذا انكشف عنها وإلا فلا أما الذي لا أمل في انكشاف الماء عنها فإن إجارتها ليتعدى على آخر بالضرب أو ليعصر الخمر فإن كل ذلك لا يجوز شرعاً. ثالثهما أن يمكن استيفاء المنفعة بدون استهلاك شيء من العين المستاجرة أو من عين أخرى متولدة قصداً.
مثال ذلك ان يستاجر بقرة ليشرب لبنها فإذا قال شخص لآخر استأجرت بقرتك مدة الشتاء بجنيهين لآخذ لبنها وقبل الآخر فإن العقد يفسد وكذا إذا قال له: اشتريت لبن البقرة مدة الشتاء بتكاليفها فغن هذا لا يصح، اما في الأجرة فلأن العقد تضمن استهلاك عين متولدة من العين المستاجرة وهي اللبن المتولد من البقرة فغن المنفعة لا تتحقق إلا باستهلاك اللبن، واما في الشراء فلأنه يلزم عليه شراء اللبن في الضرع وهو ممنوع على أن بيع اللبن في الضرع أواستأجار الحيوان المترتب عليه استهلاك اللبن
ليس بمننوع مطلقاً وإنما هو ممنوع إذا لم تتحقق فيه شروط الجواز وبيان ذلك أن شراء اللبن في الضرع إما ان يكون جزافاً من غير كيل وإنما أن يكون بكيل، فمثال الأول أن يقول سخص لآخر يملك أغناماً كثيرة: إنني اشتري منك لبن عشرة أغنام او خمسة مدة شهر بكذا.
ومثال الثاني: أن يقول له: إنني أشتري منك بمائة رطل من اللبن آخذ منها خمسة أرطال.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ويشترط لجواز الأول تسعة شروط:
أن تكون الغنم المشترى لبنها متععدة وأن تكون مملوكة للبائع. وان تكون متساوية في اللبن. وان يكون الشراء في زمن الحلاب المعتاد (كزمن البرسيم) لنه يختلف في غيره كثرة وقلة. وأن يكون المشترك عاؤفاً للقدر الذي تحلبه من اللبن وان يكون الشراء مقدراً بمدة لا ينقص اللبن قبلها. وأن يشرع في أخذ اللبن وان بدفع الثمن معجلاً (مقدماً) فإذا تححقت هذه الشروط فإنه يصح بيع اللبن جزافاً.
أما إذا كان الشراء بالكيل فيشترط له خمسة شروط:
الأول: أن يكون الشراء في زمن الحلاب.
الثاني: أن يكون في مدة لا ينقص اللبن قبلها فإذا كان مدة الحلاب أربعة أشهر فلا يصح أن يشتري خمسة أشهر لأنه ينقص اللبن في الشهر الخامس.
الثالث: أن يشرع المشتري في الأخذ منة يوم العقد أو بعده بأيام.
الرابع: أن يسلم لرب الشياه دون غسيره (أي يتعاقد عقد سلم) فلا يصح أن يتعاقد مع غير المالك.
الخامس: أن يعجل دفع الثمن لأنه عقد سلم كما عرفت لأن العين للمشتراة المعجلة فلا يصح تاجيل الثمن وإى كان مقابلة دين بدين.
الشافعية - قالوا: لكل ركن من أركان الإجارة شروط فاما الركن الأول فيشترط له الشروط المتفقدمة في البيع
ومنها أن تكون مشتملة على الإيجاب والقبول لفظاً وأن لا يفصل بينهما فاصل طويل عرفاً الخ ما تقدم على ان البيع يشترط فيه عدم التأقيت وقت بخلاف الإجارة فإنه بخلاف الإجارة فإنها على العكس منه فيشترط فيها التأقيت.
وتنقسم صيغة الإجارة إلى قسمين صريحة، وكناية.
فالصيغة الصريحة هي ما دلت على معنى الإجارة فلا تحتمل غيره. والكناية ما احتملت الإجارة وغيرها.
ومثال الأول: ان يقول المالك: أجرتك هذه الدار سنة بكذا فيقول المستأجر فوراً: قبلت.
وكذا إذا قال له: أكريتك هذه الدار أو منفعتها أو ملكتك شهراً بكذا فكل هذه صيغ صريحة تنعقد بها الإجارة سواء أضيفت إلى العين أو إلى المنفعة.
وبعضهم يقول: إن لفظ الإجارة وضع مضافاً للعين فلا يصح إضافته إلى المنفعة فإذا قال أجرتك منفعة هذه الدار بطل العقد وهذا ليس هذا بصحيح لأن لفظ الإجارة يقتضي ملك المنفعة فإضافتها للمنفعة تاكيد لا ضرر منه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ومثال الثانية: أن يقول له: جعلت لك منعفة هذه الدار سنة بكذا أو اسكن داري شهراً بكذا فإن ذلك كناية لأنه يحتمل أن يكون جعل المنفعة على طريق إجارة وغيرها.
وإذا وقع العاقدين على عقد مكتوب كالمتعارف في زماننا فإنه يصح ويقوم التوقيع على المكتوب مقام التلفظ بالصيغة ويكون من باب الكناية.
ومثل ذلك كل عقد مكتوب فالمتابة تقوم مقام الصيغى الفظية على انها من باب الكناية ولا تنعقد في الإجارة بلفظ البيع فإذا قال له:
بعتك داري سنة بكذا لا ينعقد مطلقاً لا إجارة ولا بيعاً وذلك لأن لفظ البيع يقتضي التأبيد ولفظ (سنة) يقتضي التأقيت فيتناقض أول لفظ مع آخرهفلا يكون صريحاً ولا كناية وكذلك لا ينعقد البيع بلفظ الإجارة.
ثم إن الإجارة تنقسم إلى قسمين: إجارة عين، وإجارة ذمة.
وإجارة العين هي عبارة عن العقد الوارد على منفعة ةتعلقة بشيء معين نعلوم للمستأجر كالمبيع الحاضر المعلوم للمشتري في البيع وذلك كأن يستأجر شخص عقاراً معيناً كأرض زراعية معينة لينتفع بزرعها مدة مخصوصة باجرة معينة أو يستأجر كذلك لينتفع بسكناها او شخص معين ليخدمه سنة.
وأما إجارة الذمة فهي عبارة عن العقد علة منفعة متعلقة بشيء غير معين بل موصوف بالذمة، أو بعبارة أخرى هي كما كانت المنفعة ديناً في الذمة كما في السلم.
وذلك كأن يقول شخص لآخر آجرتك جملاً صفته كذا ليحملك إلى بلد كذا فإن المنفعة في هذا بحمل غير معين بل موصوف في ذمة المؤجر فالمراد بالعين (في قولهم إجارة عين) ما قابل الذمة لا ما قابل المنفعة لأن عقد الإجارة وارد على المنفعة أي على أي حال، لكن تارة تكون المنفعة متعلقة بشيء نعين، كمنفعة العين الوراعية النعلومة، وتارة لا تكون كمنفعة الجمل الموصوف كما بيناه.
وإذا قد عرفت ذلك فعلم انه يشترط في إجاة الذمة أن تكون بصيغة خاصة، فلا تنعقد بغيرها وهي الزمت ذمتك أو أسلمت إليك كذا، فإذا أراد شخص أن يستأجر جملاً غير معين من آخر، فلا بد أن يقول له ألزمت ذمتك كذا من القروش في جمل صفته كذا يحمل لي متاعي إلى جهة كذا أو يقول له: أسلمت إليك كذا من القروش مثل ذلك.
كل عقد يراد به منفعة متعلقة بشيء غير معين كما إذا قال له ألزمت ذمتك بكذا منة الرقوش لخياطة هذا الثوب أو في بناء هذا الحائظ لأن يكون معنى ذلك أن الذي يتعلق به المنفعة غير معين سواء كان هو المخاطب أو غيره ومن هذا يعلم أن إجارة العين لا يجوز معها للأجير أن يأذن لغيره بالعمل، فلو قال له: استأجرتك لبناء هذا الحائط فلم يبنه بنفسه وإذن لغيره بالبناء فيه، فإن ذلك لا يصح. ثم إن العامل الثاني إذا كان يعلم أن التعاقد على أن الذي يباشر العمل هو الأول لا تكون له أجرة على عمله مطلقاً، وإذا كان لا يعلم الحقيقة كانت له أجرة المثل على من أذنه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ويشترط في إجارة الذمة تسليم الأجرة في المجلس كرأس مال السلم، فلا يجوز فيها التاجيل وإلا كان مقالبلة دين بدين، لأن المنفعة في الذمة والأجرة دين في الذمة، وذلك غير جائز وكما لا يجوز تأجيلها لا يجوز الحوالة بها ولا عليها ولا استبدالها ولا البراءة منها فإذا وقع شيء من ذلك بطل العقد عند شرط التأجيل فإذا اشترطا وتفرقا من المجلس قبل القبض فإنه يبطل أيضاً، أما إذا لم يتفرقا قبل العقد فإنه يصح.
وأما إجارة العين فإن كانت الأجرة فيها معينة كاستأجرتك لتخمني سنة بهذا الجمل فإنه لا يصح تأجيلها أيضاً.
أما إذا كانت ديناً في الذمة كاستأجرتك لتخمني سنة بمجمل صفته كذا، فإنه يجوز تأجيلها وتعجيلها. وإذا استأجر شخص من آخر شيئاً معيناً، ولم يشترط أو التأجيل، كما إذا قال له استأجرت منك هذا الجمل بكذا ولم يشترط شيئاً فإن الأجرة في هذه الحالة تكون معجلة.
وأما الركن الثاني وهو العاقد سواء كان مؤجراً أو مستأجراً فيشترط له الشروط التي تقدمت في البيع من كونه مطلقاً ولا مجنون ولا محجور عليه لسفه. كما لا يصح من المكروه بغير حق إلى آخر ما تقدم في البيع الإسلام في بعض الأمور فلا يصح كافر أن يشتري مصحفاً أو رقيقاً مسلماً. وهنا يصح للكافر أن يستأجر مسلماً لخدمته وإن كان يكره.
وكذلك لا يشترط إطلاق التصرف في الإجازة في جميع الصور. فإن السفيه يصح أن يؤجر نفسه في الأمور كلها التي لا يكسب بها عادة ككونه أجيراً في الحج بخلاف المهن التي يكتسب بها كالحدادة والنجارة، فإنه لا يصح أن يؤجر نفسه فيها.
وأما الركن الثالث: وهو المعقود عليه فإنه يشمل أمرين: الأجرة والمنفعة، كما تقدم قريباً.
فأما الأجرة فإنها تارة تكون غير معين، وتارة تكون حاضرة معينة. فيشترط في غير المعينة ما يشترط في الثمن من الشروط المتقدمة في مباحث البيع فلا بد أن تكون معلومة قدراً وجنساً ونوعاً وصفة.
مثال ذلك أن يقول: آجرتك هذه الدار بعشرة جنيهات مصؤية صحيحة. فذكر العشرة بيان للقدر والجنيهات بيان لجنس إذا يحتمل أن تكون عشرة قروش أو عشرة ريالات أو جنيه فلما ذكرت الجنيهات تبين جنس العشرة. ومصرية بيان للنوع لأن الجنيه أنواع متععدة كالإنكيزي والمصري وغيرهما وصحيحة بيان لصفة النقد إذ يحتمل دفعها أنصافاً من الجنيهات وقد لا تكون رائجة كالصحيح.
ومثل ذلك ما إذا استأجر حيواناً يشترط أن يبين جنسه من خيل أو إيل ونوعه كبختي أو روسي جمل أو هجين أو نحو ذلك وذكورته وأنوثته وصفته سيره كأن يذكر سريعة السير واسعة الخطا أو بطيئة السير ونحو ذلك.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وأما إذا كانت الأجرة معينة فإنه يشترط فيها رؤيتها فإذا قال له: أجرتك له: أجرتك هذه الدار بهذا الجمل فإنه يشترط رؤية الجمل.
والغرض من ذلك رفع اللبس والإبهام حتى لا يقع نزاع بين المتعاقدين ولهذا اشترطوا فيمن استأجر دابة أو راحلة ليركبها بيان قدر السير الذي في الليل والنهار إلا إذا كان للناس في مثل ذلك عرف متبع فإنه يعمل به إلا إذا اشترط أحدهما ما يخالف العرف فإنه يعمل بالشرط. ولا فرق في ذلك بين أن تكون معينة أو غير معينة.
وكذلك يشترطا بيان الشيء الذي يريد أن يحمله على الراحلة أو على الدابة إن كان غائباً ورؤيته أو جسه باليد إن كان حاضراً. وبيان جنسه إن كان مكيلاً.
ومن أجل ذلك قالوا: لاتصح من الجهالة دابة بعلفها ولا إجارة دار مدة معينة بالإنفاق لما في ذلك على عمارتها لما في ذلك من الجهالة. فينبغي في مثل ذلك أن تقدر العمالة أو قيمة الإنفاق على الدابة ويجعل المبلغ أجرة. ثم يأذن المالك لمستأجر في إنفاق هذا المبلغ في علف الدابة بشرط أن يكون هذا الإذن خارج العقد وهذه حيلة يصح العمل بها.
وكذلك قالوا: تأجير العامل بما يحصل من عمله. فلا يصح تأجير الجزار بجلد الشاة التي يسلخها لأن حال الجلد قبل السلخ مجهول. فيجوز أن يكون رقيقاً أو ثخيناً أو به عيب ينقص قيمته. وكذلك لا يصح تأجير الطحان ببعض ما يطحنه من الحبوب كربع أو قدح من الدقيق الناتج من لعد التحليل مجهول بالنسبة لما به من النخالة فيجوز أن تكون النخالة كثيرة ويجوز أن تكون يسيرة والباقي بعد التحليل مجهول أيضاً فإن الأجرة المعينة كالدقيق المأخوذ من هذا القمح يشترط فيه القدرة على التسليم حال العقد. وهنا ليس كذلك لأن القمح لا يمكن تسليمه دقيقاً قبل طحنه. هذا ينافي شرط القدرة على تسليمه. ومثله جلد الشاة فإنه مقدور على تسلينه. وقد يرد على هذا أنهم لأجازوا للشخص أن يستأجر من يحج عنه بالنفقة وهي مجهولة.
والجواب أن أمر الحج ليس من باب الإجارة وإنما هو من باب الجعالة فهو قد جعل له الانفاق عليه مقابل الحج عنه.
وأما المنفعة: فيشترط فيها شروط:
منها: أن تكون لها قيمة فلا تصح الإجارة على منفعة كأن يستأجر أشجاراً ليجفف الثياب أو آنية ليزن بها الدكان أو نحو ذلك كما تقدم.
ومن ذلك ما إذا استأجر شخصاً لنادي له بكلمة تروح سلعته كالدلال إلا إذا تكلم كثيراً وعمل أعمالاً يستحق عليها الأجرة كالانتقال من مكان إلى مكان وعروض السلعة في كل مكان وتكرار النداء على بيعها ونحو ذلك.
أما مجرد كلمة أو كلمتين فإنه لا يستحق عليها أجراً واو كانت الكلمة سبباً في بيع السلع. فما
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يأخذه الشخص الذي يستحق عليه الأجر، وإنما يحل له الأجر بنسبة تعبه، وكثره تردده وكلامه، ومع ذلك فلا يستحق عليها إلا أجر المثل والمتعارف بين الناس.
ومنها أن لا تكون عيناً مقصودة بعقد الإجارة كما استأجر بقرة من أجل لبنها فغن العقد يتضمن أن المقصود إنما هو استفياء اللبن واللبن عين لا تملك بعقد الإجارة قصداً لأن الأعيان لا تملك بالإجارة إلا تبعاً.
ومثل ما إذا استأجرت بستاناً من أجل ثمره أو بركة ماء من أجل سمكها ونحو ذلك من كل ما تكون فيه المنفعة عيناً مقصودة من العقد بخلاف ما إذا كانت المنفعة عيناً تابعة كما إذا استأجر امرأة لإرضاع الخياط لأنهما لا يقصدان لذاتهما.
ومها: أن يكون العمل المتعلقة مقدوراً على تسليمه حساً وشرعاً فلا يصح استئجار الحائض على كنس المسجد ولا استئجار زوجة الغير بدون إذن زوجها.
ومنها: أن لا يكون العمل المتعلقة به المنفعة واجباً على الأجير فلا يصح الاستئجار على الصلاة ونحوها من كل العبادات التي لا نيابة فيها أما ما يرصده الواقفون على الأئمة والأذان ونحو ذلك فيؤخذ لا على أنه أجرة وإنما هو جعل أو يؤخذ الأجرة عن الحج عن الغير وغسل الميت وحفر القبر ودفن الموتى وحمل الموتى.
ومنها: أن يكون العمل والمنفعة معلومين فالخياط يعرف في الثوب والمعلم يعرف عمله بالزمن كما سيأتي. وحمل الدواب يعرف بمقدار المحمول وهكذا. وسيأتي تكملة هذا في مبحث ما يجوز اسئجاره.
ومن هذا تعلم أقسام الإجارة اثنان وإجارة ذمة.
الحنابلة - قالوا: يشترط لصحة الإجارة ثلاثة شروط:
الأول: معرفة الأجرة لقوله عليه الصلاة السلام: "من استاجر أجيراً فليعلمه أجره" فلا تصح الإجارة إذا لم تبين الثمن المؤجل فما صح أن يكون ثمناً في الذمة صح أن يكون أجرة كذلك ويصح إجارة بجنس ما يخرج منها. كما أجر أرضاً لشخص يزرعها قمحاً بأردبين قمح. ولكن يشترط أن لا يكون في العقد أجرتها بأردبين مما يخرج مما يخرج منها فإن قال ذلك فإنه لا يصح. ويصح إجازة العامل والمرضعة يطعامهما وكستوهما وعند التنازع في صفة الطعام والكسوة يكون لهما الحق في طعام وكسوة مثل طعام الزوجة وكسوتها. وسيأتي (في مبحث ما تجوز إجازته) تكلمه لذلك.
وإذا أعطى شخص ثوباً لخياط ليخطه أو لصباغ أو نحوهما ولم يعقد إجارة فإنه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يصح ويكون لهما أجر المثل بشرط أن يكون الصابع مختصاً بالعمل أما إذا لم يكن كذلك فإنه يستحق أجر المثل إلا بشرط أو تعريض.
ومثل ذلك ما إذا حمل شخص لآخر متاعاً إلى مكان بدون عقد فإن للحمال (الشيال) أجر المثل
(ومثل ذلك ما جرت العادة باستعماله بدون عقد كدخول الحمام وركوب السفن (المعديه) وحلق الرأس وغسل الثياب وشرب الماء والقهوة وغير ذلك من أنواع المباحات فإنه يصح وفيه أجر المثل.
الشرط الثاني: معرفة المنفعة المعقود عليها فهي كالبيع ينبغي العلم بالمبيع وتعرف المنفعة بأمرين:
الأول: العرف (وهو ما يتعارفه الناس بينهم) فمتى كان الناس عرف فإنه يكتفى به عن تعيين عين المنفعة وصفتها في ذلك كسكنى الدار فإنها معروفه لا تحتاج إلى بيان. نعم لا يجوز للساكن أن يعمل فيها ما يضرها فإذا استأجر داراً للسكنى فلا يصح أن يعملها مصنعاً للحدادة أوللنجارة أو مخزناً للحبوب أو نحو ذلك مما يضر الدار والعرف لا يعتبر هذه الأشياء سكنى.
الأمر الثاني: الوصف فتعرف المنفعة بالوصف كما إذا استأجر حمالاً ليحمل له قطعة حديد فإنه ينبغي له أن يبين زيتها ويبين المكان الذي يريد أن يحملها إليه لأن المنفعة لا يمكن معرفتها إلآ بهذا الببيان وإذا استأجر شخص آخر على أن يحمل متاعاً إلى آخر فذهب فوجد المحمول إليه غائباً فرده ثانياً فإن له أجر حمله ذهاباً وإياباً أما إذا وجد ميتاً فليس له أجر حمله ذهاباً فقط؛ وذلك لأن الموت قهري لا يمكن معه احتياط بخلاف غيره فإنه يمن فيه الاحتياط فعلبيها تحديد الزمان والمكان والوقت قبل أن بذهب الحمال.
ويجوز أن ستأجر الأجنبي الأمة أو الحرة لخدمته ولكن عليه أن يصرف وجهه عن الحرة فلا بنظر إلى شيء منها.
أما الأمة فإنه يصح له أن ينظر ما عدا عورة الصلاة المتقدمة وعليه أن لا يخلو في بيت مع الأمة أو الحرة لأن الخلوة من داعي الفساد.
وتصح إجارة المنفعة بالمنفعة سواء اتحد جنسها كسكنى دار بسكنى دار أخرى أم اختلفت كسكنى الدار في نظير صيغته أو تزويجه لأن كل ما جاز أن يكون ثمناً في البيع جاز أن يكون في الإجارة.
الشرط الثالث: أن تكون المنفعة مباحة لغير ضرورة وأن تكون مقصودة فلا تصح الإجارة على ضرب شخص أو فعل محرم كالنباحة كما لا تصح إجارة الدار لتكون محلاً للباعات أو لبيع الخمر أو للقمار أو نحو ذلك مما لا يحل.
وكذا لا يحل استئجار أواني الذهب والفضة أو الكلب لأنه لا يباح للضرورة وكذلك لا يحل اسئجار الأشياء التي منفعتها ليست مقصوردة كالأشياء التي يزين بها حانوته أو مائدته.