الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحكام تتعلق بالكفالة
-تتعلق بالكفالة أحكام مفصلة في المذاهب (1) .
ويشترط لصحة ضمان العين أن تكون مضمونة على من هي في يده كالعين المغصوبة والمستعارة.
ومعنى ضمان هذه العيان ضمان ردها أو قيمتها عند تلفها أما العيان غير المضمونة فإن المضمونة فإنه لا يصح ضمانها كالوديعة والعين المؤجرة ومال الشركة والمضاربة والعين المدفوعة إلى الخياط والصباغ ونحو ذلك. نعم يصح التعدي عليها كما تقدم في التعريف مفصلاً.
ومنها ما يتعلق بالصيغة ويشترط فيها أن تكون بلفظ يفهم منه الضمان عرفاً كقوله: أنا ضمين وكيل وحميل وصبير وزعيم ونحو ذلك ويصح الضمان بلفظ معلق ومنجز كقوله: إن اعطيت فلاناً كذا فأنا ضامنه كقوله: وأنا ضامن لفلان كذلك يصح أن يكون بلفظ مؤقت كأن يقول: إذا جاء رأس فأنا الشهر فأنا ضامن لفلان.
ويصح أن يضمن شخص ديناً حالاً إلى أجل معلوم فإذا كان لزيد عمرو ودين حل موعد دفعه فضمنه خالد على أن يدفعه بعد سنة فإنه يصح ويثبت الأجل في حق الضامن بحيث لو مات المضمون لا يحل موعد دفعه) .
(1)
(المالكية - قالوا: تتعلق باكفالة أحكام كثيرة منها: أنه يصح الضمان بدون إذن من عليه الدين وهو المضمون عنه فإذا كان لشخص دين ىخر فضمن الدين بدون إذن المدين صح الضمان ولزم: وبعضهم يقول: لا يصح بدون إذن الموديون وإلا فلا يلزمه الدفع. وكذا يصح لشخص أو يؤدي دين آخر بدون إذنه ويجبر صاحب الدين على قبوله بشرط الغرض من ذلك الشفقة والرفق بالمدين.
أما إذا كان الغرض سداد دينه ليشهر بمطالبته عند الرجوع عليه أو يؤذيه بمداينته إياه لعداوة بينهما فإنه لا يصح وليس لمن يدد غيره بقصد الإضرار به بمطالبة عليه مطلقاً.
ومثل ذلك ما إذا اشترى ما إذا اشترى شخص دين آخر ليغطيه بالمطالبة ويشهر به لعداوة بينهما فإن ذلك الشراء لم يصح وعلى رب الدين أن يرد الثمن الذي باع به الدين للمشتري فإن ضاع منه فإن كان من الأشياء المثلية فعليه للذي اشترى منه الدين أن يطالب المدين بل الذي يتولى مطالبتة الحاكم ليأخذ منه المبلغ ويدفعه للمشتري ولكن لا يجب على البائع أن يرد ثمن الدين الذي قبضه إلا إذا علم أن غرض المشتري هو الإضرار بالمدين والتشهير به.
أما إذا لم يعلم بذلك فإن البيع ينفذ ولا يجب عليه رد الثمن. وفي هذه لا يكون للمشتري
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الحق في أن يتولى مطالبة المدين بل يبيع الدين لغيره وبعضهم يقول: يفسخ الدين مطلقاً علم أو لم يعلم والأول أظهر.
(ومنها) أنه إذا ادعى شخص أن ديناً له ديناً على غائب فقال آخر: أنا ضامن لذلك الدين ثم حضر الغائب وأنكر الدين ولم يثبت ونحوها فإن الضمان يسقط. فإذا أقر الغائب بادين وكان موسراُ فإن الضمن يلزم الضمان بلزم. أما إذا كان معسراً فإن الضمان لاحتمال أنه قد تواطأ مع المدعي على أكل مال الضامن.
ومنها: أنه يلزم من براءة المضمون براءة الضامن من براءة الضامن براءة المديون. مثلاً إذا ضمن شخص ديناً في ذمة آخر فتنازل صاحب الدين عن دينه كأن وهبه المديونأو أبرأه أو احاله على دين ثابت لازم فغن ذمة الضامن تبرأ. ومثل ذلك ما إذا مات المديون عن مال وصاحب الدين وراثه فإن ذمته يبرأ الضامن تبعاً بخلاف ما إذا مات المديون مفلساً فإن ذمة الضامن لا تبرأ بموته. فهذه براءة الضامن المضمون.
أما إذا برئ الضامن فغن الضامن المضمون قد لا يبرأ فالأول كما إذا دفع الضامن الدين فإن ذمة كل منهما تبرأ من الدين فلا يكون لصاحبه حق قبلها. والثاني كما غذا وهب صاحب الدين للضامن فغن ذمة الضامن تبرأ ولا تبرأ المضمون بل يكون لصاحب الدين ولا تتم الهبة للضامن إلا إذا قبض الدين قبل أن يحصل لصاحب الدين مانع يمنه من الهبة.
وكذا إذا كان الضمان مؤقتاً بمدة كأن يقول الضامن ضمان دين فلان علي في مدة شهرين مثلاً بحيث إذا مات أو أفلس فيهما كنت ملزماً بدينه. فذمة الضامن تبرأ بعد انقضاء الشهرين وتبرأ ذمة المديون الأصلي.
ومن ذلك تعلم أنه يجوز الضمان مؤقتاً بمدة معينة.
ومنها أنه لا يجوز لصاحب الدين أن يطالب الضامن إلا في أربعة أحوال:
الحالة الأولى: أن يكون المضمون الأصلي مفلساً.
الحالة الثانية: أن يكون موسراً ولكنه مماطل معروف باللدد في الخصومة والشدة فيها.
الحالة الثالثة: أن يكون المديون الصلي غائباً وليس له مال يمكن سداد الدين منه. أما إذا كان له مال يستطيع صاحب الدين أن ياخذ منه دينه بدون صعوبة ولا مشقة فليس له في هذه الحالة مطالبة الضامن.
وحاصل ذلك أن المضمون غذا كان موسراً حاضراً فليس لصاحب الدين مطالبة الضامن وإذا كان غاباً ولكن له مال يمكن اخذ الدين منه بسهولة فطذلك ليس لصاحب الدين مطالبة الضامن.
الحالة الرابعة: أنة يشترط صاحب الدين أن يأخذ دينه من أيهما جاء فإن له في هذه الحالة أن يطالب الضامن. ومثل ذلك أن يشترط مطالبة الضامن في حالة معينة كعسر المضمون أو موته أو نحو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ذلك هو الراجح، وبعضهم يقول إن صاحب الدين مخير بين أن يطالب الضامن أو يطالب المضمون على أي حال.
ومنها الدين المؤجل يصح في ثلاثة أحوال.
الحالة الأولى: موت الضامن إذا ترك مالاً يكفي لسداد الدين أو بعضه فإذا ترك كل الدين لصاحب الدين الخيار في أن ياخذ دينه من ترك الضامن أو أن يتبع المضمون الصلي فإذا أخذ دينه من تركه الضامن فليس لورثته مطالبة المضمون إلا بعد حلول أجل الدين ولو كان المضمون حاضراً موسراً لأن الدين في هذه الحالة يعجل بالنسبة للضامن
فقط موسراً فإذا مات الضامن معسراً فلا حق لصاحب الدين في المطالبة إلا عند حلول الأجل وإذا ترك بعض الدين كان له الحق في أخذه ويصبر بالبعض الآخر الأجل.
الحالة الثانية: أن بفلس الضامنى وفي هذه الحالة يكون صاحب الدين مخيراً بين أن أن يدخل مع الدائنين في تصفية مال الضامن ويأخذ الحصة التي يستحقها معهم، وليس للضامن أن يطالب بها إلا بعد أن يحل الأجل.
الحالة الثالثة: أن يموت المديون موسراً وفي هذه الحالة لصاحب الدين أن ياخذ من تركة الميت ولو لم يحل أجل الدين. أما غذا مات معسراً فليس لصاحب الدين الدين أن يطالب الضامن إلا بعد بعد حلول الجل، لنه لا يلزم من حلول الدين على الصيل حلوله على الضامن.
ومنها أن الضامن إذا دفع الدين يرجع به على المضمون بعد أن يثبت أنه دفعه بينه أو إقرار من صاحب الدين بانه استلم دينه
أو نحو ذلك، فإذا لم يثبت ذلك فليس له الحق في الرجوع على المضمون.
ثم إن كان الدين من الأشياء التي تقوم كالثياب، فإن كان الضامن قد دفع الدين ثياباً من جنس الثياب التي أخذها المدين، فإنه يستحق أن يأخذ من المدين ثياباً مثلها.
أما إذا كان قد دفع قيمة الثياب، فإنه يلزم بالقيمة إن كانت القيمة أقل من الياب، فغن كانت أكثر فإن الذي يلزم المضمون بدفعه هو الثياب لا القيمة هذا إذا كان الضامن قد دفع الثياب من عنده أما إذا كان قد اشتراها من الغير بثمن فإن المثل بدون محاباة فإن المديون يلزم به بدون خلاف.
أما إذا كان قد اشتراها بغبن ومحاباة فليس على المديون إلا ثمن فقط، فإذا اشترى ثياباً بعشرة وهي تساوي خمسة كان على المديون خمسة.
الحنفية - قالوا: يتعلق بالكفالة أحكام كثيرة، منها أن الكفالة بدون أمر المديون فإذا كفل شخص آخر بدون أمره كان متبرعاً فليس له أن يرجع بما أراده من الدين ومثل ذلك ما إذا كفله بامره أجنبي فإذا قال زيد لعمرو أضمن خالداً في الدين الذي عليه لبكر، ففعل، فإنه يكون متبرعاً وليس الرجوع لا على المديون ولا على زيد الأجنبي.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أما إذا كفل المديون بامره فإنه يرجع عليه بشرطين:
الشرط الأول: أن ينص على أن الحق الذي يضمنه فيه يكون ملزماً به كأن يقول له: اضمن لفلان مائة جنيه على أن ما تضمنه يكون علىّ سداده: فهذه الصيغة تجعل للضامن الحق في الرجوع على المديون بلا خوف، وفي حكم ذلك ما إذا قال له اضمن لفلان مائة جنيه أو عني لأن التصريح بكلمة (على أو عني) معناه الالتزام بالدين يدفعه عنه.
وبعضهم يقول: إن هذه الصيغة مختلف فيها، ولكن التحقيق أنه لا خلاف في أن للضامن حق الرجوع فيها.
أما الصيغة التي فيها الخلاف فهي أن يقول له: اضمن لفلان مائة جنيه، ولم يصرح بكامة (عني) ولا (علي) ولم ينص على انه يكون ملزماً فبعضهم يقول: إن له حق الرجوع مطلقاً وبعضهم يقول ليس له حق الرجوع إلا غذا كان الضامن الذي قال له ذلك خليطة كأن يكون والداً أو زوجة أو أجيراً أو شريكاً شركة عنان أو نحو ذلك.
الشرط الثاني: أن لا يكون الآمر محجوراً عليه أو رقيقاً فإن أمره صبي يضمنه فليس له حق الرجوع في ماله، كما تقدم في مبحث الشروط. أما إذا كان رقيقاًفإنه لا يرجع إذا أعتق.
ومنها: انه إذا دفع الضامن الدين فإن ذمة المديون الأصلي تبرأ، ولا يكون لصاحب الدين حق عنده بل ينتقل الحق للكفيل الذي دفع، ويبرأ الأصيل. وذلك فيما إذا كان للضامن دين عند آخر؛ ثم أحال الضامن صاحب الدين على مديونه، وشرط براءة نفسه فقط، فإن ذمة الضامن تبرأ في هذه الحالة، ولصاحب الدين أن يطالب الأصيل أو المحال، بشرط أن يكون المحال عليه مفلساً أو منكراً للدين ولا بينة عليه.
أما إذا كان المحال عليه مقراً بالدين وكان ذا مال فإن ذمة الأصيل تبرأ أيضاً، ويكون المطالب هو المحال عليه فقط.
وكذا إذا دفع الأصيل الدين فإن الكفيل يبرأ ببراءة ذمة الأصيل. ومثل ما إذا أبرأ صاحب الدين المديون أو مد له في أجل الدين فإن الكفيل يتبعه في ذلك إلا إذا كفله بشرط أن يبرئه، فلو قال الضامن لصاحب الدين أضمن لك دينك بشرط أن تبرئ المديون منه وفعل فإن ذمة المديون تبرأ وتبقى ذمة الضامن مشغولة بالدين وحده لأنها في هذه الحالة تكون حوالة لا كفالة. وإذا مات صاحب الدين وكان المديون وراثه ذمة الضامن تبرأ.
وإذا أبرأ صاحب الدين المديون فلم يقبل منه هذه المنة فإن ذمة المديون لا تبرأ لأنه يشترط قبوله إبراء صاحب الدين، وهل ذمة الكفيل ولا يعود الدين عليه؟ خلاف. أما إذا أبرأ صاحب الدين الضامن فإنه يصح ولو لم يقبل الضامن لأنه ليس مديناً وإنما مطالب ولا يشترط في سقوط المطالبة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
القبول، كما تقدم في تعريف الكفالة، ولا يلزم من إبراء الضامن المديون الأصلي، ولمن ليس للكفيل أن يرجع عليه بالمال الذي كفله به بعد ذلك لصاحب الدين مطالبة المديون الأصلي.
أما إذا تصدق صاحب الدين على الكفيل بالدين فإن للكفيل أن يرجع على المجديون ومثل ذلك إذا وهبه الدين كما تقدم.
ومنها: أن صاحب الدين إذا أجل دينه للكفيل فلا يلزم منه تأجيل للأصيل فإذا حل أجل الدين فمد صاحبه الأجل للضامن شهراً مثلاً فليس له الحق في مطالبته ولكن له الحق في مطالبة المديون الأصلي لأنه إنما أجل مطالبة الكفيل لا مطالبة المديون.
ومنها: أن الضامن بالمال إذا ضمن بألف ثم صاحب الدين على خمسمائة فإنه يرجع بخمسمائة لا بالألف التي ضمنتها.
أما إذا ضمن عيناً جيدة، ثم دفع لصاحبها عيناً رديءة فلإنه يرجع على المضمون له بالعين الجيدة، وذلك لأن حكم الكفالة أن الكفيل يملك بأدائه، فهو محل صاحب الدين الجيد يملك المطالبة به متصفاً بالجودة، فكذلك الكفيل الذي حل محله. ولا يضره أنه دفع الدين رديئاً ورضي به صاحب الدين.
مثلاً إذا استدان شخص من آخر ثاباً من القماش الجيد وضمنه فيها آخر، ثم دفع الضامن لصاحبها ثياباً من القماش الردئ ورضي بها للضامن في أخذ القماش الجيد الذي ضمن فيه لأنه أصبح مالكاً للدين الجيد وتنازل صاحب الحق للضامن عن بعض حقه لا يلزم منه تنازله للمدين الأصلي، ألا ترى أنه يصح لصاحب الدين أن يهدد الكفيل فإذا وهب صاحب الدين دينه للكفيل فإن الكفيل يملكه ويطالب به المديون على أن يدفعه له بعينه.
أما إذا أمر شخص آخر بأن يدفع عنه السلعة الجيدة التي استدانها من فلان فدفع له سلعة رديئة ورضي بها صاحبها، فإنه لا يرجع على المديون الأصلي إلا بالسلعة الرديئة. وذلك لأن المأمور بسداد الدين لا يملك الدين بالأداء كما يملكه الضامن فلا يأخذ إلا ما دفعه.
ومنها: أنه ليس للضامن من الحق في مطالبة المديون الأصلي قبل أن يدفع عنه الدين الذي ضمنه فيه لأنه لا يملك إلا بعد أدائه كما تقدم.
ومثل ذلك ما إذا دفع الدين قبل وجوب دفعه على الأصيل، فإذا استأجر شخص منزلاً بأجرة يدفعها في نهاية الشهر شخص، ثم دفعها الضامن لا يرجع بها، وذلك لأن الأجرة في لا تجب على المستأجر بمجرد العقد ولا تملك بالعقد كما تقدم في الإجارة فالضامن دفع مالاً يملكه صاحب الدين أيضاً.
وإذا دفع المديون الأصلي الدين ولم يعلم الكفيل فدفعه الكفيل لصاحب الدين مرة ثانية فإنه لا يرجع على المديون الأصلي وإنما يرجع على صاحب الدين أخذ حقه مرتين.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وهذا بخلاف ما إذا حل الدين على المديون قبل أحد، ثم أتى بكفيل يضمنه إذا مد له صاحب الدين الأجل، فقيل فإن التأجيل يكون للأصيل والضامن معاً في هذه الحالة.
والفرق بين الحالتين ظاهر لأن الكفالة في الحلة الأولى كانت مقررة من قبل فكان لصاحب الدين الحق في مطالبة الضامن والكفيل ولا يلزم من مد المطالبة ككفيل تأجيل الدين للأصيل.
أما في الحالة الثانية فغن الكفالة لم تكن موجودة وليس لصاحب الدين حق يصح تأجيله إلا نفس الدين ومتى تأجل فقد تأجل بالنسبة للمديون وللضامن.
ومع ذلك فغن صاحب الدين إذا اشترط أن يكون التأجيل خاصاً بالضامن لا بالإصيل، فإنه يعمل بشرطه ويكون له الحق في مطالبة الأصيل بسداد دينه متى شاء. ومثل ذلك ما إذا قال الكفيل أجلني أنا فأضاف الأجل إلى نفسه خاصة.
ومنها: أن الدين المؤجل يحل بموت المديون أو بموت الضامن فغذا مات الضامن وأخذ صاحب الدين حقه من ورثته فليس له الحق في مطالبة المديون إلا عند حلول أجل الدين. وكذلك إذا مات المديون وحل دينه فليس لصاحب الدين مطالبة الضامن إلا عند حلول الأجل، وإذا مات الاثنان معاً كان صاحب الحق مخيراً بين أن يأخذ من تركه أيهما شاء.
ومنها: أنه إذا صالح الكفيل صاحب الدين على نفسه بأن كان دينه ألفاً فرضي بأن يأخذ خمسمائة ويترك الباقي فإن الصلح ينفذ بالنسبة للأصيل والوكيل في ثلاثة أحوال:
الحالة الأولى: أن يشترط الكفيل براءتهما معاً.
الحالة الثانية: أن يشترط براءة الأصيل ويسكت عن نفسه.
الحالة الثالثة: أن يسكت ولم يشترط شيئاً. أما إذا اشترط براءة نفسه فقط فإن ذلك يكون فسخاً للكفالة ويبقى الدين في ذمة الأصيل فيأخذ منه صاحب الدين الدين الخمسمائة الباقية له ويأخذ الكفيل الخمسمائة التي دفعها لصاحب الدين.
ومنها: أن المديون إذا دفع الدين ككفيل قبل أن يدفعه الكفيل لصاحب الدين فإن ذلك يحتمل ثلاثة أمور:
الأمر الأول: أن يدفعه تعجيلاً لقضاء الدين كأن يقول له خذ ما علىَّ من الدين الذي ضمنتي فيه قبل أن تؤديه وفي هذه الحالة يصبح ذلك الدين ملكاً للضامن فليس للمديون أن يسترده منه ثانياً، ولو لم يسلمه لصاحبه لأنك قد عفرت في تعريف الكفالة أن الكفالة تقتضي ديناً ومطالبة للضامن في ذمة المديون مؤجلين إلى أن يدفع الدين لصاحبه فإذا عجل المديون دفع الدين للضامن فقد ملكه ملكاً صحيحاً فإذا اتجر فيه وربح كان ربحه حلالاً طيباً وإذا هلك في يده كان ضامناً له ومسؤولاً عنه.
الأمر الثاني: أن يدفعه له وعلى وجه الرسالة كأن يقول له خذ دين فلان الذي ضمنتي فيه وادفعه له فإن الدين يكون أمانة في يده وللمديون أن يسترده منه قبل ثانياً قبل أن يدفعه لصاحبه على التحقيق وإذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
اتجر فيه وربح لا يحل أن يأكل ربحه بل عليه أن يتصدق به كالغاصب وإذا هلك الدين في يده بدون تفريط فإنه لا يضمنه ولا يكون مسؤولاً عنه لأنه أمين عليه.
الأمر الثالث: أن يدفعه له بدون أن يذكر أنه على وجه الرسالة أو على وجه تعجيل قضاء الدين وفي هذه الحالة يحمل على وجه القضاء. وعلى أي حال فإذا دفع المديون لصاحبه بعد أن اعطاه للضامن فإنه على الضامن بما أعطاه.
ومنها: أن الكفالة في الضرائب ونحوها جائزة سواء كانت عادلة أو ظالمة فيجوز للشخص أن يضمن في عوائد الأملاك سنوياً وفي الخراج المقرر كذلك ونحو ذلك مما يأخذه الحاكم ليضون به الأمن أو ينشيء به المصالح العامة من شق الأنهار وبناء القناطر وإصلاح الطرق وغير ذلك من المصالح العامة وكذلك يجوز له أن يضمنه في الضرائب الظالمة كالمكوس التي كانت تفعل في الأزمنة الغابرة ونحوها. وبعضهم يقول إن الضرائب الظالمة لا يصح الضمان فيها والرأيان مصححان ولكن الأول هو الأرجح. ويرجح الكفيل بما دفعه على المضمون إن كانت الكفالة بأمره.
ومنها: أن الخبر المبني على غلبة ظن الشخص واجتهاده لا يكون ضماناً ملزماً للمخبر به مثلاً إذا قال شخص لآخر: اسلك هذه الطريق فإنها فسلكها فلقيه لص سلبه ماله فإن المخبر الذي قال له إنها آمن لا يضمن لان عبارته هذه مبنية على ما يظنه وقد يكون مخطئاً أو يكون قد عرض عليها خلل الأمن وهو لا يدري.
نعم إذا أكد هذا القول بأن قال له اسلك هذا الطريق فإن كان مخوفاً ونهب مالك فأنا ضامن ففعل ونهب ماله فقد اختلف فيه فقال بعضهم إنه يضمن ما فقده من المال وبعضهم قال لا يضمن وذلك لأنه يشترط لصحة الضمان أن يكون المضمون معلوماً، وأمن الطريق مجهول، فكيف يصح الضمان؟ وقد أجاب القائلزن بصحة الضمان في مثل هذا مع جهل المكفول عنه بطريقة استثنائية زجراً للناس عنه فإن خطورة هذه الأمور تستدعي احتاطاً خاصاً فإذا عرف الناس عدم المؤاخذة فيما يقولونه من ذلك يقدمون عليه بدون مبالاة فيغررون بالناس ويوقعونهم في الأخطار، وهو وجيه. أما ما أجاب به بعضهم بأن المكفول عنه وإن كان مجهولاً، ولكن الضمان صحيح لأن فيه تعزيراً، والغرر يوجب الرجوع على من غرر إذا كان الشرط فإنه جواب لا يجدي لأن ضمان الغرر هو في الحقيقة ضمان الكفالة فيشترط له ما يشترط لها.
ومنها: أنه إذا قال زيد لعمرو ضمنت لك بما يقتضي لك عليه القاضي ثم غاب خالد المضمون فادعى عمرو المضمون له على زيد الضامن أن له كذا على خالد المضمون الغائب ويربهن على ذلك فإنه لا قبل منه وذلك لأنه لا يمكن القضاء على الغائب إلا إذا ادعى حقاً على الحاضر لا يمكن إثباته إلا على الغائب وليس للمدعي حق على الكفيل لأنه إنما كفله بقضي القاضي به
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
على الغائب فإذا أقام البينة على أن القاضي على المضمون عليه بكذا قبل غيابه وبعد الكفالة فإذا كانت الكفالة بأمر الغائب فإنه يقتضي له على الكفيل وعلى الغائب ضمناً وإن حضر الغائب وأنكر فلا يلتفت لانكاره، أما إذا كانت الكفالة بغير أمره قضى على الكفيل دون الغائب.
الشافعية - قالوا: يتعلق بالضمان أحكام، منها أنه لا يصح الضمان بشرط براءة المضمون الأصلي فإذا قال شخص: ضمنت الدين الذي على فلان بشرط براءة ذمته فإنه لا يصح لأن عقد الكفالة يقتضي شغل ذمة المديون والضامن معاً.
ومثل ذلك الكفالة فإذا كان لشخص كفيل فجاء آخر وقال إنني أكفله بشرط براءة الكفيل الأول فإنه لا يصح.
ومنها: أن لصاحب الدين أو أوراثه مطالبة الضامن والمضمون معاً أو مطالبة أحدهما بكل الدين أو ببعضه فإذا دفع أحدهما برئت ذمة الآخر كما تقدم لأن الذمتين قد شغلتا بدين واحد فالدين بمنزلة فرض الكفالية يتعلق بذمة المتعدد ويسقط بأداء البعض.
ومنها: براءة المديون الأصلي تسلتزم براءة الضامن فإذا برئ الضامن بأن أدى الدين أو أبرأه صاحب الدين أو غير ذلك فإن ذمته تبرأ بذلك.
أما براءة الكفيل بغير الدين فإنها لا تستلزم المديون الأصلي. أما إذا كانت بغير الدفع كأن أبرأه صاحب الدين فإن كانت براءته من الضمان فقط فإنها لا تستلزم براءة ذمة المدين، أما إن كانت من المدين فإنها تستلزم براءة الأصيل إن قصد صاحب إباءة أيضاً وإلا فلا.
ومنها: أن الدين المؤجل يحل بموت المديون أو موت الضامن فإن مات المديون الأصلي فلصاحب الدين أخذ دينه من تركه قبل حلول أجل الدين فإن تأجر عن أخذ دينه فللضامن الذي أمره المديون بأن يضمنه أن يطالبه بأخذه من تركه أو إبرائه من الضمان إذ تبدد التركة فلا يجد ما يرجع عليه إن دفع.
أما الضامن الذي ضمن بدون أمر المديون فليس له أن يحث صاحب الدين على أخذ دينه من التركة لأنه لاحق له في الرجوع كما تقدم في الشروط.
وإذا مات الضامن قبل حلول أجل الدين فإن لصاحب الدين أن يأخذ دينه من ترته حالاً وليس لورثته الحق في مطالبة الأصلي الذي أذن بالضمان قبل حلول الجل.
ومنها أن الكفيل إذا عقد صلحاً مع صاحب الدين بان يأخذ أقل فلا حق له في أن يأخذ أكثر مما صالح عليه فإذا كان ضامناً لمائة فصالح على سبعين منها رجع على المديون بالسبعين فقط.
وكذا لو كان الدين أثواباً جيدة فصالح على أثواب رديئة فإنه لا يستحق إلا الأثواب التي دفعها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وإذا كان لصاحب الدين مائة جنيه فياعه الضامن بها أثواباً فإنه يرجع على المديون الأصلي بالمائة التب باع بها لا بقيمة الثوب سواء كانت أقل من المائة أو أكثر.
ومنها أن الحوالة بالدين كآدائه فإذا أحال للضامن صاحب الدين بدينه على آخر فإن كان الضامن مأذوناً بالضمان من المديون كان له حق مطالبته والرجوع عليه وإلا فلا.
ثم إن كان الدين من الأشياء التي تقوم كالثياب، فإن كان الضامن قد دفع الدين ثياباً من جنس الثياب التي أخذها المدين، فإنه يستحق أن يأخذ من المدين ثياباً مثلها.
الحنابلة - قالوا: من الأحكام المتعلقة بالكفالة أنه إذا قال شخص لآخر اضمن عن فلان أو أكفل عنه ففعل كان الضمان والكفالة لازمين لنفس الذي ضمن أو كفل، أما الآمر فإنه لا يلزم بشيء ومنها غير ذلك مما تقدم في تعريف الضمان وشروطه) .