المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مبحث ما يفسخ به عقد الإجارة وما لا يفسخ - الفقه على المذاهب الأربعة - جـ ٣

[عبد الرحمن الجزيري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث

- ‌مقدمة [الجزء الثالث]

- ‌مباحث المزارعة والمساقاة ونحوهما

- ‌تعريف المزارعة

- ‌حكم المزارعة وركنها وشروطها وما يتعلق بذلك

- ‌دليل المزارعة

- ‌مباحث المساقاة

- ‌تعريفها وشروطها وأركانها وما يتعلق بها

- ‌مباحث المضاربة

- ‌تعريفها

- ‌أركانها وشروطها وأحكامها

- ‌دليل المضاربة وحكمة تشريعها

- ‌مبحث في بيان ما يختص به كل من رب المال والعامل

- ‌مبحث إذا ضارب المضارب غيره

- ‌مبحث قسمة الربح في المضاربة

- ‌مباحث الشركة

- ‌تعريفها وأقسامها

- ‌مبحث أركان الشركة

- ‌شرط الشركة وأحكامها

- ‌مبحث في تصرفات الشركاء في المال وغيره

- ‌مبحث إذا ادعى أحد الشركاء تلف المال ونحو ذلك

- ‌مباحث الإجارة

- ‌تعريفها وأركانها وأقسامها

- ‌شروط الإجارة

- ‌مبحث ما تجوز إجارته وما لا تجوز

- ‌ مبحث ما يضمنه العامل إذا تلف وما لا يضمنه

- ‌مبحث ما يفسخ به عقد الإجارة وما لا يفسخ

- ‌مباحث الوكالة

- ‌تعريفها

- ‌ دليلها وأركانها

- ‌ شروط الوكالة

- ‌مبحث الوكالة بالبيع والشراء

- ‌مبحث التوكيل بالخصومة

- ‌مبحث هل للوكيل أن يوكل غيره

- ‌مبحث عزل الوكيل

- ‌مباحث الحوالة

- ‌تعريفها

- ‌أركان الحوالة وشروطها

- ‌مبحث في براءة ذمة المديون بالحوالة

- ‌مباحث الضمان

- ‌تعريفه

- ‌أركان الضمان وشروطه

- ‌أحكام تتعلق بالكفالة

- ‌مباحث الوديعة

- ‌تعريفها

- ‌أركان الوديعة وشروطها

- ‌مبحث حكم الوديعة وما تضمن به وما لا تضمن

- ‌مباحث العارية

- ‌تعريفها

- ‌حكم العارية وركنها وشرطها

- ‌أقسام العارية وما يتعلق بها من الأحكام

- ‌مبحث ما تضمن به العارية وما لاتضمن

- ‌مباحث الهبة

- ‌تعريفها

- ‌مبحث أركان الهبة وشروطها

- ‌مبحث في هبة الدين

- ‌مبحث الرجوع في الهبة

- ‌مبحث في مقابل عوض مالي

- ‌مباحث الوصية

- ‌تعريفها ودليليها

- ‌أركان الوصية وشروطها

- ‌مبحث حكم الوصية

- ‌مبحث الوصية بالحج والقراءة ونحوهما وبما يعمل في المآتم وغير ذلك

- ‌مبحث الوصية لقوم مخصوصين كالجيران والآقارب ونحوهم

- ‌مبحث الوصية لمتعدد بالثلث أو أكثر أو أقل

- ‌مبحث الوصي المختار

الفصل: ‌مبحث ما يفسخ به عقد الإجارة وما لا يفسخ

‌مبحث ما يفسخ به عقد الإجارة وما لا يفسخ

-عقد الإجارة اللازمة ولكنه يفسخ بأمور مفصلة في المذاهب (1) .

وكذا لا يضمن الراعي ما يتلف من الماشية إلا إذا تعدى أو فرط في حفظها فإنه يضمن في هذه الحالة فإذا نام عنها فأكلها الذئب أو ضربها مفرطاً فهلكت أوز ضربها من غير حاجة أو عرضها للهلاك في موضع لا يصح أن يمشي بها فيه يضمن في ذلك.

وكذا لا يضمن المستأجر العين التي تلفت في يده بغير تعد ولا تفريط فمن استأجر حمارة فهلكت في يده بدون أن يضربها ضرباً مبرحاً أو يفرط في حفظها فلا ضمان عليه. والقول قوله، في عدم التعدي بيمينه.

وإذا أحرق المستأجر حطباً أو نحوه فاحتملها الريح إلى أرض الغير فأحرقت منها شيئاً فلا ضمان عليه وكذلك المالك.

أما إذا سقى أرضه فأثر ذلك الماء في أرض الغير فأفسده منها شيئاً فإنه يضمن لأنه في هذه الحالة يكون مباشراً لا متسبباً فعليه الضمان.

وإذا اغتصب شخص من آخر داره فقال له: اخل لي داري وإلا فعليك بعشرين جنيهاً في كل شهر أو أكثر أو أقل فإن لم يخلها لزمته بالأجرة المذكورة إلا إذا أنكر الغاصب الملكية فإنه في هذه الحالة لا يكون راضياً بالإجارة فإذا ثبتت الملكية لغير فإنه يلزم بأجر المثل.

(1)

(الحنفية - قالوا: يفسخ عند الإجارة بأمور:

أحدهما: أن يكون للمتعاقدين أو لأحدهما خيار الشرط كما تقدم في البيع لأن الإجارة بيع المنافع فهي قسم من أقسام البيع فإذا أستأجر شخص داراً من الأخر على أن له الخيار ثلاثة أيام وهى مدة الخيار فله أن يفسخ العقد قبل مضي هذه المدة بشرط أن يعلم المالك بذلك على الأصح فإن كان الملك غائباً ولم يعلم بالفسخ فإنه لا ينفذ.

ثانيها: خيار الرؤية فلو أستأجر أراضي زراعية مي جهات متعددة ثم رأى بعضها فله أن يفسخ الإجارو في الكل ولا يتوقف الفسخ على رضاء المالك وعلى القضاء في خيار الشرط وخيار الرؤية فمتى فسخ المستأجر العقد وأعلن المالك با لفسخ فإنه ينفذ وليس للمالك الخيار إلا ذا اشترطه.

أما في حال عدم الرؤية فإن العقد يكون لازماً فب حق المالك وإن لم يكن لازماً في حق المستأجر.

ثالثها: خيار العيب فإذا أستأجر شخص داراً أو أرضاً زراعية أو دابة أو غير ذلك وكان بها عيب فإن للمستأجر أن يفسخ العقد ولا ينفسخ العقد بنفسه بل لابد من أن يفسخه الستأجر سواء كان له خيار الشرط أو خيار الرؤية أو خيار العيب فإذا علم بالعيب قبل العقد فإنه لا خيار له لرضائه به.

ص: 137

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ثم أن العيب يكون على ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: أن يحدث في العين المستأجرة بدون أن يكون له تأثير في المنفعة مطلقاً مما إذا استاجر داراً فسقطت منها حائط لاتضر بالسكنى ولا تقتل الانتفاع أو أستأجرجملاً ليحمل عليه فذهبت إحدى عينه وحكم هذا العيب أنه لا يثبت به الخيار للمستأجر لأن العقد في الحقيقة وارد على المنفعة دون العين وهي في هذه الحالة لم ينقص منها شيء.

الوجه الثاني: أن يكون له تأثير في المنفعة كلها بحيث لا يمكن لمستأجر أن ينتفع بهذه العين في الرغض الذي ايتأجرها من أجله كما استأجرها من أجله كما إذا استأجر داراً فانهدمت. وحكم هذا أن الأجرة تسقط من سقوط الدار ولكن لا يفسخ العقد إلا إذا فسخه المستأجر لأنه أن ينتفع بالأرض ولا يشترط في الفسخ حضور المالك ولا رضاه.

ومثل ذلك ما استأجر أرضاً زراعية فانقطع الماء الذي تروي به حتو لو كانت تروى بالمطر فانقطع فإنه في هذه الحالة لا أجرة على المستأجر وله فسخ العقد بدون حضور المالك، وإذا وجد ماء يكفي لري بعضها فقط فإنه لا يسقط خيار المستأجر، بل هو مخير في أن يفسخ العقد جميعه أو يأخذ ما روي بحسابه، وإذا انقطع الماء ولكن كان يرجى عودته فإنه لا خيار للمستأجر وكذا إذا قل الماء.

الوجه الثالث: أن يكون للعيب تأثير في بعض المنفعة بحيث يقلل الانتفاع ولا يفوته كما إذا استأجر رجلاً للخدمة فمرض مرضاً ينقص من عمله فالمستأجر بالخيار، إن شاء أمضى العقد، وإن شاء فسخه، فإن لم يفسخ العقد ومضت المدة فإن عليه الأجرة كلها.

فإذا استأجر شيئاً حدث به عيب يمكن إزالته كسد بالوعة دورة المياه ونحوها، وأزاله المالك فلا خيار للمستأجر، فإن أزاله بلا إذن المالك كان متبرعاً ليس له حق في مطالبة المالك به.

فإن انتهت مدة الإجارة كان له قلعه إذا كان بعد القلع ينتفع به، كما إذا بنى حائطاً باللبن المحروق أو الحجارة فإن له نقضها وأخذها لينتفع بها.

وأما إذا كان بعد الهمد لا ينتفع به فليس له قلعة في هذه الحالة سفه غير مفيد وخير للمستأجر أن يترطه للمالك ينتفع به.

هذا ولا يجبر المالك على إصلاح الخلل الذي يحدث في ملكه فإن أبى الإصلاح فالمستأجر بالخيار، إما أن يبقى أو يخرج من الدار إلا إذا كان عالماً بذلك الخلل قبل العقد فإنه ليس له أن يخرج في هذه الحالة لأن علمه به قبل العقد يسقط خياره كما تقدم.

ص: 138

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أما إذا كانت الدار وقفاً فإن الناظر يجبر على إزالة الخلل لأن ترك الخلل ضار بملحة الوقف والناظر ملزم بمراعاة مصلحة الوقف.

ومن هذا يتضح أن على المالك إصلاح المنازل المملوكة كإصلاح بالوعة الماء (والخزانات الخاصة بدورات المياه) وعليه تفريغها (كمسحها) حتى لو امتلأت من المستأجر لأن ما يوجد بهذه الأشياء يكون منه قبل تسليمها إلا إذا اقتضى العرف أن يكون تفريغها على المستأجر إخراج الرماد والتراب مطلقاً، سواء في الحمام أو غيره إلا إذا كان التراب موجوداً من قبل، فليس على المستأجر إخراجه وإن اختلفا فيه فالقول للمستأجر.

رابعها: أن يستأجر شخص آخر على عمل قد يترتب على تنفيذ العقد ضرر بسببه في نفس المستأجر، أو ماله. ولذلك أمثلة:

منها: أنة يستأجر طبيباً لبتر عضو من أعضائه لوجود آلام به. ثم عدل عن هذا فإن له العدول سواء سكن الألم أو لم يسكن لأن إزالة العضو في ظاهر الأمر ضرر والشخص أمين على نفسه فربما سكن الألم وسلم العضو فيكون إزالته ضرراً حقيقياً.

ومنها: أن يستأجر طباخاً ليطبخ له وليمة عرسه ثم عدل فليس للطباخ أن يطالبه بتنفيذ عقد الإجارة لأنه قد يترتب على تنفيذ العقد خسارة المواد التي يعمل فيها من اللحم والسمن ونحو ذلك فليس للطباخ أن يطالب بتنفيذ عقد الإجارة، ولا يشترط أن يوجد سبب ظاهر للعدول سوى ذلك كطلاق العروس أو موتها كما لا يشترط زوال الألم في مثال الأول بل مجرد احتمال الخسارة كاف في عدم لزوم عقد الإجارة.

ومنها: أن يستأجر عمالاً لهدم منزل ليجدد بدله ثم عدل عن ذلك فليس لهم المطالبة بتنفيذ العقد لأن الهدم يترتب عليه ضياع مال.

ومنها: أن يستأجر خياطاً ليخيط له أثواباً ثم عدل لأنه قد يترتب على تمزيقها (تفصيلها) وخياطتها خسارة إذ ربما يكون قد استغنى عن لبسها أو لا حاجة له إليها فليس للخياط أن يطالب بتنفيذ العقد.

ومثل ذلك: ما إذا ترتب على تنفيذ العقد استهلاك عين، كما إذا استأجر شخص آخر ليكتب له كتاباً على ورق اشتراه أو يطبعه له فإن له أن يعدل لأن تنفيذ العقد يترتب عليه ضياع الورق.

وذلك نظير ما مر في في المزارعة من أن لصاحب البذر الحق في الفسخ العامل لما يترتب على تنفيذ العقد من خسارة بذره. وإذا ترتب على فسخ العقد ضرر العامل أو صاحب الأرض فإنه يرجع فيه للعرف.

خامسها: أن يوجد للمالك يضطره إلى بيع العين المستأجرة ولذلك أمثلة:

ص: 139

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ومنها: أن يكون المالك مديناً ولا مال يسد منه دينه سوى هذه العين فإن له أن يبيعها، ويفسخ الإجارة وثبت الدين بإقرار المالك، كما إذا أقر لشخص بأن عليه ديناً، وحل موعده فإن له أن يفسخ عقد الإجارة أو بعده؟

والجواب: أنه لا يلزم ذلك بل لو أقر لشخص بدين العقد يلزمه وتفسخ به الإجارة، ولا يقال إن الإقرار يتعلق بذمة المقر وحده وليس للغير حق فيه فيعامل به.

وللدائن ملك المدين فتعديه للمستأجر غير مقصود على أنه يشترط أن يكون فسخ العقد بالقضاء، فلا يصح للمالك أن يبيع داره المستأجرة ليسدد دينه المقر به إلا إذا فسخ العقد القاضي على الصحيح ومتى كان الفسخ بالقضاء فإن الإقرار بالدين يكون عذراً واضحاً لا خفاء فيه.

ومن هذا تعلم أن كل عذر خفي لا يصح أن يكون سبباً لفسخ عقد الإجارة إلا إذا فسخ به القاضي.

وأما الأعذار الواضحة فإنه لا يشترط فيها القضاء على الصحيح، وذلك كما إذا كان على المالك دين ثابت بطريق رسمي كالديوان المسجلة المعروفة بين الناس فإن له في هذه الحالة الفسخ بدون قضاء، وإنما يكون لح حق بيع العين لسداد الدين إذا لم يكن قبض أجرة معجلة تستغرق كل ثمنها ولا يزيد منها شيء يسد الدين، فإن كانت الأجرة المعجلة تستغرق كل ثمنها، فلا تفسخ الإجارة، ولا تباع العين.

أما إذا كان ثمنها يزيد على قبضه معجلاً من المستأجر فإن له أن يبيعها وعليه أن يبدأ بسداد دين المستأجر وما فضل فلغيره من الدائنين. بقي ما إذا إذا أجر داراً لرجل ثم أقر هذه الدار ملك للغير فإنه في هذه الحالة لا يفسخ عقد الإجارة بل يقضي بالدار لمن أقر بها انقضاء مدة الإجارة.

ومن الأعذار الصحيحة لفسخ عقد الإجارة عدم القدرة على النفقة على نفسه أو أهله، فمن كانت داراً مستأجراً للغير، ثم أعسر ولم يجد ما ينفقه فإن له أن يفسخ الإجارة ويبيعها وهل القضاء شرطاً أو لا؟ المختار أن القاضي يحتم بنفاذ هذا البيع ويحصل بذلك فسخ عقد المستأجر فإذا باعها بغير إذنه فإن البيع يكون صحيحاً ولكنه لا ينفذ إلا بعد انقضاء مدة الإجارة بيعاً صحيحاً موقوفاً وليس للمستأجر أن يفسخه.

أما المشتري فقيل يملك الفسخ إذا علم مستأجر وقيل لا يملك ويالثاني أخذ المشايخ.

ومثل المؤجر المرهون فإنه لا يصح بيعه فإن بيعه بدون إذن الراهن يقع صحيحاً موقوفاً لا ينفذ حتى يسد الرهن.

ص: 140

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ومن الأعذار السفر فمن أراد أن يسافر من جهة إلى أخرى فإن له أن بفسخ الإجارة ومن ذلك ما إذا استأجر القروي داراً في المصر ثم أراد أن ينتقل إلى قريته فإن له فسخ العقد.

ومن الأعذار إفلاس المستأجر فإذا استأجر شخص من آخر دكاناً ليتجر فيه ثم أفلس له أن يفسخ عقد الإجارة. وأما إذا كسدت الدكان فليس له أن يفسخ بذلك.

وإذا أراد أن يترك التجارة في النوع الموجود في الدكان ويتجر في نوع آخر كما إذا كان يتجر في القماش فأراد أن يتجر في الطعام فإن له أن ينتقل من هذه الدكان إلى غيرها ويفسخ العقد بشرط أن لا تكون صالحة للعمل الذي يريد أن يعمله وإلا فلا.

ومنا أن يستأجر دابة ليسافر بها إلى جهة ثم بدا له أن لا يسلفر إلى هذه الجهة فإن له أن يفسخ العقد في هذه الحالة ولو في نصف الطريق ولصاحب الدابة الأجرة بنسبة المسافة التي قطعتها. وإذا اشترى دابة بعد استئجار دابة الغير فإن له أن يفسخ العقد أيضاً.

أما إذا استأجر داراً مدة ثم اشترى داراً فليس له أن يفسخ العقد لأنه يمكنه أن ينتفع بتأجير داره التي اشتراها بخلاف الدابة فإنه وإن كان يمكنه تأجيرها إلا أن استعمال الدابة يختلف باختلاف راكبها فقد لا يرغب

صاحبها في أن يركبها غيره أو قد يؤجرها لمن يركبها فيضرها كما تقدم.

وإذا استأجر شخص آخر ليسافر في خدمته يوجب فسخ عقد الإجارة بشرط أن يعقد الإجارة لنفسه لا لغيره. أما إذا عقدها لغيره فإن عقد لا ينفسخ بموته كما إذا وكل المالك شخصاً في تأجير داره التي يملكها ففعل ثم مات الوكيل فإن العقد لا ينفسخ لأن الوكيل وإن كان مباشراً للعقد لم يكن له بل لموكله الذي ينتفع بالأجرة فلا تنفسخ الإجارة إلا إذا مات المالك وكذا إذا وكل شخص آخر في أن يستأجر له منزلاً يسكنه ففعل ثم مات الوكيل فإن العقد لا ينفسخ. والحاصل أن عقد الإجارة لا يبطل بموت الوكيل سواء كان من طرف المؤجر أو المستأجر على الصحيح، وبعضهم

يقول إن موت وكيل المستأجر يوجب فسخ العقد لأن للموكل فهو بمنزلة المالك بمعنى أن الملك يثبت للوكيل بشراء أولاً ثم للمالك ثانياً وسواء صح أو لا فإن ملك الوكيل غير مستقر على أي حال فلا يصح أن يكون مالكاً بموته تبطل بموته الإجارة.

ومثل الوكيل الوصي ومتولي الوقف فإذا استأجر شخص من وصي القاصر أو وليه كالأب والجد أو من القاضي ثم مات القاشي المؤجر فإن الإجارة لا تفسخ مستحق الأجرة وهو القاصر باق موجود والمستحق عليه وهو المستأجر باق فلا تفسخ بموت مباشر العقد حتى ولو كان ناظر الوقف هو المستحق الوحيد الذي يملك كل الغلة فإنه إذا مات لا تفسخ الإجارة لأنه لا يملك العين الموقوفة على الصحيح.

ص: 141

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وإذا مات العاقدين الذي عقد لنفسه فإنها تنفسخ بدون حاجة إلى فسخ إلا لضرورة كأن مات المؤجر في موضع ليس به حاكم ولا قاض يرفع إليه. كما إذا استأجر شخص جملاً من آخر ليسافر به في الصحراء ثم مات المؤجر أثناء السير فإن الإجارة في هذه الحالة في هذه الحالة تبقى إلى أن ينتهي السير إلى مكان به قاض أو حاكم يرفع إليه الأمر للمستأجر نفسه أو لغيره حسب المصلحة.

أما إذا مات المستأجر أثناء الطريق فإنه يحسب عليه الأجر بنسبة المسافة التي قطعتها.

وإذا استأجر شخص من آخر داراً ثم مات المؤجر وبقي المستأجر في الدار فإن طالبه الورثة بالأجرة ثم سكن بعد المطالبة فإنه يلزم بها وإن طالبوه بها فإن كان المنزل معداً للاستغلال بأن بناه لذلك أو اشتراه لذلك أو بناه لسكناه م أخبر الناس بأنه أعداه للاستغلال فأنه يلزم بالأجرة وإلا فلا وبعضهم يقول إنه يقول إنه يكون معداً للاستغلال بتأجيره ثلاث سنين متوالية.

ومن هذا تعلم أن الموت لا يبطل الاعداد للاستغلال خلافاً لمن يقول ذلك ولا يفسخ عقد الإجارة بحنون أحد المتعاقدين ولو مطبقاً كما لا تفسخ بما يظهره المستأجر فيها من الفسق كشرب الخمر والزنا واللواط فإن ذلك ليس عذراً يجعل للمالك أو الجيران الحق في الفسخ وإنما لهم نهيه عن الخمر ورفع أمره للحاكم ليغروه حتى يكف عن الشر والفساد وإذا رأى الحاكم أنت يخرجه فإن له ذلك كما يفعله الناس في زماننا من الفساد في بيوتهم المسكونة لهم وسط جيران صالحين فإن لهؤلاء الجيران أن يخرجه أو يؤدبه.

المالكية - قالوا: ينفسخ عقد الإجارة بأمور: أحدها أن تتلف العين المتعلقة بها المنفعة المطلوبة بحيث لا يمكن للمستأجر أن يستوفيها كما إذا استأجر شخص من آخر داراً فانهدم أو اكترى فماتت فإن العقد في هذه الحالة ينفسخ لأن المستأجر لا يمكنه أن يستوفي المنفعة التي عقد أجلها:

ثانيها: أن يستأجر شخص آخر على قلع ضرس فيسكن ألم الضرس قبل أو على عملية جراحية فيزول عملها فإنه هذه الحالة ينفسخ العقد.

أما إذا لم يسكن الألم فإن المستأجر يلزمه دفع الأجرة وإن لم يعمل من غير أن يجبر على قلع ضرسه أو شق دمله مثلاً.

ثالثها: أن تغتصب الدار المستأجرة مثلاً أو تغتصب منفعتها ولا يمكن تخليصها من الغاصب بالحاكم أو بشيء آخر.

رابعها: أن يأمر الحاكم بإغلاق الدكاكين أو هدمها مثلاً فإن الإجارة تنفسخ بذلك.

خامسها: تنفسخ إجارة المرضع بظهور حملها أو حصول مرض لها لا تقدر معه على إرضاع الطفل كما تقدم.

سادسها: تنفسخ بمرض خادم عجز عن فعل ما استؤجر عليه فإن عوفي بعد ذلك قبل انقضاء

ص: 142

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المدة فإن الإجارة تعود ويكمل باقي العمل. إذا استأجر دابة فمرضت ثم صحت أثناء المدة فإن الإجارة لا ترجع لما يلحق المستأجر من الضرر في السفر بالانتظار.

سابعها: تنفسخ الإجارة ببلوغ الصبي وهو رشيد وهذه المسألة على وجهين:

أحدهما: أن يؤجر الوصي نفسه للخدمة.

ثانيهما: أن يؤجر الوصي دار الصبي أو دابته أو نحوهما من الأشياء المملوكة له، فأما في المسألة الأولى فإن القاصر إذا بلغ وهو رشيد غير سفيه فإنه يصح له أن يفسخ الإجارة بشرط أن يؤجر الولي وهو يظن بلوغه في مدة الإجارة أو لا يظن شيئاً وفي هذه الحالة له أن بفسخ العقد متى بلغ رشيداً بقي من مدة الإجارة زمن كثير أو قليل.

أما إذا ظن عدم بلوغه في المدة فبلغ فيها فلا يخلو إما أن يكون الباقي منها بعد بلوفه أكثر من شهر أو شهر فأقل فإن كان الباقي منها أكثر من شهر فإن القاصر يخير في هذه الحالة وإن كان الباقي شهر فأقل فليس له الإجارة بل يازم بإتمام المدة لكونها قليلة لا يترتب عليها شيء من الضرر.

أما المسألة الثانية فإن له أن بفسخ العقد بالشرط الذي يذكر في المسألة الأولى وهو أن يؤجره داراه أو سلعته وهو يظن بلوغه في مدة الإجارة أو لا يظن شيئاً فإذا أجرها وهو يظن عدم بلوغه في تلك المدة فليس للقاصر فسخ العقد بعد بلوغه راشداً بقي من المدة زمن قليل على المعتمد وذلك هو الفرق بين المسألتين. وبعضهم يقول إنه لا فرق بينهما فإن له الفسخ إذا كانت المدة الباقية كثيرة لا يسيرة وقد علمت أن المعتمد الأول لأن الوصي له حق الخيار عند البلوغ. أما إذا ظن بلوغه أثناء المدة ثم أجرها زيادة عن المدة التي يظن بلوغه عندها كان للقاصر الخيار لأن الوصي قد تصرف قيما لا يصح لح أن يتصرف فيه.

أما إذا بلغ الصبي سفيهاً فلا خيار مطلقاً سواء بقي من الإجارة زمن كثير أو قليل.

ولا ينفسخ عقد الإجارة بإقرار المالك للغير بالعين المستأجرة فمن أجر داراً لشخص ثم أقر لآخر بأنه باعها له أو أجرها له قبل عقد الإجارة مع الثاني ولم يوافقه المستأجر الثاني ولا بينة له فإن الإجارة تستمر وليس له فسخها ويعمل لمن أقر بيعها قبل عقد الإجارة لزيد كان المشتري مخيراً بين فسخ البيع الذي أقر به المؤجر فيأخذ الثمن الذي أقر المالك أنه باع وإن كان أكثر من قيمة الدار أو يأخذ منه القيمة يوم البيع إن كانت أكثر من الثمن وإنما كان الخيار لأن المستأجر قد حال بين المبيع "وهي الدار وبين المقر له إذ بأخذ الأجرة التي أجر بها المالك قبل الاقرار أو يأخذ المثل فإذا انقضت مدة الإجارة استلم العين المؤجرة ما لم تتلف فإن أخذ قيمتها من المقر فإن أقر أنه باعها قبل عقد الإجارة وكان ذلك الإقرار بعد انقضاء مدة اٌجارة كان للمقر الحق في أخذ أجرتها التي أجرها المقر أو أخذ أجر المثل ثم يضع يده على العين إن كانت قائمة وإلا فله قيمتها.

ص: 143

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وإذا أقر بأنه وهبها فلمن أقر مما أجرها به أو أجرها المثل ثم يضع عليها بعد انقضاء مدة الإجارة وإن تلفت فله قيمتها.

وإذا أقر بأنه أجرها لشخص قبل أن يؤجرها للآخر فللمقر له أن يأخذ الأكثر مما أجرت به وأجر المثل.

ولا تنفسخ بظهور فسق مستأجر كزنا وشرب خمر وينهى عن المنكر فإن انتثل وإلا رفع أمره للحاكم إن حصل لفسقه ضرر للدار أو للجار والحاكم يؤجر الدار لغيره على حسابه في مدة الإجارة إن أمكن فإذا لم يوجد لها ساكن أخرج منها وعليه أجرتها مادامت خالية.

فإذا رشد السفيه فلا يخلو إما أن يكون الولي قد دوره وأرضه ونحوهما أو يكون قد أجرها لنفسه.

فإذا كان الأول للسفيه فسخ هقد الإجارة بعد الرشد مطلقاً سواء بقي كثير لأن الولي قد يتصرف فيما يجوز له التصرف فيه ولا يعتبر ظن رشده في مدة الإجارة ولا عدمه.

وإن كان الثاني وهو ما إذا أجره نفسه فإنه لا يخلو إما أن يكون قد أجرها ليعمل في صناعة أو نحوها ليعيش منها وفي هذه الحالة لا يصح له فسخ الإجارة أيضاً أو يكون قد أجره في عمل لا يترتب عليه معيشته فإن له أن بفسخ الإجارة لأن الولي لا تسلط على نفس السفيه وإنما هو متسلط على ماله فقط ولهذا لو أجر السفيه فلا كلام لوليه إلا في حالة

غبنه.

وكذلك ليس للسفيه أن بفسخ العقد عند رشده إذا أجره نفسه لأن تصرف كتصرف الرشيد.

ثامنها: ينفسخ عقد إجارة الوقف إذا مات مستحقة الذي أجره قبل موته انقضاء تلك المدة.

أما إذا مات المؤجر المالك أو المستأجر فإن العقد لا ينفسخ بموتها أحدهما ويحل الوارث محلها في اسيفاء المنفعة والفرق بين الأمرين أن له التصرف في نقل المنفعة وإنما حال حياته وبعد مماته فلمالك الدار ونحوها أن يملك منفعتها لغيره بعد وفاته. أما الموقوف عليه فليس له أن يتصرف إلا حال حياته، أما بعد وفاته فلا، فإذا مات فسخت الإجارة سواء انتقل الاستحقاق لولده أو لمن في طبقته أو لمن يليه وسواء بقي من مدة الإجارة زمن كثير أو يسير وسواء كان المستحق المؤجر ناظراً

أو غير ناظر فإذا مات الناظر غير المستحق في الوقف فلا تنفسخ الإجارة بموته.

ومثل المستأجر المالك إذا كان فسقه يضر بالجيران فإن الحاكم يبيع الدار قهراً عنه أو يؤجرها بغيره ويخرجه منها، ومن اكترى داراً أو اشتراها وبها سوء كان ذلك عيباً ترد به.

الشافعية - قالوا: ينفسخ عقد الإجارة بأمور.

ص: 144

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(أحدها) تلف العين المستأجرة فإذا استأجر شخص داراً فهدمت تلك الدار أثناء مدة الإجارة فإن العقد ينفسخ في المدة الباقية.

أما المدة التي مضت فإن على المستأجر أن يدفع قسطها من الأجرة باعتبار أجرة مثل هذه الدار بقطع النظر عن الأجرة المسماة. فإذا استأجر دكاناً بثلاثين جنيهاً في السنة وكان يؤجر مثله بتسعين جنيهاً ثم هدم مضى ستة أشهر وكانت أجرة الدكان في المدة الباقية تتضاعف لكثرة المترددين عليها بحيث تساوي ستين جنيهاً وتساوي الستة الأولى ثلاثين جنيهاً فإن عليه أن بدفع ثلث الأجرة كلها وزهو ثلاثون جنيهاً وإن كانت تساوي الأجرة المسماة بتمامها للسنة وإنما يجب عليه دفع الأجرة للماضي إذا قبض العين المستأجرة وهلك المحمول على ظهرها فلا أجرة أجرة لمالكها ومثل هذا ما إذا استأجر سفيه غلافت حمولتها وسلمت هي.

ويشترط للفسخ شروط ثلاثة:

الأول: أن تتلف كما ذكر في أول الكلام. أما إذا حدث بها عيب كما أصاب الدابة عرج يقلل منفعتها فإن للمستأجر في هذه الحالة خيار العيب ولا تنفسخ الإجارة.

الثاني: أن يكون التلف تماماً بحيث لا يمكن الانتفاع بها. أما إذا اتلف بعضها مع إمكان الانتفاع بما بقي منها كما إذا نهدم بعض الدار وبقي منها شيء صالح للسكنى فإن الإجارة لا تنفسخ بذلك ويكون للمستأجر الخيار في هذه الحالة بين أن يسكن أو يخرج.

الثالث: أن تكون الإجارة ذمة فإذا استأجر منه جملاً معين لينقل به جرنه فأحضر له جملاً فأصابه عرج أو مرض قلل منفعته أو هلك الجمل فإن على المالك أن يستحضر جملاً غيره لأنه أجر جملاً في ذمته بدون تعيين فكل جمل يحضره يكون معقوداً على منفعته بخلاف إجارة العين فإن العقد وارد على منفعته بخصوصه فإذا هلك فسخ العقد وإذا أصابه عيب يثبت الخيار للمستأجر وقد عرفت مما مضى أن العقار كادور لا يصح تأجيرها إجارة ذمة بل لا بد من تعيينها.

(ثانيها) حبس العين المؤجرة عن المستأجر فإذا لم يتمكن المستأجر من منفعتها انفسخ عقد الإجارة سواء حبسها المالك ولو لقبض الأجرة بدون عقد جديد لأن المقصود هو المنفعة وهي باقية في جانب المستقبل لم تمس بسوء.

(ثالثها) أن يحدث عيب في العين المستأجرة وفي هذه الحالة يكون للمستأجر الخيار ولا تنفسخ الإجارة بالعذر الطارئ فإذا استأجر حماماً وتعذر عليه الحصول على وقوده أو استأجر داراً ثم أراد السفر لى بلدة أخرى أو اكترى دابة ليسافر ثم عدل عن السفر فإن كل هذا لا ينفسخ به عقد الإجارة ولا يثبت لصاحبه الخيار. ومثل ذلك ما إذا أجر داره ثم حضر أهله المسافرون ودعت الحاجة إلى أن يسكنوا فيها فإن ذلك ولا تنفسخ به الإجارة.

وإذا استأجر أرضاً زراعية فزرعها ثم هلك الزرع بجائحة من شدة حر أو برد أو كثرة مرض أو أكله

ص: 145

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الجراد أو الدود فليس له فسخ العقد ولا حط شيء من الأجرة لأن الجائحة لم تؤثر في المنفعة وإنما أثرت في المزاروع وهذا لصاحب فيه بخلاف ما إذا غرقت الأرض فإن منفعتها تتعطل في هذه الحالة فيفسخ به العقد.

وكذا لا تفسخ الإجارة بموت العاقدين أو أحدهما بل تبقى إلى انقضاء المدة ويحل الوارث محل العاقد.

وكذا لا تفسخ الإجارة بموت متولي إدارة الوقف، فإذا أجر ناظر الوقف عيناً لمدة ثم مات أثنائها لا تفسخ الإجارة إلا إذا أجر المستحق الذي له النظر حصته ثم مات وانتقل الوقف إلى مستحق

له النظر بعده فإنه في هذه الحالة تنفسخ على الأصح بشرط أن يكون له النظر مدة حياته. أما إذا كان له النظر على كل الوقف، أو كان الناظر غير المستحق فإن الإجارة لا تنفسخ، وكذا لا تنفسخ ببلوغ الصبي الذي أجره وليه إذا أجره مدة لا يبلغ فيها بالسن فبلغ بالاحتلام على الأصح أما إذا أجره مدة يبلغ فيها بالسن فإن الإجارة تنفسخ فيما زاده على خمس

عشرة سنة وصحت فيما دونه، وبعضهم يقول إنها فيما قبل البلوغ وبعده حتى لا تتفرق الصفقة والأول أصح.

وكذا لا تنفسخ باتقطاع ماء الأرض الزراعية إلا إذا تعذر سوق الماء فإذا تعذر فإن الإجارة تنفسخ.

وإذا استأجر أرضاً غريقة بالماء، ثم زال بعضه وانكشف جزء من الأرض انفسخت الإجارة فيما لم يزل عنه الماء وثبت الخيار فوراً في الذي زال عنه.

الحنابلة - قالوا: الإجارة عقد لا ينفسخ إلا بأمور منها خيار المجلس أو خيار الشرط على ما تقدم في مباحث الخيار.

ومنها: أن يجد المستأجر عيباً في العين التي استأجرها لم يعلم به من قبل أو حدث بها عيب بشرط أن يطون ذلك العيب سبباً في نقصان المنفعة التي استأجرها نقصاناً يظهر به التفاوت في الأجرة فإن له في هذه الحالة فسخ العقد إلا إذا كان ذلك العيب خفيفاً بحيث يمكن زواله من غير لحوق ضرر بالمستأجر كعرج الدابة المؤقت.

مثال العيب الذي تنقص بها المنفعة أن تكون الدابة جمرحاً أو بها عرج يتأخر به عن القافلة أو يتعب معه راكبها ونحو ذلك، أو تكون الدار مختلة البناء يخشى من سقوطها، أو بها حائط مهدومة، أو انقطع لومته الأجرة بتمامها، وإذا اختلفا في العيب فقال المستأجر إنه عيب يفسخ به، وقال المؤجر لا، فإنه يرجع في ذلك إلى أهل الخبرة وما يقررونه به، ويكفي خبيران في ذلك.

ومنها: أن يتصرف المالك في العين المؤجرة قبل تسليمها أو امتنع من التسليم حتى مضت مدة الإجارة فإن العقد في هذه الحالة.

ص: 146

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أما إذا تصرف فيها بعد التسليم، كأن أجر داراً فسكنها زيد، ثم أجرها مرة أخرى لعمرو، فإن هذا التصرف لا يفسخ العقد، وعلى المستأجر جميع الأجرة، فإذا سكن المالك في جزء منها يعد تأجيرها كلها كان عليه أجرة المثل فيما سكن فيه.

وإذا أجر المالك عيباً مدة معينة ثم امتنع من تسليمها للمستأجر في نصف المدة وسلمها بعد ذلك فإن العقد ينفسخ في المدة التي لم يسلمها فيها فقط وعلى المستأجر أن يدفع أجرة المدة الباقية على حساب الأجرة المسماة بينهما أما إذا سكن المستأجر في الدار بعد المدة ثم منعه المالك من السكن الباقي لا يكون له الحق في الأجرة الماضية تنفسخ سواء كانت قبل القبض أو بعده ولا أجرة عليها فإن تلف في أثناء المدة انفسخت الإجارة فيما بقي من المدة أما الماضية فإنه يدفع عنها بحساب الأجرة المسماة. فإذا استأجر داراً فانهدمت في أثناء المدة فإن العقد ينفسخ فيما بقي، وكذا إذا استأجر أرضاً للزرع فانقطع ماؤها مع الحاجة إليه فإن الإجارة تنفسخ فيما بقي من المدة أما إذا استأجر أرضاً زراعية ثم زرعها فغرق الزرع أو اجتاحه آفة أو لم ينبت رأساً فإن الإجارة لا تنفسخ بذلك ولا يلزم المالك بحط شيء من الأجرة.

ولا تنفسخ الإجلرة بموت أحد العاقدين أو موتهما إلا إذا كان المؤجر موقوفاً عليه فأجرها لكون الوقف عليه ولا ناظر له بشرط الواقف فإن الإجارة تنفسخ بموته.

وكذلك لا تفسخ الأعذار كما استأجر دكاناً يبيع فيه بضاعة فاحترقت فإن الإجارة لا تنفسخ بذلك.

ويبث الخيار للمستأجر بغضب العين المؤجرة فإذا استأجر فداناً ليزرعه فاغتصبه شخص فإن كان الفدان غير معين يلزم المالك تسليمه غيره كان مخيراً بين فسخ الإجارة أو الانتظار حتى يرد المغضوب فإن كان لمدة فسخ العقد نهاية المدة أما إذا كان غير معين لمدة فإن للمستأجر الخيار بين فسخ العقد والانتظار حتى ترد العين المغصوبة وإذا فسخ العقد كان الغاصب ملزماً بالإجارة وله حق الفسخ ولو بعد فراغ المدة وعليه أجرة ما مضى قبل الفسخ من المسمى) .

ص: 147