المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مباحث الشركة ‌ ‌تعريفها وأقسامها -الشركة (بكسر الشين وسكون الراء) وقد تفتح الشين - الفقه على المذاهب الأربعة - جـ ٣

[عبد الرحمن الجزيري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث

- ‌مقدمة [الجزء الثالث]

- ‌مباحث المزارعة والمساقاة ونحوهما

- ‌تعريف المزارعة

- ‌حكم المزارعة وركنها وشروطها وما يتعلق بذلك

- ‌دليل المزارعة

- ‌مباحث المساقاة

- ‌تعريفها وشروطها وأركانها وما يتعلق بها

- ‌مباحث المضاربة

- ‌تعريفها

- ‌أركانها وشروطها وأحكامها

- ‌دليل المضاربة وحكمة تشريعها

- ‌مبحث في بيان ما يختص به كل من رب المال والعامل

- ‌مبحث إذا ضارب المضارب غيره

- ‌مبحث قسمة الربح في المضاربة

- ‌مباحث الشركة

- ‌تعريفها وأقسامها

- ‌مبحث أركان الشركة

- ‌شرط الشركة وأحكامها

- ‌مبحث في تصرفات الشركاء في المال وغيره

- ‌مبحث إذا ادعى أحد الشركاء تلف المال ونحو ذلك

- ‌مباحث الإجارة

- ‌تعريفها وأركانها وأقسامها

- ‌شروط الإجارة

- ‌مبحث ما تجوز إجارته وما لا تجوز

- ‌ مبحث ما يضمنه العامل إذا تلف وما لا يضمنه

- ‌مبحث ما يفسخ به عقد الإجارة وما لا يفسخ

- ‌مباحث الوكالة

- ‌تعريفها

- ‌ دليلها وأركانها

- ‌ شروط الوكالة

- ‌مبحث الوكالة بالبيع والشراء

- ‌مبحث التوكيل بالخصومة

- ‌مبحث هل للوكيل أن يوكل غيره

- ‌مبحث عزل الوكيل

- ‌مباحث الحوالة

- ‌تعريفها

- ‌أركان الحوالة وشروطها

- ‌مبحث في براءة ذمة المديون بالحوالة

- ‌مباحث الضمان

- ‌تعريفه

- ‌أركان الضمان وشروطه

- ‌أحكام تتعلق بالكفالة

- ‌مباحث الوديعة

- ‌تعريفها

- ‌أركان الوديعة وشروطها

- ‌مبحث حكم الوديعة وما تضمن به وما لا تضمن

- ‌مباحث العارية

- ‌تعريفها

- ‌حكم العارية وركنها وشرطها

- ‌أقسام العارية وما يتعلق بها من الأحكام

- ‌مبحث ما تضمن به العارية وما لاتضمن

- ‌مباحث الهبة

- ‌تعريفها

- ‌مبحث أركان الهبة وشروطها

- ‌مبحث في هبة الدين

- ‌مبحث الرجوع في الهبة

- ‌مبحث في مقابل عوض مالي

- ‌مباحث الوصية

- ‌تعريفها ودليليها

- ‌أركان الوصية وشروطها

- ‌مبحث حكم الوصية

- ‌مبحث الوصية بالحج والقراءة ونحوهما وبما يعمل في المآتم وغير ذلك

- ‌مبحث الوصية لقوم مخصوصين كالجيران والآقارب ونحوهم

- ‌مبحث الوصية لمتعدد بالثلث أو أكثر أو أقل

- ‌مبحث الوصي المختار

الفصل: ‌ ‌مباحث الشركة ‌ ‌تعريفها وأقسامها -الشركة (بكسر الشين وسكون الراء) وقد تفتح الشين

‌مباحث الشركة

‌تعريفها وأقسامها

-الشركة (بكسر الشين وسكون الراء) وقد تفتح الشين وتكسر الراء، ولكن الأول أفصح حتى قال بعضهم إنه لم يلبث فيها غيره، ومعناها لغة خلط أحد المالين بالآخر بحيث لا يمتازان عن بعضهما. وأما معناها في الاصطلاح فهو يختلف باختلاف أنواعها لأن الشركة تتنوع إلى شركة مفاوضة وعنان وأبدان، ووجوه ذلك وفي ذلك تفصيل المذاهب (1)

(1) الحنفية - قالوا: تنقسم الشركة أولاً إلى قسمين شركة ملك وشركة عقود فأما شركة المالك فهي عبارة عن أن يتملك شخصان فأكثر عيناً من غير عقد الشركة. وأما شركة العقود فهي عبارة عن العقد الواقع عن أن يتملك شخصان فأكثر عيناً من غير عقد الشركة. وأما الشركاء لصاحبه شاركتك في كذا ويقول الآخر: قبلت، وذلك هو المعنى العام الذي يتناول جميع أقسام شركة العقود وسيأتي تعريف كل قسم على انفراده فيما يأتي.

ثم إن شركة الملك تنقسم إلى قسمين شركة جبر وشركة اختيار فشركة الجبر هي أن يجتمع شخصان فأكثر في ملك عين قهراً كما ورثا مالاً أو اختلط مال أحدهما بمال الآخر قهراً بحيث لا يمكن تمييزهما مطلقاً كاختلاط قمح أو يمكن بمشقة وصعوبة كاختلاط شعير بقمح أو أرز بشعير.

وأما شركة الاختيار فهي أن يجتمعا في ملك عين باختيارهما كما إذا خلطا مالهما باللاختيار أو اشتريا عيناً بالاشتراك أو أوصى لهما بمال فقبلاه فإن ذلك كله ملك باختيار الشريكين وركز شركة الملك اجتماع النصيبين فمتى اجتمع نصيب شخص مع نصيب آخر تحققت شركة الملك.

ويتعلق بشركة الملك مسائل (الأولى) إذا اشترك اثنان في ملك أرض زراعية وغاب أحد الشريكين فإن للآخر أن يزرع الأرض كلها بقدر المدة التي انتفع فيها شريكه على المفتى به لأن الشريك الغائب يرضى بما ينفع أرضه عقلاً وإن لم يأذن في الزرع وله الحق في أن ينتفع كما انتفع شريكه.

أما إذا كان الزرع يضر الأرض أو كان تركها بدون زرع أنفع لها لكونه يزيد في قوتها فليس للحاضر أن يزرع فيها زرعها شيئاً أصلاً في هذه الحالة يكون حكمه حكم الغاصب فإذا حضر الغائب أأصلاً فإذا زرعها في هذه الحالة ولم يقر الزرع بل أراد قلعه فإن له أن يقسم ويأخذ الأرض نصيبه منها ويقلع

ص: 60

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الزرع الذي بها كما يجب وما وقع في نصيب الشريك الذي زرع الذي يترك لشريكه قيمة ما نقصته الأرض بالزرع في نصيب شريكه تعويضاً له لأنه غاصب بالنسبة لذلك النصيب، هذا إذا كان الزرع صغيراً يصح قلعه، أما إذا استوى أو قرب من الاستواء فإنه لا يصح قلعه وعلى الزراع أن يدفع لشريكه قيمة ما نقصته في نصيبه تعويضاً ويأخذ زرعه.

(الثانية) إذا اشترك اثنان في دار للسكنى وغاب أحدهما فإن لشريكه أن يستعمل كل الدار في سكنه إذا كان ذلك الاستعمال ينفعها ولم يخربها الترك أما إذا لم يكن كذلك فإن للحاضر أن يستعمل ما يخصه منها فقط بأن يقسم حجرها أو شققها ويسكن فيما يخصه أو يسكن مدة ويتركها مدة أخرى بنسبة نصيب كل منهما. وبالجملة فكل تصرف يقع من الشريك الحاضر في مصلحة نصيب الغائب فإنه ينفذ وكل ترف يضر به لا ينفذ ويكون الحاضر أن لا يلاحظ ما ينتفع شريكه على أي وجه من الوحوه ثم إذا سكن أحد الشريكين في دار بينهما وخربت بالسكن كان على الساكن تعميرها.

(الثالثة) إذا خلط أحد الشريكين ماله بمال الآخر برضاه كما إذا كان لكل منهما صبرة من القمحب فاتفقا على خلطها أو اختلط مال أحدهما بمال الآخر بدون إرادتهما كما إذا وضع كل منهما قمحه في مخزن ملاصق للآخر فسقط الحاجز فاختلطا فإنه في هذه الحالة لا يصح لكل مهما أن يبيع نصيبه بدون إذن الآخر وذلك لأنه في هذه الحالة يكون منهما مالكاً لكل حبة من حبات قمحه كاملة فلا يصح أن يبيع مشاعاً إلا بعد الفرز والقدرة على تسليمه بخلاف ما إذا ورث اثنان قمحاً فإن كلاً منهما يملك نصيبه في الجميع شائعاً بدون إذن. أما إذا خلط أحدهما قمحه بقمح الآخر بدون عمله فإن للذي خلط أن يبيع الجميع لأنه بالخلط ملك نصيب الآخر وصار ضاكناً له بالمثل لأنه قد تعدى.

(الرابعة) أنه إذا اشترك اثنان في بناء دار مثلاً فلا يخلو إما أن تكون الأرض ملكاً معاً، أو تكون ملكاً لأحدهم دون الآخر، أو تكون ملكاً لأجنبي. فإن كانت ملكاً لهما فإنه لا يصح لأحدهما أن يبيع نصيبه في البناء لأجنبي مطلقاً سواء أذن شريكه أو لم يأذن؛ وذلك لأن للبائع في هذه الحالة أن يطلب من المشتري هدم البناء وإخلاء أرضه منه إذ ليس للمشتري سوى الأنقاض وذلك الهدم يضر بالشريك الآخر، ومثل ذلك ما إذا كان البناء لشخص أن يبيع نصفه لأن المشتري يطالب بالهدم ليأخذ الأنقاض التي اشتراها فيلحق الضرر بالبائع فيكون البيع فاسداً وهل يصح للشريك أن يبيع نصف حصته في البناء لشريكه أو لا خلاف؟ فقيل يجوز وقيل لا لأنه في هذه الحالة يصح للبائع أن يطلب من لأحدهما دون الآخر فإنه لا يصح أحدهما أن يبيع نصيبه من الأجنبي لما في ذلك الذي ذكر وهو أن المشتري هو الذي يملك الأرض أو الذي لا يملكها، وذلك لأن الذي لا يملك ليس له حق البناء ولكن

ص: 61

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الذي يملك أباحه إياه وما كان بطريق الإباحة فإنه يصح إزالته فإذا كان البيع لصاحب الأرض فالأمر ظاهر وإذا كان لغيره فإنه يصح له أو للمالك إزالته لأنه عرضة للإزالة.

أما إذا كانت الأرض ملكاً لغيرهما كأن مستعارة أو مستأجرة أو مغصوبة أو موقوفة ثم اشترك اثنان في البناء عليها فإنه لا يجوز لأحدهما بيع بصيبه من أجنبي لأن المشتري هدم البناء ليستولي على الأنقاض التي اشتراها وفي ذلك ضرر بالشريك ويجوز لأحدهما أن يبيع نصيبه لشريكهإذا لم يترتب على ذلك ضرر مثلاً إذا استعان شخصان أرضاً مدة معينة واشتركا في البناء عليها ثم مضت المدة فإن لأحد الشريكين أن يبيع نصيبه للآخر لأنه لا يملك مطالبته بالهدم لأنها ليست أرضه ولا علاقة له بها ومثل ذلك ما إذا كانت مستأجرة لمدة قد انتهت تلك المدة بخلاف ما إذا كانت مدة الإيجارة لم تنته فإنه لا يجوز البيع للشريك أيضاً لأنه يصح للبائع المستأجر أن يطالب بالهدم ليستلم الأرض المؤجرة له إلا إذا أجره نصيبه قبل البيع. أما الأرض المغصوبة فإنه يصح بيع كل واحد نصيبه لصاحبه وللأجنبي لأن البناء الذي عليها عرض للهدم في أي وقت.

وأما الأرض الموقوفة فإنه إذا اشترك اثنان عليها بعد تحريكها مدة طويلة على رأي من يقول بجواز الحكر زمناً طويلاً فإنه يصح لكل منهما أن يبيع نصيبه للأجنبي والشريك لأن المشتري يحل محل البائع في تحكير الأرض وفي نصيبه من البناء فلا ضرر في ذلك على الشريك. وكذا إذا باع نصيبه قبل التحكير ثم حكرت الأرض فإن البيع ينقلب صحيحاً لزوال علة الفساد وهي الضرر الذي يترتب على الهدم.

(الخامسة) إذا اشترط اثنان في شيء لا يمكن قسمته كحمام وسفينة وبئر وآلة لسقي الماء (ماكينة) أو آلة للطحن (وابور) أو غير ذلك مما تضيع منفعته بالقسمة ثم احتاج لتعمير وأراد أحد الشريكين تعميره فامتنع الآخر فإنه لا يصح له أن يعمره قبل أن يرفع الأمر للقضاء لأن يقضي في هذه الحالة يخبر الممتنع عن العمارة فليس من المصلحة أن يتسرع ويستبد بالعمل بدون إذن القاضي ما دام موقناً بأن القاضي سيلزم الشريك بالتعمير فإذا أمر القاضي بالتعمير ولم ينفذ عجزاً أو نعتاً فإن القاضي يأذن من يريد التعمير بالعمل ويمنع الرشيك من الانتفاع بالعين حتى يؤدي قسطه من التعمير على المفتى به وهكذا في كل شيء لا يمكن قسمته فإن القاضي أن يجبر الممتنع مع شريكه فإذا عمل أحدهما بدون إذن صاحبه أو أمر القاضي كان متطوعاً لا يرجع بشيء مما أنفقه.

أما إذا اشتركا في شيء مضطراً في تعميره إلى الشريك الآخر كما إذا اشترك اثنان في بناء على أن لأحدهما (الدور) الأعلى وللثاني الأسفل واحتاج الدور الأعلى إلى ردم، فإنه وإن كان لكل منهما قسم من البناء مستقل به، ولكن أحدهما بالآخر في التعمير.

وحكم هذا القاضي لا يجبر الشريك على التعمير فإذا عجز صاحب العلو من تلقاء نفسه

ص: 62

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وأنفق على الأسفل ما يحتاج إليه كان له حق الرجوع بما أنفقه على شريكه لأنه مضطر للعمل معه ففي هذه الصورة لا يحتاج إلى القضاء ابتداء ولكن له الحق فيما أنفقه في آخر الأمر.

ومثل ذلك كل ما يقبل القسمة ويكون أحد الرشكين مرتبطاً بالآخر في العمل معه ارتباطاً قهرياً كحائط بين اثنين عليها سقف كا منهما فإذا انهدمت وكانت هذه الحائط تقبل القسمة بأن كان أساسها عريضاً ويمكن قسمته بحيث يأخذ أحد الشريكين نصفه ويترك النصف الآخر أو إذن القاضي فإن له حق الرجوع بما أنفقه لأن الشريك الممتنع لا يجبر على البناء في هذه الحالة لأنه يمكن قسمة الحائط.

ويجبر على القسمة إذا طلبها الشريك على المفتى به فإذا كانت الحائط ضيقة لا تقبل القسمة فإنها تكون القسم الأول وهو ما يجبر فيه القاضي الشريك على التمير فلا يصح له حينئذ أن يرفع الأمر للقاضي.

الوجه الثاني: أن لا يكون أحد الشريكين مضطراً في التعمير إلى الشريك الآخر كما إذا اشتركا في دار يمكن قسمتها وتخربت فإن منهما حق قسمتها فإذا لنفرد أحدهما بتعميرها من غير إذن الآخر كان متطوعاً وضاع عليه ما أنفقه في نصيب شريكه.

واعلم أن القاضي لا يجبر الشريك على التعمير إلا في ثلاثة أمور:

الأول: أن يتعذر قسمة العين المشاركة بينهما كما تقدم.

الثاني: أن يكون الشريكان صغيرين ولكل واحد منهما رصي. فإذا اشترك صغيران في حائط محمول عليها سقف كل منهما ثم اختلت فأراد أحد الوصيين بناءها وامتنع الآخر فإن القاضي يجبر الممتنع عن التعميير سواء كانت الحائط تقبل القسمة أو لا. بخلاف ما إذا كان الممتنع كبيراً كما تقدم فإن القاضي لا يجبره إذا كانت تقبل القسمة لأن الكبير يعرف الضرر ورضي به. أما الصغير فلم يعرفه وأراد الوصي إدخاله عليه فالقاضي يجبره في هذه الحالة. فإذا كانت الشركة بين صغير وكبير وكان الضرر يلحق الكبير فإن وصي الصغير لا يجبر أما إذا كان يلحق الصغير فإنه يجبر.

الثالث: أن يكون الشريكان ناظرين على العمل إما بالمال أو بالأبدان أو بالوجوه وكل واحد من الثلاثة ينقسم إلى قسمين مفاوضة وعناناً فالأقسام ستة:

النوع الأول: الشركة بالمال وهي عبارة عن أن ينفق اثنان فأكثر على أن يدفع كل واحد منهما مبلغاً من المال لاستثماره بالعمل فيه ولكل واحد من الشركاء جزء معين من الربح وتنقسم شركة المال إلى القسمين المذكورين (مفاوضة وعناناً) .

ص: 63

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

القسم الأول: شركة المفاوضة في المال وهي عبارة عن أن يتعاقد اثنان فأكثر أن يشتركا في عمل بشرط أن يكونا متساويين في مالهما وملتهما ويكون كل واحد منهما كفيلاً عن الآخر فيما يجب عليه من شراء وبيع كما أنه وكيل عنه فيما له فلا تصح أن يكون مال أحد الشريكين شركة مفاوضة أقل من مال صاحبه ولكن مشروط بأن يكون المال مما تصح الشركة به بأن كان نقداً فلا يصح أن يملك أقل مال صاحبه ولكن ذلك مشروط بأن يكون المال مما تصح الشركة به بأن كان نقداً فلا يصح أن يملك أحدهما ألف جنيه ويملك الآخر خمسمائة مثلاً فإذا تساويا في ملك النقدين ولكن انفرد أحدهما بملك عقار، أو عروض تجارة، أو دور فإنه يصح أن يكون تصرف أحدهما أقل من تصرف صاحبه فلا تصح بين صبي وبالغ ولا بين مسلم وكافر ولا يخفى أن التساوي في التصرف يستلزم التساوي في الدين وإنما ذكر لزيادة الإيضاح. وبعضهم يقول إنه تصح مع الاختلاف في الملة إلا أنها تكره. ولا بد أن يتضمن العقد الكفالة والوكالة كما ذكرنا فلا تصح إن خلت من ذلك.

القسم الثاني: شركة العنان في المال وهي أن يشترك اثنان في نوع واحد من أنواع التجارة كالقمح أو القطن، أو يشترك في جميه أنواع التجارة ولا تذكر فيها فهي تتضمن الوكالة دون الكفالة فتجور بين المسلم والكافر. والصبي والمأذون له في التجارة والبالغ الخ، ولا يشترط تساوي الشركاء في رأس المال كما سيأتي.

فالفرق بين شركاء المفاوضة والعنان هو أن يكون كل واحد من الشريكين في المفاوضة أهلاً للكفالة بأن يكونا بالغين حرين عاقلين متفقين في الملة وأن يكون رأس مالهما على السواء بخلاف شركة العنان فإنه لا يشترط فيها ذلك كما عرفت.

النوع الثاني: شركة الأعمال وهي أن يتفق صانعان فأكثر كنجارين أو حدادين أو أحدهما نجار والآخر حداد على أن يشتركا من غير مال أن يتقبلا الأعمال ويكون الكسب بينهما على وحكم هذه الشركة أن يصير كل واحد منهما وكيلاً عن صاحبه في تقبل الأعمال جائز سواء كان الوكيل يحسن مباشر العمل أو لا.

وتنقسم شركة الأبدان إلى قسمين أيضاً وعناناً:

فالقسم الأول من شركة الأبدان مفاوضة هو أن يذكر فيها لفظ المفاوضة أو معنى بأن يشترط الصانعان أن يتقبلا الأعمال على التساوي وأن يتساويا في الربح والخسارة وأن يكون كل واحد كفيلاً عن صاحبه فيما يلحقه بسبب الشركة.

والقسم الثاني من شركة الأبدان عناناً: هي أن يشترطا التفاوت في العمل والأجر بأن يقولا إن على أحدهما الثلثين من العمل وعلى الآخر الثلث مثلاً والربح والخسارة بينهما على نسبة ذلك، وكذلك إذا ذكر لفظه عنان:

النوع الثالث: شركة الوجوه، وهي أن يشترك اثنان ليس لهما ولكن لهما وجاهة عند الناس

ص: 64

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

توجب الثقة بهما على أن يشتريا تجارة بثمن مؤجل وما يربحانه بينهما وتنقسم شركة إلى قسمين أيضاً مفاوضة وعناناً.

فالقسم الأول: من شركة الوجوه مفاوضة هي أن يكونا من أهل الكفالة وأن يكون بينهما نصفين وعلى كل واحد منها ثمنه وأن يتساويا في الربح ويتلقطا بالمفاوضة ويذكرا معنى تقصيها فتتحقق وكالة كل واحد منها عن صاحبه فيما له وكفالته فيما عليه.

القسم الثاني: من شركة الوجوه عناناً هي أن يفوت شيء من هذه القيود كأن لا يكونا من أهل الكفالة أو يتفاضلا فيما يشتريانه كأن يشتري أحدهما ربع السلع والآخر باقيها أو لم يذكر شيئاً يدل على المفاوضة.

فهذه هي أقسام الشركة، ولم يعد الحنيفية المضاربة قسماً من أقسام الشركة لأنك قد عرفت أنها إنما تكون شركة إذا حصل ربح أما إذا لم يحصل ربح فتختلف الأحوال التي عرفتها في بابها على المضاربة جاءت على غير القياس فلهذا أفردت بباب وحدها بخلاف غيرها من أقسام الشركة فإنها على القياس وبعض المذاهب عدها قسماً من أقسام الشركة نظراً لكونها شركة في الربح.

المالكية - قالوا: تنقسم الشركة إلى أقسام: شركة الإرث هي اجتماع الورثة في ملك عين بطريق الميراث، وشركة الغنيمة وهي اجتماع الجيش في ملك الغنيمة وشركة المبتاعين شيئاً بينهما، وهي أن يجتمع اثنان فأكثر في شراء دار ونحوه وهذه الأقسام هي التي عبر عنها الحنفية بشركة الملك.

وحكمها عند المالكية لا يجوز لأحد الشريكين أن يتصرف بغير إذن صاحبه فإذا تصرف فقيل يكون كالغاصب وقيل لا فإذا زرع أحد الشركاء

في أرض مملوكة لهم أو بنى فيها فإن ورعه بقلع وبناءه يهدم على القول الأول أما على الثاني فإن زرعه وبناءه يتركان وعليه كراء نصيب شريكه في الأرض وله قيمة بنائه الذي بناه لشبهة الشركة.

ويتعلق بهذه الشركة فروع كثيرة:

منها: أنه إذا اشترك اثنان او اكثر في عقار لا يمكن قسمته كحمام وفرن وبرج، ثم خرب ذلك العقار وأراد أحد الرشكاء تعميره فأبى الاخر فإنه يقضى على من امتنع من التعمير بأن يعمر أو يبيع جميع حصته لشريكه الذي يريد التعمير ولو كان يملك أكثر العقار أو يبيع لمن يعمر وقيل يقضى عليه بأن يبيع بعض حصته التي تكفي التعمير ولكن أول أرجح لتقليل الشركاء.

ولا فرق أن يكون العقار الذي لا ينقسم بعضه ملك وبعضه وقف وأبى الموقوف عليه أو ناظر الوقف التعمير فأنه يقضى بأن يعمره الشريك ويستوفي ما أنفقه على عمارته من إراده ولمن قال أنه يباع منه بقدر الحاجة إلى التعمير لأن الغرض تقليل الشركاء كما ذكر في بيع غير الموقوف نعم لا يقضى ببيع الوقف إلا إذا لم يكن للوقف ريع يعمر منه ولم يوجد من يستأجره بأجرة معجلة سنين تكفي لتعميره فإن وجد ذلك فإن لا يقضى ببيعه.

ص: 65

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

هذا ولا يقضى بالبيع في الحالتين إلا بعد الأمر بالعمارة ويقضى بالبيع إذا لم ينفذ الأمر بالتعمير ومنها:

أنه إذا اشترك اثنان مثلاً يملك أحدهما منها الطبقة السفلى (الدور الأسفل ويملك الثاني الطبقة العلية (الدور الأعلى) ثم اختل الدور الأسفل أو ضعفت جدرانه عن احتمال الدور الأعلى فإن الحاكم يأمر صاحب الدور الأسفل بأن يعمر فإن لم يفعل يقضي عليه ببيعه لمن يعمر لا فرق بين أن يكون العقار ملكاً أو وقفاً بالشروط المتقدمة.

وعلى صاحب الدور الأسفل حفظ الدور الأعلى من السقوط حال بناء الدور الأسفل بتعليقه أو عمل دعائم تحفظه من السقوط ونحو ذلك.

وعليه أيضاً السقف لأنه متعلق به عند التنازع وليس على صاحب الأسفل أن يبني سلماً يرقى عليه صاحب الدور العلى وكذلك ليس عليه البلاط الذي يوضع على سقف الدور الأسفل فيقضى عند التنازع بالسقف

لصاحب الأسفل وبالبلاط لصاحب العلى أما (كسح) المرحاض الموجود في الدور الأسفل المشترك بينه وبين الأعلى فيعمل فيه بالعرف فإن لم يوجد عرف فإنه يقوم باشتراك بقدر الاستعمال على الظاهر وكذلك المراحيض الموجودة في البيوت المستأجرة فإنه يعمل في كسحها وتنظيفها بالعرف فإن لم يوجد عرف فقيل على المالك وقيل على المستأجر. واما طين المطر الذي ينزل في الأسواق فليس على أصحاب (الدكاكين) رفعه إلا إذا جمعوه في وسط الطريق فأضر بالمارة فإن عليهم في هذه الحالة كنسه.

ومنها: انه إذا اشترك اثنان في دار على أن يكون لأحدهما الدور الأسفل وللآخر الأعلى ثم أراد صاحب الأعلى أن يبني (دوراً ثالثاً فإنه لا يمكن في ذلك ويقضى عليه بعدم فعله إلا إذا كان البناء لا يضر بالدور الأسفل لا حالاً ولا مآلاً ويرجع في ذلك إلى أهل الخبرة والمعرفة بمثله. ومنها:

أنه إذا اشترك ثلاثة مثلاً في دار ثم تهدم وأراد أحدهم تعميره وامتنع الآخران فإن له أن يعمرها ويستولي على إرادها جميعه حتى يخلص بما أنفقه ثم يقتيمون الإراد بعد ذلك إلا إذا أعطوه ما أنفقه فإنه يصح له الاستيلاء على الإيراد وحده بعد ذلك.

وله الاستلاء على الإيراد في أربه صور:

الأولى: أن يستأذن شريكاه بالعمارة فيمتنعا.

الثانية: أن يستأذنهما فيسكنا ثم يمتنعا أثناء العمارة.

الثالثة: أن يستأذنهما فيمتنعا ثم يسكتا عن رؤية العمارة.

الرابعة: أن يأذنوا له في العمارة ثم يمنعاه من قبل شراء المؤن التي يعمر بها ثم عمر بعد منعهما وفيما عدا ذلك يكون ما أنفقه ديناً في ذمتهم.

ومنها: أنه إذا كان لأحد الجيران حائط متصلة ببيت جاره ويتوقف إصلاحها على دخول عمل جاره فليس لجاره أن يمنعه من الدخول في داره لترميمها وإصلاحها، فإذا امتنع يقطى عليه بتمكينه من غرز خشب ونحوها وبتمكينه من اخذ ثوب سقط عنده أو دابة دخلت أو نحو ذلك.

ص: 66

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وكذا إذا كان خزان مرحاطه في دار جاره فإنه يقضى له بإدخال العمال لكسحه وللجار منعه من إدخال الطين والجص في داره وعليه أن يفتح نافذة في حائط داره لإدخال ما يلزمه من ذلك حتى لا يقذر دار جاره.

ومنها: أنه إذا كان بين جارين حائط يستر أحدهما فأزالها صاحبها وانكشف بسبب ذلك جاره فإنه يقضى على من أزالها لإعادة بنائها إلا إذا كان هدمها لخلل فيها يخشى منها الضرر أو هدمت وحدها فإنه في هذه الحالة لا يقضى على صاحبها بإعادتها ويقال للجار افعل ما يسترك إن شئت.

ومنها: إذا بنى أحد في طريق مشتركة بين الناس فإنه يقضى عليه بهدم ما بناه ولم يضر بالمارة سواء كانت تلك الطريق نافذة أم لا فإن كانت لأحد الناس دار يملكها فهدمت وصارت طريقاً فإن ملكه لا يزول عنها بذلك لا يمنع من البناء فيها إلا إذا مضى زمن طويل (وقدره بعضهم بعشر سنين) فإنه لا يكون له حق فيها حين إذن

ومنها: ألا يمنع الباعة من الجلوس بأفنية الدور ويقضى به وهي ما زاد على مرور الناس في طريق واسعة نافذة إذا كان في جزء من اليوم أما إذا كان في كل النهار فإنه يمنع ولا يقضى به على الرجح ومثله فناء الحانوت (الدكان) ويمتنع الجلوس في أفنية الدور ونحوها لحديث لأن فيها ضياع للوقت وضرر بالمارة.

وإن تنازع اثنان من الباعة في الجلوس بمكان فإنه يقضى للسابق منها ومثل ذلك الجلوس في المسجد إلا إذا كان غير السابق يجلس فيه لتعليم العلم أو الإفتاء فإنه يقدم على غيره استحساناً يعني أن الأفضل للسابق أن يترك ذلك المكان للمدرس.

ومنها: أنه إذا فتح جار نافذة في حائط بيته بينه وبين جاره وكانت تلك النافذة تكشف جاره بان يرى وجوه سكانها فإنه يقضى عليه بسدها وإزالة معالمها بحيث لا يبقى لها أثر يمكن الاحتجاج به.

أما إذا كانت النافذة لا تلرى منها الوجوه أو على المزارع والحيوانات فإنه لا يأمر بسها إذ لا ضرر منها وليس ببجار أن يطلب سد نافذة مضى عليها عشر سنوات وهو ساكت.

ومنها: أن للجيران منع إحاث ما يتصاعد منه دخان يضر بهم وبمساكنهم كبناء حمام بجوارهم أو مطبخ أو فرن أو نحو ذلك وكذلك لهم منع إحداث ما تتصاعد منه رائحة كرية كمدبغة ومسمت ونحوهما.

ومحل ذلك ما إذا حدث شيء من ذلك بعدهم. أما إذا كان موجوداً من قبل ودخلوا عليه فليس لهم منعه.

ومنها: أن للإنسان أن يمنع من إيجاد الجرين (الجرن) عند منزله لأنه يتضرر بالتين الحاصل من التذرية ومثل البيت في ذلك الحانوت (الدكان)

ص: 67

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وكذلك يقضى بمنع إحداث ما يضر بجدار البيوت كرحا ومدق وبئر حاض واصطبل وأما الحداد والنحاس والنجار فإنهم لا يمنعون به، ومثل هؤلاء الصباغ الذي يدق القماش.

وكذلك يمنع إحاث مصطبة في مقابل باب المنزل (دكان) للبيع والشراء إذا كان يضر بالسكان ويكشفهم. ولا يمنع مالك من فتح باب طريق نافذ إلى القضاء ولو كان في مقابل باب جاره.

وكذلك لا يمنع من بناء ما يحجب الضوء أو الشمس عن داره وله أن يمنع من إحداث ما يمنع الضوء والشمس المحتاج خشبة فيه لأن ذلك من مكارم الأخلاق.

وأما أقسام الشركة المشهورة غير ما ذكر فهي سنة:

مفاوضة، وعنان، وجبر، وعمل، ومضاربة، ولكل منها تعريف خاص.

وقد عرفها بعضهم تعريفاً تاماً فقال:

هي تقرر ملك متمول بين مالكين فأكثر. فقوله تقرر متمول معناه استقرار ملك شيء له قيمة مالية بين مالكين فأكثر فلكل واحد أن يتصرف فيه تصرف المالك خرج به تقرر شيء غير مالي كتقرر النسب والولاية فإن النسب الثابت بين اثنين ليس شيء مالي فلا يتصرفان في النسب تصرفات الشركات.

وكذلك تقرر الولاية بين اثنين على مملوك فإنه لا يكون شركة وقوله بين مالكين خرج به تقرر شيء مالي بين وصيين أو وكيلين فإن القاصر الموجود في يد تصرفات الشركاء لأن ماله بينهما ليس مملوكاً لهما.

ويدخل في التعريف جميع لأنواع الشركة سواء كانت شركة إرث أو غنيمة أو شركة مال ستعرفه في التعريف، وكذلك يدخل في التعريف شركة الأبدان باعتبار الفائدة المالية التي تترتب لأنها تكون مملوكة بينهما.

وقد عرف بعضهم الشركة المالية التجارية بأنواعها بأنها عبارة عن إذن كل واحد من الشريكين أو الشرطاء للآخر في أن يتصرف في مال يملكه على أن كلاً منهما يتصرف لنفسه وللآخر فكل من الشريكين يعمل في مال الآخر لصاحبه ولنفسه بخلاف الوكيل فإنه يعمل في مال الموكل خاصة. وأما تعريف كل قسم من أقسام الشركة على حدة فإليك

بيانه:

فأما شركة المفاوضة فهي اشتراك اثنين فأكثر في الاتجار بماليين على أن يكون منهما نصيب

ص: 68

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

في الربح بقدر رأس المال بدون رأس ماله بدون تفاوت وأن يطلق كل من الشركاء حرية التصرف للآخر في البيع والشراء ولاكتراء وأن يشتري في غيبته وحضوره سواء اتفقا على أن يتجرا في نوع واحد كالقمح أو الشعير أو في جميع الأنواع. وبعضهم يقول إنها إذا كانت في نوع واحد تكون عناناً لا مفاوضة لأن شركة المفاوضة يجب أن تكون عامة في كل الأنواع ولا تفسد شركة العنان عندهم بانفراد أحد الشريكين بمال غير مال الشركة فيصح أن تكون الشركة على ألف كل منها خمسمائة وعلى أحدهما زيادة على الخمسمائة.

وأما شركة العنان فهي أن يشتركا على أن لا يتصرف أحدهما إلا بإذن صاحبه فإن كل واحد مهما آخذ صاحبه يمنعه إذا أراد حتى لو تصرف أحدهما بدون إذن الآخر كان له رده. وإذا اشترطا أن يكون لأحدهما التصرف المطلق دون الآخر فقيل إنها تكون عناناً في المقيد ومفاوضة في المطبق. وقيل تفسد وهو الظاهر.

وأما شركة العمل (وهي المعروفة شركة الأبدان في بعض المذاهب) فهي أن يشترك صانعان فأكثر على أن يعملا معاً ويقتسمان أجرة عملها بنسبة العمل بشرط أن تكون الصنعة متحدة كحدادين. أو نجارين أو خياطين أو نساجين فلا يصح اشتراك حداد ونجار ولا اشتراك صانع ونساج نعم يصح اشتراك صانعين تتوقف صنعة أحدهما على صنعة الآخر كأن يشترك الذي يغوص في البحر لاستخراج اللؤلؤ مع صاحب الزورق الذي يحمله ويمسك له. وأن يتساويا في العمل بأن يأخذ كل واحد بقدر عمله من الغلة ويصح أن يزيد أحدهما على الآخر شيئاً يتعارفه الماس ويحصل التعاون بينهما ولو كانا بمجلين مختلفين (كدكاكين) وإذا كان لكل منهما آلة للبرادة أو الحدادة أو النجارة فإنه لا يجوز أن يعمل بها قبل أن يشتري كل منهما نصف ألته بنصف الأخرى حتى يكون لكل منهما نصف إحداهما ملكاً أصلياً والنصف الآخر بالشراء. وقيل يجوز والأول هو المعتمد.

وأما شركة الذمم فهي عبارة على أن يتعاقد اثنان على أن يشتريا شيئاً غير معين بثمن مؤجل في ذمتها بالتضامن بمعنى أن كلاً منهما كفيل لصاحبه ثم يبيعانه وما خرج من الربح فهو بينهما.

وأما شركة الوجوه عند المالكية فهي عبارة عن أن يتفق رجل ذو وجاهة مع رجل خمل لا وجاهة عنده على أن يبيع الوجيه تجارة الخمر لأن وجاهته تحمل الناس على الثقة به والشراء منه وله في نظير ذلك جزء من الربح وهي ممنوعة عندهم أيضاً لأن فيها تغريراً بالناس فإذا وقع ذلك فعلاً كان للوجيه أجر المثل أما المثل من اشترى من الوجيه فله رد السلعة وإمساكها بثمنها وإن كانت نفذت فإنها بالأقل من القيمة.

وأما إذا وقع عقد شركة الذمم فإنه يعمل مع الشريكين بحسب ما اتفقا عليه من الربح.

ص: 69

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وأما شركة الجبر فهي عبارة عن أن يشتري شخص سلعة بحضرة تاجر اعتاد الاتجار في هذه السلعة ولم يخطر بأنه بشتريها لنفسه خاصة ولم يتكلم ذلك التاجر فإنه له الحق في أن يشترك فيها مع من اشتراها ويجبر من اشتراها على الشركة مع ذلك التاجر.

والماكية: يقولون إن عمر رضي الله عنه قضى بهذا بالعرف في ذلك ويشترط فيها ستة شروط ثلاثة في السلعة وثلاثة في الشخص الذي يريد الاشتراك فاما الشروط الخاصة بالسلعة فهي أن تشتري بالسوق الذي تباع فيه عادة، وأن يكون شراؤها للتجارة فإذا اشتراها للاقتناء أو ليجعلها أثاث منزله فإنه لا حق للغير في أن يشاركه فيها وأن يكون الاتجار فيها بها في البلد الذي اشتريت به فإذا اشتراها للسفر بها فإنه لا يجبر على الشركة فيها.

وأما الشركة المتعلقة بالشخص الذي يطلب فهي أن يكون حاضراً في السوق وقت شراء السلعة.

وأن يكون من تجار تلك السلعة التي يبعث بحضرته وأن لا يتكلم وقت الشراء وهناك شرط آخر يتعلق بالمشتري وهو أن لا يقول لهم إنني أشتري ولا أريد أن أشارك أحداً فمن شاء أن يزيد فليفعل فإن قال ذلك فإنه لا يجبر الحاضر على مشاركة المشتري إلا إذا طلب ذلك فقبل.

وأما شركة المضاربة فقد تقدم معناها وأحكامها في بابها فارجع إليها إن شئت.

الحنابلة - قالوا: تقسم الشركة إلى قسمين: شركة في المال. وشركة في العقود فشركة المال هي اجتماع اثنين فأكثر في استحقاق عين بإرث أو شراء أو هبة أو نحو ذلك ولا فرق بين أن يملكا العين بمنافعها أو يملكا رقبتها دون منفعتها أو منفعتها بدون رقبتها. وأما شركة العقود وهي المرادة هنا فهي اجتماع اثنين فأكثر في التصرف وتنقسم شركة العقود إلى خمسة أقسام:

شركة العنان. وشركة الوجوه. وشركة الأبدان. وشركة المفاوضة وشركة المضاربة.

فأما شركة العنان فهي أن يشترك اثنان فأكثر بمالين على أن بعملا معاً في تنميتها والربح بينهما على ماشترطا أو يشترك اثنان فأكثر بماليهما على أن يعمل أحدهما فقط بشرط أن يكون للعامل جزء من الربح أكثر من ربح ماله ليكون ماله الجزء نظير عمله فإن شرط له ربحاً قدر ماله فقط إيضاع لا يصح لأنه عمل في مال الغير بدون أجر.

وأما شركة الوجوه فهي أن يشترك اثنان فأكثر في شراء تجارة بثمن في ذمتهما اعتماداً على وجاهتهما التي توجب الثقة بهما ثم يبيعانه والربح بينهما نصفين أو ثلاثاً أو نحو ذلك وهي في جائزة مطلقاً سواء عينا جنس ما يشتريانه أو قدره أو قيمته أو لم يعنيا شيئاً فلو قال أحدهما لللآخر ما اشتريت من شيء فهو بيننا صح.

وأما شركة الأبدان فهي أن يشترك صانعان فأكثر على أن يعملا بأبدانهما وما يروقانه من الأجر فهو

ص: 70