المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وهي حامل - الفقه على المذاهب الأربعة - جـ ٤

[عبد الرحمن الجزيري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الرابع

- ‌مقدمة [الجزء الرابع]

- ‌كتاب النكاح

- ‌تعريفه

- ‌حكم النكاح

- ‌مبحث أركان النكاح

- ‌مبحث شروط النكاح

- ‌خلاصة لأهم المسائل المتقدمة المتفق عليها والمختلف فيها

- ‌مباحث الولي

- ‌تعريف الولي

- ‌أقسام الولي

- ‌مبحث اختصاص الولي المجبر وغيره

- ‌مبحث إذا زوج الولي الأبعد مع وجوب الأقرب

- ‌مبحث للولي أن يوكل غيره بالزواج

- ‌دليل الولي من الكتاب والسنة

- ‌خلاصة مباحث الولي

- ‌مبحث الكفاءة في الزواج

- ‌مبحث عد المحرمات اللاتي لا يصح العقد عليهن

- ‌مبحث فيما تثبت به حرمة المصاهرة

- ‌مبحث المحرمات بالجمع

- ‌مبحث المحرمات لاختلاف الدين

- ‌مبحث المحرمة بالطلاق ثلاثة وحكم المحلل

- ‌مبحث إذا اشترط في النكاح شرطاً أو أضافه إلى زمن

- ‌النكاح المؤقت أو نكاح المتعة

- ‌مباحث الصداق

- ‌تعريفه

- ‌شروط المهر

- ‌أقسام الصداق. الخلوة - النكاح الفاسد

- ‌مبحث الوطء بشبهة

- ‌مبحث نكاح الشغار أو جعل كل من المرأتين صداقاً للأخرى

- ‌مبحث ما يعتبر به مهر المثل

- ‌مبحث نكاح التفويض وما يجب فيه من صداق، أو متعة

- ‌مبحث تصرف الزوجين في الصداق بالهبة والبيع ونحوهما

- ‌مبحث إذا هلك الصداق فعلى من ضمانه

- ‌حكم ما إذا كان الصداق عيناً فعرضت له زيادة، أو نقص

- ‌تأجيل الصداق وتعجيله

- ‌منع المرأة نفسها من الدخول وغيره لعدم قبض الصداق

- ‌مبحث إذا عجز الزوج عن دفع الصداق

- ‌مبحث للزوج أن يسافر بزوجته

- ‌مبحث اختلاف الزوجين في الصداق

- ‌مبحث في مهر السر والعلانية وهدية الزوج وجهاز المرأة

- ‌العيوب التي يفسخ بها النكاح ومسائل العنين - والمجبوب - والخصي - ونحوهم

- ‌أنكحة غير المسلمين

- ‌حكم نكاح المرتد عن دينه من الزوجين

- ‌مباحث القسم بين الزوجات في المبيت والنفقة ونحوهما

- ‌تعريفه

- ‌حكم القسم ودليله وشرطه

- ‌مبحث لا تجب المساواة بين الزوجين في الحب القلبي وما يترتب عليه من شهوة

- ‌كيفية القسم، وما يترتب عليه

- ‌مبحث حق الزوجة الجديدة في القسم وتنازل المرأة عن حقها فيه

- ‌مبحث هل لمن يريد السفر أن يختار من تسافر معه من زوجاته

- ‌مبحث هل للزوج أن يجمع بين زوجاته في بيت واحد وفي فراش واحد

- ‌مباحث الرضاع

- ‌تعريفه

- ‌شروط الرضاع

- ‌مبحث من يحرم بالرضاع ومن لا يحرم

- ‌مبحث ما يثبت به الرضاع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌تعريفه

- ‌أركان الطلاق

- ‌شروط الطلاق

- ‌مبحث تقسيم الطلاق

- ‌تقسيمه إلى واجب ومحرم الخ

- ‌مبحث الطلاق السني والبدعي وتعريف كل منهما

- ‌مبحث ما يترتب على الطلاق البدعي من الأحكام

- ‌دليل تحريم طلاق البدعة من الكتاب والسنة

- ‌الطلاق الصريح

- ‌مبحث كنايات الطلاق

- ‌مبحث أقسام كنايات الطلاق

- ‌مبحث في إضافة الطلاق إلى المرأة أو إلى جزئها

- ‌مبحث إذا قال: أنت حرام أو محرمة أو قال: علي الحرام أو نحو ذلك

- ‌مبحث تعدد الطلاق

- ‌مبحث إضافة الطلاق إلى الزمان أو إلى المكان

- ‌مبحث إذا وصف الطلاق أو شبهه بشيء

- ‌مبحث هل للزوج أن ينيب زوجته أو غيرها في الطلاق

- ‌مباحث الخلع

- ‌تعريفه

- ‌مبحث هل الخلع جائز أو ممنوع؟ وما دليل ذلك

- ‌أركان الخلع وشروطه

- ‌شروط ملتزم العوض والزوج وفيه خلع الصغيرة، والسفيهة، والمريضة

- ‌شروط عوض الخلع، وفيه الخلع بالنفقة، والحضانة والمال، ونحو ذلك

- ‌شروط صيغة الخلع

- ‌مبحث الخلع طلاق بائن لا فسخ والفرق بين الفسخ والطلاق

- ‌مباحث الرجعة

- ‌تعريفها

- ‌دليل الرجعة

- ‌أركان الرجعة وشروطها

- ‌مبحث اختلاف الزوجين في انقضاء العدة المبطل للرجعة، وما يتعلق بذلك

- ‌خاتمة في مسألتين

- ‌مباحث الإيلاء

- ‌تعريفه

- ‌أركان الإيلاء وشروطه

- ‌حكم الإيلاء ودليله

- ‌مباحث الظهار

- ‌تعريفه وحكمه. ودليله

- ‌أركان الظهار وشروطه

- ‌مبحث متى تجب كفارة الظهار

- ‌كيفية كفارة الظهار

- ‌مباحث العدة

- ‌تعريفه

- ‌أنواع العدة، وأقسامها

- ‌مبحث انقضاء العدة بوضع الحمل

- ‌دليل عدة الحامل، وحكمة مشروعيتها

- ‌انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وهي حامل

- ‌مبحث عدة المطلقة إذا كانت من ذوات الحيض وفيه معنى الحيض وشروطه

- ‌مبحث عدة المطلقة الآيسة من المحيض

- ‌دليلها

- ‌مباحث النفقات

- ‌تعريفها - حكمها - أسبابها - مستحقوها دليلها

- ‌مبحث نفقة الزوجة وتتعلق بها مسائل

- ‌أنواع نفقة الزوجية

- ‌مبحث هل تفرض النفقة بحسب حال الزوج أو الزوجة أو حالهما

- ‌مبحث هل تقدر النفقة بالحبوب والقماش أو بقيمتهما نقداً

- ‌مبحث وجوب شروط النفقة

- ‌مبحث هل تثبت النفقة قبل المطالبة بها

- ‌مبحث ما تسقط به النفقة

- ‌مبحث نفقة العدة

- ‌مبحث الحكم بالنفقة على الغائب وأخذ كفيل بالنفقة

- ‌مبحث إذا عجز الزوج عن النفقة على زوجته

- ‌مبحث نفقة الأولاد

- ‌مبحث النفقة على الآباء والأقارب

- ‌مباحث الحضانة

- ‌تعريفها - مستحقها

- ‌شروط الحضانة

- ‌مدة الحضانة

- ‌مبحث هل للحاضن أن يسافر بالمحضون

- ‌مبحث أجرة الحضانة

الفصل: ‌انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وهي حامل

فيها.

فالصواب أن يقال: هي حرام لانقضاء آثار النكاح، ولهذا تجد فيها رعاية لحق الزوج وحرمة له الخ ما قال.

فأنت ترى من عبارته هذه أنه لا يوافق بعض الفقهاء الذين يقولون: إن العدة شرعت لبراءة الرحم في ذوات الحيض، وما زاد على حيضة واحدة فهو للاحتياط، أما غير ذوات الحيض فالعدة فيهن أمر تعبدي، وأنه يرى ما قررناه من أن الأحكام الشرعية المتعلقة بالحقوق لا بد فيها من مراعاة الحكم الموافقة لمصلحة الناس، على أن ظاهر عبارته تفيد أن الحكمة لا بد منها حتى في العبادات وقد عرفت أنه ليس بضروري، لأن العبادات هي أمارات الخضوع، فلا يسأل السلطان عن حكمتها. وإذا كان كذلك فأين رعاية حق الزوج المتوفى إذا وضعت الحمل بعد موته بيوم، ثم تزوجت بغيره. وما حكمة مدة أربعة أشهر وعشرة أيام التي ضربها الله للمتوفى عنها زوجها إذا لم يكن ذلك لمراعاة حق الزوج المتوفى وحق أهله؟!، ولماذا لم يجعل الله عدة المتوفى عنها زوجها كغيرها، فإن كانت حاملاً كانت عدتها وضع الحمل، وإذا كانت من ذوات الحيض كانت عدتها ثلاث حيض. أو ثلاثة أطهار، وإذا كانت آيسة لم تكن لها عدة، كما إذا كانت غير مدخول بها، لأن براءة رحمها محققة؟ لا شك أن هذا واضح، وأن القائلين بتعليل العدة لا يسعهم إلا اتباع علي، وابن عباس، أما الأئمة الأربعة الذين قالوا: إن عدة الحامل تنقضي بمجرد انفصال الجنين منها، ولها أن تتزوج ولو لم يدفن زوجها المتوفى، فإنهم قالوا: إن قوله تعالى: {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} نسخ عموم قوله تعالى: {والذين يتوفون منكم} الخ، وأن العدة إما لبراءة الرحم. وإما أمر تعبدي تعبدنا الله به من غير حكمة، فلا يرد عليهم ما ورد على صاحب اعلام الموقعين.

‌انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وهي حامل

-قد عرفت مما تقدم أن عدة المتوفى عنها زوجها وهي حامل تنقضي بوضع الحمل، ولو بعد وفاته بلحظة باتفاق المذاهب، وعرفت شروط انقضاء العدة بوضع الحمل، وعرفت رأي المخالفين في بعض الصور، ودليل كل، والآن نذكر لك في عدة المتوفى عنها زوجها، وهي حائل، أي غير حامل، وهي أربعة أشهر وعشر للحرة، ونصفها، وهي شهران وخمسة أيام للأمة، لا فرق في ذلك بين أن تكون الزوجة صغيرة أو كبيرة، مدخولاً بها. أو لا، آيسة من المحيض. أو من ذوات الحيض، ولانقضاء العدة المذكورة شروط مفصلة في المذاهب (1) .

(1) (الحنفية - قالوا: يشترط لانقضاء العدة بمضي أربعة أشهر وعشر من وقت وفاة الزوج شروط:

ص: 467

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أحدها: أن الوفاة إذا وقعت في غرة الشهر، أي وقت شروق هلاله فلا بد من انقضاء أربعة شهور هلالية وعشرة أيام بلياليها، فلو مات بعد الفجر يحسب اليوم الذي مات فيه وتسعة أيام بعده، فيكون عشرة أيام وتسع ليال، فلا بد حينئذ من انقضاء الليلة العاشرة على المعتمد أما إذا توفي في أثناء الشهر فتحسب العدة بالأيام، فلا تنقضي إلا بمرور مائة وثلاثين يوماً بلياليها وقيل: إذا توفي في أثناء الشهر يحسب لها ما بقي من الشهر الذي مات فيه بالأيام، أما الشهر الذي يليه فيحسب بالأهلة، وكذا ما بعده، ثم تكمل الأيام الناقصة من الشهر الخامس مضافة إلى العشرة أيام، وقد تقدم لذلك إيضاح في مباحث الإيلاء، ومبحث العنين.

ثانيها: أن يكون الزواج بصحيح العقد، فإذا عقد عليها عقداً فاسداً ووطئها ثم مات عنها، تعتد بثلاث حيض إن كانت من ذوات الحيض وإن كانت آيسة أو حاملاً فإن عدتها تنقضي بثلاثة أشهر أو وضع الحمل، فعدة الموطوءة بعقد فاسد أو بشبهة إن كانت حرة ثلاث حيض أو ثلاثة أشهر إن كانت آيسة أو وضع الحمل، سواء كانت مطلقة أو متوفى عنها زوجها فإن كانت أمة فعدتها حيضتان. أو شهر ونصف، أو وضع الحمل.

ثالثها: أن يستمر النكاح صحيحياً إلى الموت، فإذا فسد قبل الموت وجبت عليها عدة النكاح الفاسد، مثلاً إذا كان المكاتب متزوجاً أمة مملوكة للغير، ثم اشتراها ومات عنها فإن ترك ما لا يفي ما عليه من دين الكتابة وثمنها فإن العقد يفسد لأنه يكون كالحر في هذه الحالة، والحر لا يصح له أن ينكح أمة بعقد الزواج، وفي هذه الحالة تعتد عدة النكاح الفاسد، وهو حيضتان إن كان قد وطئها، وإلا فلا عدة لها أصلاً، لأن الفاسد لا عدة له، أما إذا مات ولم يترك ما يفي بدينه، فإن العقد يظل صحيحياً، لأن الاثنين يكونان مملوكين فتعتد عدة الوفاة، وهي شهران وخمسة أيام في حق الأمة.

رابعها: أن لا يطلقها طلاقاً بائناً في المرض الذي مات فيه، ويقال لهذا الطلاق: طلاق الفار وهو أن يطلق زوجته طلاقاً بائناً في المرض الذي يموت فيه بدون رضاها، ثم يموت قبل انقضاء عدتها وحكم هذا أن المرأة تعتد عدتين: عدة طلاق وعدة وفاة، على أن تحسب لها ما يدخل في إحداهما، مثلاً إذا كانت من ذوات الحيض وحاضت بعد طلاقها، ثم توفي، فإن عدتها تبتدئ من وقت الوفاة بأربعة أشهر وعشر. بشرط أن تحيض ثلاث حيض من وقت الطلاق، فتحسب لها الحيضة التي حاضتها قبل وفاته، ولا بد لها من حيضتين في عدة الوفاة، فإذا لم تحض في المدة فلا تنقضي عدتها حتى تحيض الحيضتين الباقيتين، فإذا لم تحض لا تنقضي عدتها حتى تبلغ سن الإياس، فإذا طلقها، وهي من ذوات الحيض، ولم تحض قبل وفاته ثم توفي اعتدت عدة وفاة، فإذا رأت فيها ثلاث حيض، فذاك، وإلا كان عليها أن تنتظر حتى تحيض ثلاث حيض.

والحاصل أن عدتها تنقضي بأربعة أشهر وعشرة من وقت الوفاة. وثلاث حيض من وقت الطلاق، فإن حاضت بعضها خارج المدة، وبعضها في المدة حسبت لها، كما إذا حاضتها كلها في المدة وإذا

ص: 468

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لم تحضها كلها في المدة ولا بعضها، فإنه يلزمها أن تنتظر ثلاث حيض بعدها، فإذا لم تحض فإن عدته لا تنقضي.

هذا ما يختص بالعدة. أما الميراث فإن حقها لا يسقط فيه، فالزوجية باقية حكماً في حق الإرث.

وقولنا: طلاقاً بائناً خرج به ما إذا طلقها طلاقاً رجعياً، فإنه إن مات بعد انقضاء عدتها، فقد انقطعت الزوجية بينهما وسقط حقها في الميراث، ولا تعتد عدة وفاة، وإن مات وهي في العدة فإنها تعتد عدة وفاة بلا كلام، كما لو كانت زوجته. ولا فرق في هذه الحالة بين أن يطلقها في مرض الموت أو في حالة صحته، ثم يموت قبل انقضاء عدتها، لأنها زوجته وترث منه، وقولنا: بدون رضاها خرج به ما إذا طلقها طلاقاً بائناَ برضاها، فإنها تعتد عدة طلاق، ولا يكون لها حق في الميراث وقولنا: في المرض الذي يموت فيه خرج به ما إذا طلقها في حال صحته طلاقاً بائناً، فإنها لا ترث، ولا تنتقل عدتها إلى عدة الوفاة.

واعلم أن عدة الوفاة تنقضي بأربعة أشهر وعشرة أيام في غير عدة الفار مطلقاً، سواء كانت المتوفى عنها من ذوات الحيض أو لا، كما ذكرنا، وسواء حاضت في العدة المذكورة أو لا. كما إذا كانت مرضعة وتأخر حيضها أو حاضت مرة في حياتها. وامتد طهرها إذ لا دخل للحيض في عدة الوفاة، إلا إذا كانت حاملاً فإنها لا تنقضي عدتها إلا بوضع الحمل كما تقدم.

المالكية - قالوا: يشترط لانقضاء عدة المتوفى عنها زوجها، وهي غير حامل - بانقضاء أربعة أشهر وعشر - شروط:

أحدها: أن يكون العقد صحيحاً مجمعاً على صحته، أو مختلفاً في صحته عند الأئمة، كما إذا عقد عليها وهي محرمة بالنسك، فإن العقد مختلف في صحته، إذ الحنفية يقولون أنه صحيح، أما إذا كان فاسداً فساداً مجمعاً عليه. كنكاح الخامسة، والمحرم، فإن عدتها تكون كعدة المطلقة وهي ثلاثة أطهار إن كانت من ذوات الحيض، وثلاثة أشهر إن كانت آيسة من المحيض، فمن عقد على امرأة عقداً مجمعاً على فساده ووطئها ثم مات عنها فإن عدتها تكون كعدة المطلقة، وقد تقدم بيان الفاسد المجمع على فساده، وغيره في صحيفة 120 إذا لم يدخل بها فإنه لا عدة عليها. ثانيها: أن يكون مسلماً، فإذا كان ذمياً تحته ذمية مات عنها، وأراد مسلم أن يتزوجها فإن عدتها تكون ثلاثة أشهر إن كانت آيسة من المحيض، وثلاثة أطهار إن لم تكن، وكذا إذا أراد أن يتزوج بها غير مسلم، وترافعا إلينا لنقضي بينهما في ذلك. هذا إذا كانت مدخولاً بها، وإلا فلا عدة عليها أصلاً.

ثالثها: أن تتم أربعة أشهر وعشرة أيام بلياليها.

رابعها: أن لا يطلقها طلاقاً بائناً ثم يموت عنها وهي في العدة، فإن حدث ذلك فإنها لا تنتقل عدتها إلى الوفاة، بل تعتد عدة الطلاق وتستمر على عدتها، وهذا بخلاف المطلقة رجعياً، فإنه إذا

ص: 469

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مات عنها وهي في العدة فإن عدتها تنتقل إلى عدة الوفاة، بحيث يلزمها أن تتربص أربعة شهور وعشراً من وقت وفاته، ولو حصلت الوفاة قبل تمام الطهر الثالث بيوم، وإن كانت أمة تنتقل عدتها إلى الوفاة على النصف من الحرة.

خامسها: يشترط في المدخول بها أن تنتقضي مدة أربعة أشهر وعشر قبل أن يأتيها زمن حيضها، وأن تقول النساء: إنه لا ريبة في براءة رحمها من الحمل. ومعنى ذلك أنها إذا كانت مرضعة مثلاً وتوفي عنها زوجها، ومن عادتها أن لا تحيض في مدة الرضاع وانقضت أربعة أشهر وعشرة أيام قبل حلول موعد حيضها، فإن عدتها تنقضي إذا قالت النساء: إنها لا ريبة حمل بها، ومثل ذلك ما إذا كانت تحيض كل خمسة أشهر مرة، وتوفي في أول طهرها، فإنها تمكث أربعة أشهر وعشرة أيام طاهرة قبل أن يأتي زمن حيضها، وفي هذه الحالة تنقضي عدتها إذا قالت النساء أنه لا ريبة بها، أما إذا ارتابت في حملها النساء أو ارتابت هي، فإنها يجب عليها أن تنتظر تسعة أشهر، فإن زالت ريبة الحمل فذاك، وإلا انتظر حتى تحيض أو يمضي عليها أقصى مدة الحمل وهي خمس سنين على الراجح. وقيل: أربع سنين وقيل غير ذلك، فإن كانت تحيض في أثناء المدة وحاضت فإن عدتها تنقضي بالمدة، وإن لم تحض فإن تأخرت عادتها فإن عدتها لا تنقضي حتى تحيض فإذا حاضت انقضت عدتها، وإن لم تحض تنتظر الحيض إلى تسعة أشهر فإن انقضت تسعة أشهر وارتابت في حملها، أو ارتاب النساء فيه فإنها تنتظر حتى تزول الريبة، أو يمضي أقصى زمن الحمل المذكور.

ولا يخفى أن نظرية المالكية في اعتمادهم على قرار النساء خصوصاً الخبيرات يرفع الإشكال في زماننا بتاتاً، لأن الطبيبات المتعلمات يمكنهن الحكم بوجود الحمل وعدمه جزماً بدون انتظار زائد على أربعة أشهر وعشر.

والحاصل أن المدخول بها إن توفي عنها زوجها، فإنه ينظر أولاً لعادتها في الحيض، فإن كانت لا تأتيها الحيضة في مدة أربعة أشهر وعشرة أيام بأن كانت تحيض كل خمسة أشهر مرة وتوفي زوجها، وهي في أول طهر انقضت عدتها بأربعة أشهر وعشرة أيام، بشرط أن لا ترتاب في براءة رحمها، بأن تشعر بحمل، أو ترتاب النساء التي تراها، فإن ارتابت فإن عدتها لا تنقضي، بل تنتظر على الوجه الذي تقدم، أما إن كانت تأتيها الحيضة في أثناء أربعة أشهر وعشرة أيام، فإن حاضت فيها ولو مرة فإن عدتها تنقضي بانقضاء مدة أربعة أشهر وعشراً، وإن لم تحض لسبب مجهول، أو لمرض على الراجح، فإن عدتها لا تنقضي حتى تحيض، وإلا انتظرت تسعة أشهر، فإن لم تحض وارتابت في الحمل، أو ارتاب النساء انتظرت حتى تزول الريبة. أو تمضي خمس سنين، وهي أقصى مدة الحمل.

الشافعية - قالوا: يشترط لانقضاء عدة المتوفى عنها غير الحامل بالأشهر المذكورة شروط:

أحدها: أن لا يطلقها طلاقاً بائناً. فإن طلقها طلاقاً بائناً وتوفي عنها، وهي في العدة، فإنها تستمر على عدتها للطلاق، ولا تنتقل إلى عدة الوفاة، فإذا كانت حاملاً وكان طلاقها بائناً استمرت نفقة عدتها إلى أن تضع الحمل، بخلاف ما إذا طلقها طلاقاً رجعياً. وتوفي عنها، وهي في العدة، فإن

ص: 470

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عدتها تنتقل من الطلاق إلى عدة الوفاة، وتسقط بقية عدة الطلاق، كما تسقط نفقتها، وذلك لأن العدة التي استحقت عليها النفقة بطلت وانتقلت إلى عدة جديدة، ولذا يجب عليها الإحداد، وهو ترك الزينة، بخلاف المطلقة طلاقاً بائناً، فإنه لا يجب عليها، لما علمت أنها باقية على عدتها الأولى، فلم تنتقل إلى عدة الوفاة.

ثانيها: أن لا ترتاب في براءة رحمها من الحمل، فإن ارتابت، أي شكت في وجود حمل لثقل أو لحركة في بطنها، فلا يخلو إما أن تحدث لها الريبة قبل انقضاء العدة، أو بعدها، فإذا حدثت لها قبل انقضائها، فإنه يجب عليها أن تنتظر حتى تزول الريبة، بحيث لو انقضت عدتها وتزوجت غير زوجها المتوفى وقع النكاح باطلاً، حتى ولو تبين أنها غير حامل في الواقع، فعليها تجديد عقد، وبعضهم يقول: إن النكاح الأول يبقى على حاله، لأن الواقع دل على أنه صحيح، فإذا استمرت مع الزوج الثاني على النكاح الباطل، فولدت لأكثر من ستة أشهر لحق الولد به، وإن أمكن كونه من الأول، بأن ولدته لأقل من أربع سنين من تاريخ طلاقها، لأنها في هذه الحالة تكون قد ولدته لأقل مدة الحمل، فيمكن نسبته للأول، أما إن ولدت لأقل من ستة أشهر، فإن الولد يلحق بالأول، وإن أمكن نسبته إلى الثاني، بأن ولدته لأكثر من أربع سنين، أما إذا حدثت لها الريبة بعد انقضاء عدتها، فإنه يسن لها أن تصبر على الزواج، حتى تزول الريبة، فإذا خالفت السنة وتزوجت بآخر لم يبطل النكاح لانقضاء العدة ظاهراً، إلا إذا قامت قرينة قاطعة على بطلانه، بأن تلد لأقل من ستة أشهر من إمكان علوق الولد بعد العقد، بأن يتمكن الزوج الأول من وطئها وإحبالها، فإذا ولدت لأقل من ستة أشهر من ذلك التاريخ، فإنه يتبين بذلك بطلان العقد الثاني، وأن عدتها من الأول لم تنقض، ويلحق نسب الولد للأول، إذا أمكن نسبته إليه بحيث لا تلده لأقل من أربع سنين، وهي أكثر مدة الحمل، أما إذا ولدته لأكثر من أربع سنين، فإنه لا يمكن إلحاقه به، كما تقدم، أما إذا ولدت لأكثر من ستة أشهر، فإن العقد الثاني يكون صحيحاً، ويكون الولد للثاني، ولم يذكر الشافعية هنا ما إذا أمكن إزالة الريبة بالوسائل الطبية، ومعرفة النساء الخبيرات، ولكنهم قالوا:

إنه يعمل برأي القابلة في الاخبار عن السقط، بأنه لحم إنسان، فقالوا: إذا أخبرت بذلك أربع قابلات - أي مولدا - فإن لها أن تتزوج ظاهراً وباطناً، ويقوم مقام القوابل الأربع رجلان خبيران، وإذا أخبرت قابلة واحدة فإنها يصح لها أن تتزوج باطناً، وعلى هذا فمبدأ الاعتماد على المرأة الخبيرة معتبر عند الشافعية، والغرض واحد، وهو التحقق من براءة الرحم، فيصح حينئذ أن تعرض المرأة المرتابة نفسها على الطبيبات الخبيرات عند الريبة لتتحقق من عدم الحمل، وتستريح من هذا العناء.

واعلم أن هذا الشرط ليس خاصاً بانقضاء عدة المتوفى عنها زوجها، بل يتناول عدة المطلقة أيضاً، والمفسوخ نكاحها.

وقد عرفت من مبحث - انقضاء العدة بوضع الحمل - أن الصبي. والممسوح، وهو مقطوع الذكر والأنثيين، إذا ماتا عن زوجة فإن عدتها أربعة أشهر وعشر من تاريخ الوفاة، ولو ظهر بها حمل، فقد

ص: 471

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عرفت أنه إن كان حملها من الوطء بشبهة فعليها عدتان: بأن تنتظر حتى تضع وتنقضي به عدة الوطء بشبهة ثم تشرع في عدة الوفاة بعد الوضع، وتنتظر أربعة أشهر وعشرة أيام، وإن مات عنها زوجها وهي غير حامل، ثم في أثناء عدتها وطئت بشبهة وحملت من هذا الوطء، فإن عدة الوطء بشبهة تنقضي بوضع الحمل، ويحسب لها ما انقضى قبل الوطء من عدة الوفاة، فتبني عليه بعد الوضع، أما إذا كان حملها من زنا، كأن زنى بها شخص وهي تحته، فأحبلها الزاني ومات عنها الزوج فإن عليها أن تعتد عدة وفاة، وهي أربعة أشهر وعشرة أيام، وبذلك تنقضي عدتها، سواء وضعت الحمل. أو لا. ويحل للأزواج تزوجها ووطؤها. وهي حامل على الأصح. لأن المتولد من ماء الزنا لا حرمة له. فإذا أراد شخص أن يتزوج بها. وهي حامل. وجهل حالها. فلا يدري إن كان حملها من زنا. أو من وطء بشبهة. ففيه قولان مصححان: أحدهما أنه يحمل على الزنا فله العقد عليها ووطؤها. ثانيهما: يحمل على وطء الشبهة، فيتركها حتى تنقضي عدتها، والصحيح أنه يحمل على الوطء بشبهة ليندفع عنها الحد، ويحمل على الزنا في جواز العقد عليها ووطئها، فيحل تزوجها ووطؤها بدون عدة.

وبهذا تعلم أنها إذا حملت بعد وفاته، وهي في العدة، من الزنا، فإن حملها لا يقطع عدة الوفاة.

الشرط الثالث: أن تنقضي أربعة أشهر هلالية وعشرة أيام بلياليها، والشرط اعتبار الهلال بقدر الإمكان، فإذا مات في غرة الشهر، أي في أول رؤية هلاله، فلا بد من انقضاء أربعة أشهر هلالية وعشرة أيام بلياليها، كما ذكرنا، أما إذا مات أثناء الشهر فإنها تحسب الباقي من الشهر الذي مات فيه بالأيام، وتكمل الناقص من أيام الشهر الخامس، وما بينهما تحسبه بالأهلة، مثلاً إذا مات في نصف شهر شعبان فإنها تحسب خمسة عشر يوماً من شعبان، وتحسب ثلاثة أشهر بالأهلة، وهي رمضان. وشوال. وذو القعدة. وتأخذ من ذي الحجة، وهو الشهر الخامس لوفاته خمسة عشر يوماً تكمل بها شعبان. لتتم أربعة أشهر كاملة، ثم تأخذ منه عشرة أيام بلياليها فتنقضي عدتها في ست وعشرين ذي الحجة، وعلى هذا القياس، وإذا تعذرت عليها رؤية الهلال. وعدم معرفة الشهر الناقص والكامل، فإنها تحسبه كاملاً دائماً.

الحنابلة - قالوا: يشترط لانقضاء عدة المتوفى عنها زوجها، وهي غير حامل. بالمدة المذكورة شروط: الأول أن لا يرتاب في براءة رحمها. فإن وجد شك في أنها حامل قبل انقضاء أربعة شهور وعشرة أيام. كأن أحست بحركة أو انتفاخ بطن. أو انقطع دم حيضها. أو نزل اللبن في ثديها. أو نحو ذلك. فإن عدتها لا تنقضي حتى تزول الريبة. فإن ظهر أنها حامل انقضت عدتها بالحمل. وإن ظهر أنها خالية من الحمل انقضت عدتها بعد ذلك وحلت للأزواج فإذا تزوجت مع وجود هذا الشك غير المتوفى فإنه يقع باطلاً، ولو تبين عدم الحمل. وكذا إذا حصلت الريبة بعد انقضاء أربعة أشهر وعشرة أيام فإنه يجب عليها الانتظار حتى تزول الريبة. ولو تزوجت يقع الزواج باطلاً. لأنها في هذه الحالة تكون معتدة. أما إذا لم تحصل ريبة بعد انقضاء العدة ثم عقد عليها ودخل بها. وارتابت. فإن النكاح لم يفسد. لأنه وجد بعد

ص: 472

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

انقضاء العدة ظاهراً. ولكن يحرم عليه أن يطأها حتى تزول الريبة ويتبين عدم حملها. فإن تبين أنها حامل بأن جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من وقت عقده عليها. فإن النكاح يبطل حينئذ. لأنه ظهر أن العقد عليها وقع في العدة. ومثل ذلك ما إذا عقد عليها ولم يدخل بها. ثم وجدت الريبة. فإنه يحرم عليه أن يطأها حتى تزول الريبة. فإن وضعت ولداً لأقل من ستة أشهر من وقت العقد عليها. فإنه يتبين بطلان العقد، كما ذكرنا، لكن يشترط أن يكون الولد الذي جاءت به غير سقط، بحيث يعيش كغيره، وإلا فلا يبطل به العقد، لاحتمال أن يكون سقطاً علقت به بعد وفاة زوجها.

الشرط الثاني: أن لا يموت عنها وهي حامل من غيره، كما إذا كان صغيراً لا يولد لمثله، أو كان خصياً - وهو مقطوع الأنثيين - أو كان مجبوباً - وهو مقطوع الذكر - فإن كليهما لا يلد، أو مات عنها عقب العقد ولم يدخل بها، فإنها في هذه الحالة تلزمها عدتان: عدة تنقضي بوضع الحمل، وعدة الوفاة، وتبتدئ بعد وضع حملها، فيجب عليها أن تنتظر بعد الوضع أربعة أشهر وعشرة أيام.

الشرط الثالث: أن لا يطلقها طلاقاً بائناً في حال صحته، فإذا فعل ومات عنها وهي في العدة، فإن عدتها لا تنتقل إلى عدة الوفاة، بل تستمر على عدتها الأولى، لأنها أجنبية منه في هذه الحالة، بخلاف ما إذا طلقها طلاقاً بائناً وهو مريض مرضاً مخوفاً ومات عنها في عدتها، فإن عدتها تنتقل إلى عدة الوفاة، إلا أن تكون عدة الطلاق أطول فتعتد بها، مثلاً إذا كانت ممن يحضن كل ثلاثة أشهر مرة وطلقها بائنة فحاضت واحدة بعد طلاقها، ومات عنها، فإن عليها أن تنتظر أربعة أشهر وعشرة أيام عدة الوفاة، وهي لا تكفي للحيضتين الباقيتين، فيلزمها الانتظار بعد انقضاء المدة التي تحيض ما بقي لها، فهي تعتد بأبد الأجلين، من عدة الطلاق، أو عدة الوفاة، لأنها في هذه الحالة ترثه، أما إذا طلقها طلاقاً رجعياً، ثم مات عنها وهي في العدة، انتقلت عدتها إلى عدة الوفاة، فعليها أن تنتظر أربعة أشهر وعشرة أيا م من وقت وفاته، وسقطت عدة الطلاق، لأنها في هذه الحالة زوجة له، لها أحكام الزوجية من ميراث وغيره، فإن طلق امرأته في مرض وهي لا ترثه، كما إذا طلق العبد زوجته الحرة، أو الأمة وهو في مرض الموت. ثم مات عنها وهي في العدة فإنها تعتد عدة طلاق، لأنها لا ترث منه، ومثل ذلك ما إذا كانت ذمية تحت مسلم وطلقها في مرض موته فإنها تعتد عدة طلاق لأنها لا ترث منه، وكذا إذا كانت مسلمة ولكن طلقها في مرض الموت طلاقاً بائناً برضاها، كأن سألته الطلاق فأجابها. فإنها تعتد عدة طلاق، لأنها لا ترث في هذه الحالة فإن طلق شخص زوجته وانقضت عدتها بالحيض أو بغيرها ثم مات عقب انقضائها، فلا عدة له عليها، سواء كان الطلاق رجعياً، أو بائناً.

هذا، ولا يعتبر الحيض في عدة الوفاة إلا إذا وجدت ريبة) .

ص: 473