المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مباحث الخلع ‌ ‌تعريفه -الخلع - بفتح الخاء - مصدر خلع كقطع، يقال - الفقه على المذاهب الأربعة - جـ ٤

[عبد الرحمن الجزيري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الرابع

- ‌مقدمة [الجزء الرابع]

- ‌كتاب النكاح

- ‌تعريفه

- ‌حكم النكاح

- ‌مبحث أركان النكاح

- ‌مبحث شروط النكاح

- ‌خلاصة لأهم المسائل المتقدمة المتفق عليها والمختلف فيها

- ‌مباحث الولي

- ‌تعريف الولي

- ‌أقسام الولي

- ‌مبحث اختصاص الولي المجبر وغيره

- ‌مبحث إذا زوج الولي الأبعد مع وجوب الأقرب

- ‌مبحث للولي أن يوكل غيره بالزواج

- ‌دليل الولي من الكتاب والسنة

- ‌خلاصة مباحث الولي

- ‌مبحث الكفاءة في الزواج

- ‌مبحث عد المحرمات اللاتي لا يصح العقد عليهن

- ‌مبحث فيما تثبت به حرمة المصاهرة

- ‌مبحث المحرمات بالجمع

- ‌مبحث المحرمات لاختلاف الدين

- ‌مبحث المحرمة بالطلاق ثلاثة وحكم المحلل

- ‌مبحث إذا اشترط في النكاح شرطاً أو أضافه إلى زمن

- ‌النكاح المؤقت أو نكاح المتعة

- ‌مباحث الصداق

- ‌تعريفه

- ‌شروط المهر

- ‌أقسام الصداق. الخلوة - النكاح الفاسد

- ‌مبحث الوطء بشبهة

- ‌مبحث نكاح الشغار أو جعل كل من المرأتين صداقاً للأخرى

- ‌مبحث ما يعتبر به مهر المثل

- ‌مبحث نكاح التفويض وما يجب فيه من صداق، أو متعة

- ‌مبحث تصرف الزوجين في الصداق بالهبة والبيع ونحوهما

- ‌مبحث إذا هلك الصداق فعلى من ضمانه

- ‌حكم ما إذا كان الصداق عيناً فعرضت له زيادة، أو نقص

- ‌تأجيل الصداق وتعجيله

- ‌منع المرأة نفسها من الدخول وغيره لعدم قبض الصداق

- ‌مبحث إذا عجز الزوج عن دفع الصداق

- ‌مبحث للزوج أن يسافر بزوجته

- ‌مبحث اختلاف الزوجين في الصداق

- ‌مبحث في مهر السر والعلانية وهدية الزوج وجهاز المرأة

- ‌العيوب التي يفسخ بها النكاح ومسائل العنين - والمجبوب - والخصي - ونحوهم

- ‌أنكحة غير المسلمين

- ‌حكم نكاح المرتد عن دينه من الزوجين

- ‌مباحث القسم بين الزوجات في المبيت والنفقة ونحوهما

- ‌تعريفه

- ‌حكم القسم ودليله وشرطه

- ‌مبحث لا تجب المساواة بين الزوجين في الحب القلبي وما يترتب عليه من شهوة

- ‌كيفية القسم، وما يترتب عليه

- ‌مبحث حق الزوجة الجديدة في القسم وتنازل المرأة عن حقها فيه

- ‌مبحث هل لمن يريد السفر أن يختار من تسافر معه من زوجاته

- ‌مبحث هل للزوج أن يجمع بين زوجاته في بيت واحد وفي فراش واحد

- ‌مباحث الرضاع

- ‌تعريفه

- ‌شروط الرضاع

- ‌مبحث من يحرم بالرضاع ومن لا يحرم

- ‌مبحث ما يثبت به الرضاع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌تعريفه

- ‌أركان الطلاق

- ‌شروط الطلاق

- ‌مبحث تقسيم الطلاق

- ‌تقسيمه إلى واجب ومحرم الخ

- ‌مبحث الطلاق السني والبدعي وتعريف كل منهما

- ‌مبحث ما يترتب على الطلاق البدعي من الأحكام

- ‌دليل تحريم طلاق البدعة من الكتاب والسنة

- ‌الطلاق الصريح

- ‌مبحث كنايات الطلاق

- ‌مبحث أقسام كنايات الطلاق

- ‌مبحث في إضافة الطلاق إلى المرأة أو إلى جزئها

- ‌مبحث إذا قال: أنت حرام أو محرمة أو قال: علي الحرام أو نحو ذلك

- ‌مبحث تعدد الطلاق

- ‌مبحث إضافة الطلاق إلى الزمان أو إلى المكان

- ‌مبحث إذا وصف الطلاق أو شبهه بشيء

- ‌مبحث هل للزوج أن ينيب زوجته أو غيرها في الطلاق

- ‌مباحث الخلع

- ‌تعريفه

- ‌مبحث هل الخلع جائز أو ممنوع؟ وما دليل ذلك

- ‌أركان الخلع وشروطه

- ‌شروط ملتزم العوض والزوج وفيه خلع الصغيرة، والسفيهة، والمريضة

- ‌شروط عوض الخلع، وفيه الخلع بالنفقة، والحضانة والمال، ونحو ذلك

- ‌شروط صيغة الخلع

- ‌مبحث الخلع طلاق بائن لا فسخ والفرق بين الفسخ والطلاق

- ‌مباحث الرجعة

- ‌تعريفها

- ‌دليل الرجعة

- ‌أركان الرجعة وشروطها

- ‌مبحث اختلاف الزوجين في انقضاء العدة المبطل للرجعة، وما يتعلق بذلك

- ‌خاتمة في مسألتين

- ‌مباحث الإيلاء

- ‌تعريفه

- ‌أركان الإيلاء وشروطه

- ‌حكم الإيلاء ودليله

- ‌مباحث الظهار

- ‌تعريفه وحكمه. ودليله

- ‌أركان الظهار وشروطه

- ‌مبحث متى تجب كفارة الظهار

- ‌كيفية كفارة الظهار

- ‌مباحث العدة

- ‌تعريفه

- ‌أنواع العدة، وأقسامها

- ‌مبحث انقضاء العدة بوضع الحمل

- ‌دليل عدة الحامل، وحكمة مشروعيتها

- ‌انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وهي حامل

- ‌مبحث عدة المطلقة إذا كانت من ذوات الحيض وفيه معنى الحيض وشروطه

- ‌مبحث عدة المطلقة الآيسة من المحيض

- ‌دليلها

- ‌مباحث النفقات

- ‌تعريفها - حكمها - أسبابها - مستحقوها دليلها

- ‌مبحث نفقة الزوجة وتتعلق بها مسائل

- ‌أنواع نفقة الزوجية

- ‌مبحث هل تفرض النفقة بحسب حال الزوج أو الزوجة أو حالهما

- ‌مبحث هل تقدر النفقة بالحبوب والقماش أو بقيمتهما نقداً

- ‌مبحث وجوب شروط النفقة

- ‌مبحث هل تثبت النفقة قبل المطالبة بها

- ‌مبحث ما تسقط به النفقة

- ‌مبحث نفقة العدة

- ‌مبحث الحكم بالنفقة على الغائب وأخذ كفيل بالنفقة

- ‌مبحث إذا عجز الزوج عن النفقة على زوجته

- ‌مبحث نفقة الأولاد

- ‌مبحث النفقة على الآباء والأقارب

- ‌مباحث الحضانة

- ‌تعريفها - مستحقها

- ‌شروط الحضانة

- ‌مدة الحضانة

- ‌مبحث هل للحاضن أن يسافر بالمحضون

- ‌مبحث أجرة الحضانة

الفصل: ‌ ‌مباحث الخلع ‌ ‌تعريفه -الخلع - بفتح الخاء - مصدر خلع كقطع، يقال

‌مباحث الخلع

‌تعريفه

-الخلع - بفتح الخاء - مصدر خلع كقطع، يقال خلع الرجل ثوبه خلعاً أزاله عن بدنه ونزعه عنه ويقال: خلعت النعل خلعاً نزعته ويقال: خلع الرجل امرأته وخالعت المرأة زوجها مخالعة إذا افتدت منه. أما الخلع - بالضم - فهو مصدر سماعي، وليس اسماً للمصدر الذي هو الخلع - بالفتح - لأن اسم المصدر ما نقصت حروفه عن حروف فعله، ولا يخفى أن حروف الخلع - بالضم - مساوية لحروف فعله خلع، ومن قال: إنه اسم مصدر أراد أنه اسم للمصدر الذي هو الخلع - بالفتح - المشتق من خالع لا من خلع.

ومن هذا تعلم أن الخلع - بالفتح - هو المصدر القياسي: وأنه يستعمل لغة في إزالة الثوب، وإزالة الزوجية، وأن اسم المصدر هو الخلع - بالضم - يستعمل في الأمرين كذلك، إلا أنه خص لغة بإزالة الزوجية، وبعضهم يقول: إن الخلع - بالفتح - وهو المصدر القياسي، معناه لغة النزع، وكذلك الخلع - بالضم - وهو المصدر السماعي، أو اسم مصدر خالع، معناه في اللغة النزع أيضاً، ولكن استعمل الأخير في إزالة الزوجية مجازاً، لأن كلاً من الزوجين لباس للآخر، فإذا فعلا ما يزيل الزوجية فكأنهما نزعا ذلك اللباس عنهما، وعلى هذا يكون استعمال الخلع في إزالة الزوجية بحسب الأصل اللغوي من قبيل المجاز، وقد صار بعد ذلك حقيقة لغوية في إزالة الزوجية. والحاصل أن الخلع - بالفتح - هو مصدر خلع القياسي، ومعناه إزالة الثوب، أو نزعه حساً، أما الخلع - بالضم - فمعناه هو معنى المصدر القياسي، ولكن هل اللغة تستعمله في إزالة الزوجية المعنوية، فيكون مستعملاً بحسب أصل اللغة في الإزالة الحسية والمعنوية، ثم خص لغة بالإزالة المعنوية، كالطلاق، والاطلاق، فإنهما يستعملان، بحسب أصل اللغة في رفع القيد، سواء كان حسياً أو معنوياً، ثم خص الطلاق برفع القيد المعنوي والاطلاق برفع القيد الحسي ثم أقر الشارع المعنى الثاني، وعلى ذلك يكون استعمال الخلع - بالضم - في إزالة الزوجية المعنوية حقيقة وظاهر أن كلاً من الزوجين لباس للآخر في المعنى فالخلع يزيل هذا اللباس المعنوي. أو يقال: إن الخلع - بالضم معناه لغة النزع والإزالة الحسية فقط، ثم

ص: 342

شبه فراق الزوجين بإزالة الثوب، والعلاقة أن كلاً منهما لباس للآخر، كما قال تعالى:{هن لباس لكم} وعلى هذا يكون استعمال الخلع - بالضم - في نزع علاقة الزوجية مجازاً لغة.

أما معناه اصطلاحاً ففيه تفصيل المذاهب (1) .

(1) (الحنفية - قالوا: الخلع هو إزالة ملك النكاح المتوقفة على قبول المرأة بلفظ الخلع أو ما في معناه، فقوله إزالة ملك النكاح خرج به أمور ثلاثة:

الأول: إذا خالعها في العدة بعد إبانتها فإن الخلع لا يصح، وذلك لأن ملك النكاح قد زال بإبانتها فلو خالعها بمال ثم خالعها في العدة بمال آخر فإن الخلع الثاني لا يصح، نعم إذا خالعها بمال ثم طلقها في العدة على مال فإنه يقع الثاني والفرق بين الحالتين أنه في الحالة الثانية طلقها طلاقاً صريحاً على مال، والطلاق الصريح يلحق البائن وهو الخلع. سواء كان الصريح رجعياً، أو بائناً أما في الحالة الأولى فإنه خالعها ثانياً. والخلع ليس صريحاً، فلا يلحق الخلع البائن: على أنه إذا طلقها على مال بعد أن خالعها على مال فإن المال الثاني لا يجب عليها، وذلك لأن الغرض من دفع المال إنما هو ملك نفسها به، وقد ملكت نفسها بالخلع الأول فيكون طلاقاً صريحاً بائناً في العدة فقط، فيلحق الخلع الذي هو طلاق بائن، أما إذا طلقها طلاقاً رجعياً ثم خالعها في العدة على مال فإن الخلع يصح ويلزم المال، لأن الطلاق الرجعي لا يزيل ملك النكاح، ولا تملك المرأة به نفسها مادامت في العدة.

والحاصل أن الطلاق الصريح يلحق البائن بشرط العدة، سواء كان الصريح بائناً، أو رجعياً أما الطلاق غير الصريح، وهو ما كان بالكنايات فإنه ينقسم إلى قسمين: ما هو في حكم الصريح وهي الألفاظ الثلاثة التي تقدمت، كاعتدي الخ. فإنه يقع بها واحدة رجعية، وهذه تلحق البائن، ومنها ما ليس كذلك، وهي باقي الكنايات، فإنه يقع بها البائن، وهذه تلحق الصريح، ولا تلحق الخلع البائن، فإذا خالع زوجته على مال ثم طلقها وهي في العدة بالكناية، فإن كانت من الكنايات التي تقع بها واحدة رجعية فإنها تكون كالصريح فتلحق بالخلع ما دامت في العدة، وإن كانت من الكنايات التي يقع بها البائن، فإنها لا تلحق بالخلع.

الأمر الثاني: المرتدة إذا خالعها زوجها وهي مرتدة فإن الخلع لا يصح، لأن الردة أزالت ملك النكاح، والخلع هو إزالة الملك، فلم يتحقق معناه، فإذا خالعته على مهرها لم يسقط المهر، ويبقى له ولاية الجبر على الزواج.

الأمر الثالث: النكاح الفاسد، فإذا نكح امرأة نكاحاً فاسداً ووطئها، فإن المهر يتقرر لها بالوطء، كما تقدم، فإذا خالعته على مهرها فإن الخلع لا يصح، ولكن في هذه المسألة خلاف، فبعضهم يقول: إن مهرها يسقط بالخلع فلا حق لها فيه بعد ذلك، وبعضهم يقول لا يسقط لأن الخلع فاسد. إذ هو إزالة ملك النكاح، والعقد الفاسد لا يترتب عليه ملك النكاح، فلا يسقط مهرها، وهذا هو الظاهر المعقول.

وقوله: المتوقفة على قبول المرأة، معناه أن إزالة ملك النكاح بالخلع متوقفة على قبول المرأة في

ص: 343

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المجلس الذي شافهها فيه بالخلع، أو في المجلس الذي علمت فيه بالخلع إن خالعها وهي غائبة، فإن لم تقبل فإن الخلع لا يزيل ملك النكاح ولكن هذا مشروط بأحد أمرين:

الأول: أن يذكر المال صريحاً، بأن يقول لها: خالعتك على مائة ريال مثلاً. أو على صداقك. فإذا لم تقل: قبلت فإنه لا يقع به الطلاق، وإن نوى به الطلاق، وذلك لأنه علق طلاقها على قبول دفع المال، فإذا لم تقبل لم يحصل المعلق عليه، فلا يقع شيء.

الثاني: أن يذكر لفظاً يتضمن المال، وهو أن يقول لها: خالعتك، أو اختلعي، أو اخلعي نفسك، فإنه في هذه الحالة لا يقع شيء، إن لم تقبل، لأنه وإن لم يذكر المال، ولكن صيغة المفاعلة تتضمن ذكر المال، أو إذا قال لها: خلعتك ولم يذكر العوض فإنه يقع به الطلاق البائن، سواء قبلت، أو لم تقبل لأنه لا يتضمن ذكر المال، فإذا قال: خلعتك على عشرين جنيهاً مثلاً، وقبلت وقع الطلاق البائن ولزمها البدل.

وبعضهم يقول: إنه لا فرق في ذلك بين خالعتك، أو اختلعي، وبين خلعتك، في إيقاع الطلاق بهما بدون ذكر المال فإذا لم يذكر مالاً وقع بهما الطلاق البائن، وإن لم تقبل، ولكن يفرق بينهما بأنه إذ قال لها: خلعتك ولم يذكر مالاً، وقالت لها: قبلت وقع الطلاق ولا يلزمها شيء، أما إذا قال لها: خالعتك ولم يذكر مالاً وقبلت سقط حقها في المهر ونحوه من الحقوق التي تسقط بدون نص، كما يأتي.

وهل يشترط في إيقاع الطلاق بالألفاظ المشتقة من الخلع أن ينوي بها الطلاق، أو لا يشترط؟ والجواب: أنه إذا ذكر المال قامت قرينة على إرادة الطلاق، كما إذا كان في حالة غضب، أو سؤالها الطلاق، فإنه لا يشترط النية في ألفاظ الخلع، سواء كانت بهذا اللفظ، أو بغيره من الألفاظ الآتية باتفاق، فإذا ادعى بعد ذلك أنه لا يريد الطلاق وإنما يريد خلعها من ثيابها مثلاً، فإنه لا يسمع منه قضاء ولكن ينفعه ذلك ديانة بينه وبين الله، ولا يحل للمرأة أن تقيم معه. لأنها كالقاضي لا إطلاع لها على ما في نيته، أما إذا لم يذكر المال، أو لم يكن في حالة غضب ونحوها، فإنه ينظر إلى اللفظ الذي خالعها به، فإن كان العرف يستعمله في الطلاق بدون عوض واشتهر استعماله في ذلك كان طلاقاً صريحاً، وإلا كان كناية لا بد فيه من النية، والحنفية قالوا: إن ألفاظ الخلع خمسة:

أحدها: ما اشتق من الخلع. وهي كأن يقول لها: خالعتك، اختلعي، اخلعي نفسك، اخلعتك ولهذا قالوا: إنه يقع به الخلع بدون نية، لأن العرف يستعمله في الطلاق كثيراً فأصبح كالصريح فإذا قال لامرأته: خالعتك وذكر مالاً فالأمر ظاهر، وإذا لم يذكر مالاً فإنه يقع به الطلاق نوى أو لم ينو، قبلت أو لم تقبل. ومثل خالعتك باقي الألفاظ المذكورة على التحقيق، ولكنها إذا قبلت في قوله: خالعتك، أو اختلعي سقط به حقها في المهر، فإذا قال لها: اختلعي نفسك، فقالت خلعت نفسي، ولم يذكر بدلاً لا هو ولا هي وقع الخلع وسقط حقها. وبعضهم يرى أنها تطلق بلا بدل وبه أخذ كثير من العلماء، وإذا كانت العلة في إيقاع الطلاق بلفظ خلعتك ونحوه بدون نية هو استعمال العرف فإن عرف زماننا غير

ص: 344

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ذلك، بل المتعارف فيه استعماله في اسقاط الحقوق، فأما أن يذكر البدل إلى جانبه فتقول: خالعني على كذا أو يقول هو: خالعتك على كذا، وإما أن لا يذكر، فإذا لم يذكر البدل كان الغرض منه اسقاط مالها من مهر ونحوه، وعلى هذا لا يقع به طلاق عند عدم ذكر المال إلا بالنية.

ثانيها: لفظ بارأتك، فإذا قال لها: بارأتك على عشرين جنيهاً وقبلت وقع طلاق بائن ولزمها العشرون وسقط مهرها باتفاق، وإذا لم تقبل لم يقع طلاق ولم يلزمها شيء باتفاق، أما إذا لم يذكر البدل بل قال لها: بارأتك، فإذا قالت: قبلت وقع الطلاق البائن وسقط حقها في المهر ونحوه وكذا إذا قالت له: بارئني، فقال: بارأتك، وهل يتوقف إيقاع الطلاق بهذه على النية أو لا؟ والجواب: أنها إذا كثر استعمالها في الطلاق، كالخلع، يقع بها الطلاق بدون نية، على أن عرف زماننا لم يستعمل بارأتك في الخلع، وإنما المستعمل أن يقول لها: أبريني وأنا أطلقك، فتقول له أبرأتك، فيقول لها: طلقتك على ذلك، وهذا يقع به طلاق بائن، لأنه وإن كان صريحاً ولكنه على مال فيسقط حقها، أما إذا قال لها: بارأتك ولم يذكر مالاً فقالت قبلت، فإنه لا يقع به الطلاق البائن إلا بالنية، فإذا قال لم أنو طلاقها يسمع منه قضاء إلا إذا كان في حالة غضب أو مذاكرة الطلاق، لأنه كناية بلا كلام، ومتى قال: نويت الطلاق سقطت حقوقها التي تسقط بالخلع، وإذا قالت له أبرأتك من حقوقي كلها، فقال لها: طلقتك على ذلك وقع الطلاق بائناً، وإن كان صريحاً لأنه طلاق على عوض كما قلنا، وفي هذه الحالة تسقط نفقة عدتها.

ثالثها: لفظ باينتك، فإنه موضوع للخلع، فإن لم يذكر مالاً وقبلت سقطت حقوقها في المهر متى نوى الطلاق، وإن لم تقبل ونوى به الطلاق طلقت وإلا فلا لأن المباينة لا يقع بها الطلاق إلا بالنية أما إذا قال لها: باينتك على عشرين ريالاً ولم تقبل لا يقع به الطلاق قولاً واحداً ولا يلزمها البدل لأنه علق إبانتها على المال، كما قلنا. رابعها: لفظ فارقتك، فإنه إذا ذكر مالاً فقال: فارقتك على مائة وقبلت بانت منه ولزمتها المائة وسقطت حقوقها الآتي بيانها من مهر ونحوه وإن لم تقبل لا يقع طلاق ولا يلزمها مال وإن لم يذكر مالاً فإن قبلت منه سقطت حقوقها التي تسقط بالخلع إن نوى به الطلاق أو قامت قرينة على إرادة الطلاق: وإن لم تقبل. فإن نوى به الطلاق لزمه طلاق بائن لأنه كناية، وإلا فلا يلزمه شيء.

خامسها: لفظ الطلاق على مال فإذا قال لها: طلقي نفسك على عشرين جنيهاً، فقالت: قبلت أو طلقت نفسي على ذلك وقع الطلاق بائناً ولزمها العشرون، وهل يسقط ذلك حقها في المهر زيادة على العشرين التي دفعتها؟ الصحيح أنه لا يسقط، نعم تسقط به نفقتها، سواء كانت مفروضة أو لا، فإذا كان محكوماً لها بنفقة زوجية متجمدة سقطت بالطلاق على مال، وإن لم ينص على سقوطها. وهذه بخلاف نفقة العدة، فإنه سيأتي الكلام عليها، فإذا قال لها طلقي نفسك على عشرين ولم تقبل فإنه لا يقع طلاق ويلزمه مال ولا يسقط مهرها ولا نفقتها، وإذا قال لها: طلقي نفسك ولم يذكر مالاً كان ذلك تمليكاً للطلاق لا من باب الخلع، وقد تقدم حكمه في مبحث الإنابة في الطلاق، على أن بعضهم لم

ص: 345

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

يعد الطلاق على مال من الخلع لأنه لا يسقط الحقوق على المعتمد، والخلع الشرعي يسقط الحقوق، نعم يقع به البائن ويلزم به المال المنصوص فلهذا أصبح في حكم الخلع.

فهذه هي الخمسة المشهورة: وزيد عليها اثنان: أحدهما: ما اشتق من لفظ البيع فإذا قال لها: بعت نفسك بمائة جنيه، فقالت: اشتريت، أو قبلت وقع به الطلاق البائن ولزمتها المائة وسقط حقها الذي يسقط بالخلع، وإذا لم تقبل لا يقع الطلاق ولا يلزمها شيء، أما إذا قال لها: بعت نفسك ولم يذكر مالاً، فقالت: قبلت فإنه يقع بذلك الطلاق البائن ويسقط حقها الذي يسقط الخلع فإذا قال لها: بعت نفسك منك ولم يذكر مالاً ولم تقبل فإنه يقع به الطلاق البائن قضاء وإن لم ينو، وذلك لأن البيع زوال الملك، وهو لا يملك من زوجته إلا المتعة فباع ملك المتعة وهو معنى الطلاق، ومثل ذلك ديانة، ومثل ذلك ما إذا ذكر البدل، قبلت أو لم تقبل، فإنه لا تسمع منه دعوى عدم الطلاق قضاء، كما مر في نظائره، وإذا قال لها: بعتك طلقة ولم يذكر مالاً، فقالت: قبلت، لزمه طلاق رجعي، لأن عدم ذكر البدل جعله طلاقاً صريحاً فلو قال بعتك طلقة بمهرك، فقالت طلقت نفسي، ولم تقل، اشتريت وقع طلاق بائن وسقط مهرها.

ثانيهما: ما اشتق من لفظ الشراء فإذا قال لها: اشتري طلاقك بألف، فقالت: قبلت، أو اشتريت وقع طلاق بائن ولزمت الألف، هكذا كما ذكر في البيع، فيكون مجموع ألفاظ الخلع سبعة، وقد علمت حكم كل واحد منها تفصيلاً.

المالكية - قالوا: الخلع شرعاً هو الطلاق بعوض، وقد تقدم تعريف الطلاق، فقوله: الطلاق شمل الطلاق بأنواعه المتقدمة، وهو: الصريح، والكناية الظاهرة أو أي لفظ آخر إذا كان بنية الطلاق، فإذا قالت له زوجته: طلقني على مهري، أو على مائة ريال مثلاً، فقال: طلقتك على ذلك لزمه طلاق بائن ولزمها العوض، وكذا إذا أجابها بكناية ظاهرة من الكنايات المتقدم ذكرها، فإنه يقع الطلاق البائن ويلزمها العوض، وكذا إذا أجابها بأي لفظ ناوياً به طلاقها فإنه يلزمه طلاق بائن، ولفظ من ألفاظ الطلاق الصريح، فإذا أجابها بقوله: خالعتك، أو اختلعتك كان بمنزلة قوله لها: أنت طالق، وإذا قال لها: خالعتك، أو اختلعتك بدون ذكر عوض لزمه طلاق بائن. هذا، وقد عرفه بعضهم بأنه عقد معاوضة على البضع تملك به الزوجة نفسها ويملك به الزوج العوض، ولا يخفى أن هذا التعريف فيه بيان حسن لماهية الخلع.

الشافعية - قالوا: الخلع شرعاً هو اللفظ الدال على الفراق بين الزوجين بعوض، متوفرة فيه الشروط الآتي بيانها في شروط العوض، فكل لفظ يدل على الطلاق صريحاً كان أو كناية يكون خلعاً يقع به الطلاق البائن، وسيأتي بيان ألفاظ الطلاق في الصيغة وشروطها.

الحنابلة - قالوا: الخلع هو فراق الزوج امرأته بعوض يأخذه الزوج من امرأته أو غيرها بألفاظ مخصوصة، أما الألفاظ المخصوصة فتنقسم إلى قسمين: صريحة في الخلع، وكناية فيه. فأما

ص: 346