المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مبحث فيما تثبت به حرمة المصاهرة - الفقه على المذاهب الأربعة - جـ ٤

[عبد الرحمن الجزيري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الرابع

- ‌مقدمة [الجزء الرابع]

- ‌كتاب النكاح

- ‌تعريفه

- ‌حكم النكاح

- ‌مبحث أركان النكاح

- ‌مبحث شروط النكاح

- ‌خلاصة لأهم المسائل المتقدمة المتفق عليها والمختلف فيها

- ‌مباحث الولي

- ‌تعريف الولي

- ‌أقسام الولي

- ‌مبحث اختصاص الولي المجبر وغيره

- ‌مبحث إذا زوج الولي الأبعد مع وجوب الأقرب

- ‌مبحث للولي أن يوكل غيره بالزواج

- ‌دليل الولي من الكتاب والسنة

- ‌خلاصة مباحث الولي

- ‌مبحث الكفاءة في الزواج

- ‌مبحث عد المحرمات اللاتي لا يصح العقد عليهن

- ‌مبحث فيما تثبت به حرمة المصاهرة

- ‌مبحث المحرمات بالجمع

- ‌مبحث المحرمات لاختلاف الدين

- ‌مبحث المحرمة بالطلاق ثلاثة وحكم المحلل

- ‌مبحث إذا اشترط في النكاح شرطاً أو أضافه إلى زمن

- ‌النكاح المؤقت أو نكاح المتعة

- ‌مباحث الصداق

- ‌تعريفه

- ‌شروط المهر

- ‌أقسام الصداق. الخلوة - النكاح الفاسد

- ‌مبحث الوطء بشبهة

- ‌مبحث نكاح الشغار أو جعل كل من المرأتين صداقاً للأخرى

- ‌مبحث ما يعتبر به مهر المثل

- ‌مبحث نكاح التفويض وما يجب فيه من صداق، أو متعة

- ‌مبحث تصرف الزوجين في الصداق بالهبة والبيع ونحوهما

- ‌مبحث إذا هلك الصداق فعلى من ضمانه

- ‌حكم ما إذا كان الصداق عيناً فعرضت له زيادة، أو نقص

- ‌تأجيل الصداق وتعجيله

- ‌منع المرأة نفسها من الدخول وغيره لعدم قبض الصداق

- ‌مبحث إذا عجز الزوج عن دفع الصداق

- ‌مبحث للزوج أن يسافر بزوجته

- ‌مبحث اختلاف الزوجين في الصداق

- ‌مبحث في مهر السر والعلانية وهدية الزوج وجهاز المرأة

- ‌العيوب التي يفسخ بها النكاح ومسائل العنين - والمجبوب - والخصي - ونحوهم

- ‌أنكحة غير المسلمين

- ‌حكم نكاح المرتد عن دينه من الزوجين

- ‌مباحث القسم بين الزوجات في المبيت والنفقة ونحوهما

- ‌تعريفه

- ‌حكم القسم ودليله وشرطه

- ‌مبحث لا تجب المساواة بين الزوجين في الحب القلبي وما يترتب عليه من شهوة

- ‌كيفية القسم، وما يترتب عليه

- ‌مبحث حق الزوجة الجديدة في القسم وتنازل المرأة عن حقها فيه

- ‌مبحث هل لمن يريد السفر أن يختار من تسافر معه من زوجاته

- ‌مبحث هل للزوج أن يجمع بين زوجاته في بيت واحد وفي فراش واحد

- ‌مباحث الرضاع

- ‌تعريفه

- ‌شروط الرضاع

- ‌مبحث من يحرم بالرضاع ومن لا يحرم

- ‌مبحث ما يثبت به الرضاع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌تعريفه

- ‌أركان الطلاق

- ‌شروط الطلاق

- ‌مبحث تقسيم الطلاق

- ‌تقسيمه إلى واجب ومحرم الخ

- ‌مبحث الطلاق السني والبدعي وتعريف كل منهما

- ‌مبحث ما يترتب على الطلاق البدعي من الأحكام

- ‌دليل تحريم طلاق البدعة من الكتاب والسنة

- ‌الطلاق الصريح

- ‌مبحث كنايات الطلاق

- ‌مبحث أقسام كنايات الطلاق

- ‌مبحث في إضافة الطلاق إلى المرأة أو إلى جزئها

- ‌مبحث إذا قال: أنت حرام أو محرمة أو قال: علي الحرام أو نحو ذلك

- ‌مبحث تعدد الطلاق

- ‌مبحث إضافة الطلاق إلى الزمان أو إلى المكان

- ‌مبحث إذا وصف الطلاق أو شبهه بشيء

- ‌مبحث هل للزوج أن ينيب زوجته أو غيرها في الطلاق

- ‌مباحث الخلع

- ‌تعريفه

- ‌مبحث هل الخلع جائز أو ممنوع؟ وما دليل ذلك

- ‌أركان الخلع وشروطه

- ‌شروط ملتزم العوض والزوج وفيه خلع الصغيرة، والسفيهة، والمريضة

- ‌شروط عوض الخلع، وفيه الخلع بالنفقة، والحضانة والمال، ونحو ذلك

- ‌شروط صيغة الخلع

- ‌مبحث الخلع طلاق بائن لا فسخ والفرق بين الفسخ والطلاق

- ‌مباحث الرجعة

- ‌تعريفها

- ‌دليل الرجعة

- ‌أركان الرجعة وشروطها

- ‌مبحث اختلاف الزوجين في انقضاء العدة المبطل للرجعة، وما يتعلق بذلك

- ‌خاتمة في مسألتين

- ‌مباحث الإيلاء

- ‌تعريفه

- ‌أركان الإيلاء وشروطه

- ‌حكم الإيلاء ودليله

- ‌مباحث الظهار

- ‌تعريفه وحكمه. ودليله

- ‌أركان الظهار وشروطه

- ‌مبحث متى تجب كفارة الظهار

- ‌كيفية كفارة الظهار

- ‌مباحث العدة

- ‌تعريفه

- ‌أنواع العدة، وأقسامها

- ‌مبحث انقضاء العدة بوضع الحمل

- ‌دليل عدة الحامل، وحكمة مشروعيتها

- ‌انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وهي حامل

- ‌مبحث عدة المطلقة إذا كانت من ذوات الحيض وفيه معنى الحيض وشروطه

- ‌مبحث عدة المطلقة الآيسة من المحيض

- ‌دليلها

- ‌مباحث النفقات

- ‌تعريفها - حكمها - أسبابها - مستحقوها دليلها

- ‌مبحث نفقة الزوجة وتتعلق بها مسائل

- ‌أنواع نفقة الزوجية

- ‌مبحث هل تفرض النفقة بحسب حال الزوج أو الزوجة أو حالهما

- ‌مبحث هل تقدر النفقة بالحبوب والقماش أو بقيمتهما نقداً

- ‌مبحث وجوب شروط النفقة

- ‌مبحث هل تثبت النفقة قبل المطالبة بها

- ‌مبحث ما تسقط به النفقة

- ‌مبحث نفقة العدة

- ‌مبحث الحكم بالنفقة على الغائب وأخذ كفيل بالنفقة

- ‌مبحث إذا عجز الزوج عن النفقة على زوجته

- ‌مبحث نفقة الأولاد

- ‌مبحث النفقة على الآباء والأقارب

- ‌مباحث الحضانة

- ‌تعريفها - مستحقها

- ‌شروط الحضانة

- ‌مدة الحضانة

- ‌مبحث هل للحاضن أن يسافر بالمحضون

- ‌مبحث أجرة الحضانة

الفصل: ‌مبحث فيما تثبت به حرمة المصاهرة

ولعل السر في ذلك أن البنت في حال صباها وأول حياتها تكون علاقتها بالرجل أشد وغيرتها عليه أعظم، فينبغي أن يكون العقد عليها قاطعاً لمطمع أمها حتى لا يحدث ضغينة وحقداً تنقطع به صلات المودة، بخلاف الأم فإنه يسهل عليها أن تنزل عن رجل لم يباشرها لبنتها التي تحبها حباً جماً فلا تنقطع بينهما علائق المودة.

النوع الثالث: موطوءات الآباء.

وأما الرضاع فإنه يحرم به ما يحرم بالنسب إلا في بعض أمور سيأتي بيانها في مبحثه. فهذه هي موجبات التحريم المؤبد، وأما موجبات التحريم المؤقت فهي أمور: أحدها: زواج المحرم، فلا يحل للشخص أن يجمع بين الأختين، أو بين الأم وبنتها، أو نحو ذلك مما سيأتي.

ثانيها: الملك، فلا يحل للمرأة أن تتزوج عبدها. ولا للرجل أن يتزوج أمته إلا بعد العتق.

ثالثها: الشرك، فلا يحل لمسلم أن يتزوج مشركة غير متدينة بدين سماوي.

رابعها: التطليق ثلاث مرات، فإنه يوجب التحريم إلا إذا تزوجت غيره.

خامسها: تعلق الغير بنكاح أو عدة، فإذا زالت هذه الأسباب عاد له الحل ومن ذلك ما إذا زاد على أربع أو عقد على خامسة قبل أن تنقضي عدة الرابعة.

‌مبحث فيما تثبت به حرمة المصاهرة

-المصاهرة: وصف شبيه بالقرابة، ويتحقق في أربع: إحداها زوجة الابن، وهي تشبه البنت. ثانيهما: بنت الزوجة، وهي تشبه البنت أيضاً، ثالثها: زوجة الأب، وهي تشبه الأم، رابعها: أم الزوجة، وهي تشبه الأم أيضاً.

ولا خلاف في أن زوجة الابن، وزوجة الأب، وأم الزوجة يحرمن بالعقد الصحيح، فإذا عقد الأب على امرأة حرمت على ابنه وابن ابنه وإن نزل، وإن لم يدخل بها، وإذا عقد الابن على امرأة حرمت على أبيه وجده وإن علا، كما تحرم على ابنه وإن نزل، وإن لم يدخل بها، أما بنت زوجة الأب من غير الأب فإنها لا تحرم على الابن، وبنت زوجة الابن لا تحرم على

ص: 61

الأب، وبنت زوج الأم لا تحرم على ابنه ولا أمه. ولا أم زوجة الأب، ولا أم زوجة الابن. ولا زوجة الربيب، فمن كان متزوجاً بامرأة لها ابن من غيره وله مطلقة فإنها تحل لزوج أمه.

وإذا عقد الشخص على امرأة حرمت عليه أمها وأم أمها وإن علت سواء دخل بها أو لم يدخل. أما بنتها فإنها لا تحرم إلا بالدخول كما عرفت.

فحرمة المصاهرة تثبت بالعقد الصحيح بدون كلام.

أما العقد الفاسد، أو الوطء بشبهة، أو زنا، ففي التحريم به اختلاف - المذاهب (1) .

(1) (الحنفية - قالوا: العقد الفاسد لا يوجب حرمة المصاهرة، فمن عقد على امرأة عقداً فاسداً لا تحرم عليه أمها، وأما الذي يوجب حرمة المصاهرة فهو أربعة أمور:

أحدها: العقد الصحيح. ثانيها: الوطء، سواء كان بعقد صحيح، أو فاسد، أو زنا. ثالثها: المس. رابعها: نظر الرجل إلى داخل فرج المرأة، ونظر المرأة إلى ذكر الرجل.

ويشترط في الوطء ثلاثة أمور: أن تكون الموطوءة حية، فلو وطئ ميتة لا تحرم بنتها. أو تكون مشتهاة، وهي من كان سنها تسع سنين فأكثر، فإذا تزوج صغيرة ووطئها ثم طلقها وتزوجت غيره بعد انقضاء عدتها وجاءت منه ببنت، فإن للزوج الأول أن يتزوج هذه البنت، لأنه وطئ أمها وهي صغيرة، مثل ذلك ما لو زنا بصغيرة من باب أولى، وكذلك تشترط الشهوة في التحريم بوطء الذكر، فإذا وطئ غلام مراهق امرأة أبيه فإنها لا تحرم.

الشرط الثالث: أن يكون الوطء في القبل لا في الدبر. فمن وطئ امرأة في دبرها فإنه لا تحرم عليه أصولها وفروعها، ومن باب أولى ما إذا لاط برجل فإن بنته لا تحرم عليه، ولا يقال: إن الحنفية أوجبوا التحريم بالنظر والمس، وبديهي أن الوطء في دبر المرأة فيه لذة مستكملة فوق المس والنظر، لأنا نقول: إن التحريم بالمس والنظر لكونهما سبيلاً للوطء في القبل الذي توجب التحريم، فحيث يتبين أنهما لا يفضيان إلى ذلك فلا يحرمان، ولذا اشترط في التحريم بهما أن لا ينزل بهما، فإذا أنزل تبين أنهما لم يفضيا إلى الوطء المحرم.

ولا يشترط في الوطء الموجب للتحريم أن يكون جائزاً، بل تثبت حرمة المصاهرة بوطء الحائض والنفساء، وبوطئها وهو محرم بالنسك، أو صائم، أو نحو ذلك.

ويشترط في المس شروط: أحدها أن يكون بدون حائل، أو بحائل خفيف لا يمنع الحرارة ثانيها: أن يكون لغير الشعر المسترسل - وهو النازل - فإذا مسه بشهوة فإنه لا يحرم، أما مس الشعر الملاصق للرأس فإنه يحرم على الراجح. ثالثها: أن يكون المس بشهوة، وحد الشهوة في مس الرجل للمرأة أن تتحرك آلته، أو تزيد حركتها إذا كانت متحركة من قبل مسها وحدها إذا مست المرأة الرجل أن يتحرك قلبها وتشعر باللذة، ومثل المرأة الشيخ الكبير رابعها: أن يغلب على ظن الرجل صدق المرأة

ص: 62

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

إذا أخبرته أنها تلذذت بمسه، ويغلب على أب الرجل وابنه صدقه في قوله إنه تلذذ بمسها وإلا فلا تحرم. خامسها: أن تكون اللذة مقارنة للمس، فإذا مسها بدون لذة ثم وجد اللذة بعد فلا تحرم. سادسها: أن لا ينزل بالمس كما عرفت. سابعها: أن لا تكون الممسوسة دون تسع سنين، وأن يكون الماس له شهوة، فإذا كانت صغيرة أو كانت كبيرة والماس مراهقاً، فإنه لا يحرم.

ويشترط في النظر أمور: الأول أن يكون إلى داخل الفرج المدور خاصة على الراجح، وهذا لا يكون إلا إذا كانت متكئة، فلو كانت واقفة، أو جالسة غير مستندة فإنه لا يرى وإذا كانت الناظرة المرأة فالشرط أن تنظر إلى الذكر خاصة، أما النظر إلى باقي بدنها أو بدنه فإنه لا يوجب التحريم. والثاني أن يكون النظر بشهوة مقارنة له كما في اللمس، وحد الشهوة هنا كحدها في اللمس على الراجح. الثالث: أن يرى نفس الفرج لا صورته المنطبعة في مرآة أو ماء، فلو كانت متكئة ورأى صورة فرجها الداخل في المرآة بشهوة فإنها لا تحرم، وكذا لو كانت كذلك على شاطئ ماء، أما إذا كانت موجودة في ماء صاف فرآه وهي في نفس الماء فإن الرؤيا على هذا تحرم لأنه رآه بنفسه لا بصورته. الرابع أن تكون الشهوة مقارنة لنفس النظر. الخامس: أن لا ينزل كما تقدم في اللمس. السادس: أن لا تكون المنظورة صغيرة لا تشتهى، أو ميتة، أو يكون الناظر مراهقاً كما تقدم.

ولا فرق بين اللمس والنظر بشهوة بين عمد ونسيان وإكراه، فالكل تثبت به حرمة المصاهرة. أما الزنا فإنه عبارة عن وطء مكلف في فرج امرأة مشتهاة خال عن الملك وشبهته، وتثبت به حرمة المصاهرة نسباً ورضاعة، فمن زنى بامرأة حرمت على أصوله وفروعه، فلا تحل لأبيه ولا لابنه، ويحرم على الزاني أصولها وفروعها، فلا يحل له أن يتزوج بنتها سواء كانت متولدة من مائه أو من غيره، وبنت بنتها وهكذا، كما يحرم عليه أن يتزوج أمها وجدتها وهكذا، وله أن يتزوج أختها، وتحل أصولها وفروعها لأصول الزاني وفروعه، فيجوز لابنه أن يتزوج بنتها. وبشرط أن لا تكون متولدة من ماء زنا أبيه ولا راضعة من لبنه الناشئ بسببه، فإذا زنى بامرأة فحملت سفاحاً وولدت، ثم أرضعت صبيه بلبنها فإنه لا يحل لهذا الزاني أن يتزوجها لأنها بنته من الرضاع. وكذا لا تحل لأصوله ولا لفروعه. ومثلها بنته المتولدة من الزنا: فإنها تحرم عليه وعلى أصوله وفروعه، وذلك لأنها بنته جزء منه، سواء كانت متولدة من مائه، أو كانت راضعة لبن امرأته منه، ولذا لا تحرم على عمه أو خاله لانتفاء الجزئية فيهما، ولم يثبت نسبها من الزاني حتى تحرم على العم والخال.

هذا وبذلك يتضح أن الدخول بالمرأة المتوقف عليه تحريم ابنتها لا يشترط فيه الوطء، بل يكفي فيه اللمس بشهوة، والنظر بشهوة بالشروط المتقدمة.

الشافعية - قالوا: العقد الفاسد يوجب حرمة المصاهرة فيمن اشترط في تحريمها الوطء، كالأم فإن بنتها، لا تحرم إلا بوطئها، فإذا عقد عليها عقداً فاسداً ثم وطئها بناء على ذلك العقد حرمت بنتها، أما التي تحرم بمجرد العقد فإنه يشترط في تحريمها أن يكون العقد صحيحاً - كالبنت - فإن أمها تحرم

ص: 63

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بمجرد العقد عليها بشرط أن يكون صحيحاً، فإذا عقد على البنت عقداً فاسداً ولم يدخل بها لم تحرم أمها نعم إذا وطئها بعد ذلك العقد الفاسد حرمت أمها بالوطء ولو في الدبر.

ومثل ذلك زوجة الأب، فإنها تحرم بمجرد العقد، فيشترط في تحريمها بمجرد العقد أن يكون العقد صحيحاً، أما إذا دخل عليها ووطئها فإنها تحرم بالوطء ولو كان العقد فاسداً وكذا زوجة الابن فإنها تحرم بمجرد العقد، فيشترط أن يكون صحيحاً على الوجه المتقدم.

ومن هذا تعلم أن الذي يقع به التحريم شيئان: إما العقد الصحيح وإما الوطء سواء كان بعقد صحيح أو فاسد، أو كان وطئها بشبهة ولو في دبر المرأة، ومثل الوطء استدخال مائه المحترم، ومعنى هذا أنه إذا جامع امرأة بعقد صحيح ثم أنزل فيها كان ماؤه محترماً، أي لم يكن حاصلاً من زنا، فإذا فرض وساحقت امرأته امرأة أخرى وأنزلت فيها هذا الماء وحملت منه كان ابنه، فإذا أنزلته في زوجة له لم يدخل بها حرمت عليه بنتها لأنه يعتبر دخولاً. أما الزنا فإنه لا يوجب حرمة المصاهرة على أي حال، لأنها نعمة من الله لا يصح زوالها بذلك الفعل المحرم، وكما لا يحرم الزنا لا يحرم المس ولا النظر بشهوة على أي حال.

ومثال الوطء بشبهة أن يجامع امرأة يظنها امرأته وهي ليست كذلك، ويقال لهذه الشبهة: شبهة الفاعل. ولا يوصف الفعل الواقع بها بحل ولا حرمة ويثبت بوطء الشبهة النسب وتلزم به العدة.

هذا، ويجوز للرجل أن يتزوج بنته المخلوقة من مائه زنا، فإذا زنا بامرأة وحملت منه سفاحاً وجاءت ببنت فإنها لا تحرم عليه لأن ماء الزنا لا حرمة له، وكما تحل له تحل لأصوله وفروعه، ولكن يكره له نكاحها بخلاف الأم الزانية فإنها كسائر الأمهات في الحرمة على أبنائهن، لأن نسبه ثابت منها ويتوارثان.

المالكية - قالوا: تثبت حرمة المصاهرة بالعقد الفاسد، والعقد الفاسد نوعان: مجمع على فساده، وغير مجمع على فساده في المذاهب الأخرى، وهذا لا ينشر الحرمة إلا بالوطء ومقدماته، وذلك كنكاح امرأة معتدة، وهو غير عالم، أو نكاح أخته رضاعاً بدون علمه، فإن النكاح فاسد بالإجماع، ويدرأ الحد عن الفاعل لأن فيه شبهة. وهذا العقد لا يحرم إلا بالوطء أو مقدماته أما العقد الذي لم يجمع على فساده بأن قال به بعض العلماء ولو في مذهب غير مذهب المالكية، كنكاح المحرم بالنسك فإنه صحيح عند الحنفية، فاسد عند المالكية، وكذلك نكاح المرأة نفسها بدون ولي ونحوه فإنه ينشر حرمة المصاهرة كالصحيح.

ومن الفاسد النكاح الموقوف على إجازة الغير، فإذا زوج الرجل ابنه العاقل البالغ بغير إذنه وهو غائب فلم يرض الابن بالزواج ورد النكاح كان هذا من القسم الثاني، فيحرم به ما يحرم بالعقد الصحيح، ولا يشترط أن يكون العقد بين كبيرين بل يحرم العقد على الصغيرة للصغير.

أما الزنا فإن المعتمد أنه لا ينشر الحرمة، فمن زنى بامرأة فإن له أن يتزوج بأصولها وفروعها

ص: 64

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ولأبيه وابنه أن يتزوجها وفي تحريم البنت المتخلقة من ماء الزنا على الزاني وأصوله وفروعه خلاف، والمعتمد الحرمة، فإذا زنى بامرأة فحملت منه سفاحاً ببنت وجاءت بها فهي محرمة عليه وعلى أصوله وفروعه، ولو رضعت من لبنها بنت كانت محرمة أيضاً لأنه لبنه الذي جاء بسبب وطئه الحرام.

وبعضهم يقول: إن المتخلقة من ماء الزنا لا تحرم - كما يقول الشافعية - لأنها لم تعتبر بنتاً بدليل أنه لا توارث بينهما، ولا يجوز له الخلوة بها، وليس له إجبارها على النكاح باتفاقهم فكيف تعتبر بنتاً محرمة وكيف يكون لبن أمها محرماً؟ وهذا القول وجيه وإن لم يكن معتمداً، ومثل بنت الزنا ابن الزنا، فإذا جاءت منه بولد حرم عليه أصول أبيه وفروعه، وتجوز المخلوقة من ماء زنى الأخ لأخيه، وإذا زنى بها وهي حامل، فقيل: لا تحرم، وقيل: تحرم لأنه سقاها بمائه ولكن المشهور أنها لا تحرم.

هذا، ولا يشترط في الدخول بالأمهات الوطء، بل يكفي التلذذ بها ولو بعد موتها، ويتحقق التلذذ بالنظر إلى داخل جسمها إن وجدت اللذة وإن لم يقصدها، أما إن قصد ولم يجد فلا تلذذ، فمن عقد على امرأة ولو عقداً فاسداً وتلذذ على هذا الوجه حرمت عليه بنتها وبنت بنت بنتها وإن سفلت كما حرمت عليه أصولها.

ولا يحرم النظر إلى وجهها ويديها: وإنما يحرم تقبيل الوجه أو اليد أو الفم أو لمسها بشهوة.

الحنابلة - قالوا: تثبت حرمة المصاهرة بالعقد الفاسد، فإن العقد الفاسد عندهم تثبت به أحكام النكاح ما عدا الحل، والإحصان، والإرث، وتصنيف الصداق بالفرقة قبل المسيس، فلا يترتب على النكاح الفاسد حل وطء المرأة المعقود عليها. ولا إحلالها لمطلقها ثلاثاً. ولا توصف بالإحصان كما لا يوصف الزوج به ولا يتوارثان به، وإذا طلقها قبل الدخول والمسيس لا تستحق نصف الصداق، أما ما عدا ذلك من نشر حرمة المصاهرة وغيرها فإنها تثبت به. وهذا هو ظاهر المذهب. وبعضهم يقول: لا تثبت حرمة المصاهرة.

والمحرمات بالعقد سواء كان صحيحاً أو فاسداً: زوجة الأب وإن علا. وزوجة الابن وإن سفل وأم زوجته من نسب أو رضاع وإن علت كما هو مبين في أسفل صحيفة 61.

وأما الوطء المحرم لغير من ذكرن فيشترط فيه أن يكون وطأً في فرج أصلي، أما فرج الخنثى والفرج غير الأصلي، إن فرض وجود فرجين للمرأة فإنه لا يحرم، أو يكون في دبر سواء كان الموطوء أنثى أو رجلاً أو أمة، فلا تحل للائط والملوط به أم الآخر ولا بنته، فهو ينشر الحرمة كوطء المرأة بلا فرق، وهذا هو المنصوص، ولكن قال في شرح المقنع: الصحيح أن اللواط لا ينشر الحرمة لأن النصوص عليه في آية التحريم إنما هو البنت لا الولد، فتدخل أم الملوط أو اللائط في عموم قوله تعالى:{وأحل لكم ما وراء ذلكم} .

ويشترط أن يكون الفاعل ابن عشر سنين، وأن يغيب حشفة ذكره في الفرج الحقيقي أو الدبر، وأن تكون الموطوءة بنت تسع سنين، فإن كانا أقل من ذلك فلا تثبت به حرمة المصاهرة، فإذا

ص: 65