الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مباحث الظهار
تعريفه وحكمه. ودليله
-معنى الظهار في اللغة، هو أن يقول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي، ويظهر أنه مأخوذ من الظهر تشبيهاً للمرأة بالمركوب على ظهره، لأن الرجل يركبها حين يغشاها، وإن كان ركوبها على بطنها لا على ظهرها، لأن الغرض تشبيهها بالمركوب في الجملة، وعلى كل حال فحقيقة الظهار في اللغة هي أن يقول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي، وإذا قال لها ذلك فقد حرمت عليه مؤبدة، كما تحرم على غيره، ولما جاء الدين الإسلامي لم يبطل ما كان عليه الناس إلا بوحي. فما كان من أقوالهم وأفعالهم حسناً أقره الله، وما كان قبيحاً نهى الله عنه، وما كان محتاجاً إلى تهذيب هذبه الله.
فالظهار كان مستعملاً في تحريم وطء الزوجة في الجاهلية، وكان حكمه تأبيد التحريم على الزوج وعلى غيره. ولكن الشريعة الإسلامية جعلت له حكماً أخروياً، وحكماً قي الدنيا، فأما حكمه الأخروي فهو الاثم، فمن قاله فقد أثم، وأما حكمه الدنيوي فهو تحريم وطء المرأة حتى يخرج كفارة تأديباً له وتغليظاً عليه، وسيأتي بيان الكفارة.
فيجب على المسلمين أن يفهموا جيداً ما انطوت عليه هذه الكلمة من مساوئ، فلا يقدموا عليها، إذ ليس من الدين أن يغضب الرجل فيقول لامرأته: أنت علي كظهر أمي، أو مثل أمي أو مثل أختي، أو نحو ذلك، مما سيأتي، لأن هذه اللفظة يترتب عليها معصية الله تعالى وعقابه الأخروي، كما يترتب عليها ندم بأداء الكفارة الشاقة على أن في معنى الظهار شرعاً تفصيل المذاهب (1) .
(1) (الحنفية - قالوا: الظهار هو تشبيه المسلم زوجته. أو تشبيه ما يعبر به عنها من أعضائها أو تشبيه جزء شائع منها بمحرم عليه تأبيداً بوصف لا يمكن زواله.
ومعناه إجمالاً أن حقيقة الظهار الشرعية هي صيغة الظهار المشتملة على تشبيه الزوجة بالأم ونحوها من المحرمات. أو تشبيه جزء يعبر به عن المرأة كالرأس والعنق أو جزء شائع كالنصف والثلث، فقوله: تشبيه خرج عنه ما ليس تشبيهاً، فإذا قال لها: أنت أمي أو أختي بدون تشبيه، فإنه لا يكون ظهاراً، ولو نوى به الظهار. وهو عام يشمل التشبيه الصريح والتشبيه الضمني فالصريح أن يقول: أنت علي كظهر أمي، أو كأمي، أو نحو ذلك والضمني كأن يشبه زوجته بامرأة ظاهر منها زوجها، بأن يقول
أما دليله: فهو قوله تعالى: {الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكراً من القول وزوراً} فهذا هو دليل حكمه الأخروي. فقد وصفه الله بأنه منكر وزور، أما دليله الدنيوي، فقوله بعد هذه الآية:{والذين يظاهرون منكم من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا} الآيات، فهذا دليل حكمه الدنيوي.
وبذلك تعلم أنه لا منافاة بين كونه منكراً من القول. وبين كونه يترتب عليه تحريم المرأة مؤقتاً حتى يخرج الكفارة، لأن الكفارة جزاء على عصيان الله، وتحريم المرأة مؤقتاً تأديب له، وفي ذلك زجر شديد للمؤمنين الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
هذا، وقد روي أن سبب تشريع حكم الظهار، هو أن خولة بنت ثعلبة امرأة أوس بن الصامت رآها زوجها وهي تصلي، فلما سلمت راودها، فأبت، فغضب فظاهر منها، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أوساً تزوجني وأنا شابة مرغوب في فلما خلا سني ونثرت بطني - أي كثرت أولادي - جعلني كأمه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما عندي في أمرك شيء" لأن الله لم يوح إليه بإبطال ما كانوا عليه بشأن الظهار، فتألمت لذلك وشكت إلى الله، وقالت له: يا رسول الله إن لي صبية صغاراً، إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إلي جاعوا، فأعاد عليها قوله، فكانت كلما قال لها ذلك تهتف وتقول: أشكو إلى الله فاقتي ووحدتي فنزل قوله تعالى: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير. الذين يظاهرون منكم من نسائهم} الآيات.
لها: أنت علي مثل فلانة، وهو ينوي بذلك الظهار فإنه وإن لم يذكر الظهار صريحاً، ولكن ذكره ضمنياً، ومثل ذلك ما إذا كان له زوجتان فظاهر من إحداهن ثم قال للأخرى: أنت علي مثل فلانة أو أشركتك معها ناوياً الظهار فإنه يكون مظاهراً، لأن ذلك متضمن - أنت علي كظهر أمي - وشمل أيضاً التشبيه المنجز والمعلق، ولو على مشيئتها، كأن يقول لها: أنت علي كظهر أمي إن شئت وكذلك المؤقت، كأن يقول لها أنت علي كظهر أمي شهراً. أو أسبوعاً، فإنه يصح، ويكون ظهاراً تجب به الكفارة عند العزم على وطئها في ذلك الوقت. وإذا قال لها: أنت علي كظهر أمي شهر رجب كله، وشهر رمضان كله فإنه يصح، وإذا عزم على وطئها في شهر رجب، فإنه يجب عليه أن يخرج الكفارة أولاً، فإذا فعل أجزأته هذه الكفارة عن كفارة شهر رمضان، وإذا لم يعزم على وطئها في شهر رجب وعزم على وطئها في شهر شعبان فإن إخراج الكفارة لا تجزئه، وذلك لأنه ليس مظاهراً منها في شعبان، فله وطؤها بدون كفارة والكفارة إنما تجب لاستباحة الوطء الممنوع شرعاً عند العزم عليه. فلا تجب قبل العزم على ذلك الوطء.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقد عرفت أن الوطء في شعبان مباح لا ممنوع، فلا تجب له كفارة، أما إذا أخرجها عند العزم في رمضان فإنها تجزئ عن رجب ورمضان من باب أولى، ومثل ذلك ما إذا قال لها: أنت علي كظهر أمي إلا يوم الجمعة، فإنه إذا عزم على وطئها في يوم غير يوم الجمعة وجبت عليه الكفارة فإذا أخرجها يوم الجمعة لا تجزئه، لأن يوم الجمعة يباح له فيه وطؤها بدون كفارة، وإذا قال لها أنت علي كظهر أمي إن سافرت إلى بلدة أبيك، وسافرت لزمته الكفارة عند العزم على الوطء فإذا قال لها: كلنا سافرت، تعددت الكفارة بعدد مرات سفرها، وإذا قال لها: أنت علي كظهر أمي كل يوم فلا يلزمه إلا كفارة واحدة، وإذا قال لها: أنت علي كظهر أمي في كل يوم وجبت عليه كل يوم يعزم فيه على وطئها كفارة، ولكن إذا وطئها ليلاً جاز ولا كفارة عليه: لأن اليوم الشرعي هو النهار لا الليل.
وقوله: المسلم خرج به الذمي، فلا يصح ظهاره، وإن كان يصح طلاقه وإيلاؤه، ولكن لا يصح ظهاره، وذلك لأن الظهار يوجب تحريم الزوجة قبل الكفارة، والذمي لا كفارة عليه، لأنه ليس أهلاً للكفارة، وقد يقال: إنكم قلتم: إن إيلاء الذمي يصح فيما إذا حلف بالله، ولكن لا تجب عليه الكفارة، فلماذا لا يلزمه الظهار وتسقط عنه الكفارة؟ والجواب: أنه في حال الإيلاء منع نفسه من إتيان امرأته باليمين، فإذا لم يأتها حتى مضت مدة الإيلاء بانت منه رفعاً للضرر عنها، أما وطؤها بعد الحلف فلا شيء عليه، أما هنا فقد منع وطؤها من قبل الشارع إلا إذا أدى الكفارة عليه فلا معنى لصحة ظهاره.
وقوله: زوجته يشمل ما إذا كانت الزوجة أمة فإن الظهار يصح منها أما إذا كانت مملوكة فلا يصح الظهار منها: وكذا إذا كانت أجنبية إلا إذا أضافه إلى الملك، أو سبب الملك ومثال الأول: أن يقول لها: إن أصبحت أو صرت زوجة لي فأنت علي كظهر أمي. ومثال الثاني: إن تزوجتك فأنت علي كظهر أمي. فإن الزواج سبب لملك الزوجة، وإذا قال لها: إن تزوجتك فأنت علي ظهر أمي مرة فإنه إن تزوجها يجب عليه في كل مرة يعزم فيها وطئها كفارة حتى يخرج مائة كفارة وكذا إذا عدد مائة مرة، فإنه يجب عليه مائة كفارة من باب أولى.
وقوله: تشبيه المسلم زوجته خرج به تشبيه المسلمة زوجها، فلو قالت له: أنت علي كظهر أبي أو كظهر أمي. أو أنا عليك كظهر أمك كان لغواً من القول لا قيمة له، لأنها لا تملك التحريم، وبعضهم يقول: يصح ظهارها وعليها الكفارة إن مكنته من نفسها والأول هو المعتمد، وكذا يشمل الزوجة الكتابية. والصغيرة والمجنونة، والرتقاء، والمدخول بها وغير المدخول بها، فإن كلهن يصح الظهار منهن كما يصح الظهار من المطلقة رجعياً، لأنها زوجة، أما البائنة فلا يصح الظهار منها، ولو كانت في العدة.
وقوله: بمحرم عليه، أي بجزء محرم عليه من الأجزاء التي لا يصح له النظر إليها، كظهر أمه أو بطنها، أو فرجها، وكذا سائر المحرمات عليه من الرضاع، أو من النسب، أو المصاهرة، فلو قال لها: أنت كظهر حماتي، أو كظهر بنتك، كظهر أختي فلانة من الرضاع فإن الظهار يصح وكما يصح التشبيه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بجزء يحرم النظر إليه، فإنه يصح بالكل، كما إذا قال لها: أنت علي كأمي، وأختي لأنه فيه الظهر وزيادة، ولكن لا يكون ظهاراً إلا إذا نوى به الظهار، فهو كناية في الظهار وقولنا بجزء محرم، أي أن التشبيه لا بد أن يكون بجزء يحرم النظر إليه، فلو قال لها: أنت علي كرأس أمي. أو رجل أمي فإنه لا يكون ظهاراً. نعم يصح أن يكون المشبه جزءاً لا يحرم النظر إليه كما إذا قال: رأسك علي كظهر أمي، ويشترط أن يكون التشبيه بجزء امرأة، أو بجميع امرأة محرمه تحريماً مؤبداً كالأم، والأخت نسباً ورضاعاً وكالحماة، وبنت الزوجة، فإن قال: أنت علي كظهر أختك فإن الظهار لا يصح، لأن أختها ليست محرمة عليه حرمة مؤبدة، إذ يصح له أن يتزوجها بعد تطليق أختها، وقولنا بجزء امرأة خرج به التشبيه بجزء رجل. كما إذا قال: أنت علي كفرج أبي أو أخي فإنه لا يكون بذلك مظاهراً على المعتمد.
المالكية - قالوا: الظهار تشبيه المسلم المكلف من تحل أو جزءها بظهر محرم أو جزئه أو كظهر أجنبية، فقوله: تشبيه المراد به اللفظ المشتمل على التشبيه، سواء كانت أداة التشبيه الذكورة أو لا. والأول كما إذا قال لها: أنت علي كظهر أمي، والثاني كما إذا قال لها: أنت على أمي، فإذا قال لها: أنت أمي بحذف أداة التشبيه كان مظهراً، إلا أن ينوي به الطلاق فإن نوى به الطلاق كان طلاقاً بائناً، أما إذا ناداها بقوله: يا أمي أو يا أختي فإنه لا يكون مظاهراً، ولكن إذا نوى به الطلاق عد طلاقاً، وقوله المسلم، والمراد به الزوج. أو السيد، فإنه يظاهر من عبده، خرج به الكافر، فإن ظاهر ثم أسلم فإن الظهار لا يلزمه كما لا يلزمه الطلاق أو العتق، أو الصدقة، أو النذر، وإنما قال: المسلم، ولم يقل المسلمة لأن تشبيه المسلمة زوجها ليس بظهار، فإذا قالت له: أنت علي كظهر أبي. أو أمي كان ذلك لغواً. فلا يلزمها كفارة ظهار ولا كفارة يمين، وإذا جعل أمرها بيدها فقالت: أنا عليك كظهر أمي لم يلزمه ظهار، لأن الكفارة غرم.
وقوله: الملكف خرج به الصبي، والمجنون والمكره والسكران بسكر حلال، أما السكران بحرام فإنه يلزمه الظهار كما يلزمه الطلاق، وقوله: من تحل المراد بها الزوجة، والأمة، لأن الأمة يصح الظهار منها، فإن قلت: إن هذا القيد يفيد عدم صحة الظهار من الحائض، والنفساء، والمتلبسة بالإحرام لأنها لا تحل في هذه الحالة، والجواب: أن المراد من تحل بحسب ذاتها، وتحريمها في هذه الأحوال لعارض زائل، فإذا قال لزوجته الحائض: أنت علي كظهر أمي لزمه الظهار، وقوله أجزاءها شمل الجزء الحقيقي من يد ورأس وغيرها. والجزء الحكمي من شعر، وريق فإنه في حكم الجزء لا لتصاقه بالبدن فإذا قال: رأسك علي كرأس أمي، أو قدها، أو قال: شعرك كان ذلك ظهاراً.
وقوله: بظهر محرم أو جزئه - بفتح الميم والراء مخففة - المراد بها محارمه التي لا يحل له زواجها ومعناه أن الظهار كما يكون بتشبيه زوجته أو جزئها بظهر واحدة من محارمه يكون كذلك بأي جزء من أجزائها. وقوله: أو ظهر أجنبية، أي تشبيه زوجته أو أمته، أو جزئها بظهر الأجنبية خاصة فإذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قال لزوجته: أنت علي كظهر فلانة الأجنبية كان مظاهراً منها. أما إذا قال لها: أنت علي كرأسها أو يدها، أو غير ذلك من باقي أجزائها فإنه لا يكون مظاهراً فتحصل من هذا أربع صور:
الصورة الأولى: تشبيه كل زوجته، أو كل أمته بكل واحدة من محارمه. كأن يقول لها: أنت علي كأمي، أو كأختي أو أختي إذا لم ينو به الطلاق.
الصورة الثانية: تشبيه كل زوجته، أو أمته بجزء واحدة من محارمه. كأن يقول لها: أنت علي كظهر أمي، أو رأسها أو نحو ذلك من باقي أجزاء بدنها.
الصورة الثالثة: تشبيه جزء زوجته، أو أمته بكل محرمة عليه، كأن يقول: ظهرك علي كأمي ومثل ذلك ما إذا قال: رأسك أو ريقك، أو نحو ذلك.
الصورة الرابعة: أن يشبه جزء أمته بجزء محرمة عليه، كأن يقول: رأسك، أو ظهرك كرأس أمي، فإذا شبه بأجنبية محرمة عليه فإنه لا يكون مظاهراً إلا إذا شبه بظهرها خاصة كأن يقول لها: أنت علي كظهر فلانة. ولا بد أن تكون المشبهة بها محرمة عليه بطريق الأصالة، فلو قال لها: أنت محرمة علي كضرتك النفساء فإنه لا يكون ظهاراً
الشافعية - قالوا: الظهار تشبيه الزوج زوجته في الحرمة بمحرمة. فقوله: تشبيه الزوج، المراد بالزوج كل من يصح طلاقه، فيشمل العبد، والكافر، فإنه يصح ظهاره. خلافاً للحنفية والمالكية علي التفصيل المتقدم في مذهبهما، ووفاقاً للحنابلة الذين يقولون: أن الظهار يصح من الكافر، كما ستعرفه في مذهبهم، وكذلك يشمل الخصي والمجبوب والسكران، فإن ظهارهم يصح، خرج بالزوج ما ليس بزوج، فلو قال لأجنبية: إن تزوجتك فأنت علي كظهر أمي لم يكن ذلك ظهاراً، حتى ولو تزوجها، وخرج بقولنا: من يصح طلاقه الصبي، والمجنون، والمكره فإن ظهارهم لا يصح. كما لا يصح طلاقهم.
وقوله: زوجته، المراد بها منعقد عليها عقد نكاح صحيح، سواء كانت بالغة، أو صغيرة أو مجنونة، أو مريضة، أو رتقاء، أو قرناء، أو كافرة، أو مطلقة طلاقاً رجعياً لا طلاقاً بائناً فإن كلهن يصح منهن الظهار، وخرج به الأجنبية، كما ذكرنا، ومثلها الأمة. فإنه لا يصح الظهار منها، خلافاً للمالكية والحنفية، وقوله: بمحرمة، المراد بالمحرم كل أنثى لا يحل نكاحها بسبب النسب أو الرضاع أو المصاهرة، ولا فرق بين أن يشبه بها كلها أو يشبه بجزء منها. فلو شبه بجزء ذكر محرم، أو بكله فإنه لا يكون ظهاراً، وكذا إذا شبه بخنثى مشكل ويشترط أن يكون التحريم أصلياً لا عارضاً، فلو قال لها: أنت علي كزوجة ابني، أو كظهرها لا يكون مظاهراً، لأن زوجة ابنه كانت حلالاً له قبل أن يتزوجها ابنه، ومثل ذلك إذا قال لها: أنت علي كزوجتي التي حرمت منه باللعان، فإن تحريمها عارض.
ومثال التشبيه بالكل أنت علي، أو امرأتي، أو هذه كظهر أمي أو كجسمها، أو يدها، أو شعرها أو ظفرها أو نحو ذلك من الأجزاء الظاهرة، أما الأجزاء الباطنة، كالكبد والقلب فلا يكون ظهاراً لا في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المشبه، ولا المشبه به وخرج بالأجزاء الفضالات، فإنه لا يصح بها الظهار كالمني، واللبن والريق، فإن كل ذلك لا يكون ظهاراً لا صريحاً ولا كناية والظهار بهذه الألفاظ صريح، أما الكناية، فهي أن يقول: أنت كأمي، أو كعينها أو نحو ذلك فإنه يكون ظهاراً بالنية.
الحنابلة - قالوا: الظهار هو تشبيه الزوج امرأته بمن تحرم عليه مؤبداً ومؤقتاً، أو تشبيهه عضواً من امرأته بظهر من تحرم عليه حرمة مؤبدة أو مؤقتة أو بعضو من أعضائها الثابتة غير الظهر، أو تشبيهه امرأته أو عضواً منها برجل، أو عضو منه، سواء كان ذلك الرجل قريبه أو أجنبياً فقولهم الزوج المراد به كل من يصح طلاقه، مسلماً كان أو كافراً، حراً أو عبداً كبيراً كان أو صغيراً بشرط أن يكون مميزاً يعقل الظهار، وبعضهم يرى عدم صحة ظهار الصغير المميز وعدم صحة إيلائه لأنهما يمينان لهما كفارة على الصبي، ولأن كفارة الظهار لزمت لما فيه من قول المنكر والزور، والصغير مرفوع عنه المؤاخذة بما يقول، وهذا وجيه.
ولا يصح من المجنون: أو المغمى عليه، أو النائم، أما السكران بشراب محرم فإن ظهاره يصح لأن طلاقه يصح، فإن كان سكره بدواء ونحوه فإنه لا يقع ظهاره كطلاقه، وقوله: امرأته المراد بها من تحل له بالعقد الصحيح، سواء كانت بالغة، أو صغيرة، حرة، أو أمة، مسلمة، أو ذمية يمكن وطؤها، فخرج به أمته أو أم ولده، فإنها ليست زوجة، فإذا قال شخص لأمته أنت علي كظهر أمي فعليه كفارة يمين.
وقوله: تشبيه الزوج امرأته خرج به تشبيه المرأة زوجها، كأن تقول له: أنت علي كظهر أبي أو إن تزوجت فلاناً يكون علي كظهر أبي أو أخي أو نحو ذلك فإن ذلك ليس بظهار ولكن يجب عليها بذلك كفارة الظهار إلا أنها لا تمنع نفسها عن زوجها بل يجب عليها بذلك أن تمكنه من نفسها قبل إخراج الكفارة، لأن وطأها حق الزوج ولا يسقط حقه بيمينها، وإنما وجبت عليها الكفارة تأديباً لها.
وقوله: أو تشبيه عضواً من امرأته، والمراد بالعضو العضو الثابت في المشبه والمشبه به كاليد والرأس، والبطن، والظهر أما الأعضاء التي تزول وتأتي، كالشعر، والسن، والظفر والريق، والدمع، والدم، العرق فإن التشبيه بها لا يكون ظهاراً فمثال تشبيه الزوج امرأته بمن تحرم عليه حرمة مؤبدة أن يقول لها: أنت علي كأمي، أو أختي أو عمتي. ومثال تشبيهه إياها بمن يحرم عليه حرمة مؤقتة، أنت علي كظهر أختك أو عمتك، ومثال التشبيه بالظهر أنت علي كظهر أمك أو ظهر أختك، ومثال التشبيه بجزء غير الظهر أنت علي كرأس أمي، أو أختك، أو بطنها، أو رأسك، أو يدك، أو فرجك كرأس أمي، أو أختك، أو يدها، أو نحو ذلك، أما إذا قال: كشعر أمي، أو سنها، أو شعرك كشعر أمي، أو نحو ذلك فإنه لا يكون ظهاراً. ومثل ذلك ما إذا قال لها: روحك كروح أمي، وقوله: أو تشبيهه امرأته أو عضواً منها برجل الخ، معناه أن التشبيه بالرجل الأجنبي أو القريب ظهار، لأنه محرم عليه، فإذا قال لها: أنت علي كزيد، أو كرأسه، أو كظهره، فإنه يكون مظاهراً، خلافاً للحنفية، والشافعية ووفاقاً للمالكية الذين يقولون بصحة الظهار إذا نواه، وكان التشبيه بظهره خاصة) .